الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 مايو 2022

الطعن 10427 لسنة 89 ق جلسة 21 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 73 ص 552

جلسة 21 من يونيو سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ بهاء صالح، وليد رستم، محمد العبد "نواب رئيس المحكمة"، والسيد عامر.

------------------

(73)

الطعن 10427 لسنة 89 ق

(1) عمل "الدعوى العمالية: تقادم الدعوى العمالية: تاريخ بدء التقادم".
الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. سقوطها بانقضاء سنة من تاريخ انتهاء العقد. م 698 مدني. علة ذلك، سريانه على التعويض عن الفصل التعسفي والمطالبة بالأجور ودعاوى بطلان قرار الفصل أو قرار الوقف. العلم بانتهاء العقد الذي يبدأ منه التقادم يكون من تاريخ إخطار العامل بالقرار أو علمه به علما يقينيا.

(2) استئناف "آثار الاستئناف: نطاق الاستئناف".
الحكم. إعلان لفكر القاضي في استعمال سلطته القضائية. استقامة الرأي في مسألة قانونية المحكمة أول درجة. مؤداه. عدم جواز لوم قضاتها من محكمة الدرجة الثانية. أثره. وجوب التزامها بمبدأ التقاضي على درجتين لمواجهة حرمة هذا القضاء وما قد يكون فيه من عيوب.

(3) عمل "الدعوى العمالية: ميعاد رفع الدعوى العمالية".
إصدار الطاعنة أمرا إداريا بفصل المطعون ضدها حال كونها نزيلة بأحد السجون. خلو الأوراق من إخطارها بقرار إنهاء خدمتها. مؤداه. تاريخ إقامتها للدعوى هو تاريخ علمها بهذا القرار.

(4) عمل "سلطة جهة العمل: مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات".
تحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلي شركة مساهمة مصرية. مؤداه. وجوب استمرار رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة في مباشرة أعمالهم بالشركة إلى أن يتم تشكيل إدارة جديدة. المواد 1، 10/2، 11ق 19 لسنة 1998.

(5 ، 6) عمل "إنهاء الخدمة: إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة: إنهاء الخدمة بإرادة رب العمل".
(5) استحداث الطاعنة بلائحتها المعدلة مبدأ عدم جواز توقيع جزائين أصليين عن مخالفة واحدة أو جزائين لا يعتبر أحدهما تبعا للأخر وهو الأصلح للعامل. مؤداه. سريانه بأثر فوري. إصدار الطاعنة قرارها بخفض وظيفة المطعون ضدها إلى الوظيفة الأدنى مباشرة. جزاء تأديبي أصلي. لازمه. عدم جواز توقيع جزاءات أخرى عن ذات المخالفة. قرار الطاعنة بفصل المطعون ضدها كجزاء عن ذات المخالفة. باطل بطلان مطلق متعلق بالنظام العام. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض عنه باعتباره تعسفيا. صحيح.

(6) عدم جواز ألا يقل التعويض عند انتهاء علاقة العمل بدون مبرر عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة. مؤداه. وضع المشرع حد أدنى لتعويض حفاظا على حقوق العامل. منحه محكمة الموضوع الحق في زيادة مبلغ التعويض عن الحد الأدنى جبرا للثابت لديها من ضرر للعامل. م 122ق رقم 12 لسنة 2003.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم الحولي وفقا للمادة 698 من القانون المدني إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء وهو يسري على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي والمطالبة بالأجور، كما يسرى على دعاوى بطلان قرار الفصل أو قرار الوقف باعتبارها جميعا من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، إلا أن هذا التقادم يبدأ من تاريخ العلم بانتهاء العقد بإخطار العامل بالقرار الصادر في هذا الصدد أو علمه به يقينيا.

2 - الحكم هو إعلان الفكر القاضي في استعمال سلطته القضائية، فإذا ما استقام المحكمة أول درجة الرأي في مسألة قانونية التي قد يختلف الرأي بشأنها فليس المحكمة الدرجة الثانية لوم قضاتها بسبب أداء وظيفتهم التي كفل الدستور استقلالهم فيها، بل عليها أن تقوم بدورها كمحكمة الدرجة الثانية - وفق مبدأ التقاضي على درجتين المأخوذ به في التنظيم القضائي المصري - ورعاية للحرمة الواجبة في هذا البنيان - لتواجه قضاء أول درجه وما يكون فيه من عيوب قانونية سواء اتصلت بعدالته أو بصحته.

3 - إذ كان مجلس التأديب لدى الطاعنة قد أصدر قراره بفصل المطعون ضدها بتاريخ 27/1/2011، وتنفيذا لذلك صدر أمر إداري بفصلها بتاريخ 29/6/2011 اعتبارا من التاريخ المشار إليه حال كونها نزيلة بأحد السجون نفاذا للحكم الصادر - حضوريا - بسجنها في القضية رقم ... لسنة 2008 جنايات الإسماعيلية بتاريخ 28/11/2010، وإذ خلت الأوراق من إخطارها بقرار إنهاء خدمتها؛ فيضحي تاريخ إقامتها للدعوى هو تاريخ علمها بهذا القرار، ولا ينال من ذلك ولا يقدح فيه ما ورد بكتاب الطاعنة المؤرخ 17/1/2012 الذي أشارت فيه إلى أنها حفظت تظلم المطعون ضدها لعدم الاختصاص كدليل على علمها اليقيني بفصلها قبل هذا التاريخ، إذ من المقرر أنه لا يجوز للشخص الطبيعي أو المعنوي أن يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلا يحتج به على الغير، فكان الأحرى بالطاعنة أن تقدم رفق كتابها المشار إليه هذا التظلم المقدم من المطعون ضدها كدليل على علمها اليقيني أو ما يفيد إخطارها - كما سلف - بقرار الفصل، وبالتالي فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن انتهى لهذه النتيجة الصحيحة.

4 - إذ كان القانون رقم 19 لسنة 1998 - بتحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية - بعد أن نص في المادة الأولى منه على أن "تحول الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة المصرية للاتصالات وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون"، أوجب في الفقرة الثانية من المادة العاشرة والحادية عشرة منه أن يستمر رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة الحالي في مباشرة أعمالهم بالشركة الجديدة إلى أن يتم تشكيل مجلس إدارة جديد، وأن يستمر العمل باللوائح المنظمة لشئون العاملين بالهيئة لحين إصدار لائحة جديدة للشركة من مجلس إدارتها وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون أنف البيان، ونصت الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن "تسري على العاملين بالشركة أحكام قانون العمل وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس إدارة الشركة"، يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن أحكام اللوائح المنظمة لشئون العاملين بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية المعمول بها قبل صدور القانون رقم 19 لسنة 1998 تظل سارية إلى أن يضع مجلس إدارة الشركة لائحة جديدة وفقا لأحكام هذا القانون فتكون هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بها وتطبق أحكامها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر، وأن قانون العمل مكمل لأحكامها فتسري أحكامه على تلك العلاقات عند خلو اللائحة من نص بشأنها.

5 - إعمالا للمادة 11 من القانون المشار إليه (19 لسنة 1998) أصدر مجلس إدارة الطاعنة القرار رقم 611 لسنة 2003 بشأن لائحة نظام العاملين بالشركة وانتظمت نصوصها حكما في خصوص واجبات العاملين والإجراءات المتبعة في حالة خروج العامل على مقتضيات الواجب الوظيفي وارتكابه ثمة مخالفة بأن نصت في المادة 62/ 1، 7 منها على أنه "يجب على العامل مراعاة أحكام هذه اللائحة وتنفيذها وعليه بصفة خاصة (1) أن يؤدي العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة في المكان المحدد للعمل ... (7) المحافظة على ممتلكات وأموال الشركة ومراعاة صيانتها"، وفي المادة 69/ 1-2 منها على أن "يحظر على العامل (1) مخالفة القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها (2) الإهمال أو التقصير الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للشركة أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك"، وفي المادة 64 على أن "كل عامل يخرج على مقتضى الواجب الوظيفي في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازي ..."، وفي المادة 65 على أنه "لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ..."، وفي المادة 66 على أنه "تصدر لائحة الجزاءات بقرار من مجلس الإدارة وتبين أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها"، وحيث إن الطاعنة سبق وأن أصدرت القرار رقم 795 لسنة 1999 بشأن إصدار لائحة بقواعد الجزاءات التأديبية للعاملين بالشركة - السارية وقت ارتكاب المطعون ضدها للمخالفة المنسوبة إليها - ثم أصدرت القرار رقم 3944 لسنة 2006 بلائحة جزاءات معدلة استحدثت بها بمقتضى نص المادة 6 مبدأ عدم جواز توقيع جزاءين أصليين عن مخالفة واحدة أو جزاءين لا يعتبر أحدهما تبعا للأخر، بعد أن نصت في المادة الثالثة من هذه اللائحة على أن يعمل بالأحكام التالية في شأن المخالفات التأديبية التي يرتكبها العاملون بالشركة ويعمل بقانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة، ويوقع الجزاء المنصوص عليه في أي من هذه الأحكام في حالة ارتكابه المخالفة في أي إدارة من إدارات الشركة ولم يكن منصوص عليها ضمن مخالفات هذه الإدارة"، وفي المادة 12 منها على أن العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين من غير شاغلي الوظائف العليا هي:- (1)... (2) ... (8) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة (9) الفصل من الخدمة، وفي المادة 13 منها على أن "يكون الاختصاص في توقيع الجزاء على النحو التالي: (1)... (4) لمجلس التأديب توقيع كافة العقوبات، كما حدد البندان (2)، (4) من باب المخالفات العامة من تلك اللائحة الجزاء الواجب تطبيقه على المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدها وهي الإهمال في تأدية واجبات الوظيفة مما يؤدي إلى خسائر جسيمة في الأرواح أو الممتلكات، واستغلال سلطة الوظيفة ... "الإحالة لمجلس التأديب، وإذ كان الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة هو من العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وفقا للمادة 12 من لائحة الجزاءات الأخيرة. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة أصدرت بتاريخ 24/7/2005 الأمر الإداري رقم ... لسنة 2005 بخفض وظيفة المطعون ضدها إلى الوظيفة الأدنى مباشرة (من كاتب أول بمنطقة ... إلى كاتب ثاني بذات المنطقة) وهو ما يعني أنها أوقعت عليها جزاء تأديبيا أصليا وفق نص المادة 12 من لائحتها، ومن ثم فلا يجوز توقيع جزاءات أخرى على ذات المخالفة عملا بنص المادة السادسة من لائحة الجزاءات الصادرة بالقرار رقم 3944 لسنة 2006 الواجبة التطبيق على الواقعة؛ بالنظر لكونها لائحة جزائية انتظمت نص مستحدث أصلح للعامل ومن ثم يسري بأثر فوري مباشر واتساقا مع القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وما نصت عليه المادة 62 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 من حظر توقيع أكثر من جزاء وأحد عن المخالفة الواحدة، ولا ينال من ذلك ما قد تتذرع به الطاعنة من أنه محض إجراء تنظيمي، إذ سبق هذا القرار قرار آخر بنقل المطعون ضدها من الوظائف المالية والإدارية من قسم عقود العملاء للعمل بالمكتب الإداري وتكون مسئولة عن دفاتر الحضور والانصراف بناء على القرار الإداري رقم ... الصادر بشهر يوليو 2003 والمتضمن أبعادها عن كافة الأعمال المالية والنقدية والمخزنية والرقابية والإشرافية وكافة أعمال المبيعات والتعامل مع العملاء كأجراء وقائي، ومن ثم فان قرار مجلس التأديب بتوقيع جزاء الفصل عن ذات المخالفة بعد أن جوزيت المطعون ضدها بخفض الوظيفة يكون باطلا بطلانه متعلقة بالنظام العام. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار قرار الطاعنة بفصل المطعون ضدها قرارة تعسفيا ورتب على ذلك قضائه بالتعويض المقضي فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص عجز الفقرة الثانية من المادة 122 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على عدم جواز ألا يقل التعويض عند إنهاء علاقة العمل بدون مبرر عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، مؤداه أن المشرع إنما وضع حد أدنى للتعويض حفاظا منه على حقوق العامل في حدها الأدنى ودون مصادرة منه بحق محكمة الموضوع في زيادة مبلغ التعويض بما يجاوز ذلك جبرا لحجم الضرر الناجم عن إنهاء خدمة العامل دون مبرر. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه الزم الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضدها مبلغ 300 ألف جنيه لما أورده بمدوناته من انه خلص إلى أنها فصلتها تعسفية بما يستوجب التعويض الذي يخضع لتقدير قاضي الموضوع ملتزما بحكم المادة 122 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وكان ما أورده سائغا وكاف لحمل قضائه فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة - الشركة المصرية للاتصالات - الدعوى رقم ... لسنة 2013 عمال شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمتها وإعادتها إلى العمل مع إلزام الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ خمسمائة ألف جنيها تعويضا عما أصابها من أضرار مادية وأدبية وتعويض أجر سنة مقابل مهلة الإخطار وكافة المزايا المستحقة لها اعتبارا من أول ديسمبر 2010 حتى تاريخ صدور الحكم، وقالت بيانا لدعواها إنها كانت من العاملين لدى الطاعنة وأحيلت للمحاكمة الجنائية في القضية رقم .... لسنة 2008 جنايات الإسماعيلية بتهمة تسهيل الاستيلاء على أموال الأخيرة، وصدر حكم بإدانتها فطعنت بالنقض وقضت محكمة الإحالة ببراءتها، وإذ امتنعت الطاعنة عن إعادتها للعمل فأقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت بسقوط حقها في إقامة الدعوى بالتقادم الحولي. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 21 ق، وبتاريخ 21/8/2017 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وندبت خبيرة وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 18/3/2019 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 300 ألف جنيها تعويضا عما أصابها من أضرار. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بهم الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان الأوجه الأول والثاني والثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني تقول الطاعنة إن المطعون ضدها انتهت خدمتها لديها اعتبارا من 27/1/2011 بموجب الأمر الإداري الصادر بتاريخ 29/6/2011 نفاذا لقرار مجلس التأديب لصدور حكم جنائي بحبسها سنة في القضية رقم ... لسنة 2008 جنايات الإسماعيلية، وإذ أقامت دعواها بتاريخ 24/4/2013 بعد مرور أكثر من سنة من تاريخ إنهاء خدمتها وبالتالي فإن حقها في إقامة الدعوى يكون قد سقط بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف بقالة إن المطعون ضدها كانت فاقدة الأهلية القانونية للتقاضي من تاريخ إدانتها بتاريخ 28/1/2010 حتى تاريخ صدور حكم البراءة بتاريخ 17/9/2012؛ رغم أنها استردت أهليتها بعد تنفيذها للعقوبة بتاريخ 27/11/2011 وقضت محكمة النقض بإلغاء حكم الحبس بتاريخ 18/7/2011، فضلا عن تقدمها بتظلم من قرار فصلها تم رفضه في شهر يناير 2012 وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم الحولي وفقا للمادة 698 من القانون المدني إنما راعي الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء وهو يسري على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي والمطالبة بالأجور، كما يسرى على دعاوي بطلان قرار الفصل أو قرار الوقف باعتبارها جميعا من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، إلا أن هذا التقادم يبدأ من تاريخ العلم بانتهاء العقد بإخطار العامل بالقرار الصادر في هذا الصدد أو علمه به يقينيا، ولما كان الحكم هو إعلان لفكر القاضي في استعمال سلطته القضائية، فإذا ما استقام لمحكمة أول درجة الرأي في مسألة قانونية التي قد يختلف الرأي بشأنها فليس لمحكمة الدرجة الثانية لوم قضاتها بسبب أداء وظيفتهم التي كفل الدستور استقلالهم فيها، بل عليها أن تقوم بدورها كمحكمة الدرجة الثانية - وفق مبدأ التقاضي على درجتين المأخوذ به في التنظيم القضائي المصري - ورعاية للحرمة الواجبة. في هذا البنيان - لتواجه قضاء أول درجة وما يكون فيه من عيوب قانونية سواء اتصلت بعدالته أو بصحته. لما كان ذلك، وكان مجلس التأديب لدي الطاعنة قد أصدر قراره بفصل المطعون ضدها بتاريخ 27/1/2011، وتنفيذا لذلك صدر أمر إداري بفصلها بتاريخ 29/6/2011 اعتبارا من التاريخ المشار إليه حال كونها نزيلة بأحد السجون نفاذا للحكم الصادر حضوريا بسجنها في القضية رقم ... لسنة 2008 جنايات الإسماعيلية بتاريخ 28/11/2010، وإذ خلت الأوراق من إخطارها بقرار إنهاء خدمتها؛ فيضحي تاريخ إقامتها للدعوى هو تاريخ علمها بهذا القرار، ولا ينال من ذلك ولا يقدح فيه ما ورد بكتاب الطاعنة المؤرخ 17/1/2012 الذي أشارت فيه إلى أنها حفظت تظلم المطعون ضدها لعدم الاختصاص كدليل على علمها اليقيني بفصلها قبل هذا التاريخ، إذ من المقرر أنه لا يجوز للشخص الطبيعي أو المعنوي أن يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلا يحتج به على الغير، فكان الأحرى بالطاعنة أن تقدم رفق كتابها المشار إليه هذا التظلم المقدم من المطعون ضدها كدليل على علمها اليقيني أو ما يفيد إخطارها - كما سلف - بقرار الفصل، وبالتالي فلا تثريب على الحكم المطعون فيه أن انتهى لهذه النتيجة الصحيحة ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة في خصوص وقف سريان التقادم، أو ما تقوله في شأن قضاة محكمة أول درجة، إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه، ومن ثم فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إنه في بيان الأوجه الرابع والخامس والسادس من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني والسبب الثالث تقول إنها شركة مساهمة مصرية ولها شخصيتها الاعتبارية وتسري على العاملين لديها أحكام قانون العمل وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس إداراتها، ونفاذا لذلك وضعت لائحة بنظام العاملين لديها رقم 611 لسنة 2003 وكذا لائحة بالجزاءات التأديبية رقم 3944 لسنة 2006 والواجبتين التطبيق على النزاع الماثل - وانتظمت نصوصهما أحكام في خصوص خروج العامل على مقتضى الواجب الوظيفي ومساسه بمصلحة من مصالحها المالية والإجراءات الواجب اتباعها في حال ارتكابه ثمة مخالفة والجزاء المقرر توقيعه عليه حال ثبوت ارتكابه لتلك المخالفة، وأعطى لمجلس التأديب الحق في توقيع جزاء الفصل، وإذ ثبت ارتكاب المطعون ضدها للمخالفة المنصوص عليها بالمادتين 63، 64 من لائحتها والمتمثلة في الإهمال والتقصير الذي ترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية لها وخروجها على مقتضيات الواجب الوظيفي فأصدر مجلس التأديب قراره سالف الذكر لما ثبت لديه من التحقيقات الإدارية التي أجرتها وصدور حكم جنائي بإدانتها وأخرين لارتكابهم جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال الشركة؛ وهو ما يعطيها الحق أيضا في فصلها عملا بالمادة 75 من لائحتها للحكم عليها بعقوبة جناية وينفي عنها ارتكاب الخطأ الموجب للتعويض المقرر بالمادتين 163، 166 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالتعويض للمطعون ضدها بقالة إن مجلس التأديب استبق قول القضاء الجنائي كلمته رغم أن صدور حكم لاحق بالبراءة لا يصم قرارها وقت صدوره بالتعسف؛ ذلك أن قرار مجلس التأديب صدر متفقة ولائحتي نظام العاملين والجزاءات والمخالفات الخاصتين بها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن القانون رقم 19 لسنة 1998 - بتحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية - بعد أن نص في المادة الأولى منه على أن "تحول الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة المصرية للاتصالات وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون"، أوجب في الفقرة الثانية من المادة العاشرة والحادية عشرة منه أن يستمر رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة الحالي في مباشرة أعمالهم بالشركة الجديدة إلى أن يتم تشكيل مجلس إدارة جديد، وأن يستمر العمل باللوائح المنظمة لشئون العاملين بالهيئة لحين إصدار لائحة جديدة للشركة من مجلس إدارتها وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون أنف البيان، ونصت الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن "تسري على العاملين بالشركة أحكام قانون العمل وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس إدارة الشركة"، يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام اللوائح المنظمة لشئون العاملين بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية المعمول بها قبل صدور القانون رقم 19 لسنة 1998 تظل سارية إلى أن يضع مجلس إدارة الشركة لائحة جديدة وفقا لأحكام هذا القانون فتكون هي الأساسي في تنظيم علاقات العاملين بها وتطبق أحكامها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر، وأن قانون العمل مكمل لأحكامها فتسري أحكامه على تلك العلاقات عند خلو اللائحة من نص بشأنها وإعمالا للمادة 11 من القانون المشار إليه أصدر مجلس إدارة الطاعنة القرار رقم 611 لسنة 2003 بشأن لائحة نظام العاملين بالشركة وانتظمت نصوصها حكما في خصوص واجبات العاملين والإجراءات المتبعة في حالة خروج العامل على مقتضيات الواجب الوظيفي وارتكابه ثمة مخالفة بأن نصت في المادة 1/62، 7 منها على أنه يجب على العامل مراعاة أحكام هذه اللائحة وتنفيذها وعليه بصفة خاصة: (1) أن يؤدي العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة في المكان المحدد للعمل ... (7) المحافظة على ممتلكات وأموال الشركة ومراعاة صيانتها"، وفي المادة 69/ 1-2 منها على أن "ويحظر على العامل: (1) مخالفة القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها (2) الإهمال أو التقصير الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للشركة أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك"، وفي المادة 64 على أن " كل عامل يخرج على مقتضى الواجب الوظيفي في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازي ..."، وفي المادة 65 على أنه "لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ..."، وفي المادة 66 على أنه "تصدر لائحة الجزاءات بقرار من مجلس الإدارة وتبين أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها"، وحيث إن الطاعنة سبق وأن أصدرت القرار رقم 795 لسنة 1999 بشأن إصدار لائحة بقواعد الجزاءات التأديبية للعاملين بالشركة - السارية وقت ارتكاب المطعون ضدها للمخالفة المنسوبة إليها ثم أصدرت القرار رقم 3944 لسنة 2006 بلائحة جزاءات معدلة استحدثت بها بمقتضى نص المادة 6 مبدأ عدم جواز توقيع جزائين أصليين عن مخالفة واحدة أو جزائين لا يعتبر أحدهما تبعا للأخر بعد أن نصت في المادة الثالثة من هذه اللائحة على أن يعمل بالأحكام التالية في شأن المخالفات التأديبية التي يرتكبها العاملون بالشركة ويعمل بقانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة، ويوقع الجزاء المنصوص عليه في أي من هذه الأحكام في حالة ارتكابه المخالفة في أي إدارة من إدارات الشركة ولم يكن منصوصا عليها ضمن مخالفات هذه الإدارة"، وفي المادة 12 منها على أن "العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين من غير شاغلي الوظائف العليا هي: (1) ... (2) ... (8) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة (9) الفصل من الخدمة"، وفي المادة 13 منها على أن يكون الاختصاص في توقيع الجزاء على النحو التالي: (1) ... (4) لمجلس التأديب توقيع كافة العقوبات"، كما حدد البندان (2)، (4) من باب المخالفات العامة من تلك اللائحة الجزاء الواجب تطبيقه على المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدها وهي "الإهمال في تأدية واجبات الوظيفة مما يؤدي إلى خسائر جسيمة في الأرواح أو الممتلكات، واستغلال سلطة الوظيفة ... الإحالة لمجلس التأديب"، وإذ كان الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة هو من العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وفقا للمادة 12 من لائحة الجزاءات الأخيرة. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة أصدرت بتاريخ 24/7/2005 الأمر الإداري رقم ... لسنة 2005 بخفض وظيفة المطعون ضدها إلي الوظيفة الأدنى مباشرة (من كاتب أول بمنطقة ... إلى كاتب ثان بذات المنطقة) وهو ما يعني أنها أوقعت عليها جزاء تأديبيا أصليا وفق نص المادة 12 من لائحتها، ومن ثم فلا يجوز توقيع جزاءات أخرى على ذات المخالفة عملا بنص المادة السادسة من لائحة الجزاءات الصادرة بالقرار رقم 3944 لسنة 2006 الواجبة التطبيق على الواقعة؛ بالنظر لكونها لائحة جزائية انتظمت نص مستحدث أصلح للعامل ومن ثم يسري بأثر فوري مباشر، واتساقا مع القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وما نصت عليه المادة 62 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 من حظر توقيع أكثر من جزاء واحد عن المخالفة الواحدة، ولا ينال من ذلك ما قد تتذرع به الطاعنة من أنه محض إجراء تنظيمي، إذ سبق هذا القرار قرار آخر بنقل المطعون ضدها من الوظائف المالية والإدارية من قسم عقود العملاء للعمل بالمكتب الإداري وتكون مسئولة عن دفاتر الحضور والانصراف بناء على القرار الإداري رقم ... الصادر بشهر يوليو 2003 والمتضمن إبعادها عن كافة الأعمال المالية والنقدية والمخزنية والرقابية والإشرافية وكافة أعمال المبيعات والتعامل مع العملاء كإجراء وقائي، ومن ثم فإن قرار مجلس التأديب بتوقيع جزاء الفصل عن ذات المخالفة بعد أن تم مجازاة المطعون ضدها بخفض الوظيفة يكون باطلا بطلانه متعلقة بالنظام العام. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلي اعتبار قرار الطاعنة بفصل المطعون ضدها قرارة تعسفية ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض المقضي فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ويضحى النعي عليه غير مقبول.
وحيث إنه وفي بيان الوجه الثالث من السبب الثاني تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه ألزمها بتعويض مغالي فيه دون أن يبين عناصر الضرر التي لحقت بالمطعون ضدها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص بعجز الفقرة الثانية من المادة 122 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على عدم جواز ألا يقل التعويض عند إنهاء علاقة العمل بدون مبرر عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، مؤداه أن المشرع إنما وضع حدا أدني للتعويض حفاظا منه على حقوق العامل في حدها الأدنى ودون مصادرة منه بحق محكمة الموضوع في زيادة مبلغ التعويض بما يجاوز ذلك جبرا لحجم الضرر الناجم عن إنهاء خدمة العامل دون مبرر. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه ألزم الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 300 ألف جنيه لما أورده بمدوناته من أنه خلص إلى أنها فصلتها تعسفيا بما يستوجب التعويض الذي يخضع لتقدير قاضي الموضوع ملتزما بحكم المادة 122 من قانون العمل رقم 12 سنة 2003، وكان ما أورده سائغا وكافئ لحمل قضائه فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق