جلسة 11 من يونيه سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع المستشارين.
-------------
(71)
الطعن رقم 148 لسنة 25 القضائية
ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" "وعاء الضريبة". محكمة الموضوع.
نفي محكمة الموضوع عن الدين صفة الانعدام بأسباب سائغة مقامة على واقع لم يجادل فيه الطاعن. اعتبار الدين معدوماً هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها متى أقامت حكمها على أسباب سليمة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن وهو من الممولين الخاضعين لضريبة الأرباح التجارية والصناعية قدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارين عن نشاطه من عمله في مقاولات الأشغال العامة عن سنتي 1944، 1945 متضمنين أنه منى في هاتين السنتين بخسائر بلغت 1998 جنيهاً و13825 جنيهاً على التوالي، ولما كان الطاعن لا يمسك دفاتر منتظمة فقد أخضعته المأمورية لطريقة التقدير وفحصت إقرارية ولم تأخذ بما جاء بهما وقدرت له مبلغ 18870 جنيهاً ربحاً عن سنة 1944 ومبلغ 8702 جنيهاً ربحاً عن سنة 1945، فعارض في هذه التقديرات أمام لجنة التقدير التي أصدرت في 22/ 8/ 1950 قرارها باعتبار أرباحه في سنتي النزاع 5783 جنيهاً و175 مليماً، 3429 جنيهاً و931 مليماً على التوالي، وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالدعوى رقم 64 سنة 1951 تجاري كلي طالبة تعديله واعتبار أرباح الممول عن سنتي النزاع كما قدرتها المأمورية، كما طعن الطاعن في القرار أيضاً أمام ذات المحكمة بالدعوى رقم 549 سنة 1951 تجاري كلي طالباً تعديله واعتبار صافي خسارته كما جاء بإقراريه وسقوط حق المصلحة بالتقادم. وبعد أن ضمت محكمة القاهرة الابتدائية الدعويين قضت فيهما بتاريخ 9/ 4/ 1952 بتعديل قرار لجنة التقدير واعتبار صافي أرباح الطاعن مبلغ 15257 جنيهاً، 6139 جنيهاً على التوالي... فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 462 سنة 70 ق وطلبت قبوله شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف وتعديل قرار لجنة التقدير واعتبار صافي خسارته في سنتي النزاع 1998 جنيهاً و13825 جنيهاً على التوالي. وفي 24 من يونيه سنة 1954 حكمت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15 من إبريل سنة 1959 فأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 21 من مايو سنة 1959 وفيها أصرت كل من طرفي الخصومة على طلباته وصممت النيابة العامة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل السببان الأولان منها في أن محكمة الموضوع أخطأت تطبيق القانون وشاب حكمها قصور في التسبيب - ذلك أنها إذ احتسبت نسبة أرباح الطاعن من ختامي العمليات بواقع 15% بدلاً من 6% التي اعتادت مصلحة الضرائب أن تعامل الممولين على أساسها قد أقامت قضاءها على وقائع وهمية إذ أقرت مصلحة الضرائب على دفاعها من أن الطاعن يملك ثلاثة عناصر تشغيل وهي ورشة للطوب وأخرى للنجارة وسيارات للنقل مع أن العمليات التي تولاها كانت عمليات نقل أتربة لا يدخل فيها العنصران الأولان - وأنه رغم تمسك الطاعن لدى محكمة الموضوع بأن العمليات التي قام بها خلال سنتي النزاع لا يدخل فيها عنصر الطوب أو الخشب وتعزيزه هذا الدفاع بالمستندات، وأن استفادته من عنصر النقل وحده لا تبرر رفع النسبة إلى 15%، رغم هذا فإن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم تعن بالرد عليه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه لم يستند في تقدير نسبة مجمل الربح إلى ملكية الطاعن لورشتي الطوب والنجارة كما أنه لم يجعل من عنصر النقل أساساً لهذا التقدير وإنما استند إلى ما قرره من أن تقدير هذه النسبة بواقع 15% هو تقدير معقول يتفق والمعايير السليمة في مثل هذا النشاط مستدلاً على ذلك استدلالاً سائغاً بأن الطاعن تنازل عن عملية تطهير البحر الصغير لمقاول آخر من باطنه هو إبراهيم عبد الله شلبي مقابل استيلائه منه على ما يعادل هذه النسبة من ختامي العملية كربح له، فضلاً عن النسبة التي افترض أن يحققها المقاول من الباطن. إذ جاء بالحكم الابتدائي في هذا الصدد ما يأتي: "وبما أنه عن نسبة مجمل الربح فقد خفضتها اللجنة إلى 10% بدلاً من 15% التي وضعتها المأمورية آخذة في ذلك باعتراضات الممول ولكن المحكمة ترى أن تقدير المأمورية لنسبة مجمل الربح 15% تقدير معقول يتفق والمعايير السليمة في مثل هذا النشاط ويؤكد ذلك في نظر المحكمة أن الممول عندما أراد أن يتنازل عن عملية تطهير البحر الصغير لمقاول من باطنه هو إبراهيم عبد الله شلبي اتفق معه على أن يستولى على 15% من ختامي العملية كربح له (يراجع تقرير المأمورية ص 167 ملف) فضلاً عن النسبة التي افترض أن يحققها المقاول من الباطن".
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون والعرف الثابت عن طريق الخطأ في تعريف الدين المعدوم - ذلك أن الحكم أدخل في وعاء الضريبة ديناً عده الطاعن معدوماً مقداره 7189 جنيهاً و257 مليماً قبل المقاول إبراهيم عبد الله شلبي لترتبه في ذمة المدين منذ سنة 1945 ولسقوطه بالتقادم الخمسي باعتباره ديناً تجارياً - وقد استند الحكم في احتساب هذا الدين إلى القول بأنه من الممكن تحصيله وأنه لم يقم دليل على أن المدين لا يستطيع الوفاء به في حين أنه من قبيل الديون المعدومة التي يتعين استبعادها من الوعاء إذ الضريبة لا تفرض إلا على ما يدخل في وعائها فعلاً لا احتمالاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الخصوص ما يأتي: - "وبما أنه من المحقق أن الممول لم يتخذ أي إجراء يدلل به على أنه من جهته قام بأية محاولة للحصول على دينه وقد مضى عليه وقت طويل وقد ورد بتقرير المأمورية أن المدين ما زال يعمل كمقاول في السوق ولم ينف الممول هذه الواقعة مما يشعر بأن المدين ليس في حالة من الإعسار تحول دون إمكان تحصيل الدين بل أن الفرص أمام الطاعن واسعة للحصول على دينه إذ لا شك أن لهذا المقاول من المعاملات مع الآخرين ما يسمح باتخاذ الإجراءات للحصول على الدين..." - ولما كان يبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد نفت عن الدين صفة الانعدام بأسباب سائغة وكان قضاؤها في هذا الشأن مقاماً على واقع لم يجادل الطاعن في صحته، وكان اعتبار الدين معدوماً أو غير قابل للتحصيل هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سليمة تكفي لحمل قضائه في هذا الصدد - لما كان ذلك فإنه لا يصح النعي على الحكم بمخالفة القانون.
ومن حيث إنه يبين من جميع ما تقدم أن الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق