جلسة 21 من مارس سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
------------------
(88)
الطعن رقم 350 لسنة 34 القضائية
(أ) شركات "أركان الشركة". نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع.
مناط قيام الشركة وجود نية المشاركة في نشاط ذي تبعة ومساهمة كل شريك في الربح والخسارة معاً. تعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام حكمه على أسباب سائغة.
(ب) شركات "أركان الشركة".
محل إعمال المادة 514 مدني هو عند قيام الشركة بتوافر أركانها ومنها نية المشاركة. انتفاء هذه النية باتجاه نية الشريك إلى عدم المساهمة في تحمل مخاطر الشركة وإلى المشاركة في الربح فقط. عدم انطباق حكم هذه المادة.
(ج) شركات "شركات المحاصة".
استتار شركات المحاصة. معناه: عدم وجودها بالنسبة للغير. ليس لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية الشركاء. تصرف أحد الشركاء. مسئوليته وحده قبل من تعاقد معه. للشركاء مناقشة مدير المحاصة وتكليفه بتقديم حساب عن أعمال إدارته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2266 سنة 1963 تجاري كلي القاهرة على الطاعن طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 600 جنيه وقال شرحاً لدعواه إن الطاعن اقترض منه هذا المبلغ بمقتضى إيصال مؤرخ 2/ 1/ 1960 لاستغلاله في عملية توريد برتقال إلى هيئة تنمية الحاصلات والصادرات تنتهي في يناير سنة 1960 وتعهد بأن يرد له المبلغ المذكور في آخر الشهر المذكور ولكنه لم يفعل فرفع هذه الدعوى عليه بطلب هذا الدين واستند إلى إيصال مؤرخ 2 يناير سنة 1960 موقع عليه بإمضاء الطاعن ويفيد أنه تسلم من المطعون ضده مبلغ 600 جنيه بغرض التجارة في عملية برتقال متعاقدين عليها مع هيئة تنمية الحاصلات والصادرات وتنتهي خلال شهر يناير وتعهد الطاعن برد هذا المبلغ للمطعون ضده بمجرد الانتهاء من العملية بعد إشراك هذا المبلغ فيها على أن يكون للمطعون ضده الحق في نصيبه في أرباح هذه العملية. وقد دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أن الإيصال المذكور يتضمن عقد شركة لم تصف بعد وأن هذه الشركة قد حققت خسارة يجب أن يتحمل المطعون ضده نصيبه فيها وأضاف أنه أوفى للمطعون ضده بمبلغ 220 جنيهاً وقد قبل الأخير خصم هذا المبلغ من المبلغ المطالب به وأصر على أن الطاعن أخذ منه هذا المبلغ على سبيل القرض لا على أنه حصة في شركة بينهما وفي 15 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 380 جنيهاً تأسيساً على أن الأول قد تعهد برد المبلغ للمطعون ضده عند انتهاء عملية التوريد المشار إليها في الإيصال وقد انتهت هذه العملية فحق عليه رده فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 640 سنة 80 ق طالباً إلغاء ذلك الحكم وأسس استئنافه على أن محكمة الدرجة الأولى لم تنف حصول المشاركة ومع ذلك قضت برد المبلغ كاملاً قبل أن تفحص حسابات الشركة وتتحقق من نتيجة أعمالها وفي 14 إبريل سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على أن المبلغ المشار إليه في الإيصال حقيقته قرض لانتفاء نية المشاركة وبتقرير تاريخه 27 مايو سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما إن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال حين كيف العقد الذي انطوى عليه إيصال 2 يناير سنة 1960 بأنه قرض مع إن التكييف الصحيح له هو أنه شركة محاصة وسمات هذه الشركة واضحة فيما تضمنه الإيصال المذكور من اتفاق المطعون ضده والطاعن على أن يسهم الأول بحصة من المال في تنفيذ عقد توريد برتقال معقود بين الثاني وبين إحدى الهيئات المصدرة وعلى أن يقتسم الاثنان ما قد ينشأ عن هذه العملية من أرباح ولا يخل بهذا التكييف عدم الإشارة للخسائر في الإيصال لأنه وفقاً للمادة 514 من القانون المدني إذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح كان هذا النصيب هو المعتبر في الخسارة - كما لا يخل به عدم تدخل المطعون ضده في عملية التوريد أو رقابتها لأن من خصائص شركة المحاصة أن تكون مستورة فلا يظهر في تنفيذ العقد إلا الشريك الذي عقده مع الغير. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على انتفاء الشركة بعدم النص في الإيصال على الخسارة وعلى حق المطعون ضده في التدخل في عملية التوريد أن رقابتها فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال علاوة على مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار الإيصال المؤرخ 2 يناير سنة 1960 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على قوله "وحيث إن هذه المحكمة لا ترى في الإيصال موضوع الدعوى معنى الشركة أو المشاركة وليس في ألفاظه أو معانيه ما يدل أو ما يؤخذ منه نية الشركة فقد تسلم المستأنف (الطاعن) المبلغ من المستأنف عليه (المطعون ضده) بغرض التجارة في عملية برتقال تعاقد عنها المستأنف وتنتهي خلال شهر يناير الذي تحرر الإيصال في اليوم الثاني منه وتعهد المستأنف برد المبلغ بمجرد الانتهاء من العملية نظير نصيب في الأرباح فليس للمستأنف عليه حق التدخل في شئون هذه العملية أو حق الرقابة كما أنه نص فقط في الإيصال على أن يكون للمستأنف عليه نصيب في الربح دون أية إشارة للخسارة، ومن ثم ترى المحكمة أن هذا الإيصال عبارة عن عقد قرض مع الاشتراك في الأرباح وأن المستأنف عليه فقد قدم مالاً للمستأنف على أن يشترك معه في الربح دون الخسارة ومن ثم يعتبر مقرضاً أقرض المستأنف بفائدة تتفاوت بتفاوت الأرباح فيجب أن تسري على ذلك أحكام القرض دون أحكام الشركة وأن لا تزيد الفوائد في أية حال على الحد الأقصى المسموح به قانوناً" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من عبارات إيصال 2 يناير سنة 1960 عدم توافر نية المشاركة بين الطاعن والمطعون ضده - لما كان ذلك وكان يشترط لقيام الشركة أن توجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعة وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً وكان تعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في نفي نية المشاركة لدى الطرفين وفيما رتبه على ذلك من اعتبار إيصال 2 يناير سنة 1960 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على ما تضمنه ذلك الإيصال من اشتراط المطعون ضده الحصول على مبلغه كاملاً عند انتهاء عملية توريد البرتقال التي دفع هذا المبلغ لاستثماره فيها واشتراطه المشاركة في الربح دون الخسارة وعلى أنه ليس للمطعون ضده حق التدخل في شئون هذه العملية أو رقابتها وكان هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه من شأنه أن ينفي قيام نية المشاركة بين الطرفين ويؤدي إلى تكييف العقد بأنه قرض ولا يقدح في صحة هذا التكييف استناد الطاعن إلى ما تقرره المادة 514 من القانون المدني من أنه إذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الربح كان هذا النصيب هو المعتبر في الخسارة أيضاً ذلك بأن محل إعمال هذا النصر هو عند قيام الشركة بتوافر أركانها ومنها نية المشاركة، أما إذا انتفت هذه النية باتجاه نية الشريك إلى عدم المساهمة في تحمل مخاطر نشاط الشركة وإلى المشاركة في الربح دون الخسارة فإنه لا محل في هذه الحالة لإعمال حكم تلك المادة. كما أنه لا حجة فيما يقوله الطاعن من أن عدم تدخل المطعون ضده في عملية التوريد أو رقابتها من مقتضيات استتار شركة المحاصة ذلك لأن المقصود باستتار شركات المحاصة هو أنه لا وجود لها بالنسبة إلى الغير وليست لها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها فإذا عقد أحد الشركاء المحاصين عقداً مع الغير كان وحده المسئول عنه قبل هذا الغير دون سائر الشركاء - ولا يعني استتار هذا النوع من الشركات أن يكون هؤلاء الشركاء بمعزل عن العملية أو العمليات التي تكونت الشركة للقيام بها بل إن لهم مناقشة مدير المحاصة فيما يجريه من أعمال لإدارة الشركة وتكليفه بتقديم حساب لهم عن هذه الإدارة ومن ثم فلا عيب في استدلال الحكم المطعون فيه على انتفاء نية المشاركة بحرمان المطعون ضده من حق التدخل في شئون عملية التوريد ورقابة تصرفات الطاعن بشأن تنفيذها.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
(1) راجع نقض 22/ 6/ 1967 مج المكتب الفني س 18 ص 1331.
(2) راجع نقض 2/ 11/ 1965 مج المكتب الفني س 16 ص 947.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق