جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل، وأنور خلف.
--------------------
(232)
الطعن رقم 1993 لسنة 38 القضائية
(أ، ب، ج) إثبات. "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) إحالة الحكم في إيراده أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا تعيبه ما دامت أقوالهم متفقة.
(ب) عدم إيراد الحكم تفصيلات معينة اختلف فيها الشهود. لا يعيبه.
(ج) حق محكمة الموضوع في الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وإطراح ما عداها.
(د) عقوبة. "عقوبة مبررة". قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم عدم استظهاره قصد القتل. ما دامت العقوبة مبررة.
(هـ) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
----------------
1 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها وما دام أن الطاعن لا ينازع في سلامة هذا الإسناد.
2 - لا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة لم يوردها، وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها.
3 - لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها.
4 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
5 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه في يوم 8 مايو سنة 1966 بدائرة مركز فوه محافظة كفر الشيخ: شرع في قتل حافظ عبد القادر زغلول عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدس كان يحمله قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر بذلك. وادعى مدنياً حافظ عبد القادر زغلول (المجني عليه) وطلب القضاء له قبل المتهم بمبلغ 800 ج على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنتين وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة لهذا المبلغ وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم استند في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود عديدين إلا أنه لم يورد سوى مؤدى شهادة بعضهم نقلاً عن قائمة شهود الإثبات دون أن يذكر فحوى أقوال الباقين مكتفياً بالقول أنها لا تخرج عن مضمون شهادة الشهود الذين أورد شهادتهم على الرغم من أن أقوال بعضهم جاءت سماعية نقلاً عن المجني عليه. كما لم يبين الحكم قصد القتل بياناً وافياً يستدل منه على انصراف نية الطاعن إلى إزهاق روح المجني عليه، وأغفل بيان ظروف الواقعة مع أنها تدل على عدم توافر هذه النية - ثم إن الحكم أقام قضاءه بانتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي على معيار موضوعي مع أن الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعي فيه الظروف الدقيقة التي أحاطت بالطاعن وقت رد العدوان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الشروع في القتل العمد التي دين الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها الصحيح ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من اعتماده في إدانته على شهادة بعض الشهود دون أن يذكر مؤدى شهادتهم مردوداً بأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها وما دام أن الطاعن لا ينازع في سلامة هذا الإسناد. ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في تفصيلات معينة لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها. أما القول بأن الحكم عند تحصيله أقوال الشهود قد نقلها عن قائمة شهود الإثبات فإنه نعي في غير محله ما دام أن الطاعن لا يماري في صحة ما أورده الحكم من مؤدي هذا الدليل ولا يجحد أنه يلتئم مع أقوال هؤلاء الشهود الثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد. ولما كان الثابت بالأوراق أن الجرح الذي أحدثه الطاعن عمداً بالمجني عليه قد أعجزه عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، وكانت العقوبة المحكوم بها - وهي الحبس مع الشغل مدة سنتين تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب العمد المنطبقة على المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، فإنه لا جدوى من إثارة ذلك النعي لأن مصلحة الطاعن منتفية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في دفاعه من قيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه في قوله: "وحيث أن ما تمسك به الدفاع عن المتهم - الطاعن - من أنه كان في حالة دفاع شرعي مردود بأن الثابت في الأوراق أن المتهم هو الذي تصدى للمجني عليه على إثر نزوله من القطار ومعه العمال المرافقين له وطلب منه أن يذهب في صحبته إلى مصنع الطوب الذي يعمل فيه للعمل هناك فلما رفض المجني عليه طلبه حصلت بينهما مشادة كلامية أعقبها تماسكهما وفي أثناء ذلك أطلق المتهم عياراً نارياً على المجني عليه من المسدس الذي أخرجه من جيبه دون أن، يحصل من المجني عليه أو من أي من العمال مرافقيه أي تعد على المتهم سوى ذلك التماسك بالأيدي الذي حصل بينه وبين المجني عليه وقد زعم المتهم في التحقيقات أن المجني عليه اعتدى عليه بمطواة في الناحية اليسرى من صدره وأن بعض الأشخاص التفوا حوله واعتدوا عليه بالضرب بعصي على ظهره ولكن التقرير الطب الشرعي كذبه فيما ادعاه إذ ثبت منه أنه شوهد بالمتهم جرح قطعي سطحي واقع مقابل عظمة الترقوة اليسرى على يسار الخط المتوسط بحوالي 5.5 سم وأن ذلك الجرح بطول 1.25 سم رأسي الوضع ويميل إلى أسفل ويمين مع تقوس طفيف وأنه لم يتبين به أية آثار إصابة أخرى وأن الجرح السالف الوصف يحدث من آلة صلبة ذات حافة حادة كسكين أو مطواة أو ما أشبه وأنه نظراً لصغر حجم الجرح وسطحيته ووجوده في مكان في متناول اليد فإنه من الممكن افتعاله" وما أثبته الحكم فيما تقدم سائغ وكاف لتبرير ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ذلك بأنه من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق