الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 أغسطس 2020

الطعن 10637 لسنة 59 ق جلسة 22 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 119 ص 863

جلسة 22 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي إسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري

--------------

(119)
الطعن رقم 10637 لسنة 59 القضائية

 (1)نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". معارضة
عدم قبول الطعن بالنقض في الحكم. ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً. أساس ذلك؟
(2) نقد. مصادرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحكم بالمصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والمعدل بالقانون 67 لسنة 1980 أو الشروع في مخالفتها أو القواعد المنفذة لها. مناطه؟
حيازة النقد الأجنبي دون التعامل فيه على خلاف الشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون السالف. لا تعد جريمة.
 (3)نقد. جريمة "أركانها" شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قانون "تفسيره" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة في القانون. طبقاً لنص المادة الأولى من القانون 97 لسنة 1976. متى تتحقق؟.
لا يشترط لقيام تلك الجريمة وجود المقابل من النقد المصري المراد استبداله بالنقد الأجنبي.
المادة 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون 67 لسنة 1980 تعاقب على ارتكاب جريمة التعامل في النقد والشروع فيها.
 (4)نقد. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتدليل غير معيب على ارتكاب الطاعن لجريمة التعامل في النقد الأجنبي.
(5) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. نقد. تلبس. قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن".
كل إجراء يقوم به مأمورو الضبط القضائي في الكشف عن الجريمة صحيح ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات. حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم ما دام لم يقع منهم تحريض عليها وطالما بقيت إرادة الجناة حرة غير معدومة.
القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها. موضوعي.
أحوال التلبس بالجنح التي تجيز لمأمور الضبط القبض والتفتيش. المادتان 34، 46 إجراءات.
مثال لإحدى حالات التلبس وصحة إجراءات ضبط النقد الأجنبي الناشئ عنه.

---------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر في حقيقة الأمر بالنسبة للمطعون ضده الأول...... غيابياً، وهو بهذه المثابة يكون قابلا للمعارضة فيه، وإذ كان البين من المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه لم يعلن للمطعون ضده المذكور، ولم يعارض فيه، فإن ميعاد المعارضة بالنسبة له يكون ما زال قائماً، ومن ثم لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الحكم إلا بعد رفع المعارضة والفصل فيها أو فوات ميعادها، وذلك إعمالاً لحكم المادة 32 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 التي تنص على ألا يقبل الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً.
2 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بمصادرة مبلغ 19000 دولاراً أمريكياً محل التعامل في الجريمة التي دانت المتهمين بها، ورد باقي المبالغ المضبوطة من النقد المصري والأجنبي، وأسست قضاءها برد تلك المبالغ على أنها لم تكن متحصلة من الجريمة موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان مناط الحكم بمصادرة المبالغ والأشياء في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والمعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980، أو الشروع في مخالفتها أو القواعد المنفذة لها، وطبقاً لما نصت عليه المادة 14 من هذا القانون. أن تكون تلك المبالغ أو الأشياء متحصلة من الجريمة وكانت حيازة النقد الأجنبي بمجردها دون التعامل فيه على خلاف الشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون لا تعد جريمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برد المبالغ المضبوطة التي لم تكن محلاً للتعامل أو متحصلة من الجريمة موضوع الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير قويم.
3 - ولما كانت جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة في القانون، طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976، يكفي لتحققها وجود النقد الأجنبي والاتفاق على بيعه أو شرائه على خلاف الشروط والأوضاع المقررة في هذه المادة، وعن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، من عرض المتهم الأول على الضابط أن يبيع له نقداً أجنبياً - دولارات أمريكية - واتفاقهما على سعر بيع الدولار، وحضور المتهم الثاني - الطاعن - واتفاقه مع الضابط على أن يستبدل مبلغ 19000 ألف دولاراً أمريكياً مقابل مبلغ محدد من النقد المصري، وإخراجه لذلك الكم من النقد الأجنبي من الحقيبة التي كان يحملها معه، كي يقوم الضابط بفحصه وعده، تتحقق به أركان الجريمة التي دان الحكم الطاعن بها، وكان لا يشترط لقيام تلك الجريمة وجود المقابل من النقد المصري المراد استبداله بالنقد الأجنبي، وكانت المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 تعاقب على ارتكاب جريمة التعامل في النقد والشروع في ارتكابها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم تحقق أركان الجريمة لانعدام المقابل من النقد المصري، وإن الفعل المسند إليه يعد شروعاً في ارتكاب الجريمة، لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عنه.
4 - لما كان ما حصله الحكم في مدوناته من أن الضابط حينما اقترب من المتهم الأول سمعه وهو يهمس له بعبارة "دولار - دولار"، يحمل في معناه أن المتهم الأول هو الذي سعى إلى الضابط وعرض عليه شراء العملة الأجنبية - وهو ماله أصله الصحيح في الأوراق -، كما أن سعى المتهم الأول إلى الضابط وعرضه عليه شراء النقد الأجنبي، أو تظاهر الأخير برغبته في شراء ذلك النقد، لا تأثير له على عقيدة المحكمة في اقتناعها بقيام الجريمة وثبوتها في حق الطاعن، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بدعوى الفساد في التدليل يكون غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها، ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها، لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة، ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة، وما دام لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب - سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش ورد عليه في قوله "ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المتهمين حال تقابلهما مع ضابط الواقعة، لم يمارس عليهما هذا الأخير ثمة ضغط أو إكراه، وإنما سأله الأول عما إذا كان يرغب في شراء عمله من عدمه، فوافقه، ثم أتى المتهم الثاني الذي قام بعرضه على الضباط لقاء سعر اتفق عليه، ومن ثم فإن ضبطهما والجريمة متلبس بها يكون قد وقع صحيحاً، ويكون ما اتخذ من إجراءات ضبط صحيحاً"، وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها، أن لقاء الضابط بالمتهمين تم في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً، وأن القبض على المتهمين، وضبط النقد الأجنبي المعروض للبيع تم بعدما كانت جريمة التعامل في هذا النقد متلبساً بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط برغبته في شرائه من المتهمين، وإذ كانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي تزيد مدته على ثلاثة أشهر، وقد توافرت لدى مأمور الضبط القضائي - على النحو المار بيانه - دلائل جدية وكافية على اتهام الطاعن بارتكابها، فإنه من ثم يكون له أن يأمر بالقبض عليه ما دام أنه كان حاضراً، وذلك طبقاً لنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية والمعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972، كما يجوز له تفتيشه طبقاً لنص المادة 46 من القانون ذاته، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس، ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة، ومن بطلان إجراءات الضبط والتفتيش يعد كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق والتطبيق القانوني الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ...... (طاعن) بأنهما - تعاملا في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابهما بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 والمادة 18 من اللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائتي جنيه ومصادرة مبلغ 19000 (تسعة عشر ألف دولار أمريكي) ورد المبالغ الأخرى. استأنف المحكوم عليهما والنيابة العامة ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة: -
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في حقيقة الأمر بالنسبة للمطعون ضده الأول - ...... غيابياً، وهو بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة فيه، وإذ كان البين من المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه لم يعلن للمطعون ضده المذكور، ولم يعارض فيه، فإن ميعاد المعارضة بالنسبة له يكون ما زال قائماً، ومن ثم لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الحكم إلا بعد رفع المعارضة والفصل فيها أو فوات ميعادها، وذلك إعمالاً لحكم المادة 32 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 التي تنص على ألا يقبل الطعن بطريق النقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول.
ومن حيث إن النيابة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان - المطعون ضده الثاني....... - بجريمة التعامل في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم خلا من بيان الإذن الصادر بطلب تحريك الدعوى الجنائية، وقصر عقوبة المصادرة على مبلغ 19000 دولاراً أمريكياً دون باقي المبالغ المضبوطة التي أمرت المحكمة بردها، رغم وجوب مصادرتها لكونها متحصلة من الجريمة التي دين المطعون ضده بها، ولم تورد في أسباب حكمها تبريراً لما قضت به في خصوص رد تلك المبالغ - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه اشتمل على بيان كتاب وكيل وزارة الاقتصاد لشئون النقد الأجنبي المؤرخ...... بشأن الإذن بتحريك الدعوى الجنائية ضد المتهمين - خلافاً لما تدعيه الطاعنة في أسباب طعنها فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك - وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بمصادرة مبلغ 19000 دولاراً أمريكياً محل التعامل في الجريمة التي دانت المتهمين بها، ورد باقي المبالغ المضبوطة من النقد المصري والأجنبي، وأسست قضاءها تلك برد تلك المبالغ على أنها لم تكن متحصلة من الجريمة موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان مناط الحكم بمصادرة المبالغ والأشياء في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والمعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980، أو الشروع في مخالفتها أو القواعد المنفذة لها، وطبقاً لما نصت عليه المادة 14 من هذا القانون أن تكون تلك المبالغ أو الأشياء متحصلة من الجريمة وكانت حيازة النقد الأجنبي بمجردها دون التعامل فيه على خلاف الشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون لا تعد جريمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برد المبالغ المضبوطة التي لم تكن محلاً للتعامل أو متحصلة من الجريمة، موضوع الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله.

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة التعامل في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يستظهر أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن، ولم يورد الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان جلي وجاءت أسبابه مشوبة بالأجمال والإبهام، وأغفل الرد على دفاعه بعدم توافر أركان الجريمة، تأسيساً على أن الواقعة على النحو الثابت بمحضر الشرطة والمؤرخ....... وما شهد به الضابط محرر المحضر في أقواله أمام محكمة أول درجة، لا تتحقق بها عناصر الجريمة المسندة إليه، لعدم وجود المقابل من النقد المصري لشراء أوراق النقد الأجنبي وانعدام ذلك المقابل يستحيل معه قيام الجريمة، ويعد الفعل شروعاً في ارتكابها، وهو غير معاقب عليه في القانون، وأورد الحكم على خلاف الثابت بالأوراق، إن المتهم الأول هو الذي سعى إلى الضابط وعرض عليه شراء العملة الأجنبية، في حين أن الأخير هو الذي تظاهر برغبته في شراء تلك العملة، كما أن تظاهره بشرائها بالسعر الذي عرضه عليه المتهم الأول وبالكم الذي عرضه عليه المتهم الثاني يعد تحريضاً على الجريمة وخلقاً لحالة التلبس، وعلى خلاف ما تفرضه عليه واجبات وظيفته من عدم التحريض على ارتكاب الجرائم، وضرورة الحصول على إذن بالضبط والتفتيش من الجهة المختصة، وتمسك الطاعن بالدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لذلك السبب الأخير ولانتفاء حالة التلبس إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع في عبارات مجملة مبهمة - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من محضر الضبط المؤرخ....... والذي أورده في بيان جلي مفصل، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها لما كان ما تقدم ولما كانت جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة في القانون، طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976، يكفي لتحققها وجود النقد الأجنبي والاتفاق على بيعه أو شرائه على خلاف الشروط والأوضاع المقررة في هذه المادة، وعن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، من عرض المتهم الأول على الضابط أن يبيع له نقدا أجنبياً - دولارات أمريكية - واتفاقهما على سعر بيع الدولار، وحضور المتهم الثاني - الطاعن - واتفاقه مع الضابط على أن يستبدل مبلغ 19000 ألف دولاراً أمريكياً مقابل مبلغ محدد من النقد المصري، وإخراجه لذلك الكم من النقد الأجنبي من الحقيبة التي كان يحملها معه، كي يقوم الضابط بفحصه وعده، تتحقق به أركان الجريمة التي دان الحكم الطاعن بها، وكان لا يشترط لقيام تلك الجريمة وجود المقابل من النقد المصري المراد استبداله بالنقد الأجنبي، وكانت المادة 14 من القانون 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 تعاقب على ارتكاب جريمة التعامل في النقد والشروع في ارتكابها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم تحقق أركان الجريمة لانعدام المقابل من النقد المصري، وإن الفعل المسند إليه يعد شروعا في ارتكاب الجريمة، لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه أن هو التفت عنه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم في مدوناته من أن الضابط حيثما اقترب من المتهم الأول سمعه وهو يهمس له بعبارة "دولار - دولار"، يحمل في معناه أن المتهم الأول هو الذي سعى إلى الضابط وعرض عليه شراء العملة الأجنبية - وهو ماله أصله الصحيح في الأوراق -، كما أن سعى المتهم الأول إلى الضابط وعرضه عليه شراء النقد الأجنبي، أو تظاهر الأخير برغبته في شراء ذلك النقد، لا تأثير له على عقيدة المحكمة في اقتناعها بقيام الجريمة وثبوتها في حق الطاعن، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بدعوى الفساد في التدليل يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تثريب على مأموري الضبط القضائي ومرؤسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها، ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها، لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة، ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة، وما دام لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش ورد عليه في قوله "ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المتهمين حال تقابلهما مع ضابط الواقعة، لم يمارس عليهما هذا الأخير ثمة ضغط أو إكراه، وإنما سأله الأول عما إذا كان يرغب في شراء عمله من عدمه، فوافقه، ثم أتى المتهم الثاني الذي قام بعرضه على الضابط لقاء سعر اتفق عليه، ومن ثم فإن ضبطهما والجريمة متلبس بها يكون قد وقع صحيحاً، ويكون ما اتخذ من إجراءات ضبط صحيحاً"، وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها، إن لقاء الضابط بالمتهمين تم في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً، وإن القبض على المتهمين، وضبط النقد الأجنبي المعروض للبيع تم بعد ما كانت جريمة التعامل في هذا النقد متلبساً بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط برغبته في شرائه من المتهمين، وإذ كانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي تزيد مدته على ثلاثة أشهر، وقد توافرت لدى مأمور الضبط القضائي - على النحو المار بيانه - دلائل جدية وكافية على اتهام الطاعن بارتكابها، فإنه من ثم يكون له أن يأمر بالقبض عليه ما دام أنه كان حاضراً، وذلك طبقاً لنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية والمعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972، كما يجوز له تفتيشه طبقاً لنص المادة 46 من القانون ذاته، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس، ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة، ومن بطلان إجراءات الضبط والتفتيش يعد كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق والتطبيق القانوني الصحيح، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله ومصادرة الكفالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق