جلسة 28 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولى ، محمد عبد الحليم ، د. كاظم عطية وأسامة النجار نواب رئيس المحكمة .
------------------
(117)
الطعن رقم 16925 لسنة 87 القضائية
(1) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاصه موضوعي .
مثال لتدليل سائغ على استظهار نية القتل في حق الطاعن .
(2) قتل عمد . سبق إصرار .
نعي الطاعن على الحكم قصوره في استظهار ظرف سبق الإصرار . غير مقبول . متى دانه بجريمة القتل العمد مجردة من ذلك الظرف .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(4) إثبات " خبرة " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع التعويل على التقرير الطبي الذي يتسق مع أقوال شهود الإثبات في تعزيز شهادتهم .
التقارير الطبية لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهم . صلاحيتها كدليل مؤيد لأقوال الشهود. استناد الحكم إليها. لا يعيبه .
مثال .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . متى اطمأنت لجديتها .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .
اشتهار الطاعن باسم غير اسمه الحقيقي الثابت بالأوراق الرسمية . لا يؤثر على استدلال الحكم . متى بيَّن أنه هو المقصود بالاتهام . النعي على التحريات في هذا الشأن . غير مقبول .
(7) إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في جريمة القتل العمد من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها . وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة . غير لازم .
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الأصل في الشهادة . تقرير الشخص لما رآه أو سمعه أو أدركه بأي حاسة من حواسه .
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني .
العبرة في تحري حقيقة اللفظ بسياقه الذي ورد فيه . دلالة لفظة المشاهدة : ما يدركه الشخص بحاسة البصر أو حاسة السمع أو أي حاسة من حواسه حسب وضعها في مساق العبارة محل التأويل .
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . حد ذلك ؟
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام . لا يعيبه . متى ترادفت على الإدانة بغير تناقض .
النعي بعدم رؤية شاهدي الإثبات للواقعة وسماعية شهادتهما . محاولة لتجريح أدلة الدعوى التي اطمأنت لها المحكمة . غير مقبول أمام محكمة النقض .
مثال .
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(10) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى . جدل موضوعى في وزن عناصر الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(12) عقوبة " تطبيقها " . قتل عمد . ظروف مخففة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن عن جريمة القتل العمد المجرد من الظروف المشددة بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لها رغم إفصاح الحكم عن إعمال المادة 17 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بالنزول بها . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، عرض لدفاعه بانتفاء نية القتل في حقه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن قصد القتل ... فهو قائم في الدعوى متوافر في حق المتهم من انتوائه قتل المجني عليه من الخلافات التي بينهما وما ترتب عليه من حمل المتهم للسلاح الناري وبداخله طلقة ومن استدراجه للمجني عليه وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه من مسافة قريبة طلقة أودت بحياته وأنه فر هارباً بعد أن تيقن من أن المجني عليه فارق الحياة ، فهو بذلك لم يكن يقصد إيذاء المجني عليه فقط بل قامت لديه رغبة لإزهاق روحه فأطلق عياراً نارياً دون مقاومة من المجني عليه فأرداه قتيلاً بالإصابة التي أودت بحياته فتحقق له ما أراد بإزهاق روحه على نحو ما أفصح عنه التقرير الطبي الشرعي ، كل ذلك يدل بيقين لدى المحكمة على توافر قصد القتل ونية إزهاق الروح لدى المتهم كما هو معرف قانوناً ودلت عليه الظروف المحيطة بالواقعة والمظاهر والأمارات الخارجية التي أتاها المتهم وتنم عما يضمره في نفسه من انتواء قتل المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم كافياً في استظهار نية القتل وفي إطراح الدفع بانتفائها في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ، فإن النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار لا يكون له من محل .
3- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أشار إليه بأسباب طعنه ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى الواقعة كما جاءت بأقوال الشهود ، ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - أن تعول على التقرير الطبي الذي يتسق مع شهادة شهود الإثبات في تعزيز شهادتهم باعتبار كل ذلك من أدلة الدعوى ، وكان من المقرر – كذلك - أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين ، إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أن المحكمة عولت على تقرير الصفة التشريحية في نسبة إحداث إصابة المجني عليه إليه يكون على غير أساس ، إذ كان مفاد ما أورده الحكم - على ما سلف - أن الطاعن هو الذي اعتدى على المجني عليه وأحدث إصابته في مقتل بالعيار الناري الذي أطلقه من السلاح الذي أعده لهذا الغرض ، وأن هذه الإصابة التي وصفها - كما جاءت بتقرير الصفة التشريحية - هي التي أحدثت الوفاة ، فإن ما أثبته الحكم من ذلك يكفي ويسوغ به ما انتهى إليه في قضائه من مساءلة الطاعن عن جريمة القتل العمد ، ويكون نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
5- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني والتي تأيدت بما دلت عليه تحريات ضابط المباحث فضلاً عما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من عدم كفاية تلك الأدلة وعدم جدية التحريات لما أورده بأسباب طعنه لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون نعيه في هذا الشأن غير مقبول .
6- لما كان ما ينعاه الطاعن من أن التحريات لم تتوصل إلى اسمه الحقيقي ، فإنه مردود بما هو مستقر عليه من أن اشتهار الطاعن باسم غير اسمه الحقيقي الثابت بالأوراق الرسمية أو عدم اشتهاره به - بفرض صحة دعواه في ذلك - لا أثر له على استدلال الحكم ما دام قد بين أنه هو نفسه المقصود بالاتهام .
7- لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل العمد وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة المقررة قانوناً متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن خلو الأوراق من شاهد رؤية يكون غير قويم ، ويكون الحكم المطعون فيه بريئاً مما ينعاه الطاعن عليه فى هذا الصدد .
8- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، كما أنه من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه ، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، كما أن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه ، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع ، أو ما يدركه بسائر حواسه ، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الأول بما مؤداه أن المتهم استدرج المجني عليه في التوكتوك قيادته إلى أحد المناطق النائية ثم أخرج سلاحه الناري وأطلق منه عياراً نارياً فأرداه قتيلاً ، كما أحال الحكم في بيان شهادة شاهد الإثبات الثاني إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة – تحقيقاً لوجه النعي - أن شاهد الإثبات الأول قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه كان برفقة المجني عليه حال اصطحاب الطاعن للأخير إلى منطقة نائية بدراجته النارية وشاهد – آنذاك - بطيات ملابس الطاعن سلاحاً نارياً – فرد خرطوش - وعند وصولهم إلى مكان ناءٍ بالطريق الدائري انفرد المتهم بالمجني عليه وعقب برهة يسيرة سمع صوت عيار ناري ثم شاهد المتهم يخرج من المكان الذي انفرد فيه بالمجني عليه حاملاً بيده السلاح الناري سالف البيان وقرر له قيامه بقتل المجني عليه ثم فر هارباً ، كما ثبت – أيضاً - من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الشاهد الثاني قرر بالتحقيقات أنه علم بالواقعة وتفصيلاتها من الشاهد الأول ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية نقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المتهم – الطاعن - إلى شاهد الإثبات الأول من إقراره له بأنه هو مطلق العيار الناري الذي أودى بحياة المجني عليه ، كما اطمأن إلى صحة ما أدلى به الشاهد الأول إلى الشاهد الثاني في هذا الشأن ، وكان الحكم المطعون فيه قد استقر في عقيدته حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ، وكان ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص أن شاهدي الإثبات الأول والثاني لم يشاهدا واقعة تعدي الطاعن على المجني عليه وأن شهادتهما سماعية منقولة عن الغير وأن صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة جاءت على خلاف مادياتها ، كل ذلك لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم بيان إصابة الطاعن والتي قرر أن محدثها هو شاهد الإثبات الأول مع وجود نقص بتحقيقات النيابة في هذا الشأن إلا أنه لم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعيباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول .
10- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وعدم صلاحيتها للقضاء بإدانته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول إنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
12- لما كانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المار ذكرها – باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد - طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم فى حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة ، باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام ، وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً ، وهي إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة التي دين بها الطاعن طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن مما يؤذن لهذه المحكمة – محكمة النقض – وعملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بُني على خطأ في تطبيق القانون ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن ، فإنه يتعين تصحيح الحكم بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً بدلاً من عقوبة السجن المشدد المقضي بها بالإضافة إلى عقوبة المصادرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً: قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن قام باستدراجه إلى مكان الواقعة ووجه صوبه سلاحاً نارياً (فرد خرطوش) مطلقاً منه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالأوراق .
ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش) .
ثالثاً: أحرز ذخيرة " طلقة واحدة " مما تستعمل على السلاح الناري السالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1، 6، 26/4،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون ، والمادة 116 مكرر من قانون الطفل ، مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أُسند إليه من إتهام ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين . بعد أن استبعدت ظرفي سبق الإصرار والترصد .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري غير مششخن " فرد خرطوش" وذخيرته – طلقة واحدة - بغير ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه اطرح برد غير سائغ ودون تحقيق دفعيه بانتفاء نية القتل وظرف سبق الإصرار في حقه وأن ما أورده بشأنهما لا ينتجهما ولا تظاهره أدلة الدعوى كما حصلها الحكم ، وأن المحكمة عوَّلت في الإدانة على تقرير الطب الشرعي والتحريات رغم قصورهما عن بلوغ حد الكفاية للإدانة لاسيما مع خلو الأوراق من شاهد رؤية ، فتقرير الطب الشرعي لا يعدو أن يكون دليلاً على حدوث الإصابة دون تحديد محدثها ، كما وأن التحريات دليل ظني يحتمل الصدق والكذب بحسبانها مجرد قول لمجريها ، فضلاً عن خطئها فى بيان اسم الطاعن ، هذا إلى أن المحكمة عولت على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني رغم أن شهادتهما سماعية منقولة لم يبصرا فيها واقعة إطلاق النار على المجني عليه حيث قرر الشاهد الأول أن الطاعن أبلغه بإطلاقه عياراً نارياً أودى بحياة المجني عليه ، كما قرر الشاهد الثاني أن شهادته منقولة عن الشاهد الأول ، وأخيراً فقد التفتت المحكمة - إيراداً ورداً - عن دفاعه بقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم بيان الإصابة التي نوه عنها الطاعن في التحقيقات واتهم الشاهد الأول بإحداثها ، وبانتفاء أدلة الإسناد ضد الطاعن ، كما لم تعرض المحكمة لدفوعه الثابتة بمحضر الجلسة . بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، عرض لدفاعه بانتفاء نية القتل في حقه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن قصد القتل ... فهو قائم في الدعوى متوافر في حق المتهم من انتوائه قتل المجني عليه من الخلافات التي بينهما وما ترتب عليه من حمل المتهم للسلاح الناري وبداخله طلقة ومن استدراجه للمجني عليه وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه من مسافة قريبة طلقة أودت بحياته وأنه فر هارباً بعد أن تيقن من أن المجني عليه فارق الحياة ، فهو بذلك لم يكن يقصد إيذاء المجني عليه فقط بل قامت لديه رغبة لإزهاق روحه فأطلق عياراً نارياً دون مقاومة من المجني عليه فأرداه قتيلاً بالإصابة التي أودت بحياته فتحقق له ما أراد بإزهاق روحه على نحو ما أفصح عنه التقرير الطبي الشرعي ، كل ذلك يدل بيقين لدى المحكمة على توافر قصد القتل ونية إزهاق الروح لدى المتهم كما هو معرف قانوناً ودلت عليه الظروف المحيطة بالواقعة والمظاهر والأمارات الخارجية التي أتاها المتهم وتنم عما يضمره في نفسه من انتواء قتل المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم كافياً في استظهار نية القتل وفي إطراح الدفع بانتفائها في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ، فإن النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار لا يكون له من محل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أشار إليه بأسباب طعنه ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى الواقعة كما جاءت بأقوال الشهود ، ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - أن تعول على التقرير الطبي الذي يتسق مع شهادة شهود الإثبات في تعزيز شهادتهم باعتبار كل ذلك من أدلة الدعوى ، وكان من المقرر – كذلك - أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين ، إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أن المحكمة عولت على تقرير الصفة التشريحية في نسبة إحداث إصابة المجني عليه إليه يكون على غير أساس ، إذ كان مفاد ما أورده الحكم - على ما سلف - أن الطاعن هو الذي اعتدى على المجني عليه وأحدث إصابته في مقتل بالعيار الناري الذي أطلقه من السلاح الذي أعده لهذا الغرض ، وأن هذه الإصابة التي وصفها - كما جاءت بتقرير الصفة التشريحية - هي التي أحدثت الوفاة ، فإن ما أثبته الحكم من ذلك يكفي ويسوغ به ما انتهى إليه في قضائه من مساءلة الطاعن عن جريمة القتل العمد ، ويكون نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني والتي تأيدت بما دلت عليه تحريات ضابط المباحث فضلاً عما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من عدم كفاية تلك الأدلة وعدم جدية التحريات لما أورده بأسباب طعنه لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون نعيه في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من أن التحريات لم تتوصل إلى اسمه الحقيقي ، فإنه مردود بما هو مستقر عليه من أن اشتهار الطاعن باسم غير اسمه الحقيقي الثابت بالأوراق الرسمية أو عدم اشتهاره به - بفرض صحة دعواه في ذلك - لا أثر له على استدلال الحكم ما دام قد بين أنه هو نفسه المقصود بالاتهام . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل العمد وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة المقررة قانوناً متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن خلو الأوراق من شاهد رؤية يكون غير قويم ، ويكون الحكم المطعون فيه بريئاً مما ينعاه الطاعن عليه فى هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، كما أنه من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه ، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، كما أن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه ، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع ، أو ما يدركه بسائر حواسه ، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الأول بما مؤداه أن المتهم استدرج المجني عليه في التوكتوك قيادته إلى أحد المناطق النائية ثم أخرج سلاحه الناري وأطلق منه عياراً نارياً فأرداه قتيلاً ، كما أحال الحكم في بيان شهادة شاهد الإثبات الثاني إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة – تحقيقاً لوجه النعي - أن شاهد الإثبات الأول قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه كان برفقة المجني عليه حال اصطحاب الطاعن للأخير إلى منطقة نائية بدراجته النارية وشاهد – آنذاك - بطيات ملابس الطاعن سلاحاً نارياً – فرد خرطوش - وعند وصولهم إلى مكان ناءٍ بالطريق الدائري انفرد المتهم بالمجني عليه وعقب برهة يسيرة سمع صوت عيار ناري ثم شاهد المتهم يخرج من المكان الذي انفرد فيه بالمجني عليه حاملاً بيده السلاح الناري سالف البيان وقرر له قيامه بقتل المجني عليه ثم فر هارباً ، كما ثبت – أيضاً - من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الشاهد الثاني قرر بالتحقيقات أنه علم بالواقعة وتفصيلاتها من الشاهد الأول ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية نقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المتهم – الطاعن - إلى شاهد الإثبات الأول من إقراره له بأنه هو مطلق العيار الناري الذي أودى بحياة المجني عليه ، كما اطمأن إلى صحة ما أدلى به الشاهد الأول إلى الشاهد الثاني في هذا الشأن ، وكان الحكم المطعون فيه قد استقر في عقيدته حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ، وكان ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص أن شاهدي الإثبات الأول والثاني لم يشاهدا واقعة تعدي الطاعن على المجني عليه وأن شهادتهما سماعية منقولة عن الغير وأن صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة جاءت على خلاف مادياتها ، كل ذلك لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم بيان إصابة الطاعن والتي قرر أن محدثها هو شاهد الإثبات الأول مع وجود نقص بتحقيقات النيابة في هذا الشأن إلا أنه لم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعيباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وعدم صلاحيتها للقضاء بإدانته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول إنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المار ذكرها – باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد - طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم فى حق الطاعن تبيح النزول بالسجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى الجريمة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة ، باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام ، وإذ كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً ، وهي إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة التي دين بها الطاعن طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد خالف القانون ، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن مما يؤذن لهذه المحكمة – محكمة النقض – وعملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بُني على خطأ في تطبيق القانون ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن ، فإنه يتعين تصحيح الحكم بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً بدلاً من عقوبة السجن المشدد المقضي بها بالإضافة إلى عقوبة المصادرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق