جلسة 19 من مايو سنة 1970
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.
------------------
(138)
الطعن رقم 127 لسنة 36 القضائية
(أ) قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان". قسمة "قسمة المهايأة". شيوع.
القواعد الواردة بالمادة 846/ 1 من القانون المدني الحالي - في خصوص قسمة المهايأه المكانية - لا نظير لها في القانون المدني السابق. عدم جواز إعمالها على التصرفات السابقة على العمل بالقانون الحالي.
(ب) ملكية "أسباب كسب الملكية". تقادم "التقادم المكسب" حيازة "شروط وضع اليد". شيوع.
حيازة الشريك في العقار الشائع حصة أحد الشركاء المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها مدة 15 سنة دون انقطاع. أثره. كسب ملكيته هذه الحصة بالتقادم.
(ج) ملكية "أسباب كسب الملكية". حيازة "تغيير صفة الحائز". قسمة. شيوع.
جواز تغيير صفة الحائز - بعد انتهاء قسمة المهايأة - بسبب وقتي إلى حائز بقصد التملك. شرطه. مجابهة المالك بهذا القصد القاطع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 663 سنة 1959 كلي أسيوط على المطعون ضدهم وآخرين بصحيفة معلنة في 12، 21، 22 من نوفمبر سنة 1959 طلبوا فيها الحكم بثبوت ملكيتهم إلى 2 ف و3 ط أطياناً زراعية مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وبطلان عقد البيع الصادر من المطعون ضدها الرابعة إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول والمؤرخ في 12/ 11/ 1956 مع شطب كافة التسجيلات الموقعة عليها من المطعون ضدهم المذكورين، وقال الطاعنون في بيان دعواهم إنهم يملكون 8 ف و13 ط و20 س أطياناً زراعية كائنة بزمام ناحية بني عدى البحرية مركز منفلوط بطريق الميراث عن مورثهم المرحوم عمر الهلالي وأنهم اختصوا بهذه الأطيان التي كانت في وضع يد مورثهم المذكور وهم من بعده، وذلك بمقتضى عقد القسمة العرفي المؤرخ في 23/ 10/ 1931 والمبرم بينهم وبين مورث المطعون ضدها الرابعة - المرحوم إبراهيم عثمان الهلالي - وباقي المتقاسمين من أسرة الهلالي، وقد استمروا في وضع يدهم عليها بصفة مستمرة وهادئة وبنية التملك إذ كانوا يستغلونها لحسابهم وحدهم، وذلك بطريق تأجيرها للغير دون اعتراض من باقي المتقاسمين، إلا أن المطعون ضدها الرابعة نازعتهم بغير حق في ملكية 2 ف و3 ط من تلك الأطيان بأن باعت هذا القدر الذي لا تملكه إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول بعقد تاريخه 12/ 11/ 1956، وإذ رفع هؤلاء المشترون بموجب هذا العقد الدعوى رقم 753 سنة 1956 كلي أسيوط على البائعة لهم بطلب الحكم بصحته ونفاذه، وانتهت تلك الدعوى بينهم صلحاً، فقد أقاموا هذه الدعوى بطلباتهم السالف بيانها. وبتاريخ 23/ 10/ 1960 قضت محكمة أول درجة بندب مكتب الخبراء لتطبيق مستندات الطرفين على الأرض محل النزاع وتحقيق وضع اليد عليها، وما إذ كان عقد القسمة المؤرخ 24/ 10/ 1931 قد نفذ بوضع يد كل متقاسم على ما خصه به أم لا. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 14/ 4/ 1963 بتثبيت ملكية الطاعنين إلى 2 ف و3 ط الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبطلان العقد المؤرخ 12/ 11/ 1956 والمتضمن بيع المطعون ضدها الرابعة إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول القدر المشار إليه وشطب كافة التسجيلات الموقعة منهم عليه. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 135 سنة 38 ق، وبتاريخ 15/ 1/ 1966 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأنهم اكتسبوا ملكية الأطيان محل النزاع بالتقادم الطويل، إذ وضعوا يدهم عليها بنية التملك مدة تزيد على العشرين عاماً ابتداء من سنة 1932 حتى رفع الدعوى في نوفمبر سنة 1959، ذلك لأنه بعد انقضاء قسمة المهايأة بانتهاء مدتها الواردة في عقد القسمة وهي سنة، غير الطاعنون نيتهم بأن أصبح وضع يدهم على الحصة التي اختصوا بها بقصد التملك وجابهوا باقي المتقاسمين بهذا القصد وقد تصرف بعض هؤلاء في أنصبتهم التي اختصوا بها وتسلم المشترون منهم القدر الذي اشتروه وعلى الرغم من تقديم الطاعنين المستندات الدالة على رضاء المتقاسمين بهذا الوضع، فإن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع قولاً منه بأن عقد قسمة المهايأة أخذ يتجدد سنة فأخرى بعد انتهاء مدته لعدم إعلان أحد من الشركاء باقي شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر بأنه لا يرغب في التجديد، وذلك إعمالاً لحكم المادة 846/ 1 من القانون المدني، وأن وضع يد الطاعنين استناداً إلى هذا العقد لا يؤدي إلى اكتسابهم الملكية بالتقادم مهما استطالت مدة وضع يدهم إذ يعتبرون واضعي اليد بسبب وقتي معلوم، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن النص المشار إليه نص مستحدث بالقانون المدني القائم فلا يسري على التصرفات السابقة عليه، وإذ استغنى الحكم بإعمال هذا النص عن بحث دفاع الطاعنين المتقدم ذكره، فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في خصوص ما يثيره الطاعنون قوله "أما عن استناد المستأنف عليهم (الطاعنين) إلى وضع يد مورثهم وهم من بعده على القدر موضوع الدعوى ضمن قدر أكبر اختصوا به بموجب عقد القسمة المذكور منذ سنة 1931 وبصفة مستمرة حتى تاريخ رفع الدعوى المطروحة سنة 1959، فإنه بالرجوع إلى عقد القسمة المذكور يبين أنه محرر بين أفراد عائلة الهلالي ومؤرخ 23/ 10/ 1931 وقد نص في البند الثالث عشر منه على أن يسري من تاريخه حتى نهاية سنة 1932، وبالتالي فإن القسمة تتجدد سنوياً إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب في التجديد وذلك إعمالاً لنص المادة 846/ 1 مدني، ومن ثم فإن وضع يد المستأنف عليهم (الطاعنين) لا يصلح سنداً لملكيتهم بالتقادم إذ أن سبب وضع يدهم هو عقد قسمة المهايأة المشار إليه وواضع اليد بسبب معلوم لا يملك بالتقادم أصلاً". ولما كانت القاعدة الواردة بالمادة 846/ 1 من التقنين المدني القائم، والتي تقضي بأنه إذا اتفق على قسمة المهايأة المكانية ولم تشترط لها مدة أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد كانت مدتها سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب في التجديد، هي قاعدة مستحدثة ولم يكن لها نظير في التقنين المدني الملغى، فلا يجوز إعمالها بأثر رجعي على التصرفات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المدني القائم، وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى المادة 846/ 1 سالفة الذكر للقول بأن المدة المتفق عليها بالعقد قد تجددت سنة فأخرى، ورتب على ذلك اعتبار أن وضع يد الطاعنين يستند إلى سبب وقتي معلوم وأن ذلك ما تنتفي به نية التملك، وكان من المقرر في ظل القانون المدني السابق أن الحصة الشائعة يصح أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية امتلاكها، ولا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدي إلى المخالطة بينهما، لأن هذه المخالطة ليست عيباً في ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض أو إبهام فإذا استطاع الشريك في العقار الشائع أن يحوز حصة أحد شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء أو مظنة التسامح، واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكسب ملكيتها بالتقادم، لما كان ذلك وكان يجوز تغيير صفة الحائز بعد انتهاء عقد قسمة المهايأة من حائز بسبب وقتي معلوم إلى حائز بقصد التملك إذا جابه هذا الحائز باقي الملاك المشتاعين بما يفيد قصده القاطع في التملك. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه إذ قرر أن عقد القسمة أخذ يتجدد سنة فأخرى قد حجب نفسه عن بحث دفاع الطاعنين المؤسس على أن نيتهم قد تغيرت بعد انتهاء عقد قسمة المهايأة وأصبحوا حائزين للأطيان محل النزاع بقصد التملك وجابهوا باقي الملاك المشتاعين بما يفيد هذا القصد وأن هذه الحيازة قد استمرت مدة تزيد على العشرين عاماً بما يؤدي إلى كسبهم الملكية بالتقادم الطويل، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون فوق خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق