الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 يوليو 2023

الطعن 234 لسنة 9 ق جلسة 20 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 24 ص 260

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد البحراوي وأحمد ثابت عويضة ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

-------------------

(24)

القضية رقم 234 لسنة 9 القضائية

( أ) دعوى. "دعوى الإلغاء. ميعاد الستين يوماً".
عدم سريانه في مواجهة من لم يعلم بواقعة جوهرية لا يمكنه تبين حقيقة مركزه إلا نتيجة العلم بها - انفتاح الميعاد في مواجهته من تاريخ العلم بها - مثال.
(ب) وكيل وزارة دائم "اختصاص". 

المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بشأن وكلاء الوزارة الدائمين لا يمنع من احتفاظ الوزير ببعض اختصاصاته - أساس ذلك.
(جـ) قرار إداري. "نهائيته". 

لا يكفي لتوفر صفة النهائية للقرار الإداري أن يكون صادراً ممن يملك إصداره - يلزم بالإضافة إلى ذلك أن يقصد مصدره تحقيق أثره القانوني فوراً ومباشرة دون وجود سلطة إدارية للتعقيب عليه.

------------------
1 - متى كان الثابت أنه لم يقم في الأوراق وعلى الأخص في محضر التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية دليل على علم المدعي بواقعة موافقة وكيل الوزارة على نقله من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري في 11 من فبراير سنة 1956 وهي التي يتخذها سنداً للنص على القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة الإداريتين وذلك قبل تقديم تظلمه في 20 من سبتمبر سنة 1960. ومن ثم فإن ميعاد الطعن في هذين القرارين لا ينفتح في مواجهة المدعي الأمن هذا التاريخ وحده بوصفه التاريخ الذي تبين فيه حقيقة مركزه القانوني في الانتماء إلى الكادر الإداري والذي يطوع له بهذه المثابة الطعن في القرارين المذكورين وذلك بقطع النظر عن مدى علمه اليقيني بصدورهما سواء لسابقة نشرهما في النشرة الشهرية الخاصة بالوزارة فور صدورهما أو لما تتيحه له طبيعة عمله من الاطلاع عليهما وعلى غيرهما من القرارات الصادرة في شئون الموظفين.
2 - ولئن كانت موافقة وكيل الوزارة هذه على طلب المدعي نقله إلى إحدى الدرجات الإدارية الخالية قد اتخذت سمة القرار الإداري لصدورهما منه بوصفه وكيل الوزارة الدائم الذي يمارس اختصاصات الوزير بالاستناد إلى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952. بشأن نظام وكلاء الوزراء الدائمين إلا أن هذه الموافقة من ناحية أخرى لم تتوافر لها الصفة النهائية ذلك أن العمل بالوزارة قد جرى على أن نقل الموظفين من كادر إلى آخر أمر يقتضي عرضه دائماً على الوزير حسبما أكد ذلك مدير عام الشئون المالية والإدارية بالوزارة في تحقيقات النيابة الإدارية على ما سلف البيان. وليس في احتفاظ الوزير لبعض اختصاصاته لممارستها بنفسه - وهو صاحب الولاية والحق الأصيل في هذه الاختصاصات - خروج على أحكام المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 المشار إليه أو تعارض مع نصوصه.
3 - ليس يكفي لتوفر صفة النهائية للقرار الإداري أن يكون صادراً من صاحب اختصاص بإصداره بل ينبغي أن يقصد مصدره الذي يملك إصداره تحقيق أثره القانوني فوراً ومباشرة بمجرد صدوره وإلا تكون ثمة سلطة إدارية للتعقيب عليه، وإلا كان بمثابة اقتراح أو إبداء رأي لا يترتب عليه الأثر القانوني للقرار الإداري النهائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - يتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 82 لسنة 16 القضائية ضد وزارة الزراعة بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري "هيئة التعيينات والترقيات" في 25 من أكتوبر سنة 1961 بعد أن صدر لصالحه قرار من لجنة المساعدة القضائية في 24 من أكتوبر سنة 1961 بقبول طلب الإعفاء من المرسوم المقدم إليها منه في 16 من يناير سنة 1961 والمقيد بجدولها تحت رقم 115 لسنة 15 القضائية. وطلب المدعي في صحيفة دعواه الحكم "بإلغاء القرار الوزاري رقم 1025 لسنة 1958 بالترقية للدرجة الرابعة الإدارية، 321 لسنة 1960 بالترقية للدرجة الثالثة فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الدرجتين المشار إليهما اعتباراً من 27 من فبراير سنة 1958، 31 من يوليه سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه أنه في 11 من فبراير سنة 1956 أصدر وكيل وزارة الزراعة الدائم قراراً بنقله إلى الكادر الإداري. وقد صدر هذا القرار صحيحاً بالتطبيق للمادتين الثامنة والتاسعة من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بشأن نظام وكلاء الوزارة الدائمين. ومن ثم فهو يعتبر قائماً وواجب النفاذ من وقت صدوره. ولما علم بهذا القرار في سبتمبر سنة 1960 وعلم أيضاً بأن الوزارة أجرت حركة ترقيات بالأمر رقم 1025 لسنة 1958 الصادر في 6 من مارس سنة 1958 إلى الدرجة الرابعة الإدارية وكذا حركة ترقيات أخرى بالقرار رقم 311 لسنة 1960 الصادر في 21 من أغسطس سنة 1960 إلى الدرجة الثالثة الإدارية اشتملتا على ترقية من يلونه في أقدمية الدرجة الخامسة الإدارية فقد تظلم من هذين القرارين طالباً إلغاءهما في 20 من سبتمبر سنة 1960. وبجلسة 13 من ديسمبر سنة 1962 حكمت محكمة القضاء الإداري "هيئة الترقيات والتعيينات" بإلغاء القرار رقم 1025 لسنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلغاء القرار رقم 321 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار. وألزمت الحكومة بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن موافقة وكيل الوزارة على نقل المدعي إلى إحدى الدرجات الخامسة الإدارية بقسم المستخدمين بالوزارة يعتبر قراراً إدارياً نهائياً صادراً بناء على السلطة المخولة لمصدره بمقتضى المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 الذي يملك إصداره دون حاجة إلى موافقة الوزير على النقل، ومن ثم يتعين ترتيب جميع الآثار القانونية على هذا القرار من تاريخ صدوره واعتبار المدعي من موظفي الكادر الإداري من ذلك التاريخ وإذ صدر القرار رقم 1025 لسنة 1958 في 9 من مارس سنة 1958 متضمناً ترقية من هم أحدث من المدعي في الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة الإدارية، فإن هذا القرار يكون قد صدر مخالفاً للقانون متعيناً إلغاءه وكذلك الحال بالنسبة إلى القرار الوزاري رقم 321 لسنة 1960 الصادر في 21 من أغسطس سنة 1960 بالترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً، ذلك أن القرارين المطعون فيهما قد نشرا في النشرة الشهرية الخاصة بالوزارة فور صدورهما فضلاً عن أن طبيعة عمل المطعون عليه وهو مفتش بقسم التظلمات الإدارية تجعله يطلع على هذه القرارات وأمثالها أولاً بأول، كما ثبت علمه من قبل بالقرار المقول بأنه تضمن نقله إلى الكادر الإداري من التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في هذا الصدد كذلك أخطأ الحكم إذ قضي في الموضوع بأحقية المطعون عليه في طلباته، ذلك أن موافقة وكيل الوزارة على الرغم من عدم استيفائها للإجراءات الشكلية، قد نصت على نقل المذكور إلى وظيفة إدارية ولم تتضمن نقله إلى درجة إدارية، وبذلك يكون الحكم قد خلط بين الوظيفة والدرجة مع أن كلاً منهما يختلف عن الآخر في طبيعته ولا تلازم بينهما. وكذلك شاب الحكم قصور في التسبيب إذا لم يتعرض لما أثارته الحكومة من دفاع في هذا الشأن.
( أ ) عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المبدى من الحكومة في تقرير الطعن أن القرارين المطعون فيهما وقد نشرا في النشرة الشهرية الخاصة بوزارة الزراعة فور صدورها فضلاً عن أن طبيعة عمل المدعي - وهو مفتش بقسم التظلمات الإدارية - تجعله مطلعاً على قرارات الترقية أولاً بأول، كما ثبت عمله من قبل بالقرار الذي يزعم أنه نقله إلى الكادر الإداري من التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية إذ استدل المذكور لتحديد علمه بهذا القرار بأقوال المرحوم محمود عيد وكيل مراقبة المستخدمين السابق.
(1) متى كان الثابت أنه لم يقم في الأوراق وعلى الأخص في محضر التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية دليل على علم المدعي بواقعة موافقة وكيل الوزارة على نقله من الكادر الفني العالي إلى الكادر الإداري في 11 من فبراير سنة 1956 وهي التي يتخذها سنداً للنعي على القرارين المطعون فيهما فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة الإداريتين وذلك قبل تقديم تظلمه في 20 من سبتمبر سنة 1960. ومن ثم فإن ميعاد الطعن في هذين القرارين لا ينفتح في مواجهة المدعي إلا من هذا التاريخ وحده بوصفه التاريخ الذي تبين فيه حقيقة مركزه القانوني في الانتماء إلى الكادر الإداري والذي يطوع له بهذه المثابة الطعن في القرارين المذكورين وذلك بقطع النظر عن مدى علمه اليقيني بصدورهما سواء لسابقة نشرهما في النشرة الشهرية الخاصة بالوزارة فور صدورهما أو لما تتيحه له طبيعة عمله من الاطلاع عليهما وعلى غيرهما من القرارات الصادرة في شئون الموظفين. وإذ تظلم المدعي من هذين القرارين في 20 من سبتمبر سنة 1960 وتقدم بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية لإعفائه من رسوم الدعوى يطلب إلغائهما في 16 من يناير سنة 1961 ثم بعد قبول طلبه في 24 من أكتوبر سنة 1961 أقام دعواه بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 25 من أكتوبر سنة 1961 فإن الدعوى تكون قد استوفت أوضاعها الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأن أثر طلب المساعدة القضائية - القاطع لميعاد رفع دعوى الإلغاء، ويكون الدفع المبدى من الحكومة غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً الحكم برفضه وبقبول الدعوى.
(ب) عن الموضوع:
من حيث عن موضوع الدعوى أنه يبين مما سلف بيانه أن مقطع النزاع فيها ينحصر في بيان ما إذا كانت موافقة وكيل الوزارة بوصفه الوكيل الدائم على نقل المدعي على إحدى الوظائف الإدارية الخالية بالديوان العام وهي المدونة في 11 من فبراير سنة 1956 وعلى مذكرة قسم المستخدمين، تعتبر قراراً إدارياً نهائياً صادراً ممن يملكه بما يكسب المدعي مركزاً قانونياً ينخرط به في سلك الكادر الإداري وتنشئ له الحق في مزاحمة الإداريين من أهل هذا السلك المرقيين بالأقدمية بالقرارين المطعون فيهما حسبما يذهب المذكور إلى ذلك أم أن هذه الموافقة بحسب مفهوم عبارتها وفي ضوء الملابسات التي اكتنفتها قد انصبت فحسب على نقل المدعي إلى وظيفة إدارية دون الدرجة الإدارية ومن ثم يبقى مركزه القانوني محصوراً في نطاق الكادر الفني العالي بما لا يسوغ من تطلعه إلى الترقيات التي تمت إلى الدرجات الإدارية بالقرارين المشار إليهما حسبما تصر على ذلك الوزارة المدعى عليها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي التحق بخدمة وزارة الزراعة بعد حصوله على ليسانس الحقوق سنة 1947 في الدرجة السادسة الفنية وفي نوفمبر سنة 1950 طلب قيده بجدول النظراء بوزارة العدل وبمجلس الدولة، ثم رقي إلى الدرجة الخامسة الفنية اعتباراً من 18 من يونيه سنة 1953 وفي 28 من ديسمبر سنة 1955 قدم طلباً إلى السيد وزير الزراعة التمس فيه الموافقة على نقله على إحدى الدرجات الخامسة الإدارية العالية الخالية بالوزارة. وفي 7 من فبراير سنة 1956 تقدم مدير قسم المستخدمين بالوزارة بمذكرة في شأن هذا الطلب استهلها بالإشارة إلى وجود درجات خامسة إدارية خالية، وإلى كتاب ديوان الموظفين رقم 32 لسنة 1954 في شأن جواز النقل من الكادر العالي إلى الكادر الإداري وبالعكس والمتضمن أن مثل هذا النقل جائز في حدود المادة 47 من قانون الموظفين سواء أكان مكانياً أو ندباً على أنه في الحالة الأولى يكون حق الإدارة مطلقاً وفي الحالة الثانية يجب أن يكون بسبب مرده إلى المصلحة العامة مما يقضي التحرر في إجرائه إلا في الحالات التي تقتضيها المصلحة العامة أو بموافقة الموظف. وانتهى رئيس قسم المستخدمين في مذكرته إلى أنه نظراً لوجود طلبات مماثلة فأخذا بالأحوط ومنعاً لأية شكوى مستقبلاً يوصى بإحالة مثل هذه الطلبات إلى قسم التفتيش الإداري لبحث طبيعة عمل أصحابها وما إذا كانت تتفق وطبيعة العمل الإداري لتنفيذ شروط الكادر الإداري "على أن تبحث الدرجات التي تتخلف في مثل هذه الحالات لمراعاة نقلها إلى الجهات التي بها نقص في الأيدي العاملة. وفي 8 من فبراير سنة 1956 أشر مدير الشئون المالية والإدارية بالوزارة على هذه المذكرة بأنه يرى الموافقة على نقل المدعي على إحدى الوظائف الخالية بالديوان العام مع إلحاقه بقسم المستخدمين ليتولى بحث وإعداد مكونات الوزارة الخاصة بالدعاوى التي ترفع من الموظفين. وفي 11 من فبراير سنة 1956 وافق وكيل الوزارة على هذا الرأي. وفي 30 من يونيه سنة 1959 رقي المدعي إلى الدرجة الرابعة الفنية العالية بيد أن المذكور تظلم في 20 من سبتمبر سنة 1960 إلى السيد وزير الزراعة مبدياً أنه علم بأن الوزارة سبق أن أصدرت قراراً في 11 من فبراير سنة 1956 بنقله إلى الكادر الإداري وأنها أصدرت بعد ذلك حركة ترقيات إلى الدرجتين الرابعة والثالثة الإداريتين بتخطي إياه في الترقية إلى هاتين الدرجتين. وفي 18 من أكتوبر سنة 1960 أحال وكيل الوزارة التظلم المشار إليه مع ملف خدمته إلى النيابة الإدارية للتحقيق فيما شاب طريقة حفظ الأوراق التي يستند إليها المتظلم. وبسؤال مدير عام الشئون المالية والإدارية صاحب الاقتراح بالموافقة على نقل المدعي إلى إحدى الوظائف الإدارية الحالية بالديوان العام بالوزارة بناء على تأشيرته المؤرخة 8 من فبراير سنة 1956 قرر أنه أراد تدعيم قسم المستخدمين بموظف قانوني لبحث الشكاوى والتظلمات الإدارية وباتصاله بمدير الشئون القانونية وقتذاك وافق على نقل المدعي الذي تقدم فعلاً بطلب أرسل إلى قسم المستخدمين الذي أعد مذكرة عرضت عليه فأشر بعرضها على وكيل الوزارة للموافقة، ثم قام مدير الشئون القانونية بعرضها على وكيل الوزارة وحصل على موافقته إلا أنه بعد فترة قليلة حضر إليه المذكور وأخبره أن المدعي لا يوافق على النقل إلا إذ كان علاوة على عمله بقسم الشئون القانونية حتى يكون من النظراء، فلم يوافق على هذا الطلب وكلف مدير الشئون القانونية عرض الأمر ثانية على وكيل الوزارة للعلم وحفظ الطلب وسلمه المذكرة الخاصة بهذا الموضوع التي لا يدري عنها بعد ذلك شيئاً. وبسؤاله عن الإجراءات المتبعة عادة في مثل هذه الحالة بعد موافقة وكيل الوزارة أبدى أن مثل هذه الحالات التي تتضمن نقل موظفي فني قانوني إلى الكادر الإداري كانت تعرض على الوزير ثم ترسل للمستخدمين لإجراء اللازم نحو تنفيذ إصدار أمر النقل ونشره "الصحيفة رقم 16 من محضر التحقيق ورقم 5 من مذكرة نتيجة التحقيق". وبسؤال المدعي في التحقيق قرر أنه تقدم بطلب نقله إلى الكادر الإداري بناء على طلب مدير الشئون القانونية وقتذاك الذي تولى أمره إلا أنه أخبره عقب ذلك بفترة وجيزة أنه لم يوافق على نقله لأن الوزارة رأت أن يكون النقل إلى قسم المستخدمين بينما هو يرغب في بقائه معه، فاعتبر الموضوع منتهياً عند هذا الحد "الصحيفتان رقما 20، 21 من محضر التحقيق".
ومن حيث إنه يخلص مما سلف إيراده أنه رؤى الاستعانة بالمدعي للعمل بقسم المستخدمين بالوزارة، فأوعز إليه بتقديم طلب لنقله على إحدى درجات الكادر الإداري الخالية وأبدى قسم المستخدمين أنه توجد درجات إدارية خالية موصياً بإحالة الطلب إلى التفتيش الإداري لبحث مدى توفر شروط الكادر الإداري في صاحب الطلب، إلا أن مدير عام الشئون المالية والإدارية اقترح الموافقة على نقل الطالب إلى إحدى الوظائف الخالية ووافق وكيل الوزارة على ذلك في 11 من فبراير سنة 1956.
ومن حيث إنه ولئن كانت موافقة وكيل الوزارة هذه على طلب المدعي نقله إلى إحدى الدرجات الإدارية الخالية قد اتخذت سمة القرار الإداري لصدورها منه بوصفه وكيل الوزارة الدائم الذي يمارس اختصاصات الوزير بالاستناد إلى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بشأن نظام وكلاء الوزارة الدائمين إلا أن هذه الموافقة من ناحية أخرى لم تتوافر لها الصفة النهائية ذلك أن العمل بالوزارة قد جرى على أن نقل الموظفين من كادر إلى كادر أمر يقتضي عرضه دائماً على الوزير حسبما أكد ذلك مدير عام الشئون المالية بالوزارة في تحقيقات النيابة الإدارية على ما سلف البيان. وليس في احتفاظ الوزير لبعض اختصاصاته لممارستها بنفسه - وهو صاحب الولاية والحق الأصيل في هذه الاختصاصات - خروج على أحكام المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 المشار إليه أو تعارض مع نصوصه.
هذا إلى أن موافقة وكيل الوزارة الدائم سالفة الذكر إنما صدرت في ظل العمل بالمادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تقضي بأن تختص لجان شئون الموظفين بالنظر في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى وفي ترقياتهم. ومن ثم فإن وكيل الوزارة الدائم ممارساً سلطات الوزير لم يقصد أن يتحقق لموافقته على نقل المدعي إلى إحدى الدرجات الإدارية الخالية أثرها القانوني قبل عرض هذا النقل على لجنة شئون الموظفين صاحبة الاختصاص بداءه في إبداء الرأي في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى مكانياً كان النقل أو نوعياً وفي الحدود التي رسمها القانون. ومن ثم فلاً يلحق هذه الموافقة وصف النهائية بمجرد صدورها.
ليس يكفي لتوفر صفة النهائية للقرار الإداري أن يكون صادراً من صاحب اختصاص بإصداره بل ينبغي أن يقصد مصدره الذي يملك إصداره تحقيقاً من أثر القانوني فوراً ومباشراً بمجرد صدوره، وألا تكون له سلطة إدارية للتعقيب عليه، وإلا كان بمثابة اقتراح أو إبداء رأي لا يترتب عليه الأثر القانوني للقرار الإداري النهائي.
وتأسيساً على ذلك فإن موافقة وكيل الوزارة على نقل المدعي إلى الكادر الإداري تكون قد ظلت معطلة عن التنفيذ ولم تستكمل مقومات القرار الإداري النهائي سواء أكان المرد في ذلك إلى عدول المدعي أن طلب نقله لرغبته في الاستمرار بالعمل بإدارة الشئون القانونية بالوزارة حتى لا يفقد حقه في القيد بجدول النظراء للموظفين الفنيين بوزارة العدل وبمجلس الدولة أم إلى رغبة مدير الشئون القانونية وقتذاك في الاحتفاظ به عاملاً بالإدارة المذكورة حسبما كشف عن ذلك أقوال مدير عام الشئون المالية والإدارية وأقوال المدعي ذاته في تحقيقات النيابة الإدارية السابق الإشارة إليها وأية ذلك أنه رقي إلى الدرجة الرابعة الفنية العالية في 30 من يونيه سنة 1959 أي بعد نيف وثلاث سنوات من تاريخ هذه الموافقة.
ومن حيث إنه وقد ثبت أن المدعي لم يصدر قرار إداري نهائي بنقله إلى الكادر الإداري بل استمر شاغلاً لإحدى درجات الكادر الفني العالي فإنه لا يكون ثمة تخط قد أصابه في الترقية بالأقدمية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة الإداريتين، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرارين رقمي 1025 لسنة 1958 و321 لسنة 1960 فيما تضمناه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة الإداريتين مع ما يترتب على ذلك من آثار قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق