جلسة 7 من مايو سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.
------------
(105)
الطعن رقم 442 لسنة 29 القضائية
إصلاح زراعي. "القانون رقم 452 لسنة 1953". "شروط تطبيقه".
تطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953. شرطه. ثبوت تاريخ عقد البيع قبل 23 يوليه سنة 1952 والاتفاق على حلول الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه بعد هذا التاريخ. يستوي في ذلك تحديد الأجل في عقد البيع أو بمقتضى اتفاق لاحق له تم قبل 23 يوليه 1952.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 10 مايو سنة 1951 باعت الطاعنة إلى المطعون ضده الأول أطياناً مساحتها 540 فداناً بثمن إجمالي قدره 156691 ج و700 م دفع منه المطعون ضده مبلغ 20 ألف جنيه عند التعاقد واتفق على دفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له الطرفان يوم 30 نوفمبر سنة 1951 ثم دفع المطعون ضده المذكور مبلغ 80 ألف جنيه على دفعتين الأولى في 6 نوفمبر سنة 1951 والأخرى في 17 نوفمبر سنة 1951 وقامت الطاعنة بدورها بتسليمه الأطيان بمقتضى محضر تسليم مؤرخ في 28/ 11/ 1951 وموقع من الطرفين وذكر فيه أن تحرير العقد النهائي بعد دفع باقي الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي، وقد رفعت الطاعنة الدعوى رقم 1363 سنة 1952 كلي المنصورة على المطعون ضده الأول بعريضة أعلنت إليه بتاريخ 13/ 11/ 1952 طلبت فيها الحكم بصحة التعاقد الحاصل في 10 مايو سنة 1951 وإلزام المطعون ضده المذكور بأن يدفع لها مبلغ 56691 ج و700 م باقي ثمن الأطيان مع الفوائد بواقع 4% سنوياً على أن يخصم من هذا المبلغ ما تستحقه مصلحة الأملاك الأميرية وقدره 5729 ج و760 م. كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 76 سنة 1953 مدني كلي المنصورة على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم، ذكر فيها أنه ممن ينطبق عليهم أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 لأن ملكيته في الأصل تزيد على مائتي فدان وأنه قد أصبح محظوراً عله وفقاً للمادة الأولى من القانون المذكور تملك ما يزيد عن هذا القدر ولذلك استحال بقوة القانون تنفيذ عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 المبرم بينه وبين الطاعنة وطلب الحكم باعتبار العقد المذكور منفسخاً بقوة القانون وإلزام الطاعنة وضامنيها (المطعون ضدهما الثاني والثالث) بأن يدفعوا له متضامنين ما عجله من الثمن وقدره مائة ألف جنيه وفوائده القانونية، واحتياطياً الحكم ببراءة ذمته من باقي الثمن طبقاً لأحكام القانون رقم 452 لسنة 1953. وقد قررت المحكمة الابتدائية بجلسة 4/ 3/ 1958 ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، ثم قضت بتاريخ 18 مارس سنة 1958 في دعوى الطاعنة بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 وبإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع لها مبلغ 50961 ج و940 م ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وبرفض دعوى المطعون ضده المذكور، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 116 سنة 10 ق المنصورة وبتاريخ 9 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة: أولاً - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 وأرجأت الفصل في باقي الطلبات لحين الفصل في الطلب الاحتياطي المقدم من المطعون ضده الأول. ثانياً - وقبل الفصل في موضوع هذا الطلب بندب مكتب الخبراء للاطلاع على أوراق الدعوى والانتقال إلى إدارة الاستيلاء بالإصلاح الزراعي ليبين من واقع أوراق الإدارة المذكورة مقدار ما استولت عليه الحكومة من أرض النزاع وثمنه مع بيان ما إذا كانت قد استولت على منشآت ثابتة أو غير ثابتة وأشجار وبيان قيمتها بالتفصيل، وعلى الخبر بيان ما إذا كانت الأرض المستولى عليها قد تغيرت ضريبتها عما هي عليه منذ سنة 1941 وإن كان فما هي الضريبة التي ربطت في سنة 1957 سنة الاستيلاء، وأقامت قضاءها في ذلك على أن الأجل المحدد للوفاء بباقي الثمن قد استحق بعد 23 يوليه سنة 1952 مما يتعين معه إعمال حكم القانون رقم 452 لسنة 1953 بتنصيف الفرق بين الباقي من الثمن وقيمة التعويض المقدر عن الاستيلاء بين الطاعنة والمطعون ضده الأول - طعنت الطاعنة في هذا الشق من الحكم بطريق النقض بتقرير في 8 يوليه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27/ 11/ 1962 وفيها طلبت النيابة رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن بجلسة 16/ 4/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون كما خلف الثابت في الأوراق، ذلك أنه أقام قضاءه على أنه وإن كان الأجل المحدد في العقد الابتدائي للوفاء بباقي الثمن هو يوم 30 نوفمبر سنة 1951 إلا أنه قد عدل بمقتضى محضر استلام الأطيان المؤرخ في 28 نوفمبر سنة 1951 فصار أجلاً ممتداً إلى موعد مجهول تحدده إرادة البائعة وهذه الإرادة لم تنجل إلا وقت رفع دعواها سنة 1952 ورتب الحكم على ذلك اعتبار الأجل قد حل بعد يوم 23 يوليو سنة 1952 مما يقتضي تطبيق حكم القانون رقم 452 سنة 1953 في حين أن هذا القانون لا يسري على عقد البيع محل الدعوى لأن مناط تطبيقه أن يكون الأجل المعين في عقد البيع للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952، أما إذا كان أجل الوفاء يحل قبل هذا التاريخ طبقاً لما اتفق عليه بين الطرفين كما هو الحال في النزاع الحالي، فلا ينطبق القانون المذكور، ولا عبرة بما يصير إليه الأجل بعد ذلك لأي سبب من الأسباب لأن هذا الأجل الجديد لا يمكن أن يصدق عليه وصف القانون بأنه الأجل الذي حدد أصلاً هذا إلى أن محضر التسليم لم يعدل مطلقاً التاريخ المحدد للتوقيع على العقد النهائي، وكل ما عدله هو أن يكون دفع الباقي من الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي قبل تحرير عقد البيع لا عند تحرير عقد البيع وأن سكوت الطرفين في محضر التسليم عن بيان التاريخ المحدد لتحرير عقد البيع لا يفيد مطلقاً تعديل هذا التاريخ، بل يفيد أنهما لم يريدا إحداث تغيير فيما نص عليه العقد الابتدائي في هذا الخصوص، وقد جعل محضر التسليم حق البائعة في اقتضاء الثمن سابقاً على تحرير العقد النهائي، ولكن الحكم المطعون فيه أقام تلازماً لم يرده المتعاقدان بين الوفاء بباقي الثمن وتحرير العقد النهائي وهو أمر مخالف للثابت في محضر التسليم، وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه نسب إليها أنها لم تقدم المستندات التي يتطلبها تحرير عقد البيع النهائي للمحامي الذي عهد إليه بإعداده وانتهى الحكم من ذلك إلى أن موعد الوفاء بباقي الثمن أصبح متراخياً لأجل غير محدود، في حين أنها قامت باستخراج كافة المستندات اللازمة قبل التاريخ المحدد أصلاً لتحرير العقد النهائي وهو 30/ 11/ 1951.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص تطبيق حكم القانون رقم 452 سنة 1953 على العقد محل الدعوى على ما يأتي "ومن حيث إن ما بالدعوى من أوراق موقع عليها من الطرفين ومسلم بها منهما هي وحدها التي تحدد الوقت الذي يصير فيه دفع باقي الثمن، فالثابت في البند الثاني من عقد البيع أنه حدد لدفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له يوم 30/ 11/ 1951 والثابت في البند السابع من العقد اتفاق الطرفين على أن يقوم الأستاذ حافظ شيحا المحامي بتحرير العقد النهائي في بحر هذه المدة والتزمت البائعة في هذا البند بأن تقدم المستندات اللازمة. والثابت من محضر استلام الأطيان المبيعة المؤرخ في 28/ 11/ 1951 والموقع عليه من المستأنف والمستأنف عليها الأولى ما يأتي حرفياً "وتحرير العقد النهائي بعد دفع باقي الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي" من هذا يتضح أن تحرير العقد النهائي قد عهد به إلى الأستاذ حافظ شيحا وأن المستأنف عليها الأولى قد التزمت بتقديم المستندات إليه، وأن تعديلاً حصل في موعد الوفاء بباقي الثمن فصار قبل التوقيع على العقد النهائي دون أن يحدد الطرفان في محضر الاستلام المعدل للعقد الابتدائي في هذا الخصوص - يوماً معيناً لهذا التوقيع فهماً بهذا التعديل قد أجلا دفع الثمن إلى موعد مجهول.....، ومن حيث إنه لا مانع قانوناً يمنع من أن يكون ميعاد الأجل مجهولاً ما دام محقق الوقوع في المألوف من الشئون... وأنه حتى لو قيل بما تذهب إليه المستأنف عليها من أنها باشتراطها التوقيع على العقد النهائي بعد دفع الباقي من الثمن قد حملت المستأنف كل مسئولية عن التأخير فإنه كان عليها كي تحدد الأجل الذي لم يحدده الاتفاق الثابت بمحضر التسليم كان عليها أن تعذر المستأنف فتكلفه الوفاء إذا كان قد تخلف عن الموعد الذي تزعم أنه حدد للتوقيع على العقد النهائي الذي تقول إنها حملته مسئوليته، أما وهي لم تفعل ولم تقم من جانبها بتقديم المستندات إلى من عهد إليه بإنجاز العقد بدليل أنها قدمتها للمحكمة ولم تقدم ما يفيد سابقة تقديمها للمعهود إليه تحرير العقد، فإنها بذلك لا يجوز لها أن تدعى حلول أجل دينها قبل اليوم الذي رفعت فيه دعواها في 13/ 11/ 1952 اعتباراً بأنه أول إجراء اتخذ في تحديد الأجل المجهول ثم خلصت المحكمة إلى القول بأنه "لما كان الأجل المحدد للوفاء لم يحل إلا بعد 23 يوليه سنة 1952 فإنه يتعين إعمال حكم القانون رقم 452 سنة 1953 بتقسيم الفرق بين الباقي من الثمن وقيمة التعويض المقدر عن الاستيلاء مناصفة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون وله سنده من الأوراق ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 452 سنة 1953 قد نصت على أنه "إذا كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ تحمل كل من البائع والمشتري نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك كله دون إخلال بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة" ومفاد ذلك أنه يشترط لتطبيق هذا القانون أن يكون عقد البيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وأن يكون الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه متفقاً على حلوله بعد يوم 23 يوليه سنة 1952، يستوي في ذلك أن يكون هذا الأجل قد حدد في عقد البيع ذاته أو بمقتضى اتفاق لاحق له تم قبل 23 يوليه سنة 1952 إذ يعتبر الأجل في الحالين يحل أصلاً بعد هذا التاريخ في المعنى الذي يقصده القانون سالف الذكر وتتحقق بذلك الحكمة التي توخاها المشرع وهي على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية حماية المشتري الذي استحق عليه باقي الثمن استحقاقاً عادياً بعد 23 يوليه سنة 1952 وقصرت موارده عن الوفاء به نتيجة لصدور قانون الإصلاح الزراعي.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وفسر الشرط الوارد في محضر التسليم المؤرخ 28/ 11/ 1951 تفسيراً يؤدى إليه مدلوله، وكان ما استخلصته المحكمة من أن الطاعنة هي التي قصرت بعد تقديم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائي استخلاصاً سائغاً لا مخالفة فيه للأوراق - ولا عبرة بما تتحدى به الطاعنة من أنها قامت باستخراج تلك المستندات قبل 30/ 11/ 1951 طالما أنها على ما حصله الحكم المطعون فيه - لم تقدمها إلى المحامي الذي أقرت في العقد بتقديمها إليه والمكلف بإعداد العقد النهائي، لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق