جلسة 15 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
------------------
(48)
الطعن رقم 320 لسنة 34 القضائية
حكم. "عيوب التدليل". "تناقض. ما يعد كذلك". مسئولية.
رفض الحكم الابتدائي الدفع بالتقادم الثلاثي المؤسس على المادة 172 مدني استناداً إلى أن أساس الدعوى المسئولية العقدية. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه على أساس المسئولية التقصيرية مع إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي واتخاذه أسباباً له. تناقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 5104 سنة 1953 مدني كلي القاهرة على المرحوم عزيز بحري مورث المطعون ضدهم وعلى زوجته المطعون عليها الأولى بصفتها الشخصية وكل من المرحوم الدكتور ناشد إسحق وإبراهيم قالوش بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض وقالوا في بيان دعواهم إنه بموجب عقد بيع رسمي مؤرخ 3 يوليو سنة 1928 اشترى الطاعن الأول والمرحوم فانوس ملطي باقي الطاعنين أطياناً مساحتها 60 ف و12 ط من المرحوم عزيز بحري كانت محملة بدين مضمون برهن لصالح البنك العقاري المصري وبحق امتياز البائع بالنسبة لباقي الثمن. وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1935 باع الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين 45 ف من هذه الأطيان للمرحوم الدكتور ناشد إسحق واتفقا معه على سداد أقساط دين البنك والحلول محلهما في سداد الباقي عليهما من الثمن وقدره (550 ج) للمرحوم عزيز بحري البائع لهما وبعد أن وافق الأخير على هذا الحلول عاد وطلب فرض الحراسة القضائية على الستين فداناً بحجة عدم قيام الطاعنين بدفع باقي الثمن وقام بتعيين وكيله إبراهيم قالوش حارساً على الأطيان واستولى هذا الحارس على ريعها دون أن يسدد أقساط البنك ثم اتخذ إجراءات التنفيذ العقاري بالنسبة للأطيان جميعاً ورسا مزادها على زوجته المطعون عليها الأولى بتاريخ 11 مارس سنة 1939 وبذلك استولى على أرضهم في الوقت الذي كانت ذمتهم بريئه من أي دين إذ لو كان ثمت تأخير في سداد أقساط البنك فإن المسئول عن ذلك هو الدكتور ناشد إسحق الذي حل محلهم في السداد وإبراهيم قالوش الذي عين حارساً قضائياً على الأطيان التي تغل سنوياً أكثر من القسط المطعون للبنك واستند الطاعنون في دفاعهم إلى الحكم الصادر في الدعوى 484 سنة 1951 مدني كلي القاهرة المرفوعة من المرحوم ناشد إسحق ضد عزيز بحري والذي انتهى إلى مساءلة هذا الأخير عن إجراءات نزع الملكية الكيدية التي اتخذها قبله خلافاً للاتفاق المبرم بينهما في أول يناير سنة 1936 وأثناء سير الدعوى تنازل الطاعنون عن مخاصمة المدعى عليهم عدا عزيز بحري وزوجته المطعون ضدها الأولى وقضت المحكمة بإثبات هذا التنازل وتوفى عزيز بحري وحل محله ورثته المطعون ضدهم ودفع هؤلاء بسقوط دعوى الطاعنين بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني وكذلك بالتقادم الطويل ورد الطاعنون على الدفع بالتقادم الثلاثي بأن دعواهم لا تقوم على المسئولية التقصيرية وإنما على المسئولية التعاقدية الناشئة عن إخلال مورث المطعون ضدهم بالتزامه بعدم التعرض لهم كمشترين منه فضلاً عن إخلاله بتعهده الوارد بالاتفاق المبرم بينه وبين الدكتور ناشد بعدم التنفيذ على الأطيان المبيعة وفي 9 إبريل سنة 1962 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفعين بالتقادم المسقط (ثانياً) بإخراج المطعون ضدها الأولى عن نفسها من الدعوى بلا مصاريف (ثالثاً) برفض الدعوى وألزمت المدعين المصروفات، 20 ج مقابل أتعاب المحاماة، فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1755 سنة 79 ق وفي 14 مارس سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعنون في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في السبب الأول على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه تناقضاً يبطله ذلك أنه أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي بنى قضاءه على المسئولية العقدية بينما نفى الحكم المطعون فيه هذا الأساس وأسس قضاءه على المسئولية التقصيرية وعلى الرغم من أن هذا الأساس يناقض الأساس الذي أقرته المحكمة الابتدائية وجعلته سنداً لقضائها فإن الحكم المطعون فيه قد أحال على أسباب الحكم المستأنف في الرد على أوجه الاستئناف المرفوع من الطاعنين وجعل من أسباب الحكم المذكور أسباباً لقضائه وبذلك تكون أسباب الحكم المطعون فيه قد تناقضت تناقضاً تتماحى معه بحيث يصبح غير محمول على شيء منها مما يجعله باطلاً في حكم المادة 347 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه أسبابه أنه قضى برفض الدفع بالتقادم الثلاثي المبدى من المطعون عليهم والمؤسس على المادة 172 من القانون المدني استناداً إلى قوله "إن محل إعمال هذه المادة أن تكون دعوى التعويض مبناها العمل غير المشروع وأن المدعين وقد أوضحوا أن دعواهم سندها المسئولية العقدية المتمثلة في التزام البائع بضمان عدم التعرض فإن الدفع بسنده هذا يكون على غير أساس" كما قضى بإخراج المطعون ضدها الأولى من الدعوى (عن نفسها لا بصفتها) تأسيساً على قوله "بعدم وجود رابطة عقدية تربطها أصلاً بالمدعين وأنه ليس من شأن رسو المزاد عليها أن تكون طرفاً في تعاقد مما اتخذه المدعون سنداً لدعواهم في التعويض وأنه لا محل لبحث مسئوليتها التقصيرية طالما أن المدعين لم يتخذوا منها سنداً لدعواهم" وانتهى الحكم الابتدائي إلى رفض الدعوى بقوله "إن المرحوم عزيز بحري لا يعتبر مخلاً بالتزامه بضمان عدم التعرض إذ باشر امتيازه المقرر على العين ونزع ملكيتها من المدين وبالتالي فلا محل لمساءلته عن التعويض طالما أن خطأه العقدي لم يتوافر، أما ما أثاره المدعون حول تعيين وكيله حارساً قضائياً فلا شأن له بالمسئولية العقدية التي اتخذوها سبباً لدعواهم، إذ هو إن صح كان يمكن أن يكون سنداً لدعوى مبناها المسئولية التقصيرية وهو ما لم يقل به المدعون ولو أنهم قالوا لكان دفع المدعى عليهم بالتقادم المسقط طبقاً للمادتين 8، 172 من القانون المدني مقبولاً". أما الحكم المطعون فيه فقد قرر بعد استعراض دفاع الطرفين ما يأتي "وحيث إن دلالة الخطاب الأخير على تخالص عزيز بحري بالدين في سنة 1940 لا تفيد أنه تخالص بدينه قبل سنة 1939 وهو تاريخ رسو المزاد... وإذا كان هناك دلالة على التخالص استخلاصاً من الخطاب سالف الذكر فإن هذا التخالص يكون لاحقاً لحكم مرسى المزاد ومن ثم لا يدخل مدلوله في مناقشة المسئولية التقصيرية كما أن الاستدلال بأحكام الحراسة على أن عزيز بحري قد استوفى من ريع الأطيان أكثر من مطلوبه فإن هذا الجدل لا يجوز مناقشته هذه الدعوى التي تقوم على أساس المسئولية التقصيرية" ومع أن هذا الأساس الجديد يناقض الأساس الذي أخذ به الحكم الابتدائي فإن الحكم المطعون فيه أحال إلى أسباب الحكم المستأنف واتخذها أسباباً له بقوله "وحيث إن باقي أسباب الاستئناف مردودة بما رد به عليها الحكم المستأنف رداً سائغاً مقبولاً تأخذ به هذه المحكمة وتقره عليه وتعتبره رداً على أسباب الاستئناف" وإذ كانت هذه الإحالة من شأنها أن تشيع التناقض في أسباب الحكم المطعون فيه وتجعله قائماً على أساسين متغايرين لا يمكن أن يقوم حكم عليهما مجتمعين لاختلاف المسئوليتين العقدية والتقصيرية طبيعة وحكماً فإنه يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق