الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 مايو 2023

الطعن 144 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 78 ص 570

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(78)
الطعن رقم 144 لسنة 32 القضائية

تفسير. "تفسير عبارات المحرر". عقد.
عدم جواز تفسير المحررات بالاعتداد بما تفيده عبارة معينة من عباراته. وجوب الأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها.

------------------
لا يجوز للمحكمة وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تفيده عبارة معينة من عبارات المحرر بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد وقف عند الشق الأول من العبارة الواردة في مذكرة الطاعن وفسرها بما فسرها به دون اعتبار لما يكملها من عبارات تفصح عن معناها وحقيقة القصد منها فإنه يكون قد خالف قواعد التفسير وفسر تلك العبارات بما يشوه معناها ويعتبر مسخاً لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 44 سنة 1956 مدني كلي الفيوم ضد مدير عام بنك التسليف الزراعي ووكيلي فرعي ذلك البنك في الفيوم وسنورس وقالت في عريضتها المعلنة بتاريخ 19، 26 من فبراير سنة 1956 إنها وردت لفرعي البنك المذكورين ناتج زراعتها من القمح في سنتي 1946، 1947 وأن البنك احتجز من ثمن ذلك القمح مبلغ 698 ج و389 م زعماً منه أن هذا المبلغ يمثل الفوارغ التي كان قد سلمها إليها والحال أنها لم تتسلم من هذه الفوارغ شيئاً بل وردت القمح له في أجولة مملوكة لها. وانتهت في دعواها إلى طب الحكم بإلزام المدعى عليهم المذكورين بصفاتهم بأن يؤدوا لها المبلغ المشار إليه مع فوائده بواقع 7% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ودفع المدعى عليهم بسقوط حق المطعون ضدها في المطالبة على أساس أن دعواها تعتبر استرداداً لما دفع بغير حق وقد سقطت بمضي أكثر من ثلاث سنوات على علمها بحقها في استرداد ما دفعته للبنك ثمناً للجوالات الفارغة في سنتي 1946، 1947 وطلبوا رفض الدعوى موضوعاً - تأسيساً على أن البنك حرر في 26 من أغسطس سنة 1946 كشفين بصافي حساب المطعون ضدها وقع عليهما زوجها الوكيل عنها باستلام رصيدها الأمر الذي يعتبر إقراراً منه بصحة بنود الحساب كما أن كبير كتاب دائرة المطعون ضدها قد وقع على تصريحين بتوريد القمح مندرجة بهما المبالغ المستحقة للبنك ومن بينها ثمن الأجولة الفارغة محل النزاع - وبتاريخ 15 من إبريل سنة 1958 قضت محكمة أول درجة (أولاً) برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم على أساس أن هذه الدعوى تقوم على المطالبة بثمن القمح الذي وردته للبنك كاملاً وهي بذلك بعيدة عن أن تكون مطالبة برد المدفوع بغير حق (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن القمح الذي وردته المطعون ضدها للبنك عن موسم سنة 1946 وما دفعه البنك لها من هذا الثمن وما أجري خصمه منه وسبب ذلك. وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن المستحق للمطعون ضدها قبل البنك مبلغ 535 ج و393 م وذلك بعد أن خصم من ثمن القمح المتبقي لها في ذمة البنك ما يستحقه هذا البنك مقابل أربعمائة جوال استلمها مندوب المطعون ضدها بإيصال تاريخه 20 مايو سنة 1946 ولما ووجه وكيل المطعون ضدها بهذا الإيصال أقر أمام الخبير باستلام هذه الأجولة. وبتاريخ 30 نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. فاستأنفت المطعون ضدها ذلك الحكم بالاستئناف رقم 1503 سنة 78 ق لدى محكمة استئناف القاهرة - وتمسك البنك في هذا الاستئناف بالدفع بالسقوط الذي رفضته المحكمة الابتدائية كما تمسك بأوجه دفاعه في الموضوع التي كان قد أبداها أمام تلك المحكمة وبتاريخ 17 فبراير سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام البنك بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 535 ج و383 م أخذاً بما انتهى إليه الخبير في شأن تصفية الحساب وفقاً لما سلف بيانه فطعن رئيس مجلس إدارة بنك التسليف الزراعي والتعاوني بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام المحكمة الابتدائية بسقوط حق المطعون ضدها في رفع الدعوى على أساس أن تسوية ثمن القمح المورد منها للبنك وخصم ثمن الفوارغ من هذا الثمن هو نوع من المقاصة الاتفاقية وأنه ترتيباً على ذلك تكون المطالبة برد ما خصمه البنك مقابل تلك الفوارغ استرداداً لما دفع بغير حق وقد سقط حق المطعون ضدها في هذا الاسترداد بانقضاء ثلاث سنوات من وقت علمها بحقها فيه عملاً بالمادة 187 من القانون المدني وقد رفضت المحكمة الابتدائية هذا الدفع استناداً إلى ما قالته في حكمها الصادر في 15 من إبريل سنة 1958 من أن دعوى المطعون ضدها هي دعوى مطالبة بباقي ثمن القمح المسلم منها للبنك الطاعن وليست دعوى استرداد لما دفع بغير حق ولما استأنفت المطعون ضدها الحكم الصادر في الموضوع برفض دعواها عاد البنك الطاعن وتمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفع الذي رفضته محكمة الدرجة الأولى وعاب على الأسباب التي استند إليها الحكم الابتدائي في رفض هذا الدفع بأنها لا تتفق مع التكييف القانوني الصحيح للدعوى ومع واقع الأمر فيها إذ أن المطعون ضدها نفسها انتهت في صحيفة دعواها إلى طلب الحكم لها برد مبلغ 698 ج و389 م مما يفيد تسليمها بأن دعواها هي دعوى رد ما دفع بغير حق. لكن محكمة الاستئناف أغفلت هذا الدفع وقضت في موضوع الدعوى لمصحة المطعون ضدها وبذلك خالفت القانون لقضائها في دعوى سقط الحق فيها بالتقادم وشاب حكمها القصور لعدم رده على الدفع بالسقوط.
وحيث إن الثابت من الوقائع المتقدم ذكرها أن المطعون ضدها رفعت الدعوى بطلب 698 ج و389 م قيمة المتبقي لها في ذمة البنك الطاعن من ثمن القمح الذي وردته له في سنتي 1946 و1947 وهذا المبلغ كان قد احتجزه البنك بدعوى أنه مستحق له مقابل ثمن الأجولة الفوارغ التي تسلمتها منه المطعون ضدها لتعبئة القمح فيها ولم تردها إليه وقد نازعته المطعون ضدها من بادئ الأمر في أحقيته في خصم هذا المبلغ منكرة استلامها تلك الأجولة ومتى كان الثابت أن البنك قد خصم قيمة هذه الأجولة بغير موافقة المطعون ضدها بل ورغم معارضتها في ذلك فإنه يكون غير صحيح قول البنك بأن هذا الخصم يعتبر مقاصة اتفاقية وبالتالي يكون غير صحيح أيضاً ما رتبه البنك على ذلك من اعتبار الدعوى دعوى استرداد لما دفع بغير حق إذ يشترط لاعتبار الدعوى كذلك أن يكون رافعها قد أوفى بما ليس مستحقاً عليه فيطلب رده وهو الأمر الغير متوافر في دعوى المطعون ضدها إذ أنها لم توف بأي صورة من صور الوفاء بالمبلغ الذي طلبت إلزام البنك الطاعن به ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لعدم اعتباره دعوى المطعون ضدها دعوى استرداد لما دفع بغير حق على غير أساس كما يكون النعي عليه بالقصور لإغفاله الرد على الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم باعتبارها دعوى استرداد لما دفع بغير حق غير منتج.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في الأسباب الأخرى ما يأتي: (أولاً) إن هذا الحكم قد فسر بعض عبارات وردت في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف تفسيراً لا تحتمله تلك العبارات ذلك أن الطاعن ذكر في هذه المذكرة عند سرده وقائع النزاع ما نصه "تسلمت الفوارغ للدائرة وتم توريد القمح في هذه الأجولة وبعد التوريد تمت المحاسبة على ثمن القمح وخصمت مطلوبات البنك والمطلوبات الأميرية وثمن الأجولة والصافي صرف لمندوب الدائرة" وقد التقطت محكمة الاستئناف بعض هذه العبارات وقالت إنها تعتبر إقراراً من البنك الطاعن بأنه استرد جميع الفوارغ التي كانت قد تسلمتها منه المطعون ضدها لتوريد القمح فيها ورتبت على ذلك قولها في حكمها المطعون فيه بأنه "ما دام البنك قد استرد فوارغه باعترافه فإنه لا يسوغ له أن يعود إلى خصم قيمتها من ثمن القمح" هذا في حين أن العبارات التي اعتمدت عليها المحكمة قد وردت في المذكرة رداً على إنكار المطعون ضدها استلامها أية أجولة من البنك ومع ذلك فإن هذه العبارات لا يمكن أن تفيد المعنى الذي أخذ به الحكم المطعون فيه وهو أن توريد القمح تم في جميع الفوارغ المسلمة لدائرة المطعون ضدها بل إن أقصى ما تفيده تلك العبارات هو أن ما ورد من القمح كان معبأ في أجولة البنك هذا إلى أن قول الحكم بأن المطعون ضدها قد ردت إلى البنك جميع الفوارغ التي تسلمتها يتعارض مع ما انتهى إليه من اعتماد تقرير الخبير الذي حمل المطعون ضدها ثمن الأربعمائة جوال التي وقع باستلامها يعقوب يونان مندوب المطعون ضدها في 20 مايو سنة 1946 إذ أن مؤدى اعتماد الحكم لهذا التقرير وقضائه للمطعون ضدها بالمبلغ الذي انتهى إليه الخبير بعد خصم ثمن هذه الأجولة أن هناك أجولة لم ترد إلى البنك فإذا عاد الحكم وأقام قضاءه على أن جميع الأجولة قد ردت إلى البنك فإنه يكون متناقضاً مع نفسه (ثانياً) أن الحكم قد شابه القصور ذلك أنه اكتفي في تبرير إهدار حجية تصريح التوريد الموقع عليه من كاتب أول دائرة المطعون ضدها والمدرج به ثمن الأجولة ضمن المبالغ المستحقة للبنك بالقول بأن "تحرير الكاتب لهذا الكشف وإدراجه به المبالغ التي رأى البنك خصمها عن الأجولة الفوارغ لا يجوز أن يؤخذ منه اعتراف من المطعون ضدها بصحة وجهة نظر البنك في هذا الخصم" دون أن يبين الحكم علة عدم اعتبار هذا الكشف حجة على المطعون ضدها مع أن إقرار الوكيل يعتبر حجة على الأصيل.
وحيث إن هذا النعي صحيح في وجهيه - ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بصفة أساسية على قوله "وبما أن البنك المستأنف عليه (الطاعن) قد أقر بعد هذا في صدر مذكرته المقدمة أخيراً في هذه الدعوى بأنه قد سلمت الفوارغ للدائرة وتم توريد القمح في هذه الأجولة فإذا كان قد استرد فوارغه باعترافه فإنه لا يسوغ له أن يعود إلى خصم قيمتها من ثمن القمح الذي باعته إياه المستأنفة (المطعون ضدها) ومن هذا يكون الحكم المستأنف إذ قضى برفض دعوى المستأنفة قد جانب الصواب بما يستوجب إلغاءه" - ولما كان يبين من المذكرة التي أشار إليها الحكم والمقدمة صورتها الرسمية بملف الطعن أن العبارات التي اعتمد عليها يجري نصها كالآتي. "سلمت الفوارغ للدائرة وتم توريد القمح في هذه الأجولة وبعد التوريد تمت المحاسبة على ثمن القمح وخصمت منه مطلوبات البنك والمطلوبات الأميرية وثمن الفوارغ والصافي صرف لمندوب الدائرة وتوقع منه على الاستمارة المعدة لذلك" - وكانت هذه العبارات وفي السياق الذي وردت فيه لا يمكن أن تحتمل المعنى الذي حمله إياها الحكم المطعون فيه إذ ليس فيها ما يمكن اعتباره إقراراً من البنك باسترداد جميع الفوارغ التي كانت قد تسلمتها منه المطعون ضدها بل إن أقصى ما تفيده تلك العبارات مجتمعة هو أن توريد ما ورد من القمح تم في أجولة البنك وهو الأمر الذي كانت تنكره المطعون ضدها والذي حرص البنك على تأكيده بإيراد تلك العبارات في مذكرته إذ أن إيرادها كان بصدد سرده لوقائع النزاع وتفنيده لدفاع المطعون ضدها. لما كان ذلك، وكان لا يجوز للمحكمة وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تفيده عبارة معينة من عبارات المحرر بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها فإن الحكم المطعون فيه إذ وقف عند الشق الأول من العبارة الواردة في مذكرة الطاعن وفسرها بما فسرها به دون اعتبار لما يكملها من عبارات تفصح عن معناها وحقيقة القصد منها فإنه يكون قد خالف قواعد التفسير وفسر تلك العبارات بما يشوه معناها ويعتبر مسخاً لها. هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن البنك قد استرد جميع الأجولة التي كانت المطعون ضدها قد تسلمتها منه يتناقض مع ما انتهى إليه من اعتماد تقرير الخبير والقضاء للمطعون ضده بالمبلغ الذي خلص إليه هذا الخبير. ذلك أن الخبير قد أقر البنك على خصم ثمن الأربعمائة جوال المسلمة لمندوب المطعون ضدها بالإيصال المؤرخ 20 من مايو سنة 1946 وذلك على أساس ما ثبت له من أن هذه الأجولة لم ترد للبنك فإذا عاد الحكم بعد ذلك وأقام قضاءه على أن توريد القمح تم في جميع الأجولة التي تسلمتها المطعون ضدها من البنك فإنه يكون متناقضاً مع نفسه - كذلك فإنه يبين من مذكرة الطاعن سالفة الذكر أنه استند فيما استند إليه لتأييد حقه في خصم ثمن الأجولة إلى توقيع كاتب أول دائرة المطعون ضدها على تصريحين لتوريد القمح مدرج فيهما ما يستحقه البنك من مبالغ في ذمة المطعون ضدها من بينها ثمن الفوارغ المرفوعة به الدعوى. وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع البنك في هذا الخصوص بقوله "كما أن تحرير كبير كتاب دائرة المستأنفة (المطعون ضدها) كشفي الحيازة عن سنتي 1946، 1947 وإدراجه بهما المبالغ التي رأى البنك خصمها في مقابل ما يراه ثمناً للجوالات الفارغة لا يجوز أن يؤخذ منه اعتراف من المستأنفة بصحة وجهة نظر البنك في هذا الخصم" ولما كان الحكم قد اكتفى بالقول بأن توقيع كبير كتاب دائرة المطعون ضدها على هذين المحررين لا يعتبر حجة على المطعون ضدها دون أن يبين العلة في ذلك وكان إذا صح ما قرره الحكم من أن كبير كتاب الدائرة هو الذي أدرج في التصريحين ثمن الأجولة باعتباره ديناً مستحقاً للبنك في ذمة المطعون ضدها فإن هذا الإدراج الممهور بتوقيعه يعتبر إقراراً مكتوباً منه بهذا الدين وحجة على المطعون ضدها إذا ثبت أن هذا الكاتب كان مفوضاً منها في التوقيع على هذين التصريحين فإن الحكم إذا لم يعن ببحث ذلك واكتفى في تبرير إهداره هذين المحررين بما قاله من أنهما لا يعتبران حجة على المطعون ضدها فإنه يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق