برئاسة السيد المستشار / محى الدين السيد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين / محمد فوزى خفاجى ، محمد محسن غبارة على مرغنى الصادق و مجدى
حسن الشريف نواب رئيس المحكمة
بحضور السيد رئيس النيابة / مصطفى فاروق أحمد .
أمين السر السيد / محمود طارق رجب .
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر
مجدى حسن الشريف " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في
أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتيهما - وآخر لم يختصم في
الطعن - الدعوى رقم 3162 لسنة 2011 مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم
بإلغاء أمرى تقدير الرسوم القضائية الصادرين في الدعوى رقم 8700 لسنة 2001 مدنى
كلى جنوب القاهرة على سند من أن الطاعنين - وآخر - بصفاتهم أصدروا بحقه أمرى تقدير
الرسوم بالمطالبة رقم 2178 لسنة 2005 / 2006 عن الدعوى المنوه عنها ، ولما كان
البنك المطعون ضده معفى من الرسوم القضائية عملاً بنص المادة 18 من قانون إنشائه
رقم 119 لسنة 1980 ومحتوى الكتاب الدورى رقم (1) لسنة 2003 الصادر من وزارة العدل
فقد أقام الدعوى ، حكمت المحكمة بالطلبات . استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم
أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 14772 لسنة 128 ق ، وبتاريخ 4 / 3 / 2012
قضت المحكمة بالتأييد ، طعن الطاعنان بصفتيهما فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت
النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن من الطاعن الثانى لرفعه من غير ذي صفة
وأبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن من
الطاعن الثانى - رئيس وحدة المطالبة بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - لرفعه من
غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو
يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية
معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في
الحدود التي يعينها القانون. لما كان ذلك ، وكان وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى
لوزارة العدل والممثل لها أمام القضاء، في حين أن الطاعن الثانى بصفته تابع له ولا
يجوز له تمثيل المحكمة التي أصدرت أمرى تقدير الرسوم أمام القضاء، ومن ثم يكون
الطعن المقام منه غير مقبول لرفعه من غير صفة.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقول إن إعفاء الأشخاص
الاعتبارية من الرسوم القضائية ينصرف إلى تلك المستحقة على الدعوى عند رفعها ومن
ثم فإن الرسوم المستحقة على البنك
المطعون ضده بعد الحكم في الدعوى باعتباره خاسراً لدعواه لا يمتد إليه الإعفاء وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى - في أساسه - سديد ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه
المحكمة أنه لما كانت المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية
قد نصت على أن " لا يستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة " وكان
النص في الفقرة الأخيرة من المادة 254 من قانون المرافعات على أن " يعفى من
أداء الكفالة من بعض من أداء الرسوم " وما ورد بمذكرته الإيضاحية من أنه
" لم ير المشرع إيراد نص خاص بإعفاء الدولة من هذا الإيداع نظراً لقيام الحكم
المحلى وتعدد أِشخاص القانون العام واستقلال ميزانية كل منها عن ميزانية الدولة
" يدل على أن كلمة الحكومة الواردة بنص المادة 50 من قانون الرسوم القضائية
سالف البيان قد قصد بها معناها الضيق فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي
تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة وبالتالي لا تعفى هذه الأشخاص من
الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها ، وكان النص في المادة الأولى من
القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومى - المعدل بقرار رئيس
المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 285 لسنة 2012 - على أنه " ينشأ بنك يسمى
بنك الاستثمار القومى تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير التخطيط ويكون مركزه
الرئيسى مدينة القاهرة " والنص في المادة الثانية منه على أنه " عرض
البنك تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
للدولة وذلك عن طريق الإسهام في رؤوس أموال تلك المشروعات ... " والنص في
المادة السادسة عشر من ذات القانون على أنه " يمثل نائب رئيس مجلس الإدارة
البنك في علاقاته بالغير وأمام القضاء ... " يدل على أن المشرع لم يسلك بشأن
بنك الاستثمار القومى الطريق المقرر في إنشاء الهيئات أو المؤسسات العامة أو شركات
قطاع الأعمال ولم يفرغه في نمط من أنماطها ، وإنما أفرد له نظاماً خاصاً ضمنه
قانون إنشاء البنك مراعياً في ذلك طبيعته والمهام الموكولة إليه في إدارة النشاط
الاقتصادى للدولة لحسابه بأسلوب مصرفى غير تقليدى ومنحه الشخصية الاعتبارية وأناط
بنائب رئيس مجلس إدارة البنك تمثيله أمام القضاء سواء بالنسبة للدعاوى التي ترفع
منه أو عليه ، وإذ خلا قانون إنشائه من النص صراحة على إعفائه من رسوم الدعاوى
التي يرفعها فإنه يكون ملزماً بها ، ولا يجدى البنك المطعون ضده التمسك بالإعفاء
المنصوص عليه بالمادة 18 من القانون رقم 119 لسنة 1981 بشأن بنك الاستثمار القومى
والتي جرى نصها على أن " تعفى عمليات البنك وأرباحه من جميع الضرائب والرسوم "
ذلك أن عبارة الضرائب والرسوم المشار إليهما في النص سالف البيان قاصرة على عمليات
البنك وأرباحه ولا يدخل في مفهومها الرسوم القضائية باعتبار أن الأصل وجوب أدائها
والإعفاء استثناء منها لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ويلزم أن يكون الإعفاء
صريحاً جازماً قاطع الدلالة عليه ، ويؤكد ذلك أن المشرع عمد إلى إعفاء بعض الأشخاص
الاعتبارية من أداء الرسوم القضائية بنص صريح في قانون إنشائها كما هو الحال بنص
المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1971 بشأن بنك ناصر الاجتماعى المعدل بالقانون
رقم 60 لسنة 1975 ، ونص المادة 137 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين
الاجتماعى ، ومن ثم فإن الإعفاء الوارد في المادة 18 من قانون إنشاء البنك المطعون
ضده لا ينصرف إلى الرسوم القضائية ، كما لا يجديه من بعد التمسك بأى كتاب دورى
صادر من وزارة العدل - بفرض وجوده - إذ إن الكتب الدورية لا تعدو أن تكون مجرد
تعليمات إدارية ليس لها قوة التشريع ولا تعد أداة قانونية لتعديل أحكامه ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإعفاء البنك المطعون ضده من أمرى تقدير
الرسوم القضائية موضوع المطالبة رقم 2178 لسنة 2005 -2006 الصادرين في الدعوى رقم
8700 لسنة 2001 مدنى كلى جنوب القاهرة استناداً إلى نص المادة 18 من قانون إنشائه
والكتاب الدورى رقم (1) لسنة 2003 الصادرة من وزارة العدل فإنه يكون قد خالف
القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء
الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بتأييد أمرى تقدير الرسوم موضوع المطالبة رقم 2178
لسنة 2005 ، 2006 الصادرين في الدعوى رقم 8700 لسنة 2001 مدنى كلى جنوب القاهرة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده بصفته مصروفات
الطعن، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 14772 لسنة 128 ق القاهرة بإلغاء الحكم
المستأنف وبتأييد أمرى تقدير الرسوم موضوع المطالبة المتظلم منهما وألزمت المستأنف
ضده بصفته المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق