جلسة 24 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، عبد الحميد المنفلوطي، علي السعدني وأحمد شلبي.
----------------
(174)
الطعن رقم 246 لسنة 49 القضائية
(1) حراسة "حراسة قضائية". اختصاص "محكمة الحراسة".
فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين. من اختصاص محكمة الحراسة دون غيرها. للمدعي العام الاشتراكي منع التصرف في الأموال أو إدارتها.
(2، 3) اختصاص "المحكمة العليا" "محكمة الحراسة". قرار "قرارات التفسير".
(2) قرارات التفسير الصادرة من المحكمة العليا. لها ذات القوة الملزمة للنص الذي انصب عليه التفسير. ليس لأية جهة قضائية أخرى بحث توافر شروط طلب التفسير.
(3) صدور قرار التفسير من المحكمة العليا باختصاص محكمة الحراسة دون غيرها بنظر الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بمنع التصرف في الأموال أو إدارتها. مؤداه. ليس لجهة القضاء العادي الفصل في منازعة متعلقة بهذه الأوامر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن........... بصفته أقام الدعوى رقم 3650/ 1978 مستعجل القاهرة ضد المدعي العام الاشتراكي ووكيل إدارة الأموال المتحفظ عليها بطلب الحكم بعدم الاعتداد بقرار المدعي العام رقم 52 لسنة 1978 الصادر في 30/ 9/ 1978 بمنعه وزوجه وأولاده من التصرف في أموالهم المنقولة والعقارية وعدم الاعتداد كذلك بقرار التفويض الصادر من أولهما للثاني بشأن تنفيذ القرار آنف البيان. دفع المدعى عليهما بعدم اختصاص جهة القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى واختصاص محكمة الحراسة المنصوص عنها في المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971، بتاريخ 21/ 11/ سنة 1978 حكمت المحكمة برفض الدفع وبطلبات المدعي، استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2055 - 1978 مستأنف جنوب القاهرة وبتاريخ 28/ 4/ 1979 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية بتأييد الحكم المستأنف، طعن النائب العام في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقول في بيان ذلك أن المدعي العام الاشتراكي تمسك بعدم اختصاص جهة القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن قرار التفسير رقم 16 سنة 8 ق محكمة عليا الصادر من المحكمة العليا، بتاريخ 4 - 3 - 1978 في طلب تفسير المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971، قضى باختصاص محكمة الحراسة المنصوص عليها بتلك المادة دون غيرها المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بالإجراءات التحفظية على الأموال طبقاً للمادة السابعة من ذات القانون، غير أن الحكم المطعون فيه..... رفض الدفع وقضى بطلبات المدعي فيها، وأقام قضاءه على سند من القول بأن قرار المحكمة العليا لا يلزمه لصدوره في مسالة من مسائل تنازع الاختصاص وبأن نص المادة العاشرة الذي انصب عليه قرار التفسير ليس بذي طبيعة خاصة أو أهمية معينة مما يقضي تفسيراً، وأن التزام قرار التفسير ويؤدي إلى تعديل قواعد الاختصاص بغير تشريع، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه قرار التفسير وهو ملزم له ووضع لقبول طلب التفسير شروطاً لم ينص عليها القانون ورتب على ما سلف سلب ولاية محكمة الحراسة، يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع نظم فرض الحراسة بالقانون رقم 34 لسنة 1971 فمنع فرضها على أموال الأشخاص الطبيعيين إلا بحكم قضائي يصدر من محكمة المنصوص عليها بالمادة العاشرة منه، وناط بالمدعي العام الاشتراكي الإدعاء أمام المحكمة المذكورة وأجاز له بالفقرتين الأولى والثانية من المادة السابعة من ذات القانون أن يأمر بمنع التصرف في الأموال أو إدارتها متى تجمعت لديه دلائل قوية بالنسبة لأحد الأشخاص على أنه أتى فعلاً من الأفعال المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة، وأن يعين بالأمر الصادر بالمنع من الإدارة وكيلاً لإدارة الأموال، وكان النص بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1966 بإصدار قانون المحكمة العليا على اختصاصها بـ "تفسير النصوص القانونية التي تستدعي ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضماناً لوحدة التطبيق القضائي وذلك بناء على طلب وزارة العدل ويكون قراراتها بالتفسير ملزماً "يدل على أن المشرع اختص المحكمة العليا بتفسير النصوص التشريعية وجعل لقرارات التفسير التي تصدرها قوة ملزمة لجميع جهات القضاء وهي في ذلك لا تنشئ حكماً جديداً بل تكشف عن حكم القانون بتفسير نصوصه وتبين قصد المشرع منه، وبذلك يكون لقرارها ذات قوة النص الذي انصب عليه التفسير، ولا يغير من ذلك أن المشرع نص بالمادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا، على أن تكون الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين ملزمة لجميع جهات القضاء ولم يشر إلى قرارات التفسير رغم أنه أوجب نشر منطوق تلك الأحكام وقرارات تفسير النصوص القانونية بالجريدة الرسمية، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا، قد نصت على أن لقرارات التفسير ذات قوة ملزمة، وهو ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا تعليقاً على المادة 31 منه، وكان من مقتضى اختصاص المحكمة العليا بالتفسير الملزم للنصوص التشريعية أن يكون لها وحدها تقدير توافر شروط قبول طلب التفسير، بحيث لا يقبل من أية جهة قضائية أن تبحث تلك الشروط أو تناقشها توصلاً إلى التحلل من القوة الملزمة لقرار التفسير، وكانت المحكمة العليا قد أصدرت بتاريخ 4 - 3 - 1978 قراراً بتفسير نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 في طلب التفسير المقيد برقم 16 سنة 8 ق محكمة عليا نشر في الجريدة الرسمية بالعدد الصادر بتاريخ 17/ 4/ 1978 وهو يقضي بأن المحكمة المنصوص عليها في المادة 10 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب تختص دون غيرها بنظر المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقاً للمادة 7 من القانون المشار إليه ومن مقتضاه أن المادة العاشرة التي انصب عليها التفسير ذاتها تقضي باختصاص المحكمة المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها بنظر المنازعات في الأوامر الصادرة من المدعي العام الاشتراكي آنفة البيان، فلا يجوز التعلل بما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة السابعة من القانون رقم 34 سنة 1971 من أن أمر المدعي الاشتراكي بالمنع من التصرف في الأموال أو إدارتها يعتبر كأن لم يكن بفوات ستين يوماً على صدوره دون تقديم الدعوى لمحكمة الحراسة - للقول بانعدام الأمر بفوات هذا الميعاد ومن ثم يسوغ للقضاء العادي الفصل في منازعة متعلقة بهذا الأمر، لأن هذه المحكمة بما لها من ولاية مقررة قانوناً هي صاحبة الولاية دون غيرها في القضاء باعتبار هذا الأمر كأن لم يكن، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر المنازعة المتعلقة بالأمر الصادر من المدعي العام الاشتراكي بالمنع من التصرف في الأموال وإدارتها وأقام قضاءه في هذا الشأن على ما يخالف النظر الذي سلف بيانه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.