الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 مايو 2022

مذكرة إيضاحية للقانون 23 لسنة 1992 (ج 2)

مذكرة إيضاحية
لمشروع القانون بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية
والإثبات في المواد المدنية والتجارية والعقوبات والإجراءات الجنائية
وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ورسوم التوثيق والشهر

اذا كان العدل هو حلم الإنسان الدائب الذي لم يكف دوما عن السعي إلي تحقيقه، وكان سعيه قد كلل بخطوات من نجاح، أكدت كل خطوة منها هذا التلازم الرفيع بين العدل وارتقاء الإنسانية في درجات سموها، كما أكدت أن الإنسانية ليست بالغة ذراها الرفيعة في قمة وجودها الذي يتجلى فيه القبس النوراني الكامن فيها إلا محمولة على راحة العدل وساعده.
واذا كان العدل هو أداة بلوغ الإنسانية لذراها السامقة، فان الإنسان محور الإنسانية وجوهرها المطلق ليس ببالغ العدل إلا على قاعدة قانونية موضوعية لحمتها وسداها الحق والحق وحده وهي قاعدة تختزل في عموميتها وتوازنها وتجردها قيم ورؤى وخبرات وعلم الإنسان وتراث له يضرب في جذور التاريخ الإنساني، ثم هي من بعد إذ تتفاعل مع الواقع وتوغل فيه تأثرا وتأثيرا، فان غايتها الأسمى هي استشراف مستقبل أفضل وأنبل وأرقى.
على أن بلوغ محراب هذه القاعدة القانونية الموضوعية حيث يحيل القضاء جمودها حياة، حين ينزل حكمها على الواقع عدلا خالصا. ليس له من سبيل إلا على جناح قاعدة إجرائية تحمل المتقاضين إلي هذا المحراب في يسر، وتمكن كل منهم من بسط كل حجة له، حتى يستبين للقضاء وجه الحق فيقضى به، ثم تخطو هذه القاعدة الإجرائية بصاحب الحق حتى يستوفى حقه.
وهكذا فان القاعدة الإجرائية تغدو هي المدخل الأول لعالم الحق والعدل، وهذه الأهلية كانت وراء ذاك الاهتمام المتلاحق بقانون المرافعات المدنية والتجارية، فبعد تطور طويل متلاحق، صدر القانون الحالي رقم 13 لسنة 1968، الذي استطاع أن يتخلص من أحكام في القانون السابق عليه، ويستحدث من الأحكام، ما تمكن به من أن يوفر يسرا وبساطة أكثر في إجراءات التقاضي في اطار الضمانات الواجب توافرها فيه، على أنه بالرغم من قدر النجاح الذي حققه هذا القانون، إلا أن التطبيق العملي منذ صدوره في عام 1968 وحتى الآن، كشف عن أن هناك من المشاكل التي أفرزها الواقع، ما يوجب تناول بعض أحكامه بالتعديل حفظا للهدف النهائي الذي نص عليه الدستور من تيسير للتقاضي بكفالة تقريب وجهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، وقد اقتضى التعديل تعديلا في الأحكام المقابلة أو المتصلة به في قوانين أخرى هي قوانين الإثبات في المواد المدنية والتجارية والعقوبات والإجراءات الجنائية والقانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والقانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر.
وقد استقام التعديل على فلسفة كانت محاورها الأساسية هي الآتي بيانها:
(أولا) مجابهة التغير في قيمة العملة وهو التغير الذي كانت له انعكاساته الشديدة على القانون الحالي، فقد ترتب على التغير في قيمة العملة، الذي وقع في مصر، كما وقع في العالم كله خلال العشرين عاما السالفة، أن القيم المالية التي اتخذها القانون الحالي معيارا لضوابط قانونية معينة، لم تعد تتصل بهذه الضوابط بأية صلة، وأصبحت إعادة النظر فيها ضرورة يمليها واجب المحافظة على هذه الضوابط ذاتها، وقد التزم المشروع في التغيير الذي أدخله على الأحكام التي أنبتت معيار القيم المالية، بضوابط ثابتة ومحددة كان الرائد فيها متوسط التغير الذي لحق الأسعار ومستوى المعيشة ومن ثم قيمة العملة في السنوات السابقة، فكان من بين الأحكام التي جرى تعديلها تبعا لذلك، الأحكام الخاصة بالاختصاص القيمي للمحاكم الجزئية والابتدائية والكفالات والغرامات المنصوص عليها في القانون.
(ثانيا) التقليل من بعض الإجراءات غير المنتجة، وكان الضابط فيما تناوله التعديل في هذا الشأن هو الاستغناء عن أي إجراء كشف التطبيق العملي انه غير منتج، ولا يشكل ضمانة حقيقية لأى طرف من أطراف الخصومة وليس له من أثر في التطبيق إلا إطالة إجراءات التقاضي.
(ثالثا) إعادة تنظيم بعض الإجراءات، وكان رائد المشروع في ذلك هو ضبط القواعد المتعلقة ببعض الأنظمة الإجرائية القائمة، على نحو يكفل التيسير على المتقاضين وسرعة تحقيق الهدف من الإجراء، في اطار ضمان القدر اللازم من الجدية في مباشرة التقاضي.
(رابعا) أعيد تنظيم الأحكام الخاصة برد القضاة على نحو يكفل النأي بهذا الحق عن إساءة استعماله حفظا للقضاء والقضاة من أي عبث.
(خامسا) مجابهة موضعين كانا مصدرا لمشاكل وأعداد هائلة من القضايا، وهما الأوامر على عرائض ودعاوى صحة ونفاد التصرفات العقارية، وتناولهما بأحكام جديدة تكفل تصحيح مسار كل منهما على الطريق الصحيح الذي شرعا من أجله.
(سادسا) توحيد مواعيد الطعن المدنية والجنائية أمام محكمة النقض، وإعادة تنظيم بعض الأحكام الأخرى الخاصة بالطعن بالنقض.
في اطار هذه الفلسفة جرى التعديل على النحو التالي:
(أولا) الأحكام المبنية على معيار مالي:
1 - زيادة النصاب الابتدائي والانتهائي لمحكمة المواد الجزئية والنصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية:
حددت المادة 42 من قانون المرافعات المدنية والتجارية النصاب الابتدائي لاختصاص محكمة المواد الجزئية بما لا يتجاوز خمسمائة جنيه، ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسين جنيها، بينما تختص المحكمة الابتدائية بصفة أصلية بالحكم ابتدائيا في جميع الدعاوى التي ليست من اختصاص المحكمة الجزئية ويكون حكمها انتهائيا اذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة جنيه (مادة 47)، وهذا التحديد يأخذ في اعتباره ما تنعكس به القيم المالية من أثر على أهمية الدعوى ذاتها، وهى الأهمية التي تحدد المستوى الذي يجب أن تحسب الدعوى عنده نهائيا، سواء في ذلك كان هذا المستوى محكمة جزئية، أو ابتدائية، أو محكمة استئناف، وبالنظر إلي ما طرأ على قيمة العملة من تغير في السنوات الأخيرة فقد أصبح تحديد الاختصاص على أساس هذه القيم المالية منطويا على درجة عالية من الانفصام عن الواقع، وأصبحت المحاكم الأعلى درجة مثقلة بمنازعات ما كان يجوز أن تصل اليها، كما أن المتقاضى يجد نفسه مضطرا إلي الانتقال إلي المحكمة الابتدائية ليباشر دعواه عن أمور كان الأولى أن تنظرها المحكمة الجزئية منه، لذلك كله فقد أصبح من الملائم إعادة النظر في الحدود المختلفة للاختصاص سالف الذكر وتعديله بما يتناسب مع التغير الذي طرأ على قيمة العملة وذلك برفع النصاب الابتدائي والانتهائي لمحكمة المواد الجزئية إلي خمسة آلاف جنيه وخمسمائة جنيه على التوالي، ويستتبع ذلك زيادة النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية إلي خمسة آلاف جنيه، وهو ما يؤدى إلي التوسع في عدد القضايا التي تنظرها المحكمة الجزئية، وفى ذلك تحقيق لهدف دستوري هو تقريب القضاء من المتقاضين باعتبار أن تلك المحكمة هي أقرب المحاكم اليهم، وفضلا عن ذلك فان رفع النصاب الانتهائي لمحكمة المواد الجزئية والمحكمة الابتدائية من شأنه تخفيف العبء عن محاكم الاستئناف ومحكمة النقض لما يترتب عليه من تقليل عدد القضايا القابلة للطعن عليها أمامها، وفى سبيل استكمال الهدف الذي انبنى على هذا الأساس فقد نص المشروع في مادته الأولى على استبدال عبارتي "خمسة آلاف جنيه" وخمسمائة جنيه "بعبارتي خمسمائة جنيه" "وخمسين جنيه" في المواد 41، 43، 47، 277، 380، 480 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهما العبارتان المحددتان لنصابي الاختصاص المقرر للمحاكم الجزئية والابتدائية، واستبدال عبارة ثلثمائة جنيه بعبارة ستين جنيها في المادة 919 من ذات القانون، وهى العبارة المحددة لاختصاص محكمة المواد الجزئية في دعاوى النفقة وتعديل النصاب الابتدائي لمحكمة المواد الجزئية والمحكمة الابتدائية في مسائل الولاية على المال بحيث تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائيا اذا كان مال القاصر أو القصر أو المطلوب مساعدته قضائيا أو الغائب لا يتجاور خمسة آلاف جنيه (مادة 972) وجعل الاختصاص منعقدا للمحكمة الابتدائية اذا تجاوز هذا المال خمسة آلاف جنيه (مادة 973) كما نصت المادة الأولى من المشروع على استبدال عبارة "ألف جنيه" بعبارة "مائة جنيه" في المادة 943، وهو ما يعنى زيادة قيمة التركة التي يجوز لقاضى الأمور الوقتية أن يأذن لأحد الورثة أو شخص آخر بتسلمها وتصفيتها وأداء ما عليها من الديون وتسليم ما يتبقى منها لأصحاب الحق فيها إلي ألف جنيه بدلا من مائة جنيه، وذلك بموجب أمر على عريضة يصدر منه، كما نصت على استبدال عبارتي "خمسمائة جنيه" و"ألف جنيه" بعبارتي "خمسين جنيها ومائة جنيه" في المادة 987، واستبدال عبارة "خمسة آلاف جنيه" بعبارة "خمسمائة جنيه" الواردة في المادة 380 من ذات القانون، كما نص في المادة الثانية، على تعديل المادة 974 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بحيث يكون القرار الصادر في مسائل النفقة انتهائيا اذا كان المبلغ المطلوب أو المقرر من المحكمة في حالة عدم تقديره من الطالب بما لا يزيد على ثلاثمائة جنيه بدلا من ستين جنيها في النص الحالي، واعتبار القرار الصادر بجزاء مالي نهائيا اذا لم يتجاوز خمسين جنيها بدلا من خمسة جنيهات في النص الحالي.
2 - زيادة قيمة الغرامات والكفالات، وما يجوز إثباته بشهادة الشهود:
وتمشيا مع الاعتبارات المتعلقة بما طرأ من تغير على قيمة العملة فقد اتجه المشروع في المادة الخامسة إلي مضاعفة قيمة الغرامات التي يجوز أن يقضى بها إلي عشرة أمثالها في المواد 14، 68/ 2، 97/ 1، 110/ 1، 115/ 2، 188/ 2، 231/ 2، 246، 257، 315، 324، 397، 982، 994، 996، 1000/ 1، 1001، 1009/ 2 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، 43، 56/ 1، 78/ 1، 80، 145، 148/ 3، 152/ 3، 5، من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية وفى المادة 36 (فقرة ثانية) من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض، ومضاعفة قيمة الكفالة إلي خمسة أمثالها في المادتين 243، 254 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والمادة 36 فقرة أولى من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه، وعلة التفرقة بين مقدار الزيادة في الغرامات ومقدار الزيادة في الكفالات اختلاف وظيفة كل منهما عن الأخرى، فالأولى عقوبات مالية، بينما الثانية جزء من إجراءات التقاضي.
وكان من البديهي، وقد أعيد النظر في مقدار القيم المالية كمعيار قانوني على ضوء التغير الذي لحق قيمة العملة، أن يعاد النظر في قيم المعاملات التي يجوز إثبات المديونية الناشئة عنها بشهادة الشهود، فنص المشروع على زيادة نصاب التصرف القانوني الذي يجوز إثباته بشهادة الشهود في غير المواد التجارية والمنصوص عليه في المادتين 60، 61، من قانون الإثبات إلي مائة جنيه بدلا من عشرين جنيها.
3 - في تقدير قيمة العقارات:
ولذات العلة فقد اتجه المشروع إلي تعديل البند (1) من المادة 37 بحيث يكون تقدير قيمة العقار بمناسبة تقدير قيمة الدعوى، مبنيا على تقديره بثلاثمائة مثل قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه اذا كان العقار مبنيا، فان كان من الأراضي يكون التقدير بمائتي مثل قيمة الضريبة الأصلية مع بقاء الحكم على ما هو عليه في اختصاص المحكمة بتقدير قيمة العقار اذا كان غير مربوط عليه ضريبة.
4 - قيمة الأشياء عند الإعلان عن بيعها:
نتيجة لما ترتب على ارتفاع الأسعار من زيادة مصاريف النشر في الصحف، فانه كان من المتعين إعادة النظر في المعيار المالي الذي يتخذ أساسا لتحديد قيمة الأشياء التي يوجب القانون النشر عن بيعها والمنصوص عليها في المادة 378/ 1، حيث لم تعد القيمة المنصوص عليها حاليا والمقدرة بمبلغ خمسمائة، هى القيمة التي تتناسب مع وجوب النشر عنها في احدى الصحف، اذ قد تبلغ مصاريف النشر مع هذه القيمة القليلة ما يمثل نسبة عالية منها، لذلك وأخذا بذات المعيار الذي جرت على أساسه أحكام أخرى في المشروع، فقد تضمن الحكم تعديلا لقيمة الأشياء المطلوب بيعها بحسب ما هي مقدرة به في محضر الحجز والتي يجب الإعلان عن بيعها في احدى الصحف اليومية، بجعلها ألفى وخمسمائة جنيه بدلا من خمسمائة جنيه، وعدل في الفقرة الثانية من نفس المادة بالنسبة للحالات التي يجوز فيها للدائن الحاجز أو المدين المحجوز عليه أن يطلب فيها النشر على نفقته الخاصة بجعلها ألف جنيه بدلا من مائة جنيه، كما اعتد المشروع بقيمة الأشياء المطلوب بيعها دون الاعتداد بقيمة المبلغ المحجوز من أجله تحقيقا للعدالة باعتبار أن هذه القيمة تمثل البيع الواجب النشر عنه فلا يجب أن يعتد ألا بها دون قيمة المبلغ المحجوز من أجله. وكذلك فقد اتجه المشروع إلي تعديل المادة 380 بحيث لا يحصل النشر قبل بيع المصوغات أو سبائك الذهب أو الفضة ... الخ إلا اذا زادت قيمتها على خمسة آلاف جنيه.
(ثانيا) التقليل من بعض الإجراءات غير المنتجة:
1 - الإعلان بالأحكام والقرارات التي تصدر أثناء سير الدعوى:
يستلزم التشريع القائم في بعض الحالات توجيه إعلانات أثناء سير الدعوى كشف التطبيق العلمي أنها غير منتجة وأنها لا تؤدي إلا إلي تعطيل سير الدعوى وفتح الباب لدفوع ببطلانها، الأمر الذي يجدر معه إلغاء هذه الإعلانات في اطار عدم المساس بضمانات التقاضي، وعلى ذلك فقد استحدث المشروع مادة جديدة برقم 174 مكررا تضمن حكمها النص على اعتبار النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة وقرارات فتح باب المرافعة في الدعوى إعلانا للخصوم الذين حضروا احدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأى سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة، فيشترط لاعتبار النطق بالحكم أو قرار فتح باب المرافعة في هذه الحالة إعلانا به أن يكون الخصم قد حضر أو قدم مذكرة بدفاعه وأن يكون سير الجلسات عقب ذلك متتابعة في تسلسل لم يعترضه عائق، وليس في ذلك إعنات على من لم يحضر جلسة النطق بهذا الحكم أو ذلك القرار، إذ المفترض في الشخص العادي المعنى بأمور نفسه، ووفقا لطبائع الأشياء، أن يتابع سير دعواه سواء قبل إقفال باب المرافعة فيها أو بعده ما دام سير الجلسات متتابعا في تسلسل لم يعترضه عائق، أما اذا انقطع تسلسل الجلسات بعد حضور الخصم احدى الجلسات أو تقديمه للمذكرة، كان صادف يوم الجلسة التي كانت محددة أصلا للنطق بالحكم أو القرار يوم عطلة رسمية أو لغير ذلك من الأسباب فعندئذ يجب على قلم الكتاب إعلان من لم يحضر من الخصوم جلسة النطق به بمنطوقه بكتاب مسجل. وبديهي أنه اذا صدر الحكم أو قرار فتح باب المرافعة دون تحديد جلسة فان العلم الافتراضي في هذه الحالة يقع فقط على العلم بمنطوق الحكم أو قرار فتح باب المرافعة ويكون من المتعين على قلم الكتاب إعلان الخصوم بالجلسة بعد تحديدها، وبذلك يكون المشروع قد عدل عن منهج القانون القائم في وجوب إعلان الخصوم الذين لم يحضروا جلسة النطق بالأحكام والقرارات التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة، حتى لو كان سير الجلسات متتابعا في تسلسل لم يعترضه عائق.
وقد اقتضى ذلك تعديل نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون الإثبات، درءا لأى تعارض مع الحكم المستحدث في نص المادة 174 مكررا من قانون المرافعات، بحيث يقتصر واجب الإعلان على الأوامر الصادرة بتعيين تاريخ إجراء الإثبات والا كان الإجراء باطلا.
2 - إعلان الأشخاص الاعتبارية وإعلان المقيمين في الخارج:
تقوم في شأن الشخص الاعتباري العام أو الخاص أوضاع خاصة به يختلف فيها عن الأوضاع الخاصة بالشخص الطبيعي، بما يجدر معه أفراده بأحكام خاصة طالما حافظت على وحدة الهدف من الإجراء، وإذ كان الحكم بوجوب إعادة إعلان الشخص الطبيعي اذا لم يكن الإعلان الأول قد تم لشخصه، مقصود به ضمان اتصال علمه بالإعلان، وهو الأمر الذي يختلف فيه الشخص الاعتباري عن الشخص الطبيعي، إذ طالما تم إعلانه في مركز إدارته بالضوابط القانونية المقررة لصحة الإعلان، وكان ذلك أيام عمل الشخص الاعتباري فان الهدف المقصود من إعادة الإعلان في حالة الشخص الطبيعي، يكون قد تحقق في شأن الشخص الاعتباري، بما لا يوجب إعادة إعلانه، لذلك وتيسيرا على المتقاضين فقد رئي اعتبار إعلانه في مركز إدارته بصحيفة الدعوى في حكم الإعلان مع شخصه بما لا يدعو إلي إعادة إعلانه، وعلى ذلك فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة للمادة 84 من قانون المرافعات تنص على أنه اذا أعلنت صحيفة الدعوى لشخص اعتباري عام أو خاص في مركز إدارته اعتبر في حكم المعلن مع شخصه في تطبيق أحكام هذه المادة.
كذلك فان من الأمور التي أثارت صعوبات إجرائية في العمل الإعلانات التي توجه إلي الأشخاص المقيمين في الخارج، فالقواعد العامة المنصوص عليها في البند (9) من المادة 13 من قانون المرافعات تقضى بتسليم صورة الإعلان للنيابة العامة وقد وردت صياغة هذه الأحكام على نحو آثار خلافا في الرأي بشأن تحديد الوقت الذي ينتج فيه الإعلان أثره وهل يكون من وقت تسليمه إلي النيابة العامة أو من وقت تسليم الصورة للمعلن إليه في الخارج، لذلك فقد اتجه المشروع حسما لكل خلف إلي النص صراحة على أن الإعلان ينتج أثره من وقت تسليم الصورة إلي النيابة العامة فاذا كان الإعلان مما يبدأ منه ميعاد فلا يبدأ هذا الميعاد ألا من تاريخ تسليم الصورة في موطن المعلن إليه في الخارج أو امتناعه عن الاستلام والتوقيع. كما استحدث المشروع البريد كوسيلة إضافية لإعلان من لهم موطن معلوم في الخارج محتذيا في ذلك ببعض القوانين المقارنة كالقوانين الفرنسية والإيطالية واللبنانية، وأوجب على المحضر خلال أربع وعشرين ساعة من اليوم الذي يسلم فيه صورة الإعلان للنيابة العامة أن يوجه إلي المعلن إليه في الخارج كتابا موصى عليه بعلم الوصول يرفق به صورة أخرى من الإعلان يخبره فيه أن الصورة المعلنة قد سلمت للنيابة، وراعى المشروع أن يتحمل المعلن نفقات البريد فنص على أن يكون تقدير تلك النفقات وكيفية أدائها بقرار يصدر من وزير العدل، كما رتب المشروع على توقيع المعلن اليه على علم الوصول أو امتناعه عن الاستلام أو التوقيع سريا الميعاد في حقه اذا كان الإعلان مما يبدأ منه ميعاد أسوة باستلامه الصورة المعلنة أو امتناعه عن استلامها أو التوقيع بالاستلام. (المادة الثالثة من المشروع).
3 - في انعقاد الخصومة ووقفها وانقطاعها:
( أ ) لما كان الهدف من إعلان صحيفة الدعوى هو اتصال علم الخصوم بها ومواجهة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده وهو الأمر الذي يتحقق بحضوره من تلقاء نفسه الجلسة التي تنظر فيها الدعوى أو تقديمه مذكرة بدفاعه فيها، وتقنينا لهذا الاتجاه الذي أرسته محكمة النقض فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة إلي المادة 68 تنص على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها ما لم يحضر المدعى عليه بالجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه.
(ب) ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز أن يكون تغير الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري العام أو الخاص، سببا في تعطيل الدعوى، طالما وأن المدعى وجه دعواه إلي هذا الشخص الاعتباري تحديدا ودون أي لبس في هذا التحديد. ذلك أن تعدد التشريعات التي تناولت بالإدماج بعض الجهات في غيرها أو تغيير تبعيتها أو تعديل في شخص من يمثلها في وقت اتسع فيه نطاق هذه الجهات ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية نتج عنه صدور أحكام بعدم قبول تلك الخصومات أو بانقطاع سير الخصومة فيها، على الرغم من قيام صاحب الشأن بتحديد الجهة المراد اختصامها تحديدا نافيا للجهالة، واقتصار التجهيل أو الخطأ على تحديد من يمثل تلك الجهات أمام القضاء. ولرفع هذه المشقة عن المتقاضين ومنع تعثر خصوماتهم فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة إلي المادة 115 تنص على أنه اذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتبارى عام أو خاص فيكفى في تحديد صفته أن يذكر اسم المدعى عليه في صحيفة الدعوى. ويكفى في بيان المقصود باسم المدعى عليه في هذا المقام بيان اسم الجهة المدعى عليها.
(جـ) وفى سبيل عدم إطالة أمد التقاضي اتجه المشروع إلي تخفيض مدة الوقف الجزائى المنصوص عليها في المادة 99 فجعلها ثلاثة أشهر بدلا من ستة أشهر، كما استحدث التعديل الحكم بوجوب تعجيل الدعوى خلال خمسة عشر يوما من اليوم الذي تنتهى فيه مدة الوقف أوجب على المحكمة في حالة تجديدها بعد انقضاء هذه المدة الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن، كما أوجب عليها الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن في حالة عدم تنفيذ المدعى ما أمرت به المحكمة بعد أن كان هذا الأمر جوازيا للمحكمة في القانون الحالي.
(د) لما كان انقطاع سير الخصومة في الدعوى يستلزم بالضرورة إعلان جميع الخصوم فيها بالجلسة التي عجلت إليها، ورغبة في التيسير عن كاهل المتقاضين فقد رأى المشروع أن يتيح لهم الحق في طلب تأجيل الدعوى لإعلان من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهلية الخصومة أو زالت صفته دون باقي الخصوم في الدعوى على أن يستمر سير الدعوى بعد ذلك في مسارها الطبيعي اذا تم هذا الإعلان بدلا من إصدار حكم بانقطاع سير الخصومة ولذلك نص المشروع في المادة الثانية منه على تعديل المادة 130 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بما يحقق ذلك الغرض وجعل لزاما على المحكمة إجابة الخصم لهذا الطلب تحقيقا للغاية التي شرع من أجلها، على أن يكون لها بعد ذلك أن تقضى بانقطاع سير الخصومة في الدعوى اذا لم يقم الخصم بهذا الإعلان خلال الأجل الذي تحدده له المحكمة، وكان عدم قيامه بهذا الإعلان غير مستند إلي عذر مقبول، ويكون انقطاع سير الخصومة منذ تحقق سبب الانقطاع ولبس من الوقت الذي تقضى فيه المحكمة بهذا الانقطاع.
(ثالثا) إعادة تنظيم بعض الإجراءات:
1 - تنظيم تبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم:
لم يتضمن القانون القائم تنظيما لتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم، مما آثار العديد من المشكلات في العمل، لذلك حرص المشروع على وضع نظام لتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم يكفل العدالة والمساواة بين طرفى الخصومة ويحقق لهما اليسر في عرض دفاعهما، فنصت المادة الثالثة من المشروع على إضافة فقرة جديدة إلي المادة 171 من قانون المرافعات، تنص على أن تبادل المذكرات يكون بطريق الإعلان أو الإيداع، وأنه في حالة ما اذا صرحت المحكمة بتبادل المذكرات خلال فترة حجز الدعوى للحكم وجب عليها تحديد طريق تبادلها سواء بالإعلان، أو بالإيداع وتحديد ميعاد للمدعى يقدم فيه مذكرته يعقبه ميعاد آخر للمدعى عليه لتقديم مذكرة بالرد على مذكرة المدعى، ثم أوجبت في حالة الإيداع بقلم الكتاب أن تكون المذكرة من أصل وصور بقدر عدد الخصوم أو وكلائهم بحسب الأحوال وصورة إضافية يؤشر عليها قلم الكتاب باستلام الأصل والصور وما قد يكون مرفقا بها من مستندات وتاريخ الإيداع مع ختمها بداهة بخاتم المحكمة، وردها للمودع، والغرض من الصورة الإضافية أن تكون بمثابة دليل على الإيداع وتاريخه، ويقوم قلم الكتاب بتسليم صور المذكرات إلي الخصوم أو وكلائهم بحسب الأحوال بعد توقيعهم على الأصل بالاستلام، كما تضمن التعديل النص على عدم جواز سحب المستندات من الملف الا اذا لم يطعن في الحكم، أو كانت قد انقضت مواعيد الطعن فيه، إلا اذا أمر رئيس المحكمة بما يخالف ذلك.
2 - التوسع في تطبيق نظام أوامر الأداء:
حقق نظام أوامر الأداء نجاحا كبيرا منذ صار نظاما واجب الاتباع في الحالات التي أوجب القانون اتباعه فيها، حيث تدل الإحصائيات على أن الغالبية العظمى من طلبات أوامر الأداء قد قبلت ولم يتم التظلم منها أمام المحكمة إلا في نسبة ضئيلة، كما أن نسبة الأحكام الصادرة في هذه التظلمات بإلغاء الأمر كانت قليلة، ولا شك أن هذا النجاح ترتب عليه سرعة البت في المنازعات وعدم تكدس الجلسات بقضايا لم تكن هناك ضرورة تستوجب عرضها على المحاكم، مما أدى إلي تخفيف العبء عن القضاة، لذلك اتجه المشروع إلي التوسع في الحالات التي يتبع فيها نظام أوامر الأداء بحيث تشمل بجانب الديون التي يكون محلها مبالغ نقدية أو تسليم المنقول المعين بنوعه (المثليات) طلب تسليم المنقول المعين بذاته أيضا متى توافرت فيه شروط إصدار الأمر فنصت المادة الثانية من المشروع على تعديل الفقرة الأولى من المادة 201 من قانون المرافعات بإضافة المنقول المعين بذاته إلي الحالات التي يجوز فيها استصدار أمر بالأداء كطلب تسليم سيارة أو لوحة فنية أو ما شابه ذلك.
كما نص المشروع في المادة الثانية منه على تعديل الفقرة الثانية من المادة 210 من قانون المرافعات، بالاكتفاء بتقديم طلب الأداء وصحة إجراءات الحجز خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز دون استلزام أن تتضمن ورقة تبليغ الحجز إلي المحجوز عليه إخطاره بتقديم هذا الطلب وذلك حتى يتيح للحاجز الفرصة لأن يستكمل إجراءات صحة الحجز قبل أن يطلب ثبوت الحق وصحة هذه الإجراءات وذلك أسوة بما اتبعه المشروع في حالة استصدار أمر الحجز من قاضى التنفيذ حيث لم يتطلب في المادة 333 من قانون المرافعات الا رفع الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز خلال الثمانية أيام من إبلاغ الحجز إلي المحجوز عليه، وباعتبار أن تقديم طلب الأداء يقوم مقام رفع الدعوى، وبديهي أنه يجب على الحاجز إبلاغ الحجز إلي المحجوز عليه بنفس ورقة الحجز المعلنة إلي المحجوز لديه خلال الثمانية أيام التالية لإعلانه إلي الأخير والا اعتبر الحجز كأن لم يكن شأنه في ذلك شأن القاعدة المنصوص عليها في المادة 333 من قانون المرافعات.
3 - عدم جواز شطب الدعوى أكثر من مرة واحدة:
نظرا لما يعمد إليه بعض المتقاضين تلاعبا، ورغبة في إطالة أمد النزاع، من التغيب عن الحضور ليتقرر شطب الدعوى، ثم يطلب السير فيها في الأجل المحدد، ثم يعود للتغيب فيتكرر شطبها عديد من المرات، ونظرا لما يتعين أن يتوافر في المتقاضى من جدية تتناسب مع طرقه محراب العدالة، لذلك رأى المشروع النص على حظر شطب الدعوى لأكثر من مرة واحدة، وبذلك تعدل حكم الفقرة الأولى من المادة (282) فنصت في حكمها الجديد على أنه اذا لم يحضر الطرفان بعد السير في الدعوى، حكمت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن. وبديهي أن مقصود المشروع مما أورده عن عدم حضور الطرفين بعد السير في الدعوى، هو أن تكون الدعوى قد شطبت ثم جرى السير فيها ولم يحضرا، وهنا لا يتصور أن يكون الشطب الذي وقع قبل السير فيها إلا لمرة واحدة.
4 - أجاز الطعن المباشر في الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلي المحكمة المختصة، والأحكام المخالفة لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام.
ثار خلاف في الرأى حول مدى جواز الطعن المباشر في الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، فذهب رأى إلي أن مثل هذا الحكم غير منه للخصومة، ومن ثم فلا يجوز الطعن فيه على استقلال بينما اتجه رأى إلي أنه حكم منه للخصومة كلها أمام المحكمة المختصة التي أصدرته وبالتالى يجوز الطعن فيه على استقلال، وعندما عرض الأمر على محكمة النقض فقد أصدرت أحكاما اعتنق بعضها هذا الرأى، واعتنق البعض الرأى الآخر بما غدا معه من الجدير حسم هذا الخلاف، لذلك فقد اتجه المشروع إلي اجازة الطعن المباشر في الحكم الصادر بعدم الاختصاص والاحالة فنص على تعديل المادة 212 من قانون المرافعات باضافة الحكم الصادر بعدم الاختصاص والاحالة إلي الأحكام التي يجوز الطعن فيها مباشرة وأوجب الحكم الجديد على المحكمة المحال اليها الدعوى أن توقفها لحين الفصل في الطعن، اذا ما طعن فيها.
كذلك فانه تقنينا لما انتهت اليه الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض من جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام فقد اتجه المشروع إلي تعديل المادة 221 باضافة حالة مخالفة المحكمة لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام إلي الحالات التي يجوز فيها استئناف الأحكام الصادرة فيها من محاكم الدرجة الأولى بصفة انتهائية.
5 - منازعات الحيازة:
يشهد الواقع العملي تزايدا متتابعا في منازعات الحيازة سواء تلك التي تتعلق بأراضي زراعية أو مباني، ضاعفت من أهميتها حدة أزمة الإسكان، وتبلغ هذه المنازعات درجة الجريمة الجنائية في بعض الأحيان، وتتوقف عند حدود النزاع المدني فقط في أحيان أخرى، وكانت هذه المنازعات وتلك تعرض على النيابة العامة وتصدر فيها قرارات وقتية بمنح الحيازة لأحد المتنازعين أو ترك الأمر على ما هو عليه وعلى الطرف المتضرر من قرارها أن يلج سبيل التقاضي أمام المحاكم للتظلم منه، وقد ثار الخلاف في شأن تحديد المحكمة المختصة بنظر التظلم من قرار النيابة في هذا الشأن اتباعا للجدل حول تحديد ماهية هذا القرار، وهل هو قرار إداري فيختص بنظر التظلم منه جهة القضاء الإداري أم هو قرار قضائي يندرج تحت ولاية جهة القضاء العادي، وقد أخذت بعض المحاكم بالرأي الأول وأخذ البعض الآخر بالرأي الثاني واتجه رأى ثالث اعتنقه تيار في الفقه إلي أن قرار النيابة الوقتي المتعلق بالحيازة اذا كان صادرا في شأن منازعة تشكل جريمة من جرائم انتهاك حرمة ملك الغير فهو قرار قضائي لا تختص جهة القضاء الإداري بنظر التظلم المرفوع عنه باعتبار أن القرارات التي تصدرها النيابة العامة بوصفها ضبطية قضائية أو أمنية على الدعوى العمومية هي قرارات قضائية تخرج عن اختصاص مجلس الدولة، أما اذا كان قرار النيابة العامة الوقتي سالف الذكر صادر في شأنه منازعة لا تشكل جريمة فانه يعتبر من قبيل القرارات الإدارية مما يختص معه مجلس الدولة دون القضاء العادي بنظر التظلم منه، وإزاء هذه الآراء المتعددة في شأن تحديد الجهة المختصة بنظر التظلم من قرار النيابة العامة في شأن الحيازة فقد أضحى الناس في حيرة من أمرهم عندما يرغبون في رفع تظلماتهم من تلك القرارات، وعندما استشعر المشرع خطر ما أل اليه الواقع أصدر القانون رقم 29 لسنة 1982 الذي استحدث به المادة 373 مكررا من قانون العقوبات ولكنه لم يتناول بالعلاج الا جانب جزئى يتعلق بحالة جدية الاتهام بجريمة، وقد كشف التطبيق العملى لهذه المادة منذ صدورها عن صعوبات كثيرة جعلت مسألة التظلم من قرارات الحيازة أكثر عسرا مما كانت عليه قبل صدورها، فأصبح من المتعين على النيابة أن تحجب نفسها عن اصدار قرارات وقتية في شأن منازعات الحيازة المدنية البحتة التي لا تثير شبهة جريمة من جرائم انتهاك حرمة ملك الغير مع أن هذه المنازعات في كثير من الأحيان تكون مشتعلة بين أطرافها إلي حد يوشك أن ينقل بها إلي نطاق الجريمة اذا تركت دون حل وقتي عاجل، كما أن المشرع لم يحسم الخلاف الذي ثار بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي حول تحديد الجهة المختصة منهما بنظر التظلم من قرار النيابة الوقتي حول الحيازة اذا صدر في منازعة مدنية بحتة ليست فيها شبهة اتهام جنائي، لهذه الاعتبارات مجتمعة، فقد عالج المشروع الأمر على وجه يحسم الخلاف في شأن هذه المسائل ويسهل الأمر على القضاء والمتنازعين في جلاء ووضوح، فوضع تنظيما جديدا لمنازعات الحيازة يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية فنص في المادة الرابعة منه على إضافة مادة جديدة إلي قانون المرافعات المدنية والتجارية برقم 44 مكررا أوجب فيها على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة المدنية والجنائية، وأوكل صدور هذا القرار إلي عضو النيابة العامة بدرجة وكيل نيابة من الفئة الممتازة على الأقل وذلك حتى يكون لمصدر القرار الخبرة والدراية اللازمة لما تتسم به هذه المنازعات من أهمية خاصة، ولا يمنع صدور هذا القرار المؤقت النيابة العامة من المبادرة إلي رفع الدعوى الجنائية، اذا شكلت هذه المنازعة جريمة من الجرائم، ويكون لذى الشأن التظلم من القرار أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى في ميعاد لا يتجاوز خمسة عشر يوما من يوم إعلانه به بحسبان أن القرار أن صدر من النيابة العامة في شأن منازعة جنائية فهو يتصل بجريمة من الجرائم تدخل في اختصاص جهة القضاء العادي كما أن القرار اذا صدر من النيابة العامة في شأن منازعة غير جنائية فان جهة القضاء العادى هى الأحق بنظر التظلم منه على اعتبار أن الحيازة متفرعة عن الملكية التي هي رأس المنازعات المدنية وتصدر فيه المحكمة حكما وقتيا بتأييد القرار أو بتعديله أو بإلغائه، وبديهي أنه لا يمنع صدور الحكم في التظلم من رفع أية دعاوى سواء كانت مدنية، أو جنائية، متعلقة بالحيازة أو أصل الحق وهكذا فقد حسم المشروع النقاش الذي دار بين جهتي القضاء العادي والإداري وجعله من اختصاص الجهة الأولى سواء كان قرار الحيازة الصادر من النيابة العامة مدنيا أو جنائيا.
كما أجازت هذه المادة للقاضي أن يوقف تنفيذ قرار النيابة لحين الفصل في التظلم، وقد اقتضى التعديل السالف إلغاء المادة 373 مكررا من قانون العقوبات، ونصت على هذا الإلغاء المادة العاشرة من المشروع.
6 - اعادة تنظيم بعض المسائل المتعلقة بمواد الأحوال الشخصية:
ثار الخلاف التكييف القانونى لطبيعة المتعة المنصوص عليها في المادة 18 مكررا من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وهل هى من قبيل التعويض أو أنها من حقوق الزوجية وذلك توصلا إلي تحديد المحكمة التي تختص بنظرها وهل هى محكمة المواد الجزئية أو المحكمة الابتدائية، وقد استقرت أحكام المحاكم على اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها بالنسبة للمصريين استنادا إلي نص المادة الثانية من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والتى تنص على اختصاص المحاكم الابتدائية "دائرة الأحوال الشخصية" بالحكم الابتدائى في المنازعات في المواد الشرعية التي ليست من اختصاص المحاكم الجزئية بمقتضى نص المادتين الخامسة والسادسة، واذ كانت دعوى المتعة ليست من المواد الشرعية المنصوص عليها في هاتين المادتين فان الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية، وحسما لأى خلاف قد يثور بالنسبة لغير المصريين فقد نص المشروع على تعديل المادة 895 من قانون المرافعات بالنص صراحة على اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر دعوى المتعة.
كذلك فانه لما كانت النيابة العامة هى التي نيط بها رعاية مصالح عديمى الأهلية وناقصيها والغائبين والمتحفظ على أموالهم والإشراف على إدارتها وتحقيقا لذلك وعملا على تيسير الإجراءات في مواد الولاية على المال ولما كشف عنه التطبيق العملي من معوقات تقف حائلا دون قيام النيابة بتلبية طلبات ذوى الشأن على وجه السرعة فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه علم تعديل المادتين 1030، 1031 من قانون المرافعات بما يسمح لأحد أعضاء النيابة بدرجة وكيل نيابة على الأقل في الإذن لذوي الشأن، ولكل شخص حسب الأحوال في الاطلاع على الملفات والدفاتر والسجلات والأوراق وتسلم صورها أو الحصول على شهادات بمضمونها بعد أن كان هذا الإذن مقصورا في النصوص القائمة على القاضي أو رئيس المحكمة.
(رابعا) في رد القضاء:
يتأسس مبدأ حياد القاضي على قاعدة أصولية قوامها وجوب اطمئنان المتقاضى إلي قاضيه، وان قضاءه لا يصدر إلا عن الحق وحده دون تحيز أو هوى، وإذ كانت جملة الأحكام التشريعية المنظمة لشئون القضاء، قد حرصت على تدعيم وتوفير هذه الحيدة، فإنها في نفس الوقت لم تغفل عن حق المتقاضى اذا كانت لديه أسباب تدعو إلي مظنة التأثير في هذه الحيدة، أن يجد السبيل ليحول بين من قامت في شأنه هذه المظنة وبين القضاء في دعواه، ومن هنا قام حق رد القاضي عن نظر نزاع بعينه كحق من الحقوق الأساسية التي ترتبط بحق التقاضي ذاته. على أنه ككل حق من الحقوق قد تعرض لأنه تستشرى في شأنه ظاهرة إساءة استعماله، بالإفراط فيه، واستخدامه سبيل للكيد في الخصومة واللدد فيها، وإطالة أمد الفصل في القضايا دون تحسب لما يؤدى إليه الأمر من إيذاء للقضاة في اعتبارهم ومكانتهم ومشاعرهم.
وإزاء هذا الذي آل اليه الأمر، من تعطيل الفصل في الدعاوى، والإسراف في النيل من القضاة، فقد بات من المتعين اجراء تعديل في النصوص التشريعية المنظمة الأوضاع رد القضاة ومخاصمتهم، بما يحقق التوازن التشريعي الواجب بين المحافظة على حق المتقاضين في رد القضاة اذا توافرت أسبابه، وبين تقرير ضوابط دقيقة تجعل ممارسة هذا الحق منوطا بتوافر الجدية الواجبة، والبعد عن العبث به، والحيلولة دون استخدامه سبيلا للكيد وعرقلة الفصل في القضايا.
وفى سبيل ذلك فقد تضمن المشروع اجراء التعديلات الآتية:
1 - جعلت المادة 153/ 3، الاختصاص بنظر طلبات رد قضاة المحاكم الجزئية والابتدائية لمحكمة الاستئناف التي تقع في دائرة اختصاصها المحكمة التي يعمل بها القاضى المطلوب رده فصار طلب الرد بذلك ينظر على درجة واحدة، بعد أن كان ينظر على درجتين حيث يختص بالفصل فيه حاليا دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية التي يتبعها القاضى رده، ويقبل حكمها الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف.
2 - حظر المشروع قبول طلب الرد بعد اقفال باب المرافعة في الدعوى الأصلية بأن عدل حكم الفقرة الأولى من المادة 152، بالنص على أنه لا يترتب على تقديم هذا الطلب وقف الدعوى الأصلية، فقطع بذلك الطريق على من كانوا يعبثون بهذا الحق فيعمدون إلي رد أحد القضاة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم فيها، فيعرقلون صدور الحكم بعد أن يكون النزاع قد قطع شوطا طويلا وهو ما كان يجيزه القانون القائم.
3 - حظر المشروع في المادة 157 قبول طلب رد الدائرة التي تنظر طلب الرد، وفى هذه الحالة لا يترتب على تقديم هذا الطلب وقف نظر طلب الرد وكان القانون القائم يجيز طلب ردها أو أحد قضاتها فيعمد البعض إلي طلب ردها عند الفصل في طلب الرد فيحال الأمر إلي دائرة أخرى، ويوقف الفصل في طلب الرد الأول وتتوالى سلسلة العبث، اطمئنانا إلي أثر طلب الرد الأول في وقف الفصل في الدعوى الأصلية.
4 - حظر المشروع في المادة 164 طلب رد جميع قضاء أو مستشاري المحكمة أو بعضهم بحيث لا يبقى من عددهم من يكفى للحكم في الدعوى الأصلية أو طلب الرد، اذ من غير المستساغ أو المتصور أن تتوافر في جميع قضاة أو مستشاري المحكمة سبب من أسباب الرد التي وردت في القانون على سبيل الحصر، وكان القانون القائم يقصر هذا الحكم على مستشاري محكمة النقض وحدها.
5 - أجاز المشروع في المادة 162 لرئيس المحكمة أن يندب قاضيا ليجلس بدلا من القاضي المطلوب رده، وأن يستمر نظر الدعوى الأصلية في طريقها المعتاد، ويتخذ طلب الرد طريقة للفصل فيه دون ما أثر له على استمرار نظر القضية الأصلية باعتبار القاضى المطلوب رده قد أصبح بعيدا عنها.
وهذا التعديل يحقق آثار عملية كبيرة حيث سيجد المتلاعبون بحق الرد أن قصدهم مردود عليهم بسير القضية الأصلية في طريقها المعتاد دون تعطيل بسبب طلب الرد.
وكان القانون القائم يقصر حق رئيس المحكمة في اجراء مثل هذا الندب على حالات الاستعجال التي تقتضى اجراء عاجلا في الدعوى.
6 - لضمان جدية طلبات الرد فقد فرض المشروع رسما على طلب الرد يسدد عند التقرير به، ونص على زيادة الكفالة والغرامة التي يقضى بها على طلب الرد عند رفض طلبه أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله على النحو التالى:
( أ ) جعل رسوم طلب الرد وفقا لحكم المادة 153 (فقرة ثانية) مائة جنيه بعد أن كانت ستة جنيهات وفقا للقواعد المقررة حاليا.
(ب) رفع الكفالة في ذات حكم المادة 153 إلي مائتي جنيه بعد أن كانت خمسة وعشرين جنيها في القانون الحالي.
(جـ) زيدت الغرامة في حدها الأدنى إلي مائتي جنيه بعد أن كانت عشرين جنيها, وفى حدها الأقصى إلي ألف جنيه بعد أن كانت مائة جنيه، وقد تصل إلي ألف وخمسمائة جنيه اذا كان طلب الرد مبينا على الوجه الرابع من المادة 148
كما أضاف إلي الحالات المنصوص عليها في المادة 159 والتي يقضى فيها بالغرامة حالة إثبات التنازل عن طلب الرد، لأن بعض الخصوم بعد أن يصلوا إلي غرضهم في تعطيل الفصل في الدعوى الأصلية بطلب الرد يعمدون إلي التنازل عن الطلب، ومن هنا رئى أن لا يعفى طالب الرد من الغرامة إلا اذا قرر بتنازله عن الطلب في الجلسة الأولى، حثا على إنهاء نزاع يعلم من آثاره أنه لا ظل له من الحقيقة.
وكان من البديهي تعديل الأحكام الخاصة بمخاصمة القضاة فيما يتعلق بزيادة قيمة الرسوم والغرامات المقررة في شأنها فاتجه المشروع إلي فرض رسم عند التقرير بالمخاصمة قدره مائة جنيه وإيداع كفالة قدرها مائتي جنيه، مع زيادة قيمة الغرامة في حدها الأدنى إلي خمسمائة جنيه بدلا من خمسين جنيها في القانون القائم وفى حدها الأقصى إلي ثلاثة آلاف جنيه بدلا من مائتي جنيه وهى الأحكام التي تناولها تعديل المادتين 495، 499 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
7 - أثار نص الفقرة الثانية من المادة 151 اللبس في مقصود إعلان الغائب من الخصوم بندب القاضي إذ أنه لم يجر في العمل أن كان الخصوم يعلنون بقرار ندب القاضي ودفعا لهذا اللبس رئي تحديد الحالة التي يعلن فيها الخصم بقرار ندب القاضي، وهى ندبه للقيام بإجراء من إجراءات الإثبات، وهى مقصد المشرع في النص القائم، بحيث أصبح النص الجديد منصرفا إلي أنه اذا كان الرد في حق قاض منتدب لإجراء من إجراءات الإثبات فيقدم الطلب خلال ثلاثة أيام اذا كان طالب الرد حاضرا في الجلسة التي صدر فيها قرار الندب فان لم يكن حاضرا في هذه الجلسة تبدأ الأيام الثلاثة من يوم إعلانه به.
(خامسا) الأوامر على عرائض ودعاوى صحة ونفاذ التصرفات العقارية:
1 - تنظيم الأوامر على العرائض:
ذهب رأى في ظل المادة 194 من التقنين الحالى إلي أن الحالات التي يجوز فيها إصدار أوامر على عرائض وردت في التشريع على سبيل الحصر في حين ذهب الرأى السائد قضاء وفقها إلي أن تلك الحالات لم ترد على سبيل الحصر بما يتيح اصدار الأمر في كل حالة يرى القاضى أنها تحتاج إلي الحماية الوقتية بالإجراء الذي يراه مناسبا لهذه الحماية.
واذا كان الرأى الأخير قد يتيح مرونة تمكن القضاء من مواجهة الحالات العملية التي تحتاج إلي حماية وقتية دون أن يكون قد ورد فيها نص، الا أن الشكوى كثرت من إساءة استخدام هذا النظام وصدور الكثير من الأوامر على عرائض في حالات لم تكن تقتضى صدور أمر فيها، وحرصا على عدم الخروج بهذه السلطة الوقتية إلي غير ما يستهدفه الشارع منها فقد اتجه المشروع إلي تقييد سلطة القاضي في إصدار الأمر على عريضة فنص على تعديل الفقرة الأولى من المادة 194 بحيث لا يكون للقاضي أن يصدر أمرا في غير الحالات التي يرد فيها نص خاص يجيز له إصدار هذا الأمر.
وأجاز المشروع في الفقرة الأولى من المادة 194 لأى من ذوى الشأن التظلم من الأمر الصادر على عريضة، يتظلم يرفع إلي المحكمة المختصة إلا اذا نص القانون على خلاف ذلك، وقد قصد بذوي الشأن في هذا المقام الطلب اذا صدر الأمر برفض طلبه ومن صدر عليه الأمر، والغير الذي تضار مصلحة من الأمر.
ثم عمد المشروع إلي إدخال تعديل على حكم الفقرة الأولى من المادة 199، أجاز بموجبه لذوى الشأن، الحق في التظلم من الأمر لنفس القاضي الآمر، بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، بدلا من رفعه إلي المحكمة المختصة, وبديهي أن الأمر سيقتصر في تحديد مدلول ذوى الشأن في هذا الحكم على الخصم الذي صدر عليه الأمر، والغير الذي أضير منه.
2 - وجوب تسجيل صحف دعاوى صحة ونفاذ التصرفات العقارية:
انتشرت ظاهرة أحجام أغلب المتعاملين في الحقوق العينية العقارية، وخاصة عقود بيع العقارات، عن تسجيل الحقوق التي تلقوها كما يوجب ذلك قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، واستعاضوا عن ذلك برفع دعاوى صحة ونفاذ العقود المبرمة بشأن هذه التصرفات، بما أدى إلي تضخم أعداد هذا النوع من القضايا، حتى بلغت وفقا لإحصائيات عديد من المحاكم ما يجاوز نسبة الـ 50% من مجموع القضايا المنظورة أمامها.
وفضلا عن الأثر السلبى لتزايد عدد القضايا على هذا النحو أمام المحاكم فيما لا يمثل في أغلبه خصومة حقيقية يتعين على القضاء الفصل فيها، فان اتباع هذا الطريق يؤدى إلي عدم تسجيل هذه التصرفات مما يترتب عليه ضياع الرسوم الواجبة على الدولة، بالإضافة إلى ما يشيعه عدم تسجيل هذه التصرفات من زعزعة في أسس الملكية العقارية التي استهدف المشرع بموجب قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 تدعيم أركانها وتوفير الاستقرار لها.
واستهدافا لعلاج ذلك كله فقد اتجه المشروع إلي إضافة فقرة جديدة للمادة 65 من قانون المرافعات تقرر عدم قبول دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية إلا اذا سجلت صحيفتها، وقد استهدف المشروع بذلك تقرير جزاء يتمثل في عدم قبول الدعوى اذا تخلف المدعى عن القيام بالواجب الذي ألزمه به قانون الشهر العقاري بتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية.
وهذا الحكم يقتضى إضافة نص جديد إلي القانون رقم 70 لسنة 1964 في شأن رسوم التوثيق والشهر، برقم 24 مكررا يوجب على المدعى عند تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية أداء 50% من قيمة الرسم النسبي المستحق على شهر التصرف موضوع الدعوى طبقا لقواعد التقدير الواردة في المادة 21 من ذات القانون ويورد هذا المبلغ إلي خزينة المحكمة المختصة كأمانة قضائية على ذمة صدور حكم نهائي في الدعوى، على أن يجرى خصم المبلغ من قيمة الرسم النسبي المستحق على شهر التصرف بعد صدور الحكم وقيامه بشهره، فاذا لم يقم المحكوم له بصحة ونفاذ التصرف بشهره خلال ثلاث سنوات من صيرورة الحكم نهائيا، سقط حقه في استرداد قيمة هذه الأمانة.
وأجاز المشروع للمدعى استرداد قيمة الأمانة في حالة الحكم نهائيا برفض الدعوى أو عدم قبولها أو اعتبارها كأن لم تكن أو سقوط الخصومة فيها.
والتعديلان معا، من شأنهما أن يحققا ضمانا لقدر من الجدية في دعاوى صحة ونفاذ العقود الواردة على التصرفات العينية العقارية، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلي استبعاد أعداد من القضايا المفتقرة إلي هذه الجدية، كما أنه يساهم في تدعيم واستقرار الملكية العقارية بالحث على تسجيل صحف الدعاوى المتعلقة بالتصرفات الواردة على هذه الملكية تمهيدا لتسجيل التصرف ذاته عند صدور حكم لصالح المدعى، وفى الآخر فانه يمكن الدولة من الحصول على نسبة من الرسوم التي يعمد البعض إلي التهرب منها، لتجري تسويتها بعد ذلك مع باقي الرسوم، أو ترد إلي المدعى اذا لم يحصل على حكم بما يدعيه.
(سادسا) في الطعن بالنقض:
1 - تردد الأخذ بنظام ضم ملف الدعوى أمام محكمة النقض عند الطعن أمامها في الحكم الصادر فيها، ونظام الاكتفاء بتقديم صورة رسمية من هذا الحكم والمستندات المتعلقة بالطعن، إلي أن استقر الأمر للنظام الأول وفقا لحكم المادة 255 من قانون المرافعات. وقد استفاضت الشكوى من هذا النظام، اذا فضلا عما يؤدى اليه من تعريض المستندات والمفردات للفقدان، وتعطيل نظر الطعون انتظارا لورود الملف فان الدعوى الموضوعية - في ذاته - من شأن أن يبعد محكمة النقض عن وظيفتها الأولى بوصفها محكمة قانون. ويؤدى إلي أهدار الوقت في قراءة ومراجعة أوراق تتصل بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة محكمة النقض، ولا يقتضيها الفصل في الطعن. يضاف إلي ذلك أنه كثيرا ما يحدث أن تفصل محكمة الاستئناف في شق من النزاع، وتستمر في نظر الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات فاذا طعن بالنقض في هذا الشق، فان ضم الملف من شأنه أن يعطل الفصل في باقى الطلبات كما أن عدم ضمه من شأنه أن يعطل الفصل في الطعن بالنقض، وهى نتيجة غير مقبولة في الحالتين. لذلك رؤى العدول عن هذا النظام، وتجنبا لما يعانيه الخصوم من صعوبات في استخراج صور الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض نظرا لما يستلزمه ذلك من وجوب أداء جميع الرسوم المستحقة على الدعوى في مرحلتها الابتدائية والاستئنافية عند استخراج هذه الصور، وكثيرا ما تكون هذه الرسوم بالقدر الذي لا يتيسر للراغب في الطعن تدبيره في الأجل المحدد للطعن، لذلك فقد عنى المشروع بتذليل هذه العقبة، فأوجب على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو الحكم الابتدائي أن يسلم لمن يشاء من الخصوم ما يطلبه من صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق بدون رسوم على أن تذيل هذه الصور بعبارة "لتقديمها لمحكمة النقض"، وذلك كله دون إخلال بحق قلم الكتاب في المطالبة بعد ذلك بما يكون مستحقا على القضية أو على أصل الأوراق من رسوم.
كما أجاز المشروع - في الوقت ذاته - لمحكمة النقض أن تأمر عند الاقتضاء - بضم ملف الدعوى سواء من تلقاء ذاتها، أو بناء على طلب النيابة أو أحد الخصوم. وغنى عن البيان أن استخدام هذه الرخصة إنما يكون في حالات الضرورة التي تقدر فيها المحكمة لزوم الاطلاع على ملف الدعوى أو أصول الأوراق المقدمة لإمكان الفصل في الطعن.
وحتى لا يتأخر الفصل في الطعن في هذه الحالة أوجب القانون على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أن ترسل الملف خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ طلبه.
كما أجاز المشروع للنيابة العامة وهى في مرحلة إعداد مذكرة الطعن أن تطلب من رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه الأمر بضم ملف القضية الصادر فيها الحكم فيها الحكم المطعون فيه وأوجب على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أن يرسل الملف خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ طلبه حتى لا تتأخر النيابة العامة. في إعداد مذكرتها وبالتالي يتأخر الفصل في الطعن.
2 - وحرصا على أداء محكمة النقض لرسالتها الأولى في وضع المبادئ القانونية غير ذلك تلك التي سبق تقريرها، فقد رئي توسيع اختصاص المحكمة في غرفة المشورة بحيث يكون لها أن تأمر بعدم قبول الطعن اذا أقيم على أسباب تخالف مبادئ سابقة لمحكمة النقض لم تر العدول عنها، وذلك حتى تتفرغ المحكمة عند إحالة الطعن إليها من غرفة المشورة لنظر الأسباب الجديرة بالبحث والدراسة وتقرير المبادئ القانونية بشأنها.
3 - نظرا لما لوحظ من إسراع الكثير من الزوجات اللاتي حصلن على أحكام نهائية بفسخ عقود زواجهن أو بطلاقهن أو تطليقهن، من الزواج مرة أخرى بزوج آخر استنادا إلي أن تلك الأحكام واجبة النفاذ بالرغم من طعن الزوج الأول عليها بالنقض ودون انتظار لما يسفر عنه الحكم الصادر في الطعن، وقد يقضى بنقض الحكم ويستتبع ذلك بطلان الزواج الثاني وما قد يترتب على ذلك من آثار وخيمة وعواقب لا يمكن تداركها بالنسبة للزوجين والأولاد ثمرة الزواج الثاني، ورغبة في تلافى هذه الآثار السيئة نتيجة تنفيذ مثل هذه الأحكام فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة سادسة للمادة 251 من قانون المرافعات تنص على أن الأحكام سالفة الذكر لا تكون نافذة إلا متى صارت باتة، أو بفوات مواعيد الطعن عليها بالنقض أو برفض الطعن بالنقض المرفوع عنها وهذا الحكم يستوجب بالضرورة سرعة الفصل في الطعن وهو الأمر الذي حرص المشروع على تحقيقه بالنص على أنه في حالة الطعن على مثل هذه الأحكام بالنقض، فيجب على رئيس محكمة النقض أو أحد نوابه تحديد جلسة لنظر الطعن في ميعاد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ إيداع صحيفة الطعن بقلم الكتاب، أو وصولها إليه اذا كانت الصحيفة قد أودعت قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وأوجبت على النيابة العامة تقديم مذكرة برأيها خلال أربعة أشهر وذلك لسرعة الفصل في مثل هذه الطعون وحتى تستقر المراكز القانونية لأطراف النزاع بصفة باتة.
4 - وتوحيدا لمواعيد الطعن بالنقض في المواد المدنية والجنائية فقد نص المشروع على تعديل في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض استبدلت بمقتضاه عبارة "ستين يوما" بعبارة "أربعين يوما"، فأصبح ميعاد الطعن بالنقض في جميع الأحوال "ستين يوما".
مسائل متنوعة:
1 - دعاوى المرتبات والأجور:
كانت من بين المسائل التي تناولها المشروع بإعادة التنظيم استهدافا لتحقيق الهدف منها بأقصى سرعة ممكنة، دعاوى المطالبة بالأجور والمرتبات وتحديدها. وكان ذلك بأن نصت المادة الثالثة من المشروع على إضافة بند جديد برقم (4) إلي المادة 43 من قانون المرافعات وبموجب هذا الحكم أصبحت هذه الدعاوى تدخل في الاختصاص النوعي الاستثنائي للمحاكم الجزئية، مهما كانت قيمة الدعوى، في تقدير أن هذا الحكم مع الأخذ في الاعتبار بأغلب الاحتمالات في شأن قيمة هذه الدعاوى، هو الذي يتناسب مع التحديد الجديد للاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية، وفى نفس الوقت فان هذا الاختصاص النوعي هو الأكثر تناسبا في تحقيق هدف تقريب جهات القضاء إلي المتقاضين.
2 - الإخلال بنظام الجلسات:
نظرا لما يجب أن يتحقق في قواعد ضبط وادارة جلسات المحاكم من وحدة سواء كانت هذه المحاكم مدنية أو جنائية، ولما ترتب على تعديل المادة 243 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 29 لسنة 1982 من ترتيب حكم أصبح الاختلاف بموجبه قائما بين القاضي المدني عند إدارته لجلسته، والقاضي الجنائي حين يفعل ذلك، وبغية إزالة هذا الاختلاف، فقد تضمن المشروع في المادة الثانية منه تعديلا لحكم المادة 104 فقرة أولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية بتخويل المحاكم المدنية سلطة حبس المتهم أربع وعشرين ساعة مع استبقاء حكم عقوبة الغرامة على ما هو عليه.
3 - الإحالة بسبب تعديل الاختصاص:
نص المشروع في المادة الحادية عشر منه على حكم وقتي يوجب على المحاكم من تلقاء نفسها أن تحيل بدون رسوم ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت وفقا لهذا القانون من اختصاص محاكم أخرى وذلك بالحالة التي كانت عليها، وأوجب على المحكمة أن تكون الإحالة إلي جلسة محددة أمام المحكمة المختصة، ويعتبر النطق بهذا القرار إعلانا للخصوم الذين حضروا احدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأى سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة فعندئذ يقوم قلم الكتاب بإعلان الخصوم بالقرار بكتاب مسجل، وهى ذات الأحكام التي استحدثها المشروع في المادة المضافة إلي قانون المرافعات برقم 174 (مكرر) واستثنى من حكم الإحالة الدعاوى المحكوم فيها قطعيا والدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها إذ تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة.
ويتشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون المرافق على مجلس الوزراء رجاء الموافقة عليه واستصدار القرار الجمهوري بإحالته إلي مجلس الشعب.
تحريرا في / / 1989

وزير العدل
المستشار
(فاروق سيف النصر)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق