جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.
---------------
(228)
الطعن رقم 1406 لسنة 38 القضائية
(أ) سرقة. "سرقة بإكراه". إكراه. "التهديد باستعمال سلاح" عقوبة. "تطبيقها". ظروف مشددة. سلاح. جريمة. "أركان الجريمة".
التهديد باستعمال السلاح - طبيعياً كان أم بالتخصيص - ضرب من ضروب الإكراه في مجال تطبيق المادة 314 عقوبات. شرط ذلك؟
(ب) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الأخذ بقول للشاهد في إحدى مراحل التحقيق دون قول آخر له في مرحلة أخرى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21 يوليو سنة 1966 بدائرة قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية: سرق مع آخر مجهول النقود والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق لكل من محمد عوض نصر وعبد المجيد محمد الصاوي بطريق الإكراه الواقع عليهما بأن هددهما بقطعة حديد قاصداً بذلك شل مقاومتهما وتمكن والآخر المجهول بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالاشتغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية السرقة بالإكراه قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ذلك بأنه اعتبر ركن الإكراه متوافر من إمساك الطاعن بقطعة من الحديد هدد بها المجني عليهما فأوقع الرعب في قلبيهما مع أنه فضلاً عن أن أحداً من الشهود لم يقل بذلك فإن المحكمة لم تبين نوع الإكراه الذي وقع ومدى تأثيره على المجني عليهما وهل كان من شأنه شل مقاومتهما أولاً. ثم إنه بفرض حمل الطاعن لهذه الأداة فإن أحداً من الشهود لم يشهد بأنه رآه يستعملها وقت الحادث في تهديد المجني عليهما ولم يثبت أن اعتداء وقع عليهما فعلاً. وقد كان في استطاعتهما المقاومة أو الاستغاثة لأن الطاعن صغير السن ولوجود مصنع كبير على مقربة منهما به عدد من الخفراء. كما أنهما يذكران أنه أثناء سيرهما مر بهما عدد من الأفراد يسيرون خلف ميت في طريقهم إلى المقابر القريبة من مكان الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه في يوم 21/ 7/ 1967 قدم عبد الحميد محمد الحناوي ومحمد عوض نصر إلى محطة شبرا الخيمة ومقصدهما المبيت عند شقيق الثاني وأرادا الاستعلام عن طريق الوصول إلى المنزل فقابلهما المتهم سيد عبد الفتاح هلال (الطاعن) وآخر لا يعرفانه وعرض عليهما إرشادهما إلى الطريق وأثناء سيرهم قابلهم عبد المرضي خطاب علي وسأله المتهم عن الطريق السوي فأرشده إليه وانطلق الجميع في سيرهم وإبان ذلك تخلف المتهم قليلاً وهددهما بآلة في يده وقام شريكه الذي لم يتعرف عليه بتفتيشهما واستولى منهما على مبلغ 4 ج و600 م كما أخذ سلة كانت تحوي بعض الملابس الخاصة ثم لاذا بالفرار". وأورد على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو في حق الطاعن الأدلة السائغة المستمدة من أقوال المجني عليهما وشاهدي الإثبات التي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وبعد أن حصل الحكم مؤدي تلك الأدلة - استظهر ظرف الإكراه في جريمة السرقة في قوله "وحيث إن ركن الإكراه متوفر لأن المتهم كان ممسكاً بقطعة من الحديد وهددهما (أي المجني عليهما) وأوقع الرعب في قلبيهما، وتمكن من ذلك من شل مقاومتهما وتمكن بهذه الوسيلة من إتمام السرقة" وانتهى الحكم من ذلك إلى تقرير أن ما وقع من الطاعن يكون الجناية المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات ودانه بها. وما أثبته الحكم فيما تقدم سائغ وسليم، ذلك أنه وإن كان القانون لم ينص في المادة 314 عقوبات على التهديد باستعمال السلاح وعلى عده بمنزلة الإكراه كما فعل في بعض المواد الأخرى، إلا أنه ما دام التهديد باستعمال السلاح هو في ذاته ضرب من ضروب الإكراه لأن شأنه شأن الإكراه تماماً من حيث إضعاف المقاومة وتسهيل السرقة، وما دام القانون لم يخصه بالذكر في المواد التي ذكره فيها مع الإكراه إلا لمناسبة ما اقتضاه مقام التحدث عن وجود السلاح مع الجانبين كظرف مشدد ولم يقصد التفريق بينه وبين الإكراه بل قصد تأكيد التسوية بينهما في الحكم وهو ما أفصح عنه المشرع في المادة 437 من مشروع قانون العقوبات الجديد، فإن مفاد ذلك أن تعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن تكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه يصح أيضاً أن تكون بالتهديد باستعمال السلاح، وفي إشارة المادة 314 عقوبات إلى الإكراه إطلاقاً ما يكفي لأن يندمج في الإكراه كل وسيلة قسرية تستعمل لغل يد المجني عليه عن المقاومة والحيلولة بينه وبين منع الجاني عن مقارفة جريمته، ويستوي في الأداة المهدد بها أن تكون سلاحاً بطبيعته أو بالتخصيص متى ثبت أن الجاني قد حملها عمداً لمناسبة السرقة ليشد بها أزره وليتخذ منها وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب السرقة وهو ما يستخلصه قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة في الدعوى في حدود سلطته التقديرية. ولما كان ما أورده الحكم من إمساك الطاعن بقطعة الحديد وتهديد المجني عليه بها له أصله الثابت من أقوال الشاهد عبد الحميد محمد الحناوي بالجلسة، وكان للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في إحدى مراحل التحقيق دون قول آخر له في مرحلة أخرى، وكان الثابت أن الجاني قد اتخذ التهديد باستعمال السلاح وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليهما في ارتكاب جريمة السرقة، فإن الإكراه الذي يتطلبه القانون في تلك المادة يكون متحققاً على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض. ولما كان الحكم قد اعتبر التهديد باستعمال السلاح ضرباً من ضروب الإكراه المكون لجناية السرقة المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن في طعنه إنما هو جدل موضوعي في أدلة الدعوى وفي صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق