الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 مارس 2023

الطعن 440 لسنة 29 ق جلسة 7 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 104 ص 651

جلسة 7 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(104)
الطعن رقم 440 لسنة 29 القضائية

عقد. "تفسيره". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك"
انحراف الحكم عن المعنى الظاهر لمدلول عبارات العقد دون بيان أسباب العدول عنه إلى غيره. قصور.

--------------
إذا كان لمدلول عبارات العقد معنى ظاهر فإن انحراف الحكم المطعون فيه عن هذا المعنى دون أن يبين في أسبابه لم عدل عنه إلى غيره مما أخذ به يجعله معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3281 سنة 1956 كلي القاهرة ضد المطعون عليهما وطلبوا الحكم بصحة التنبيه بالإخلاء الموجه منهم إلى الشركة المطعون عليها الأولى في 28 مايو سنة 1955 وبإلزامها بإخلاء الأرض المؤجرة لها من الطاعنين والمبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهم خالية مما يشغلها مع إلزام هذه الشركة بالمصروفات وأتعاب المحاماة - وقال الطاعنون في بيان دعواهم إنه بمقتضى عقد إيجار تاريخه 29 يونيه سنة 1922 استأجر السيدان باريس بليني وسقراط فاسليادس منهم ومن أخيهم المطعون عليه الثاني أرضاً زراعية مساحتها فدان وتسعة عشر قيراطاً بزمام الزاوية الحمراء (أصبحت فيما بعد العقار رقم 58 بشارع غمرة) وتم التأجير في ذلك الوقت بأجرة قدرها 35 جنيهاً للفدان ولمدة ستة سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1922 ونص في العقد على أن للمستأجرين الحق في طلب مدة الإجارة بنفس الشروط لمدة أخرى لا تزيد على ست سنوات ولا تقل عن ثلاثة إذا هما أبديا رغبتهما في ذلك في ميعاد معين وقد استنفد المستأجران هذا الحق بمد الإجازة ست سنوات انتهت في يونيه سنة 1934 وبتاريخ 16 فبراير سنة 1933 حرر عقد إيجار جديد بين الطاعنين وأخيهم من جهة وبين شركة منتوجات الأسمنت المضغوط التي تنازل إليها المستأجران الأصليان عن الإجارة وذلك لمدة سنتين تبدأ من أول يوليه سنة 1934 وبأجرة سنوية قدرها 150 ج وظلت الإجارة تجدد بعد ذلك مدداً متعاقبة وفي كل مرة كان يحرر عقد جديد تحدد فيه مدته والأجرة ولم تتجاوز المدة في أي من هذه العقود السنتين والنصف كما كانت الأجرة تزيد تبعاً لزيادة قيمة العين المؤجرة حتى بلغت أربعمائة جنيه في عقد الإيجار الذي حرر في 16 فبراير سنة 1951 والذي اتفق فيه على تجديد الإجارة لمدة سنتين تبدأ من أول يناير سنة 1952 وتنتهي في آخر ديسمبر سنة 1953 وقد حولت شركة منتوجات الأسمنت المضغوط (المستأجرة) هذا العقد بموافقة المؤجرين إلى الشركة المطعون عليها الأولى وذلك بتاريخ 28 يونيه سنة 1951 وقبل أن تنتهي مدة هذا العقد تم الاتفاق بين المؤجرين (الطاعنين وأخيهم) وبين المطعون عليها الأولى بموجب عقد تاريخه 28 يوليه سنة 1953 على تجديد الإجارة لمدة سنتين تبدأ من أول يناير سنة 1954 وتنتهي في آخر ديسمبر سنة 1955 وحدث بعد تحرير هذا العقد أن أجريت قسمة الأطيان الشائعة بين الطاعنين وأخيهم المطعون عليه الثاني واختص الطاعنون في عقد القسمة المؤرخ 4 نوفمبر سنة 1954 بالعين المؤجرة وفي ذات هذا التاريخ قام المطعون عليه الثاني بإخطار الشركة المستأجرة (المطعون عليه الأولى) بحصول هذه القسمة وما انبنى عليها من اختصاص إخوته الطاعنين بتلك العين وإذ تراءى للطاعنين بعد ذلك إنهاء الإجارة عند انقضاء مدتها فقد وجهوا إنذاراً إلى الشركة المطعون عليها الأولى بتاريخ 28 مايو سنة 1955 أعلنوا فيه عدم رغبتهم في تجدي العقد بعد انتهاء مدته في آخر ديسمبر سنة 1955 ونبهوا على الشركة المذكورة بإخلاء العين المؤجرة في هذا التاريخ وتسليمها إليهم خالية من جميع ما يشغلها فردت الشركة عليهم بإنذار أعلنته إليهم في 16 يونيه سنة 1955 تمسكت فيها بحقها في الاستمرار في العين المؤجرة طبقاً للقانون 121 لسنة 1947 وإزاء ذلك أقام الطاعنون عليها دعوى مستعجلة قيدت برقم 771 سنة 1956 مستعجل القاهرة طلبوا فيها الحكم بطردها من العين المؤجرة تأسيساً على أن وضع يدها أصبح بعد انتهاء العقد بغير سند قانوني ولما قضى في هذه الدعوى انتهائياً بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها استناداً إلى قيام نزاع جدي حول تجديد عقد الإيجار أقام الطاعنون الدعوى الحالية بطلباتهم سالفة الذكر وقام دفاعهم فيها على أن عقد الإيجار الأخير المحرر في 28 يوليه سنة 1953 هو عقد محدد المدة فينتهي بحكم القانون بانتهاء مدته في آخر ديسمبر سنة 1955 دون حاجة إلى تنبيه وأن هذا العقد لم يخول الشركة المستأجرة حق البقاء في العين المؤجرة بعد انتهاء هذه المدة إذ هي رغبت في ذلك وأن حق الامتداد قد أعطى للمستأجرين الأصليين في عقد سنة 1922 فقط ولمدة واحدة وقد استنفد هذا الحق - دفعت الشركة المطعون عليها الدعوى بأن عقد سنة 1922 إذ خول المستأجر حق البقاء في العين المؤجرة ما دام راغباً في ذلك وأجاز له إقامة مبان عليها فإن مقتضى ذلك أن يكون لها حق حكر على هذه العين وأضافت أنه إذا اعتبر العقد إيجاراً فإن أحكام القانون 121 لسنة 1947 الخاص بإيجار المساكن تحميها وتمنع المؤجرين من طلب إخلائها من العين المؤجرة وأخيراً تمسكت بأن عقد الإيجار الأخير المحرر في سنة 1953 قد أحال إلى عقد سنة 1922 وأن البند السادس من العقد الأخير يخول لها الحق في التجديد المستمر ما دامت تعلن رغبتها في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد.
وبتاريخ 30 يناير سنة 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بصحة التنبيه بالإخلاء المعلن بتاريخ 28/ 5/ 1955 إلى الشركة المطعون عليها الأولى وبإلزامها بإخلاء الأرض المؤجرة إليها وتسليمها للطاعنين خالية مما يشغلها. استأنفت الشركة المحكوم عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 345 سنة 75 ق وتمسكت بأوجه دفاعها السالف بيانها وبتاريخ 7 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين فطعن هؤلاء في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 يناير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على ما ورد في المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى رفض الطعن مع تصحيح الحكم المطعون فيه على مقتضى ما رأته في تلك المذكرة وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مسخه عقد سنة 1922 مسخاً أدى به إلى مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم حين عرض لتفسير العقد المذكور الذي قرر أن عقد سنة 1953 قد أحال إلى شروطه فسر البند السادس منه بأنه يخول المستأجر حق التجديد المستمر ما دام يخطر المؤجرين برغبته في التجديد في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد ويحرم المؤجرين من حق إنهاء الإجارة طالما كان المستأجر قائماً بدفع الأجرة هذا في حين أن عبارة هذا البند واضحة لدلالة على أن المقصود بها امتداد العقد لمدة أخرى واحدة أقصاها ست سنوات ينتهي بعدها العقد ولا يمكن أن تفيد تلك العبارة المعني الذي ذهب إليه الحكم من تخويل المستأجر حق التجديد المستمر وقد أدى مسخ الحكم لهذا الشرط على ذلك النحو إلى خطئه في تطبيق القانون حيث إنه قضى تأسيساً عليه بعدم أحقية الطاعنين في إنهاء العقد بعد انقضاء مدته وفي طلب إخلاء العين المؤجرة، ويضيف الطاعنون أنه علاوة على ما ينطوي عليه تفسير الحكم المطعون فيه للبند المذكور من مسخ لمدلول عباراته فإن الأخذ بهذا التفسير يؤدى إلى جعل عقد الإيجار محل النزاع مؤيداً أو على الأقل مبرماً لأجل لا نهاية له لأن الشركة المستأجرة بوصفها شخصاً اعتبارياً يمكن أن يستمر وجودها إلى ما شاء الله وهذه النتيجة تتنافى مع طبيعة عقد الإيجار التي تقتضي أن يكون موقوتاً وله نهاية معلومة وإلا وقع باطلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن فيصل النزاع ينحصر فيما إذا كانت العقود التي أعقبت عقد 29 يونيه سنة 1922 تعتبر عقوداً مستقلة عنه أم هي تجديد له بنفس الشروط الواردة فيه. استعرض أهم هذه الشروط ومن بينها الشرط المنصوص عليه في البند السادس منه ثم قال "وحيث إنه بالرجوع إلى عقد 28 يوليه سنة 1953 يتبين أنه ينص في بنده الأول على اتفاق الطرفين المتعاقدين فيه على تجديد عقد الإيجار الأصلي المؤرخ في 17 نوفمبر سنة 1933 ولما كانت الصورة الشمسية المقدمة من المستأنف عليهم (الطاعنين) لهذا العقد تحمل تاريخ 16 فبراير سنة 1933 فقد قالوا إن المقصود بعقد 17 نوفمبر سنة 1933 هو هذا العقد وحيث إنه على فرض التسليم بوجهة النظر هذه من أن العقد المؤرخ في 16 فبراير سنة 1933 هو المقصود بالذات فإنه قد نص في البند الأول منه على أنه قد تحرر عقد إيجار بين الطرفين تاريخه 29 يونيه سنة 1922 وأنه تجدد لمدة تنتهي في 30 يونيه سنة 1934 ونص في البند الثاني على أن المستأجرين الأصليين قد تنازلاً عن عقد الإيجار المذكور إلى شركة منتجات الأسمنت المضغوط وأنه اتفق على تجديد هذا العقد بنفس شروط لمدة سنتين تبدأ من أول يوليه سنة 1934 وتنتهي فيه 30 يونيه سنة 1936. وحيث إنه يبين مما سبق تبيانه أن عقد سنة 1933 لم يكن عقداً مستقلاً بذاته بل كان تجديداً للعقد الأصلي المؤرخ في 29 يونيه سنة 1922 إذ نص فيه على أنه تجديد للعقد المذكور بنفس شروطه. وحيث إنه من بين شروط عقد 29 يونيه سنة 1922 شرط التجديد المستمر للمستأجرين ما داموا يخطرون المؤجرين برغبتهم هذه في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد وقد حرم العقد المذكور المؤجرين من حق إنهاء العقد طالما أن المستأجرين قائمون بدفع الأجرة المتفق عليها وحيث إن الإنذار بالإخلاء الذي وجهه المؤجرون (الطاعنون) للشركة المستأنفة (المطعون عليها الأولى) بتاريخ 28 مايو سنة 1955 ليس له سند من عقد الإيجار إذ أن عقد 28 يوليه سنة 1953 لم يكن عقداً مستقلاً كما ذهب المستأنف عليهم الثلاثة الأول (الطاعنون) وسايرهم في ذلك أخوهم (المطعون عليه الثاني) بل إنه تجديد لعقد سبقه وهذا كان تجديداً لعقد سابق وهكذا إلى أن تنتهي سلسلة العقود إلى العقد الأصلي المؤرخ في 29 يونيه سنة 1922 على التفصيل السابق بيانه والذي كما سبق القول يسلب المؤجرين حق إنهاء العقد".
وحيث إنه يبين من مطالعة عقد 29 يونيه سنة 1922 المقدم من الطاعنين بملف الطعن أنه عقد لمدة ست سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1922 وبأجرة سنوية قدرها 35 جنيهاً للفدان الواحد من العين المؤجرة والبالغ مساحتها فدان وتسعة عشر قيراطاً وأن نص البند السادس منه هو "بما أن الطرف الأول (المستأجر) سيحضر ماكينة ويعمل مصاريف على المباني والتخاشيب فإذا كان في حاجة لتجديد هذه الإيجارة مدة أخرى فيقبل الطرف الثاني (المؤجر) من الآن هذا التجديد بشرط أنه لمدة ست سنوات أو ثلاثة سنوات على الأقل بنفس الشروط المبينة بهذا العقد وبشرط أن يخطر الطرف الأول الطرف الثاني برغبته في التجديد قبل انقضاء هذه الإيجارة بثلاثة شهور على الأقل بخطاب موصى عليه" ونص في البند السابع على أنه إذا لم يرغب المستأجر تجديد هذه الإيجارة لمدة أخرى فعليه أن يخطر المؤجرين بذلك قبل انقضاء مدتها بثلاثة شهور على الأقل بخطاب موصى عليه. ولما كان نص البند السادس سالف الذكر صريحاً في الدلالة على أن حق المستأجر في امتداد العقد بعد انقضاء مدته مقصور على مدة واحدة حددت في هذا العقد بأن لا تجاوز ست سنوات ولا تقل عن ثلاث وهذا المعنى هو ما تفيده عبارة "لمدة أخرى" التي وردت في هذا البند بصيغة المفرد ولم تقترن بلفظ يدل على تكرارها - لما كان هذا هو المعنى الظاهر لمدلول عبارات العقد فإنه أياً كان الرأي في صحة الإحالة إلى عقد سنة 1922. فإن الحكم المطعون فيه حين أحال إلى شروط هذا العقد وفسر البند السادس منه بأنه يخول المستأجر حق التجديد المستمر ما دام يقوم بإخطار المؤجر برغبته في التجديد ويحرم المؤجرين من حق إنهاء العقد طالما كان المستأجر قائماً بدفع الأجرة المتفق عليها فإن الحكم يكون بذلك قد انحرف عن المعنى الظاهر للعقد دون أن يبين في أسبابه لم عدل عن هذا الظاهر إلى غيره مما أخذ به وإذ كان الحكم قد اعتمد في قضائه على هذا التفسير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق