الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 516 لسنة 11 ق جلسة 11 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 31 ص 240

جلسة 11 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

-----------------

(31)

القضية رقم 516 لسنة 11 القضائية

(أ) - ترخيص "الترخيص باستغلال المناجم والمحاجر" (إدارة محلية) (عقد إداري). 

القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر جعل الاختصاص في استغلال المناجم والمحاجر لوزارة التجارة والصناعة - أيلولة هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها - صيرورة الاختصاص للمحافظات طبقاً للقانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية وقرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962.
(ب) - عقد إداري "عقد استغلال المحاجر". 

لا إلزام على جهة الإدارة بالموافقة على طلب استبدال المحجر بمجرد تقديمه من المستغل في الميعاد القانوني - أساس ذلك من نصوص القانون رقم 86 لسنة 1956.

------------------
1 - يبين من مراجعة القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن المادة الرابعة منه الواردة في الباب الأول الخاص بالأحكام التمهيدية تنص على ما يأتي: "تقوم وزارة التجارة والصناعة طبقاً لأحكام هذا القانون بتنظيم استغلال المناجم والمحاجر ورقابتها وكل ما يتعلق بها من تصنيع أو نقل أو تخزين ولها أن تقوم بأعمال الكشف والبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر وما يتعلق بها إما بنفسها مباشرة وإما أن تعهد بذلك إلى غيرها بالشروط المقررة في هذا القانون". وقد آل هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها، واستمر الحال على ذلك إلى أن عمل بقانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 سنة 1960، وطبقاً لأحكامه صدر قرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962 ونص في مادته الأولى على ما يأتي "ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فيما يتعلق بالمحاجر اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث والتفتيش الفني". ونصت المادة الثانية على أن "تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها طبقاً لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليها وتؤول إليها إيراداتها اعتباراً من أول يوليه سنة 1962" ومفاد النصوص المتقدمة أنه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 أصبحت المحافظات هي الجهات الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل بالنسبة إلى الإشراف على المحاجر واستغلالها، سواء بالنسبة إلى منح تراخيص الاستغلال ابتداء أو في الموافقة على استبدال المحاجر أثناء مدة الترخيص، أو بالنسبة إلى غير ذلك من الشئون التي نص عليها قانون المناجم والمحاجر، وتمارس هذا الاختصاص بواسطة أجهزتها وإداراتها، أما اختصاص مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة فقد أصبح مقصوراً على التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني، وبعبارة أخرى انحصر اختصاصها في وضع السياسة العامة التي تسير عليها المحافظات والإشراف عليها والتفتيش على أعمالها في شأن المحاجر دون أن يمتد هذا الاختصاص إلى اتخاذ قرارات في شأن الطلبات المقدمة إلى المحافظات سواء للترخيص باستغلال المحاجر ابتداء أو بالاستبدال.
2 - إن المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر تنص على ما يأتي: "في عقود استغلال المحاجر التي تبرم لمدة سنة يجوز للمستغل قبل انتهاء تلك المدة وبعد انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده أن يستبدل بالمحجر محجراً آخر من نوعه في المنطقة ذاتها بالشروط المنصوص عليها في العقد وللمدة الباقية منه إذا ثبت للمصلحة ما يبرر هذا الاستبدال..". ونصت المادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 على أنه "يجوز للمصلحة استبدال المحجر إذا وجدت المصلحة مبررات فنية وأسباباً تعوق استمرار استغلال المحجر" ويتضح من هذه النصوص أن المشرع لم يلزم الجهة الإدارية بالموافقة على طلب الاستبدال بمجرد تقديمه من المستغل في المواعيد التي حددها القانون وإنما أجاز لها ذلك إذا ما اتضح لها أن هناك مبررات فنية تسوغ إجابة هذا الطلب ومن ضمنها قيام أسباب من شأنها تعويق استمرار استغلال المحجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 247 لسنة 18 القضائية ضد محافظة القاهرة ومدير عام المناجم والمحاجر والإدارة العامة للرخص بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في يوم 24 من ديسمبر سنة 1963 طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له مبلغ 80 جنيهاً على سبيل التعويض مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه منح حق استغلال محجر رمال بجبل منشية البكري بموجب عقد لمدة سنة تبدأ من 6 من نوفمبر سنة 1962 بإيجار قدره 700 ج سنوياً، وقد باشر استغلال المحجر حتى يوم 6 من مارس 1963، ثم توقف العمل لوجود صخور داخل المحجر سدت واجهة التشغيل، وجعلت من المستحيل استخراج الرمال من المحجر، ونظراً لأن العقد يخوله حق استبدال المحجر بمحجر آخر، فقد تقدم بطلب في 8 من يونيه سنة 1963 لإجراء الاستبدال، ووافق المدعى عليه الثاني على ذلك، ولكن لجنة تقدير الإيجارات قررت عدم الموافقة على الاستبدال. وقد ترتب على هذا القرار الخاطئ والمخالف للعقد المبرم معه والقانون رقم 86 لسنة 1956 بشأن المناجم والمحاجر، ضياع فرصة الاستغلال عليه رغم ارتباطه مع آخرين على توريد رمال لهم في مواعيد محددة، ولذلك فإنه يستحق تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك ويتمثل التعويض في مبلغ 480 ج قيمة 24 ألف متر رمل حرم من الحصول عليها من المحجر، 200 ج مقابل ما فاته من ربح عن مدة توقفه عن الاستغلال حتى نهاية العقد.
وقد أجابت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي تقدم بطلب في 30 من يونيه سنة 1962 للترخيص له باستغلال محجر رمال بجبل منشية البكري، وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 1962 قدرت لجنة تحديد الإيجارات مبلغ 1300 ج إيجار المحجر بدون إتاوة، فتظلم المدعي من هذا التقدير مستنداً في تظلمه إلى أنه يوجد بالمحجر كثير من المواد الغريبة كالدبش والصخور تقدر بثلث كمية المحجر البالغ قدرها 35 ألف متر، فأعيد عرض الأمر على لجنة الإيجارات بمذكرة جاء فيها إنه بمعاينة المحجر اتضح أنه يحتوي على 35 ألف متر مكعب من الرمال تعلوه طبقة أتربة وأحجار وتكون الأحجار الرملية جيوباً تعوق التشغيل وأن المدعي لن يتمكن من استخلاص أكثر من نصف كمية الرمال الموجودة في المحجر بسبب وجود تلك العوائق، وقد انتهت لجنة تحديد الإيجارات بجلستها المنعقدة في 17 من سبتمبر سنة 1962 إلى تخفيض قيمة الإيجار إلى 700 ج سنوياً بدون إتاوة، وأخطر المدعي بذلك في 30 من سبتمبر سنة 1962، ثم صدر الترخيص للمدعي باستغلال المحجر لمدة سنة تبدأ من 6 من نوفمبر سنة 1962 وتنتهي في 5 من نوفمبر سنة 1963، وبتاريخ 8 من مايو سنة 1963 تقدم المدعي بطلب لاستبدال المحجر بمحجر آخر استناداً إلى نص البند الثاني من العقد الذي يجيز إجراء هذا الاستبدال بالشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر إذا كان قد انقضت مدة لا تقل عن ستة أشهر من بدء استغلال المحجر، واستند المدعي في طلبه إلى ظهور طبقات صخرية تحول دون الاستغلال. وقد قامت لجنة فنية بمعاينة المحجر وأثبتت في تقريرها أن المدعي استخرج من المحجر المرخص له به كمية من الرمال تقدر بحوالي 11 ألف متر مكعب وأن بالمحجر طبقات من الأحجار ورمال متحجرة تجعله غير صالح للاستغلال، كما عاينت تلك اللجنة المحجر الآخر الذي يطلب المدعي الترخيص له فيه وقالت إنه يوجد به كمية من الرمال تقدر بحوالي 9 آلاف متر مكعب ثم عرض هذا التقرير على مصلحة المناجم والمحاجر التي وافقت على الاستبدال وطلبت عرض الأمر على لجنة تقدير الإيجارات طبقاً للأوضاع المنصوص عليها في المادة 3 من القانون المشار إليه، وبتاريخ 14 من يوليه سنة 1963 قررت اللجنة رفض الطلب، ونظراً لتعارض هذا القرار مع القرار الصادر من مصلحة المناجم والمحاجر رؤى تشكيل لجنة فنية لإعادة بحث الموضوع ثم رأت هذه اللجنة أن المدعي لم يستغل المحجر كما يجب وأنه كان يمكنه استغلال المحجر لو بذل جهداً في ذلك. ثم عرض الموضوع على لجنة تقدير الإيجارات فأيدت قرارها الأول رفض طلب الاستبدال.
وقالت إدارة قضايا الحكومة إن مناط تطبيق المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه، التي أجازت الاستبدال أن تكون قد قامت أسباب تعوق استمرار تشغيل المحجر واستغلاله، ولما كانت الأسباب التي عاقت المدعي عن الاستمرار في تشغيل محجره، معروفة له منذ البداية، وكانت هي السبب في تخفيض قيمة الإيجار من 1300 ج إلى 700 ج فقط كما أنه لم يبذل الجهد الواجب في استغلال المحجر، فمن ثم فلا يكون له من حق في طلبه، خاصة وأن الاستبدال في حد ذاته هو رخصة تترخص جهة الإدارة في استعمالها ويكون قرارها صحيحاً ما دام لم يشبه عيب إساءة استعمال السلطة، وعلى ذلك فإن تصرف جهة الإدارة يكون مطابقاً للقانون وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إنه بجلسة 7 من مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإلزام محافظة القاهرة بأن تدفع للمدعي مبلغ 200 ج كتعويض ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها على أساس أن مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة هي الجهة المختصة بالأبحاث الفنية التي تسبق وتؤدي إلى تقرير الموافقة أو عدم الموافقة على إصدار تراخيص الاستغلال أو طلبات الاستبدال، أما لجان تقدير إيجار المحاجر فإن اختصاصها مقصور على النظر في تحديد الإيجار والإتاوة وفي تخفيض الإيجار، وقد تبعت هذه اللجان إلى المحافظات عملاً بقرار نائب رئيس الجمهورية رقم 38 لسنة 1962 بنقل الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بالقانون رقم 86 لسنة 1956 إلى المحافظات اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني. وقد بحثت مصلحة المناجم والوقود طلب الاستبدال ورأت الموافقة عليه للأسباب الفنية التي ساقتها والتي عاقت الاستمرار في تشغيل المحجر الأول ثم طلبت عرض الأمر على لجنة تقدير الإيجارات لتتولى تحديد إيجار المحجر الجديد، وترتيباً على ذلك فإن هذه اللجنة تكون قد جاوزت اختصاصها عندما أعادت بحث الأسباب الفنية التي تبرر الاستبدال ويكون القرار الصادر منها برفض هذا الطلب قد صدر ممن لا يملك إصداره ومكوناً لركن الخطأ الموجب للتعويض، ولما كان الإيجار الذي ربط للمحجر كان مراعاً في تقديره أن المرخص له لن يتمكن إلا من استخراج رمال مقدارها 17.500 متر، وقد استخرج فعلاً 11 ألف متر فقط فيكون الباقي الذي سدد عند الإيجار هو 6500 متر حرم من الحصول عليها، وقيمتها حسب القانون 20 مليماً للمتر المكعب فيكون المبلغ المستحق له عنها هو 130 ج يضاف إليها مبلغ 70 ج مقابل ما فات المدعي من ربح وما تحمله من خسارة نتيجة ارتباطه مع آخرين على توريد الرمال في مواعيد محددة فتكون جملة التعويض المستحق للمدعي هو مبلغ 200ج.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ذلك لأن قرار نائب رئيس الجمهورية رقم 38 لسنة 1962 بإحلال المحافظات محل وزارة الصناعة فيما يتعلق بالمحاجر نص في مادته الأولى أن ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني ونص في مادته الثانية على أن تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها وتؤول إليها إيراداتها. ومؤدى ذلك أن يكون الاختصاص في شأن التعاقد على استغلال المحاجر وكل م
يتعلق بإدارتها واستغلالها واستبدالها من اختصاص المحافظات تباشره بأجهزتها وإداراتها المختلفة، ولما كان استبدال المحاجر طبقاً للمادة 30 من القانون هو أمراً جوازياً للإدارة تمارسه بما لها من سلطة في تقدير الأسباب التي يتقدم بها طالب الاستبدال، وكانت الأسباب التي على أساسها رفضت المحافظة طلب المطعون ضده هي أسباباً مقبولة ومطابقة للمادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فلا يمكن أن ينسب إليها أي خطأ يكون سبباً للحكم عليها بالتعويض.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن أنه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1962 قدم المطعون ضده إلى مدير عام المناجم والمحاجر طلباً للترخيص له في استغلال محجر رمال بجبل منشية البكري، وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 1962 قدرت لجنة تحديد الإيجارات بمحافظة القاهرة مبلغ 1300 ج سنوياً إيجاراً للمحجر بدون إتاوة، فتظلم المطعون ضده من هذا التقدير مستنداً في ذلك إلى أنه يوجد بالمحجر كثير من المواد الغريبة والصخور فأعيد عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات التي انتهت إلى تخفيض الإيجار إلى 700 ج سنوياً بعد أن اطلعت على تقرير معاينة أجرته اللجنة الفنية المختصة جاء فيه أن المرخص له لن يتمكن إلا من استخراج نصف كمية الرمال الموجودة بالمحجر وتقدر بحوالي 17500 متر، وعلى أثر ذلك أبرمت محافظة القاهرة مع المدعي عقد استغلال للمحجر بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1962، وقد نص البند الثامن من هذا العقد على ما يأتي "يجوز لمستغلي المحجر بعقد لمدة سنة وبشرط انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده، استبدال المحجر المرخص به بمحجر آخر بنفس الجبل وبنفس المادة وذلك بالشروط والأوضاع المبينة بالمادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956". وبتاريخ 8 من مايو سنة 1963 تقدم المطعون ضده إلى تفتيش المحاجر بمحافظة القاهرة بطلب ذكر فيه أنه تعذر عليه استغلال المحجر المرخص له فيه بسبب وجود صخور به، وطلب استبداله بمحجر آخر، وقد قامت لجنة فنية بمعاينة المحجر بتاريخ 8 من يونيه سنة 1963 وذكرت في محضرها أن الطالب استخرج من محجره 11 ألف متر من الرمال وأنه ظهر بالمحجر طبقة ضخمة من الصخور والرمال المتحجرة وبهذا لا يصلح المحجر للاستغلال، ثم عاينت اللجنة المحجر الآخر الذي طلب المطعون ضده الترخيص له باستغلاله وأثبتت أنه يحتوي على 9000 متر من الرمال. وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1963 أرسل المحضر إلى مدير عام مصلحة المناجم والوقود لإبداء الرأي حتى يمكن عرض الموضوع على اللجنة المختصة فرد على ذلك بكتابه المؤرخ 24 من يونيه سنة 1963 بالموافقة على الاستبدال، ثم عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات بالمحافظة فرأت عدم الموافقة على الاستبدال وأبلغ هذا القرار إلى المطعون ضده بتاريخ 21 من يوليه سنة 1963 وقد جاء في الخطاب المرسل إلى المطعون ضده أن السبب في عدم الموافقة على الطلب هو أن اللجنة راعت حالة المحجر عندما قررت خفض قيمته الإيجارية من 1300 ج إلى 700 ج سنوياً، تظلم المطعون من هذا القرار وطلب إعادة عرض الأمر على اللجنة، كما ورد كتاب من مدير عام مصلحة المناجم والوقود قال فيه إنه إذا ما أبدت المصلحة رأيها في طلب الاستبدال بالموافقة عليه من الناحية الفنية فإن دور لجنة تحديد الإيجارات يكون مقصوراً على تحديد القيمة الإيجارية للمحجر الجديد ولا يحق لها إعادة النظر في قبول الاستبدال أو رفضه، وتكون لجنة تحديد الإيجارات قد جاوزت اختصاصها المحدد في القانون عندما قررت رفض طلب الاستبدال، وطلب مدير عام مصلحة المناجم والوقود سحب قرار الرفض. وإزاء ذلك أعيد عرض الأمر على لجنة تحديد الإيجارات فرأت حلاً لهذا الخلاف تشكيل لجنة فنية يشترك فيها السيد مراقب المحاجر بمصلحة المناجم وأعضاء لجنة تحديد الإيجارات تتولى فحص الموضوع وتقديم تقرير فيه، وقد قامت تلك اللجنة بعمل معاينة للمحجر المطعون ضده والمحجرين المجاورين له رقمي 5914، 5947 وانتهت اللجنة في محضرها إلى أن المطعون ضده كان يمكنه استغلال المحجر لو بذل بعض الجهود التي يبذلها المرخص لهم في المحاجر المجاورة والتي تشترك مع محجر المدعي في الطبيعة وإلى أن المدعي لم يحسن استغلال المحجر المرخص له فيه، وقد عرض هذا التقرير على لجنة تحديد الإيجارات فقررت رفض الطلب وأخطر المطعون بهذا القرار.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن المادة الرابعة منه الواردة في الباب الأول الخاص بالأحكام التمهيدية تنص على ما يأتي: "تقوم وزارة التجارة والصناعة طبقاً لأحكام هذا القانون بتنظيم استغلال المناجم والمحاجر ورقابتها وكل ما يتعلق بها من تصنيع أو نقل أو تخرين ولها أن تقوم بأعمال الكشف والبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم والمحاجر وما يتعلق بها إما بنفسها مباشرة وإما أن تعهد بذلك إلى غيرها بالشروط المقررة في هذا القانون". وقد آل هذا الاختصاص إلى وزارة الصناعة عقب إنشائها، واستمر الحال على ذلك إلى أن عمل بقانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 سنة 1960، وطبقاً لأحكامه صدر قرار نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 38 لسنة 1962 ونص في مادته الأولى على ما يأتي: "ينقل إلى المحافظات الاختصاصات المخولة لوزارة الصناعة بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليه فيما يتعلق بالمحاجر اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 فيما عدا التخطيط والبحوث والتفتيش الفني" ونصت المادة الثانية على أن "تتولى كل محافظة الإشراف على المحاجر الواقعة في دائرتها وإدارتها وتنظيم استغلالها طبقاً لأحكام القانون رقم 86 لسنة 1956 المشار إليها وتؤول إليها إيراداتها اعتباراً من أول يوليه سنة 1962" ومفاد النصوص المتقدمة أنه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 أصبحت المحافظات هي الجهات الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل بالنسبة إلى الإشراف على المحاجر واستغلالها، سواء بالنسبة إلى منح تراخيص الاستغلال ابتداء أو في الموافقة على استبدال المحاجر أثناء مدة الترخيص، أو بالنسبة إلى غير ذلك من الشئون التي نص عليها قانون المناجم والمحاجر، وتمارس هذا الاختصاص بواسطة أجهزتها وإداراتها، أما اختصاص مصلحة المناجم والوقود التابعة لوزارة الصناعة فقد أصبح مقصوراً على التخطيط والبحوث الفنية والتفتيش الفني، وبعبارة أخرى انحصر اختصاصها في وضع السياسة العامة التي تسير عليها المحافظات والإشراف عليها والتفتيش على أعمالها في شأن المحاجر دون أن يمتد هذا الاختصاص إلى اتخاذ قرارات في شأن الطلبات المقدمة إلى المحافظات سواء للترخيص باستغلال المحاجر ابتداء أو بالاستبدال، وعلى أساس هذا المفهوم الصحيح لأحكام القانون صدر الترخيص للمطعون ضده باستغلال المحجر من محافظة القاهرة وليس من مصلحة المناجم والوقود، كما قدم المطعون ضده جميع الطلبات الخاصة بمنازعته في قيمة الإيجار المربوط على المحجر وطلبات الاستبدال إلى الجهة المختصة بذلك في محافظة القاهرة، وترتيباً على ذلك كله فما دامت المحافظة المذكورة ناطت بلجنة تحديد الإيجارات فحص طلبات الاستبدال واتخاذ القرار في شأنها فإن القرارات التي تصدر منها سواء بالقبول أو بالرفض تكون صادرة من الجهة المختصة بذلك قانوناً.
ومن حيث إن المادة 30 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر تنص على ما يأتي "في عقود استغلال المحاجر التي تبرم لمدة سنة يجوز للمستغل قبل انتهاء تلك المدة وبعد انقضاء مدة لا تقل عن ستة شهور من تاريخ ابتداء العقد أو تجديده أن يستبدل بالمحجر محجراً آخر من نوعه في المنطقة ذاتها بالشروط المنصوص عليها في العقد وللمدة الباقية منه إذا ثبت للمصلحة ما يبرر هذا الاستبدال..." ونصت المادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الصناعة رقم 69 لسنة 1959 على أنه "يجوز للمصلحة استبدال المحجر إذا وجدت المصلحة مبررات فنية وأسباباً تعوق استمرار استغلال المحجر.." ويتضح من هذه النصوص أن المشرع لم يلزم الجهة الإدارية بالموافقة على طلب الاستبدال بمجرد تقديمه من المستغل في المواعيد التي حددها القانون وإنما أجاز لها ذلك إذا ما اتضح لها أن هناك مبررات فنية تسوغ إجابة هذا الطلب ومن ضمنها قيام أسباب من شأنها تعويق استمرار استغلال المحجر.
ومن حيث إن لجنة تحديد الإيجارات بمحافظة القاهرة بنت قرارها برفض طلب الاستبدال الذي قدمه المطعون ضده على أساس ما اتضح لها من تقرير اللجنة الفنية المختصة من أن المطعون ضده لم يبذل جهوداً صادقة في استغلال المحجر المرخص له فيه، كما فعل المرخص لهم في استغلال المحجرين المجاورين رقمي 5914، 5947، وذهبت اللجنة إلى أنه لم يحسن استغلال المحجر المرخص له فيه ويضاف إلى ذلك أن العقبات التي استند إليها المطعون ضده في تبرير طلبه كانت معروفة له عند التقدم بطلب الترخيص بالاستغلال، وأنها كانت هي السبب في تخفيض إيجار المحجر من 1300 ج إلى 700 ج سنوياً ويستظهر من مجمل تقريرها أنه لم يتبين للجنة المشار إليها أن الصعاب التي واجهته كان من شأنها أن تعوق المطعون ضده عن استغلال المحجر المذكور وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وفي محاضر المعاينة التي أجرتها اللجان الفنية المختصة التي عاينت محجر المطعون ضده والمحاجر المجاورة والتي تتحد جميعاً في الطبيعة، واستخلصت منها جهة الإدارة عدم قيام الأسباب التي تبرر إجابة المطعون ضده إلى طلب استبدال محجره بمحجر آخر فإن قرارها يكون قائماً على سببه ومطابقاً للقانون، وتكون دعوى التعويض على غير أساس حقيقة بالرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات..

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 322 لسنة 33 ق جلسة 27 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 56 ص 376

جلسة 27 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

-----------------

(56)
الطعن رقم 322 لسنة 33 القضائية

(أ) التزام. "أوصاف الالتزام". "الشرط". "الأجل".
الحق المقترن بأجل حق كامل الوجود. نفاذه. مترتب على حلول الأجل.
(ب) التزام. "أوصاف الالتزام". "الأجل".
تأخير تنفيذ الالتزام حين القيام بعمل متعلق بإرادة المدين. للدائن حق دعوته للقيام به أو مطالبة القاضي بتحديد أجل معقول لذلك.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 271 من القانون المدني أن الحق المقترن بأجل حق كامل الوجود، وإنما يكون نفاذه مترتباً على حلول الأجل.
2 - إذا اتفق على تأخير الالتزام إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المدين فإن ذلك يعد اتفاقاً على أجل غير معين، للدائن الحق في أن يدعو المدين إلى القيام بالعمل الموكول لإرادته أو يطلب من القاضي أن يحدد أجلاً معقولاً للقيام بهذا العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1208 لسنة 1960 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليهم وطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 800 ج - وقال بياناً لدعواه إن والدي الطرفين توفيا عن تركة مكونة من عدة عقارات فاتفق الورثة على فرز وتجنيب حصة الطاعن في التركة بمقتضى العقد المؤرخ في 25 مارس سنة 1956 الذي اختص الطاعن بمقتضاه بثلاثة عقارات وهي المنزل رقم 108 بشارع الأمير إبراهيم وقطعة أرض فضاء بشارع الفردوس قسم محرم بك ومنزل وحديقة بفلمنج محافظة الإسكندرية، كما اختص بمقتضى هذا العقد بمبلغ 800 ج معدل قسمة يدفع إليه عند بيع الشونة المخلفة عن المورثين ضمن أعيان التركة والكائنة بشارع أساكل الغلال بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية مقابل مبلغ 30000 ج. وإذ لم يقم المطعون عليهم ببيع هذه الشونة فقد أقام الطاعن دعواه بمطالبتهم بالمبلغ سالف البيان. وبتاريخ 27/ 6/ 1961 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 522 سنة 18 ق، وبتاريخ 20 مايو سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهن الثالثة والخامسة والسادسة لعدم إعلانهن بتقرير الطعن وبنقض الحكم بالنسبة لمن عداهن من المطعون عليهم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 20/ 7/ 1963 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الطعن في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 سنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 - تاريخ نشر القانون رقم 43 سنة 1965 - وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون عليهن الثالثة والخامسة والسادسة خلال هذا الميعاد أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 سنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وكان هذا الميعاد الجديد بالنسبة لإعلان هذا الطعن لهؤلاء المطعون عليهن هو طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 4 سنة 1967 خمسة عشر يوماً تبدأ من 11 مايو سنة 1967 تاريخ نشر القانون بالنسبة للطعون التي لم تكن معروضة بالجلسة ومنها هذا الطعن الذي عرض لأول مرة بجلسة 23/ 1/ 1968. لما كان ذلك فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليها والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة لهؤلاء المطعون عليهن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن مقتضى الاتفاق المعقود بينه وبين المطعون عليهم بتاريخ 25 مارس سنة 1956 وهو فرز وتجنيب حصته فيما خلفه مورثاً الطرفين المتعاقدين من عقارات وأنه قد تعذر اختصاصه بكامل نصيبه عيناً فعوض بمبلغ 800 ج عما نقص من نصيبه وذلك من قيمة الشونة المخلفة عن المورثين والتي قومت وقت التعاقد بمبلغ 30000 ج واتفق على أن معدل القسمة هذا هو مبلغ 800 ج قابل للزيادة أو للنقصان بحسب سعر الشونة عند بيعها، وأضاف الطاعن أنه تمسك بأن معدل القسمة السالف البيان يعد التزاماً ثابتاً في ذمة باقي الورثة ومقترناً بأجل مما تنطبق عليه المادة 274 من القانون المدني لأن وقوع البيع أمر محتم ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر هذا الالتزام معلقاً على شرط واقف هو بيع الشونة ورتب على ذلك وعلى أنه لم يحصل بيعها رفض دعوى الطاعن مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة 271 من القانون المدني إذ نصت على "يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع. ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه" فقط أفادت بذلك أن الحق المقترن بأجل حق كامل الوجود وإنما يكون نفاذه مترتباً على حلول الأجل، فإذا اتفق على تأخير تنفيذ الالتزام إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المدين فإن ذلك يعد اتفاقاً على أجل غير معين، للدائن الحق في أن يدعو المدين إلى القيام بالعمل الموكول لإرادته أو يطلب من القاضي أن يحدد أجلاً معقولاً للقيام بهذا العمل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت من الاتفاق المعقود بين الطرفين في 25 مارس سنة 1956 ما يلي "أنه قد تضمن بياناً للعقارات المخلفة عن والدي أطراف الاتفاق وقيمة كل منها ومن بينها شونة بشارع أساكل الغلال قدر ثمنها بمبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات ونص في الاتفاق على أن يختص المستأنف (الطاعن) بثلاثة عقارات هي عمارة بشارع الأمير إبراهيم وأرض فضاء بشارع الفردوس بمحرم بك وحديقة بشارع عباس بفلمنج وجاء فيه بعد ذلك ما يلي ويبقى للسيد سعد الدين (الطاعن) بعد ذلك من نصيبه مبلغ ثمانمائة جنيه تدفع إليه عند بيع الشونة بمبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات على أن يزيد هذا المبلغ أو ينقص بنسبة زيادة أو نقصان ثمن الشونة ويعتبر هذا العقد نافذ المفعول بالنسبة للريع من أول مايو سنة 1956". وكان يبين من هذا الذي أثبته الحكم نقلاً عن الاتفاق المشار إليه أنه لا يزال باقياً للطاعن من نصيبه في التركة مبلغ 800 ج وأن حقه في استكمال هذا النصيب وإن جاء قابلاً للزيادة أو النقص بحسب ما يسفر عنه بيع الشونة إلا أنه حق كامل الوجود مترتب نفاذه على حلول الأجل الذي يدعو له الطاعن أو يعينه القاضي وذلك لتعلق القيام بالبيع بإرادة باقي الورثة، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر التزام الورثة بباقي نصيب الطاعن في التركة والمقدر عند التعاقد بمبلغ 800 ج التزاماً معلقاً على شرط واقف هو بيع الشونة وأن هذا البيع الذي لم يتم يعد شرطاً لتكامل الالتزام المتعاقد عليه، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن المبلغ المطالب به قابل للتعديل فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 244 لسنة 24 ق جلسة 14 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 64 ص 404

جلسة 14 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

-----------------------

(64)
الطعن رقم 244 سنة 24 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب كاف". محكمة الموضوع.
عدم إهدار محكمة الموضوع حجية سند. عدم إغفالها لسببه. اعتباره ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها باتفاق في ورقة محاسبة لاحقة. تفسيرها لعبارات المستمدة من ظاهرها ومن ظروف الدعوى. استنادها في ذلك إلى أسباب تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لا مسخ ولا تناقض.
(ب) حكم "تسبيب كاف". محكمة الموضوع. إثبات "الإثبات بالكتابة".
اعتبار محكمة الموضوع دعوى الطاعن بالتقابل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة. عدم تقديم الطاعن لهذا الدليل. رفض الادعاء. تعيين الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن. لا محل له.
(جـ) حكم "تسبيب كاف". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها الخصوم. يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله.

-------------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع لم تهدر حجية سند محرر بين الطاعن ومورثة المطعون عليهما ولم تغفل سببه المصرح فيه واعتبرته ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها بالاتفاق المبرم بين طرفيها والمنطوية عليه ورقة محاسبة لاحقة، وكانت المحكمة قد استظهرت ما تدل عليه ورقة المحاسبة وما قصد من تحريرها مستندة في ذلك إلى تفسير عباراتها تفسيراً مستمداً من ظاهرها ومن ظروف الدعوى وملابساتها التي بينتها ومن القرائن العديدة التي ساقتها في تفصيل وإيضاح، وكانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها قضاءها في هذا الخصوص تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي على الحكم بالمسخ أو التناقض يكون نعياً لا سند له.
2 - إذا كانت محكمة الموضوع قد اعتبرت أن دعوى الطاعن بالتقابل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة وأن الطاعن لم يقدم هذا الدليل مما كان يكفي لحمل قضاء الحكم برفض هذا الادعاء فإنه لا محل بعد ذلك لتعييب الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن طالما أن الحكم كان في غنى عن مناقشتها بما سبق أن قرره من عدم جواز إثبات دعوى التقايل بالقرائن.
3 - محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها كل من الخصوم لتعزيز وجهة نظره في النزاع بل يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 356 سنة 1940 كلي المنيا على ورثة المرحوم صالح لملوم بصحيفة أعلنت في 24 من أغسطس سنة 1940 قال فيها بياناً لدعواه إنه كان يداين أخاه المرحوم صالح لملوم مورث المطعون عليهم في مبلغ 22100 جنيه و150 مليماً بمقتضى محاسبة نهائية مؤرخة 29/ 7/ 1934 موقع عليها بإمضاء مدينه المذكور وثابتة التاريخ في 30/ 7/ 1934 واتفق على سداد هذا الدين على خمسة عشر قسطاً سنوياً يستحق أولها في أول أكتوبر سنة 1934 وأخرها في أول أكتوبر سنة 1948 وتعهد المدين في هذا المحرر بأن يقدم ضماناً لهذا الدين من أطيانه 440 فداناً و2 قيراط و10 أسهم كما التزم بتحمل فوائد كل قسط يتأخر عن سداده في أجله بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وقد توفى المدين في بداية سنة 1938 دون أن يسدد من هذا الدين سوى مبلغ 3000 جنيه قيمة القسطين المستحقين في أول أكتوبر سنة 1934 وأول أكتوبر سنة 1935 وأصبح الباقي في ذمته مبلغ 19100 جنيه و150 مليماً كما أنه لم ينفذ ما تعهد به من إتمام الرهن المتفق عليه في المحرر وكذلك تخلف ورثته من بعده عن وفاء الدين مما يصح معه للطاعن اعتبار الباقي من دينه مستحق الأداء إلا أنه مع ذلك ينبه على هؤلاء الورثة بوفاء تعهد مورثهم في ظرف ثلاثين يوماً وإلا يعتبر الدين حالاً وتعتبر الآجال المشروطة ساقطة وأنه بسبب وجود ديون في ذمته فقد تم الاتفاق بينهما على أن يلتزم أخوه المذكور بسداد تلك الديون لأربابها في مقابل تنازله هو إليه عن 222 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً وتحرر بشأن ذلك عقد بيع عرفي مؤرخ 4 فبراير سنة 1935 تضمن أن الطاعن باع هذه الأطيان لأخيه المرحوم صالح لملوم بثمن مقداره 22294 جنيهاً و450 مليماً دفع منه المشتري للبائع 12294 جنيهاً و450 مليماً والباقي من الثمن وقدره 10000 جنيه تعهد المشتري بسداده للبنك العقاري المصري في اسم البائع. وفي ذات التاريخ حرر إقرار بتوقيع المشتري نص فيه على أن مبلغ الـ 12294 جنيهاً و450 مليماً لم يقبضه البائع وإنما تعهد المشتري بسداده في الديون المبينة بالإقرار المذكور ولكن المرحوم صالح لملوم لم يسدد شيئاً من هذه الديون كما أنه لم يسدد أقساط البنك العقاري فأصبح عقد البيع المذكور ساقطاً من تلقاء نفسه لعدم تنفيذ ما تضمنه من شروط وأنه أي المدعي ظل واضعاً يده على الأطيان الواردة بعقد البيع المذكور ينتفع بها ويسدد عنها الأموال الأميرية كما ظل يسدد بنفسه ومن ماله الأقساط المطلوبة للبنك العقاري والديون المطلوبة للآخرين إلى أن فوجئ بإعلان مؤرخ 9/ 7/ 1940 بناء على طلب المطعون عليها الأولى تطلب فيه الحكم بصحة توقيع المرحوم صالح لملوم على عقد صادر منه إليها بتاريخ 25/ 1/ 1937 يتضمن بيعه لها الأطيان الواردة بعقد 4 من فبراير سنة 1935 كما تطلب في الوقت ذاته الحكم بصحة توقيعه هو على العقد المذكور والإذن بالتسجيل لنقل التكليف من اسمه لاسمها في حين أن الثابت من المستندات المشار إليها آنفاً ومما ستتقدم به إلى القضاء إلى العقد المحرر بتاريخ 4 من فبراير سنة 1935 قد سقط مفعوله فلا مبرر لطلب الحكم بصحة التوقيع عليه ومع هذا فإن العقد المذكور يعتبر منفسخاً لعدم قيام المشتري وورثته من بعده بالتزاماتهم المبينة بتلك المحررات مما يؤدي إلى بطلان العقد المؤرخ 25/ 1/ 1937 المترتب عليه وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم أولاً - بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا من مال وتركة مورثهم المرحوم صالح لملوم مبلغ 19100 جنيه و150 مليماً وفوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى السداد. ثانياً - ببطلان عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 الصادر ببيع 222 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً وسقوط مفعوله واعتباره كأن لم يكن. ومن باب الاحتياط الحكم باعتبار هذا العقد منفسخاً أو الحكم بفسخه لعدم قيام مورث المدعى عليهم وهم من بعده بنفاذ الالتزامات التي تعهد بها طبقاً للمحررات المأخوذة عليه. ثالثاً - ببطلان وإلغاء العقد المؤرخ 25/ 1/ 1937 الصادر من المرحوم صالح لملوم إلى المدعى عليها الأولى السيدة خديجة المصري واعتباره كأن لم يكن. رابعاً - بإلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب مع النفاذ. وبتاريخ 28 من يناير سنة 1946 قضت محكمة المنيا الابتدائية حضورياً برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 238 سنة 64 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 4 من مايو سنة 1954 حكمت محكمة استئناف القاهرة حضورياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف محيلة في قضائها إلى أسباب الحكم الابتدائي وإلى ما أضافته من أسباب أخرى. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض العن على دائرة فحص الطعون وأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة حيث ترافع طرفا الخصومة وأصر كل منهما على طلباته وصممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطاعن قسم أسباب طعنه إلى قسمين أولهما خاص بقضاء الحكم في دعوى الدين وقد أفرد له الأسباب الأربعة الأولى، والثاني خاص بقضاء الحكم في دعوى التقايل من عقد البيع وفسخه وصورية عقد البيع الصادر للمطعون عليها الأولى من المورث وقسمه إلى فرعين تناول في أولهما دعوى التقايل والصورية في السببين الخامس والسادس والفرع الثاني خاص بدعوى الفسخ وقد تناولهما في السببين السابع والثامن.
القسم الأول:
ومن حيث إن الأسباب الثلاثة الأولى تتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان لمسخه الإقرار بالدين المؤرخ 29 يوليه سنة 1934 ومسخه ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 ولتناقضه بشأن حقيقة الدين الثابت بإقرار 29 يوليه سنة 1934 ويقول الطاعن في بيان السبب الأول إن المرحوم صالح لملوم حرر بما تجمد في ذمته لأخيه مدة إدارته للروكية سنداً في 29 يوليه سنة 1934 أثبت تاريخه في اليوم التالي أقر فيه بحصول محاسبة بينه وبين أخيه الطاعن أسفرت عن اشتغال ذمته بمبلغ 22100 جنيه و105 مليماً، ولم يقل الحكم إن السند كان صورياً بل أقر بجديته غير أنه مسخه وأهدر حجيته بغير علة قانونية مقبولة بأن وقت مفعوله وعزاه إلى سبب غير المصبح به فيه، فقال إن صالح باشا أراد أن يطمئن أخاه حتى نهاية السنة الزراعية حيث تتم المحاسبة النهائية وقال في موضع آخر إن تلك الورقة لم تكتب إلا لغرض مؤقت هو إيجاب القسمة وإنهاء حالة الشيوع وبهذا ربط الحكم بين هذا السند وبين ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 بعد أن مسخ معناها وتصور أنها شاملة لكافة حقوق والتزامات الأخوين فيما بينهما وبالنسبة للغير وأنه قدم تأييداً لبيان سبب الدين كشفاً من واقع دفاتر المرحوم صالح لملوم بالأقلام التي تألف منها هذا الدين ولكن المحكمة لم تلتفت إليه ولم تعن بالرد عليه. ويقول في بيان السبب الثاني الذي تضمن النعي بمسخ ورقة المحاسبة المؤرخة 31/ 12/ 1934 أن الحكم الابتدائي أورد نص هذه المحاسبة وقال إنها تناولت دين الطاعن ونسخته وأنها كانت عامة شاملة لكافة الحقوق والالتزامات بين الأخوين وبالنسبة للغير في حين أنها لا تتناول دين الطاعن الوارد بالسند المؤرخ 29/ 7/ 1934 كما يظهر من مجرد الاطلاع على عبارات هذه المحاسبة الصريحة والتي يبين منها أنها خاصة بديون معينة نص عليها فيها وأنها مجرد جزء من أجزاء عمليات إنهاء الروك بين الأخوين ولو أن المحكمة فهمت المحاسبة على حقيقتها وأنها خاصة وليست عامة مقصورة على ديون الغير المبينة فيها لما مسخت سنده ولاستحال عليها القول بتوفيته استناداً إلى الحجج غير المنتجة التي ساقتها إذ لا شأن لهذه المحاسبة بذلك الدين، على أن الحكم الابتدائي لم يلبث أن وقع في التناقض فبعد أن قال إن محاسبة 31/ 12/ 1934 تناولت دين الطاعن بالتصفية عاد فقال إن ذلك الدين ثابت بالكتابة ولا توجد كتابة بما يخالفه وراح يتلمس المبررات لجواز الإثبات بالبينة والقرائن واعتبر محاسبة ديسمبر سنة 1934 مبدأ ثبوت بالكتابة وبهذا يكون قد رجع عن اعتبارها محاسبة شاملة كما قرر في بادئ الأمر. ويقول الطاعن في بيان السبب الثالث الذي نعى فيه على الحكم تناقضه فيما قرره بشأن حقيقة الدين الثابت بإقرار 29 يوليه سنة 1934 إن الحكم اعتبر الدين جدياً حين قال إن المرحوم صالح لملوم أراد بالسند المثبت له طمأنة أخيه حتى نهاية السنة الزراعية وحين قال إن المقصود به كان إيجاب القسمة ولكن الحكم عدل عن ذلك في موضع ثالث وذلك إذ قال إن ورقة يوليه 1934 التي احتوت هذا الإقرار لم تكن ورقة جدية أريد بها الالتزام بدين واجب الأداء مستحق الوفاء وعاد في موضع آخر وأدخل هذا الدين في التصفية التي أجريت بمحاسبة سنة 1934 والتصفية والمحاسبة لا ترد على الديون الصورية وحيال هذا التضارب لا سبيل أمام محكمة النقض لمعرفة رأي الحكم في ذلك الدين وهل استقر عنده أنه دين ولد صورياً بورقة غير جدية أو هو دين حقيقي لحقته التصفية واستهلكته المحاسبة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي أنه أثبت إطلاع المحكمة على الورقتين المؤرختين 29/ 7/ 1934، 31/ 12/ 1934 وأورد مضمونهما ثم ناقشهما في مواضع متفرقة من أسبابه وخلص إلى أن الورقة الأولى لم تكن سوى محاسبة مؤقتة لم يرد لها الدوام وأن محاسبة 31/ 12/ 1934 قد نسختها - وقد ورد بالحكم الابتدائي في هذا الشأن ما يأتي: "وبما أنه لا نزاع بين طرفي الخصومة باعتراف الجميع أن ورقة المحاسبة المؤرخة 29 يوليه سنة 1934 لم تدرج إطلاقاً في دفاتر المدعية أو مورث المدعى عليهم سواء أثناء قيام حالة الشيوع أو بعد الانفصال. وبما أنه بمطالعة ورقة المحاسبة المحررة بتاريخ 31/ 12/ 1934 يبين أنها تناولت بتفصيل علة تحريرها إذ سجل الأخوان فيها رغبتهما في دوام أواصر الود بينهما وانتهاء حالة الشيوع في الأطيان والحسابات وتصفية ما بينهما من النقود والغلال والمصروفات الزراعية أو الشخصية ونص على الديون التي يتحمل كل من المتقاسمين وفاءها وحرصاً على أن يذكرا أسماء كل الدائنين الذين يتعهد كل متقاسم بسداد دينه إليه سواء كان الدين مطلوباً باسم المتعهد أو باسم زميله وسواء كان أصيلاً أو كفيلاً بل ولم يغفل دين صالح صليب وكيل دائرتهما ولا دين الأقربين وانتهيا إلى التقرير في تلك المحاسبة إلى أن (هذه القسمة في الدين عملت بعد التساوي فيما بينهما في الحسابات الأخرى - أما دين البنك العقاري المصري فكل واحد منا يسدد السلفة أو السلفيات التي باسمه بدون دخل للآخر) وختمت بالعبارة الآتية (وهذه محاسبة نهائية بيننا بذلك) والذي يستفاد من هذه الورقة والتي تحررت بعد إقرار 29 يوليه سنة 1934 ولم يكن مداده قد جف بعد أن الأخوين قد صفيا ما بينهما من علاقات مالية بكافة نواحيها في هذا التاريخ وأن الأخوين حرصاً غاية الحرص على أن ينهيا حالة الاندماج حتى يكون كل منهما مستقلاً وجوداً وكياناً - وأن ورقة يوليه سنة 1934 لم تكن إلا وسيلة أراد بها الأخ الأكبر أن يطمئن أخاه المدعي حتى نهاية السنة الزراعية فينفصلان بعد أن يعرف كل منهما حال تلك السنة إيراداً ومنصرفاً فيسويان الحساب على هدي ما تنتجه التصفية الختامية..." وساقت محكمة أول درجة قرائن عديدة تأييداً لوجهة نظرها إلى أن قالت: - "وبما أنه حقاً وإن كان دين المدعي ثابتاً بإقرار مورث المدعى عليهم إقراراً كتابياً معترفاً به - والأصل عدم جواز إثبات ما يخالفه لنقض الثابت به أو الإضافة إليه لكفالة احترام الدليل الكتابي ولصدارته على البنية إلا أن هذا الحظر ترد عليه استثناءات من بينها ما أورده المشرع في المادة 217 من القانون المدني التي تقرر بأنه "ومع ذلك فالإثبات بالبينة وبقرائن الأحوال يجوز قبوله إذا كان الدين أو التخالص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة من الخصم المطلوب الإثبات عليه"، ومفاد هذا النص أنه إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل وجود الالتزام أو انقضائه أو غير ذلك مما يتصل بالالتزام قريب الاحتمال فإنه يجوز تعزيز مبدأ الثبوت الكتابي بالبينة أو بالقرائن - إذا يخلص من اجتماع ذلك دليل كامل على الادعاء - ذلك لأن البينة أو القرائن تستند في هذه الحالة إلى ورقة مكتوبة ممكن الركون إليها ومنحها من الثقة ما لا تمنح لو لم تستند إلى الورقة المكتوبة" ثم أشارت المحكمة إلى رأي الفقه والقضاء في هذا الشأن وطبقته على واقعة الدعوى إلى أن قالت: "فالثابت الذي لا ريب فيه أنها عامرة ليس بمبدأ ثبوت واحد بل بالعديد منه - إذ عدم النص على الدين في مخالصة ديسمبر سنة 1934 والبيع في فبراير سنة 1935 بظروفه وشروطه وعدم قيد الدين في محضر حصر التركة وإغفاله في محضر الجرد وعدم رصده في دفاتر المدعي مع أنه قد رصد فيها محاسبة ديسمبر سنة 1934 وعدم ذكره في الكشوف المتبادلة بين الدائنين فضلاً عن الذي سقناه من أدلة قاطع في أن ورقة يوليه سنة 1934 التي احتوت هذا الإقرار لم تكن ورقة جدية أريد بها الالتزام بدين واجب الأداء مستحق الوفاء إذ محاسبة ديسمبر سنة 1934 تفيد أن الحساب بين الأخوين قد تصفى إلى غير رجعة وإلا لما كان هناك ثمة ضرورة تقتضيه وكان من الطبيعي لو أنه لا يزال قائماً أن يكلف المدعي أخاه بسداد هذه الديون حالة أن معظم هذه الديون مسئول عنها المشتري دون البائع فالبيع وعدم قبض الثمن وتكليف المدعي أخاه بوفاء الديون - كلها حلقات متصلة دالة بذاتها على أن إقرار يوليه سنة 1934 قد أطرح ظهرياً فإذا أضيف إلى هذا عدم إدراجه في محضر الحصر والجرد مع إثبات بقية الديون والعناية بتبيانها واستخراج أصولها من الدفاتر والتوقيع على هذه المحاضر منه مما يؤكد صحة ما نذهب إليه من استخلاص أن الثبوت ومبدأه متوافران والقرائن تعزز إهدار كيان هذا الإقرار باتفاق أصحابه". كما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف أوردت بأسبابه في هذا الصدد أيضاً ما يأتي: "وحيث إن الحكم المستأنف في محله لأسبابه التي تعتمدها هذه المحكمة وتتخذها أسباباً لقضائها ويضاف إليها رداً على أسباب الاستئناف أنه وإن كان صحيحاً أن السيد المستأنف وأخاه المرحوم السيد/ صالح لملوم كانا يعيشان في روكية واحدة إلا أنهما فكرا في الخروج في سنة 1934 وكان من أثر ذلك أن تحررت محاسبة أولية في 29/ 7/ 1934 ثم أعقبتها في نهاية السنة الزراعية - واستقر الوضع النهائي بين الأخوين - محاسبة نهائية في 31 ديسمبر سنة 1934 وعقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 الذي صدر من المستأنف لأخيه ثم باع هذا الأخير الأطيان نفسها إلى زوجته المستأنف عليها الأولى في 25/ 1/ 1937..... وظاهر مما تقدم أن المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 هي المحاسبة النهائية التي حددت مركز كل من الطرفين قبل الآخر. وبهذا جاء في نهايتها أن المحاسبة تمت بعد التساوي فيما بينهما في الحسابات الأخرى. فالعبرة بهذه المحاسبة النهائية فقد نسخت ما سبقها من محاسبات أخرى وليس أدل على ذلك من أنه لم يرد ذكر مطلقاً لهذه المحاسبة الأولية فيها ولم ترصد تلك المحاسبة في دفاتر الدائرة مع رصد المحاسبة النهائية وليس في الأوراق ما يفيد قيام مورث المستأنف عليهم بسداد أي قسط من ورقة 29/ 7/ 1934 ولو كان الأمر كما يصور المستأنف من أنه يداين أخاه بما يبلغ نحو 19100 جنيه و150 مليماً لما كانت به حاجة إطلاقاً إلى بيع أطيانه إلى أخيه في 4/ 2/ 1935 إذ أن قيمة هذا الدين المزعوم تعادل تقريباً الدين الذي اختص به بموجب المخالصة النهائية وقيمة ذلك الدين هو 19197 جنيهاً و180 مليماً. وفي سكون المستأنف وعدم إدراج الدين في محضر حصر التركة على أهميته مما يقطع بأن المخالصة النهائية هي التي كانت معتمدة من الطرفين وفي نظر المستأنف نفسه فلم يحاول أن يثبت شيئاً من دينه أو يقتضي شيئاً منه في سنتي 1938 - 1939". ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تهدر حجية الورقة المؤرخة في 29 يوليه سنة 1934 كسند ولم تغفل سببها المصرح به فيها ولكنها اعتبرتها ورقة موقوتة استنفذ الغرض منها بالاتفاق المبرم بين طرفيها والمنطوية عليه ورقة المحاسبة المؤرخة 31 ديسمبر سنة 1934 ولا يغير من هذا أن يكون قد ورد في سياق أسباب الحكم الابتدائي أن ورقة 29/ 7/ 1934 لم تكن ورقة جدية ذلك أنه بربط هذه العبارة بما سبقها وما تلاها من عبارات يبين أن الحكم لم يستظهر أن دين ورقة 29/ 7/ 1934 كان ديناً صورياً وإنما استظهر أن هذا الدين كان ذا كيان ووجود فقدهما بالمحاسبة التالية التي حررها الطرفان في 31/ 12/ 1934 كما يبين أيضاً من الأسباب السابق الإشارة إليها محكمة الموضوع استظهرت ما تدل عليه محاسبة 31/ 12/ 1934 وما قصده الأخوان من تحريرها واعتبرتها شاملة ومنهية للوضع الذي كانت تنطوي عليه ورقة 29/ 7/ 1934 مستندة في ذلك إلى تفسير عبارات محاسبة 31/ 12/ 1934 تفسيراً مستمداً من ظاهر عباراتها ومن ظروف الدعوى وملابساتها التي بينتها ومن القرائن العديدة التي ساقتها في تفصيل وإيضاح، ولما كان ذلك وكانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها قضاءها في هذا الخصوص تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي على الحكم بالمسخ أو التناقض أو إغفال الرد على بعض أوجه الدفاع يكون نعياً لا سند له مما يتعين معه رفض هذه الأسباب الثلاثة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قواعد القانون المتعلقة بإثبات الديون المدنية وانقضائها وتناقضه ومخالفته للثابت في الأوراق واعتماده على أدلة غير منتجة وذلك من ثلاثة وجوه أولها - أن دين الطاعن ثابت بسند موقع عليه من المدين وقد سلم الحكم الابتدائي بأنه لا توجد كتابة تثبت التخالص منه مما كان يقتضي أن يحكم لصاحبه به ولكن الحكم لم يفعل وأخذ يتحدث عن مبدأ الثبوت بالكتابة في حالة وجود المانع الأدبي أو وجود ورقة تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وشرط ذلك ثم انتقل من هذا البحث إلى أن القضية عامرة ببدايات الثبوت بالكتابة دون أن يبين مرمى هذا الإثبات فإن كان لثبوت التخالص من الدين فإن الخصوم لم يدعوا أن المورث قد أوفاه وإن كان لثبوت أن الدين قد شملته محاسبة ديسمبر سنة 1934 كما قال الحكم فإن هذا مما لا يجوز إثباته ببداية الثبوت وإنما بنفس ورقة المحاسبة وإن كان لثبوت أن الدين صوري وهو ما قاله الحكم في موضع منه ونقضه في موضع آخر فإن الحكم يكون قد حاول ببدايات الثبوت أن يثبت الشيء ونقيضه وإن كان لثبوت أن الإقرار أهدر كيانه باتفاق أصحابه كما قال الحكم في موضع آخر فهي عبارة خطابية مبهمة المعنى لا يبين منها قصد الحكم وما إذا كان اعتبر الدين صحيح النشأة أو اعتبره صورياً، وأن ما اعتبره الحكم بدايات ثبوت من عدم النص على الدين في محاسبة 1934 والبيع الصادر من الطاعن لأخيه في 4 فبراير سنة 1935 وعدم قيد الدين في محضر حصر تركة المدين كل ذلك لا يجيز إهدار دين الطاعن الثابت بالكتابة بالورقة المؤرخة 29/ 7/ 1934. والوجه الثاني يتحصل في أن الحكم الابتدائي تناقض في أسبابه تناقضاً واضحاً يفسد تدليله ذلك أنه قرر أن بقاء إقرار الدين في حيازة الطاعن ليس دليلاً على استمرار قوة الالتزام لقيام مانع أدبي حال بين أخيه وبين استرداد الإقرار ثم استبعد الحكم هذا المانع عندما قرر أن هذا المانع لم يحل بين الأخوين والحساب عن كل صغيرة وكبيرة والاحتفاظ بأدلة هذا الحساب وتسجيله في دفاتر قد ترقى إلى الدفاتر التجارية دقة ونظاماً كما أخذ الحكم على الطاعن عدم مطالبته بدينه عند المحاسبة في ديسمبر سنة 1934 وعدم تكليفه أخاه بوفاء هذا الدين عنه في الديون المطلوبة للبنوك والبيوت المالية المذكورة في تلك المحاسبة وأخذ عليه أيضاً بيعه لأخيه في 4 فبراير سنة 1935 أطياناً ليقوم بسداد ثمنها فيما على الطاعن من ديون ثم عاد الحكم بعد ذلك وسلم للطاعن بحقه في أن لا يطالب أخاه بدينه رعاية للأخوة حتى يستد الأجنبي بدينه ولكنه في الوقت ذاته أخذ عليه عدم إثبات دينه بمحضري الحصر والجرد بعد وفاة أخيه.
ومن حيث إن النعي بما ورد بهذين الوجهين مردود بأنه يبين مما سلف إيضاحه في الرد على الأسباب الثلاثة الأولى أن الحكم اعتبر محاسبة 31/ 12/ 1934 دليلاً كاملاً على تصفية العلاقات السابقة بين الطرفين وعلى أن ورقة 29 يوليه سنة 1934 قد استنفدت أغراضها فلم يكن الحكم في حاجة بعد ذلك للتحدث عن مبادئ الثبوت بالكتابة وعلى ذلك فلا جدوى من النعي على الحكم فيما استطرد إليه تزيداً ما دام فيه من الأسباب الأخرى ما يكفي لحمل قضائه فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن الوجه الثالث من هذا السبب يتحصل في أن الحكم المطعون فيه في القليل الذي زاده على الحكم الابتدائي قد خالف الثابت في الأوراق - ذلك أن الطاعن استدل على صحة دينه وقيامه بورقة صادرة من 10/ 11/ 1935 من أخيه المرحوم صالح لملوم تفيد أنه خصم مبلغ 892 جنيهاً و610 مليماً كان على الطاعن من دين للطاعن في ذمته - ولكن محكمة الاستئناف ردت على ذلك رداً غير صحيح إذ قررت أن الورقة المذكورة لا تنصرف إلا إلى المبلغ المطلوب للطاعن من ثمن الأطيان المبيعة للمرحوم صالح لملوم بالعقد المؤرخ 4 فبراير سنة 1935 في حين أنه يبين من عقد البيع المذكور أن البائع غير مطلوب له شيء من الثمن وأن الثمن كله متفق على سداده لدائنين معينين - وبذلك يبقى دليل الطاعن بغير رد مما يعيب الحكم بالقصور ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما ورد به من أنه لم ترد بالإقرار المؤرخ 10/ 11/ 1935 أية إشارة إلى الورقة المؤرخة 29/ 7/ 1934 وفي هذا ما يكفي لحمل قضائه في نفي العلاقة بينهما أما تعرضه بعد ذلك لتحديد نوع الدين الذي أشار الإقرار المذكور إلى ترتبه في ذمة مورث المطعون عليهم فلم يكن ثمة ما يقتضيه - وعلى ذلك يكون النعي عليه في هذا الصدد غير منتج.
القسم الثاني:
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالبطلان لقصور أسبابه نتيجة الارتكان على استدلال غير منتج وتناقضه والاعتماد على دليل غير موجود ذلك أن الطاعن تمسك بوقوع تقايل بينه وبين أخيه المرحوم صالح لملوم من عقد البيع المؤرخ 4 فبراير سنة 1935 وذلك في أواخر سنة 1937 واعتمد على قرائن عدة ولكن الحكم نفى التقايل بقرائن سابقة على سنة 1937 فهي لذلك غير منتجة في النزاع إذ لا يجادل الطاعن في أن أخاه كان يعتبر الأطيان ملكه إلى أن تقايلا وأعادها إليه فلا يصلح رداً على دعوى الطاعن قول الحكم إن صالح لملوم قدم طلباً بتاريخ 18/ 2/ 1935 للبنك العقاري بطلب سلفية على تلك الأطيان - كذلك لا يصلح رداً قول الحكم أن صالح لملوم تصرف في الأطيان بالبيع لزوجته في 25/ 1/ 1937 لأن هذا التصرف سابق على تاريخ التقايل فضلاً عن أنه مطعون عليه بالصورية ومطلوب الحكم ببطلانه لكونه غير جدي - وكذلك عقد الإيجار وكشوف الحساب الموقع عليها من صالح لملوم والمحررة من صالح صليب سابقة على التاريخ المدعى بحصول التقايل فيه - هذا إلى أن الحكم اعتمد على دليل غير موجود وذلك حين قال إن هذه الأطيان أدرجت في دفاتر المرحوم صالح لملوم قبل وفاته وبعدها إذ لا أصل لهذه الواقعة وينفيها محضر حصر تركة المرحوم صالح لملوم فقد خلا من ذكر هذه الأطيان - كما ينعى الطاعن في السبب السادس على الحكم المطعون فيه بالبطلان لقصوره في الرد على دعوى صورية ورقتي البيع والتأجير المحررتين في 25 يناير سنة 1937 ولمسخه وتجاهله المستندات المقدمة منه لإثبات هذا الجزء من الدعوى ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة بطلب إلغاء عقد البيع المؤرخ 25 يناير سنة 1937 الصادر من المرحوم صالح لملوم إلى زوجته المطعون عليها الأولى والمتضمن بيعه لها الـ 222 فداناً سالفة الذكر لصورية هذا البيع واستدل على هذه الصورية فضلاً عن ظروف تحرير عقدها وشروطه والصلة بين طرفيه ببقاء عقد البيع بدون تنفيذ في حوزة المرحوم صالح لملوم حتى وفاته وعدم علم السيدة زوجته به إلى ما بعد ذلك التاريخ، وأنه دلل على صحة دفاعه بأن قدم كشف حساب مؤرخاً في 6 يونيه سنة 1938 موقعاً عليه من المطعون عليها الأولى عن حساب أطيانها الموروثة لها عن والداها ومقدارها 181 فداناً وقد تضمن الكشف إقراراً باستلامها أطيانها وتسديدها للطاعن إيجار 28 فداناً و8 قراريط و2 سهماً استأجرتها منه وهي من ضمن الـ 222 فداناً ولكن الحكم الابتدائي قد أطرح هذا الدليل بقوله إن السيدة كانت أجرت تلك الأطيان لزوجها يوم بيعها لمدة أربع سنوات - وهو قول تنفيه طبيعة هذا الكشف إذ لم يرد فيه ذكر إلى ملكية السيدة للـ 222 فداناً أسوة بملكيتها للـ 181 فداناً مع النص على استئجارها جانباً منها - فضلاً عن أنه لا يصح الاستناد إلى عقد الإيجار لأنه مطعون عليه هو وعقد البيع بالصورية - كما قدم الطاعن لمحكمة الاستئناف تأييداً لكشف 6 يونيه سنة 1938 أوراقاً صادرة من المطعون عليها الأولى لم تشر في أي منها إلى ملكيتها للـ 222 فداناً موضوع النزاع - وهذه الأوراق هي الإقرار المؤرخ 16 مايو سنة 1940 الموقع عليه من المطعون عليها الأولى والإنذار المعلن منها في 14 أكتوبر سنة 1940 للطاعن وبنك التسليف وآخرين والمذكرة المقدمة منها للمجلس الحسبي في 14/ 10/ 1940 ولكن الحكم الاستئنافي مسخ إقرار 6 يونيه سنة 1938 كما مسخه الحكم الابتدائي ولم يقل عن هذه الأوراق الثلاثة شيئاً.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أورد في خصوص دعوى الطاعن بالتقايل من عقد بيع 4/ 2/ 1935 - أو فسخه ما يأتي: "وبما أنه بالنسبة لدعوى بطلان عقد البيع أو فسخه فإن المدعي في بيان أسانيد هذا الطلب يقول إن هذه الأطيان سلمت إلى المرحوم صالح باشا لملوم عند تحرير العقد وأدارها وبقيت في حيازته إلى سنة 1937 حيث قرر نهائياً أنه لا يستطيع القيام بالتزاماتها فأعادها إليه وعدل نهائياً عن إتمام العقد وأنه وإن كان موقناً بأن من الصعب إثبات العدول عن صفقة كبيرة كهذه بالقرائن إلا أنه استناداً إليها يستمسك به إذ هو الحقيقة الفعلية الواقعة". ثم أورد الحكم محصل القرائن التي استند إليها الطاعن تأييداً لدفاعه في هذا الصدد وتولى مناقشتها والرد عليها بقوله: "وبما أن الثابت من أوراق الدعوى أن القرائن التي ساقها المدعي تدليلاً على العدول عن صفقة شراء الأطيان والتقايل منها دعوى منهارة الأساس للأسباب الآتية... 3 - ثابت من الشهادة المستخرجة من قلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة أن البنك العقاري المصري رفع عن عاتق المدعي عشرة آلاف جنيه حملها أطيان المرحوم صالح باشا (مستند/ 5 حافظة/ 9 مرفقة بالقضية رقم 330 سنة 1940 كلي المنيا) فضلاً عن الضمان العام 4 - ثابت من كتاب البنك العقاري المصري المؤرخ 18/ 1/ 1945 والموجه إلى المدعى عليها الأولى أن البنك المذكور قبل بتاريخ 21/ 8/ 1936 ضماناً لمبلغ عشرة آلاف جنيه من أصل دينه الناتج عن العقد الموقع عليه في قلم كتاب محكمة مصر المختلطة بتاريخ 9/ 11/ 1933 تخصيص رهنية على 212 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً تدخل ضمن الـ 514 فداناً و6 قراريط و22 سهماً المرهونة برقم 21683، 39592 من المدعي - وبما أنه إذا أضيف إلى هذا أن هذه الأطيان أدرجت في دفاتر المرحوم صالح باشا لملوم إلى ما قبل وفاته وبعدها وكانت جميع أموالها تسدد من المشتري سواء بصفته مشترياً أو نيابة عن زوجته يكون القول بأن المشتري قد عدل عن الصفقة قولاً غير سائغ ولا شبهة في أن عدم حصر هذه الأطيان ضمن تركة المشتري دليل على جدية سبق التصرف فيها فلا مبرر لهذا الجرد إذ أنها ليست على ملك المورث - أما دعواه بأن أموال هذه الأطيان كان يسددها من ماله الخاص بعد وفاة المورث فليس ثمة دليل على هذا الادعاء إذ أنه كما سبق أن بيناً كان يدير أموال القصر والبلغ بما فيهم المدعى عليها الأولى نيابة عن الجميع بصفته وكيلاً - وثابت من مطالعة الدفاتر المقدمة أن هذه الأموال كانت ترصد لحساب المدعى عليها وتخصم من غلة أطيان..... على أنه من ناحية أخرى فإن التفاسخ من مثل هذه الصفقة بعد أن تم انفصال دينها وأصبح على عاتق صالح باشا ووقفه وزوجته لا يؤخذ في مثله بالظن والتخمين". كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الصدد رداً على أسباب الاستئناف ما يأتي: "وحيث إنه فيما يتعلق بالشطر الثاني من الاستئناف فإن المستأنف لم يأت بجديد وقد تناول الحكم المستأنف الرد على ما أثاره من دفوع بما لا يترك زيادة لمستزيد ويكفي للرد عن واقعة استئجار المستأنف عليها للثمانية وعشرين فداناً ضمن الأرض المبيعة القول بأن الثابت من الأوراق أن المرحوم السيد صالح لملوم استأجر الأرض بعد بيعها من المستأنف عليها الأولى هي وأطيان أخرى لمدة أربع سنوات نهاية نوفمبر سنة 1936 حتى نوفمبر سنة 1940 ثم توفى المرحوم صالح لملوم وتعين المستأنف شخصياً وصياً على القصر من أولاد أخيه ثم احتاجت المستأنف عليها الأولى إلى هذه الثمانية وعشرين فداناً عن سنة 1938 فاستأجرتها من الوصي لسابقة تأجيرها للمورث وتعهدت بدفع الإيجار للمستأنف بصفته وصياً على القصر وفي هذا ما يؤيد نفاذ عقد البيع في حق المستأنف وإقراره به فغير صحيح القول من أن المستأنف عدل عن إتمام الصفقة إذ أن البيع قد تم صحيحاً واقترن بوضع اليد وباشر المورث سداد الديون واتخذ الإجراءات فعلاً بشأن سداد دين البنك العقاري وإبراء ذمة المستأنف منه وقد رفعه البنك عن عاتق المستأنف وأصبح مورث المستأنف عليهم هو وحده المسئول عن سداده وعدم تسجيل العقد لا يقلل من قيمته القانونية وقد كان هذا العقد محل احترام من جانب المستأنف نفسه في حياة المورث وبعد موته حتى أخر سنة 1939 وقد كان المورث يقوم بسداد ما عليها من مال سواء بصفته مشترياً أو بطريق الإنابة عن زوجته ولا يغني المستأنف القول بأن المستأنف عليها الأولى سبق أن تعهدت في 16/ 5/ 1940 بسداد مبلغ 354 جنيهاً و260 مليماً عند استلامها الـ 147 فداناً الموقوفة دون أن تحاول الادعاء بالمقاصة بين هذا الدين وبين ما لها من إيجار لو أنها كانت تملك الأطيان إذ أن هذا المبلغ إنما يمثل المصاريف التي أنفقها المستأنف على زراعة القمح التي تسلمت للمستأنف عليها الأولى فكان من الضروري أن تدفعها أو تتعهد على القليل بدفعها. أما ما يستحقه من إيجار فلم يكن هناك نزاع في خصوصه ولم يكن ثمة حاجة إلى توكيده وسكوتها عن ذلك لا يسقط حقها في الإيجار الثابت لها قانوناً" - ولما كان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع اعتبرت أن دعوى الطاعن بالتقايل من عقد مكتوب لا يجوز إثباتها بغير الكتابة وأن الطاعن لم يقدم هذا الدليل - مما كان يكفي لحمل قضاء الحكم برفض هذا الادعاء فإنه لا محل بعد ذلك لتعييب الحكم فيما استطرد إليه من مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن طالما أن الحكم كان في غنى عن مناقشة هذه القرائن بما سبق أن قرره من عدم جواز إثبات دعوى التقايل بالقرائن - ولما كان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سليماً من أوراق الدعوى ومستنداتها جدية البيع الصادر من المورث إلى زوجته المطعون عليها الأولى وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها كل من الخصوم لتعزيز وجهة نظره في النزاع بل يكفي أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمله - لما كان ذلك فإن ما أثاره الطاعن بهذين السببين يكون نعياً غير سديد مما يتعين معه رفضهما.
ومن حيث إن السبب السابع يتحصل في أن الطاعن بوصفه مالكاً لم يكن ملزماً بأن يثبت أن مورث المطعون عليهم وورثته من بعده لم يفوا بثمن الأطيان التي باعه إياها في 4/ 2/ 1935 بل على هؤلاء إذا أرادوا تفادي الفسخ أن يثبتوا أن الثمن قد حصل الوفاء به بالفعل أو أنه نشأ ما يعطيهم الحق في حبسه أو تأجيله فإذا عجزوا عن الإثبات تعين الحكم بالفسخ ولا يقوم الوعد بالوفاء بالثمن مقام الوفاء به كما لا يقوم مقامه البحث عن وسائل الوفاء أو تكليف الغير بالوفاء إذا لم يكن البائع قد قبل حلول هذا الغير محل المشتري في الثمن وإبراء ذمة المشتري منه وقد خالف الحكم قانون العقد نتيجة خلطه بين الوعد بالسداد وبين السداد الفعلي وخلطه بين الديون المتشابهة في أسماء الدائنين الخاص منها بالطاعن والخاص منها بأخيه وركن إلى اعتبارات عددها كي ينفي بها عن المرحوم صالح لملوم قعوده عن تنفيذ التزاماته في عقد البيع المؤرخ في 4/ 2/ 1935 في حين أن كل هذه الاعتبارات لا تصلح أن تكون وفاء مبرئاً للذمة. ويتحصل السبب الثامن في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالبطلان لعدم صحة نقله من الأوراق المقدمة في الدعوى ومخالفته الثابت فيها وتناقض تسبيبه - وذلك من ثلاثة وجوه أولها - أن الحكم الابتدائي قرر بأسبابه أنه ثابت من الشهادة المستخرجة من قلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة أن البنك العقاري رفع عن عاتق المدعي (الطاعن) عشرة آلاف جنيه حملها أطيان المرحوم صالح لملوم وأحال الحكم إلى المستند رقم 5 حافظة 9 بالقضية رقم 330 سنة 1940 كلي المنيا - في حين أن المستند المذكور لا يتحدث إلا عن تخصيص السلفية ولم يرد به أن البنك رفع عن عاتق الطاعن هذا المبلغ ولا أن أطيان المرحوم صالح لملوم تحملته. وقد قدم الطاعن لمحكمتي الموضوع الدليل المباشر على عكس ذلك من أن مورث المطعون ضدهم لم يقم بشيء يعتبر مساوياً لوفاء دين البنك كما زعم الحكم. والوجه الثاني - أن الحكم الابتدائي قرر أن المرحوم صالح لملوم هو أصلاً المسئول عن معظم هذه الديون مما لا يتصور معه أن يرجع هؤلاء الدائنون على الطاعن إذ ليس لهم ثمة حقوق قبله - في حين أن الديون التي كانت أصلاً باسم صالح لملوم وتحملها الطاعن بمحاسبة ديسمبر سنة 1934 وعاد فحملها المرحوم صالح لملوم كجزء من ثمن الأطيان يبلغ مقدارها 5062 جنيهاً و622 مليماً فقط وليست معظم ثمن الأطيان البالغ 22294 جنيهاً ولا معظم الباقي من الثمن بعد خصم دين البنك العقاري وهو 12294 جنيهاً. والوجه الثالث - أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق في قوله أن الديون المشار إليها في عقد البيع وورقة الضد أثبتت في محضر حصر تركة صالح لملوم ذلك أن الحكم نفسه قرر أن عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 لم يذكر في محضري الحصر والجرد مما لا يسوغ معه أن يذكر في المحضرين المذكورين ثمن الأطيان المبيعة به وقد جره هذا الخطأ إلى خطأ آخر هو تصوره أن ثمن الأطيان المبيعة بالعقد المذكور تحملته التركة الأمر الذي يتناقض مع ما قرره من قبل من الأطيان المذكورة لم تدخل في محضر حصر التركة - كما تناقض الحكم حين قرر أن الطاعن قد وفى الديون المشار إليها في عقد البيع من مال التركة مدة وصايته مع قوله في نفس الوقت أن حساب إدارة الطاعن كوصي لم يصف بعد.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد في شأن طلب الفسخ ما يأتي: - "وبما أنه عن واقعة الفسخ فإن المدعي يسنده إلى عدم قيام المشتري وزوجته من بعده بتنفيذ التزام أداء الثمن إلى الجهات التي عينت في ورقة 4/ 2/ 1935 وبما أنه بالنسبة لدين البنك العقاري وهو أضخمها فقد بينا فيما سلف أن هذا الدين قد تحملته الأطيان المبيعة ضماناً لوفائه فضلاً عن جميع أموال المرحوم صالح باشا لملوم، والمدعي قد أصبح غير مسئول عنه بحال باعتراف البنك العقاري الذي قبل تخصيص هذه الأطيان وفرزها، كما أن صالح باشا قد أعد للأمر عدته من قبل إذ حمل المائة سبعة وأربعين فداناً الموقوفة بوفائه من غلتها أي أنه اتخذ كافة الوسائل لإبراء ذمة المدعي منه فما شأنه به. وبما أنه بالنسبة لبقية الديون فالثابت من دفاتر المشتري أن هذه الديون قد رصدت فيها وخصص لكل دين صحيفة معينة - إذ أثبت فيها أولاً - السلفية المتجمدة ثم دين باركليز وقدره ألف جنيه ص 142 ودين ثابت وقدره 3666 جنيهاً و622 مليماً ص 180 دين شركة الصناعات الكيماوية وقدره 396 جنيهاً ص 181 ودين صادق قليني وقدره 1666 جنيهاً ص 173 ودين بنك التسليف الزراعي وقدره 585 جنيهاً 180 مليماً ص 152 ودين بلانطه وقدره 4980 جنيهاً و648 مليماً ص 141 - وذكر أمام كل هذه الديون أنها من ضمن ثمن الأطيان المشتراة من المدعي (دفتر جريدة المطلوبات جزء ثان) وبالرجوع إلى محضري جرد التركة وحصرهما يبين أن المدعي حصر على إثبات هذه الديون أخذاً من دفاتر التركة - وأثبت في المحضر ما تسدد من هذه الديون وما بقى منها استناداً إلى استمرار التعامل بين المورث وهؤلاء الدائنين - وقد ذكر في محضر الجرد صراحة أنه لم يبق من دين ثابت ثابت إلا مبلغ 349 جنيهاً و462 مليماً كما أنه لم يبق من دين بلانطه القديم إلا مبلغ 474 جنيهاً و800 مليم كما أقر في كشف حسابه المقدم منه باعتباره وصياً على القاصر عدلي صالح لملوم أنه سدد إلى شركة الصناعات الكيماوية 500 جنيه وإلى بنك التسليف الزراعي 2951 جنيهاً و115 مليم وإلى محل بلانطه 3740 جنيهاً وإلى بنك مصر 850 جنيه وذكر في كشف الحساب الآخر المؤرخ 10/ 2/ 1940 أنه سدد 1000 جنيه لمحل بلانطه و200 جنيه لشركة الصناعات الكيماوية و180 جنيه إلى صالح صليب ضمانة ثابت ثابت. ألا يفهم من هذا أنه بعد أن أثبتت الديون في محضر جرد التركة وقام بإدارتها واجتمعت لديه كل صفات النيابة عن القصر والبلغ أنه قد وفى الكثير من هذه الديون من مال التركة فإذا كانت أسانيد الوفاء بيده فالعلة في ذلك أنه هو المدير لهذه التركة والمتصرف في شئونها وبالطبع يكون دليل الوفاء بيده لا بيد سواه - على أنه من ناحية أخرى فإن المسئول أصلاً عن هذه الديون هو مورث المدعى عليهم - فدين بنك باركليز باسم المرحوم صالح لملوم ودين ثابت ثابت كذلك باسمه كما أن دين شركة الصناعات الكيماوية المسئول عنه هو صالح باشا مما لا يتصور معه أن يرجع عليه هؤلاء الدائنون إذ ليس لهم ثمة حقوق قبله فلا يبقى بعد هذا إلا دين بلانطه وبنك التسليف الزراعي وصادق قليني وهؤلاء قد استوفوا الكثير من حقوقهم إما من يد المدعي ومن مال التركة وإما من ذات المورث إذ بنك التسليف قد استوفى مبلغ 295 جنيهاً و111 مليماً باعتراف المدعي وبلانطه قد أخذ ما يقرب من الخمسة آلاف جنيه كما هو ثابت بكشوف المدعي المقدمة منه للمجلس الحسبي. وبما أن المادة 332 من القانون المدني قد نصت على أنه إذا لم يدفع المشتري ثمن البيع في الميعاد المتفق عليه كان للبائع الخيار بين طلب فسخ البيع وبين طلب إلزام المشتري بدفع الثمن. وهو نص لم يأت الشارع فيه بجديد إذ هو إلا تطبيقاً للقواعد العامة عملاً بأحكام الشرط الفاسخ الضمني في العقود الثنائية للالتزامات، وبما أن مناط القضاء بالفسخ أن يكون المشتري قد أخل بالتزامه في دفع الثمن وهذا الأمر - أي تقصير مورث المدعى عليهم في أداء الثمن - غير بين ولا واضح بل نهضت أدلة عديدة على عكسه إذ الكثير من الثمن قد خصص وفاءه لجهات عدة استوفت الكثير منه بل أن ذات المدعي رضى ساكتاً مطمئناً في حال حياة المورث وبعد وفاته ولم يحرك ساكناً إلا بعد أن شجرت بينه وبين زوج أخيه الخصومة وكان حال قيامه بإدارة أعمال التركة يؤدي الكثير من هذه الديون دون تبرم من استقرار الأوضاع بحالتها التي تسلمها بها بعد اطلاعه على أحوال التركة، فضلاً عن أن حساب إدارته كوصي لم يصف بعد ليتبين إن كان في ذمته شيء للتركة أم لا، كما أن أحداً من الدائنين لم يوجه إليه مطلباً وما يستطيع معظمهم مقاضاته إذ ليس ثمة رابطة قانونية بينه وبينهم تجعل لهم حقوقاً قبله - الأمر المستفاد منه أن المدعي ليس جاداً في هذا الطلب...".
ومن حيث إنه يبين من هذه الأسباب أن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه قد تناول بحث كافة ما أثاره الطاعن بشأن الديون التي تعهد مورث المطعون عليهم بوفائها مقابل ثمن الأطيان المبيعة فقرر أن دين البنك العقاري أصبح مضموناً بالأطيان المبيعة فضلاً عن الضمان العام الواقع على مال المشتري وذلك استناداً إلى قبول البنك تخصيص الأطيان المبيعة وفرزها - وأن باقي الديون وردت في دفاتر المرحوم صالح لملوم وأن محضري الحصر والجرد قد تضمنا بيان ما تسدد منها وأن الطاعن وفي الكثير من هذه الديون من مال التركة أثناء إدارته لها ممثلاً للقصر والبلغ وأن بعض الديون التي وردت في ورقة 4/ 2/ 1935 التي بينها الحكم مطلوبة أصلاً من المرحوم صالح لملوم مما لا يتصور معه رجوع الدائنين بها على الطاعن وأن باقي الدائنين وهم بلانطة وبنك التسليف الزراعي وصادق قليني قد استوفوا الكثير من حقوقهم إما من يد المدعي ومن مال التركة وإما من ذات المورث ثم قررا الحكم أن الجزء الذي لم يسدد قليل الأهمية ونفى عن مورث المطعون عليهم شبهة الإهمال والتقصير في تنفيذ التزاماته بوفاء الثمن وهذه النتيجة التي انتهى إليها الحكم لا مخالفة فيها للقانون وقد بنيت على مقدمات مستخلصة من المستندات التي اطلعت عليها محكمة الموضوع بغير مسخ أو خطأ في نقل ما ورد بها - ذلك أنه يبين من مراجعة عقد البيع المؤرخ 4/ 2/ 1935 ومن ورقة الضد المحررة في ذات التاريخ أن جملة ثمن الأطيان المبيعة 22294 جنيهاً و450 مليماً اتفق طرفا العقد على أن يقوم المشتري بسداد 10000 جنيه من هذا الثمن في الدين المطلوب من البائع للبنك العقاري كما اتفقا في ورقة الضد على أن الباقي من الثمن بعد ذلك وقدره 12294 جنيهاً و450 مليماً يسدد في الديون المبينة بهذه الورقة والمشار إليها بمحاسبة 31/ 12/ 1934. وإذ كان عقد البيع قد تضمن قبول البائع قيام المشتري بسداد مبلغ 10000 جنيه عنه من الثمن إلى البنك العقاري وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت من كتاب البنك المؤرخ في 18/ 1/ 1945 والموجه إلى المطعون عليها الأولى والمتضمن أن البنك المذكور قبل بتاريخ 21/ 8/ 1936 ضماناً لمبلغ عشرة آلاف جنيه من أصل دينه الناتج عن العقد الموقع عليه في قلم كتاب محكمة مصر المختلطة بتاريخ 9/ 11/ 1933 تخصيص رهنه على 212 فدان و22 قيراط و16 سهماً تدخل ضمن الـ 514 فدان و6 قراريط و22 سهم المرهونة برقم 21683 و39592 - استخلصت من هذا الكتاب أن الطاعن أصبح غير مسئول عن هذا الدين فإنه لا يصح النعي على حكمها بمخالفة الثابت بالأوراق أو بالتناقض في التسبيب - وإذ كان الثابت كذلك من ورقة الضد المؤرخة في 4/ 2/ 1935 ومن محاسبة 21/ 12/ 1934 أن باقي الثمن وقدره 12294 جنيهاً و450 مليم بعضه مطلوب أصلاً من صالح لملوم شخصياً وهي ديون بنك باركليز وثابت ثابت وشركة الصناعات الكيماوية وجملتها 5062 جنيهاً و622 مليماً فلا خطأ من جانب الحكم إذ قرر أن الطاعن غير مسئول عن هذه الديون لعدم وجود رابطة بينه وبين هؤلاء الدائنين - ولما كان الحكم قد استخلص أيضاً استخلاصاً سليماً من أوراق الدعوى أن باقي الثمن المخصص لسداد الديون المطلوبة من الطاعن شخصياً وهي ديون صادق قليني وبلانطة وبنك التسليف وجملتها 7231 جنيهاً و828 مليماً قد تسدد الكثير منها بحسب التفصيل الوارد بالحكم عن ذلك وأن أحداً من هؤلاء الدائنين لم يوجه مطلباً للطاعن وأن الباقي من هذه الديون الأخيرة أصبح قليل الأهمية بحيث لا يستوجب فسخ البيع، وكان يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه لا أساس لما ادعاه الطاعن من خلط الحكم بين الديون المطلوبة منه والديون المطلوبة من المورث والمتشابهة في أسماء الدائنين، وكان القضاء بالفسخ في حالة عدم النص على الشرط الفاسخ الصريح يخضع لتقدير قاضي الموضوع، لما كان ذلك فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الفسخ استناداً إلى الاعتبارات السائغة التي سبق بيانها وعلى ذلك يكون النعي بما ورد في هذين السببين نعياً غير سديد.
ومن حيث إنه من جميع ما تقدم يبين أن الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 147 لسنة 11 ق جلسة 11 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 30 ص 232

جلسة 11 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

-----------------

(30)

القضية رقم 147 لسنة 11 القضائية

(أ) - عقد إداري "تنفيذه "غرامة التأخير" "امتداده".
عقد توريد سيارات - التأخير في توريدها - توريدها بعد الميعاد المحدد بالعقد وقبول جهة الإدارة العذر في التأخير بأن أقالت المتعاقد من غرامة التأخير بعد توقيعها مستندة إلى عدم مسئوليته من التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادته - مقتضى ذلك أنها اعتبرت العقد قائماً وأنه امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد فعلاً.. (1).
(ب) - عقد إداري "تنفيذه" "امتداده".
عقد توريد - صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد وتضمنه نصاً برفع قيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي - تحمل جهة الإدارة قيمة الزيادة - أساس ذلك هو ما ورد في العقد من شروط تحكم هذه الحالة وليس نظرية فعل الأمير (1).
(ج) - رسم جمركي 

- القانون رقم 204 لسنة 1960 قضى بزيادة رسم الإحصاء الجمركي - سريانه على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي ولو كانت استوردت قبل العمل به.

-------------------
1 - إن الشركة كانت على استعداد لتنفيذ التزامها بتوريد السيارات قبل الميعاد المحدد بالعقد لولا أن حال بينها وبين التنفيذ أسباب أجنبية خارجة عن إرادتها مردها إلى الحكومة التي أصدرت قراراً بوقف الإفراج عن هذه السيارات، وعلى أثر إخطار الهيئة بذلك كتبت إلى مراقبة الاستيراد للموافقة على إعفاء الهيئة من التعليمات الصادرة من وزارة الاقتصاد وظل الأمر معلقاً حتى تمت الموافقة على الإفراج عن السيارات فقامت الشركة بتسليمها فوراً إلى الهيئة التي قبلتها وقبلت عذرها في التأخير فرفعت غرامة التأخير بعد توقيعها وأسست الرفع على عدم مسئوليتها عن التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادتها، كما أن الهيئة بإمهالها الشركة بعد انتهاء المدة المحددة للتوريد تكون قد اعتبرت العقد قائماً وأنه قد امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد فعلاً.
2 - إن صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد هذه يترتب عليه أن تتحمل الهيئة، دون الشركة، بقيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي المقررة بموجب هذا القانون دون حاجة إلى الخوض في نظرية فعل الأمير لأن هذه النظرية إنما يلجأ إليها في حالة طلب التعويض عن أمر غير متوقع وقت إبرام العقد ولكن الثابت أن المتعاقدين قد توقعا، عند إبرام العقد، زيادة الرسوم الجمركية والضرائب وأجور النقل أو نقصها ووضعا نص البند الثالث عشر من الشروط العامة ليحكم هذه الحالة.
3 - لا وجه لما ذكرته هيئة مفوضي الدولة، في تقريرها عن الطعن من عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي التي فرضت بالقانون رقم 204 لسنة 1960 على السيارات موضوع النزاع بمقولة إن واقعة استيرادها تمت قبل العمل بهذا القانون، لا وجه لذلك لأن الثابت من هذا القانون أنه يسري على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي المشار إليه حتى تاريخ العمل به في أول يوليه سنة 1960.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الشركة الشرقية للسيارات والتوريدات والنقل (ايست ) أقامت الدعوى رقم 89 لسنة 16 القضائية ضد هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ووزارتي المواصلات والاقتصاد طالبة القضاء بإلزام المدعى عليهما الأولين متضامنين، وفي مواجهة المدعى عليها الأخيرة، بأن يدفعا لها مبلغ 209 جنيه و16 مليماً مع المصروفات وأتعاب المحاماة.. وقالت - شرحاً لدعواها - إنه في 11 من مايو سنة 1960 تحرر بينها وبين الهيئة المدعى عليها الأولى عقد بمقتضاه باعت الشركة للهيئة السيارات المبينة بالعرض المقدم منها في 10 من مارس سنة 1960 وطبقاً للوصف الوارد به وعلى أساس الكتالوجات المقدمة منها والبرقية المرسلة لها في 4 من مايو سنة 1960 بقبول هذا العرض.. ونص في البند الثاني من العقد على قبولها للشروط العامة التي وضعتها الهيئة كما نص في البند الرابع على أن المدة المتفق عليها لتسليم الأصناف بالقاهرة تكون بحيث يتم توريد أربع سيارات على الأقل في خلال عشرة أيام من تاريخ استلامها برقية القبول ويتم توريد باقي السيارات قبل 30 من يونيه سنة 1960 وأن أي إخلال بالمواعيد المذكورة سيترتب عليه تطبيق غرامة التأخير ما لم تقتنع الهيئة بأن التأخير كان لأسباب اضطرارية خارجة عن إرادة المتعاقد وغير متوقعة ففي هذه الحالة يجوز للهيئة - دون أن تكون ملزمة بذلك - أن تتجاوز عن خصم هذه الغرامات كلها أو بعضها.. ثم مضت الشركة المدعية تقول إنه ما إن بدأت في تنفيذ ما التزمت به وسلمت للهيئة أربع سيارات حتى فوجئت بامتناع الجمرك عن الإفراج عن باقي السيارات المستوردة بمعرفتها والموجود فعلاً بالإسكندرية، وذلك استناداً على تعليمات صدرت من وزارة الاقتصاد في 16 من يونيه سنة 1960 تقضي بعدم الإفراج عن البضائع الموجودة بالجمرك التي وردت بطريق المبادلة، ومن بينها السيارات المتعاقد عليها، وقد بادرت بإخطار الهيئة بهذه العقبة في 20، 23، 24 من ذات الشهر.. ونتيجة لذلك قامت الهيئة بمخاطبة مراقبة الاستيراد بوزارة الاقتصاد في 5 من سبتمبر سنة 1960 تطلب الإفراج عن التسع سيارات الباقية.. وفي 3 من أكتوبر سنة 1960 تم الإفراج عنها مع سيارات أخرى كانت لها بالجمرك. وكان من نتيجة التأخير في الإفراج أن صدر القانون رقم 204 لسنة 1960 الذي نشر بالجريدة الرسمية في 10 من يوليه سنة 1960 وهو يقضي برفع فئة رسم الإحصاء الجمركي من 1% إلى 5% وبذلك زادت الرسوم الجمركية.. ولذلك طالبت الهيئة بهذا الفرق في الرسوم وقد بلغ 209 جنيه و16 مليماً عن التسع سيارات التي كانت باقية حتى تم الإفراج بعد زيادة الرسوم وكثرة المكاتبات في شأن ذلك خصوصاً وأن الهيئة كانت قد خصمت من الثمن مبلغ 464 جنيهاً و500 مليم كغرامة تأخير ثم عادت وصرفته للشركة عندما استبان لها عدم أحقيتها في هذا الخصم لأن التأخير كان لأسباب خارجة عن إرادتها وما كان لها أن تتنبأ بها وقت تقديم العطاء.. وإضافات الشركة أنه، ما دامت الهيئة قد سلمت بأن التأخير في التوريد كان رغماً عن الشركة ولسبب خارج عن إرادتها، فإن الهيئة تكون ملزمة بالرسوم الجمركية التي زادت خلال فترة حبس هذه السيارات. وذلك عملاً بصريح نص البند الثالث عشر من الشروط العامة للهيئة حرف ب.. ثم قالت الشركة إنها تختصم وزارة الاقتصاد ليكون الحكم في مواجهتها باعتبار أنها هي التي أصدرت أمر عدم الإفراج ثم أفرجت عنها وذلك لتقديم ما لديها من أوراق خاصة بهذا الموضوع.
وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 28 من نوفمبر سنة 1962 اختصمت الشركة المدعية وزارتي شئون رئاسة الجمهورية والخزانة طالبة القضاء بإلزام هاتين الوزارتين متضامنتين بأن تدفعا لها مبلغ 203 جنيه و247 مليماً مع المصروفات والأتعاب وذلك بالإضافة إلى الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الأصلية ضد المدعى عليهم الخصوم الأصليين واستندت الشركة في ذلك إلى أن السيد وزير شئون رئاسة الجمهورية أصدر في أول يونيه سنة 1960 قراراً بإلغاء جميع تصاريح المبادلات التي سبق صدورها سواء بالنسبة للبضائع التي وصلت فعلاً أو التي لم تصل ثم تلا ذلك صدور قرار من وزارة الخزانة في 16 من ذات الشهر بوقف الإفراج عن البضائع الموجودة بالجمرك تنفيذاً لعمليات المبادلة وكان من نتيجة هذه الإجراءات أن حيل بين الشركة وبين الوفاء بالتزاماتها للهيئة حتى تم الإفراج.. وفي الفترة السابقة لهذا الإفراج صدر القانون رقم 204 لسنة 1960 بزيادة رسم الإحصاء الجمركي على السيارات وكان من نتيجته أن دفعت الشركة للجمرك مبلغ 203 جنيه و247 مليماً زيادة عما كانت تدفعه عند تعاقدها مع الهيئة.. وأن الوزارتين المذكورتين مسئولتان عن تعويضها عما لحقها من ضرر نتيجة إعمال هذين القرارين الخاطئين في حقها بدون مبرر قانوني، وهو ما استبانته الجهات المختصة بعد ذلك فقررت الإفراج عن هذه السيارات.
قدمت الحكومة ملف العملية وردت على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن التعاقد بين الهيئة والشركة المدعية كان على أساس أن السيارات موضوع العقد موجودة بالإقليم المصري وجاهزة وقت الطلب تحت يد الشركة ومن ثم فهي لا تدخل إطلاقاً تحت أي نظام للاستيراد والتصدير ولا يسري عليها القواعد الخاصة بالرسوم الجمركية أو فرق العملة أو غيرها من القواعد التي تسري على البضائع المستوردة وأن الدليل على ذلك مستمد من عطاء الشركة إذ ورد به أن عرضها عن السيارات الجاهزة بدون إذن استيراد أو عملة وأن جميع السيارات المعروضة قد استوردت وموجودة حالياً بالإقليم المصري وعلى هذا الأساس قبلت الهيئة العطاء وورد في مذكرتها بقبول العطاء "إن السعر ثابت لا يتغير بتغير سعر العملة الرسمي أو العلاوة أو الجمارك وهذا السعر مناسب ".. فإذا كانت الشركة قد أخفت واقعة وجود بعض السيارات بالجمرك فإنها تتحمل نتيجة ذلك.. وأن الهيئة، إذا كانت قد أعفت الشركة من غرامة التأخير، فإن ذلك تسامح منها.. وأضافت الحكومة أنه لا محل لتطبيق نص البند الثالث عشر من الشروط العامة لأنه خاص بالبضائع المستوردة بينما التعاقد تم عن بضاعة جاهزة. وأنه، حتى إذا طبق فإنه لا يعطي الشركة الحق في المطالبة بالزيادة في الرسوم الجمركية لأنها حدثت بعد 30 من يونيه سنة 1960 (أي بعد انتهاء أجل التوريد) وأن إعفاء الشركة من غرامة التأخير، الذي تم من قبيل التسامح، لا يؤخذ على أن العقد قد امتد.. وأنه إذا قيل جدلاً - بأن العقد قد امتد إلى الوقت الذي وردت فيه الشركة السيارات وأن الزيادة في هذه الرسوم قد حصلت أثناء تنفيذ العقد - فإن ذلك لا يخرج عن أن يكون فعلاً من أفعال الأمير ويشترط لقيام الحق في التعويض تأسيساً على هذه النظرية أن تصدر الحكومة تشريعاً عاماً جديداً يمس مركز المتعاقد معها بضرر خاص وهذا الضرر الخاص يتحقق إذا ما أصاب التشريع، على الرغم من عمومية نصوصه، المتعاقد وحده - دون مجموع الشعب - أو إذا ما أصابه بضرر من الجسامة بحيث يتجاوز بكثير ما أصاب مجموع الشعب.. والواقع أن الشركة المدعية قد أصابها ضرر يسير جداً نتيجة إجراء عام أصاب الشعب في مجموعه.
عقبت الشركة المدعية على رد الحكومة، بأن الشركة أخفت أن السيارات مستوردة بأنها قد استوردت بطريق المبادلة وتصدر مقابلها فعلاً وأصبحت موجودة فعلاً بالإقليم المصري وسلمت بعضها والباقي كانت ستقوم بتجميعه بمصنعها بالإسكندرية داخل المنطقة الجمركية، وهو بالإقليم المصري طبعاً، وعقبت الشركة على قول الهيئة - بأن الإعفاء من غرامة التأخير كان من قبيل التسامح - بأنها لم تقرر الإعفاء إلا بعد أن ثبت لها أن التأخير كان بسبب خارج عن إرادة الشركة.. ومتى ثبت أن الحكومة قبلت التوريد بعد الميعاد المحدد في العقد ولم تعتبره تأخيراً يستوجب توقيع غرامة بسببه فإن هذا يقع بأن المتعاقدين فعلاً قد اتفقت إرادتهما على امتداد هذا الميعاد إلى التاريخ الذي تم فيه التوريد فعلاً وبذلك تستفيد الشركة من نص البند الثالث عشر من الشروط العامة للهيئة.. ثم قالت الشركة إن ما أثارته الحكومة في صدد نظرية فعل الأمير في غير محله لأن المبلغ المطالب به وإن كان يمثل نسبة ضئيلة من ثمن السيارات، إلا أنه يمثل نسبة كبرى من الربح ومن ثم فقد أصاب الشركة ضرر جسيم نتيجة قرارات وقفت الإفراج وهي قرارات غير سليمة تمس حقوقاً مكتسبة.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1964 أمام محكمة القضاء الإداري طلب الحاضر عن الحكومة إخراج المدعى عليهم من الثاني إلى الأخير من الدعوى بلا مصروفات وتمسك الحاضر عن الشركة المدعية بمخاصمة المدعى عليهم جميعاً عدا وزارة شئون رئاسة الجمهورية فقد قرر التنازل عن مخاصمتها.
وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1964 قضت المحكمة المذكورة بإلزام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بأن تدفع للشركة المدعية مبلغ 203 جنيه و247 مليماً والمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.. وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية أخطرت الهيئة المدعى عليها الأولى في 20 من يونيه سنة 1960 بأن السيارات موجودة بمخازن الشركة بالمنطقة الحرة وأنها على استعداد لتسليمها لولا صدور تعليمات وزارة الاقتصاد في 16 من ذات الشهر بوقف الإفراج عنها، باعتبارها داخلة ضمن البضائع المستوردة على نظام المبادلة. ومقتضى ذلك أن الشركة كانت على استعداد لتنفيذ التزامها بالتوريد قبل الميعاد المحدد بالعقد (وهو 30 من الشهر المذكور) لولا أن حال بينها وبين التنفيذ أسباب أجنبية خارجة عن إرادتها مردها إلى الحكومة التي أصدرت قراراً بوقف الإفراج عن هذه السيارات، وعلى أثر إخطار الهيئة بذلك كتبت إلى مراقبة الاستيراد للموافقة على إعفاء الهيئة من التعليمات الصادرة من وزارة الاقتصاد وظل الأمر معلقاً حتى تمت الموافقة على الإفراج عن السيارات فقامت الشركة بتسليمها فوراً إلى الهيئة التي قبلتها وقبلت عذرها في التأخير فرفعت غرامة التأخير بعد توقيعها وأسست الرفع على عدم مسئوليتها عن التأخير لحدوثه نتيجة أسباب خارجة عن إرادتها، كما أن الهيئة بإمهالها الشركة بعد انتهاء المدة المحددة للتوريد تكون قد اعتبرت العقد قائماً وأنه قد امتد حتى الميعاد الذي تم فيه التوريد ومن ثم فإن صدور القانون رقم 204 لسنة 1960 خلال فترة الامتداد هذه يترتب عليه أن تتحمل الهيئة، دون الشركة، بقيمة الزيادة في رسم الإحصاء الجمركي المقررة بموجب هذا القانون دون حاجة إلى الخوض في نظرية فعل الأمير لأن هذه النظرية إنما يلجأ إليها في حالة طلب التعويض عن أمر غير متوقع وقت إبرام العقد ولكن الثابت أن المتعاقدين قد توقعا، عند إبرام العقد، زيادة الرسوم الجمركية والضرائب وأجور النقل أو نقصها ووضعا نص البند الثالث عشر من الشرط العامة ليحكم هذه الحالة.. كما أنه لا وجه لما تثيره الحكومة - من أن التعاقد كان عن بضاعة موجودة بالإقليم المصري إذ لا ريب أنها كانت موجودة به ولولا قرار وقف الإفراج لكان في إمكان الشركة أن تقوم بتوريدها في الموعد المحدد.. ثم قالت المحكمة إن الحكومة لم تنازع في حقيقة المبلغ المطالب به وهو مبلغ 203 جنيه و247 مليماً حسبما جاء بإقرار الحاضر عن الشركة بمحضر جلسة 24 من يناير سنة 1962 والصحيفة المودعة في 28 من نوفمبر سنة 1962 فيتعين الحكم بإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى بأن ترد المبلغ المذكور للشركة المدعية ولا وجه لإلزام باقي الخصوم خاصة وزارة شئون رئاسة الجمهورية لتنازل الشركة عن مخاصمتها.
طعنت الحكومة في الحكم المذكور طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.. وبنت طعنها على نفس الأسباب التي استندت إليها في ردها على الدعوى.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى الشركة مع إلزامها بالمصروفات.. واستندت في ذلك إلى أن الرسم الإحصائي الجمركي، الذي رفعت فئاته من 1% إلى 5% بمقتضى القانون رقم 204 لسنة 1960، إنما يسري اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 تاريخ العمل بالقانون المذكور بمعنى أن تسري تلك الفئات الجديدة على البضائع المستوردة والتي تصل إلى الجمارك من الخارج اعتباراً من ذلك التاريخ ولا تسري على البضائع التي تكون قد تم استيرادها للبلاد وكانت موجودة بالجمارك فعلاً أو تكون الإجراءات الجمركية قد تمت بالنسبة لها وتم بالتالي الإفراج عنها قبل التاريخ المذكور.
عقبت الشركة المدعية على ما قررته هيئة المفوضين في تقريرها، من عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي على السيارات التي قامت الشركة بتوريدها، بأن ذلك لا يقدح في سلامة إلزام الهيئة الطاعنة بدفع هذه الزيادة للشركة لأنها قد دفعتها فعلاً للخزانة العامة.. وأنها تطالب بهذا استناداً إلى صريح نص البند الثالث عشر من الشروط العامة الذي يحكم علاقتها في هذا الموضوع.. كما قدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الشهادة رقم 801 الواردة للهيئة من جمرك إسكندرية في 29 من إبريل سنة 1961 ثابتاً بها مقدار الرسم الإحصائي الذي قامت الشركة بأدائه تنفيذاً للقانون رقم 204 لسنة 1960 المشار إليه.
ثم قدمت الهيئة الطاعنة مذكرة صممت فيها على طلباتها استناداً إلى ما أبدته من دفاع في ردها على الدعوى في صحيفة الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه بإلزام الهيئة الطاعنة بقيمة فرق الرسم الإحصائي الجمركي الذي تقرر بالقانون المنوه عنه، ومقداره 203 جنيه و247 مليماً، وذلك للأسباب التي استند إليها الحكم المذكور والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن الشركة المدعية لم تذكر في العرض المقدم منها أن السيارات جميعها قد دفعت عنها الرسوم الجمركية، وفقط ذكرت أنها قد استوردت وموجودة بالإقليم المصري، ومما لا نزاع فيه أنها كانت وقت العرض داخل الأراضي المصرية.. يضاف إلى ذلك أن الثابت من الأوراق أن الشركة قد أخطرت الهيئة في 20 من يونيه سنة 1960 بصدور قرار من وزارة الاقتصاد بعدم الإفراج عن السيارات الباقية - لأنها قد استوردت بطريق المبادلة - ونتيجة لذلك قامت الهيئة بالتحرير للوزارة بغية العمل على الإفراج عن السيارات. وتم الإفراج عنها بالفعل بعد ذلك.. وهذا يحمل على الاعتقاد بأن الهيئة كانت تعلم أن السيارات المقدم عنها عرض الشركة موجودة بالدائرة الجمركية ولم تسدد عنها الرسوم الجمركية كاملة.
ومن حيث إنه عن قول الهيئة الطاعنة، بأنه قد ورد في مذكرتها بقبول العرض المقدم من الشركة "أن السعر ثابت لا يتغير بتغير سعر العملة الرسمي أو العلاوة أو الجمارك" فإن هذا القول مردود بأن هذه المذكرة تعتبر من الأوراق الخاصة بالهيئة وليس من دليل بالأوراق على أن الشركة قد اطلعت عليها وعلمت بما ورد بها أو أخطرت به.. يؤكد هذا ويعزره أن البرقية التي أرسلت للشركة بقبول عرضها - جاءت خالية من أية إشارة إلى هذا التحفظ أو إلى ما ورد في المذكرة آنفة الذكر بل كانت البرقية مقصورة على إخطار الشركة بقبول عرضها بالشروط الواردة به (تراجع صورة هذه البرقية المرفقة بملف الموضوع المقدم من الهيئة الطاعنة).
ومن حيث إنه لا وجه لما ذكرته هيئة مفوضي الدولة، في تقريرها عن الطعن عن عدم سريان زيادة الرسم الإحصائي الجمركي التي فرضت بالقانون رقم 204 لسنة 1960 على السيارات موضوع النزاع بمقولة إن واقعة استيرادها تمت قبل العمل بهذا القانون لا وجه لذلك لأن الثابت من هذا القانون أنه يسري على البضائع التي لم يسدد عنها الرسم الجمركي المشار إليه حتى تاريخ العمل به في أول يوليه سنة 1960 والثابت من الأوراق أن السيارات المشار إليها لم يكن قد دفع عنها الرسم المذكور حتى ذلك التاريخ.
ومن حيث إن سعي الهيئة الطاعنة لتحقيق الإفراج عن السيارات بعد أن تبينت عذر الشركة في التأخير في توريدها في الميعاد، ثم أقالتها بعد ذلك الشركة من الغرامة بسبب هذا التأخير كل أولئك يستفاد قبول الهيئة الطاعنة امتداد التوريد إلى الميعاد الذي تم فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الهيئة في الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع إلزام الهيئة الطاعنة بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بالمصروفات.


(1) ورد المبدأن "أ، ب" في حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وقد أيدته المحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد لما ورد به من أسباب.

الطعن 13 لسنة 27 ق جلسة 7 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 أحوال شخصية ق 63 ص 402

جلسة 7 من مايو سنة 1959

برئاسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

---------------

(63)
الطعن رقم 13 لسنة 27 القضائية "
أحوال شخصية"

حكم "بياناته". أحوال شخصية.
حكم صادر في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية. عدم بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية فيه. بطلان الحكم. م 349 مرافعات.

--------------------
متى كان الحكم صادراً في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية ولم يتضمن هذا الحكم اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في النيابة في القضية ولم يفصح الحكم عن أن عضو النيابة الذي ورد اسمه في ديباجته ممثلاً للنيابة العامة عند تلاوة الحكم هو صاحب ذلك الرأي - فإن الحكم يكون باطلاً طبقاً للمادة 349 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه بطلان جوهري إذ لم يذكر فيه اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية وهو السيد رضوان شافعي المتعافى - وإنما ذكر اسم عضو النيابة الذي حضر جلسة النطق بالحكم وهو الأستاذ أحمد هريدي - كما يظهر هذا من صورة الحكم المطعون فيه وصورة مذكرة النيابة التي أبدى فيها الرأي مما يترتب عليه بطلان الحكم عملاً بالمادة 349 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد ورد فيه أن النيابة العامة أبدت رأيها في موضوع الاستئناف في مذكرتها المؤرخة 26 يناير سنة 1957 دون أن يوضح في الحكم اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي - ولما كانت المادة 349 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "يجب أن يبين في الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية إن كان... وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية يترتب عليه بطلان الحكم"، وكان رأي النيابة في القضية قد أبدى - على ما ورد في الحكم المطعون فيه - في مذكرتها المؤرخة 26 يناير سنة 1957 ولم يتضمن أن يسند إلى السيد الأستاذ أحمد هريدي رئيس النيابة الذي ورد اسمه في ديباجة الحكم ممثلاً للنيابة العامة عند تلاوة الحكم لأن الحكم لم يفصح عن ذلك ولأن هذا البيان لا ينصرف إلى أكثر من حضور السيد رئيس النيابة تلاوة الحكم - وهو أمر لاحق لإبداء النيابة رأيها في مذكرتها سالفة الذكر بتاريخ 26 من يناير سنة 1957 ومستقل عنه فلا يدل هذا البيان في ذاته على أن رئيس النيابة المذكور هو صاحب ذلك الرأي. لما كان ذلك فإن هذا الحكم يكون طبقاً لنص المادة 349 سالفة الذكر باطلاً ومتعيناً نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث سائر أسباب الطعن.

الطعن 14 لسنة 33 ق جلسة 27 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 55 ص 368

جلسة 27 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

----------------

(55)
الطعن رقم 14 لسنة 33 القضائية

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "إعلان الطعن".
صحة الطعن بالنقض الذي أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل عرضه على دائرة فحص الطعون والذي لم يعلن في الميعاد، إذا أعلن في الميعاد الذي حدده القانون 4 لسنة 1967.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "الاستيلاء دون إجراءات". غصب.
استيلاء جهة الإدارة على أطيان دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية يعد غصباً.
(ج) إجارة. "إجارة الأرض الزراعية". "أجرة الأرض الزراعية" إصلاح زراعي.
نص المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي لا يحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر.
(د) ريع. "تقدير الريع". غصب. إصلاح زراعي. "أجرة الأرض الزراعية".
الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يلزم من ارتكبه بتعويض الأضرار الناشئة عنه. عدم تقيد المحكمة بالمادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب العقار المغتصب. اعتبار الريع بمثابة تعويض.
(هـ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "الاستيلاء دون إجراءات". "أثره". ملكية. "أسباب كسب الملكية". فوائد. "فوائد التأخير". غصب. ريع.
استيلاء الحكومة على عقار جبراً دون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931، غصب. عدم نقله ملكية العقار للحكومة. لصاحب المطالبة بريعه، انتهاء الغصب إذا طالب بقيمته وحكم له بها نهائياً. التزام الحكومة بالوفاء بهذه القيمة وفوائد التأخير من تاريخ المطالبة القضائية.

--------------------
1 - إذا كان التقرير بالطعن قد حصل في يناير سنة 1963 وأدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، فإنه وإن كان الطاعن لم يقم بإعلان الطعن في الميعاد إلا أنه وقد صدر القانون 4 لسنة 1967 وأوجب في الفقرة الثانية من المادة الثالثة منه على الطاعن أن يستكمل ما لم يتم من إجراءات على ما يقتضيه تطبيق القانون رقم 43 لسنة 1965 وتصحيح ما لم يصح منها في الميعاد المقرر وهو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11/ 5/ 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت على المحكمة وقتئذ، وقام الطاعن بإعلان المطعون ضده في 24/ 5/ 1967 فإن إعلان الطعن يكون قد تم في الميعاد.
2 - استيلاء الحكومة على الأطيان محل النزاع دون أن تتخذ إجراءات نزع الملكية يعد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - بمثابة غصب (1).
3 - إذ تنص المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي على أنه لا يجوز أن تزيد أجرة الأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها، فإن هذا النص لا يحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر.
4 - يلزم الغصب باعتباره عملاً غير مشروع من ارتكبه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - بتعويض الأضرار الناشئة عنه. ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض.
5 - قيام الحكومة بالاستيلاء على عقار جبراً عن صاحبه وبدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 يعتبر بمثابة غصب وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للحكومة بل تظل هذه الملكية لصاحب العقار رغم هذا الاستيلاء ويكون له المطالبة بريعه، إلا أنه إذا اختار المطالبة بقيمة هذا العقار وحكم له بها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تنتهي حالة الغصب من وقت صيرورة هذا الحكم نهائياً وتصبح حيازة الحكومة للعقار حيازة مشروعة وتكون من هذا التاريخ مدينة لمن استولت على عقاره بالمبلغ المحكوم له به مقابل قيمة العقار ويلزمها الوفاء به، فإن تأخرت حقت عليها الفائدة القانونية عن التأخير في الوفاء من تاريخ المطالبة القضائية بها عملاً بالمادة 226 من القانون المدني (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1054 سنة 1960 مدني كلي طنطا ضد الطاعنين بصفتهما بعريضة أعلنت لهما في 8/ 11/ 1960 وطلبا الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 401 ج و860 م - وقالا شرحاً لدعواهما إنه في فبراير سنة 1942 استولت وزارة الأشغال على أطيان مملوكه لهما مساحتها 3 ف و11 ط و50 س منها 2 ف و9 ط و5 س للمطعون ضده الأول، 1 ف و2 ط و15 س للمطعون ضدها الثانية وأدخلا هذه الأطيان في مشروع مصرف سماتاى بجهة المحلة دون أن يتخذا الإجراءات المقررة لنزع ملكيتها طبقاً للقانون، وإنهما رفعا الدعوى رقم 261 سنة 1955 مدني كلي طنطا ضد وزارة الأشغال وطلبا الحكم بثمن هذه الأرض وريعها وقضى لهما بمبلغ 419 ج و610 م باعتبار الثمن فرفعا استئنافاً عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا قيد برقم 157 سنة 8 ق. وطلبا ثمناً أعلى للأرض وتمسكا بطلب الريع، وقضت المحكمة في 17/ 5/ 1960 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع لهما مبلغ 1295 ج و398 م منه مبلغ 419 ج و160 م ثمناً للأرض والباقي وقدره 876 ج و238 م قيمة الريع منذ الاستيلاء عليها في سنة 1942 حتى رفع الدعوى في آخر مارس سنة 1955. وإذ لم تدفع الوزارة المبلغ المحكوم به واكتفت بإيداع مبلغ 384 ج و235 م على ذمتهما دون أن تعرضه عليهما عرضاً قانونياً، وكان الريع الذي استحق لهما بعد ذلك منذ إبريل سنة 1955 حتى إقامة الدعوى الحالية في آخر سنة 1960 يقدر على أساس سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأرض لقانون الإصلاح الزراعي بالمبلغ المطالب به، فقد أقاما دعواهما بطلباتهما الآنفة الذكر. وبتاريخ 13/ 6/ 1961 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنين بصفتهما بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ 51 ج و500 م وللمطعون ضدها الثانية مبلغ 18 ج و175 م قيمة الريع عن القدر المستولى عليها من كل منهما من أبريل سنة 1955 حتى إخطار أولهما بالإيداع في 19/ 3/ 1956 والثانية في 17/ 12/ 1955 وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافهما برقم 52 سنة 12 ق. وبتاريخ 12/ 11/ 1962 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضدهما مبلغ 401 ج و860 م باعتبار أنه يمثل قيمة ريع الأطيان المستولى عليها عن المدة من إبريل سنة 1955 حتى آخر ديسمبر سنة 1960. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً.
وحيث إن المطعون ضدها الثانية دفعت ببطلان الطعن بالنسبة لها تأسيساً على أنها لم تعلن به في الموعد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أنه لما كان هذا الطعن قد حصل التقرير به في 12/ 1/ 1963 فقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. وإنه وإن كان الطاعن لم يقم بإعلان الطعن في الميعاد طبقاً لهذا القانون إلا أنه وقد صدر القانون رقم 4 لسنة 1967 وأوجب في الفقرة الثانية من المادة الثالثة منه على الطاعن أن يستكمل ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها في الميعاد المقرر وهو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11 مايو سنة 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت على المحكمة وقتئذ ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة في 9 يناير سنة 1968، وكان الثابت أن الطاعنين أعلنا المطعون ضدها الثانية بهذا الطعن في 24 مايو سنة 1967 أي في الميعاد، فإن الدفع ببطلان الطعن بالنسبة لها لعدم إعلانها يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين. ويقولان في بيان الوجه الأول إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن القانون رقم 5 لسنة 1907 الذي وقع الاستيلاء على الأرض موضوع النزاع في ظله يقضي بأن يقدم صاحب العقار الذي تنزع ملكيته المستندات الدالة على ملكيته له وشهادة بخلوه من الرهن حتى يمكن صرف ثمنه إليه، وقد كان يتعين إعمال هذا الحكم بالنسبة للعقارات موضوع النزاع ولو لم تتبع الحكومة الإجراءات المنصوص عليها في القانون المشار إليه وذلك للمحافظة على حقوق ذوي الشأن فيها، وطالما أن الجهة نازعة الملكية قد أودعت ثمن الأرض خزانة المحكمة على ذمة المطعون ضدهما وأخطرتهما بهذا الإيداع دون أن تشترط عليهما لصرفه سوى تقديم تلك المستندات، وأن من شأن هذا الإيداع الذي يقوم مقام الوفاء أن يوقف سريان الفوائد على ثمن الأرض ويسقط حق المطعون ضدهما في المطالبة بريعها وليس لهما أن يحتجا بأنهما لم يصرفا ذلك الثمن ما دام عدم الصرف راجعاً إلى امتناعهما عن تقديم المستندات المشار إليها. غير أن الحكم المطعون فيه وقد قضى للمطعون ضدهما بالريع على خلاف هذا النظر مبرراً قضاءه بأن الإيداع الصحيح المبرئ للذمة هو الإيداع الذي تتبع فيه الإجراءات المنصوص عليها في القانون دون أن يبين هذه الإجراءات فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور. ويقولان في بيان الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدهما بالريع على أساس سبعة أمثال ضريبة الأرض موضوع النزاع طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي دون أن يستبعد ما يقابل الأموال الأميرية التي كانت مربوطة عليها والتي توقف تحصيلها من المطعون ضدهما منذ الاستيلاء على تلك الأرض في سنة 1942 وهذا من الحكم مخالف للقانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يتخذا إجراءات نزع ملكية الأطيان موضوع النزاع، وكان هذا الاستيلاء يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بمثابة غصب، فإن الحكم وقد أقام قضاءه بالريع للمطعون ضدهما على هذا الأساس يكون قد التزم صحيح القانون، ولا عليه إن هو لم يبحث الإجراءات التي يتم بها الإيداع الصحيح ما دام أن هذا الإيداع لم تسبقه الإجراءات القانونية لنزع الملكية. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أنه لما كانت المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي التي تنص على أنه لا يجوز أن تزيد أجرة الأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها - لا تحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه للمطعون ضدهما بالريع على أن الحكومة استولت على أطيانهما جبراً عنهما وبطريق الغصب دون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية، وكان الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يلزم من ارتكبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتعويض الأضرار الناشئة عنه ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض، فإن الحكم فيه لا يكون قد خالف القانون بفرض تجاوزه للحد الأقصى المقرر لإيجار الأراضي الزراعية طبقاً للمادة 33 المشار إليها، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول للطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أنه وقد سبق أن قضى للمطعون ضدهما انتهائياً في الاستئناف رقم 157 سنة 8 ق طنطا بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع لهما مبلغ 419 ج و160 م ثمناً للأرض المستولى عليها ومبلغ 876 ج و238 م قيمة ريع هذه الأرض منذ الاستيلاء الفعلي عليها في سنة 1942 لغاية مارس سنة 1955 فقد انحصر بذلك حقهما في مبلغ من النقود ويستطيعان التنفيذ به على الوزارة، فإذا تأخرت في الوفاء به لا يكون لهما من حق قبلها سوى المطالبة بالفوائد القانونية عن هذا التأخير. وإذ لم يقض الحكم السابق بالفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية ولم ينشأ حقهما في هذا الطلب إلا منذ سنة 1960 تاريخ مطالبتهما به في الدعوى الحالية فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى لهما بالريع عن مدة لاحقة لصدور الحكم الانتهائي السالف الإشارة إليه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه وإن كان الاستيلاء الحكومة على عقار جبراً عن صاحبه وبدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 يعتبر بمثابة غصب وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للحكومة بل تظل هذه الملكية لصاحب العقار رغم هذا الاستيلاء ويكون له المطالبة بريعه، إلا أنه إذا اختار المطالبة بقيمة هذا العقار وحكم له بها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنتهي حالة الغصب من وقت صيرورة هذا الحكم نهائياً وتصبح حيازة الحكومة للعقار حيازة مشروعة وتكون من هذا التاريخ مدينة لمن استولت على عقاره بالمبلغ المحكوم له به مقابل قيمة العقار ويلزمها الوفاء به فإن تأخرت حقت عليها الفائدة القانونية عن التأخير في الوفاء من تاريخ المطالبة القضائية بها عملاً بالمادة 226 من القانون المدني. ولما كان قد صدر للمطعون ضدهما حكم في الدعوى رقم 261 سنة 1955 مدني كلي بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع لهما مبلغ 419 ج و160 م مقابل قيمة الأطيان المستولى عليها، وإذ رفع المطعون ضدهما الاستئناف رقم 157 سنة 8 ق طنطا عن هذا الحكم وقضت محكمة الاستئناف في 17 مايو سنة 1960 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع للمطعون ضدهما مبلغ 1295 ج و398 م منه مبلغ 419 ج و160 م قيمة الأرض والباقي وقدره 876 ج و238 م مقابل الريع منذ الاستيلاء على الأرض في سنة 1942 حتى رفع تلك الدعوى في آخر مارس سنة 1955، فإنه لا يحق للمطعون ضدهما طلب ريع هذه الأرض من تاريخ صدور هذا الحكم الانتهائي في 17 مايو سنة 1960 وكل ما لهما هو المطالبة بالفائدة القانونية عن التأخير في الوفاء بالمبلغ المحكوم لهما به على ألا تسري هذه الفائدة إلا من تاريخ المطالبة القضائية بها. وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضدهما بالريع عن المدة اللاحقة لتاريخ صدور ذلك الحكم في 17 مايو سنة 1960 حتى آخر ديسمبر سنة 1960 وقدر هذا الريع خلال هذه المدة على أساس سبعة أمثال الضريبة للأرض موضوع النزاع أي بما يجاوز فوائد التأخير المقررة قانوناً بواقع 4%، فإن الحكم يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه في هذا الشق من قضائه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين خصم مبلغ 43 ج و860 م قيمة الريع عن المدة من 17 مايو سنة 1960 حتى آخر ديسمبر سنة 1960 من المبلغ المحكوم به وقدره 401 ج و860 م وجعل المبلغ المحكوم به (401 ج و860 م - 43 ج و860 م) = 358 ج وإلزام الطاعنين بالفوائد بواقع 4% سنوياً عن مبلغ 419 ج و160 م من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 8 نوفمبر سنة 1960 حتى آخر ديسمبر سنة 1960.


(1) راجع نقض جلسة 16/ 2/ 1939 الطعن رقم 67 لسنة 8 ق، وجلسة 17/ 2/ 1955 الطعن رقم 77 لسنة 21 ق مجموعة القواعد القانونية لربع قرن ص 1034، ص 1035 القواعد 2 و6 و7. وجلسة 14/ 11/ 1957 الطعن رقم 62 لسنة 23 ق مجموعة المكتب الفني س 8 ص 783. وجلسة 15/ 12/ 1966 الطعن رقم 351 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني س 17 ص 1943.
(2) راجع نقض جلسة 16/ 12/ 1948 الطعن رقم 74 لسنة 17 ق مجموعة القواعد القانونية لربع قرن ص 1035 قاعدة 7 مكرر وجلسة 14/ 11/ 1957 الطعن رقم 62 لسنة 23 ق مجموعة المكتب الفني س 8 ص 783. وجلسة 15/ 12/ 1966 الطعن رقم 351 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني س 17 ص 1943.

الطعن 928 لسنة 9 ق جلسة 6 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 29 ص 225

جلسة 6 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت محمود عتيبة المستشارين.

--------------------

(29)

القضية رقم 928 لسنة 9 القضائية

(أ) - موظف. "بدل وقاية من خطر الأشعة". 

قرارا مجلس الوزراء الصادران في 7 من يناير سنة 1953 و9 نوفمبر سنة 1955 في شأن الموظفين والعمال الذين يعملون بجهات معينة - تعميم صرف هذا البدل لجميع العاملين بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل دون تحديد درجة معينة للحكمة التي قام عليها - عدم تحديد فئة البدل لموظفي الدرجة الخامسة فما فوقها من غير الأطباء - منحه لهم بالقدر المتيقن بفئة الدرجة الأدنى وهي فئة الدرجة السادسة.
(ب) - موظف "بدل وقاية من خطر الأشعة".
مناط استحقاقه التعرض لخطر الأشعة 

- استحقاقه في حالة الإيفاد في بعثة للتدريب على صيانة وإصلاح أجهزة الأشعة.

---------------------
1 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 قد تضمن الموافقة على منح بدل وقاية من خطر الأشعة إلى الذين يشتغلون بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل لذلك يكون هذا القرار قد عمم صرف هذا البدل لجميع هؤلاء العاملين دون تحديد درجة معينة للحكمة التي قام عليها القرار وهي تعرضهم جميعاً لخطر الأشعة فأصبح لهم أصل حق ثابت في هذا البدل إذ لا يتصور مع إطلاق النص أن يكون القرار قد قصد إلى حرمان من يشغلون الدرجة الخامسة فأعلى في هذه الجهات من هذا البدل ما دام الصرف كان لموجب معين توفر فيهم كما توفر في باقي زملائهم من الدرجات الأدنى، وأنه وإن كان القرار المذكور لم توفر في باقي البدل لموظفي الدرجة الخامسة فما فوقها من غير الأطباء فإنه وقد ثبت حقهم في هذا البدل فإنه لا مناص من منحهم إياه بالقدر المتيقن بفئة الدرجة الأدنى وهي فئة الدرجة السادسة.
2 - إنه بالنسبة لأحقية المطعون ضده في هذا البدل عن الفترة التي أوفد فيها إلى ألمانيا في بعثة للتدريب على صيانة وإصلاح أجهزة الأشعة أثناء قيامه بالعمل بأقسام المستشفيات، فإن هذا الإيفاد لم يفصم علاقته بأجهزة الأشعة والتعرض لخطرها وهو مناط استحقاق هذا البدل للعاملين بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 677 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والإسكان والمرافق والأوقاف بصحيفة أودعت سكرتيريتها في 28 من يوليه سنة 1962 طالباً الحكم بأحقيته في مرتب بدل وقاية من خطر الأشعة بواقع 2 ج للدرجة الخامسة اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1957 طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وقال بياناً للدعوى إنه عين بوزارة الصحة بتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1950 في وظيفة رئيس ورشة أشعة بقسم هندسة الأشعة بالإدارة العامة للتموين الطبي في الدرجة السادسة الفنية المتوسطة ثم ندب مهندساً للأشعة في 15 من ديسمبر سنة 1953 وكان يمنح بدل وقاية من خطر الأشعة بواقع 2 ج شهرياً ولما رقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1957 منعت الوزارة عنه هذا البدل بحجة أن قرار 7 من يناير سنة 1953 لم يذكر العاملين في الدرجة الخامسة ضمن العاملين المقرر لهم هذا البدل وهي حجة ساقطة لأن العلة في تقرير هذا البدل هو التعرض لخطر الأشعة وهو يتوفر بالنسبة له حتى بعد شغله الدرجة الخامسة. وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على منح شاغل الدرجة الخامسة فما فوقها ذات مرتب البدل المقرر لشاغل الدرجة السادسة طالما أنه لم تحدد فئة خاصة لشاغلي الدرجة الخامسة. وردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي منح بدل التعرض لخطر الأشعة من أول يوليه سنة 1954 بواقع 2 ج شهرياً لشغله الدرجة السادسة بالمستشفيات العامة وأنه أوفد إلى ألمانيا في بعثة تدريب على صيانة وإصلاح أجهزة علمية اعتباراً من 30 من مايو سنة 1957 ثم عاد وتسلم العمل بالمستشفيات العامة - قسم الأشعة - اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1958 وأنه رقي إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 أثناء مدة بقائه بالبعثة فتقرر وقف صرف البدل اعتباراً من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة وأنه نقل إلى الإدارة العامة للتموين الطبي (المخازن) اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1959، وأن المنازعة تنحصر في مدى أحقية المدعي في هذا البدل في فترتين: الأولى من تاريخ عودته إلى العمل بقسم الأشعة بالمستشفيات العامة من 6 من يونيه سنة 1958 وتعرضه لخطر الأشعة وهو في الدرجة الخامسة والثانية من تاريخ نقله إلى الإدارة العامة للتموين الطبي (المخازن) وأنه بالنسبة للفترة الأولى فإنه كان بعيداً عن خطر الأشعة مدة وجوده في البعثة التدريبية بالخارج. وأنه منع عنه هذا البدل في الفترة من 6 من يونيه سنة 1958 إلى 15 من أغسطس سنة 1959 رغم تعرضه لخطر الأشعة لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 لم يقرر منح هذا البدل لموظفي الدرجة الخامسة، وأنه بالنسبة لمنع البدل في الفترة الثانية فإنه لما كان المناط في تقرير هذا البدل طبقاً لقرار مجلس الوزراء هو التعرض لخطر الأشعة الناجم من العمل بأقسام المستشفيات العامة والمعامل بالوزارات والمصالح المختلفة وأن الإدارة العامة للتموين الطبي - مصلحة المخازن - ليست وحده علاجية أو وقائية، وإنه بالرجوع إلى الميزانية ابتداء من السنة المالية 1953/ 1954 يبين أنه لم تدرج أية مبالغ لصرف هذا البدل لموظف الإدارة العامة للتموين الطبي، ورشة هندسة الأشعة (مصلحة المخازن سابقاً) ومن ثم فلا يتوفر الاعتماد المالي الذي يستلزم تنفيذ هذا القرار بالنسبة لموظفي الإدارة العامة للتموين الطبي وأن قرار 7 من يناير سنة 1953 لم يدبر المصرف المالي المؤقت كتقرير صرف هذا البدل من وفورات الميزانية إلى أن تدرج الاعتمادات اللازمة في الميزانية مثلاً وهو النهج الذي أفصح عنه قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1938 بشأن تقرير بدل العدوى لموظفي ومستخدمي مصلحة المعامل الرئيسية والإقليمية ومعهد الأبحاث. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 8 من إبريل سنة 1963 قضت المحكمة بأحقية المدعي في أن يمنح بدل وقاية من خطر الأشعة اعتباراً من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 بالفئة المحددة للدرجة السادسة طبقاً لقرار مجلس الوزراء - الصادر في 7 من يناير سنة 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت المدعى عليها المصروفات وأقامت قضاءها على أن المدعي يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 لتعرضه لخطر الأشعة سواء قبل سفره في البعثة وكذلك طوال مدة تعيينه حيث إن الثابت أنها كانت بعثة للتدريب على أجهزة الأشعة وكذلك الشأن بعد نقله إلى التموين الطبي في 15 من أغسطس سنة 1959 حيث إن الثابت من ملف خدمته أنه كان يشغل وظيفة رئيس ورشة الأشعة مما يجعله معرضاً لخطر الأشعة وإنه لا وجه لما تدفع به الوزارة الدعوى من عدم استحقاق موظفي الدرجة الخامسة فما فوقها من غير الأطباء لبدل الوقاية من خطر الأشعة بمقولة إن قرار مجلس الوزراء قد خلا من تحديد فئة البدل لمن هم في درجة أعلى من الدرجة السادسة من غير الأطباء. إذ لا يتصور أن يكون القرار قد قصد إلى حرمانهم من هذا البدل ما دام أن الصرف كان لموجب معين توفر فيهم كما توفر بالنسبة لباقي زملائهم في الدرجات الأدنى وهو التعرض لخطر الأشعة، وإنه ولئن كان قرار مجلس الوزراء المشار إليه لم يحدد فئة البدل لموظفي الدرجة الخامسة فما فوقها من غير الأطباء فلا مندوحة وقد ثبت حقهم في هذا البدل من منحهم إياه بالقدر المتيقن أي بفئة الدرجة السادسة وأنه يتعين الحكم للمدعي على مقتضى ذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مجلس الوزراء وافق في 7 من يناير سنة 1953 على تقرير بدل وقاية من خطر الأشعة بنفس الفئات الواردة بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 18 من مايو سنة 1936 و21 من سبتمبر سنة 1938 بشأن تقرير بدل عدوى لموظفي المستشفيات والمعامل وهذه الفئات هي 60 جنيهاً سنوياً للأطباء و24 جنيهاً سنوياً لموظفي الدرجة السادسة و18 جنيهاً لموظفي الدرجة السابعة و12 جنيهاً سنوياً لموظفي الدرجة الثامنة و6 جنيهات سنوياً للخدمة السايرة ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 9 من نوفمبر سنة 1955 بإضافة موظفي الدرجة التاسعة وعمال اليومية إلى العاملين المقرر لهم هذا البدل وأن هذا التعديل يكشف عن نية المشرع في أنه قصر منح هذا البدل لهذه الفئات من الموظفين إذا توفرت شروط المنح وليس لمن عداهم من الموظفين أصل حق في الحصول عليها وعلي ذلك فإن المطعون ضده وقد رقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1957 وهو بالبعثة التدريبية إلى ألمانيا لصيانة وإصلاح أجهزة الأشعة فإنه لا يستحق البدل لسببين أولهما أنه وقد رقي إلى الدرجة الخامسة فإنه لا يدخل في عداد الموظفين المنصوص على منحهم هذا الراتب بقراري مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1953 و9 من نوفمبر سنة 1955 وثانيهما: أنه كان بعيداً عن خطر الأشعة بعمله الوظيفي مدة وجوده في البعثة التدريبية بالخارج ومن ثم فإنه لا يستحق البدل من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 وهو موجود بالبعثة وحتى بعد عودته منها للعمل بخدمة المستشفيات العامة قسم الأشعة وذلك حتى تاريخ نقله إلى الإدارة العامة للتموين الطبي (مصلحة المخازن سابقاً) اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1959، كما خالف الحكم المطعون فيه القانون عندما قضى بمنح المطعون ضده هذا البدل عن الفترة من تاريخ نقله في 15 من أغسطس سنة 1959 إلى الإدارة العامة للتموين الطبي (مصلحة المخازن) ذلك أن مناط صرف هذا البدل طبقاً لقراري مجلس الوزراء في 7 من يناير سنة 1953 و9 من نوفمبر سنة 1955 إنما هو التعرض لخطر الأشعة بالعمل بأقسام الأشعة بالمستشفيات العامة والمعامل بالوزارات والمصالح المختلفة الأمر الذي يتوفر في حق المطعون ضده منذ نقله للعمل في الإدارة العامة للتموين الطبي (مصلحة المخازن) إذ أنها ليست وحدة علاجية أو وقائية ومن ثم فإنه لا يفيد من قراري مجلس الوزراء آنفي الذكر، فضلاً عن أنه حتى مع التسليم جدلاً بأن المطعون ضده يفيد من قراري مجلس الوزراء المشار إليهما عن الفترة اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1958 فإنه لم تدرج بالميزانية منذ السنة المالية 1953/ 1954 أية اعتمادات مالية لبدل وقاية من خطر الأشعة للإدارة العامة للتموين الطبي وعلى ذلك لا يجوز صرف هذا البدل إلى المطعون ضده عن تلك الفترة وذلك لعدم وجود المصرف المالي.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات.
ومن حيث إنه في 5 من يناير سنة 1953 رفعت اللجنة المالية مذكرة إلى مجلس الوزراء في شأن صرف مرتب وقاية من خطر الأشعة تضمنت أنه نظراً للأضرار الناتجة من الاشتغال بالأشعة فإن ديوان الموظفين يقترح الموافقة على منح الذين يشتغلون بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل بالوزارات والمصالح المختلفة ويتعرضون لخطر الأشعة بدل وقاية بالفئات المبينة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1938 بشأن بدل العدوى وهي: 60 ج في السنة بالنسبة للأطباء و24 ج في السنة لموظفي الدرجة السادسة و18 ج لموظفي الدرجة السابعة و12 ج في السنة لموظفي الدرجة الثامنة و6 ج للخدمة السايرة، وأن اللجنة المالية بحثت هذا الطلب ورأت الموافقة على اقتراح ديوان الموظفين ووافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 7 من يناير سنة 1953 على رأي اللجنة المالية المبينة في هذه المذكرة، كما وافق بجلسته المنعقدة في 9 من نوفمبر سنة 1955 على منح مستخدمي الدرجة التاسعة وعمال اليومية الذين يشتغلون بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل بالوزارات والمصالح المختلفة ويتعرضون لخطر الأشعة مرتب وقاية من خطر الأشعة بالفئات المبينة بالقرار المذكور.
ومن حيث إن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 7 من يناير سنة 1953 و9 من نوفمبر سنة 1955 قد صدرا في شأن الموظفين والعمال الذين يعملون بجهات معينة وردت على سبيل الحصر وهي أقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل بالوزارات والمصالح المختلفة وأن أحكامهما مقصور تطبيقها على هؤلاء فلا ينصرف أثرها إلى من عداهم ممن يشغلون وظائف في جهات أخرى.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 قد تضمن الموافقة على منح بدل وقاية من خطر الأشعة إلى الذين يشتغلون بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل لذلك يكون هذا القرار قد عمم صرف هذا البدل لجميع هؤلاء العاملين دون تحديد درجة معينة للحكمة التي قام عليها القرار وهي تعرضهم جميعاً لخطر الأشعة فأصبح لهم أصل حق ثابت في هذا البدل إذ لا يتصور مع إطلاق النص أن يكون القرار قد قصد إلى حرمان من يشغلون الدرجة الخامسة فأعلى في هذه الجهات من هذا البدل ما دام الصرف كان لموجب معين توفر فيهم كما توفر في باقي زملائهم من الدرجات الأدنى، وإنه وإن كان القرار المذكور لم يحدد فئة البدل لموظفي الدرجة الخامسة فما فوقها من غير الأطباء فإنه وقد ثبت حقهم في هذا البدل فإنه لا مناص من منحهم إياه بالقدر المتيقن بفئة الدرجة الأدنى وهي فئة الدرجة السادسة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي كان يشتغل بأقسام المستشفيات وأنه منح هذا البدل حين اضطلاعه بالعمل في هذه الأقسام وهو في الدرجة السادسة واستمرت الوزارة في صرف البدل حتى بعد إيفاد المطعون ضده في بعثة إلى ألمانيا للتدريب على صيانة أجهزة الأشعة ولم يمنع عنه هذا البدل إلا بعد ترقيته إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 واستمر هذا المنع بعد عودته من البعثة للعمل بأقسام المستشفيات في 6 من يونيه سنة 1958 وظل هذا المنع إلى أن نقل المطعون ضده للعمل بإدارة التموين الطبي اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1959.
ومن حيث إنه بالنسبة لأحقية المطعون ضده في هذا البدل عن الفترة التي أوفد فيها إلى ألمانيا في بعثة للتدريب على صيانة وإصلاح أجهزة الأشعة أثناء قيامه بالعمل بأقسام المستشفيات، فإن هذا الإيفاد لن يفصم علاقته بأجهزة الأشعة والتعرض لخطرها وهو مناط استحقاق هذا البدل للعاملين بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل، ويؤيد ذلك أن الوزارة لم تمنع عنه هذا البدل أثناء مدة الإيفاد هذه في الوقت الذي كان فيه في الدرجة السادسة ومنعته عنه ابتداء من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 أثناء مدة الإيفاد بحجة أن هذه الترقية تخرجه عن نطاق العاملين بهذه الأقسام المقرر لهم هذا البدل، وهي حجة داحضة ذلك أن الترقية إلى الدرجة الخامسة لا يستتبع الحرمان من البدل على ما سلف بيانه ومن ثم فإن المطعون ضده يستحق بدل الوقاية من خطر الأشعة اعتباراً من تاريخ منعه عنه لترقيته إلى الدرجة الخامسة في 18 من نوفمبر سنة 1957 ويستمر استحقاقه لهذا البدل طوال مدة بقائه في البعثة بالفئة المقررة للدرجة السادسة.
ومن حيث إنه عن الفترة منذ تاريخ عودة المطعون ضده من البعثة واستئناف عمله بأقسام المستشفيات في 5 من يونيه سنة 1958 فإنه لما كان هذا البدل يستحق للعاملين بأقسام المستشفيات والمعامل ولا يحول دون استحقاق هذا البدل لترقيته إلى الدرجة الخامسة لذلك فإن المطعون ضده يستحق هذا البدل بالفئة المقررة للدرجة السادسة عن مدة عمله بأقسام المستشفيات في الفترة من 6 من يونيه سنة 1958 إلى 15 من أغسطس سنة 1959 تاريخ نقله إلى الإدارة العامة للتموين الطبي.
ومن حيث إنه بالنسبة للفترة التالية لتاريخ نقله إلى الإدارة العامة للتموين الطبي في 15 من أغسطس سنة 1959 فإن نقل المطعون ضده إلى الإدارة المذكورة قطع صلته بأقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل ولما كان مناط استحقاق هذا البدل التعرض لخطر الأشعة أثناء العمل في أقسام الأشعة بالمستشفيات والمعامل وهو أمر أضحى غير متوفر في المطعون ضده منذ نقله إلى الإدارة العامة للتموين الطبي لذلك فإنه لا يحق له تقاضي هذا البدل اعتباراً من تاريخ نقله.
ومن حيث إنه لذلك فإن المطعون ضده يستحق هذا البدل في الفترة من 18 من نوفمبر سنة 1957 إلى 15 من أغسطس سنة 1959 بالفئة المقررة لموظفي الدرجة السادسة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 ولا يستحق هذا البدل عن المدة اللاحقة لهذا التاريخ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون فيما قضى به من تقدير أحقية المطعون ضده في هذا البدل منذ نقله إلى إدارة التموين الطبي، ويتعين لذلك القضاء بتعديله والحكم في الدعوى على مقتضى ما تقدم مع إلزام كل من الحكومة والمطعون ضده بنصف المصروفات لإحقاق كل منهما في بعض طلباته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في أن يمنح بدل وقاية من خطر الأشعة اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1957 إلى 15 من أغسطس سنة 1959 بالفئة المقررة لموظفي الدرجة السادسة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من يناير سنة 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت كلاً من الحكومة والمدعي بنصف المصروفات.