جلسة 16 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
----------------
(221)
الطعن رقم 1901 لسنة 38 القضائية
(أ) عقوبة. "العقوبة المبررة". اشتراك. جريمة. رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير أوراق رسمية. اختلاس أموال أميرية.
قصور الحكم في تسبيب جريمة التزوير. لا يبرره القول بأن العقوبة مبررة للجريمتين الأخريين. ما دامت جريمة التزوير هي الأساس فيهما.
(ب) وصف التهمة. إجراءات المحاكمة. بطلان. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" فاعل أصلي. اشتراك. نقض. "حالات الطعن. بطلان الإجراءات".
نطاق حق المحكمة في تعديل وصف التهمة؟
تعديل وصف التهمة من فاعل أصلي في تزوير إلى شريك فيه. وجوب تنبيه المتهم إلى هذا التعديل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1964 بدائرة مركز أبو حمص محافظة البحيرة: (أولاً) بصفته مستخدماً بالجمعية التعاونية الزراعية بأبي الخدر "سكرتيرها" والتي تساهم الدولة في مالها اختلس بنية التملك كمية الكسب والعلف المبينة القدر والقيمة بالأوراق والمملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني والمسلمة إليه بسبب وظيفته (وثانياً) ارتكب تزويراً في محرر للجمعية التعاونية سالفة الذكر حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في الكشوف الخاصة بتوزيع الكسب والعلف على المنتفعين عن شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1964 أن للمنتفعين عدد أزيد مما لديهم من المواشي وأنه قد صرفت لهم كميات من الكسب والعلف أكثر من المقرر لهم وأنه قد صرف لبعضهم كميات من الكسب والعلف على خلاف الحقيقة كما أنه استعمل تلك الكشوف المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدمها لبنك التسليف الزراعي والتعاوني وتسلم الكسب والعلف بمقتضاها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته 111/ 6 و113 مكرراً أ و118 و119 و213 و214 مكرراً من قانون العقوبات، فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و111/ 6 و113/ 1 مكرر واحد و119 و213 و214 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه وعزله من وظيفته وذلك على اعتبار أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر (أولاً) اشترك مع مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي كشوف توزيع الكسب والعلف على المنتفعين في الجمعية التعاونية الزراعية بناحية أبو الخدر والتي تشرف عليها الحكومة وذلك عن شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1964 وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في هذه الكشوف على خلاف الحقيقة أن للمنتفعين عدداً من الماشية يزيد في حقيقته عن القدر الذي في حيازتهم ثم أثبت صرف كمية من الكسب والعلف كثر من المقرر لهم. كما أنه استعمل تلك الكشوف المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدمها إلى بنك التسليف الزراعي والتعاوني وتسلم كمية الكسب والعلف بموجبها (وثانياً) بصفته مستخدماً بالجمعية التعاونية الزراعية بأبي الخدر "سكرتيرها" والتي تساهم الدولة في مالها اختلس بنية التملك كمية الكسب والعلف المبينة القدر والقيمة بالمحضر 112 ج و347 م والمملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني والمسلمة إليه بسبب وظيفته. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بوصف أنه اشترك مع مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه قدم إلى المحاكمة بوصف أنه ارتكب تزويراً في محرر للجمعية التعاونية حال تحريره المختص بوظيفته، إلا أن المحكمة انتهت في حكمها إلى أنه اشترك مع مجهول في ارتكاب هذا التزوير دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التغيير مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه "(أولاً) بصفته مستخدماً بالجمعية التعاونية الزراعية بأبي الخدر (سكرتيرها) والتي تساهم الدولة في مالها اختلس بنية التملك كمية الكسب والعلف المبينة القدر والقيمة بالأوراق والمملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني والمسلمة إليه بسبب وظيفته (وثانياً) ارتكب تزويراً في محرر للجمعية التعاونية سالفة الذكر حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في الكشوف الخاصة بتوزيع الكسب والعلف على المنتفعين عن شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1964 أن للمنتفعين عدداً أزيد مما لديهم من المواشي وأنه قد صرفت لهم كميات من الكسب والعلف أكثر من المقرر لهم وأنه قد صرف لبعضهم كميات من الكسب والعلف على خلاف الحقيقة كما أنه استعمل تلك الكشوف المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدمها لبنك التسليف الزراعي والتعاوني وتسلم الكسب والعلف بمقتضاها" وطلب السيد مستشار الإحالة عقابه بالمواد 111/ 6 و113 مكرراً/ أ و118 و119 و213 و214 مكرراً من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات دمنهور بعد أن سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن بوصف أنه (أولاً) اشترك مع مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق رسمية هي كشوف توزيع الكسب والعلف على المنتفعين في الجمعية التعاونية الزراعية بناحية أبو الخدر والتي تشرف عليها الحكومة وذلك عن شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1964 وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في هذه الكشوف على خلاف الحقيقة أن للمنتفعين قدراً من الماشية يزيد في حقيقته عن القدر الذي في حيازتهم ثم أثبت صرف كمية من الكسب والعلف أكثر من المقرر لهم. كما أنه استعمل تلك الكشوف المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدمها إلى بنك التسليف الزراعي والتعاوني وتسلم كمية الكسب والعلف بموجبها - وأن عقابه ينطبق على نص المواد 40/ 1 - 2 و41 و213 و214 مكرر عقوبات (وثانياً) بصفته مستخدماً بالجمعية التعاونية الزراعية بأبي الخدر (سكرتيرها) والتي تساهم الدولة في مالها اختلس بنية التملك كمية الكسب والعلف المبينة القدر والقيمة بالمحضر (112 ج و347 م) والمملوكة لبنك التسليف الزراعي والتعاوني والمسلمة إليه بسبب وظيفته - وعقابه ينطبق على نص المواد 111/ 6 و113/ 1 مكرراً واحد و119 عقوبات. وقد بين الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن بقوله "أن المدافع عن المتهم أثار القول بأنه لم يثبت أن الكشوف التي تم التوزيع على وفق بياناتها تحررت بمعرفة المتهم وأن هذه يقوم بتحريرها غيره من أعضاء مجلس إدارة الجمعية وأنه لا شأن له في عملية التوزيع التي تتم على وفق هذه الكشوف" وخلص من مناقشة الدفاع والرد عليه إلى أنه "قد ثبت مما تقدم قيام المتهم بتحرير بيانات الكشوف التي يسلم الكسب والعلف على وفقها ولا يغير من الأمر كون المتهم هو العامل والمحرر له أو أنه اشترك مع الغير المجهول" ثم استطرد إلى أنه "وقد ثبت مقارفة الطاعن جريمة التزوير التي تعني أنه لم يسلم الزراع الأعضاء بالجمعية المنتفعين جميع القدر الوارد في الكشوف فبالتبع يكون قد احتفظ لنفسه بالفرق بين القدر الوارد بالكشوف والكمية التي تسلمها الأعضاء". لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن مرافعة الدفاع عن الطاعن دارت حول الوصف الذي أقيمت به الدعوى الجنائية دون أن تعدل المحكمة وصف التهمة في مواجهته أو تلفت نظر الدفاع كي يعد دفاعه على أساسه مما يعيب إجراءات المحاكمة بما يبطلها - ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور وأن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون، لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم - إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني نتيجة إدخال عناصر جديدة تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من فاعل أصلي في تزوير إلى شريك فيه - فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلى أنها حين دانته في هذه الجريمة الأخيرة لم تورد مؤدي الأدلة التي استندت إليها في ثبوتها في حقه ولم تبين طرق الاشتراك التي ارتكبها أو تدلل على توافر رابطة السببية بين سلوك الطاعن كشريك وبين الجريمة التي وقعت من الفاعل الأصلي بما يجعل حكمها من هذه الناحية يكون مشوباً بالقصور. ولا محل للقول بأن العقوبة مبررة للجريمتين الأخريين المسندتين للطاعن ما دامت جريمة التزوير هي الأساس فيها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تنبه الطاعن إلى هذا التعديل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع ويكون حكمها معيباً ببطلان الإجراءات بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق