جلسة 25 من فبراير سنة 2016
(31)
الطعن رقم 5002 لسنة 5
القضائية
(1) استئناف
" نظره والحكم فيه " . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " . زراعة .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان
القانونية للجريمة المنصوص عليها في المادة 92 من قانون الزراعة وإيراده أدلة
ثبوتها وإنشاؤه لنفسه أسباباً ومنطوقاً جديدين . مفاده : اشتماله على مقوماته المستقلة بذاتها غير متصل أو منعطف على الحكم المستأنف
. أثر ذلك ؟
(2) قصد جنائي . جريمة " أركانها " . زراعة . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
القصد
الجنائي في جريمة إثبات بيانات مخالفة للحقيقة في نموذج الحيازة المنصوص عليها بالمادة 92 من قانون الزراعة . موضوعي . تحدث
الحكم عنه على استقلال . غير لازم . ما دام قد أورد ما يدل عليه .
الجدل
الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) أسباب
الإباحة وموانع العقاب " طاعة الرئيس " . حيازة . دفوع " الدفع
بالإعفاء من العقاب " .
مسئولية جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الطاعن
الدفع بأن ارتكاب الفعل كان تنفيذاً لأمر رئيسه وما أمرت به القوانين في شأن تجديد
الحيازة الزراعية لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
طاعة الرئيس
لا تمتد بحال إلى ارتكاب الجرائم . مؤدى ذلك ؟
مثال .
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب " طاعة الرئيس
" . قانون " تفسيره " . موظفون عموميون . جريمة "
أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تنفيذ الموظف ما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه
من اختصاصه . لا جريمة . إرسال القول بحسن النية في إجراء العمل . غير مقبول .
أساس وشرط ذلك ؟
(5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن .
وجوب أن يكون واضحاً مبيناً محدداً .
نعي الطاعن
مخالفة الحكم المطعون فيه للمادة 310 إجراءات . غير مقبول . ما دام لم يفصح عن أوجه ذلك .
(6) إجراءات
" إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . بطلان . نقض " أسباب الطعن .
ما لا يقبل منها " .
ثبوت توقيع كل صفحة من صفحات محاضر جلسات المحكمة
الاستئنافية من رئيس المحكمة وكاتبها . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
محضر الجلسة . وجوب تحريره لإثبات ما يجري بالجلسة وتوقيع
رئيس المحكمة وكاتبها على كل صفحة منه في اليوم التالي على الأكثر . عدم التوقيع
على كل صفحة منه . لا يرتب بطلان الإجراءات .
ما دام أن الطاعن لا يدعي أن شيئاً مما دون في المحاضر يخالف الحقيقة .
أساس ذلك ؟
النعي بخلو محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة من
توقيع رئيسها وكاتب الجلسة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(7) حكم " بيانات الديباجة " " بطلانه " . بطلان
. تقرير التلخيص . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
محضر الجلسة .
الأصل في الإجراءات الصحة . عدم جواز الادعاء بما يخالف الثابت بمحضر
الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير .
فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته . لا يبطل الإجراءات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فِيْهِ قَدْ أَنْشَأَ
لِقَضَائِهِ أَسْبَابًا وَمنطُوقًا جَدِيدين وَبَيَّنَ وَاقِعَةَ الدَعْوَى بِمَا تَتوَافَر بِهِ كَافَة العَنَاصِر
القَاْنــُونية لِجَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مخالفة للحقيقة فِي نموذج الحيازة المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ
قَاْنــُون الزراعة الَّتِي دَانَ الطَّاْعِنَ بِهَـا وأَوْرَدَ عَلَى ثُــبُوتها
فِي حَقِّهِ أَدِلَّة سَائِغَة لَهَا مُعينها الصحيح مِنْ أَوْرَاق الدَعْوَى
وَمِنْ شَأَنِهَا أَنَّ تُؤَدِي إِلَى مَا رَتَّبـَـهُ الحُكْمُ عَلَـيِّهَـا
وَأَوقَعَ عَلَيهِ العُــقُوبَة مكتفيًا بحبسه أسبوعًا واحدًا مَع الشغل ،
فَإِنَّهُ بذَلِك يَكُونُ قَدْ اشتمل عَلَى مُقوِمَاتِهِ المُستقلة بذاتها غَيْر
متصل أَوْ منعطف عَلَى الحُكْمِ المُسْتَأَنَف مِمَّا يَعصِمُهُ مِنْ عيب
القُصُورِ الَّذِي قَدْ يَشُوب الحُكْم الأَخِير، وَيَكُونُ مَا يَنْعَاهُ
الطَّاْعِنُ فِي هذا الخُصُوص غَيْر سَدِيدٍ .
2- لما كَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ القَصْدَ
الجنائِيَّ فِي جَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مُخَالِفَة للحَقِيقَة فِي نَمُوذَجٍ
الحِيَازة المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ قَاْنــُون الزراعة - مِنْ المسائل المَوْضُوعية
المُتَعَلِقة بوقائع الدَعْوَى الَّتِي تَفصِلُ فِيهَا مَحْكَمَةُ المَوْضُوع فِي
ضوء الظُرُوف المَطْرُوحَة عَلَـيِّهَـا ، ولَيْس بِلَازِمٍ أَنَّ يَتحَدَثُ
الحُكْمُ عَنْهُ صَرَاحَةً وَعَلَى اِسْتقلَالٍ مَا دَامَ الحُكْمُ قَدْ أَوْرَدَ
مِنْ الوَقَائِع مَا يَدُلُ عَلَيهِ ، وكَاْنَ مَا أَثبته الحُكْمُ المَطْعُون
فِيْهِ فِي مقام التدَلِيل عَلَى توافر جَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مخالفة للحقيقة
فِي نَمُوذج الحيازة المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة المُشَار إِلَـيِّهَـا
سلفًا فِي حق الطَّاْعِن ، وَمَا اِسْتدَلَ بِهِ عَلَى عِلْمِهِ بِعَدَمِ صِحَة
هذه البَيَانات ، تَتحَقَّقُ به كَافَةُ العَنَاصِر القَاْنــُونية لتلك
الجَرِيمَة الَّتِي دَانَهُ بِهَـا ، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِنُ فِي
هذا الشَأَن لَا يَعدُو أَنَّ يَكُونَ جَدَلًا مَوْضُوعيًا فِي تَـقْدِير
المَحْكَمَة لأَدِلَة الدَعْوَى وَفِي سُلطَتِهَا فِي وَزْنِ عَنَاصِرها
وَاِسْتنبَاط مُعتَقَدها مِمَّا لَا يَجُوزُ إِثَارَتـُهُ أَمَامَ مَحْكَمَة
النـَّــقْض .
3- لما كان لَا
يبين مِنْ الاطلاع عَلَى مَحَاضِر جَلسَات المُحَاكَمَة أَنَّ الطَّاْعِنَ أَثَارَ
دِفَاعًا مُؤدَاهُ أَنَّ الفِعْل المُسْنَد إِلَيهِ ارتكابه كَاْنَ تنفيذًا مِنْهُ
لِأَمْرِ رَئِيسِهِ المُبَاشِر وَلِمَا أَمَرَت بِهِ القَوَانِين فِي شَأَن تجديد
الحيازة الزراعية ، فَإِنـَّــهُ لَا يُقبَلُ مِنْ الطَّاْعِن إِثَارَة هذا
الدِفَاع لأَوَل مَرَّة لدى مَحْكَمَة النـَّــقْض ؛ هَذا فَضْلًا - وَعَلَى فَرْض
صحة مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِن بأَسْبَاب طَّعْنه - فَإِنَّ طَاعَةَ الرئيس لَا
تَمتَدُ بِأَي حَالَ إِلَى اِرْتكَابِ الجَرَائِم إِنـَّــهُ لَيْس عَلَى مَرؤُوسٍ
أَنَّ يُطِيعُ الأَمر الصَادِر مِنْ رئيسه بارتكاب فعل يَعلَمُ هُوَ أَنَّ
القَاْنــُون يعاقب عَلَيهِ ، وكَاْنَ فعل إِثْــبَات بَيَانات مخالفة للحقيقة فِي
نموذج الحيازة المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ قَاْنــُون الزراعة
الَّذِي أسند إِلَيهِ ودانته المَحْكَمَة بِهِ هُوَ عَمَلٌ غَيْرُ مَشرُوعٍ ونية
الإجرام فِيْهِ واضحة بِمَا لَا يشفع للطَّاْعِن فِيمَا يدعيه بِأَنـَّـهُ مُجبَر
عَلَى الانصياع لِمَا يَصَدُرُ مِنْ تعليمات وَأَوَامِر وَاجِبَة النفاذ ، وَمِنْ
ثَــمَّ يَضْحَى كُلُ مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِن فِي هذا الخُصُوص وَلَا مَحَل
لَه .
4- لما كَاْنَت المَادَّةُ 63 مِنْ قَاْنــُون
العُـقُوبَات إِذْ قَضَّت بِأَنَّهُ لَا جَرِيمَة إِذَا وَقَعَ الفعل مِنْ
المُوَظَّف تنفيذًا لِمَا أَمَرَت بِهِ القَوَانِين أَوْ مَا اعتقد أَنَّ إِجْراءه
مِنْ اختصاصه مَتَى حسنت نيته ، قَدْ أَوْجَبَت عَلَيهِ فوق ذَلِك أَنَّ يثبت
أَنـَّــهُ لَمْ يرتكب الفعل إِلَّا بَعْدَ التثبت والتحري ، وَأَنَّهُ كَاْنَ
يعتقد مشروعيته اعتقادًا مبنيًا عَلَى أَسْبَاب معقَوْلة ، وَإِذْ كَاْنَ
البَيَّنُ مِنْ الحُكْمِ أَنَّ الطَّاْعِنَ لَمْ يثبت شيئًا مِنْ ذَلِك عِلَاوَة
عَلَى أَنَّ مَا سَاقَهُ الحُكْمُ فِي مُدَوَّنَاتِهِ مِنْ شَأَنِهِ أَنَّ يُؤَدِي
إِلَى انتفاء حسن النية الَّذِي يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِن عَلَى نحو
مرسل ، وَمِنْ ثَــمَّ فَإِنَّ تعييبه الحُكْم فِي هذا الصدد يَكُونُ عَلَى غَيْرِ
أَسَاسٍ .
5- لما كَاْنَ قَضَاءُ النـَّــقْض قَدْ اِسْتَقَرَ
عَلَى أَنَّـهُ يَجِبُ لقَــبُول وجه الطَّعْن أَنَّ يَكُونَ وَاضِحًا مُحَدَّدًا ،
وكَاْنَ الطَّاْعِنُ لَمْ يُفصِحْ بأَسْبَاب طَّعْنِهِ عَنْ أَوجُه مُخَالَفَة
الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ لنص المَادَّة 310 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات
الجِنَائِيـَّـة ، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ عَنْ هذا الخُصُوص لَا يَكُونُ
مَقْبُولًا .
6- لما كَاْنَ البَيَّنُ مِنْ مُطَالَعَة مَحَاضِر
الجَلسَات أَمَامَ المَحْكَمَة الاِسْتِئْنَافية ، أَنـَّــهُ مُوَقَّعٌ عَلَى كُل
صفحة مِنْ صفحات مَحَاضِر الجَلسَات مِنْ رئيس المَحْكَمَة وَكَاتِبها ، وَأَنَّهُ
مِنْ جانب آخر فَإِنَّ المَادَّة 276 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات
الجِنَائِيـَّـة وَإِنْ كَاْنَت قَدْ نَصَّت فِي الفقرة الأَوَلى مِنْهَـا عَلَى
وُجُوب تحرير مَحْضَر بِمَا يَجري فِي جَلْسَّة المُحَاكَمَة وَيُوقِعُ عَلَى كُل
صفحة مِنْهُ رئيس المَحْكَمَة وكاتبها فِي اليَوم التَالِي عَلَى الأكثر إِلَّا
أَنَّ مجرد عدم التوقيع عَلَى كُل صفحة لَا يترتب عَلَيهِ بُطْلَان الإِجْرَاءَات
وَمَا دَامَ أَنَّ الطَّاْعِن لَا يدعي أَنَّ شيئًا مِمَّا دُوِّنَ فِي المَحَاضِر
قَدْ جَاءَ مُخَالِفًا لحقيقة الوَاقِع ، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ فِي هذا الوجه
أيضًا لَا يَكُونُ لَهُ مَحَل . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكَاْنَ مَا يَنْعَاهُ
الطَّاْعِنُ عَلَى إِجْرَاءَات المُحَاكَمَة أَمَامَ مَحْكَمَة أَول درجة
لِخُلُّوِ مَحَاضِر جلساتها مِنْ توقيع رئيسها وكاتب الجَلْسَّة مَردُودًا
بِأَنَّهُ فَضْلًا عَنْ أَنَّ بعض تلك المَحَاضِر قَدْ استوفى هذا البَيَان وَهُوَ
بَيَان لَا يعيب الإِجْرَاءَات إِغْفَالُهُ عَلَى مَا سلف القَوْل . فَإِنَّ ذَلِك
النعي مُنَصَّب عَلَى الإِجْرَاءَات أَمَامَ مَحْكَمَة أَوَل درجة وَهُوَ مَا لَمْ
يُــثِـرُهُ الطَّاْعِنُ أَمَامَ المَحْكَمَة الاِسْتِئْنَافية فَلَا يقبل مِنْهُ
إِثَارَتـُهُ لأَوَل مَرَّة أَمَامَ مَحْكَمَة النـَّــقْض .
7- لما كان مَا يُثِيرُهُ الطَّاْعِنُ بأَسْبَاب طَّعْنِهِ مِنْ أَنَّ تَـقْـرِير التلخيص لَمْ يُودَعْ مَلَف الدَعْوَى مِمَّا يَجعَلُ الحُكْمَ بَاطِلًا لابتنائه عَلَى مُخالفة المَادَّة 411 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات الجِنَائِيـَّـة مردودًا بِأَنْ الثَابِتَ مِن الاطلاع عَلَى ديباجة الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ تَـقْـرِيرَ التَلخِيص قَدْ تُلِيَ ، وَكَاْن الأَصْلُ فِي الإِجْرَاءَات الصِحَة وَلَا يَجُوزُ الاِدْعَاء بِمَا يُخَالِفُ مَا أثبت مِنْهَـا سَوَاءً فِي مَحْضَر الجَلْسَّة أَوْ الحُكْم إِلَّا بالطَّعْنِ بالتزوير، وَكَاْنَ فُقدَانُ تَـقْـرِير التَلْخيص بَعْدَ تِلَاوَته - بِفَرْضِ حُصُوله -لَا يُبطِلُ الإِجْرَاءَات ، وَمِنْ ثَــمَّ فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد يَكُونُ وَلَا مَحَل لَهُ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حَيْثُ إِنَّ الحُكْمَ المَطْعُونَ
فِيْهِ قَدْ أَنْشَأَ لِقَضَائِهِ أَسْبَابًا وَمنطُوقًا جَدِيدين وَبَيَّنَ
وَاقِعَةَ الدَعْوَى بِمَا تَتوَافَر بِهِ كَافَة العَنَاصِر القَاْنــُونية
لِجَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مخالفة للحقيقة فِي نموذج الحيازة المَنْصُوص
عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ قَاْنــُون الزراعة الَّتِي دَانَ الطَّاْعِنَ
بِهَـا وأَوْرَدَ عَلَى ثُــبُوتها فِي حَقِّهِ أَدِلَّة سَائِغَة لَهَا مُعينها
الصحيح مِنْ أَوْرَاق الدَعْوَى وَمِنْ شَأَنِهَا أَنَّ تُؤَدِي إِلَى مَا
رَتَّبـَـهُ الحُكْمُ عَلَـيِّهَـا وَأَوقَعَ عَلَيهِ العُــقُوبَة مكتفيًا بحبسه
أسبوعًا واحدًا مَع الشغل ، فَإِنَّهُ بذَلِك يَكُونُ قَدْ اشتمل عَلَى
مُقوِمَاتِهِ المُستقلة بذاتها غَيْر متصل أَوْ منعطف عَلَى الحُكْمِ
المُسْتَأَنَف مِمَّا يَعصِمُهُ مِنْ عيب القُصُورِ الَّذِي قَدْ يَشُوب الحُكْم
الأَخِير ، وَيَكُونُ مَا يَنْعَاهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الخُصُوص غَيْر سَدِيدٍ .
لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكَاْنَ مِنْ المُقَرَّر أَنَّ القَصْدَ الجنائِيَّ فِي
جَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مُخَالِفَة للحَقِيقَة فِي نَمُوذَجٍ الحِيَازة
المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ قَاْنــُون الزراعة - مِنْ المسائل المَوْضُوعية
المُتَعَلِقة بوقائع الدَعْوَى الَّتِي تَفصِلُ فِيهَا مَحْكَمَةُ المَوْضُوع فِي
ضوء الظُرُوف المَطْرُوحَة عَلَـيِّهَـا ، ولَيْس بِلَازِمٍ أَنَّ يَتحَدَثُ
الحُكْمُ عَنْهُ صَرَاحَةً وَعَلَى اِسْتقلَالٍ مَا دَامَ الحُكْمُ قَدْ أَوْرَدَ
مِنْ الوَقَائِع مَا يَدُلُ عَلَيهِ ، وكَاْنَ مَا أَثبته الحُكْمُ المَطْعُون
فِيْهِ فِي مقام التدَلِيل عَلَى توافر جَرِيمَة إِثْــبَات بَيَانات مخالفة
للحقيقة فِي نَمُوذج الحيازة المَنْصُوص عَلَيهِ فِي المَادَّة المُشَار
إِلَـيِّهَـا سلفًا فِي حق الطَّاْعِن ، وَمَا اِسْتدَلَ بِهِ عَلَى عِلْمِهِ
بِعَدَمِ صِحَة هذه البَيَانات ، تَتحَقَّقُ به كَافَةُ العَنَاصِر القَاْنــُونية
لتلك الجَرِيمَة الَّتِي دَانَهُ بِهَـا، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِنُ
فِي هذا الشَأَن لَا يَعدُو أَنَّ يَكُونَ جَدَلًا مَوْضُوعيًا فِي تَـقْدِير
المَحْكَمَة لأَدِلَة الدَعْوَى وَفِي سُلطَتِهَا فِي وَزْنِ عَنَاصِرها وَاِسْتنبَاط
مُعتَقَدها مِمَّا لَا يَجُوزُ إِثَارَتـُهُ أَمَامَ مَحْكَمَة النـَّــقْض .
لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكَاْنَ لَا يبين مِنْ الاطلاع عَلَى مَحَاضِر جَلسَات
المُحَاكَمَة أَنَّ الطَّاْعِنَ أَثَارَ دِفَاعًا مُؤدَاهُ أَنَّ الفِعْل
المُسْنَد إِلَيهِ ارتكابه كَاْنَ تنفيذًا مِنْهُ لِأَمْرِ رَئِيسِهِ المُبَاشِر
وَلِمَا أَمَرَت بِهِ القَوَانِين فِي شَأَن تجديد الحيازة الزراعية ،
فَإِنـَّــهُ لَا يُقبَلُ مِنْ الطَّاْعِن إِثَارَة هذا الدِفَاع لأَوَل مَرَّة
لدى مَحْكَمَة النـَّــقْض ؛ هَذا فَضْلًا - وَعَلَى فَرْض صحة مَا يُــثِـيرُهُ
الطَّاْعِن بأَسْبَاب طَّعْنه - فَإِنَّ طَاعَةَ الرئيس لَا تَمتَدُ بِأَي حَالَ
إِلَى اِرْتكَابِ الجَرَائِم إِنـَّــهُ لَيْس عَلَى مَرؤُوسٍ أَنَّ يُطِيعُ
الأَمر الصَادِر مِنْ رئيسه بارتكاب فعل يَعلَمُ هُوَ أَنَّ القَاْنــُون يعاقب عَلَيهِ
، وكَاْنَ فعل إِثْــبَات بَيَانات مخالفة للحقيقة فِي نموذج الحيازة المَنْصُوص
عَلَيهِ فِي المَادَّة 92 مِنْ قَاْنــُون الزراعة الَّذِي أسند إِلَيهِ ودانته
المَحْكَمَة بِهِ هُوَ عَمَلٌ غَيْرُ مَشرُوعٍ ونية الإجرام فِيْهِ واضحة بِمَا لَا
يشفع للطَّاْعِن فِيمَا يدعيه بِأَنـَّـهُ مُجبَر عَلَى الانصياع لِمَا يَصَدُرُ
مِنْ تعليمات وَأَوَامِر وَاجِبَة النفاذ ، وَمِنْ ثَــمَّ يَضْحَى كُلُ مَا
يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِن فِي هذا الخُصُوص وَلَا مَحَل لَهُ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك
، وَكَاْنَت المَادَّةُ 63 مِنْ قَاْنــُون العُـقُوبَات إِذْ قَضَّت بِأَنَّهُ
لَا جَرِيمَة إِذَا وَقَعَ الفعل مِنْ المُوَظَّف تنفيذًا لِمَا أَمَرَت بهِ
القَوَانِين أَوْ مَا اعتقد أَنَّ إِجْراءه مِنْ اختصاصه مَتَى حسنت نيته ، قَدْ
أَوْجَبَت عَلَيهِ فوق ذَلِك أَنَّ يثبت أَنـَّــهُ لَمْ يرتكب الفعل إِلَّا
بَعْدَ التثبت والتحري ، وَأَنَّهُ كَاْنَ يعتقد مشروعيته اعتقادًا مبنيًا عَلَى
أَسْبَاب معقَوْلة ، وَإِذْ كَاْنَ البَيَّنُ مِنْ الحُكْمِ أَنَّ الطَّاْعِنَ
لَمْ يثبت شيئًا مِنْ ذَلِك عِلَاوَة عَلَى أَنَّ مَا سَاقَهُ الحُكْمُ فِي
مُدَوَّنَاتِهِ مِنْ شَأَنِهِ أَنَّ يُؤَدِي إِلَى انتفاء حسن النية الَّذِي
يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِن
عَلَى نحو مرسل ، وَمِنْ ثَــمَّ فَإِنَّ تعييبه الحُكْم فِي هذا الصدد يَكُونُ
عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ،
وكَاْنَ قَضَاءُ النـَّــقْض قَدْ اِسْتَقَرَ عَلَى أَنَّـهُ يَجِبُ لقَــبُول وجه
الطَّعْن أَنَّ يَكُونَ وَاضِحًا مُحَدَّدًا ، وكَاْنَ الطَّاْعِنُ لَمْ يُفصِحْ
بأَسْبَاب طَّعْنِهِ عَنْ أَوجُه مُخَالَفَة الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ لنص المَادَّة
310 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات الجِنَائِيـَّـة ، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ
عَنْ هذا الخُصُوص لَا يَكُونُ مَقْبُولًا .
لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكَاْنَ البَيَّنُ مِنْ مُطَالَعَة مَحَاضِر الجَلسَات
أَمَامَ المَحْكَمَة الاِسْتِئْنَافية ، أَنـَّــهُ مُوَقَّعٌ عَلَى كُل صفحة مِنْ
صفحات مَحَاضِر الجَلسَات مِنْ رئيس المَحْكَمَة وَكَاتِبها ، وَأَنَّهُ مِنْ جانب
آخر فَإِنَّ المَادَّة 276 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات الجِنَائِيـَّـة وَإِنْ
كَاْنَت قَدْ نَصَّت فِي الفقرة الأَوَلى مِنْهَـا عَلَى وُجُوب تحرير مَحْضَر
بِمَا يَجري فِي جَلْسَّة المُحَاكَمَة وَيُوقِعُ عَلَى كُل صفحة مِنْهُ رئيس
المَحْكَمَة وكاتبها فِي اليَوم التَالِي عَلَى الأكثر إِلَّا أَنَّ مجرد عدم
التوقيع عَلَى كُل صفحة لَا يترتب عَلَيهِ بُطْلَان الإِجْرَاءَات وَمَا دَامَ
أَنَّ الطَّاْعِن لَا يدعي أَنَّ شيئًا مِمَّا دُوِّنَ فِي المَحَاضِر قَدْ
جَاءَ مُخَالِفًا لحقيقة الوَاقِع ، فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ فِي هذا الوجه أيضًا
لَا يَكُونُ لَهُ مَحَل . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ،
وكَاْنَ مَا يَنْعَاهُ الطَّاْعِنُ عَلَى إِجْرَاءَات المُحَاكَمَة أَمَامَ
مَحْكَمَة أَول درجة لِخُلُّوِ مَحَاضِر جلساتها مِنْ توقيع رئيسها وكاتب
الجَلْسَّة مَردُودًا بِأَنَّهُ فَضْلًا عَنْ أَنَّ بعض تلك المَحَاضِر قَدْ
استوفى هذا البَيَان وَهُوَ بَيَان لَا يعيب الإِجْرَاءَات إِغْفَالُهُ عَلَى مَا
سلف القَوْل . فَإِنَّ ذَلِك النعي مُنَصَّب عَلَى الإِجْرَاءَات أَمَامَ
مَحْكَمَة أَوَل درجة وَهُوَ مَا لَمْ يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِنُ أَمَامَ
المَحْكَمَة الاِسْتِئْنَافية فَلَا يقبل مِنْهُ إِثَارَتـُهُ لأَوَل مَرَّة
أَمَامَ مَحْكَمَة النـَّــقْض . لَمَّا كَاْنَ ذَلِك ، وكَاْنَ مَا يُثِيرُهُ
الطَّاْعِنُ بأَسْبَاب طَّعْنِهِ مِنْ أَنَّ تَـقْـرِير التلخيص لَمْ يُودَعْ
مَلَف الدَعْوَى مِمَّا يَجعَلُ الحُكْمَ بَاطِلًا لابتنائه عَلَى مُخالفة
المَادَّة 411 مِنْ قَاْنــُون الإِجْرَاءَات الجِنَائِيـَّـة مردودًا بِأَنْ
الثَابِتَ مِن الاطلاع عَلَى ديباجة الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ تَـقْـرِيرَ
التَلخِيص قَدْ تُلِيَ ، وَكَاْنَ الأَصْلُ فِي الإِجْرَاءَات الصِحَة وَلَا
يَجُوزُ الاِدْعَاء بِمَا يُخَالِفُ مَا أثبت مِنْهَـا سَوَاءً فِي مَحْضَر
الجَلْسَّة أَوْ الحُكْم إِلَّا بالطَّعْنِ بالتزوير، وَكَاْنَ فُقدَانُ
تَـقْـرِير التَلْخيص بَعْدَ تِلَاوَته – بِفَرْضِ حُصُوله - لَا يُبطِلُ الإِجْرَاءَات،
وَمِنْ ثَــمَّ فَإِنَّ مَا يُــثِـيرُهُ الطَّاْعِنُ فِي هذا الصَدَّد يَكُونُ
وَلَا مَحَل لَهُ . لَمَّا كَاْنَ مَا تَقَدَّمَ ، فَإِنَّ الطَّعْنَ بِرُمَتِهِ
يَكُونُ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ مُتَعيِّنًا التَقْرِيرُ بِعَدَمِ قَــبُولِهِ
مَوْضُوعًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق