جلسة 18 من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوي أيوب، رضا القاضي وأبو بكر البسيوني أبو زيد نواب رئيس المحكمة.
--------------
(109)
الطعن رقم 12329 لسنة 69 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن. إيداع الأسباب".
إيداع أسباب الطعن دون التقرير به أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) ضرب أفضى إلى موت. سبق الإصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تقدير توافره. موضوعي. ما دام سائغاً. مثال لتسبيب سائغ في توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
المنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وتوفر ظرف سبق الإصرار. جدل موضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم لها الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى متهم وعدم الاطمئنان إلى الأدلة ذاتها بالنسبة إلى أخر.
صدق الشاهد في شطر من أقواله دون شطر آخر منها. يصح عقلاً.
2 - لما كان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف سبق الإصرار وأثبت توافره لدى الطاعن والمتهم الآخر بقوله:..... وذلك أمر قد قام الدليل على ثبوته في حق المتهمين وكشفت عنه الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة. فلقد أقر المتهم الثاني بالتحقيقات أنه عاد من القاهرة قبل الحادث بأكثر من يومين على أثر إبلاغه بما لحق شقيقه من اعتداء قارفه أشقاء المجنى عليه وأنه لم يرد في الالتجاء إلى الشرطة والمحضر الذي ضبط عن واقعة الاعتداء على شقيقته رداً لكرامته وبعد منتصف ليلة الحادث حضر في معيته المتهم الأول (الطاعن) الذي تربطه به صلة صداقة ومودة، وثبت من أقوال شاهدي الواقعة الأولى والثاني التي تأيدت بالتحريات أن المتهم ذهب إلى حيث مسكن المجني عليه حاسراً عنه ملابسه يحيط خصره بكرباج يحمل عصا وقد ذهب في معيته المتهم الأول مسلحاً بخنجر وبادر المتهم الثاني أشقاء المجني عليه بالاعتداء وافتعل معهم مشاجرة وكان في معيته يشد من أزره المتهم الأول الذي ما إن أبصر المجنى عليه يحاول الذود من أشقائه حتى عاجله بالطعنة القاتلة ومن ثم فإن ماديات الواقعة تكشف أن المتهمين كانا قد فكراً ودبراً أمر جريمتهما وأعدا سلاحها من قبل ووضعا الخطة لتنفيذها وحددا الميقات بعد انتصاف الليل وما كان ذلك إلا بنفس هادئة مطمئنة توافر لهما الوقت الكافي ليوازنا بين الإقدام أو الإحجام عن الجريمة وصمما على تنفيذ قصدهما الإجرامي ولم يكن مقارفتها للجريمة وليدة ثورة غضب جامع أو نفس جاشت بالاضطراب بما يكشف بجلاء أن المتهمين قد اتفقا وصمما وعقدا العزم على الاعتداء على المجنى عليه وأشقائه وأصر على ذلك حتى تنفيذها بما يرتب بينهما تضامناً في المسئولية الجنائية عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت....". لما كان ذلك، وكان لهذا الذي قاله الحكم مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ومستمداً من أقوال شهود الإثبات التي لا يجادل الطاعن في صحة ما حصله الحكم منها وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت هذا الظرف من وقائع وأمارات كشفت عنه هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها التي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وتوافر ظرف سبق الإصرار في حقه والمتهم الآخر ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة ٍإلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن وآخر بجناية الضرب المفضي إلى الموت فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الآخرين - استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى ذات أقوال شهود الإثبات قبلهما للأسباب التي أوردها - لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من.....،.....،.....،...... أنهم أ - المتهمون جميعاً: - ضربوا.... مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على ضربه وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "خنجر - مطواة قرن غزال" وتوجهوا إلى مسكنه وما أن ظفروا به حتى طعنه المتهم الأول بالخنجر الذي كان يحمله فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى الموت ب - المتهم الأول: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً "خنجر" ج - المتهم الثاني: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً "مطواة قرن غزال" وأحالتهم إلى محكمة جنايات...... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالةٍ.
وادعت.... والدة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً.... عملاً بالمادة 236 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرر، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبندين 3، 10 من الجدول رقم 1 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات أولاً بمعاقبة المتهمين الأول بالأشغال الشاقة عشر سنوات والثاني بالسجن خمس سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وفى الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ثانياً: - ببراءة كل من الثالث والرابع مما نسب إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما.
فطعن المحكوم عليه الأول...... في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه الثاني.... وإن قدم أسباب طعنه في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن رغبته فيه فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهذا الطاعن.
وحيث إن طعن المحكوم عليه الأول.... استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن ما أورده الحكم في التدليل على توافر سبق الإصرار لا يقيمه في حق الطاعن لاسيما وأن أقوال شاهد الإثبات الرابع - التي عول عليها الحكم - فضلاً عما ثبت بتحقيقات النيابة من تخلف إصابات بالطاعن والمحكوم عليه الآخر يفيد أن الحادث وليد مشاجرة دون ترتيب سبق مما مفاده تخلف الظرف المذكور وهو ذات ما قام عليه دفاع الطاعن وإغفاله الحكم إيراداً ورداً هذا وعلى الرغم من أن صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم نقلاً عن أقوال شهود الإثبات تفيد توافر ظرف سبق الإصرار والاتفاق بين جميع المتهمين في الدعوى على ارتكاب الحادث إلى أن الحكم قضى بتبرئة المتهمين الآخرين في الدعوى إطراحاً منه لذات الأدلة التي اعتمد عليها في إدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبّين من الحكم المطعون فيه أنه بّين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل يستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف سبق الإصرار وأثبت توافره لدى الطاعن والمتهم الآخر بقوله:..... وذلك أمر قد قام الدليل على ثبوته في حق المتهمين وكشفت عنه الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة. فلقد أقر المتهم الثاني بالتحقيقات أنه عاد من القاهرة قبل الحادث بأكثر من يومين على أثر إبلاغه بما لحق شقيقته من اعتداء قارفه أشقاء المجنى عليه وأنه لم يرد في الالتجاء إلى الشرطة والمحضر الذي ضبط عن واقعة الاعتداء على شقيقته رداً لكرامته، وبعد منتصف ليلة الحادث حضر في معيته المتهم الأول (الطاعن) الذي تربطه به صلة صداقة ومودة، وثبت من أقوال شاهدي الواقعة الأولى والثاني التي تأيدت بالتحريات أن المتهم ذهب إلى حيث مسكن أسرة المجني عليه حاسراً عنه ملابسه يحيط خصره بكرباج يحمل عصا وقد ذهب في معيته المتهم الأول مسلحاً بخنجر وبادر المتهم الثاني أشقاء المجني عليه بالاعتداء وافتعل معهم مشاجرة وكان فى معيته يشد من أزره المتهم الأول الذي ما إن أبصر المجني عليه يحاول الذود من أشقائه حتى عاجله بالطعنة القاتلة ومن ثم فإن ماديات الواقعة تكشف أن المتهمين كانا قد فكراً ودبراً أمر جريمتهما وأعدا سلاحاً من قبل ووضعا الخطة لتنفيذها وحددا الميقات بعد انتصاف الليل وما كان ذلك إلا بنفس هادئة مطمئنة توافر لهما الوقت الكافي ليوازنا بين الإقدام أو الإحجام عن الجريمة وصمما على تنفيذ قصدهما الإجرامي ولم يكن مقارفتها للجريمة وليدة ثورة غضب جامع أو نفس جاشت بالاضطراب بما يكشف بجلاء أن المتهمين قد اتفقا وصمما وعقدا العزم على الاعتداء على المجنى عليه وأشقائه وأصرا على ذلك حتى تنفيذها بما يرتب بينهما تضامناً في المسئولية الجنائية عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت....". لما كان ذلك، وكان لهذا الذي قاله الحكم مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ومستمداً من أقوال شهود الإثبات التي لا يجادل الطاعن في صحة ما حصله الحكم منها، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت هذا الظرف من وقائع وأمارات كشفت عنه هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها التي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وتوافر ظرف سبق الإصرار في حقه والمتهم الآخر ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادقة في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن وآخر بجناية الضرب المفضي إلى الموت فإن قضاء الحكم ببراءة المتهمين الآخرين - استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى ذات أقوال شهود الإثبات قبلهما للأسباب التي أوردها - لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق