محكمة التمييز
الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية
والأحوال الشخصية والعمالية
جلسة 19/ 4 / 2016
برئاسة السيد المستشار/ يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز الفهد وعبد الهادي العطار
وخالد المزيني ومشعل الجريوي ويونس الياسين
وفؤاد الزويد وعادل العيسى ود. جمال العنيزي
ومحمد السيد يوسف الرفاعي – وكلاء المحكمة والمستشار/ درويش أغا
--------------------
(2)
(الطعن رقم 1 لسنة 2016 "هيئة عامة" مدني)
ملكية "أحكام حق الملكية – الملكية الشائعة" و"قيود حق الملكية". دستور. قانون "القوة الملزمة للقانون". حق "أنواع من الحقوق: الحقوق العينية الأصلية – حق الملكية". مجلس الوزراء. قرار إداري "ما لا يعد قرارا إداريا" و"القرار الإداري والعمل المادي". بلدية. بناء. تسجيل "تسجيل الحقوق العينية العقارية الأصلية". عقارات. شيوع. تراخيص. مصلحة عامة.
- الملكية الخاصة مصونة بموجب الدستور والقانون. مؤدى ذلك. عدم جواز منع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون. المادتان 18 من الدستور، 810 مدني.
- الحق المطلق. عدم وجوده دون قيد ينظمه.
- حق الملكية بما يرتبه من تمتع المالك بالتصرف فيه. ليس حقا عصيا عن التنظيم التشريعي إذا اقتضاه الصالح العام. جواز حرمان المالك من التمتع بهذا الحق مؤقتا. علة ذلك: أن الملكية وظيفة اجتماعية فالقانون يحميه ما دام يمارس سلطانه في الحدود المرسومة لهذه الوظيفة. خروجه عن هذه الحدود. أثره. عدم اعتباره مستحقا لحمايته حتى يعود إلى جادة القانون. مؤدى ذلك: أنه حال تعارض حق الملكية باعتباره مصلحة خاصة مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم.
- إجراءات نقل الملكية هي مقدمة لتنظيم ممارسة حق الملكية فتبقى محكومة بمراعاة أحكام القانون الذي ينظمها متوخيا الصالح العام الذي يخضع من حيث ضرورته ومداه وحدوده لرقابة القضاء.
- البلدية هي الجهة التي أناط بها القانون معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وإصدار شهادات بذلك. علة ذلك. لتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات. المواد 3، 13، 16 ق 5 لسنة 1959 في شأن التسجيل العقاري، المادة 2/ الفقرة الأخيرة ق 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت.
- القرار الصادر من مجلس الوزراء رقم 614 لسنة 2009. الغرض منه. التصدي لظاهرة التجاوزات في السكن الخاص توخيا للصالح العام وتنظيما لإجراءات تسجيل العقارات بوقفها مؤقتا لحين إزالة المخالفات العالقة بها التزاما بنظم البناء والحد من أية مخالفات بها تعيق تطبيق النظام المعماري المعتمد وفقا للمخطط الهيكلي للدولة. كيفية ذلك وأداته. باقتراح الإجراءات والتعديلات التشريعية المناسبة للحد من مشكلة التملك بالمشاع في السكن الخاص والطلب من البلدية وقف جميع تراخيص البناء وإصدار كتب تحديد العقارات المخالفة ضمن المشاع لحين انتهاء اللجنة المشكلة.
خلو القرار من المساس بسلطان المالك وحقه بالتصرف في ملكه. علة ذلك. أن هذا التنظيم تعلق بتنظيم إجراءات نقل ملكية العقارات والتي تظل مقيدة بمراعاة أحكام القانون بمعناه الأعم ومنها القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء الذي يهيمن على مصالح الدولة متوخيا في ذلك الصالح العام تجنيبا للبلاد من مخاطر تفشي العشوائيات وتفاقم مخالفات البناء. عدم اعتبار ذلك مانعا للمالك من التصرف فيما يملك. صيرورة ذلك إجراءً وقتيا لا مؤبدا. للبلدية حق الامتناع عن إصدار كتب تحديد – شهادات أوصاف – للعقارات المخالفة ضمن المشاع التي عناها القرار التزاما بما ورد به من توجيه للبلدية. ما تقوم به البلدية من التزامها بعدم إصدار تلك الشهادات. عمل مادي لا قرار إداري سلبي.
---------------------
النص في المادة 18 من الدستور على أن "الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون،..."
والنص في المادة 810 من القانون المدني على أنه "لمالك الشيء أن يستعمله وأن يستغله وأن يتصرف فيه، في حدود القانون." مفاده أن الملكية الخاصة، وإن كانت مصونة بموجب الدستور والقانون فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون. إلا أنه ليس هناك حق مطلق دون قيد ينظمه، وأن حق الملكية بما يرتبه من تمتع المالك بالتصرف فيه، ليس حقا مطلقا عصيا عن التنظيم التشريعي الذي يقتضيه الصالح العام، بل إنه – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني – قد يحرم المالك من التمتع بهذا الحق مؤقتا باعتبار أن للملكية وظيفة اجتماعية فالقانون يحميه ما دام يمارس سلطانه في الحدود المرسومة لهذه الوظيفة، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبر مستحقا لحمايته حتى يعود إلى جادة القانون، ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية باعتباره مصلحة خاصة مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم كما أن إجراءات نقل الملكية باعتبارها مقدمات لتنظيم ممارسة ذلك الحق تبقى محكومة بمراعاة أحكام القانون الذي ينظمها متوخيا في ذلك الصالح العام الذي يخضع من حيث ضرورته ومداه وحدوده لرقابة القضاء.
وكان النص في المادة (3) من المرسوم بقانون التسجيل العقاري رقم 5 لسنة 1959 على أن "تختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات، وتقوم – في سبيل ذلك – بما يأتي: - 1- معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وحساب مسطحاتها ...."، والنص في المادة (13) من ذات القانون على أنه "يجب أن تشتمل المحررات المراد تسجيلها على ما يأتي: أولا ... ثانيا: ... ثالثا: البيانات اللازمة والمفيدة في تعيين العقار وعلى الأخص موقعه ومساحته وأطواله وحدوده .... "والنص في المادة (16) منه على أن" يتولى القسم الفني الإجراءات الهندسية ومراجعة الطلب من الناحية المساحية وعلى الأخص فيما يتعلق بمعاينة العقار على الطبيعة للتثبت من موقعه وأطواله ومسطحه وحدوده، وما يتبع ذلك من تطبيق مستندات التمليك، والتأشير على الخرائط بما يفيد ذلك وإعداد ملف لكل معاملة يبين به رقم وتاريخ الطلب ورقم وتاريخ التسجيل النهائي، والنص في الفقرة الأخيرة من المادة (2) من القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت على أن "... تتولى البلدية الأعمال المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون التسجيل العقاري الخاصة بمعاينة العقارات ومسحها وعمل رسوماتها وحساب مسطحاتها ....." مفاده أن لتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات فقد أناط القانون بالبلدية معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وإصدار شهادات بذلك، وإعمالا لأحكام القانون وتنظيما لإجراءات تسجيل العقارات فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 614 بتاريخ 29/ 7/ 2009 – تصديا لظاهرة التجاوزات في السكن الخاص بتشكيل لجنة برئاسة وزارة العدل (التسجيل العقاري) وعضوية ممثلين عن وزارة الكهرباء والماء، وزارة التجارة والصناعة وإدارة الفتوى والتشريع، وبلدية الكويت لاقتراح الإجراءات والتعديلات التشريعية المناسبة للحد من مشكلة التملك بالمشاع في السكن الخاص والطلب من البلدية وقف جميع تراخيص البناء وإصدار كتب تحديد للعقارات المخالفة ضمن المشاع لحين انتهاء اللجنة المشكلة.
وكان يبين من هذا القرار أنه صدر توخيا للصالح العام وتنظيما لإجراءات تسجيل العقارات بوقفها مؤقتا لحين إزالة المخالفات العالقة بها، التزاما بنظم البناء والحد من أية مخالفات بها تعيق تطبيق النظام المعماري المعتمد وفقا للمخطط الهيكلي للدولة وقد خلا من قالة المساس بسلطان المالك وحقه بالتصرف في ملكه إذ أن هذا التنظيم تعلق بتنظيم إجراءات نقل ملكية العقارات والتي تظل مقيدة بمراعاة أحكام القانون بمعناه الأعم ومنها القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء، الذي يهيمن على مصالح الدولة عملا بالمادة 123 من الدستور، متوخيا في ذلك الصالح العام تجنيبا بالبلاد من مخاطر تفشي العشوائيات وتفاقم مخالفات البناء، ولا يعد مانعا للمالك من التصرف فيما يملك، وذلك لحين انتهاء اللجنة المشكلة من أعمالها أو إزالة المخالفات العالقة بالعقارات، أيما الأجلين قضى، يكشف عن تأقيت تلك الإجراءات لا تأبيدها، وبما يحق معه للبلدية الامتناع عن إصدار كتب تحديد – شهادات أوصاف – للعقارات المخالفة ضمن المشاع التي عناها القرار المشار إليه التزاما بما ورد به من توجيه للبلدية مما يعد التزامها بعدم إصدار شهادات تحديد العقار عمل مادي لا قرار إداري سلبي. لما كان ذلك، وكانت الهيئة قد انتهت إلى هذا النظر بأغلبية الآراء عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 فإنها تعدل عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي ارتأت غير ذلك وتعيد الطعن إلى الدائرة المدنية والعمالية المختصة للفصل في موضوعه.
---------------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم 2022 لسنة 2011 تجاري مدني كلي حكومة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته تسليمه شهادة أوصاف وما يلزمها لتحديد العقار الكائن في جليب الشيوخ قسيمة رقم (1) من المخطط رقم (م/ 33475) قطعة (21) وثيقة رقم 5706/ 1985 والبالغ مساحته 757 م2 في مواجهة المطعون ضده الثاني بصفته وإلزام الأخير باستخراج وثيقة ملكية له عن هذا العقار مع الاحتفاظ بحقه في التعويض، وقال بيانا لذلك أنه بتاريخ 14/ 4/ 2010 ابتاع العقار المشار إليه بموجب حكم مرسي المزاد رقم 300 لسنة 2009 بيوع ولدى اتخاذ إجراءات تسجيله امتنع المطعون ضده الأول عن استخراج شهادة الأوصاف للعقار واللازمة للتسجيل بادعاء وجود مخالفات بالعقار بالرغم من أن تلك المخالفات في قسائم أخرى مجاورة مما حدا به لإقامة هذه الدعوى، أحالت الدائرة المدنية الدعوى إلى الدائرة الإدارية وقيدت أمامها برقم 4530 لسنة 2011 والتي قضت بتاريخ 14/ 2/ 2012 بعدم الاختصاص النوعي والإحالة إلى الدائرة المدنية والتي أعيد قيدها أمامها بذات الرقم – 2022 لسنة 2011 – ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 3941 لسنة 2012 مدني، وبتاريخ 18/ 2/ 2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز وأودع المطعون ضده الأول بصفته مذكرة طلب فيها عدم قبول الطعن واحتياطيا رفضه، وأودعت النيابة مذكرة طلبت فيها تمييز الحكم المطعون فيه.
وإذ عرض الطعن على الدائرة المدنية والعمالية الثانية بهذه المحكمة – في غرفة المشورة – حددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها ورأت الدائرة أن هناك خلافا بين دوائر المحكمة بشأن حق الجهة الإدارية – البلدية المطعون ضدها الأولى – في الامتناع عن إصدار كتب تحديد في العقارات المخالفة المملوكة على المشاع تطبيقا لقرار مجلس الوزراء رقم 614 لسنة 2009 الصادر بتاريخ 29/ 7/ 2009 من عدمه، إذ اتجهت بعض الدوائر في المحكمة إلى أحقية البلدية في الامتناع عن إصدار شهادات بأوصاف تلك العقارات التزاما بقرار مجلس الوزراء المشار إليه الذي نص على وقف إصدارها للعقارات المخالفة ضمن المشاع لحين انتهاء عمل اللجنة المشكلة بموجبه ووضع الحلول المناسبة لمعالجة تلك الظاهرة، بينما ذهبت دوائر أخرى إلى عدم أحقية البلدية في الامتناع عن إصدار تلك الشهادات إلا بموجب قانون وإلا عد ذلك استعمالا من جهة الإدارة لأداة قانونية في غير ما شرعت له وانحرافا بالسلطة بوضع قيد على حق المالك في التصرف في ملكه دون سند من القانون وبالمخالفة لأحكام الدستور التي صانت حق الملكية الخاصة وحظرت منع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، وحسما لهذا الخلاف أحالت الدائرة المدنية والعمالية الثانية الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية والإدارية المشكلة وفقا للمادة 4/ 2 من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم رقم 23 لسنة 1990 والمعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2003 للنظر في توحيد المبدأين سالفي الإشارة ونفاذا لذلك صدر القرار رقم 1 لسنة 2016 بتشكيل الهيئة من وكلاء ومستشاري المحكمة الموضحة أسماؤهم وصفاتهم في صدر هذا الحكم وحددت جلسة 5/ 4/ 2016 لنظر الطعن أمام تلك الهيئة وفيها قررت حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إنه لما كان النص في المادة 18 من الدستور على أن "الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون ...
"والنص في المادة 810 من القانون المدني على أنه "لمالك الشيء أن يستعمله وأن يستغله وأن يتصرف فيه في حدود القانون." مفاده أن الملكية الخاصة وإن كانت مصونة بموجب الدستور والقانون فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، إلا أنه ليس هناك حق مطلق دون قيد ينظمه، وأن حق الملكية بما يرتبه من تمتع المالك بالتصرف فيه، ليس حقا مطلقا عصيا عن التنظيم التشريعي الذي يقتضيه الصالح العام، بل إنه – وعلى ما ورد بالمذكرة الايضاحية للقانون المدني – قد يحرم المالك من التمتع بهذا الحق مؤقتا باعتبار أن للملكية وظيفة اجتماعية، فالقانون يحميه ما دام يمارس سلطانه في الحدود المرسومة لهذه الوظيفة، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبر مستحقا لحمايته حتى يعود إلى جادة القانون، ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية باعتباره مصلحة خاصة مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم كما أن إجراءات نقل الملكية باعتبارها مقدمات لتنظيم ممارسة ذلك الحق تبقى محكومة بمراعاة أحكام القانون الذي ينظمها متوخيا في ذلك الصالح العام الذي يخضع من حيث ضرورته ومداه وحدوده لرقابة القضاء. وكان النص في المادة (3) من المرسوم بقانون التسجيل العقاري رقم 5 لسنة 1959 على أن "تختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات، وتقوم – في سبيل ذلك – بما يأتي: - 1- معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وحساب مسطحاتها ...."، والنص في المادة (13) من ذات القانون على أنه "يجب أن تشتمل المحررات المراد تسجيلها على ما يأتي: أولا: ... ثانيا: ..... ثالثا: البيانات اللازمة والمفيدة في تعيين العقار وعلى الأخص موقعه ومساحته وأطواله وحدوده ...." والنص في المادة (16) منه على أن" يتولى القسم الفني الإجراءات الهندسية ومراجعة الطلب من الناحية المساحية وعلى الأخص فيما يتعلق بمعاينة العقار على الطبيعة للتثبت من موقعه وأطواله ومسطحه وحدوده، وما يتبع ذلك من تطبيق مستندات التمليك، والتأشير على الخرائط بما يفيد ذلك، وإعداد ملف لكل معاملة يبين به رقم وتاريخ الطلب ورقم وتاريخ التسجيل النهائي" والنص في الفقرة الأخيرة من المادة (2) من القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت على أن ".... تتولى البلدية الأعمال المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون التسجيل العقاري الخاصة بمعاينة العقارات ومسحها وعمل رسوماتها وحساب مسطحاتها ...." مفاده أن لتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات فقد أناط القانون بالبلدية معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وإصدار شهادات بذلك، وإعمالا لأحكام القانون وتنظيما لإجراءات تسجيل العقارات فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 614 بتاريخ 29/ 7/ 2009 – تصديا لظاهرة التجاوزات في السكن الخاص – بتشكيل لجنة برئاسة وزارة العدل (التسجيل العقاري) وعضوية ممثلين عن وزارة الكهرباء والماء، وزارة التجارة والصناعة وإدارة الفتوى والتشريع، وبلدية الكويت لاقتراح الإجراءات والتعديلات التشريعية المناسبة للحد من مشكلة التملك بالمشاع في السكن الخاص والطلب من البلدية وقف جميع تراخيص البناء وإصدار كتب تحديد للعقارات المخالفة ضمن المشاع لحين انتهاء اللجنة المشكلة.
وكان يبين من هذا القرار أنه صدر توخيا للصالح العام وتنظيما لإجراءات تسجيل العقارات بوقفها مؤقتا لحين إزالة المخالفات العالقة بها، التزاما بنظم البناء والحد من أية مخالفات بها تعيق تطبيق النظام المعماري المعتمد وفقا للمخطط الهيكلي للدولة وقد خلا من قالة المساس بسلطان المالك وحقه بالتصرف في ملكه إذ أن هذا التنظيم تعلق بتنظيم إجراءات نقل ملكية العقارات والتي تظل مقيدة بمراعاة أحكام القانون بمعناه الأعم ومنها القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء، الذي يهيمن على مصالح الدولة عملا بالمادة 123 من الدستور، متوخيا في ذلك الصالح العام تجنيبا للبلاد من مخاطر تفشي العشوائيات وتفاقم مخالفات البناء، ولا يعد مانعا للمالك من التصرف فيما يملك، وذلك لحين انتهاء اللجنة المشكلة من أعمالها أو إزالة المخالفات العالقة بالعقارات، أيما الإجلين قضى، يكشف عن تأقيت تلك الإجراءات لا تأبيدها، وبما يحق معه للبلدية الامتناع عن إصدار كتب تحديد – شهادات أوصاف – للعقارات المخالفة ضمن المشاع التي عناها القرار المشار إليه التزاما بما ورد به من توجيه للبلدية مما يعد التزامها بعدم إصدار شهادات تحديد العقار عمل مادي لا قرار إداري سلبي. لما كان ذلك، وكانت الهيئة قد انتهت إلى هذا النظر بأغلبية الآراء عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 فإنها تعدل عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي أرتأت غير ذلك وتعيد الطعن إلى الدائرة المدنية والعمالية المختصة للفصل في موضوعه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق