جلسة 26 من نوفمبر سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
-------------------
(25)
القضية رقم 1200 لسنة 8 القضائية
موظف. "مدة خدمة سابقة". "تعيين".
اشتراط عدم سابقة اشتغال المرشح بأية وظيفة حكومية عند الإعلان عند شغل إحدى الوظائف - إخفاء الموظف سابقة اشتغاله بقصد التحلل من هذا القيد - لا يحول دون إعمال القواعد الخاصة بضم مدد الخدمة في شأنه متى توافرت شروط الإفادة منها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1259 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 29 من أغسطس سنة 1959 ذكر فيها أنه بعد أن حصل على الشهادة العالمية من كلية الشريعة سنة 1950 عمل بالتدريس بالمدرسة الهاشمية وهي إحدى المدارس الحرة الخاضعة لتفتيش وزارة التربية والتعليم وذلك في المدة من 20/ 11/ 1950 إلى 1/ 6/ 1951 وفي عام 1951 حصل على شهادة العالمية مع إجازة التدريس وعين بمدرسة الشوربجي الابتدائية الأميرية بكوم حمادة في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي من 12/ 11/ 1951 حتى 27/ 11/ 1954 حيث عين مدرساً في الأزهر بمعهد سوهاج في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي واستناداً إلى قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 بشأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة تقدم إلى مشيخة الأزهر بطلب مدعم بكافة المستندات ملتمساً ضم مدد خدمته السابقة بالمدرستين آنفتي الذكر غير أن الأزهر ومع أنه ضم تلك المدد لزملاء للطالب رفض أن يضم له مدة خدمته السابقة دون ما يبرر ذلك قانوناً لذلك أقام الدعوى الراهنة طالباً في ختام عريضتها الحكم بضم مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر والأميري من 20/ 11/ 1950 إلى 1/ 6/ 1951 ومن 12/ 11/ 1951 إلى 24/ 11/ 1954 إلى مدة خدمته في الأزهر بحيث ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 20/ 11/ 1950 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة قد رد الجامع الأزهر على الدعوى بأنه في عام 1954 أعلن حاجته إلى شغل وظائف التدريس الخالية به لمدرسي العلوم الدينية والعربية من بين الحاصلين على شهادة العالمية مع إجازة التدريس واشترط في الإعلان أن يكون المتقدم غير موظف ولم يسبق له التوظف في أية وظيفة وتقدم المدعي بطلب للتعيين في إحدى هذه الوظائف ولم يوضح في طلبه أن له مدة خدمة سابقة وفي 3/ 2/ 1955 صدر القرار رقم 93 متضمناً تعيين المدعي مدرساً للعلوم الدينية والعربية من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وذلك بعد استيفاء جميع مسوغات التعيين ومنها إقرار بأنه غير موظف ولم يسبق له التوظف في أية وظيفة وأنه إذا ظهر خلاف ذلك فلمشيخة الأزهر الحق في فصله نهائياً طبقاً لمضمون الإعلان الصادر في هذا الشأن فلما تقدم المدعي بطلب لضم مدة خدمته السابقة استطلع الأزهر رأي ديوان الموظفين في هذا الطلب مع سابقة إقرار الموظف بعدم وجود مدة خدمة سابقة له وكان أن أفاد الديوان بأنه ما دام المدعي قد تقدم بإقرار عند تعيينه بالجامع الأزهر بأنه غير موظف وأنه إذا ظهر خلاف ذلك فللمشيخة الحق في فصله نهائياً فيعتبر هذا تدليساً من جانبه يحول دون الانتفاع بقرارات ضم مدد الخدمة السابقة. وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1961 - أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن مطالبة المدعي بضم مدة خدمة سابقة له بعد أن أثبت في طلب التعيين أنه ليست له مدة خدمة سابقة أمر لا يعتد به ولا يؤبه له ولا وجه للتحدي بأن العلاقة بين الحكومة والموظف علاقة تنظيمية وليس من شأن لإرادة أي من الطرفين فيها، ذلك أن هذا لا يمكن إعماله إلا إذا خلت الأوضاع من الغش أما حيث وجد الغش فإنه يفسد كل شيء الأمر الذي لا يجعل للمدعي أي حق في طلب ضم المدة السابقة بل وعلى النقيض فإنه ما كان ينبغي أن يأتي هذا ممن ينسب إلى الدين بأكبر نسب سواء من ناحية المؤهلات الحاصل عليها أو من ناحية قيامه بتدريس تعاليمه وهي التي لا تسمح بمثل ما كان منه بل تقضي بأن المسلمين عند شروطهم إلا شرطاً حلل حراماً أو حرم حلالاً وبأن كل من يسعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه، وتأسيساً على ذلك كله انتهت المحكمة إلى أن دعوى المدعي تكون بهذه المثابة خليقة بالرفض وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء له بالطلبات وأقام طعنه على أن ما أثبته المدعي في طلب التعيين من عدم وجود سابقة خدمة له ليس من قبيل الغش الذي يفسد كل شيء لأن سابقة الخدمة ليست من موانع التوظف المتعارف عليها وإنما هي شرط تحكمي، وهو إن صح اعتباره غشاً فهو إن أفسد فإنما يفسد قرار التعيين ولا يمكن أن يمتد إلى طلب ضم مدة الخدمة الذي يستمد الحق فيه من القانون. هذا إلى أن الأزهر ضم مدة الخدمة السابقة لزملاء المدعي الذين كتبوا مثل هذا الإقرار الذي يستند إليه في عدم إجابته إلى طلبه ضم مدة الخدمة.
ومن حيث إنه أن صح أن واقعة إخفاء المدعي سابقة اشتغاله بالتدريس عندما تقدم بطلب للتعيين في إحدى وظائف التدريس التي أعلن عنها الأزهر بقصد التحلل من القيد الذي ضمنه الجامع الأزهر إعلانه عن شغل هذه الوظائف حين اشترط عدم سابقة اشتغال المرشح بأية وظيفة حكومية إن صح أن هذا الفصل له أثر في وضع المدعي بالأزهر فإن هذا الأثر بحكم اتصال ذلك الشرط بقرار التعيين إنما ينعكس فقط على هذا القرار الذي تعلق به وهو قرار التعيين باعتبار أن المدعي قد أخل بأحد شروطه أما وقد أبقى الجامع الأزهر على المدعي مدرساً به ولم يمس قرار التعيين رغم اكتشافه عدم صدق المدعي مما أثبته من عدم سابقة اشتغاله بأية وظيفة فإنه بات محتماً عليه بعد أن غدا المدعي من عداد موظفيه أن يطبق في شأنه القواعد التي تحكم العلاقة الوظيفية بين الأزهر وموظفيه شأنه في ذلك شأن باقي الموظفين ذلك أن هذه القواعد وحدها هي التي تقرر للموظفين حقوقهم وهي التي تفرض في مقابل ذلك التزامات عليهم في حدود ما تمليه وتنظمه فلاً يملك الأزهر أن يخرج عليها ويفرق في مجال تطبيقها بين موظف وآخر وأن يطبقها على البعض ويرفض تطبيقها على البعض الآخر لما في ذلك من اختلال بالمساواة الواجبة في المعاملة بين ذوي المراكز المتماثلة ولما فيه من إهدار للقواعد التي تحكم تلك العلاقة الوظيفية وعلى ذلك لم يعد هناك مناص من إعمال القواعد الخاصة بضم مدد الخدمة في شأن المدعي متى توافرت له شروط الإفادة منها وإذن - فمتى تحقق الجامع الأزهر من توافر هذه الشروط وجب عليه نزولاً على حكم القانون أن يقرر الحق المستمد منها لصاحب الشأن ومتى كان ذلك فإنه يتعين البحث في مدى استحقاق المدعي لضم مدد خدمته السابقة طبقاً للقواعد القانونية الصادرة في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدة الأولى التي قضاها مدرساً بالتعليم الحر من 20/ 11/ 1950 إلى 31/ 5/ 1951 فإنه للإفادة من قرار 5/ 3/ 1945 الخاص بضم مدد الخدمة في التعليم الحر يشترط وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن يكون التحاق الموظف بخدمة وزارة التربية والتعليم قد تم عن طريق النقل إليها من التعليم الحر مباشرة فإذا كان الثابت أن المدعي ترك التعليم الحر في 1/ 6/ 1951 والتحق بخدمة وزارة التربية والتعليم عن طريق التعيين إبتداءاً اعتباراً من 12/ 11/ 1951 - فإنه على مقتضي المبدأ المشار إليه لا يستفيد من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر ويتعين لذلك القضاء برفض طلبه ضم هذه المدة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدة الثانية وهي التي أمضاها المدعي مدرساً بوزارة التربية والتعليم خلال الفترة من 12/ 11/ 1951 إلى 26/ 11/ 1954 فإنه يتبين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة وهو القرار الذي يستند إليه المدعي في طلب ضم هذه المدة أنه نص في المادة الثانية منه على حساب مدد العمل السابقة التي تقضى في الحكومة كاملة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر وواضح مما تقدم بيانه في معرض تحصيل الوقائع أن المدعي قد توافرت له مقومات هذا الشرط إذ أنه كان يشغل خلال الفترة المشار إليها وظيفة من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وهي - ذات الدرجة ونفس الكادر الذي أعيد تعيينه بالأزهر فيهما فمن ثم وقد تقدم المدعي بطلب الضم خلال الميعاد المقرر بهذا القرار فإنه يكون محقاً في طلب ضم هذه المدة طبقاً للقرار المذكور وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء باستحقاق المدعي لضم تلك المدة ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجامع الأزهر بالمصروفات المناسبة.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لضم مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم من 12 من نوفمبر سنة 1951 إلى 26 من نوفمبر سنة 1954 في حساب أقدميته بالدرجة السادسة بالأزهر وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وألزمت الجامع الأزهر بالمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق