باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت
الحادي عشر من مارس سنة 2023م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي
إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود
محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء
الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد
طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة
الدستورية العليا برقم 12 لسنة 44 قضائية منازعة تنفيذ.
المقامة من
الشركة العامة للبترول
ضد
.........
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ السادس والعشرين من مايو سنة
2022، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا،
طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة
مأمورية شمال، بجلسة 26/ 12/ 2018، في الاستئناف رقم 3620 لسنة 20 قضائية، وقرار
محكمة النقض - في غرفة مشورة - الصادر بجلسة 23/ 3/ 2022، بعدم قبول الطعن رقم
6087 لسنة 89 قضائية، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بهذين الحكمين، والاستمرار في
تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 31/ 7/ 2011، في الدعوى رقم
101 لسنة 32 قضائية دستورية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين
تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من
صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه حصل على دبلوم ثانوي تجاري، وبعد
أن أمضى الخدمة العسكرية، تم تعيينه بالشركة المدعية بتاريخ 30/ 6/ 2008، ورفضت
الشركة ضم كامل مدة خدمته العسكرية إلى مدة عمله بالشركة، إعمالاً لقيد زميل
التخرج، فأقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، الدعوى رقم 6383 لسنة 2014
عمال كلي، ضد الشركة المدعية، طالبًا الحكم بأحقيته في ضم مدة الخدمة العسكرية
التي أمضاها ومقدارها سنتان وشهر وخمسة عشر يومًا، إلى مدة خدمته بالشركة، مع ما
يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 25/ 10/ 2016، قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من
أن تعيينه بالشركة كان سابقًا على تاريخ العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009،
باستبدال نص الفقرة الأخيرة من المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية
الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980. لم يصادف هذا القضاء قبول المدعى عليه، فطعن
عليه أمام محكمة استئناف القاهرة مأمورية شمال، بالاستئناف رقم 3620 لسنة 20 قضائية،
وبجلسة 26/ 12/ 2018، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا للمدعى
عليه بطلباته، على سند من أن التعديل الذي تم على نص المادة المشار إليها، بموجب
القانون رقم 152 لسنة 2009، رفع قيد الزميل كليًّا - بأثر فوري - اعتبارًا من
اليوم التالي لنشـــــره في الجريـــــدة الرسمية. طعنت الشركـــــة المدعية على
ذلك الحكم أمام محكمـة النقـض، بالطعـن رقــم 6087 لسنـة 89 قضائيـة، وبجلسـة 23/
3/ 2022، قررت محكمة النقض - في غرفة مشورة - عدم قبول الطعن، لإقامته بعد
الميعاد. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم محكمة الاستئناف، وقرار محكمة النقض
المشار إليهما، يشكلان عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 31/ 7/
2011، في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية دستورية، فقد أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو
أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان
آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع
منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار
المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا
بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على
نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم
دستورية نص تشريعــي، كان حقيقة مضمونه، ونطاق القواعــد القانونية التي يضمها،
والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي
التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنـــال من
جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا
للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهـم، يفترض ثلاثـــة أمور،
أولها: أن تكـــون هـــذه العوائـــق - ســـواء بطبيعتهـــا أو بالنظـــر إلى
نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها
إلـــى تلك الأحكـــام، وربطهـــا منطقيًّــــا بهـا ممكنًـــــا، فإذا لم تكـــن
لهـــا بهـــا مـــن صلـــة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر
غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعـد
طريقًا للطعن في الأحكــام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة
من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها -
يقتصر نطاقها على النصوص التشريعيــة التي كانت مثـارًا للمنازعـة حــول
دستوريتها، وفصلت فيها المحكمــة فصلاً حاسمًا بقضائهـــــا، ولا تمتد إلى غير تلك
النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق
الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق
لها أن قضت بحكمها الصادر بجلســة 31/ 7/ 2011، فــي الدعــوى رقم 101 لسنة 32
قضائيــة دستوريــة، بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (44) من قانون
الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980، المستبدلة بالقانون
رقم 152 لسنة 2009، فيما نصت عليه من أن يُعمل بأحكام هذه المادة اعتبارًا من 1/
12/ 1968، بالنسبة إلى المجندين المؤهلين.
وحيث إن حكم هذه المحكمة المشار إليه،
قــد تسانـــد فــي قضـائــه إلــى تناول نص الفقرة المقضي بعدم دستوريتها مراكز
قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بحكمها، مما ينطوي على أثر رجعي، بإرجاعه أقدمية
المجندين المؤهلين - بعد رفع قيد الزميل - إلى 1/ 12/ 1968، بالمخالفة للإجراءات
المقررة بنص المادة (187) من دستور 1971. متى كان ما تقدم، فإن المناط في اعتبار
النص المقضي بعدم دستوريته منطويًّا على أثر رجعي، يكون في مساسه بالمركز القانوني
الذى اكتمــــل لزميــــل المجند المؤهــــل قبل تعيين الأخيــــر بالجهــــاز الإداري
للدولــــة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامـــة، أو شركـــات القطـــاع
العام، أو قطاع الأعمال العام، مما مؤداه قصر حكم هذه المحكمة المشار إليه، نطاق
السريان الزمني لاستبعاد قيد الزميل، على المجند المؤهل الذى يتم تعيينه، في أي من
الجهات الفائت ذكرها، في تاريخ لاحق على العمل بالنص المستبدل، دون نظيره ممن سبق
تعيينه قبل العمل به، ولو كان مركزه القانوني لم يستقر بعد، في تاريخ العمل بهذا
النص.
متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من
محكمة استئناف القاهرة مأمورية شمال، بجلسة 26/ 12/ 2018، في الاستئناف رقم 3620
لسنة 20 قضائية، المشار إليه سلفًا، مؤداه أحقية المدعى عليه في ضم مدة خدمته
العسكرية، لمدة عمله بالشركة المدعى عليها، على الرغم من أنه تم تعيينه فيها
بتاريخ 30/ 6/ 2008، قبل تاريخ العمل بنص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية
والوطنية المشار إليه، المستبدل حكمها بالقانون رقم 152 لسنة 2009، الذي ألغى قيد
الزميل. ومن ثم، فإن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف السالف الذكر، يكون قد جاء
مخالفًا للأسباب المرتبطة ارتباطًا حتميًا بمنطوق حكم المحكمة الدستورية العليا،
الصادر بجلسة 31/ 7/ 2011، في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية دستورية، ويشكل عقبة
في تنفيذه، يتعين إزاحتها، وإسقاط مسبباتها، التزامًا بأحكام الدستور والقانون،
وإعمالاً للحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في الدعاوى
الدستورية، التي تلزم كل سلطات الدولة - بما فيها الجهات القضائية - باحترام
قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، مما مؤداه عدم الاعتداد بأي عقبة تكون قد
عطلت من هذا التنفيذ أو انحرفت بجوهره أو حدَّت من مداه، الأمر الذي يستنهض ولاية
هذه المحكمة لإزالة تلك العقبة، والمضي في تنفيذ قضائها المار ذكره.
وحيث إن قرار محكمة النقض - في غرفة
مشورة - الصادر بجلسة 23/ 3/ 2022، بعدم قبول الطعن رقم 6087 لسنة 89 قضائية، قد
اقتصر على عدم قبول الطعن شكلاً، للتقرير به بعد الميعاد القانوني، وهو أمر منبت
الصلة بموضوع النزاع الذي فصلت فيه محكمة الاستئناف، فإنه لا يعد بهذه المثابة
عقبة في تنفيذ حكم هذه المحكمة الصادر بجلسة 31/ 7/ 2011، في الدعوى رقم 101 لسنة
32 قضائية دستورية.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف
التنفيذ، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت
المحكمة إلى القضاء في موضوع تلك المنازعة على النحو المتقدم، فإن هذا الطلب يكون
قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم
الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 31/ 7/ 2011، في الدعوى رقم 101 لسنة 32
قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة مأمورية
شمال، بجلسة 26/ 12/ 2018، في الاستئناف رقم 3620 لسنة 20 قضائية. وألزمت المدعى
عليه المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق