جلسة 4 من ديسمبر سنة 1974
برياسة السيد المستشار
محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي،
وعثمان مهران الزيني، وعبد السلام الجندي.
---------------
(227)
الطعن رقم 27 لسنة 37 ق
"أحوال شخصية"
(1)أجانب.
قانون. قناصل.
اختصاصات البعثات
القنصلية. الرجوع فيها لقواعد القانون الدولي العام. للقنصل اختصاصات إدارية
بالنسبة لمواطنيه وفقاً لقوانين دولته ما لم يتعارض ذلك مع قوانين الدولة الموفد
إليها.
( 2 و3) أجانب. عرف. قناصل.
معاهدات.
(2) معاهدات مونترو الخاصة بإلغاء الامتيازات
الأجنبية. أثرها على سلطات القناصل. حق القنصل في توثيق المحررات الخاصة برعايا
دولته. قائم على الرضا الضمني المستند إلى شرط التبادل وإلى العرف الدولي. المقصود
بشرط التبادل.
(3)قيام قناصل الدول الأجنبية في مصر بأعمال التوثيق. ليس نص تشريعي
يحظر قيامهم بذلك. اتفاقية فينا للعلاقات القنصلية. بيانها وظائف القنصل.
) 4 و5) أجانب. أحوال شخصية.
قانون. عقد.
(4) قانون التوثيق 68 لسنة 1947. استمرار تطبيق قواعد
القانون الدولي بالنسبة لمحررات الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب.
(5)حق الأجانب المقرر لهم في التوثيق تطبيقاً لقواعد الإسناد في القانون
الدولي الخاص. عدم المساس به بصدور القانون 629 لسنة 1955 المعدل لقانون التوثيق
68 لسنة 1947.
(6)أجانب. قانون. قناصل. عقد.
(6)سلطة القناصل في توثيق العقود. لا تنقص من سيادة الدولة. علة ذلك.
) 7 و8) أحوال شخصية. قانون.
قناصل. وصية.
(7) الوصية تعد من مسائل
الأحوال الشخصية. قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع. نطاقها. لا شأن لهذه القاعدة
بمسائل الأحوال الشخصية.
(8)للموصي الأجنبي أن يفرغ الوصية في الشكل المقرر في قانون دولته، أو
في الشكل المقرر في قانون البلد الذي تتم فيه الوصية. المادة 17 مدني. التجاؤه إلى
قنصل دولته لتوثيق الوصية. وجوب تطبيق قانون ذلك القنصل على شكل المحرر.
( 9 و10) إثبات. تنفيذ.
قانون. قناصل.
(9)المحررات التي يجريها القناصل المصريون في الخارج بوصفهم موثقين. لها
ذات القوة الرسمية للمحررات الموثقة في مصر. المادة 64 ق 166 لسنة 1954 بشأن نظام
السلكين الدبلوماسي والقنصلي.
(10)المحررات التي يوثقها القناصل الأجانب في مصر وفقاً لقانون دولهم.
تعد محررات رسمية أجنبية لها حجيتها في الإثبات. جواز تنفيذها في مصر بعد شمولها
بأمر التنفيذ وفقاً لنص المادة 496 مرافعات سابق.
(11)حكم "تسبيب الحكم". إثبات. قانون. وصية.
القانون الأجنبي. واقعة
يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه. مثال في وصية الأجنبي. جواز استناد الحكم إلى
أحكام محكمة النقض والاستئناف الأثينية كعنصر من عناصر البحث في تأويل القانون
اليوناني.
------------------
1 - القواعد المنظمة
للتمثيل القنصلي بصفة عامة مرجعها إلى قواعد القانون الدولي العام وضمن الاختصاصات
المتعارف عليها للبعثات القنصلية، قيام القناصل بعمل موثق العقود ومسجل الأحوال
المدنية فضلاً عن ممارسة بعض الاختصاصات ذات الطبيعة الإدارية بالنسبة لمواطنيه
وفقاً لأحكام قوانين الدولة التي ينتمي لها ما لم يتعارض ذلك مع قوانين الدولة
الموفد إليها.
2 - النص في المادة
الحادية عشر، من معاهدة مونترو الخاصة بإلغاء الامتيازات بمصر الصادر بها القانون
رقم 48 لسنة 1927 على أن يخضع قناصل الدول لقضاء المحاكم المختلطة مع مراعاة
القيود المعترف بها في القانون الدولي، ولا يجوز بوجه خاص محاكمتهم بسبب أعمال
وقعت منهم أثناء تأدية وظيفتهم، ولهم بشرط التبادل أن يقوموا بالأعمال الداخلة في
الاختصاصات المعترف بها عادة للقناصل في مواد إشهادات الحالة المدنية وعقود الزواج
والعقود الرسمية الأخرى والتركات والنيابة عن مواطنيهم الغائبين أمام القضاء
ومسائل الملاحة البحرية وأن يتمتعوا بالحصانة الشخصية..... يدل على أن هذه المادة
عمدت في الفقرة الأولى منها إلى وضع حد للسلطات البوليسية والقنصلية التي كانت
مخولة لموظفي السلك السياسي والقنصلي في فترة قيام الامتيازات فأخضعتهم لقضاء
المحاكم المختلطة صراحة ومهدت بفقرتها الثانية السبيل لإرساء مركز القناصل خلال
فترة الانتقال طبقاً للاختصاصات المألوفة والمتعارف عليها في فقه القانون الدولي،
مما مفاده أن هذه الاختصاصات الأخيرة - ومن بينها حق القناصل في توثيق المحررات
الخاصة برعايا دولهم - لم تكن مستقاة من نظام الامتيازات وليست موقوتة بفترة
الانتقال وإنما هي قائمة على الرضاء الضمني المستند إلى شرط التبادل وإلى العرف
الدولي المستقر عليه وهو ما تشير إليه براءة اعتماد القنصل، وتفيد قبوله بوظائفه
المحددة له في قانون دولته وعلى أن يباشرها وفقاً لهذا القانون يؤيد هذا النظر أن
المرسوم بقانون الصادر في 5 من أغسطس 1925 والخاص بالنظام القنصلي والذي ظل
معمولاً به حتى إلغائه بالقانون رقم 166 لسنة 1954 كان يعطي في المادة 22 منه
للقناصل المصريين حق تحرير العقود والمشارطات المتعلقة بالمصريين خاصة في فترة
قيام الامتيازات، ثم خلال فترة الانتقال، وكذلك في المدة التالية لانتهائها. لما
كان ذلك فإنه وإن كان المقصود بشرط التبادل ألا تسمح الدولة لقنصل دولة أجنبية
بمباشرة وظيفة التوثيق إلا إذا كانت دولة هذا القنصل تسمح لقنصل الدولة الأولى
بمباشرة ذات الوظيفة على إقليمها إلا أن نطاق التبادل المشار إليه يقتصر على مجرد
الاعتراف للقنصل بأداء وظيفة التوثيق دون أن يمتد إلى التماثل والتطابق في شروط
أداء هذا الاختصاص وكيفية حصوله اعتباراً بأن القنصل بوصفه موثقاً يخضع في أدائه لقانون
الدولة التي يمثلها هو.
3 - العرف مصدر أصيل من
مصادر القانون الدولي، ولا يوجد نص تشريعي في مصر يحظر قيام قناصل الدول الأجنبية
في مصر بأعمال التوثيق، ولا تعارض بهذه المثابة بين هذا الوضع وبين ما نصت عليه
الفقرة (و) من المادة الخامسة من اتفاقية فينا للعلاقات القنصلية والتي انضمت
إليها جمهورية مصر العربية اعتباراً من 21 يوليو 1965 والتي تقضي بأن الوظائف
القنصلية "تشمل القيام بأعمال التوثيق والأحوال المدنية وممارسة الأعمال
المشابهة وبعض الأعمال الأخرى ذات الطابع الإداري ما لم يتعارض مع قوانين ولوائح
لدولة الموفد إليها".
4 - أن ما جاء بالمذكرة
الإيضاحية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 من أنه "...... قد كان مقتضى
توحيد جهات التوثيق أن تكون مكاتب التوثيق الجديدة هي التي تتولى توثيق جميع
المحررات أياً كانت....... وهذه المكاتب توثق المحررات المتعلقة بمواد الأحوال
الشخصية بالنسبة إلى غير المسلمين، إلا أنه بالنسبة إلى الأجانب يكون لهم الخيار
في توثيق محرراتهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية لدى مكاتب التوثيق أو لدى جهاتهم
القنصلية تطبيقاً لقواعد القانون الدولي......" وما أورده تقرير لجنة الشئون
التشريعية بمجلس النواب عن ذات القانون من أنه "....... يقتضي توحيد جهات
التوثيق أن تلغى أقلام التوثيق بالمحاكم الوطنية والمختلفة وأن تحال إلى مكاتب
التوثيق جميع أصول العقود الموثقة بها والدفاتر والوثائق المتعلقة بها..... أما
المحررات المتعلقة بالأحوال الشخصية لغير المسلمين فتختص بها مكاتب التوثيق إذ يجب
أن تختص جهة واحدة بعد إلغاء المحاكم المختلطة بالتوثيق لغير المسلمين في محررات
أحوالهم الشخصية التي يتطلب القانون حالاً أو مستقبلاً توثيقها، مع عدم حرمان
الأجانب من حقهم في توثيق هذه المحررات أمام جهاتهم القنصلية طبقاً للقواعد العامة
في القانون الدولي الخاص......" ما جاء بهذا التقرير وتلك المذكرة لا يعدو أن
يكون إفصاحاً من المشروع عن إرادته في توحيد جهات التوثيق التي كانت متفرقة،
وحرصاً منه في ذات الوقف على استمرار تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص بالنسبة
لمحررات الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب، دون أن تكون هناك أدنى صلة لذلك بمسألة
الامتيازات الأجنبية أو فترة الانتقال التي صاحبت إلغاءها.
5 - إن تعديل قانون
التوثيق - 68 لسنة 1947 - بمقتضى القانون رقم 629 لسنة 1955 أثر إلغاء المحاكم
الشرعية والملية، لا علاقة له البتة بحق الأجانب المقرر لهم - في التوثيق -
تطبيقاً لقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص وهو ما أفصحت عنه المذكرة
الإيضاحية لذلك القانون الأخير بقولها أنه "بمناسبة صدور القانون بإلغاء
المحاكم الشرعية والمجالس الملية رؤى تنظيم توثيق عقود الزواج والإشهادات التي
كانت تتولاها المحاكم الشرعية والمجالس الملية، وقد وضع المشروع الحالي متضمناً
هذا لتنظيم......" يؤيد ذلك أن قواعد الإسناد المشار إليها كان معمولاً بها
خلال سريان الامتيازات الأجنبية وفي فترة الانتقال فكانت المادة 78 من القانون
المدني المختلط تنص على أن تراعى في أهلية الموصي لعمل الوصية وفي صيغتها الأحكام
المقررة لذلك في قانون الدولة التابع لها الموصي" كما تنص المادة 55 من
القانون المدني الأهلي على أن "تراعى في أهلية الموصي لعمل الوصية وفي صيغتها
الأحكام المقررة لذلك في الأحوال الشخصية المختصة بالملة التابع لها الموصي وكذلك
في المادة 29 من لائحة التنظيم للقضائي للمحاكم المختلفة والمادة 3 من المرسوم
بقانون رقم 91 لسنة 1937 بشأن اختصاص محاكم الأحوال الشخصية المصرية اللتين تنصان
على أن يرجع في الوصايا إلى قانون بلد الموصي، وظل هذا الوضع في القانون المدني
الحالي عقب إلغاء الامتيازات إذ احتفظ بهذه القاعدة فيه مع تعميم فيه الصياغة
لتشمل سائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت ومع تعيين الوقت الذي يعتد فيه
ببيان القانون الواجب التطبيق وهو ما نصت عليه المادة 17 منه.
6 - سلطة القناصل في
إجراء العقود الموثقة لا تنتقص من سيادة الدولة التي يباشرون على أرضها وظائفهم
طالما أن لممثليها مباشرة السلطة ذاتها على وجه التبادل، ذلك أن امتداد السلطة
الإقليمية خارج حدود الدولة أمر تقتضيه دوافع المجاملة ومقتضيات الملاءمة واستمرار
الحياة الدولية وحاجاتها.
7 - أدخل المشرع المصري
الوصية ضمن نطاق مسائل الأحوال الشخصية ولما كانت قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة 1 إنما تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما
يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق
اكتسابها وانقضائها وغيرها من الأحكام الخاصة بنظام الأموال في الدولة، ولا شأن
لها بمسائل الأحوال الشخصية، فإن وجود عقارات التركة التي خلفتها الموصية في مصر
لا علاقة له بتوثيق الوصية في حد ذاتها.
8 - النص في الفقرة
الثانية من المادة 17 من القانون المدني المصري على أن "يسري على شكل الوصية
قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية....." يدل على
أن قاعدة قانون المحل يحكم شكل التصرف ليست قاعدة إلزامية في التشريع المصري بل هي
رخصة للموصي ابتغى بها التيسير عليه وترك له الخيرة فيجوز له أن يتخذ الوصية إما
في الشكل المقرر في قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته وإما في الشكل المقرر
في قانون البلد الذي تتم فيه الوصية ولما كان اختيار الموصية لأول الطريقين
والتجاؤها إلى قنصل دولتها لتوثيق الوصية، من شأنه أن يجعل القانون الواجب التطبيق
على شكل المحرر هو قانون ذلك القنصل طالما توافرت فيه الشرائط اللازمة لذلك
الإجراء، أخذاً بقاعدة شكل المحرر يخضع لقانون من أجراه وهي قاعدة تسير جنباً إلى
جنب مع قاعدة شكل المحرر يخضع لقانون بلد إبرامه وبمقتضاه يبرر الخروج على مبدأ
الإقليمية في التوثيق مراعاة لحاجة المعاملات الدولية، ويلزم الموثق في هذه الحالة
باتباع الشكل الذي يقضي به قانون بلده وكان توثيق الوصية موضوع الدعوى بمعرفة
القنصل لا يتعارض مع قانون التوثيق ولا مع معاهدة مونترو وإذ كان الخيار المخول
للموصية في سلوك أحد الطريقين المشار إليهما لا يجعل الالتجاء إلى الشكل القنصلي
منطوياً على مخالفة للنظام العام، فإن النعي على الحكم يكون ولا محل له
9 - النص في الفقرة
الثانية عشرة من المادة 64 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بإصدار قانون نظام
السلكين الدبلوماسي والقنصلي، يعني أن المحررات التي يجريها القناصل المصريون في
الخارج بوصفهم موثقين يكون لها ذات القوة الرسمية للمحررات التي تحرر وتوثق في
مصر، وهو تطبيق لمبدأ الامتداد الإقليمي لسلطة الدولة خارج حدودها ولا يمكن أن
يفيد النص قصر القوة الرسمية للعقود داخل حدود مصر وحدها، لا يغير من ذلك أن
الفقرة الثانية من المادة 22 من المرسوم الصادر بتاريخ 5 من أغسطس 1925 والمعدل
بالقانون رقم 8 لسنة 1940 الخاص بالنظام القنصلي كانت تقضي بأن للعقود التي يحررها
القناصل المصريون في الخارج ".. قوة العقود الرسمية، وتكون واجبة التنفيذ في
القطر المصري بمقتضى صورها المسلمة المصدق عليها بالصفة القانونية، وتكون كذلك
واجبة التنفيذ في الخارج إذا أجازت ذلك العادات والاتفاقات السياسية" لأن هذه
الفقرة إنما تتعلق بتنفيذ المحرر الرسمي لا بقوته في الإثبات، ولم يجد المشرع
داعياً لتردادها في القانون رقم 166 لسنة 1954 لأن القواعد العامة في قانون
المرافعات تغني عنها.
10 - المحررات الرسمية
التي تقوم بتوثيقها الجهات القنصلية في مصر وفقاً لقوانين الدول التي تتبعها تلك
الجهات، تعتبر محررات رسمية أجنبية فيكون لها بهذه المثابة حجيتها في الإثبات
ولكنها لا تتمتع بالقوة التنفيذية إلا بعد شمولها بالأمر بالتنفيذ وفق المادة 496
من قانون المرافعات السابق.
11 - إذ كان الحكم
المطعون فيه قد استند في قضائه إلى أحكام محكمة النقض والاستئناف الأثينية وإلى
فتوى صادرة من المعهد اليوناني للقانون الدولي كعنصر من عناصر البحث التي استأنس
بها لتعرف الرأي السديد في تأويل نصوص القانون اليوناني وكان لا يجدي الطاعنين
التحدي بالفقرة الثانية من المادة 1807 من القانون المدني اليوناني، لأن الثابت من
تقريرات الحكم أن الموصية قد تصرفت بمقتضى وصيتها في جميع تركتها وليس في جزء
منها، ولما كان القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة
الدليل عليه، وكان الطاعنان لم يبينا النص القانوني الذي يحول بين الزوجة وبين
إمكان التصرف في نصيب زوجها - الموصى له به والذي توفى قبل وفاة الموصية - ضمن
الوصية، فإن النعي على الحكم يكون على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ .....
وأرملة..... اليونانية الجنسية توفيت بتاريخ 25 يونيو 1962 بمدينة القاهرة عن
تركة وأعيان كائنة بمصر، وبتاريخ 8 من يوليو 1962 تقدم...... مورث المطعون عليها
الثانية بطلب إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية قيد برقم 91 لسنة 1962 تركات
أجانب لإثبات وفاتها وانحصار إرثها في ورثتها طبقاً لوصيتها المؤرخة 27 من فبراير
1960 والتي نشرت بالقنصلية اليونانية بالقاهرة بتاريخ 28 من يونيو 1962، وقال
شرحاً لهذا الطلب أن هذه السيدة توفيت بتاريخ 25 من يونيو 1962 وتركت وصية محررة بمعرفة
قنصل اليونان العام بالقاهرة في 27 من فبراير 1960 وبموجبها استبعدت ورثتها
الشرعيين وأوصت بأموالها العقارية والمنقولة للمذكورين فيها. اعترضت السيدة/
..... شقيقة الموصية الطاعنة الثانية على هذا الطلب وتمسكت ببطلان الوصية المشار
إليها وسقوطها وإذ قررت المحكمة بتاريخ 26 من يونيو 1963 حفظ طلب الإشهاد، فقد
أقام الطاعنان الدعوى رقم 3113 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية والتي قيدت
فيما بعد برقم 71 لسنة 1965 أحوال شخصية أجانب بطلب الحكم أصلياً بأن العقد المحرر
من قنصل اليونان بالقاهرة في 27 من فبراير و1960 رقم 4008 والمنشور بمعرفته بتاريخ
28 من يونيو 1962 برقم 4689 لا يعتد به في مصر وبأنه باطل ولا أثر له وبأن
تركة....... أرملة.... وابنه.... مفتوحة بدون وصية وأنها تؤول إلى ورثتها وهم
شقيقتها السيدة..... الطاعنة الثانية - بحق النصف وأولاد أختها الثلاثة......
- المطعون عليهما الأول والثالث ومورث المطعون عليها الثانية - بحق النصف الآخر،
واحتياطياً الحكم بتخصيص ربع التركة المذكورة إلى الورثة الشرعيين السابق بيان
أسمائهم بذات النسب. كما أقام.... مورث المطعون عليها الثانية - الدعوى رقم 6
لسنة 1965 أحوال شخصية أجانب القاهرة ضد الطاعنة الثانية وباقي المطعون عليهم بطلب
الحكم بإثبات وفاة....... وانحصار إرثها في ورثتها حسب وصيتها المحررة في 27 من
فبراير 1960 والمشهرة بالقنصلية الملكية اليونانية العامة بالقاهرة في 28 من يونيو
1962 وهم (أولاً) الجمعية اليونانية بالقاهرة - المطعون عليها الخامسة - بالنسبة
لحق الرقبة والانتفاع بالعقارات الكائنة بشارع الزيتون رقم 2 قسم الزيتون وشارع
البرجاس رقم 20 بجاردن سيتي وشارع علي بن أبي طالب رقم 10 بمصر الجديدة (ثانياً)
باقي أموالها الثابتة والمنقولة إلى كل من..... ولدا....... - المطعون عليه الرابع
- بالتساوي فيما بينهم وذلك بعد دفع الوصايا المنصوص عليها في الوصية. وبعد ضم
الدعويين حكمت المحكمة بتاريخ 31 من مايو 1966 في الدعوى رقم 6 لسنة 1965 أحوال
شخصية أجانب بالطلبات، وفي الدعوى رقم 71 لسنة 1965 أحوال شخصية أجانب برفضها.
استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 19 لسنة 83 ق أحوال شخصية أجانب
القاهر، وبتاريخ 29 من مايو 1967 حكمت محكمة الاستئناف بالتأييد. طعن الطاعنان في
هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن
وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
تسعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسببين الأول والخامس منها على الحكم المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاء بصحة الوصية على
سند من أن المادة 11 من معاهدة مونترو الصادر بها القانون رقم 48 لسنة 1937 تقضي
بأن للقناصل بشرط التبادل القيام بالأعمال التي تدخل في اختصاصاتهم المعترف لهم
بها عادة، وأن العرف الدولي جرى على تخويلهم هذه السلطات بصفة عامة وبغض النزر عن
أي اتفاق، في حين أن الاختصاص التوثيقي للقناصل مرهون بانقضاء فترة انتقال المحاكم
المختلطة بتاريخ 13 من أكتوبر 1949، خاصة وقد أصبح القناصل بعد هذا التاريخ
متمتعين بالحصانة القضائية التي تتنافى مع استمرار عملهم كموثقين، ومن شأن ذلك ألا
يجعل لقنصل اليونان في مصر اختصاصاً بتوثيق عقد الوصية محل النزاع الصادر بتاريخ
27 من فبراير 1960، علاوة على انتفاء شرط التبادل لأنه وفقاً للمادة 12 من التقنين
المدني اليوناني أصبح الشكل المحلي مفروضاً بصفة إجبارية على كل عقد خاص بالأموال
الموجودة باليونان، بمعنى أنه ليس للقنصل المصري في اليونان - الذي يلتزم بالشكل
المصري - أن يعمل كموثق بالنسبة لليونان، وبالتالي فإنه يمتنع على قنصل اليونان
بمصر أن تكون له أهلية العمل كموثق فيها. هذا إلى أنه بالتطبيق للمادة الأولى من
القانون المدني المصري لا مجال للاستناد إلى العرف كمصدر تكميلي طالما أن مفاد
النصوص التشريعية السالفة تحريم إجراء أعمال التوثيق على القناصل الأجانب بل أن
نطاق العرف قد أكدته المادة الخامسة من اتفاقية فينا الخاصة بالعلاقات القنصلية
التي قررت أن القناصل لا يقومون بأعمال التوثيق إلا إذا كان ذلك لا يتعارض مع
قوانين ولوائح البلاد الموفدين إليها، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق
القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كانت القواعد المنظمة للتمثيل القنصلي بصفة عامة مرجعها إلى قواعد
القانون الدولي العام، وكان ضمن الاختصاصات المتعارف عليها للبعثات القنصلية قيام
القناصل بعمل موثق العقود ومسجل الأحوال المدنية فضلاً عن ممارسة بعض الاختصاصات
ذات الطبيعة الإدارية بالنسبة لمواطنيه وفقاً لأحكام قوانين الدولة التي ينتمي لها
ما لم يتعارض ذلك مع قوانين الدولة الموفد إليها، وكان النص في المادة الحادية عشر
من معاهدة مونترو الخاصة بإلغاء الامتيازات بمصر الصادر بها القانون رقم 48 لسنة
1937 على أن "يخضع قناصل الدول لقضاء المحاكم المختلطة مع مراعاة القيود
المعترف بها في القانون الدولي ولا يجوز بوجه خاص محاكمتهم بسبب أعمال وقعت منهم
أثناء تأدية وظيفتهم، ولم بشرط التبادل أن يقوموا بالأعمال الداخلة في الاختصاصات
المعترف بها عادة للقناصل في مواد إشهادات الحالة المدنية وعقود الزواج والعقود
الرسمية الأخرى والتركات والنيابة عن مواطنيهم الغائبين أمام القضاء ومسائل
الملاحة البحرية وأن يتمتعوا بالحصانة الشخصية" ... يدل على أن هذه المادة
عمدت في الفقرة الأولى منها إلى وضع حد للسلطات البوليسية والقضائية التي كانت
مخولة لموظفي السلك السياسي والقنصلي في فترة قيام الامتيازات فأخضعتهم لقضاء
المحاكم المختلطة صراحة ومهدت بفقرتها الثانية السبيل لإرساء مركز القناصل خلال
فترة الانتقال طبقاً للاختصاصات المألوفة والمتعارف عليها في فقه القانون الدولي،
مما مفاده أن هذه الاختصاصات الأخيرة ومن بينها حق القناصل في توثيق المحررات
الخاصة برعايا دولهم لم تكن مستقاة من نظام الامتيازات وليست موقوتة بفترة
الانتقال وإنما هي قائمة على الرضاء الضمني المستند إلى شرط التبادل وإلى العرف
الدولي المستقر، وهو ما تشير إليه براءة اعتماد القنصل وتفيد قبوله بوظائفه المحددة
له في قانون دولته وعلى أن يباشرها وفقاً لهذا القانون يؤيد هذا النظر أن المرسوم
بقانون الصادر في 5 من أغسطس 1925 والخاص بالنظام القنصلي والذي ظل معمولاً به حتى
إلغائه بالقانون رقم 166 لسنة 1954 كان يعطي في المادة 22 منه للقناصل المصريين حق
تحرير العقود والمشارطات المتعلقة بالمصريين خاصة في فترة قيام الامتيازات ثم خلال
فترة الانتقال وكذلك في المدة التالية لانتهائها، لما كان ذلك فإنه وإن كان
المقصود بشرط التبادل ألا تسمح الدولة لقنصل دولة أجنبية بمباشرة وظيفة التوثيق
إلا إذا كانت دولة هذا القنصل تسمح لقنصل الدولة الأولى بمباشرة ذات الوظيفة على
إقليمها، إلا أن نطاق التبادل المشار إليه يقتصر على مجرد الاعتراف للقنصل بأداء
وظيفة التوثيق دون أن يمتد إلى التماثل والتطابق في شروط أداء هذا الاختصاص وكيفية
حصوله اعتباراً بأن القنصل بوصفه موثقاً يخضع في أدائه لقانون الدولة التي يمثلها
هو، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عرض لشرط التبادل في
قوله و..... "ترى المحكمة إن قيام قنصل اليونان بتوثيق وصية في مصر طبقاً
للشكل الذي رسمه القانون المدني اليوناني هو من صميم عمله طبقاً للمادة 81 من
القانون اليوناني رقم 4952 لسنة 1931 بشأن تنظيم السفارات والقنصليات التي نصت
صراحة على أن من مهام السلطات القنصلية القيام بوظيفة مأمور الأحوال الشخصية
والتوثيق كما يقوم بنشر الوصايا وملحقاتها المحررة أمامها أو المودعة طرفها، كما
نص في قانون الوصايا اليوناني رقم 3780 لسنة 1961 في المادة 53 على أن يقوم بجهة
التوثيق بالوصية العلنية أو السرية رئيس السلطة القنصلية الذي يمكنه استدعاء شهود
معروفين لديه وتأكد حق القناصل في هذا بالمواد 1761 و1773 و1775 و1778 من القانون
المدني اليوناني فقد نص في المادة الأولى منه على إجراءات تسليم الوصية إلى السلطة
القنصلية اليونانية في الخارج والإجراءات التي تتبع بعد ذلك ونص في المادة الثانية
على الإجراءات التي تتبعها هذه السلطة عند وفاة الموصي ونص في المادتين الأخيرتين
على إعمال هذه السلطة بالنسبة للوصية ومن ثم فلا نزاع في أنه طبقاً لأحكام القانون
اليوناني يكون للقنصل اليوناني حق توثيق الوصايا لليونانيين المقيمين في الجمهورية
العربية المتحدة ولا يوجد في القوانين المصرية ما يمنع من هذا...... خاصة وأن
القانون رقم 166 لسنة 1954 الخاص بإصدار قانون السلكين الدبلوماسي والقنصلي نص على
حق القناصل المصريين في استلام الوصايا على سبيل الأمانة فإذا ما أضيف إلى ما تقدم
أن للسلطات القنصلية الأجنبية في اليونان مباشرة تلك المهمة بمطلق الحرية (يراجع
الخطاب الرسمي الصادر من القنصلية اليونانية المودع بحافظة مستندات........ في
الدعوى 6 لسنة 1965 مستند رقم 16 دوسيه)......" وكان ما قرره الحكم في هذا
المجال كافياً لإثبات شرط التبادل اعتداداً بما تقرره المادة 12 من القانون
اليوناني لأنها متعلقة بكيفية الأداء لا بشرط التبادل في حد ذاته، لما كان ما تقدم
وكان العرف مصدراً أصلاً من مصادر القانون الدولي، وكان لا يوجد نص تشريعي في مصر
يحظر قيام قناصل الدول الأجنبية في مصر بأعمال التوثيق لما سلف بيانه ولما سيلي في
الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، وكان لا تعارض بهذه المثابة بين هذا الوضع
وبين ما نصت عليه الفقرة (و) من المادة الخامسة من اتفاقية فينا للعلاقات القنصلية
والتي انضمت إليها جمهورية مصر العربية اعتباراً من 21 يوليو 1965 والتي تقضي بأن
الوظائف القنصلية تشمل القيام بأعمال التوثيق والأحوال المدنية وممارسة الأعمال
المشابهة وبعض الأعمال الأخرى ذات الطابع الإداري ما لم يتعارض مع قوانين ولوائح
لدولة الموفد إليها فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب
الثاني والسادس والثامن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور في التسبيب، وفي
بيان ذلك يقول الطاعنان إن من بين ما استند إليه الحكم للقول باختصاص القناصل
الأجانب بتحرير عقد الوصية المطعون عليه أن المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم
68 لسنة 1947 جعلت للأجانب الخيار في توثيق محرراتهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية
إما في مكاتب التوثيق أو لدى جهاتهم القنصلية، وأن تعديل هذه المادة بمقتضى
القانون رقم 629 لسنة 1955 لم يسلب القناصل هذا الحق في حين أن عناية المشروع
باستثناء عقود الأحوال الشخصية للأجانب مرده إلى صدوره قبل انقضاء فترة الانتقال
المنتهية في 14 من أكتوبر 1949، وتعديل تلك المادة بالقانون رقم 629 لسنة 1955 في
تاريخ لاحق جعل توثيق كافة العقود بالنسبة لجميع المقيمين في مصر من اختصاص مكاتب
التوثيق المصرية دون اعتداد بجنسيتهم، وبذلك أصبح التوثيق احتكار للدولة أملته
دوافع عليا باعتباره من أعمال السيادة ليضع حداً لاعتداء القناصل الأجانب على
اختصاص الموثق المصري، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري وخالف
حكماً سابقاً لمحكمة النقض في الطعن رقم 24 لسنة 27 ق أحوال شخصية قطع بأنه لم يعد
القناصل الأجانب اختصاص بأعمال التوثيق في مصر وقررت فيه المحكمة وجوب أن يكون
التوكيل موثقاً بأحد مكاتب التوثيق المصرية دون أن تعتد باعتماد القائم بأعمال
السفارة اليونانية لإمضاء الموكل، خاصة وأن العقود المبرمة مع الأحياء تخضع وفقاً
للمادة 20 من القانون المدني لذات الشروط التي تحكم التصرفات المضافة إلى ما بعد
الموت من حيث جواز استعمال الشكل المنصوص عليه في قانون موطن المتعاقدين فإنه
فضلاً عن مخالفة القانون يكون قد عاره قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عرض لمدى تأثير قانون
التوثيق على حق القناصل في توثيق المحررات بقوله "وتضمنت المذكرة الإيضاحية
للقانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق تعليقاً على المادة الثالثة أنه فيما يختص
بالأجانب يكون لهم الخيار في توثيق محرراتهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية لدى مكاتب
التوثيق أو لدى جهاتهم القنصلية طبقاً لقواعد القانون الدولي الخاص، وليس صحيحاً
ما زعمه المستأنفان الطاعنان من أن القانون رقم 629 لسنة 1955 الذي عدل نص المادة
الثالثة المشار إليها قد سلب هذا الحق من القناصل، ذلك لأن هذا التعديل قد صدر
بمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية منظماً لعملية التوثيق بالنسبة
للمحررات المتعلقة بالمصريين المسلمين وغير المسلمين المتحدي الطائفة والملة إذ
قضى بالقانون المشار إليه في مادته الثالثة بإلغاء أقلام التوثيق بالمحاكم الشرعية
وعملية التوثيق بالمجالس الملية وإحالة جميع المضابط والسجلات والدفاتر المتعلقة
بها إلى مكتب التوثيق، دون أن يتعرض لحق الأجانب الذين خيرهم القانون المدني صراحة
بين اتباع الشكل المقرر في قانون جنسيتهم أو الشكل المحلي في توثيق
محرراتهم...." وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن ما جاء
بالمذكرة الإيضاحية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 من أنه ".... قد كان
مقتضى توحيد جهات التوثيق أن تكون مكاتب التوثيق الجديدة هي التي تتولى توثيق جميع
المحررات أياً كانت... وهذه المكاتب توثق المحررات المتعلقة بمواد الأحوال الشخصية
بالنسبة إلى غير المسلمين إلا أنه بالنسبة إلى للأجانب يكون لهم الخيار في توثيق
محرراتهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية لدى مكاتب التوثيق أو لدى جهاتهم القنصلية
تطبيقاً لقواعد القانون الدولي الخاص". وما أورده تقرير لجنة الشئون
التشريعية بمجلس النواب عن ذات القانون من أنه".. يقتضي توحيد جهات التوثيق
أن تلغى أقلام التوثيق بالمحاكم الوطنية والمختلطة، وأن تحال إلى مكاتب التوثيق
جميع أصول العقود الموثقة بها والدفاتر والوثائق المتعلقة بها، أما المحررات
المتعلقة بالأحوال الشخصية لغير المسلمين فتختص بها مكاتب التوثيق إذ يجب أن تختص
جهة واحدة بعد إلغاء المحاكم المختلطة بالتوثيق لغير المسلمين في محررات أحوالهم
الشخصية التي يتطلب القانون حالاً أو مستقبلاً توثيقها، مع عدم حرمان الأجانب من
حقهم في توثيق هذه المحررات أمام جهاتهم القنصلية طبقاً للقواعد العامة في القانون
الدولي الخاص....." ما جاء بهذا التقرير وتلك المذكرة لا يعدو أن يكون
إفصاحاً من المشرع عن إرادته في توحيد جهات التوثيق التي كانت متفرقة، وحرصاً منه
في ذات الوقف على استمرار تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص بالنسبة لمحررات
الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب، دون أن تكون هناك أدنى صلة لذلك بمسألة
الامتيازات الأجنبية أو فترة الانتقال التي صاحبت إلغاءها، وبالتالي فإن تعديل
قانون التوثيق بمقتضى القانون رقم 629 لسنة 1955 إثر إلغاء المحاكم الشرعية
والملية لا علاقة له البتة بحق الأجانب المقرر لهم في التوثيق تطبيقاً لقواعد
الإسناد في القانون الدولي الخاص، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لذلك
القانون الأخير بقولها أنه "... بمناسبة صدور القانون بإلغاء المحاكم الشرعية
والمحاكم الملية رؤى تنظيم عقود الزواج والإشهادات التي كانت تتولاها المحاكم
الشرعية والمجالس الملية وقد وضع المشروع الحالي متضمناً هذا التنظيم....."
يؤيد ذلك أن قواعد الإسناد المشار إليها كان معمولاً بها خلال سريان الامتيازات
الأجنبية وفي فترة الانتقال فكانت المادة 78 من القانون المدني المختلط تنص على أن
"تراعى في أهلية الموصي لعمل الوصية وفي صيغتها الأحكام المقررة لذلك في
قانون الدولة التابع لها الموصي" كما تنص المادة 55 من القانون المدني الأهلي
على أن "تراعى في أهلية الموصي لعمل الوصية وفي صيغتها الأحكام المقررة لذلك
في الأحوال الشخصية المختصة بالملة التابع لها الموصي"، وكذلك في المادة 29
من لائحة التنظيم للقضائي للمحاكم المختلطة والمادة 3 من المرسوم بقانون رقم 91
لسنة 37 ق بشأن اختصاص محاكم الأحوال الشخصية المصرية اللتين تنصان على أن يرجع في
الوصايا إلى قانون بلد الموصي، وظل هذا الوضع في القانون المدني الحالي عقب إلغاء
الامتيازات إذ احتفظ بهذه القاعدة فيه مع تعميم في الصياغة لتشمل سائر التصرفات
المضافة إلى ما بعد الموت ومع تعيين الوقت الذي يعتد فيه ببيان القانون الواجب
التطبيق فقضت المادة 17 منه على أن يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات
المضافة إلى ما بعد الموت قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته،
ومع ذلك يسري على شكل الوصية قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت
فيه الوصية، وكذلك الحكم في شكل سائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت، لما كان
ذلك وكانت سلطة القناصل في إجراءات العقود الموثقة لا تنقص من سيادة الدولة التي
يباشرون على أرضها وظائفهم طالما أن لممثليها مباشرة السلطة ذاتها على وجه
التبادل، ذلك أن امتداد السلطة الإقليمية خارج حدود الدولة أمر تقتضيه دوافع
المجاملة ومقتضيات الملاءمة واستمرار الحياة الدولية وحاجاتها، لما كان ما تقدم
وكان لا وجه للمحاجة بحكم النقض المشار إليه بسبب النعي، لأنه خاص بتوكيل محام
للطعن بطريق النقض وهو ليس من قبيل المحررات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية وإذ
ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في
التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب
الثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم
طبق المادة 17 من القانون المدني المصري فأخضع الوصية من حيث الشكل إما لقانون
الموصي وقت الإيصاء أو لقانون البلد الذي تمت فيه وجعل الخيار في هذا الشأن
للموصى، وانتهى إلى صحة الوصية موضوع النزاع استناداً إلى أن الموصية آثرت تحرير
وصيتها وفق قانون جنسيتها أمام قنصل دولتها، في حين أن المادة 12 من التقنين
المدني اليوناني إذ توجب تطبيق الشكل المحلي على جميع العقود المتعلقة بالأموال
المنقولة أو العقارية فإنه يتعين على قنصل اليونان تحرير العقد الرسمي طبقاً للشكل
المنصوص عليه في القانون المحلي المصري تبعاً لوجود كافة أعيان التركة في مصر، وهو
ما يتعذر عليه اتباعه بوصفه قنصلاً لليونان خاصة وأن قاعدة يحكم العقد مكان عمله
لأزمة وآمرة بالنسبة للعقود الرسمية التي لا يجوز تحريرها إلا في الشكل الذي يفرضه
القانون المحلي على الموظف العمومي المختص هذا إلى أن المادة 23 من القانون المدني
المصري تحظر سريان المادة 17 آنفة الذكر إذا وجد نص على خلافها في قانون خاص أو
معاهدة دولية نافذة، وقد وجد ذلك النص في قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 وفي
معاهدة مونترو المبرمة سنة 1937 وعلاوة على ما تقدم فإن المادة 28 من القانون
المدني المصري تستبعد تطبيق أحكام القانون الأجنبي إذا كانت مخالفة للنظام العام
وهو طابع وظيفة التوثيق بعد أن أصبحت وقفاً على الدولة، الأمر الذي يشوب الحكم
بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في غير
محله، ذلك أنه لما كان المشرع المصري أدخل الوصية ضمن نطاق مسائل الأحوال الشخصية،
وكانت قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما
تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية
وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق اكتسابها وانقضائها وغيرها من الأحكام
الخاصة بنظام الأموال في الدولة ولا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية، فإن وجود
عقارات التركة التي خلفتها الموصية في مصر لا علاقة له بتوثيق الوصية في حد ذاتها
ويكون ولا محل بالتالي للتذرع بنص المادة 12 من القانون المدني اليوناني أياً كان نصها
لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون المدني المصري
على أن ".... يسري على شكل الوصية قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد
الذي تمت فيه الوصية" يدل على أن قاعدة قانون المحل يحكم شكل التصرف ليست
قاعدة إلزامية في التشريع المصري بل هي رخصة للموصى ابتغى بها التيسير عليه وترك
له الخيرة فيجوز له أن يتخذ الوصية إما في الشكل المقرر في قانون الدولة التي
ينتمي إليها بجنسيته وإما في الشكل المقرر في قانون البلد الذي تتم فيه الوصية
وكان اختيار الموصية لأول الطريقين والتجائها إلى قنصل دولتها لتوثيق لوصية من
شأنه أن يجعل القانون الواجب التطبيق على شكل المحرر هو قانون ذلك القنصل طالما
توافرت فيه الشرائط اللازمة لذلك الإجراء، أخذاً بقاعدة شكل المحرر يخضع لقانون من
أجراه وهي قاعدة تسير جنباً إلى جنب مع قاعدة شكل المحرر يخضع لقانون بلد إبرامه، وبمقتضاه
يبرر الخروج على مبدأ الإقليمية في التوثيق مراعاة لحاجة المعاملات الدولية، ويلزم
الموثق في هذه الحالة باتباع الشكل الذي يقضي به قانون بلده، لما كان ما تقدم وكان
توثيق الوصية موضوع الدعوى بمعرفة القنصل لا يتعارض مع قانون التوثيق ولا مع
معاهدة مونترو على نحو ما سلف في الرد على السببين السابقين، وكان الخيار المخول
للموصية في سلوك أحد الطريقين المشار إليهما لا يجعل الالتجاء إلى الشكل القنصلي
منطوياً على مخالفة للنظام العام، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب
يكون ولا محل له.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسببين الرابع والتاسع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين
(أولهما) أن الحكم تذرع لتأييد حق القناصل الأجانب بتحرير العقود الرسمية في مصر
بما أوردته الفقرة 12 من المادة 64 من قانون السلكين الدبلوماسي والقنصلي رقم 166
لسنة 1954 من أن لبعثات التمثيل القنصلي المصري في الخارج اختصاصاً بتوثيق
المحررات واستلام الوصايا وحفظها وشهرها وأن ذلك يقابله حق القناصل الأجانب في
ممارسة مثل هذه الاختصاصات في مصر، مع أن عجز هذه الفقرة لا يجعل للعقود التي
يوثقها القناصل المصريون في الخارج من أثر إلا داخل جمهورية مصر وحدها، وعملاً
بمبدأ التبادل ولا تكون هناك قيمة للعقود الرسمية التي يوثقها القناصل الأجانب في
مصر إلا في الخارج وبالتالي فلا يحوز العقد المتنازع عليه قوة العقد الرسمي إلا في
نطاق بلاد اليونان فحسب وهو ما تدل عليه المقارنة بين ذلك النص والنص المقابل في
المرسوم الصادر بتاريخ 5 من أغسطس 1925 بشأن النظام القنصلي إذ يتضح منه أن المشرع
المصري أراد قصر القيمة الرسمية للعقود التي يحررها القناصل المصريون في الخارج
على حدود الأراضي المصرية ليس غير (الثاني) أن الحكم عول على عقد الوصية موضوع
الدعوى رغم تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بخلوه من صدور الأمر بتنفيذه عملاً
بالمادة 496 من قانون المرافعات السابق، وهو بهذا الوضع لا يعتد به ولا ينتج أثراً
قانونياً في مصر.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه
على غير أساس، ذلك أن النص في الفقرة الثانية عشرة من المادة 64 من القانون رقم
166 لسنة 1954 بإصدار قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي على "أن يباشر
أعضاء بعثات التمثيل القنصلي الاختصاصات الآتية وذلك في حدود العادات والاتفاقات
والمعاهدات على ألا تتعارض هذه الاختصاصات مع قوانين البلاد التي يؤدون فيها
أعمالهم ويشترط اتباع أحكام القوانين واللوائح المصرية.... (12) تحرير التصرفات
الصادرة من مصريين خاصة وكذلك التصرفات التي يكون الصادر منهم التصرف أو أحدهم من
الأجانب إذا كانت متعلقة بأموال موجودة في مصر وتكون لهذه المحررات قوة المحررات
الرسمية في مصر...." يعني أن المحررات التي يجريها القناصل المصريون في
الخارج بوصفهم موثقين يكون لها ذات القوة الرسمية للمحررات التي تحرر وتوثق في
مصر، وهو تطبيق لمبدأ الامتداد الإقليمي المشار إليه في السبب السابق، ولا يمكن أن
يفيد النص قصر القوة الرسمية للعقود داخل حدود مصر وحدها، لا يغير من ذلك أن الفقرة
الثانية من المادة 22 من المرسوم الصادر بتاريخ 5 أغسطس 1925 والمعدل بالقانون رقم
8 لسنة 1940 الخاص بالنظام القنصلي كانت تقضي بأن للعقود التي يحررها القناصل
المصريون في الخارج ".... قوة العقود الرسمية وتكون واجبة التنفيذ في القطر
المصري بمقتضى صورها المسلمة المصدق عليها بالصفة القانونية وتكون كذلك واجبة
التنفيذ في الخارج إذا أجازت ذلك العادات والاتفاقات السياسية...." لأن هذه
الفقرة إنما تتعلق بتنفيذ المحرر الرسمي لا بقوته في الإثبات، ولم يجد المشرع
داعياً لتردادها في القانون رقم 166 لسنة 1954 لأن القواعد العامة في قانون
المرافعات تغني عنها. لما كان ذلك وكانت المحررات الرسمية التي تقوم بتوثيقها
الجهات القنصلية في مصر وفقاً لقوانين الدول التي تتبعها تلك الجهات تعتبر محررات
رسمية أجنبية فيكون لها بهذه المثابة حجيتها في الإثبات ولكنها لا تتمتع بالقوة
التنفيذية إلا بعد شمولها بالأمر بالتنفيذ وفق المادة 496 من قانون المرافعات
السابق، وكان الجدل في الدعوى الماثلة يدور حول صحة الوصية أو بطلانها كمحرر رسمي
دون أن يستطيل إلى مدى قابليتها للتنفيذ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه قرر ذلك صراحة فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا
الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين يقولان
بالسبب السابع أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى رفض الطلب الاحتياطي بتخصيص الورثة
الشرعيين بالنصيب الموصي به للزوج الذي توفى قبل وفاة الموصية والموازي لربع
التركة استناداً إلى ما تقضي به المادة 1807/ 1 من القانون المدني اليوناني من
توزيع هذه الحصة على باقي الورثة الممتازين دون الورثة الشرعيين بنسبة نصيب كل
منهم، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن مفاد الفقرة الثانية من هذه
المادة أنه لا يجوز للموصية - باعتبارها زوجة لا أرملة - أن تتصرف إلا في ثلاثة
أرباع ما لها أما الربع الباقي فلا يجوز أن تشمله الوصية علاوة على أن المادة 1710
من القانون نفسه تقضي بانتقال ذمة المتوفى كتركة إلى الورثة الشرعيين في حالة عدم
وجود وصية أو عدم توافر شرائط الميراث الإيصائي مما يعني أن الفقرة الأولى من
المادة 1807 التي اعتمد عليها تعتبر استثناء معلق تطبيقه على شروط غير متوفرة في
الدعوى الماثلة.
وحيث إن هذا النعي مردود
بما استند إليه كل من الحكمين الابتدائي والاستئنافي من نصوص القانون اليوناني
الذي يحكم النزاع، فقد ذهب الحكم الأول وهو يعرض لأثر وفاة زوج المورثة - وهو أحد
الموصى لهم - قبل وفاتها على الوصية وكيفية أيلولة ذلك النصيب بقوله "......
أنه عن القول ببطلان الوصية بأكملها لوفاة أحد الموصى لهم فإن المادة 1710 من
القانون المدني اليوناني تنص على أنه بمجرد وفاة الشخص تنتقل ذمته كمجموعة إلى شخص
أو أكثر بمقتضى القانون أو بوصية، ونصت المادة 1711 على أنه لا يصبح وارثاً إلا من
كان حياً أو حملاً وقت استحقاق الميراث وهو وقت وفاة المورث كما نصت المادة 1712
على أنه يجوز للمتوفى أن يقيم وارثاً بتصرف لما بعد الموت من جانب واحد وحيداً
وتعرف الإرادة الأخيرة وترى المحكمة من مجموع هذه المواد أنه يجوز للشخص أن يحرر
وصيته على خلاف الميراث الشرعي، وفي هذه الحالة يجب العمل بالوصية ولا يضار الموصى
لهم الذين على قيد الحياة وقت وفاة المورث من وفاة أحد الموصى لهم، قبل المورث لأن
إرادة المورث انصرفت على الإيصاء لهم ومن ثم فلا محل للقول ببطلان الوصية أو
سقوطها سقوطاً كلياً بوفاة أحد الموصى لهم كما أن القانون لم يتضمن أي نص على
البطلان في هذه الحالة، ومن ثم فإنه يتعين بعد ذلك البحث عن مآل نصيب الموصى له
المتوفى قبل وفاة الموصية..... ومن ثم فيبين من هذه الوصية أنها أوصت بكل تركتها
إلى عدة ورثة يستبعد معهم الميراث الشرعي ويحكم هذه الحالة المادة 1807 من القانون
المدني اليوناني التي نصت على أنه إذا أقيم عدة ورثة على نحو يستبعد معه الميراث
الشرعي ولم يعرض واحد منهم قبل افتتاح التركة أو بعده فإن نصيبه يرد إلى الآخرين
بنسبة حصصهم. وإذا كان بعض الورثة المقامين قيدت له حصة مشتركة فإن الرد يكون
بالترجيح فيما بينهم، وإذا كانت إقامة الورثة عن نصيب من التركة وكان الميراث
الشرعي في الباقي فإن الرد لا يكون بين المقامين إلا إذا كان قد جعل لهم حصة
مشتركة ويجوز للموصي أن يستبعد الرد. والواضح من صريح نص هذه المادة أنه إذا أقام
المورث عدة ورثة يستبعد معهم الميراث الشرعي وتوفى أحد منهم قبل افتتاح التركة فإن
نصيبه يرد إلى الآخرين بنسبة حصصهم وهي الحالة القائمة في هذه الدعوى وما جاء بهذه
المادة هو ترديد لما اتجهت إليه نية المورث في توزيع تركته على ورثة معينين دون
الورثة الشرعيين وهذه النية أي إرادة المورث هي التي بحثت عنها محكمتا النقض
والاستئناف في الحكمين المقدمين من......، فقد جاء في الحكم الصادر من محكمة النقض
بأثينا بتاريخ 28 من سبتمبر 1959 في القضية 413 "أنه عن نفس الوصية يتضح رغبة
الموصي في منح الزيادة في حالة فقد حق أحد الزوجين في الميراث أيلولة حقهما إلى
الورثة" كما جاء في حكم محكمة استئناف أثينا الصادر في القضية 941 لسنة 1954
بتاريخ 28 من يناير 1954 "أن المادة 1807 من القانون اليوناني تتطلب شرطين
أولهما فقد حق أحد الورثة من الميراث بوفاة الوارث قبل المورث وإظهار رغبة المورث
سواء بإقرار صريح أو ضمني بأن الورثة الذين أقامهم هم ورثته الوحيدون" (يراجع
الحكمان المودعان حافظة...... رقم 9 دوسيه ملف القضية 71 لسنة 1965 أحوال شخصية
أجانب). ولما كان يبين من صريح نص الوصية محل التداعي أن المورثة بعد أن أوضحت
الموصى لهم أنها تترك باقي أموالها المنقولة والثابتة التي سترد بعد وفاتها إلى
ورثتها الأربعة المذكورين وهو قول منها صريح لا ضمني في أن جميع أموالها التي
تتركها بعد وفاتها وبعد إعطاء الموصى لهم نصيبهم توزع على ورثتها المبينة أسماؤهم
وهذا صريح في رغبتها في حرمان من عداهم في تركتها أي حرمان ورثتها الشرعيين
وإعمالاً لهذه الرغبة ولنص المادة 1807 من القانون المدني اليوناني يكون طلب......
الاحتياطي على غير أساس (تراجع فتوى المعهد اليوناني للقانون الدولي والأجنبي
والصادر بتاريخ 10 من يناير 1963 حافظة رقم 7 دوسيه في القضية رقم 6 لسنة
1965)...." وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون استند فيه
إلى أحكام لمحكمة النقض والاستئناف الأثينية وإلى فتوى صادرة من المعهد اليوناني
للقانون الدولي كعنصر من عناصر البحث التي استأنس بها لتعرف الرأي السديد في تأويل
نصوص القانون اليوناني وليس يجدي الطاعنين التحدي بالفقرة الثانية من المادة 1807
من القانون المدني اليوناني لأن الثابت من تقريرات الحكم أن الموصية قد تصرفت
بمقتضى وصيتها في جميع تركتها وليس في جزء منها، ولما كان القانون الأجنبي لا يعدو
أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه وكان الطاعنان لم يبينا النص
القانوني الذي يحول بين الزوجة وبين إمكان التصرف في نصيب زوجها ضمن الوصية فإن
النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن برمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق