جلسة 23 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / حسين الصعيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / علي سليمان ، خالد الجندي ، أحمد الخولي وعبد الهادي محمود نواب رئيس المحكمة .
----------------
(91)
الطعن رقم 22971 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . جريمة " أركانها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائي في جرائم الجروح عمداً التي ينشأ عنها الضرب المفضي إلى الموت والبسيط والعاهة المستديمة . عام . تحققه : بعلم الجاني بمساس الفعل بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(3) فاعل أصلي . اتفاق . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مساءلة الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى موت . شرطه ؟
الاتفاق . ماهيته ؟
تدليل الحكم على ثبوت اتفاق المتهمين على ارتكاب جريمة الضرب المفضي إلى الموت . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين فيها سواء عُرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يُعرف .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . تناقضها في بعض تفاصيلها . غير مؤثر .
حد ذلك ؟
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع تقدير جدية التحريات . لها التعويل عليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(7) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا يعيبه .
مثال .
(8) إثبات " شهود " " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردتها .
اطراح الحكم المطعون فيه للدفع بالتناقض بين الدليلين القولي والفني في منطق سائغ يتفق وصحيح القانون . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
مثال .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(10) رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقدير توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه ووفاته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية . لا قصور .
مثال .
(11) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء الصلة بها . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً .
مثال .
(13) حكم " بيانات الديباجة " " بطلانه " .
الغرض من بيان الحكم سن المتهم وصفته وصناعته ومحل إقامته . التحقق من أنه الشخص المرفوع عليه الدعوى وجرت محاكمته . إغفال ذلك البيان رغم تحقق الغرض منه . لا بطلان . حد ذلك ؟
(14) حكم " بيانات الديباجة " " بطلانه " . دعوى مدنية .
النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي يترتب عليه بطلان الحكم . شرطه : التجهيل بالخصم أو اللبس في تعريف شخصيته . المادة 178 مرافعات .
ثبوت حضور وكيل عن ورثة المجني عليه بمحضر الجلسة ومدونات الحكم وادعاؤه مدنياً قبل الطاعنين . كفايته للتعريف بشخصية المدعين بالحقوق المدنية . النعي ببطلان الحكم . غير مقبول . علة ذلك ؟
(15) دعوى مدنية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في صفة المدعين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
(16) ضرر . دعوى مدنية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله . كفايته لبيان وجه الضرر المستوجب للتعويض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ، وما ورد بتحريات الشرطة وأقوال مجريها ، ومما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها ، وكان يبين مما أورده الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط وإحراز أسلحة بيضاء ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعي الطاعنين على الحكم بالقصور لا محل له .
2- لما كانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها الضرب المفضي إلى الموت ، والعاهة المستديمة ، والضرب البسيط لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة ، وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم ، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو إذ ساهمت في ذلك ، ويكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ، ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة ، بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقعت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية ، وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى ، وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وبين باقي المتهمين ، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم وباقي المتهمين قصد قصد الآخر في إيقاعها ، وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت ، عُرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسؤولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصليين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديداً .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيــها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان التناقض بين أقوال الشهود مع بعضهم البعض أو مع غيرهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ، ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه من أن ما نقل الحكم من أقوال شهود الإثبات له صداه فيما شهدوا به بالتحقيقات ، ولم يخرج عن مدلول هذه الشهادة ، فلا ضير عليه من بعد أن يحيل في بيان أقوال الشهود من الثاني حتى السادس إلى ما أورده من أقوال الأول ، ولا يؤثر في ذلك أن يكونوا قد تناقضوا في بعض التفاصيل ، ما دام أن الحكم لم يستند في قضائه إليها ، فإن منعي الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متي اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير مصلحة الطب الشرعي قوله : " وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي وجود آثار إصابات حيوية حديثة بجثة المجني عليه .... عبارة عن جرح رضي قطعي بيمين فروة الرأس وكسر بعظام الجمجمة وأربعة جروح رضية قطعية بخلفية اليد والساعد الأيمن ، وأن إصابة الرأس حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة ثقيلة نوعاً وأنها جائزة الحدوث وفق تصوير النيابة للواقعة وتعزي الوفاة إلى الإصابات وما أحدثته من كسور بالساعدين الأيمن وعظام الرأس وما صاحب الحالة من نزيف دموي دماغي وإصابي " ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إيراد مضمون تقرير مصلحة الطب الشرعي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
8- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، كما أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ، ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع ، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني - بل يتلاءم معه - ، فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، هذا فضلاً عن أنه قد عرض للدفع بالتناقض بين الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
9- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيروه بوجه الطعن - ، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
10- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله ، إذا ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً ، فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية وجود أثار إصابات حيوية حديثة بجثة المجني عليه عبارة عن جرح رضي قطعي بيمين فروة الرأس وكسر بعظام الجمجمة وأربعة جروح رضية قطعية بخلفية اليد والساعد الأيمن وأن إصابة الرأس حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة نوعاً ، وأنها جائزة الحدوث وفق تصوير النيابة للواقعة وتعزى الوفاة إلى الإصابات ، وما أحدثته من كسور بالساعدين وعظام الرأس وما صاحب الحالة من نزيف دموي دماغي وإصابي ، فإنه يكون قد بين إصابات المجني عليه ، واستظهر قيام علاقة السببية بين تلك الإصابة التي أوردها تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في شأن قصور الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
11- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلته بالواقعة ، هي من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ، وكان الطاعنون لم يفصحوا عن ماهية أوجه الدفاع التي أثاروه بمحضر الجلسة ، وأغفل الحكم التعرض لها حتي يتضح مدي أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيروه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
13- لما كان الغرض من ذكر البيانات الخاصة بسن المتهم وصفته وصناعته ومحل إقامته بالحكم هو التحقق من أنه هو الشخص الذي رفعت عليه الدعوى وجرت محاكمته ، فإذا ما تحقق هذا الغرض من ذكر اسم المتهم ولقبه كما هو ثابت في الحكم ، وكان أياً من الطاعنين لا ينازع في أنه هو الشخص المطلوب محاكمته ، ولم يدع أي منهم أنه من الأحداث ، فإن إغفال هذا البيان لا يصح أن يكون سبباً لبطلان الحكم ، ويكون النعي عليه بذلك غير سليم .
14- لما كان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية : " .... والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم .... يترتب عليه بطلان الحكم " ، يدل على أن مراد الشارع من ترتيب البطلان في حالتي النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم أن يكون من شأن هذا الخطأ أو النقص التجهيل بالخصم أو اللبس في تعريف شخصيته ، فإن لم يكن بهذا النقص أو الخطأ الجسيم تبهم لوجه الحق في التعريف بشخص الخصم ، فلا يترتب عليه البطلان . وإذ كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة حضور وكيل عن ورثة المجني عليه / .... وأنه ادعى مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت هذا البيان ، وكان من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة في هذا الخصوص ، فإن ما أثبت بالحكم ومحضر الجلسة على السياق المتقدم يكفي في التعريف بشخصية المدعيين بالحقوق المدنية ورثة المجني عليه ، وفي وضوح لا لبس فيه ، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الصدد غير مقبول .
15- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد نازع في صفة المدعيين بالحقوق المدنية أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يقبل الحديث عن هذه الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض لانطوائه على منازعة تستدعي تحقيقاً موضوعياً ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم .
16- من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعنين للجريمة التي دانهم بها ، وهى الفعل الضار الذي ألزمهم بالتعويض على مقتضاه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر سبق الحكم عليه - بأنهم : استعرضوا القوة واستخدموا العنف قبل المجني عليهم كل من / .... ، .... ، .... ، .... ، ....، .... ، إثر شجار نشب بينهم تعدوا عليهم بأسلحة بيضاء كانت بحوزة كل منهم بقصد ترويعهم لفرض سطوتهم عليهم ، وكان من شأن فعلهم إلقاء الرعب في نفوسهم وتعريض حياتهم للخطر على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد وقع بناء على تلك الجريمة الجرائم الآتية هي أنه في ذات الزمان والمكان : 1- قتلوا المجني عليه .... عمداً بأنه إبان تشاجرهم تعدوا عليه باستخدام أسلحة بيضاء - آتي وصفها - فأحدثوا به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق قاصدين من ذلك قتله حال تواجدهم جميعاً على مسرح الواقعة يشدون من أزر بعضهم البعض ، متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . ۲- ضربوا المجني عليه .... بأنه أبان تشاجرهم تعدى عليه المتهم الثاني بسلاح أبيض ( عصا ) أحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الواقعة يشدون من أزره متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . 3- ضربوا المجني عليه .... عمداً بأنه أبان تشاجرهم تعدى عليه المتهم الخامس بسلاح أبيض ( عصا ) فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الواقعة يشدون من أزره متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . 4- ضربوا المجني عليه .... عمداً بأنه إبان تشاجرهم تعدى عليه المتهمان الأول والثاني بسلاحين أبيضين (عصا ، سنجة) فأحدثا به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الواقعة يشدون من أزرهما متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . 5- ضربوا المجني عليها .... عمداً بأنه إبان تشاجرهم تعدى عليها المتهم الخامس بسلاح أبيض (عصا) فأحدث بها إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الواقعة يشدون من أزره متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . 6- ضربوا المجني عليه .... عمداً بأنه إبان تشاجرهم تعدوا عليه بأسلحة بيضاء (عصا ، سنجة) فأحدثوا به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الواقعة يشدون من أزره متوقعين تلك النتيجة على النحو المبين بالتحقيقات . 7- أحرزوا أسلحة بيضاء (عصا وسنجة) بدون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الشخصية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/1 ، 242/1-3 من قانون العقوبات ، والمادتين ۱/۱ ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (7) من الجدول الأول الملحق بالقانون ، مع إعمال المادة ۱۷ من قانون العقوبات للمتهمين من الثاني حتى الرابع ، والمادة 32/2 من ذات القانون بالنسبة للمتهمين جميعاً ، أولاً : بمعاقبة .... بالسجن لمدة سبع سنوات عما أسند إليه . ثانياً : بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة . ثالثاً : إلزام المتهمين جميعاً بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وذلك بعد أن عدلت المحكمة قيد ووصف التهمة الأولى من القتل العمد إلى جريمة الضرب المفضي إلى الموت .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث ينعى الطاعنون - بمذكرة الأسباب المقدمة منهم - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الضرب المفضي إلى الموت ، الضرب البسيط ، إحراز أسلحة بيضاء " عصا - سنجة " بدون مسوغ ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ، ودون أن يدلل على توافر القصد الجنائي في حقهم ، ودانهم باعتبارهم فاعلين أصليين في الجريمة دون أن يدلل على اتفاقهم على ارتكابها ، ورد برد قاصر على دفاعهم في هذا الشأن ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم الواقعة رغم تناقضها بشأن دور الطاعنين الثاني والثالث والرابع ، كما أنه لم يورد مؤدى أقوال شهود الإثبات من الثاني حتى السادس مكتفياً في بيانها بالإحالة إلى أقوال الشاهد الأول ، كما أنه تساند لتحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، وعول على تقرير مصلحة الطب الشرعي دون إيراد مضمونه ورغم تناقضه مع أقوال شهود الإثبات بشأن الأداة المستخدمة وطبيعتها سيما وأن العصى والشوم لا يمكن أن تحدث الإصابة التي ادعى الشهود حمل الطاعنين الثاني والثالث والرابع لها ، ودون أن تجري المحكمة تحقيقاً بسؤال الطبيب الشرعي ، ودون أن يستظهر رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليهم والمتهم الآخر السابق الحكم عليه وبين وفاة المجني عليه / .... ، والتفت عن دفعهم بعدم معقولية الواقعة ، وأعرض عن دفوعهم المثبتة بمحضر الجلسة ، كما خلت ديباجة الحكم المطعون فيه من بيان سن الطاعنين ، وما له من أثر في تقدير العقوبة في حالة ثبوت حداثتهم ، وخلا من بيان أسماء المدعين بالحق المدني وعلاقتهم بالمجني عليه ، وصفتهم في طلب التعويض ، وألزمهم بالتعويض دون أن يبين أساس هذه المسئولية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مستقاة من أقوال شهود الإثبات ، وما ورد بتحريات الشرطة وأقوال مجريها ، ومما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها ، وكان يبين مما أورده الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط وإحراز أسلحة بيضاء ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعي الطاعنين على الحكم بالقصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها الضرب المفضي إلى الموت ، والعاهة المستديمة ، والضرب البسيط لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة ، وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم ، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة إذ ساهمت في ذلك ، ويكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ، ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة ، بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقعت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية ، وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى ، وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وبين باقي المتهمين ، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم وباقي المتهمين قصد قصد الآخر في إيقاعها ، وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت ، عُرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسؤولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصليين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان التناقض بين أقوال الشهود مع بعضهم البعض أو مع غيرهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ، ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه من أن ما نقل الحكم من أقوال شهود الإثبات له صداه فيما شهدوا به بالتحقيقات ، ولم يخرج عن مدلول هذه الشهادة ، فلا ضير عليه من بعد أن يحيل في بيان أقوال الشهود من الثاني حتى السادس إلى ما أورده من أقوال الأول ، ولا يؤثر في ذلك أن يكونوا قد تناقضوا في بعض التفاصيل ، ما دام أن الحكم لم يستند في قضائه إليها ، فإن منعي الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متي اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير مصلحة الطب الشرعي قوله : " وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي وجود آثار إصابات حيوية حديثة بجثة المجني عليه .... عبارة عن جرح رضي قطعي بيمين فروة الرأس وكسر بعظام الجمجمة وأربعة جروح رضية قطعية بخلفية اليد والساعد الأيمن ، وأن إصابة الرأس حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة ثقيلة نوعاً وأنها جائزة الحدوث وفق تصوير النيابة للواقعة وتعزي الوفاة إلى الإصابات وما أحدثته من كسور بالساعدين الأيمن وعظام الرأس وما صاحب الحالة من نزيف دموي دماغي وإصابي " ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إيراد مضمون تقرير مصلحة الطب الشرعي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق ، كما أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ، ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع ، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني - بل يتلاءم معه - ، فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، هذا فضلاً عن أنه قد عرض للدفع بالتناقض بين الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته - فيما يثيروه بوجه الطعن - ، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله ، إذا ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً ، فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية وجود أثار إصابات حيوية حديثة بجثة المجني عليه عبارة عن جرح رضي قطعي بيمين فروة الرأس وكسر بعظام الجمجمة وأربعة جروح رضية قطعية بخلفية اليد والساعد الأيمن وأن إصابة الرأس حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة نوعاً ، وأنها جائزة الحدوث وفق تصوير النيابة للواقعة وتعزى الوفاة إلى الإصابات ، وما أحدثته من كسور بالساعدين وعظام الرأس وما صاحب الحالة من نزيف دموي دماغي وإصابي ، فإنه يكون قد بين إصابات المجني عليه ، واستظهر قيام علاقة السببية بين تلك الإصابة التي أوردها تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في شأن قصور الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلته بالواقعة ، هي من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ، وكان الطاعنون لم يفصحوا عن ماهية أوجه الدفاع التي أثاروه بمحضر الجلسة ، وأغفل الحكم التعرض لها حتي يتضح مدي أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيروه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الغرض من ذكر البيانات الخاصة بسن المتهم وصفته وصناعته ومحل إقامته بالحكم هو التحقق من أنه هو الشخص الذي رفعت عليه الدعوى وجرت محاكمته ، فإذا ما تحقق هذا الغرض من ذكر اسم المتهم ولقبه كما هو ثابت في الحكم ، وكان أياً من الطاعنين لا ينازع في أنه هو الشخص المطلوب محاكمته ، ولم يدع أي منهم أنه من الأحداث ، فإن إغفال هذا البيان لا يصح أن يكون سبباً لبطلان الحكم ، ويكون النعي عليه بذلك غير سليم . لما كان ذلك ، وكان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية : " .... والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم ..... يترتب عليه بطلان الحكم " ، يدل على أن مراد الشارع من ترتيب البطلان في حالتي النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم أن يكون من شأن هذا الخطأ أو النقص التجهيل بالخصم أو اللبس في تعريف شخصيته ، فإن لم يكن بهذا النقص أو الخطأ الجسيم تبهم لوجه الحق في التعريف بشخص الخصم ، فلا يترتب عليه البطلان . وإذ كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة حضور وكيل عن ورثة المجني عليه / .... وأنه ادعى مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت هذا البيان ، وكان من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة في هذا الخصوص ، فإن ما أثبت بالحكم ومحضر الجلسة على السياق المتقدم يكفي في التعريف بشخصية المدعيين بالحقوق المدنية ورثة المجني عليه ، وفي وضوح لا لبس فيه ، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد نازع في صفة المدعيين بالحقوق المدنية أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يقبل الحديث عن هذه الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض لانطوائه على منازعة تستدعي تحقيقاً موضوعياً ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعنين للجريمة التي دانهم بها ، وهى الفعل الضار الذي ألزمهم بالتعويض على مقتضاه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق