تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية
بشأن مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات
المدنية والتجارية، والاثبات في المواد المدنية والتجارية والعقوبات
والاجراءات الجنائية،
وحالات اجراءات الطعن أمام محكمة النقض،
ورسوم التوثيق والشهر
أحال السيد رئيس
الجمهورية الى مجلس الشورى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية
والتجارية، والاثبات في المواد المدنية والتجارية, والعقوبات, والإجراءات
الجنائية، وحالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ورسوم التوثيق والشهر.
وبتاريخ 31 مارس 1991،
أحال السيد الأستاذ الدكتور رئيس المجلس المشروع السالف الى لجنة الشئون الدستورية
والتشريعية لدراسته واعداد تقرير عنه يعرض على المجلس.
وقد عقدت اللجنة أربعة
اجتماعات مطولة حضر أحدها السيد المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل، وحضر باقيها
السادة المستشارون الدكتور فتحى نجيب وكيل وزارة العدل لشئون التشريع، ورفيق
الدهشان وعبد الرحيم عامر ممثلين لوزارة العدل.
وقد تدارست اللجنة في هذه
الاجتماعات أحكام المشروع المعروض ومذكرته الايضاحية، واسترجعت
أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968، وقانون الاثبات في المواد
المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968، وقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وقانون الإجراءات
الجنائية رقم 150 لسنة 1950، والقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات واجراءات
الطعن أمام محكمة النقض، والقانون رقم 70 لسنة 1964 في شأن رسوم التوثيق والشهر.
وما طرأ على هذه القوانين من تعديلات.
وتتشرف اللجنة بأن تورد
فيما يلى تقريرها بنتيجة دراستها لأحكام المشروع المعروض:
من أهم ما تحرص عليه
الدولة، في ظل سيادة القانون، كفالة حق التقاضى للمواطنين كافة، وتبسيط اجراءاته،
والعمل على تحقيق عدالة سريعة ميسرة، تكفل وصول الحقوق لأربابها في غير عنت، أو
مشقة أو ارهاق. وقد صدر قانون المرافعات المدنية والتجارية المعمول به حاليا منذ
أكثر من عشرين عاما، وبرغم ما استحدثه هذا القانون من وجوه الاصلاح والتيسير، وما
أدخله من تعديلات على القانون السابق عليه والصادر سنة 1949، فان اجراءات الخصومة
أمام القضاء ما تزال تتسم بالبطء في بعض مراحلها، وما يزال القضاء مرهقا بفضول من
الاجراءات ينبغى اختزالها والتخفف منها توفيرا للجهد والوقت، وتحقيقا لسرعة البت
في المنازعات. يضاف الى ذلك ما جد خلال السنوات العشرين الأخيرة من تغيرات
اقتصادية انعكس آثرها على بعض أحكام هذا القانون، وما أظهره التطبيق العملى لنصوصه
من أوجه النقص والقصور التى ينبغى سرعة العمل على علاجها. ومن أجل ذلك تقدمت
الحكومة بمشروع القانون المعروض الذى يكفل تحقيق المزيد من الخطوات في سبيل
التعجيل بحسم المنازعات وازالة بعض المعوقات الاجرائية التى تطيل أمد الخصومة
القضائية، وعلاج ما كشفت عنه التجربة من ثغرات في القانون القائم.
وقد اقتضى تعديل قانون
المرافعات المدنية والتجارية اعادة النظر في بعض النصوص المتصلة به في قوانين أخرى
رؤى أن يشملها التعديل حتى يأتى المشروع مكتملا، ومحققا للغرض المنشود منه، دون
حاجة لتعديل هذه النصوص بقوانين متفرقة مستقلة.
وفيما يلى بيان بأهم
الخطوط الرئيسية والأهداف العامة للمشروع:
أولا - الاختصاص القيمى للمحاكم الجزئية والابتدائية:
يقوم المعيار الرئيسى
لتوزيع الاختصاص بين المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية على أساس قيمة الدعوى،
اعتبارا بأن هذه القيمة تمثل مدى حجم النزاع وأهميته. وبناء على ذلك جرت نصوص
قانون المرافعات الحالى على أن تختص المحكمة الجزئية بالفصل ابتدائيا في الدعاوى
التى لا تجاوز قيمتها خمسمائة جنيه، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا
تجاوز خمسين جنيها، بينما تختص المحكمة الابتدائية بجمع الدعاوى التى ليست من
اختصاص المحكمة الجزئية، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز
خمسمائة جنيه (المادتان 42، 47).
وقد ترتب على ما طرأ من
انخفاض كبير على قيمة العملة في السنوات العشرين الأخيرة ان اختل هذا المعيار
وأصبح بعيدا عن الواقع، فازدحمت المحاكم الابتدائية بكثير من القضايا التى تعتبر
قليلة الأهمية والتى كان ينبغى أن تكون أصلا من اختصاص المحاكم الجزئية. تضاعف على
المحاكم الابتدائية عبء نظر استئناف القضايا التى تزيد قيمتها على خمسين جنيها.
وقد تصدى المشروع المعروض
لعلاج هذا الوضع بما يتمشى مع الواقع، ويتناسب مع ما طرأ من انخفاض كبير على قيمة
العملة، فرفع النصاب الابتدائى لاختصاص المحكمة الجزئية الى خمسة آلاف جنيه بدلا
من خمسمائة جنيه، كما رفع النصاب الانتهائى (أى الذى لا يقبل الاستئناف) لهذه
المحكمة الى خمسمائة جنيه بدلا من خمسين جنيها.
لا شك أن هذا التعديل في الاختصاص
يحقق فائدتين على درجة كبيرة الأهمية:
أولاهما: تخفيف العبء عن
المحاكم الابتدائية بما يجعلها تتفرغ للقضايا كبيرة القيمة، ويمكنها من الاسراع في
نظرها والفصل فيها.
الفائدة الثانية: هى
التيسير على المتقاضين، وتجنيبهم مشقة الانتقال الى المحاكم الابتدائية (التى لا
توجد الا في عواصم المحافظات) وذلك بتوسيع اختصاص المحاكم الجزئية القريبة من
مواطنهم ليشمل اختصاصهم كثيرا من القضايا التى تدخل الآن في اختصاص المحاكم الابتدائية،
وهو ما يحقق المبدأ الذى نصت عليه المادة 68 من الدستور من تقريب جهات القضاء من
المتقاضين.
ثانيا - زيادة الغرامات والكفالات:
لم يقف ما طرأ من تغيير
في قيمة العملة عند التأثير على قواعد توزيع الاختصاص بين المحاكم الجزئية
والابتدائية. وإنما انعكس أثره انعكاسا شديدا شديدا على كثير من أحكام قانون
المرافعات، وفى مقدمتها الأحكام الخاصة بالغرامات التى خول القانون للمحاكم
توقيعها على الخصوم الذى يتراخون في تنفيذ الاجراءات التى يتطلبها القانون أو تأمر
بها المحكمة، أو يعمدون الى تعطيل السير في الدعوى، وكذلك الكفالات التى فرضها
القانون ضمانا لجدية بعض الاجراءات، حتى فقدت هذه الغرامات والكفالات الأثر
المنشود منها في ضمان حسن سير العدالة والاسراع بالبت في المنازعات.
بل لقد أدى ما انتهت اليه
هذه الغرامات من ضآلة القيمة، الى تشجيع بعض العابثين والمماطلين من الخصوم الى
تعمد تعطيل السير في الدعوى في مقابل تحمل هذه الغرامات غير المؤثرة.
ويكفى أن تقدم اللجنة بعض
الأمثلة البارزة على ذلك. منها ما يلجأ اليه بعض الخصوم من اشارة ادعاءات غير جدية
بتزوير بعض المستندات التى يقدمها الطرف الآخر، فيستطيعون بذلك تعطيل نظر الدعوى
شهورا طويلة حتى يتم تحقيق الادعاء بالتزوير، وهو تحقيق طويل ومتعدد الاجراءات.
فاذا قضى في النهاية برفض الادعاء بالتزوير، فان المحكمة تحكم على مدى التزوير
بغرامة تتراوح بين 25 جنيها ومائة جنيه (مادة 156). وهو مبلغ أصبح ضئيلا بعد
انخفاض قيمة العملة بحيث يلجأ الخصم الى رفعه مختارا راضيا في سبيل تعطيل الفصل في
الدعوى واضافة شهور طويلة الى عمر النزاع.
كما أن من هذه الأمثلة ما
يلجأ اليه بعض الخصوم - اذا أعيتهم الحيل لتأجيل نظر الدعوى - الى رد القاضى عن
نظرها لأسباب وهمية أو ادعاءات غير صحيحة، فيصلون بذلك الى وقف السير في الدعوى
حتى يفصل في طلب الرد. فاذا حكم في النهاية برفض الرد فأن الغرامة التى تحكم بها
المحكمة في هذه الحالة تتراوح بين عشرين جنيها ومائة جنيه، وقد أدى ضعف هذا الجزاء
الى الاسراف في طلبات الرد غير الجدية التى تعطل سير العدالة، وتسئ الى سمعة
القضاء.
هذه الأمثلة وغيرها تقطع
بأن الغرامات التى يفرضها قانون المرافعات أصبحت غير مؤثرة ولا تحقق الهدف المقصود
منها. لذلك أحسن المشروع صنعا بعلاج هذا الوضع، وزيادة قيمة هذه الغرامات الى عشرة
أمثالها. وكذلك زيادة قيمة الكفالات الى خمسة أمثالها (المادة الخامسة من المشروع).
والعلة في التفرقة بين
مقدار الزيادة في الغرامات ومقدار الزيادة في الكفالات هى أن الغرامات تعتبر
عقوبات مالية ينبغى أن يتحقق فيها معنى الردع، أما الكفالات فهى تأمين لضمان جدية
الاجراءات، ولذلك فانها ترد لصاحبها اذا حكم لصالحه.
ثالثا - نصاب الاثبات بشهادة الشهود:
وتمشيا مع رفع قيمة
المعايير المالية في القانون، رفع المشروع نصاب المعاملات المالية التى يجوز اثبات
المديونية فيها بشهادة الشهود الى مائة جنيه بدلا من عشرين جنيه (المادتين 60، 61
من قانون الاثبات).
رابعا - التقليل من الاعلانات القضائية خلال سير الدعوى:
اثبتت التجربة أن من
الأمور التى تعوق سير الخصومة أمام القضاء وتطيل مدتها، كثرة الاعلانات القضائية
التى يتطلبها القانون، وهى اعلانات كثيرا ما ترهق الخصوم، وتقتضيهم الكثير من
الجهد والوقت، وتعطل سير الدعوى.
ولا شك أن هناك طائفة من
هذه الاعلانات يمكن الاستغناء عنها دون اخلال بالضمانات الأساسية للتقاضى. ومن أجل
ذلك اتجه المشروع الى الاستغناء عن اجراء الاعلان القضائى في بعض الحالات التى لا
تقتضيها الضرورة حتى لا يتعطل السير في الدعوى. ومن أهم هذه الحالات:
1 - حالة وجوب اعلان الخصوم
بالأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى، وكذلك بقرارات فتح باب المرافعة بعد حجز
الدعوى للحكم.
اذ المفروض أن يتتبع
الخصوم الذين حضروا احدى جلسات نظر الدعوى أو قدموا مذكرة فيها، الجلسات التالية
لنظرها والحكم فيها، دون حاجة الى اعادة اعلانهم طالما كان سير الجلسات متسلسلا
ولم يتخلله أى عطلات. لذلك اعتبر المشروع النطق بالحكم أو بقرار فتح باب المرافعة
في هذه الحالات بمثابة اعلان للخصوم (المادة 174 مكررا من المشروع)، فلا يلزم
اعلانهم الا في حالة انقطاع تسلسل الجلسات.
2 - حالة وجوب اعلان المدعى
عليه الذى يتخلف عن حضور الجلسة الأولى اذا لم يكن قد أعلن لشخصه (المادة 84 من
قانون المرافعات). فقد استغنى المشروع عن هذا الاعلان الثانى في حالة ما اذا كان
المدعى عليه شخصا معنويا، واعتبر اعلان الشخص المعنوى في مركز ادارته، في جميع
الأحوال، بمثابة اعلان عن شخصه، استنادا الى أن الشخص المعنوى شخص وهمى ليس له
كيان مادى مستقل عن شخصيته الاعتبارية. لذلك أضاف المشروع فقرة جديدة الى المادة
84 من قانون المرافعات تقضى بأنه اذا أعلنت صحيفة الدعوى لشخص اعتبارى في مركز
ادارته اعتبر معلنا لشخصه في تطبيق أحكام هذه المادة.
خامسا - التوسع في تطبيق نظام أمر الأداء:
أدخل نظام أوامر الأداء
في القضاء المصرى سنة 1949. وهو نظام مبسط يمكن الدائن بدين ثابت بالكتابة من
الحصول من القضاء على أمر بأداء الدين، دون حاجة الى اجراءات التقاضى العادية وما
تتطلبه من الجهد والوقت.
وقد حقق هذا النظام نجاحا
كبيرا، حيث تدل الاحصاءات على أن الغالبية العظمى من طلبات الأداء قد قبلت، ولم
يتم التظلم أمام المحكمة الا في نسبة قليلة منها، كما أن نسبة الأحكام الصادرة في هذه
التظلمات بالغاء الأمر لا تتجاوز 11%.
ولا شك أن هذا النجاح،
وما ترتب عليه من تقليل المنازعات التى تطرح على القضاء بالاجراءات العادية، يدعو
الى توسيع نطاق هذا النظام لذلك اتجه المشروع الى التوسع في الحالات التى يتبع
فيها نظام أمر الأداء بحيث تشمل - الى جانب الديون التى يكون محلها مبالغ نقدية،
أو تسليم المنقول المعين بنوعه (المثليات) - حالة طلب تسليم المنقول المعين بذاته،
وبذلك يستطيع من يتعاقد على شراء سيارة أو منقولات معينة بذاتها، أن يطالب
بتسليمها بنظام أمر الأداء متى توافرت شروطه.
سادسا - التيسير على الخصوم والتخفيف من بعض الاجراءات:
تزدحم الخصومة القضائية
بكثير من الاجراءات التى قد تطيل أمد النزاع، وتؤخر السير في الدعوى وترهق كامل
الخصوم. لذلك اتجه المشروع الى التخفف من بعض هذه الاجراءات، تيسيرا على الخصوم
واقتصادا في الوقت، وتحقيقا لسرعة البت في المنازعات، مع المحافظة في ذات الوقت
على ضمانات التقاضى.
ومن هذه الاجراءات ما
يوجبه القانون من الحكم بانقطاع سير الخصومة اذا توفى أحد الخصوم أثناء سير الدعوى
أو فقد أهليته أو زالت صفته، وما يترتب على ذلك من توقف السير في الدعوى، حتى يتم
تعجيلها باعلان جميع الخصوم بالجلسة الجديدة.
وقد أثر المشروع في سبيل
التيسير على الخصوم، أن يتيح لهم الحق في طلب تأجيل الدعوى لاعلان من يقوم مقام
الخصم الذى توفى أو فقد أهليته أو زالت صفته، بدلا من انقطاع سير الخصومة، وأوجب
على المحكمة اجابة هذا الطلب، واتاحة الفرصة أمام الخصوم للقيام بهذا الاعلان،
بحيث لا يكون لها أن تقضى بانقطاع الخصومة الا اذا تخلف الخصومة عن القيام بهذا
الاعلان في الأجل الذى تحدده دون عذر مقبول (المادة 130 من المشروع).
وفى سبيل عدم اطالة أمد
التقاضى أتجه المشروع كذلك الى تخفيض مدة وقف الدعوى الجزائى الذى تحكم به المحكمة
على المدعى اذا تخلف عن القيام باجراء يوجبه القانون، فجعل هذه المدة ثلاثة أشهر
بدلا من ستة أشهر (مادة 99 من المشروع).
ولما كان الهدف من اعلان
صحيفة الدعوى هو اتصال علم المدعى عليه بقيام النزاع ودعوته للحضور أمام المحكمة
لتقديم دفاعه، بحيث لا تنعقد الخصومة الا بهذا الاعلان، وكان في حضور المدعى عليه
عن تلقاء نفسه أمام المحكمة أو تقديم مذكرة بدفاعه وما يتحقق به هذا الغرض، فقد
اتجه المشروع الى اعتبار حضور المدعى عليه بالجلسة أو تقديم مذكرة بدفاعه كافيا
لانعقاد الخصومة، دون حاجة الى اعلان (المادة 68 فقرة ثالثة من المشروع).
وحتى لا تظل الدعوى معلقة
أمام القضاء لمدة طويلة، اتجه المشروع الى عدم جواز تكرار الحكم بشطب الدعوى في حالة
تغيب الطرفين عن الحضور، بحيث اذا استأنفت الدعوى سيرها بعد الحكم بشطبها، ثم عاد
الطرفان الى التغيب عن الحضور من جديد، فلا يجوز الحكم بشطب الدعوى للمرة الثانية،
وانما تحكم المحكمة، في هذه الحالة، باعتبار الدعوى كأن لم تكن (المادة 92).
سابعا - وضع تنظيم جديد لرد القضاة:
يحول القانون للخصوم حق
رد القاضى عن نظر النزاع اذا أقام به سبب من أسباب الرد المبينة في القانون والتى
قد تدعو الى مظنة التأثير على حيدته.
ونظرا لما شاع في السنوات
الأخيرة من اساءة استخدام هذا الحق انتشار طلبات الرد غير الجدية التى يتخذها بعض
الخصوم وسيلة لتعويق السير في الدعوى، ووقف نظرها لمدة طويلة حتى يقضى نهائيا في طلب
الرد، وما لذلك جميعه من أثر على حسن سير العدالة، والاساءة - بغير حق - الى سمعة
رجال القضاء ونزاهتهم، حرص المشروع على مواجهة هذه الظاهرة بوضع تنظيم جديد لرد
القضاة بما يحد من اساءة استخدام هذا الحق، ويكفل - في ذات الوقت - سرعة الفصل في طلب
الرد حتى لا يتعطل السير في النزاع الأصلى.
ولم يكتف المشروع في ذلك
بزيادة قيمة الغرامة، والتى يقضى بها في حالة رفض طلب الرد أو سقوطه أو عدم قبوله،
وكذلك زيادة مقدار الكفالة يحكم بمصادرتها في هذه الحالات على نحو ما أشار اليه
التقرير فيما سلف.
وانما أوجب - فوق ذلك -
أن ينظر طلب الرد على درجة واحدة، وأن يعهد بالفصل فيه الى محكمة الاستئناف. بعد
أن كان ينظر في القانون الحالى على درجتين بالنسبة لرد قضاة المحاكم الجزئية
والمحاكم الابتدائية.
كما أوجب المشروع كذلك
الفصل في طلب الرد في موعد لا يجاوز شهرين (المادة 157 من المشروع).
ولم يجز المشروع رد أحد
أعضاء الدائرة التى تنظر طلب الرد حتى لا يتخذ ذلك وسيلة لتعطيل الفصل في الطلب -
كما حظر كذلك رد جميع قضاه أو مستشارى المحكمة أو بعضهم بحيث لا يبقى منهم من يكفى
للحكم في الدعوى الأصلية، أو طلب الرد.
وكان القانون القائم يقصر
هذا الحكم على مستشارى محكمة النقض وحدها.
وحتى لا يتخذ رد القاضى
مجرد وسيلة لتعطيل الدعوى الأصلية ووقف السير فيها انتظارا للفصل في طلب الرد،
أجاز المشروع لرئيس المحكمة أن يندب قاضيا بدلا من القاضى المطلوب رده، حتى يستمر
نظر هذه الدعوى، ولا يتأثر سيرها بتقديم طلب الرد. وكان ذلك مقصورا في القانون
القائم على حالات الاستعجال.
ثامنا - اجراءات الطعن بالنقض:
تعاقب على اجراءات الطعن
بالنقض نظامان مختلفان أولهما: أن يكتفى الطاعن بأن يقدم مع صحيفة الطعن صورة
رسمية من الحكم المطعون فيه مع المستندات المؤيدة لطعنه.
وثانيهما: هو ضم ملف
الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، وهو النظام المعمول به حاليا وفقا للمادة
255 من قانون المرافعات.
وقد أثبتت التجربة رجحان
النظام الأول، وكثرة عيوب النظام الثانى اذا فضلا عما أدى اليه نظام العمل بضم
الملف من تعريض المستندات والأوراق للضياع، وتعطيل نظر الطعن انتظارا لورود الملف.
فان ضم ملف الدعوى الموضوعية - في ذاته - من شأنه أن يبعد محكمة النقض عن وظيفتها
الأولى بوصفها محكمة القانون، ويؤدى الى اتفاق الوقت في قراءة ومراجعة أوراق تتصل
بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة محكمة النقض، ولا يقتضيها الفصل في الطعن.
يضاف الى ذلك أنه كثيرا ما يحدث أن تفصل محكمة الاستئناف في شق من النزاع وتستمر
في نظر الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات. فاذا طعن بالنقض في هذا الشق، فان ضم الملف
من شأنه أن يعطل الفصل في الشق الباقى من النزاع، كما أن عدم ضمه أن يعطل الفصل في
الطعن بالنقض، وهى نتيجة غير مقبولة في الحالين.
ومن أجل ذلك جميعه اتجه
المشروع الى العدول عن نظام ضم ملف الدعوى الى الطعن بالنقض. ولما كانت الحكمة
التى دعت الى الأخذ بهذا النظام هى ما يعانيه الخصوم من صعوبات في استخراج صور
الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض نظرا لوجوب أداء جميع الرسوم
المستحقة على الدعوى في مرحلتها الابتدائية والاستئنافية عند استخراج هذه الصور.
لذلك عنى المشروع بتذليل هذه العقبة، والتيسير على الخصوم، بأن أوجب على قلم كتاب
المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أن يسلم لمن يشاء من الخصوم أن ما يطلبه من
صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق بدون رسوم، على أن تذيل هذه الصور بعبارة
"لتقديمها لمحكمة النقض".
كما أجاز المشروع - في الوقت
ذاته - لمحكمة النقض أن تأمر بضم الملف اذا هى قدرت لزوم الاطلاع عليه. وحتى لا
يتأخر الفصل في الطعن في هذه الحالة أوجب المشروع على قلم كتاب المحكمة التى أصدرت
الحكم أن يرسل الملف خلال سبعة أيام من تاريخ طلبه.
وعملا على توحيد ميعاد
الطعن بالنقض في الدعويين المدنية والجنائية أطال المشروع ميعاد الطعن في الدعوى
الجنائية فجعله ستين يوما بدلا من أربعين يوما حتى يتساوى مع ميعاد الطعن في الدعوى
المدنية، وحتى ينفسح الوقت أمام الخصوم لاعداد وتقديم أسباب الطعن.
ونظرا للمزايا العديدة
التى اشتمل عليها المشروع المعروض، والتى فصلتها اللجنة فيما سلف، انتهى رأى
اللجنة الى الموافقة عليه مع اقتراح التعديلات القليلة الآتية:
1 - تعديل المادة 159 من
قانون المرافعات الواردة في المادة الثانية من المشروع، بحيث يصبح نصها بعد
تعديلها كالآتى:
"تحكم المحكمة عند رفض طلب
الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو اثبات التنازل عنه، على طالب الرد بغرامة
لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ألف جنيه ومصادرة الكفالة. وتضاعف الغرامة اذا
كان الرد مبنيا على الوجه الرابع من المادة 148، أو اذا كان طلب الرد مقدما لمرة
أخرى في ذات الدعوى من نفس طالب الرد".
"وفى كل الأحوال تتعدد
الغرامة بتعدد القضاة المطلوب ردهم. ويعفى طالب الرد من الغرامة اذا تنازل عن
الطلب في الجلسة الأولى، أو اذا كان التنازل بسبب تنحى القاضى المطلوب رده أو نقله
أو انتهاء خدمته".
وعلة هذا التعديل هى ما
رأته اللجنة من وجوب مضاعفة الغرامة على طالب الرد اذا عاد وقدم طلب رد جديدا في ذات
الدعوى بعد اخفاقه في طلبه الأول، ومما يدل عليه ذلك من امعانه في الكيدية،
واصراره على تعطيل السير في الدعوى.
كما رأت اللجنة كذلك
اعفاء طالب الرد من الغرامة اذا تنازل عن طلبه بسبب تنحى القاضى المطلوب رده أو
نقله أو انتهاء خدمته، لأن تنازله عن الرد في هذه الحالات، يكون له ما يبرره مما
لا يسوغ معه توقيع جزاء عليه.
2 - تصحيح صياغة الفقرة
الثانية من المادة 210 من قانون المرافعات الواردة في المادة الثانية من المشروع،
باستبدال عبارة "ثمانية الأيام التالية" بعبارة "ثمانية أيام
التالية" الواردة في هذه الفقرة.
3 - تعديل المادة 499 من
قانون المرافعات الواردة في المادة الثانية من المشروع، يجعل الحد الأقصى للغرامة
المنصوص عليها في هذه المادة "ألفى جنيه" بدلا من "ثلاثة آلاف
جنيه" وذلك حتى تتسق مع نسبة الزيادة في الغرامات التى جرى عليها المشروع وهى
عشرة أمثال.
4 - استبعاد الفقرة الثالثة
من المادة 65 من قانون المرافعات المضافة بمقتضى المادة الثالثة من المشروع، وكذلك
استبعاد المادة التاسعة من المشروع، وذلك بناء على طلب السيد المستشار وزير العدل
حيث سبق تعديلها بالقانون 6 لسنة 1991 بشأن رسوم التوثيق والشهر.
5 - تعديل الفقرة الثانية من
المادة 171 من قانون المرافعات المضافة للمادة الثالثة من المشروع، بحذف عبارة
"وما يكون مرفقا بها من مستندات" الواردة في هذه الفقرة، حيث رأت اللجنة
عدم جواز تقديم مستندات بعد اقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم.
6 - تعديل المادة 44 مكررا من
قانون المرافعات المضافة بالمادة الرابعة من المشروع، وذلك بتحديد ميعاد ثلاثة
أيام لاعلان ذوى الشأن بقرار النيابة الصادر بالاجراء الوقتى، وكذلك بأن يكون قرار
قاضى الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ قرار النيابة بناء على طلب المتظلم، وبذلك يصبح
نص المادة 44 مكررا بعد تعديله كالآتى:
"يجب على النيابة - متى
عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية، أن تصدر فيها قرار
وقتيا مسببا واجب التنفيذ فورا. ويصدر القرار المشار اليه من عضو نيابة بدرجة وكيل
نيابة عن الفئة الممتازة على الأقل، وعلى النيابة اعلان هذا القرار لذوى الشأن
خلال ثلاثة أيام من صدوره".
"ويكون التظلم من هذا
القرار لكل ذى شأن، في جميع الأحوال، أمام القاضى المختص بالأمور المستعجلة بدعوى
ترفع بالاجراءات المعتادة في ميعاد خمسة عشر يوما من يوم اعلانه بالقرار. ويحكم
القاضى في التظلم بحكم وقتى بتأييد القرار أو بتعديله أو بالغائه، وله - بناء على
طلب المتظلم - أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه الى أن يفصل في التظلم".
واللجنة - اذ تتشرف بعرض
تقريرها عن المشروع المعروض - لترجو المجلس الموقر الموافقة على ما انتهى اليه هذا
التقرير وعلى مواد المشروع على النحو المبين بالجدول المرافق.
رئيس
اللجنة |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق