جلسة 24 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وسليم راشد أبو زيد.
-----------------
(95)
الطعن رقم 136 لسنة 32 القضائية
(أ) صورية. "الصورية المطلقة". "أدلة الصورية". إثبات. "الإثبات بالقرائن". حكم. "حجية الأحكام".
اتخاذ الحكم من صورية إجراءات التقاضي التي انتهت بصحة ونفاذ عقد البيع قرينة أضافتها إلى قرائن أخرى دليلاً على صورية العقد صورية مطلقة. ليس في ذلك إهداراً لحق الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد التي لم يكن مدعي الصورية طرفاً فيها. حجية الأحكام مقصورة على أطرافها.
(ب) إثبات. "الإثبات بالقرائن". محكمة الموضوع. نقض.
تقدير مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من قرائن متى كان استنباطه سائغاً. المجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة. جدال موضوعي لا يجوز أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الثانية استصدرت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1959 أمر أداء بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي لها مبلغ 2300 ج والمصاريف والأتعاب وذلك بموجب شيكين محررين في 2 من سبتمبر سنة 1958 يستحق أولهما في 1/ 9/ 1959 وثانيهما في 9/ 9/ 1959 ثم أعلنت المطعون ضده الأول بتنبيه نزع ملكيته من المنزل رقم 8 بشارع فهمي بمصر الجديدة بتاريخ 7/ 5/ 1960 وسجلت هذا التنبيه في 8/ 5/ 1960 وأودعت بتاريخ 14/ 8/ 1960 قائمة شروط البيع بقلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت دعواها برقم 73 سنة 1960 بيوع كلي القاهرة وحددت جلسة 6/ 10/ 1960 لنظر ما يحتمل تقديمه من اعتراضات على قائمة شروط البيع - وقد اعترضت مصلحة الضرائب المطعون ضدها الثالثة على هذه القائمة وقيد اعتراضها برقم 3840 سنة 1960 مدني كلي القاهرة كما قررت الطاعنة بالاعتراض على القائمة أيضاً وقيد اعتراضها برقم 3839 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وأقامت اعتراضها على أسباب شكلية وسبب موضوعي يتحصل في أن المنزل المنفذ عليه مملوك لها إذ باعه لها المدين بعقد محرر في 1/ 12/ 1958 حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 39 لسنة 1960 مدني كلي الفيوم المسجلة صحيفتها في 15/ 2/ 1960 قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية وقد سجل هذا الحكم في 11/ 6/ 1960 وكان من بين ما دفعت به المطعون ضدها الثانية اعتراض الطاعنة أن عقد البيع الصادر لها من زوجها المطعون ضده الأول والمحكوم بصحته ونفاذه عقد صوري صورية مطلقة - وقد ضمت المحكمة الاعتراضين وقضت فيهما بتاريخ 16 من مايو سنة 1961 برفض أوجه البطلان الشكلية وقبل الفصل في وجه البطلان الموضوعي رقم 3839 سنة 1960 وكذلك قبل الفصل في موضوع الاعتراض رقم 3840 سنة 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت مباشرة الإجراءات (المطعون ضدها الثانية) بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقد البيع الرقيم أول سبتمبر سنة 1958 الصادر من المدين (المطعون ضده الأول) إلى المعترضة (الطاعنة) صوري صورية مطلقة لا يمثل بيعاً حقيقياً وإنما حرر بطريق التواطؤ بينهما بعد إصدار الشيكات موضوع أمر الأداء لإضاعة حقوق مباشرة الإجراءات وللمعترضة النفي - وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت المحكمة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1961 في موضوع الاعتراض رقم 3839 سنة 1960 (المقام من الطاعنة) ببطلان إجراءات التنبيه وإلغاء ما ترتب على هذه الإجراءات من أثار وفي موضوع الاعتراض رقم 3840 سنة 1960 المقام من مصلحة الضرائب برفضه... استأنفت المطعون ضدها الثانية مباشرة إجراءات هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6 سنة 79 ق وطلبت الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بعدم قبول اعتراضات الطاعنة شكلاً واحتياطياً برفضها وفي الحالتين بالاستمرار في البيع - وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف (أولاً) برفض الدفع المبدى من المستأنفة مباشرة الإجراءات (المطعون ضدها الثانية) بعدم قبول دعوى الاستحقاق الفرعية بطريق المعارضة في قائمة شروط البيع وبقبولها، (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض اعتراضات المستأنف ضدها الثانية (الطاعنة) على قائمة شروط البيع - وأسست قضاءها على أن عقد البيع الصادر من المطعون ضده الأول إلى زوجته الطاعنة عقد صوري صورية مطلقة اصطنعه المدين بقصد تعطيل حق المطعون ضدها الثانية في التنفيذ بدينها وأنه لذلك يكون للمطعون ضدها الثانية التنفيذ على المنزل المبيع بهذا العقد باعتبار أنه لا يزال على ملك مدينها المطعون ضده الأول - وبتاريخ 17 من مارس سنة 1962 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وحدد لنظره جلسة 24 من فبراير سنة 1966 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم عندما تعرض لصورية عقد البيع الصادر إليها لم يلتزم حدود ونطاق هذا القصد وإثبات جديته وصحة أو عدم صحة ما جاء به بل تعرض لإجراءات التقاضي التي تمت في دعوى صحة ونفاذ ذلك العقد وقال إنها إجراءات قصد بها الزوجان المتعاقدان تعطيل حق الدائنة ومنعها من التنفيذ على المنزل المراد التنفيذ عليه وكاد يحكم ببطلان هذه الإجراءات وأهدر حجية الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد البيع وتعرض لأمر خارج عن اختصاصه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه وقد تمسكت الطاعنة بالحكم الصادر لها بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر بينها وبين زوجها المطعون ضده الأول فدفعت الدائنة مباشرة إجراءات التنفيذ (المطعون ضدها الثانية) بصورية عقد البيع الصادر عنه هذا الحكم وبصورية إجراءات التقاضي التي اتخذت في شأن هذا الحكم فإن محكمة الموضوع إذ بحثت جدية هذا العقد وانتهت للأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها المطعون فيه إلى أنه صوري صورية مطلقة ثم اتخذت من صورية إجراءات التقاضي التي انتهت بصدور الحكم القاضي بصحة ونفاذ هذا العقد قرينة أخرى أضافتها إلى القرائن التي دللت بها على صورية العقد فإنها لا تكون قد جاوزت حدود الدعوى المطروحة عليها أو أهدرت حجية الحكم الصادر في صحة التعاقد للطاعنة ضد المطعون ضده الأول إذ أن حجية الأحكام مقصورة على أطرافها ولم تكن المطعون ضدها الثانية طرفاً في ذلك الحكم ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان تقول إن محكمة الاستئناف إذ أباحت للمطعون ضدها الثانية باعتبارها من الغير بالنسبة للعقد الذي طعنت فيه بالصورية المطلقة إثبات هذه الصورية بجميع الطرق القانونية ومن بينها القرائن اشترطت أن تكون هذه القرائن قوية ومنتجة ومتعلقة بالصورية ومع ذلك فإن المحكمة استندت في التدليل على صورية العقد إلى مجرد وقائع تافهة تختلف عما يمكن أن يستنتج منها فكما يصح أن تؤول بما ذهبت إليه المحكمة في تأويلها يمكن أن تفسر بما يؤيد عكس ذلك وبالتالي لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة القرائن، هذا إلى أن ما اعتبرته المحكمة قرائن غير منتج في إثبات الصورية ولا يتعلق بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دلل على صورية عقد الطاعنة صورية مطلقة بما قاله من أن دين المطعون ضدها الثانية قبل المطعون ضده الأول سابق على عقد البيع الابتدائي الذي تتمسك به الطاعنة والمبرم بينها وبين زوجها المطعون ضده الأول وأنه ورد في هذا العقد أن المشترية قد دفعت الثمن كله وقدره 2200 جنيه إلى زوجها البائع وقت تحرير العقد وليس من المعقول أن تجازف الطاعنة بدفع هذا المبلغ الجسيم إلى زوجها قبل تسجيل العقد مع ما تدعيه من أنها كانت على خلاف معه منذ أمد بعيد سابق على تحرير العقد آنف الذكر وأنه طلقها شفاهاً على حد زعمها في 18 فبراير سنة 1958 ومع ما هو ثابت من أنها كانت تعلم بوجود حق امتياز لشركة سكة حديد مصر الكهربائية على المنزل المبيع مقابل الباقي لها من ثمن الأرض المقام عليها هذا المنزل وأن الطاعنة رغم ادعائها بدفع الثمن جميعه يوم تحرير العقد في أول فبراير سنة 1958 ظلت ساكتة ولم يظهر لهذا العقد أثر حتى رفعت الدعوى بصحته ونفاذه في 13 فبراير سنة 1960 بعد أن استصدرت المطعون ضدها الثانية أمر الأداء ضد المطعون ضده الأول بتاريخ 16 سبتمبر سنة 1959 وبعد إعلانه بهذا الأمر في 23 من الشهر المذكور وبعد القضاء من محكمة الجنح بحبسه ستة شهور لإعطائه الشيكين للمطعون ضدها الثانية دون أن يكون لهما رصيد يقابلهما، وقال الحكم المطعون فيه إن دلائل صورية عقد البيع لم تقف عند هذا الحد بل صاحبتها صورة واضحة من صور الصورية عند اتخاذ إجراءات التقاضي في دعوى صحة ونفاذ العقد إذا أقامت الطاعنة هذه الدعوى أمام محكمة الفيوم الابتدائية وأعلنت صحيفتها إلى الزوج المدعى عليه فيها مخاطباً مع شقيقة الطاعنة وفي أول جلسة حددت لنظر الدعوى تصالح الزوجان وكان الذي صدق على التصالح نيابة عن الزوج هو شقيق الطاعنة بتوكيل صادر إليه من الزوج مما يدل على عدم جدية المنازعة في تلك الدعوى وأن الزوجين قصدا بهذه الإجراءات الحيلولة بين المطعون ضدها الثانية وبين التنفيذ على المنزل المراد نزع ملكيته - ولما كانت هذه القرائن التي أوردها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من صورية عقد الطاعنة صورية مطلقة وكان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان استنباطه سائغاً وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق