جلسة 28 من إبريل سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي نائبي رئيس المحكمة، إبراهيم الطويلة وأحمد علي خيري.
----------------
(155)
الطعن رقم 3267 لسنة 59 القضائية
(1، 2) إثبات "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" استنباط القرائن.
1 - تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع. لا رقابة عليه في ذلك ما لم يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. وله الموازنة بين الأدلة المقدمة في الدعوى ويأخذ بما اقتنع به منها وطرح ما عداه وحسبه من ذلك. إقامة قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - عدم التزام محكمة الموضوع التحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم. استدلالاً على دعواهم، أو بالرد استقلالاً على قول أو حجة أثاروها ما دام في الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
(3 - 5) تسجيل "تسجيل الدعاوى". "شهر عقاري".
(3) تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة 15 ق 114 لسنة 1946 أو التأشير بها. أثره. اعتبار حق المدعي الذي تقرر بحكم مؤشر به. حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها مفاد ذلك. استثناء الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل. علة ذلك. معنى الغير سيئ النية في مدلول المادة 175/ 2 من هذا القانون.
(4) لا تثريب على الحكم إغفال دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح.
(5) العبرة في المفاضلة. بأسبقية التسجيل أن يكون المتصرف واحد.
انصراف أثر تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد إلى التصرف الذي طلب الحكم بصحيفة فقط منها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 880 سنة 1975 مدني دمنهور الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 2/ 1974 المتضمن بيع المطعون عليه الأول له مساحة 10 ط و3 ف لقاء ثمن مقداره 1368 ج وذلك في مواجهة باقي المطعون عليهم ولدى نظر الدعوى أضاف طلباً جديداً هو الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 12/ 1973 المتضمن بيع المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين للمطعون عليه الأول ذات المساحة لقاء ثمن مقداره 181 ج دفعت المطعون عليها الثانية الدعوى بأنها والمطعون عليهما الثالثة والرابع باعوا ذات الأرض لآخر هو..... بموجب عقدين مسجلين في 4/ 1/ 1976، 1/ 12/ 1976 برقمي 13، 4352 لسنة 1976 دمنهور، وبتاريخ 25/ 12/ 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 30 لسنة 33 ق الإسكندرية - مأمورية دمنهور - وبتاريخ 18/ 2/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 740 لسنة 48 ق وبتاريخ 16/ 4/ 1981 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية دمنهور - للفصل فيها من جديد، وبعد تعجيل الدعوى حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن صورية العقدين وبعد سماع شهود الطرفين ندبت خبيراً في الدعوى ولما قدم تقريره حكمت بتاريخ 29/ 5/ 1989 برفض الدفع بالصورية وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول - والوجه الأول من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أطرح أقوال شاهديه قولاً منه أنهما لم يحضرا مجلس العقدين أثناء تحريرهما أو دفع الثمن في حين أن حضور الشاهد وقتذاك ليس شرطاً لقبول الشهادة كما استخلص الحكم من أقوال شاهده أنها على الظن والاستنتاج في حين أن ما أورده الشاهد بصورية العقدين يقوم على أسباب سائغة، وأنه رغم أن القرائن التي استدل بها تقطع بصورية العقدين، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عنها ولم يناقشها أو يرد عليها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. وأن له أن يوازن بين الأدلة المقدمة في الدعوى ويأخذ بما اقتنع به منها ويطرح ما عداه وحسبه من ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة وكافية لحمله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانتفاء صورية العقدين المسجلين على ما خلص إليه من عدم اطمئنانه لأقوال شاهدي الطاعن، وكان هذا الاستخلاص يقوم على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم وهي غير مكلفة بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة المطروحة في الدعوى بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه إذا كانت المفاضلة بين المشتريين من مالك واحد تكون على أساس الأسبقية في التسجيل فإن ذلك محصور فيما إذا كانت المفاضلة تدور بين تسجيل عقدين، غير أن الأمر يختلف في حالة رفع دعوى صحة التعاقد إذ - في هذه الحالة - لا تنتقل الملكية إلى المشتري الذي يسبق تسجيل عقده تسجيل صحيفة الدعوى، إلا إذا كان حسن النية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري وأنه تمسك بسوء نية المشتري الذي سجل عقدي مشتراه قبل تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد وعدم انتقال الملكية إليه تبعاً لذلك إلا أن الحكم أعرض عن بحث هذا الدفاع ولم يرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشر أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها، وفي فقرتها الثانية على أن "ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليها" يدل على أن الغير سيئ النية في معنى الفقرة الثانية من تلك المادة هو الذي كان يعلم أن البائع له غير مالك أو أن سند ملكيته مشوب بعيب يبطله أو بما يوجب فسخه. أما من تعامل مع بائع لم يثبت أنه سبق أن تصرف في العقار المبيع تصرفاً انتقلت به الملكية فلا يعتبر سيئ النية في معنى المادة المذكورة لأنه يكون في هذه الحالة قد تعامل مع مالك حقيقي لا تشوب ملكيته شائبة ولو كان يعلم وقت تعاقده معه أنه سبق أن باع ذات العقار لمشتر سابق لم يسجل عقده. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن الملكية قد انتقلت من المعطون عليهم الثلاثة الأخيرين عند تصرفهم بالبينة إلى المشتري الثاني.... الذي سجل عقديه قبل تسجيل الطاعن صحيفة دعواه، وأنه لا يوجد ما يشوب سند ملكية المطعون عليهم المذكورين ومن ثم فإنه لا يصح اعتبار المشتري الذي سجل عقديه سيئ النية في مجال تطبيق المادة 17/ 2 من القانون السالف، ولما كان دفاع الطاعن الوارد بوجه النعي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فلا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه برفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر له على أن المطعون عليهم من الثانية إلى الرابع باعوا لآخر.... ذات العقار بموجب عقدي بيع تم تسجليهما قبل إجراء تسجيل الطاعن لصحيفة تعديل الطلبات في حين أن دعوى صحة التعاقد هي دعوى استحقاق مآلا وتمتد سلطة المحكمة فيها لبحث النزاع المتعلق بالملكية ويكون الحكم الصادر فيها حجة على الخصوم في الدعوى ولم كان قد تم اختصامهم للحكم في مواجهتهم فيكفي في هذا الخصوص تسجيل صحيفة الدعوى بالطلبات الأصلية وقد تم تسجليها في تاريخ سابق على تسجيل عقدي البيع، وإذا استلزم الحكم لإجراء المفاضلة بأسبقية التسجيل أن يتم تسجيل الطلبات المعدلة قبل تسجيل عقدي البيع يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في المفاضلة بأسبقية التسجيل هي أن يكون المتصرف واحداً وأن أثر تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا ينصرف إلا إلى التصرف الذي طلب الحكم بصحته فيها، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن اشترى أطيان النزاع بعقد غير مسجل من المطعون عليه الأول الذي - اشتراها بدوره بعقد غير مسجل من المطعون عليهم من الثانية حتى الأخير. ثم أقام الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من البائع له فحسب ومسجل صحيفتها ثم عاد من بعد وأضاف إلى طلبه هذا طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر للبائع له من المطعون عليهم من الثانية حتى الأخير دون أن يسجل صحيفة التعديل بينما سجل المشتري من المذكورين عقدي شرائه منهم، ومن ثم فلا يجوز تطبيق مبدأ الأسبقية في التسجيل بين صحيفة دعوى الطاعن وعقدي البيع المسجلين لاختلاف المتصرف في البيعين وإنما تكون المفاضلة بين طلبات الطاعن المعدلة وبين عقدي البيع المسجلين لاتحاد المتصرف فيهما جميعاً وهم البائعون الأصليون، وإذ لم يسجل الطاعن صحيفة التعديل حال أن المشتري الآخر قد سجل عقديه فإنه يفضل عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق