جلسة 21 من يناير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عادل بيومي نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف،
سعيد غرياني، عبد المنعم الشهاوي وعبد الحميد الحلفاوي.
------------------
(44)
الطعن رقم 83 لسنة 56
القضائية "أحوال شخصية"
(1،2) أحوال شخصية "دعوى
الأحوال الشخصية" "إجراءات".
(1)الدفع بعدم الدستورية. لا يوجب على المحكمة التي يثار أمامها وقف
السير فيها متى رأت أنه لا يتسم بالجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل في
الموضوع.
(2) رفض الدفع بعدم دستورية المادة 24 من لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية لعدم جديته. صحيح. لا يعيب الحكم عدم ذكر الأسباب التي بني عليها
رفضه طالما انتهى إلى النتيجة الصحيحة.
(5 - 3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". أحوال شخصية
"دعوى الأحوال الشخصية" "الإثبات: شهادة الشهود". نقض
"السبب الجديد".
(3) محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أدلة الدعوى
والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها، طالما جاء استخلاصها سائغاً مما له
أصله الثابت في الأوراق.
(4) الأصل. سماع شهود النفي في
نفس الجلسة التي سُمع فيها شهود الإثبات. مخالفة ذلك لا يرتب البطلان.
(5) عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بالبطلان
الناشئ عن قصور حكم التحقيق في بيان الوقائع المراد إثباتها ونفيها. أثره. عدم
جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(6) أحوال شخصية "المسائل
الخاصة بالمسلمين" "التطليق للضرر".
الضرر في مجال التطليق.
مقصوده. إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر
معاملته لها في العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها. لمحكمة
الموضوع الاستناد إلى جميع صور سوء المعاملة التي تتلقاها المطعون عليها من الطاعن
ولو لم تكن قد عددتها في صحيفة الدعوى.
(7) أحوال شخصية دعوى
"نظر الدعوى". محاماة. صلح.
للمحامي أن ينيب عنه في
إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في توكيله هو
ما يمنع ذلك. عرض الصلح على طرفي النزاع في حضور المحامي الذي أنابه وكيل المطعون
ضدها في الحضور عنه ورفضه. كاف لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح.
--------------
1 - النص في المادة 25 من
قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن تختص هذه
المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح وفي المادة 29 من ذات
القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح
على الوجه التالي: (أ)...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى
المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت
المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا
يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا........" -
يدل على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التي يثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون
الدعوى مطروحة عليها، وقف السير فيها إذا هي ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع
الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل في موضوع تلك الدعوى.
2 - لما كان مبنى الدفع
بعدم دستورية المادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي جعلت الاختصاص المحلي
بنظر دعاوي الطلاق معقوداً لمحكمة موطن المدعي أو المدعى عليه، أن هذه المادة
تخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي تجعل الاختصاص بنظر هذه الدعاوي لمحكمة موطن
الزوج دون ما عداها، وإذ كانت أحكام الشرعية الإسلامية قد جاءت خلواً من تنظيم
قواعد الاختصاص المحلي للمحاكم مما يكون الدفع بعدم دستورية المادة 24 من اللائحة
الشرعية لمخالفتها الشريعة الإسلامية غير جدي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض
الدفع بعدم الدستورية المبدي من الطاعن لعدم جديته فإنه يكون قد أعمل القانون على
وجهه الصحيح ولا يعيبه عدم ذكره الأسباب التي بني عليها رفض الدفع طالما انتهى إلى
هذه النتيجة الصحيحة.
3 - لمحكمة الموضوع -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وفي بحث
الدلائل والمستندات المقدمة لها وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن
إليها منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من
محكمة النقض، طالما جاء استخلاصها سائغاً مما له أصله الثابت في الأوراق.
4 - الأصل سماع شهود
النفي في نفس الجلسة التي سُمع فيها شهود الإثبات إلا أن هذا ليس أمراً حتمياً
يترتب على مخالفته البطلان بل ترك المشرع تنظيمه للمحكمة التي تتولى إجراء التحقيق
فلها أن ترجئ سماع شهود النفي إلى جلسة أخرى غير التي سمعت فيها شهود الإثبات إذا
حال دون سماعهم في نفس الجلسة مانع والمحكمة تقدر هذا المانع بغير معقب فإن النعي
في هذا الصدد يكون على غير أساس.
5 - لما كانت قواعد
الإثبات غير متعلقة بالنظام العام وإذ لم يتمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بالبطلان
الناشئ عن قصور حكم التحقيق في بيان الوقائع المراد إثباتها ونفيها، فلا يجوز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
6 - لما كان النص في
المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية
على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين
أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا
ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما....." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - على أن المقصود بالضرر في هذا المجال هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو
بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملته لها في العرف معاملة شاذة تشكو
منها المرأة ولا تري الصبر عليها، وكانت المطعون ضدها قد أقامت دعواها بالتطليق
استناداً إلى أن الطاعن أضر بها، مما مفاده أنها اتخذت من حكم المادة المشار إليها
أساساً لدعواها وجعلت من الإضرار سبباً لطلب التفريق بينهما فيكون لها والحال كذلك
أن تستند إلى جميع صور سوء المعاملة التي تتلقاها من الطاعن ولو لم تكن قد عددتها
في صحيفة الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص المضارة الموجبة
للتطليق من بينة المطعون ضدها الشرعية والتي جاءت موافقة للدعوى ورتب على ذلك
قضاءه بالتطليق فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي في هذا الصدد على غير
أساس.
7 - النص في المادة 56 من
القانون رقم 17 لسنة 1983 يجيز للمحامي أن ينيب عنه في الحضور أو المرافعة أو في
غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في
توكيله هو ما يمنع ذلك - مما مفاده أنه يجوز للمحامي أن ينيب عنه محامياً آخر تحت
مسئوليته دون توكيل منه ما دام لديه توكيل عن الأصيل - فلا على الحكم المطعون فيه
إذ عرض الصلح على طرفي النزاع في حضور المحامي الذي أنابه وكيل المطعون ضدها في
الحضور عنه، ورفضه الصلح وهو ما يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح ويكون النعي
بهذا السبب على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى
رقم 625 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية المنصورة على الطاعن للحكم بتطليقها عليه للضرر
وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة
الأزواج وقد دأب على إيذائها والإساءة إليها وطردها من منزل الزوجية واتهمها في
عرضها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، فقد أقامت الدعوى. كما أقامت الدعوى
رقم 775 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية المنصورة بالاعتراض على إنذار الطاعة الموجه
إليها من الطاعن بالدخول في طاعته أمرت المحكمة بضم الدعويين معاً للارتباط وليصدر
فيهما حكم واحد. وبتاريخ 6/ 1/ 1982 حكمت ببعث حكم عن كل من الطرفين لمحاولة
الإصلاح بينهما والوقوف على أسباب الخلاف ثم أحالت المحكمة الدعويين إلى التحقيق
وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 20/ 4/ 1983 في الدعوى رقم 775 لسنة 1981
بإثبات تنازل الطاعن عن إنذار الطاعة، وفي الدعوى رقم 625 لسنة 1981 بتطليق
المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف
المنصورة بالاستئناف رقم 81 لسنة 83 ق أحوال شخصية، أحالت المحكمة الدعوى إلى
التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 5/ 3/ 1986 بتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
خمسة أسباب ينعي الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون
والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم دستورية
المادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة
1931 وطلب وقف الدعوى، والإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا إلا أنها لم ترد على
الدفع واكتفت بالتفاتها عنه لعدم جديته مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون
والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن النص في المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979 على أن تختص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين
واللوائح وفي المادة 29 من ذات القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة
القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: ( أ )........ (ب) إذا
دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي
بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر
الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام
المحكمة الدستورية العليا........" - يدل على أن المشرع لم يوجب على المحكمة
التي يثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون في دعوى مطروحة عليها، وقف السير فيها
إذا هي ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل
الفصل في موضوع تلك الدعوى، لما كان ذلك وكان مبنى الدفع بعدم دستورية المادة 24 من
لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي جعلت الاختصاص المحلي بنظر دعاوي الطلاق معقوداً
لمحكمة موطن المدعي أو المدعى عليه، أن هذه المادة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية
التي تجعل الاختصاص بنظر هذه الدعاوي لمحكمة موطن الزوج دون ما عداها، وإذ كانت
أحكام الشريعة الإسلامية قد جاءت خلواً من تنظيم قواعد الاختصاص المحلي للمحاكم
مما يكون الدفع بعدم دستورية المادة 24 من اللائحة الشرعية لمخالفتها الشريعة
الإسلامية غير جدي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الدستورية المبدي
من الطاعن لعدم جديته فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ولا يعيبه عدم
ذكره الأسباب التي بني عليها رفض الدفع طالما انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة.
وحيث إن الطاعن ينعي
بالسبب الثاني والوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن شاهد المطعون ضدها الثاني والذي استندت محكمة
الاستئناف لشهادته كان خارج البلاد وقت حصول الوقائع التي شهد بها، وجاءت شهادته
سماعية ولم يشهد بواقعة معينة يمكن أن تكون سنداً للحكم بالتطليق، وقد تقدم
للمحكمة بشهادة صادرة من مصلحة الجوازات تفيد أنه كان بالخارج، وشهادة أخرى تتضمن
إنه اتهم هذا الشاهد بشهادة الزور وأقام ضده جنحة مباشرة وطلب وقف الدعوى حتى يفصل
فيها، إلا أن المحكمة التفتت عن دفاعه، وعول على شهادة الشاهد رغم فسادها وأقامت
حكمها بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون ضدها رغم عدم اكتمالها لنصابها
الشرعي، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك بأن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في
تقدير أدلة الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة لها وفي موازنة بعضها
بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليها منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع
الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، طالما جاء استخلاصها سائغاً مما له
أصله الثابت في الأوراق. وكان الثابت بمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف أن
شهادة الشاهد الثاني انصبت على وقائع عاينها بنفسه سمعاً ومشاهدة وتشكل سلوكاً
تتضرر منه الزوجة ولا يقره المشرع، وتصلح سنداً للقضاء بالتطليق، ولا على محكمة
الموضوع من بعد إن هي رأت انتفاء المبرر لوقف الدعوى من تلقاء نفسها، وتقديرها في
ذلك لا معقب عليه إذ يدخل في نطاق سلطتها المطلقة في التقدير، فإن النعي لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة
ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي
بالوجهين الأول والثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفي بيان ذلك يقول إن حكم التحقيق الصادر من محكمة الاستئناف لم يبين الوقائع
المراد إثباتها ونفيها، ولم تسمع المحكمة شهود الإثبات والنفي في جلسة واحدة اعتد
الحكم المطعون فيه بهذا التحقيق وأقام عليه قضاءه بالتطليق مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح ذلك إنه لما كان الأصل سماع شهود النفي في نفس الجلسة التي سُمع فيها شهود
الإثبات إلا أن هذا ليس أمراً حتمياً يترتب على مخالفته البطلان بل ترك المشرع
تنظيمه للمحكمة التي تتولى إجراء التحقيق فلها أن ترجئ سماع شهود النفي إلى جلسة
أخرى غير التي سمعت فيها شهود الإثبات إذا حال دون سماعهم في نفس الجلسة مانع
والمحكمة تقدر هذا المانع بغير معقب فإن النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس،
لما كان ذلك وكانت قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام وإذ لم يتمسك الطاعن
أمام محكمة الموضوع بالبطلان الناشئ عن قصور حكم التحقيق في بيان الوقائع المراد
إثباتها ونفيها، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير
أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي
بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي
بيان ذلك يقول إنه يشترط للقضاء بالتطليق ثبوت الضرر بما لا يستطاع معه دوام
العشرة وعجز القاضي عن الإصلاح، وكان الثابت من الأوراق أنه لم يصدر منه ثمة إضرار
للزوجة سواء بالقول أو بالفعل وأن مسلكه يدل على حرصه على استمرار الزوجية آية ذلك
محاضر الجلسات التي تفصح عن رغبته في الصلح، وخلو صحيفة الدعوى من أي إدعاء مما
زعمه الشهود، وعدم ضبط أي محضر رسمي من المطعون ضدها تشكوه فيه، ووجوده في
المستشفى طريح الفراش عقب إجراء عملية جراحية له يكذب إدعاء الشهود بتعديه عليها
بالضرب، ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه بالتطليق استناداً إلى ثبوت المضارة بما
يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض
أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا
يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ
يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما....." يدل -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المقصود بالضرر في هذا المجال هو إيذاء
الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملته لها في
العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة ولا تري الصبر عليها، وكانت المطعون ضدها قد
أقامت دعواها بالتطليق استناداً إلى أن الطاعن أضر بها، مما مفاده أنها اتخذت من
حكم المادة المشار إليها أساساً لدعواها وجعلت من الإضرار سبباً لطلب التفريق
بينهما فيكون لها والحال كذلك أن تستند إلى جميع صور سوء المعاملة التي تلقاها من
الطاعن ولو لم تكن قد عددتها في صحيفة الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد استخلص المضارة الموجبة للتطليق من بينة المطعون ضدها الشرعية والتي جاءت
موافقة للدعوى ورتب على ذلك قضاءه بالتطليق فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون
النعي في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي
بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة
حينما عرضت الصلح على الطرفين، فإن الحاضر عن المطعون ضدها لم يكن وكيلها بل كان
محامياً حاضراً عن وكيلها، مما يخالف ما استهدفه المشرع في المادة 896 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن النص في المادة 56 من القانون رقم 17 لسنة 1983 يجيز للمحامي أن ينيب
عنه في الحضور أو المرافعة أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت
مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في توكيله هو ما يمنع ذلك - مما مفاده أنه يجوز
للمحامي أن ينيب عنه محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل منه ما دام لديه توكيل عن
الأصيل - فلا على الحكم المطعون فيه إذ عرض الصلح على طرفي النزاع في حضور المحامي
الذي أنابه وكيل المطعون ضدها في الحضور عنه، ورفضه الصلح وهو ما يكفي لإثبات عجز
المحكمة عن الإصلاح ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق