الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يونيو 2020

الطعن 5332 لسنة 59 ق جلسة 19 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 167 ص 1217

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي وفتحي حجاب.
-------------
(167)
الطعن رقم 5332 لسنة 59 القضائية
 (1)نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
القضاء الغير منه للخصومة في الدعوى والذي لا ينبني عليه منع سير الخصومة. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك القاضي الجنائي في إسناد التهمة إلى المتهم للقضاء بالبراءة. ما دام قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
 (3)إضرار عمدي. موظفون عموميون. خطأ. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره" مسئولية إدارية. مسئولية جنائية. مسئولية تأديبية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة. دعوى جنائية "تحريكها".
الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً "أ" عقوبات. مناط تطبيقها: الخطأ والضرر الجسيم ورابطة السببية بينهما.
الخطأ. صوره وتعريفه في مجال المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية؟
الخطأ في مجال المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية صنوين في مجال المسئولية التأديبية.
النعي على الحكم لعدم معاقبة المطعون ضده بجريمة لم تكن واردة في أمر الإحالة. غير جائز. علة ذلك؟
الحكم بالبراءة في واقعة لا يمنع النيابة من تحريك الدعوى الجنائية ضد ذات المتهم عن واقعة أخرى.
مثال:
--------------
1 - من المقرر أن المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه "لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى".
2 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
3 - لما كان ذلك وكان ما تثيره النيابة الطاعنة من عدم معاقبة المتهم بالمادة 116 مكرراً "أ" من قانون العقوبات - المستبدلة بالقانون 63 لسنة 1975 أن الحكم أسند إليه إهمالاً يستوجب المساءلة التأديبية فإن ذلك مردود من وجهين أولهما أن إعمال حكم هذه المادة يتطلب توافر أركان ثلاثة أولها الخطأ ثانيها الضرر الجسيم وثالثها رابطة السببية بين الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ صوراً ثلاث الإهمال في أداء الوظيفة أو الإخلال بواجباتها أو إساءة استعمال السلطة وهذا الركن هو محل البحث في هذا الطعن، ومن الواضح أن الخطأ الذي اشترطه الشارع في هذا النص يختلف عن الخطأ في مجال المسئولية الإدارية، ذلك أنه يجب عدم الخلط بينهما إذ أن كل منهما يمثل وجهاً مغايراً يختلف عن الآخر. فالخطأ في المسئولية الجنائية قوامه خروج الموظف عن المسلك المألوف للرجل العادي المتبصر الذي يلتزم الحيطة والحرص على أموال ومصالح الجهة التي يعمل أو يتصل بها حرصه على ماله. ومصلحته الشخصية، في حين أن الخطأ في المسئولية الإدارية قد يتوافر رغم عدم خروج الموظف عن هذا المسلك لمجرد مخالفته لتعليمات أو أوامر إدارية بحتة، وأنه وإن جاز اعتبار الخطأ في المسئولية التأديبية إلا أن العكس غير صحيح في مجال المساءلة الجنائية. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من أن "الأوراق قد جاءت مليئة بأخطاء إدارية اقترفها المتهم المذكور يجدر بالجهة الإدارية اتخاذ شئونها فيها" فإن هذا القول من الحكم لا يوفر بذاته الخطأ الذي عناه الشارع في المادة 116 مكرر أ - المستبدلة بالقانون 63 لسنة 1975 - كما سلف بيانه هذا، والوجه الثاني أن تهمة الجنحة المنصوص عليها في هذه المادة هي واقعة جديدة لم تكن تهمتها موجهة للمتهم ولم ترفع بها الدعوى وتختلف عن واقعة جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112/ 1، 2 من قانون العقوبات المرفوعة بها الدعوى وعلى ذلك فمعاقبته عن الجنحة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة، وأن قضاء الحكم الصادر بها على المتهم في جناية الاختلاس لا يمنع النيابة العامة من إقامة الدعوى من جديد أمام المحكمة المختصة على المتهم بمقتضى المادة سالفة الذكر إذا رأت توافر أركان تلك الجريمة والأدلة في حق المتهم.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً (أمين مستودعي....... - التابعين لشركة مطاحن وسط وغرب الدلتا اختلس كميات الدقيق والنخالة والأجولة الفارغة والبالغ قيمتها 160745.730 مليمجـ المملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع - المتهمون من الثاني إلى الثامن: بصفتهم موظفين عموميين بشركة مطاحن وسط وغرب الدلتا تسببوا بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم في أداء وظيفتهم وإخلالهم بواجباتهم بأن لم يراعوا سعة مستودعي الدقيق عند إجراء تحويلات الدقيق إليهما واقتصروا في جردهم الدوري على الجرد الدفتري مما مكن المتهم الأول من اختلاس ما بعهدته من الدقيق والنخالة والأجولة الفارغة موضع التهمة الأولى. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بكفر الشيخ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في...... ببراءة المتهم الأول عن التهمة الأولى المسندة إليه. ثانياً: بالنسبة لباقي المتهمين بإحالة الجنحة موضع التهمة الثانية إلى المحكمة الجزئية المختصة لنظرها وعلى النيابة اتخاذ شئونها في هذا الصدد.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
من حيث إنه لما كانت المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه "لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى"، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإحالة الجنحة موضوع التهمة الثانية - المسندة إلى المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير - إلى المحكمة الجزئية المختصة، وهو بهذه المثابة من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا ينبني عليه منع السير في الدعوى، وذلك بإحالتها إلى المحكمة الجزئية المختصة، فإن الطعن بطريق النقض - في ذلك الشق من الحكم - يكون غير جائز، ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير.
وحيث إن الطعن - بالنسبة إلى المطعون ضده الأول - قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من التهمة المسندة إليه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه بنى قضاءه بالبراءة على نفي القصد الجنائي لديه، وعلى أن الجرد الدوري لعهدته كان جرداً دفترياً مع أنه كان فعلياً، فضلاً عن أن العجز لا يدل على الاختلاس، إلى جانب أن سلطانه لم يكن كاملاً على المستودعات التي بعهدته، وذلك دون أن يورد الحكم سبباً سائغاً لما انتهى إليه ودون أن يفند أدلة الثبوت، يضاف إلى ذلك أن الحكم نسب إليه إهمالاً يستوجب المؤاخذة التأديبية ومع ذلك لم يعاقبه بالجنحة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر (1) من قانون العقوبات مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد الاتهام - أجمل الأسباب التي عول عليها في قضائه بالبراءة في قوله: (وحيث إن المحكمة ترى أن ما ساقته النيابة العامة دليلاً على قيام تهمة الاختلاس قبل المتهم الأول ونسبتها إليه محل شك كبير وذلك للأسباب التالية: أولاً: أن ما استندت إليه النيابة العامة ينحصر في مجرد ما ثبت من وجود عجز في عهدة المتهم الأول الأمر الذي لا يصلح بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، ولا يغير من ذلك قالة الشهود الواردة أسمائهم بقائمة شهود الإثبات أن المتهم اختلس ذلك العجز لأن هذا القول لا تطمئن المحكمة إليه لا سيما وقد جاء مرسلاً عارياً من أي سند يؤيده. ثانياً - أن الثابت من تقرير الخبير أن المتهم كلف بالعمل لمستودعي بلطيم والحامول بالإضافة إلى عمله مع بعد المسافة بين تلك المستودعات الأمر الذي جعل سيطرته على عهدته غير كاملة سيما وقد ثبت أن هناك تكدساً بالمخازن نتيجة إرسال كميات دقيق تزيد كثيراً عن سعتها الأمر الذي اضطر المتهم لتخزين الزائد منها خارج تلك المخازن وكتابة عدة خطابات لرئاسته للكف عن إرسال دقيق إليه دون جدوى، بل أن الثابت من أقوال المتهم الثاني........ أن عاملاً يدعى....... الشهير....... يحتفظ بمفاتيح مستودع بيلا بصفة دائمة مما يتيح له الوصول إلى ما به على نحو أو آخر. ثالثاً: ثابت من أقوال....... أن المتهم الأول استلم منه مستودع بلطيم في 31/ 12/ 1978 تسليماً دفترياً وليس فعلياً. رابعاً: ثابت من تقريري اللجنة والخبير أن الجرد الدوري للمستودع عهدة المتهم كان يجرى على نحو دفتري ولا يستند إلى واقع فعلي مما لا يمكن معه التعويل عليه). لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ثم أفصحت عن عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت للأسباب السائغة التي أوردتها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلصت إليها، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص لا يكون له محل وينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تثيره النيابة الطاعنة من عدم معاقبة المتهم بالمادة 116 مكرراً "أ" من قانون العقوبات - المستبدلة بالقانون 63 لسنة 1975 أن الحكم أسند إليه إهمالاً يستوجب المساءلة التأديبية فإن ذلك مردود من وجهين أولهما أن إعمال حكم هذه المادة يتطلب توافر أركان أولها الخطأ ثانيها الضرر الجسيم وثالثها رابطة السببية بين الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ صوراً ثلاث الإهمال في أداء الوظيفة أو الإخلال بواجباتها أو إساءة استعمال السلطة وهذا الركن هو محل البحث في هذا الطعن، ومن الواضح أن الخطأ الذي اشترطه الشارع في هذا النص يختلف عن الخطأ في مجال المسئولية الإدارية، ذلك أنه يجب عدم الخلط بينهما إذ أن كل منهما يمثل وجهاً مغايراً يختلف عن الآخر. فالخطأ في المسئولية الجنائية قوامه خروج الموظف عن المسلك المألوف للرجل العادي المتبصر الذي يلتزم الحيطة والحرص على أموال ومصالح الجهة التي يعمل أو يتصل بها حرصه على ماله. ومصلحته الشخصية، في حين أن الخطأ في المسئولية الإدارية قد يتوافر رغم عدم خروج الموظف عن هذا المسلك لمجرد مخالفته لتعليمات أو أوامر إدارية بحته، وأنه وإن جاز اعتبار الخطأ في المسئولية التأديبية إلا أن العكس غير صحيح في مجال المساءلة الجنائية. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من أن "الأوراق قد جاءت مليئة بأخطاء إدارية اقترفها المتهم المذكور يجدر بالجهة الإدارية اتخاذ شئونها فيها" فإن هذا القول من الحكم لا يوفر بذاته الخطأ الذي عناه الشارع في المادة 116 مكرراً أ - المستبدلة بالقانون 63 لسنة 1975 - كما سلف بيانه هذا والوجه الثاني أن تهمة الجنحة المنصوص عليها في هذه المادة هي واقعة جديدة لم تكن تهمتها موجهة للمتهم ولم ترفع بها الدعوى وتختلف عن واقعة جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112/ 1، 2 من قانون العقوبات المرفوعة بها الدعوى وعلى ذلك فمعاقبته عن الجنحة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة، وأن قضاء الحكم الصادر بها على المتهم في جناية الاختلاس لا يمنع النيابة العامة من إقامة الدعوى من جديد أمام المحكمة المختصة على المتهم بمقتضى المادة سالفة الذكر إذا رأت توافر أركان تلك الجريمة والأدلة في حق المتهم ويكون ما تنعاه النيابة العامة على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق