جلسة 23 من يناير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
---------------
(16)
الطعن رقم 311 لسنة 34 القضائية
(أ) استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها".
مناط عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات هو صدور الحكم محل الطعن قبل الفصل في الموضوع. صدور الحكم في موضوع الدعوى أو في شق منه يخرجه عن نطاق التحريم، صحة الطعن فيه على استقلال.
(ب) استئناف. "ميعاد الاستئناف". "سقوط الحق في الاستئناف".
عدم استئناف الحكم الصادر قبل سريان القانون 100 لسنة 1962 إلا بعد انقضاء ستين يوماً من تاريخ العمل به يستوجب سقوط الحق في الاستئناف برفعه بعد الميعاد.
(ج) استئناف. "رفع الاستئناف". "بيانات صحيفة الاستئناف". "أسباب الاستئناف". نقض.
المشرع ترك للمستأنف تقدير الأسباب التي يرى بيانها واكتفى بإلزامه بهذا البيان في صحيفة الاستئناف دون أن يوجب عليه ذكر جميع الأسباب حتى يستطيع أن يضيف إليها ما يشاء أو أن يعدل عنها إلى غيرها أثناء المرافعة. القصد من هذا البيان إعلام المستأنف عليه بأسباب الاستئناف لا تحديد نطاق الاستئناف منها كالحال في الطعن بالنقض.
(د) نقض. "آثار نقض الحكم".
نقض الحكم في خصوص قضائه برفض الدفع بسقوط الحق في استئناف الحكم الابتدائي الذي قضى بقيام شركة فعلية بين طرفي النزاع يترتب عليه إلغاء الحكم الصادر في موضوع الاستئناف الذي قضى بقيام هذه الشركة باعتباره لاحقاً للحكم المنقوض ومؤسساً على قضائه بقبول الاستئناف عن الحكم الابتدائي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 37 سنة 1956 كلي تجاري المنصورة ضد المطعون عليه طلب فيها الحكم بقيام شركة بينهما لتوريد كمية من الفول والذرة الصيفي إلى مصلحة السجون ووزارة الداخلية وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 7200 ج - وقال بياناً للدعوى إنه اشترك مع المطعون عليه في توريد 1930 أردب فول إلى مصلحة السجون بعقد مؤرخ 28/ 7/ 1954 وتوريد 4703 أردب ذرة صيفي إلى وزارة الداخلية بعقد مؤرخ 29/ 9/ 1954 بواقع 5 ج و90 م لأردب الفول و2 ج و690 م لأردب الذرة، وأن المطعون عليه كان قد حرر معه عقد شركة تعهد فيه بدفع مبلغ 4000 ج يمثل ما يخصه في رأس مال الشركة على أن تكون حصته بحق النصف في الأرباح والخسائر، ونظراً لأن المطعون عليه عمدة ولا يجوز له الاشتغال بالتجارة فقد اتفق الطرفان على عدم إظهار الشركة بإعدام العقد المكتوب والاكتفاء بدفع المطعون عليه نصيبه في رأس مالها وحرر له الطاعن شيكات بمبلغ 5000 ج ليكون مبلغ الألف جنيه الزائد عن هذا النصيب ضماناً لحسن سير العمل في الشركة - وإذ أسفرت أعمال الشركة عن خسارة قدرها 2400 ج ولم يقم المطعون عليه بدفع نصيبه بحق النصف فيها وانتهز فرصة وجود الشيكات تحت يده واتخذ الإجراءات القضائية للمطالبة بها على أنها دين له في ذمة الطاعن، فقد اضطر الطاعن إلى دفع قيمتها عدا مبلغ الألف جنيه الذي تم الاتفاق على تحرير سندين لأدائه في المواعيد المحددة فيهما، وأقام دعواه بالطلبات السابق بيانها. والمحكمة قضت في 18/ 2/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن قيام شركة محاصة بينه وبين المطعون عليه بشأن عملية التوريد في سنة 1954، 1955. وبعد تنفيذ هذا الحكم قضت في 23/ 2/ 1960 بقيام شركة فعلية عن عملية التوريد لمصلحة السجون ولوزارة الداخلية في سنة 54، 1955 وبندب خبير لتصفية حساب هذه الشركة وبيان مقدار ما نتج عنها من ربح أو خسارة. وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة في 20/ 11/ 1962 بإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن مبلغ 3232 ج و352 م استأنف المطعون عليه هذين الحكمين في 19/ 1/ 1963 بالاستئناف رقم 5 سنة 15 ق المنصورة. دفع الطاعن بسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر في 23/ 2/ 1960 استناداً إلى أنه حكم قطعي حسم النزاع في قيام الشركة ولم يرفع الاستئناف عنه استقلالاً في الميعاد، كما دفع ببطلان استئناف الحكم الصادر في 20/ 11/ 1962 لخلو صحيفة الاستئناف من أسباب خاصة به. والمحكمة قضت في 26/ 5/ 1963 برفض الدفعين وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت جلسة لنظر الموضوع. وقضت في 22/ 3/ 1964 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقضهما. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه الصادر في 26/ 5/ 1963 أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة لقضائه برفض الدفع بسقوط الحق في استئناف الحكم الابتدائي الصادر في 23/ 2/ 1960، ذلك أن هذا الحكم الابتدائي فصل في أحد الطلبين المرفوع بهما الدعوى وهو قيام شركة فعلية بين الطرفين وحسم النزاع في هذا الشق من موضوعها ولم يرفع عنه الاستئناف حتى انقضى ميعاد الستين يوماً المحدد لرفع الاستئناف من تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962 وإنما رفع الاستئناف عنه في 19/ 1/ 1963 فكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحكم من تلقاء نفسها بالسقوط عملاً بالمادة 381 مرافعات ولكنها رفضت الدفع الذي أبداه الطاعن بسقوط الحق في الاستئناف وأقامت قضاءها على أن الحكم الابتدائي المشار إليه من قبيل الأحكام التي يطعن فيها مع الموضوع ويعتبر مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي بالتطبيق للمادتين 378 و404 مرافعات مع أن هاتين المادتين يتعلقان بالأحكام الفرعية ولا شأن لهما بالأحكام الموضوعية.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع جعل المناط في عدم جواز الطعن بنص المادة 378 مرافعات أن يكون الحكم محل الطعن صادراً قبل الفصل في الموضوع، فإذا كان الحكم قد صدر في موضوع الدعوى أو في شق منه فإنه يخرج - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عن نطاق التحريم ويصح الطعن فيه على استقلال مما يستوجب اتباع المواعيد المقررة في القواعد العامة للطعن في الأحكام وهي ترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن.
ولا يغير من ذلك أن المادة 404 مرافعات الواردة في الفصل الخاص بالاستئناف تنص على أن "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" - لأن عبارة هذه المادة بحسب ما هو واضح بالمذكرة الإيضاحية إنما تنصرف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل في خصوص الاستئناف - القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات. ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن طلب الحكم بقيام شركة بينه وبين المطعون عليه عن توريد فول وذرة إلى مصلحة السجون ووزارة الداخلية سنة 54/ 1955، وإذ صدر الحكم من محكمة أول درجة في 23/ 2/ 1960 قاضياً بقيام شركة فعلية بين الطرفين عن هذا التوريد، فإنه يكون قد حسم النزاع بينهما في شق من الموضوع وبالتالي فإن الطعن فيه بالاستئناف إنما يكون على استقلال في الميعاد المحدد قانوناً. وإذ لم يستأنف هذا الحكم استقلالاً قبل سريان القانون رقم 100 لسنة 1962 وإنما رفع عنه الاستئناف في 14/ 1/ 1963 مع استئناف الحكم الموضوعي بعد انقضاء ستين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون، فإن استئنافه يكون قد رفع بعد مضي الميعاد مما يترتب عليه سقوط الحق فيه طبقاً للمادة 381 مرافعات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه الصادر في 26/ 5/ 1963 قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بالسقوط تأسيساً على جواز رفع الاستئناف استقلالاً أو تبعاً لاستئناف الحكم الموضوعي الصادر بعد ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث السبب الثالث المتعلق بهذا الشق من قضاء الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الصادر في 26/ 5/ 1963 مخالفة القانون ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف بالنسبة للحكم الابتدائي الصادر في 20/ 11/ 1962 على أن البطلان المترتب على عدم ذكر أسباب الاستئناف مقرر لمصلحة المستأنف عليه وحده ولا يلزم لتصحيحه ميعاد معين في القانون وأن المستفاد من الأسباب الواردة بصحيفة الاستئناف أن المطعون عليه وهو المستأنف ينفي علاقة الشركة بين الطرفين ولا يقر ندب خبير للتصفية كما لا يقر نتيجة تقرير الخبير عنها، هذا في حين أن البطلان الذي ترتبه المادة 405 مرافعات على خلو صحيفة الاستئناف من الأسباب لا يتم تصحيحه إلا في الميعاد المقرر للاستئناف عملاً بنص المادة 25/ 2 مرافعات فضلاً عن أن أسباب الاستئناف لا تستفاد من عدم الرضا بالحكم الذي يظهر من مجرد الطعن فيه وإنما يتحتم بيانها في الصحيفة ويترتب على إغفالها قبول الدفع بالبطلان الذي تمسك به الطاعن.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كانت المادة 405 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 قد جعلت رفع الاستئناف بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى، وأوجبت "أن تشتمل صحيفته على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف وإلا كانت باطلة"، وكان المشرع لم يورد في الفصل الخاص بالاستئناف نصاً يمنع المستأنف من التمسك بعد ذلك بأسباب أخرى غير الواردة في الصحيفة أو يقيده بالأسباب المبنية على النظام العام التي قيد بها الطاعن بطريق النقض. فإن مؤدى ذلك أن المشرع أراد أن يترك للمستأنف تقدير الأسباب التي يرى بيانها للاستناد إليها في طلب إلغاء الحكم الابتدائي أو تعديله واكتفى بإلزامه بهذا البيان في صحيفة استئنافه ولم يوجب عليه ذكر جميع الأسباب حتى يستطيع أن يضيف إليها ما شاء من الأسباب أثناء المرافعة أمام المحكمة أو أن يعدل عنها إلى غيرها لأن المشرع إنما قصد بهذا البيان في الصحيفة إعلام المستأنف عليه بأسباب الاستئناف ليرد عليها أو يسلم بها ولم يقصد تحديد نطاق الاستئناف من هذه الأسباب كما هو الحال في الطعن بطريق النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون عليه أورد في صحيفة استئنافه بياناً بأسباب استئنافه للحكمين الصادرين من محكمة أول درجة، وكان لا يصح البحث في موضوع هذه الأسباب لصرفها إلى أحد الحكمين وقد بنى عليها المطعون عليه استئنافه للحكمين معاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر البيان الوارد بالصحيفة شاملاً لاستئناف هذين الحكمين ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع ببطلان الاستئناف الذي تمسك به الطاعن فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن نقض الحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1963 في خصوص قضائه برفض الدفع بسقوط الحق في استئناف الحكم الابتدائي الصادر في 20/ 11/ 1962 والذي قضى بقيام شركة فعلية بين الطرفين وذلك على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول يترتب عليه إلغاء الحكم الصادر في موضوع الاستئناف بتاريخ 22/ 3/ 1964 الذي قضى برفض الدعوى لعدم قيام هذه الشركة باعتباره لاحقاً للحكم المنقوض ومؤسساً على قضائه بقبول الاستئناف عن الحكم الابتدائي المشار إليه ومن ثم يتعين القضاء بنقض هذا الحكم الأخير.
وحيث إن الاستئناف صالح للحكم فيه بالنسبة للدفع بالسقوط ولما تقدم في الرد على السبب الأول يتعين القضاء بسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للحكم الابتدائي الصادر في 23/ 2/ 1960.
(1) راجع نقض جلسة 26/ 2/ 1966 - الطعن 369 لسنة 29 ق، ونقض جلسة 7/ 6/ 1966 الطعن 429 لسنة 31 ق مجموعة المكتب الفني س 17 ص 18 وص 1323 - ونقض جلسة 16/ 5/ 1967 - الطعن 59 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 992.
(2) راجع نقض جلسة 20/ 2/ 1964 الطعن 280 لسنة 29 ق، وجلسة 9/ 4/ 1964 - الطعن 161 لسنة 29 ق مجموعة المكتب الفني السنة 15 ص 251 وص 516، ونقض جلسة 11/ 3/ 1965 الطعن 77 لسنة 30 ق مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 304، ونقض جلسة 26/ 5/ 1966 الطعن 289 لسنة 31 ق، وجلسة 27/ 12/ 1966 الطعن 64 لسنة 30 ق مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1246، ص 1979.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق