جلسة 18 من نوفمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ لطف الله جزر, عبد العزيز محمد, منير الصاوي وزهير بسيوني نواب
رئيس المحكمة.
------------------
(240)
الطعن
رقم 8497 لسنة 65 القضائية
(1) دعوى
"الطلبات في الدعوى: الطلب العارض".
قبول الطلب العارض. شرطه. تقديمه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها أو بإبدائه في مذكرة بشرط اطلاع الخصم عليها وتمكينه من الرد عليها. م 123 المرافعات.
(2) دعوى. استئناف. حكم.
قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الحكم المستأنف استناداً إلى أن الطلب العارض أبدى في مذكرة لم يطلع عليها الخصم ولم يرد عليها. عدم وقوفه عند حد تقرير البطلان واسترساله في نظر الموضوع. خطأ. علة ذلك.
(3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم.
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في تكييف هذا الفهم وتطبيق ما ينبغي من أحكام الواقع لرقابة محكمة النقض. إطراحها للأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين أسباب هذا الإطراح. قصور.
(4) حكم "تسبيبه: الإحالة إلى تقرير الخبير في الدعوى" خبرة. إثبات.
أخذ الحكم بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها. شرطه. أن تكون مؤدية إلى تلك النتيجة.
قبول الطلب العارض. شرطه. تقديمه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها أو بإبدائه في مذكرة بشرط اطلاع الخصم عليها وتمكينه من الرد عليها. م 123 المرافعات.
(2) دعوى. استئناف. حكم.
قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الحكم المستأنف استناداً إلى أن الطلب العارض أبدى في مذكرة لم يطلع عليها الخصم ولم يرد عليها. عدم وقوفه عند حد تقرير البطلان واسترساله في نظر الموضوع. خطأ. علة ذلك.
(3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم.
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في تكييف هذا الفهم وتطبيق ما ينبغي من أحكام الواقع لرقابة محكمة النقض. إطراحها للأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين أسباب هذا الإطراح. قصور.
(4) حكم "تسبيبه: الإحالة إلى تقرير الخبير في الدعوى" خبرة. إثبات.
أخذ الحكم بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها. شرطه. أن تكون مؤدية إلى تلك النتيجة.
------------------
1 - يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات
أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم
شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها أو بإبدائه في مذكرة بشرط اطلاع
الخصم عليها وتمكينه من الرد عليها, فإذا لم يبد الطلب العارض بأحد هذه الوسائل
الثلاثة كان غير مطروح على المحكمة ويمتنع عليها أن تفصل فيه لتعلق ذلك بأحد الأسس
الجوهرية في نظام التقاضي.2 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن طلب المطعون ضدها العارض بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 947232.386 جنيه وحذف الشعار الإسلامي من عنوان المصرف قد أبدى في مذكرة لم يطلع عليها الطاعن ولم يرد عليها ورتب على ذلك بطلان الحكم المستأنف ثم استرسل في نظر الموضوع, في حين أن الأمر كان يقتضي من الحكم المطعون فيه الوقوف عند حد تقرير بطلان الحكم المستأنف في خصوص قضائه في هذا الطلب العارض لعدم انعقاد الخصومة في شأنه وحتى لا يحرم الطاعن من نظر هذا الطلب على درجتين باعتباره من أصول التقاضي, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الطلب العارض بعد الحكم ببطلان الحكم المستأنف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً.
4 - أخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وتصلح رداً على الدفاع الذي تمسك به الخصوم وإلا كان الحكم معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على البنك الطاعن الدعوى رقم 1180 لسنة 1989 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتصفية الحساب بينهما، وحذف الشعار الإسلامي من عنوانه ومن كافة إعلاناته ودعاياته وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 582000 جنيه، وقالت بيانا لذلك إنها اتفقت معه على فتح اعتماد مستندي لاستيراد 3000 طن زبد طبيعي لحسابها لتوريدها لشركة ....... للثلج والتبريد وقدمت له خطاب ضمان - المورد الأجنبي - قيمته 36000 دولار أمريكي، وإزاء ذلك أبرمت مع الشركة المذكورة عقد توريد نص فيه على توقيع غرامة قدرها 200 جنيه عن كل طن تتخلف عن توريده في الميعاد، كما قدمت لها خطاب ضمان قيمته 180000 جنيه ضمانا لتنفيذ التوريد، وإذ لم ينفذ الطاعن التزامه وقام بمصادرة قيمة خطاب الضمان الصادر لصالحه، وتكشف لها أنه بنك تجاري لا بنك إسلامي، ولهذا يحق لها أن تطالبه بقيمة خطاب الضمان الصادر لصالح شركة ..... للثلج والتبريد وسداد مبلغ 600000 جنيه قيمة غرامات التأخير المنصوص عليها في عقد التوريد ومبلغ 90000 جنيه قيمة المصروفات والنفقات التي تكبدتها في سبيل تنفيذ العملية مضافا إليه مبلغ 252000 جنيه قيمة ما أنفقته مقابل تدبير العملة اللازمة لإتمام الصفقة ندبت المحكمة خبيرا وقدم تقريره منتهيا فيه إلى أحقية المطعون ضدها لمبلغ 370953.760 ملـ جـ عن عملية الزبد الطبيعي، أقام الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 1455568.94 ملـ جـ قيمة مديونيتها الناتجة عن معاملاتها معه بنظام البيع بالعمولة والمضاربات، وكذا إلزامها بأداء مبلغ مليون جنيه تعويضا عن الأضرار الأدبية التي أصابته من جراء ما ورد بصحيفة دعواها، طلبت المطعون ضدها الحكم بما أسفر عنه تقرير الخبير مع الاحتفاظ بالرجوع على الطاعن فيما لم يحسمه التقرير بدعوى أخرى، وبتاريخ 26/1/1993 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 370953.760 ملـ جـ وفي الدعوى الفرعية أولا: برفض طلب الطاعن بإلزام المطعون ضدها بأداء مبلغ 231084 جنيه والمتعلق بصفقة الزبد، ثانيا: بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين وصولا إلى مدى أحقية الطاعن في دعواه الفرعية. استأنف المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 768 لسنة 110 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 1293 لسنة 110 ق القاهرة، وبعد أن قدم الخبير تقريره في الدعوى الفرعية وأثناء حجز الدعوى للحكم قدمت المطعون ضدها مذكرة طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لها مبلغ 947232.386 ملـ جـ مع حذف الشعار الإسلامي من عنوان المصرف، وبتاريخ 21/3/1995 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها هذا المبلغ ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وفي الدعوى الفرعية برفضها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1275 لسنة 112 ق القاهرة، وبعد ضم الاستئنافات الثلاثة، حكمت المحكمة بتاريخ 1/6/1995 برفض الاستئنافين رقمي 768، 1293 لسنة 110 ق وفي الاستئناف رقم 1275 لسنة 112 ق بإلغاء الحكم المستأنف بشقيه الصادرين في 26/1/1993، 21/3/1995 والقضاء مجددا في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 947232.386 ملـ جـ ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وفي الدعوى الفرعية برفضها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف وقد خلصت إلى بطلان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بجلسة 21/3/1995 فيما قضى به من إلزامه بمبلغ 947232.386 ملـ جـ لعدم إطلاعه على مذكرة المطعون ضدها المقدمة في فترة حجز الدعوى للحكم أو استلامه صورة منها، فإنه كان يتعين على المحكمة الاقتصار على هذا القضاء دون أن تتصدى للفصل في موضوع الطلب العارض الذي أبدي في تلك المذكرة ردا على دعواه الفرعية لانعدام الخصومة وحتى لا تفوت عليه درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يشترط لقبول الطلب العارض وفقا للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها أو بإبدائه في مذكرة بشرط إطلاع الخصم عليها وتمكينه من الرد عليها، فإذا لم يبد الطلب العارض بأحد هذه الوسائل الثلاثة كان غير مطروح على المحكمة ويمتنع عليها أن تفصل فيه لتعلق ذلك بأحد الأسس الجوهرية في نظام التقاضي، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن طلب المطعون ضدها العارض بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 947232.386 ملـ جـ وحذف الشعار الإسلامي من عنوان المصرف قد أبدي في مذكرة لم يطلع عليها الطاعن ولم يرد عليها ورتب على ذلك بطلان الحكم المستأنف ثم استرسل في نظر الموضوع، في حين أن الأمر كان يقتضي من الحكم المطعون فيه الوقوف عند حد تقرير بطلان الحكم المستأنف في خصوص قضائه في هذا الطلب العارض لعدم انعقاد الخصومة في شأنه وحتى لا يحرم الطاعن من نظر هذا الطلب على درجتين باعتباره من أصول التقاضي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الطلب العارض بعد الحكم ببطلان الحكم المستأنف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم لمحكمة الموضوع بجلسة 7/2/1995 مستند يقطع بمديونية المطعون ضدها له عبارة عن صورة صحيفة الدعوى المقامة منها ضده بطلب إجراء المقاصة بين دين مستحق له عليها قدره مبلغ 200000 جنيه والثابت بأمر الحجز التحفظي رقم 273 لسنة 1990 جنوب القاهرة وبين المبلغ المستحق لها عليه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1180 لسنة 1989 تجاري كلي جنوب القاهرة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا المستند رغم أن ما ورد به يعد إقرارا تحاج به المطعون ضدها ويفيد بأن تقرير الخبير لا يقوم على أساس سليم، فإنه يكون معيبا بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصرا، وأن في أخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وتصلح ردا على الدفاع الذي تمسك به الخصوم وإلا كان الحكم معيبا بالقصور، لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفاع الوارد بسبب النعي واستدل عليه بما ورد في صحيفة دعوى المقاصة المشار إليها التي قدمت بعد إيداع تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه سندا لقضائه وأحال إليه في بيان أسبابه، فإنه كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وتقول رأيها في شأن دلالة المستند المؤيد له إيجابا أو سلبا، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا المستند ولا يبين منه أنه محصه أو أطلع عليه، فإنه يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف وقد خلصت إلى بطلان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بجلسة 21/3/1995 فيما قضى به من إلزامه بمبلغ 947232.386 ملـ جـ لعدم إطلاعه على مذكرة المطعون ضدها المقدمة في فترة حجز الدعوى للحكم أو استلامه صورة منها، فإنه كان يتعين على المحكمة الاقتصار على هذا القضاء دون أن تتصدى للفصل في موضوع الطلب العارض الذي أبدي في تلك المذكرة ردا على دعواه الفرعية لانعدام الخصومة وحتى لا تفوت عليه درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يشترط لقبول الطلب العارض وفقا للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاها في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها أو بإبدائه في مذكرة بشرط إطلاع الخصم عليها وتمكينه من الرد عليها، فإذا لم يبد الطلب العارض بأحد هذه الوسائل الثلاثة كان غير مطروح على المحكمة ويمتنع عليها أن تفصل فيه لتعلق ذلك بأحد الأسس الجوهرية في نظام التقاضي، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن طلب المطعون ضدها العارض بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 947232.386 ملـ جـ وحذف الشعار الإسلامي من عنوان المصرف قد أبدي في مذكرة لم يطلع عليها الطاعن ولم يرد عليها ورتب على ذلك بطلان الحكم المستأنف ثم استرسل في نظر الموضوع، في حين أن الأمر كان يقتضي من الحكم المطعون فيه الوقوف عند حد تقرير بطلان الحكم المستأنف في خصوص قضائه في هذا الطلب العارض لعدم انعقاد الخصومة في شأنه وحتى لا يحرم الطاعن من نظر هذا الطلب على درجتين باعتباره من أصول التقاضي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الطلب العارض بعد الحكم ببطلان الحكم المستأنف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم لمحكمة الموضوع بجلسة 7/2/1995 مستند يقطع بمديونية المطعون ضدها له عبارة عن صورة صحيفة الدعوى المقامة منها ضده بطلب إجراء المقاصة بين دين مستحق له عليها قدره مبلغ 200000 جنيه والثابت بأمر الحجز التحفظي رقم 273 لسنة 1990 جنوب القاهرة وبين المبلغ المستحق لها عليه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1180 لسنة 1989 تجاري كلي جنوب القاهرة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا المستند رغم أن ما ورد به يعد إقرارا تحاج به المطعون ضدها ويفيد بأن تقرير الخبير لا يقوم على أساس سليم، فإنه يكون معيبا بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصرا، وأن في أخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وتصلح ردا على الدفاع الذي تمسك به الخصوم وإلا كان الحكم معيبا بالقصور، لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفاع الوارد بسبب النعي واستدل عليه بما ورد في صحيفة دعوى المقاصة المشار إليها التي قدمت بعد إيداع تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه سندا لقضائه وأحال إليه في بيان أسبابه، فإنه كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وتقول رأيها في شأن دلالة المستند المؤيد له إيجابا أو سلبا، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا المستند ولا يبين منه أنه محصه أو أطلع عليه، فإنه يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق