جلسة 19 من مايو سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمد ممتاز نصار، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، ومحمود عباس العمراوي.
-----------------
(96)
الطعن رقم 24 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
وقف. "شرط الواقف". "تفسيره".
التسوية بين أولاد الواقف لصلبه وأولاد ابنه لصلبه ذكوراً وإناثاً في الاستحقاق لكل منهم بنصيبين. النص على استحقاق ذرية بنت ولده الأنثى وذرية الأنثى من أولاده لصلبه لنصيب واحد. استحقاق الأنثى من أولاد الذكور. انتقال نصفه إلى أولادها ذكوراً وإناثاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ سعاد أحمد مراد ذو الفقار أقامت الدعوى رقم 254 سنة 1956 كلي أحوال شخصية القاهرة ضد كل من (1) الدكتور محمد مفيد ذو الفقار بصفته حارساً على وقف الأمير أحمد أغا الترجمان (2) السيد محمد مفيد ذو الفقار (3) السيدة فاطمة محمد ذو الفقار (4) السيدة نفيسة محمد ذو الفقار بطلب الحكم باستحقاقها لحصة قدرها 1 ط 10.4 س من 24 ط في وقف الأمير أحمد أغا تعادل 42/ 710 من ريع الوقف مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت بياناً لدعواها إن الأمير أحمد أغا الترجمان وقف ما هو مبين في كتاب وقفه الصادر من الباب العالي بمصر في 26 من شوال عام 1253 وأنه أنشأ وقفه هذا على نفسه مدة حياته ثم من بعده يكون نصفه على خيرات عينها والباقي على أولاده ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم ما عدا ابنته الكبرى فاطمة التي لا دخل لها في حصة أولاده على أن يكون لكل من أولاده لصلبه الذكور والإناث نصيبان فإن تزوجت بنت ولده الأنثى وأعقبت ذرية يكون لذريتها نصيب واحد سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً. وكل من كان من ذرية الذكور سواء كان ذكراً أم أنثى فله نصيبان وأن الأنثى من أولاد الذكور إذا تزوجت وأعقبت ذرية فلذريتها نصيب واحد سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ينتفع كل واحد من الموقوف عليهم بحصته بسائر حقوق الانتفاع الشرعية ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل وقد توفى الواقف مصراً على وقفه وبوفاته انحصر ريع الوقف في ابنه أحمد ترجمان الشهير بأحمد ذو الفقار الذي توفى عن أولاده محمد وعباس حلمي وزينب ونفيسة وحسن شاه وفاطمة خاتون، وقد توفوا جميعاً أيضاًً ومن بينهم محمد ذو الفقار الذي توفى في سنة 1912م عن أولاد منهم أحمد مراد والد المدعية الذي توفى عنها وعن إخوتها كما توفى عباس حلمي عن ابنته زينب والدة المدعية وبوفاته استحقت ابنته المذكورة حصة والدها وقد توفيت زينب عباس حلمي عن أولادها سعاد - المدعية - والدكتور محمد ذو الفقار وفكرية وناريمان وبير جيزار فانتقلت حصتها إليهم بالسوية ثم توفيت ناريمان وبير جيزار فانحصرت حصتها في الأحياء من أولادها وهم سعاد المدعية وأخوها الدكتور محمد ذو الفقار وأختها فكرية، وإذ ينازعها المدعى عليهم فيما آل إليها عن والدتها دون ما آل إليها عن والداها وطبقاً لشرط الواقف تستحق والدتها نصيبين في نصف ريع الوقف وبوفاتها تستحق المدعية ثلثه فقد طلبت الحكم لها به مضافاً لما تستحقه عن والدها منه 1/ 18 عن والدتها و1/ 240 عن والدها فتكون جملة استحقاقها 42/ 740 من نصف الوقف توازي 1 ط 10.4 س من 24 ط ينقسم إليها، ودفع المدعى عليهم الثلاثة الأخيرون الدعوى بعدم السماع لمضي المدة المانعة من سماعها وطلبوا من باب الاحتياط رفضها، وبتاريخ 27/ 2/ 1961 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم السماع لمضي المدة وبرفض الدعوى وألزمت المدعية المصاريف، واستأنفت السيدة سعاد أحمد مراد ذو الفقار هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 50 سنة 78 قضائية القاهرة أحوال شخصية، ودفعت النيابة العامة ببطلان الحكم المستأنف لعدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى. وبتاريخ 10 مايو سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وببطلان الحكم المستأنف وفي الموضوع باستحقاق المستأنفة السيدة/ سعاد أحمد مراد إلى 1 ط و10.4 س من 24 ط ينقسم إليها الوقف مع إلزام المستأنف عليهم نصف المصاريف عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث تنازل الطاعنون عن السبب الأول وأصروا على طلب نقض الحكم لباقي الأسباب وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن إنشاء الوقف ظاهر الدلالة على أن الواقف قصد أن يميز أولاد الظهور على أولاد البطون بما لا يوجب الإغراق في التفسير والتأويل لعباراته الواضحة الصريحة فخص أولاد الظهور بنصيبين وأولاد البطون بنصيب واحد واشترط صراحة أنه إذا تزوجت إحدى بنات أولاده وأنجبت ذرية حرمت من نصف نصيبها ولا تستحق ذريتها سوى النصف الآخر، وقضى الحكم المطعون فيه باستحقاق ذرية زينب بنت عباس حلمي ابن أحمد ترجمان ابن الواقف - وهي من بنات أولاد الواقف - كامل حصة مورثتهم وكان سبيله إلى ذلك وإلى حمل كلام الواقف على غير هذا المعنى الذي أراده إلغاء بعض شروط الإنشاء وإهدارها والحكم بعدم إعمالها كلية بمقولة "إن العبارة الواردة في هذا الإنشاء لا تدل إلا على أن الواقف أراد التسوية بين الذكر والأنثى من أولاده وذريته بأن جعل لكل منهم نصيبين..." وبذلك انتهى إلى نتيجة خاطئة ومخالفة لما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده ومقتضاها إعمال كلام الواقف لا إلغاءه ما دام لا يتعارض مع إرادته الظاهرة، وإذ كانت عبارة الواقف تقضي بأنه "إن تزوجت بنت ولده الأنثى وأعقبت ذرية يكون لذريتها نصيب واحد" وجاءت تلك العبارة عقب العبارة التي سوى فيها الواقف بين أبنائه لصلبه في الاستحقاق فجعل لكل نصيبين ثم عاد فأكد هذا المعنى الواضح مرة أخرى بعبارة أقوى هي "أن الأنثى من أولاد الذكور إذا تزوجت وأنجبت ذرية فلذريتها نصيب واحد سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً" ولا سبيل أمام صراحة هذا النص ودلالة عباراته إلى القول بأن مفهوم هذه العبارة هو التسوية بين جميع المستحقين، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي النتائج التي انتهى إليها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى الإشهاد المؤرخ 26 من شوال سنة 1235 هجرية يبين أن المرحوم أحمد أغا الترجمان أنشأ وقفه "على نفسه أيام حياته" ثم من بعده فالنصف اثني عشر قيراطاً بعد الخيرات ويكون وقفاً على أولاده ذكوراً وإناثاً ما عدا ابنته فاطمة الكبيرة المرزوقة له من الحرمة نديهة فإنها لا دخل لها في حصة أولاده المذكورة من الوقف المذكور بل هي على الحكم الذي ذكر فيه، وعلى أن أولاده لصلبه ماعدا فاطمة الكبيرة المذكورة الذكر والأنثى منهم في ذلك سواء، وأن أولاد ابنه لصلبه الذكور والإناث كل واحد منهم بنصيبين فإن تزوجت بنت ولده الأنثى وأعقبت ذرية يكون لذريتها نصيب واحد سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً, وكل من كان من ذرية الذكور سواء كان ذكراً أو أنثى فله نصيبان، وأن الأنثى من أولاد الذكور إذا تزوجت وأعقبت ذرية فلذريتها نصيب واحد سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، وأن الأنثى من أولاده لصلبه إذا تزوجت وأعقبت ذرية يكون لذريتها نصيب واحد أيضاً سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ينتفع كل منهم بحصته من ذلك على الحكم المذكور... ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لمن هو في درجته وذوي طبقته مضافاًً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يوجد أحد من أهل درجته وذوي طبقته يكون ذلك لأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين" وظاهر هذا الإنشاء يدل - وفي نطاق الخصومة المعروضة - على أن الواقف سوى في الاستحقاق بين أولاد ابنه لصلبه ذكوراًً وإناثاً لكل منهم نصيبان مما هو موقوف عليهم، وجعل استحقاق الأنثى من أولاد الذكور ينتقل نصفه إلى أولادها ذكوراً وإناثاً. وإذ كان الثابت أن المرحومة زينب بنت عباس حلمي والدة المطعون عليها هي بنت ابن ابن الواقف توفيت في سنة 1921 وبوفاتها ينتقل نصف استحقاقها لأولادها، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن استحقاقها ينتقل كله لا نصفه إلى أولادها - وهي أنثى من أولاد الذكور - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثالث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق