الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 12 لسنة 36 ق جلسة 27 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 أحوال شخصية ق 93 ص 614

جلسة 27 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، وحسين أبو الفتوح الشربيني.

-------------------

(93)
الطعن رقم 12 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "الزواج". "المعاشرة أو المساكنة". "الشهادة على الزواج". إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". "أنواع البينة وشروطها".
العشرة أو المساكنة. عدم اعتبارها وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش. الشهادة على النكاح. شرطها.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". "أنواع البينة وشروطها". أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". النسب والنكاح.
الشهادة. شروطها.
النسب والنكاح. جواز الشهادة بالتسامع فيهما. شروط تحمل الشهادة.

---------------
1 - العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش، وإنما نص فقهاء الحنفية على أنه يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنده ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد، وهذا عند الصاحبين أما عند أبي حنيفة فلا يجوز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا اشتهر شهرة حقيقية وهي ما تكون بالتواتر.
2 - الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه - بالعين أو بالسماع - بنفسه واستثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع - منها بالنسب والنكاح أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً إلا أنهم اختلفوا في شروط تحمل الشهادة بها، فعن أبي حنيفة لا يشهد حتى يسمع ذلك من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار، وعلى هذا إذا "أخبره" رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول لا تحل له الشهادة ما لم يدخل في حد التواتر ويقع في قلبه صدق الخبر. وعند الصاحبين إذا أخبره بذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول يكفي وتحل له الشهادة والفتوى على قولهما، واشترطوا في الإخبار - هنا وعن العدلين - أن يكون بلفظ "أشهد" وبمعنى أن يشهدا عنده بلفظ الشهادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة سهير شوقي محمود الشهيرة "بناهد" قامت الدعوى رقم 151 سنة 1954 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد أحمد الرافعي علي محمد بصفته وصياً على القاصرين آمال ومنير منصور الجبلاوي تطلب الحكم بثبوت وفاة زوجها منصور أمين الجبلاوي وانحصار ميراثه الشرعي فيها وفي ابنه منها عبد المنعم القاصر المشمول بوصايتها مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالت شرحاً لدعواها إن المرحوم منصور أمين الجبلاوي كان مسيحياً ثم أعتنق الدين الإسلامي بموجب إشهاد صادر من محكمة عابدين الشرعية بتاريخ 9/ 3/ 1942 وكانت له زوجة مسيحية تدعى إحسان عوض سليمان ورزق منها بولدين هما آمال ومنير. ثم طلقها بإشهاد رسمي أمام محكمة مصر الشرعية بتاريخ 9/ 5/ 1942 وتوفى بالمستشفى الإيطالي في 15/ 5/ 1952 وترك ما يورث عنه شرعاً تركة تقدر بمبلغ 36 ألف جنيه وانحصر ميراثه الشرعي فيها باعتبارها زوجته التي بقيت في عصمته إلى تاريخ وفاته وفي ابنه منها عبد المنعم دون شريك ولا وارث سواهما وتستحق الثمن فرضاً ويستحق ابنها باقي التركة تعصيباً أما ولداه آمال ومنير فلا يرثان شرعاً لاختلافهما ديانة مع المورث وإذ امتنع المدعى عليه عن تسليمها أعيان التركة دون حق فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها وبعد إلغاء المحاكم الشرعية أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 572 سنة 1956 وأنكر المدعي عليه نسب الولد عبد المنعم إلى المتوفى كما نفى قيام الزوجية بين المدعية والمتوفى المذكور وأضاف بأنها اصطنعت عقداً لإثبات زوجيتها من المورث وثبت تزويره وقدمت للمحاكمة في القضية رقم 2430 سنة 1953 جنح السيدة وبتاريخ 13/ 1/ 1957 قررت المحكمة وقف السير في الدعوى إلى أن يفصل نهائياً في الجنحة المذكورة وبعد أن تم الفصل فيها جددت المدعية السير في دعواها ضد آمال ومنير ولدي المتوفى لبلوغهما سن الرشد وضد أحمد الرافعي باعتباره واضعاً يده على التركة وقصرت طلباتها على نصيب ابنها عبد المنعم استناداً إلى أن الحكم بتزوير الورقة العرفية الدالة على الزواج لا تأثير له في دعوى النسب التي يصح إثباتها بكافة الطرق. وبتاريخ 25/ 5/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها ومن باب الاحتياط إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات نسب ابنها للمورث وقيد هذا الاستئناف برقم 90 سنة 81 قضائية وبتاريخ 21/ 2/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً للمستأنف عليهما الأولى والثاني وغيابياً للمستأنف عليه الثالث بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أنها رزقت بالولد عبد المنعم من فراش المرحوم منصور أمين الجبلاوي ولتثبت كذلك بالطرق عينها ردة آمال ومنير منصور أمين الجبلاوي عن دين الإسلام ولينف المستأنف عليهم ذلك بالطرق عينها وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 30/ 1/ 1966 فحكمت حضورياً وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القواعد الشرعية وأخطأ في تطبيقها من وجوه (أولها) أنه لم يعتد بالعشرة كدليل على ثبوت الزوجية في حين أنه من المقرر شرعاً أن العشرة متى ثبتت كانت عشرة الزوجية لا عشرة الصداقة التي لا تقرها الشريعة الإسلامية بحيث إذا رؤى رجل وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وسع كل من رآهما كذلك أن يشهد بالزوجية بينهما وعلى القاضي أن يقبل هذه الشهادة ويقضي بها. والثابت في الدعوى من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً أن الطاعنة كانت تعاشر المتوفى في منزله بشارع أحمد بدوي ولا يوجد معهما أحد سواهما وتلك هي العشرة الشرعية التي أرادها الفقه واعتبرها دليلاً على حصول الزوجية. ولا وجه للقول بأن العشرة هي المخالطة الجنسية بين الزوجين إذ أن ذلك من الأسرار التي يحرص الإسلام على إخفائها إخفاء تاماً عن جميع الناس والإسلام في تقريره هذا يرى الواقع ويرتب عليه قواعده وأحكامه لأن الناس كافة وخاصة في المدن لا يكادون يعرفون الزواج بين الزوجين ويدركونه إلا على أنه سكنى الزوجين في مسكن واحد وإذ خالف الحكم هذه القاعدة فإنه يكون باطلاً شرعاً (وثانيها) أنه أهدر أقوال شهود الإثبات استناداً إلى ما قرره من أنه يشترط في الشهادة بالتسامع أن تكون متواترة أو مشهورة وهو تقرير مخالف للقواعد الشرعية ومقتضاها أن علم الشاهد بالزوجية عن طريق السماع يحصل بإخبار اثنين له بها وتقبل شهادته دون حاجة لاشتراط التواتر أو الشهرة وأن النسب حق من حقوق الله سبحانه فتجوز فيه الشهادة حسبة ويثبت بها وإذا ثبت لا يرتفع، والشهادة مظهرة للحكم الثابت لما في النسب من الصالح العام لكل من الناس (وثالثها) أنه اشترط لثبوت النسب ألا يكون الزوج عنيناً أو عقيماً وعول في نفي نسب الولد عبد المنعم على ما شهد به الدكتور يوسف رزق الله من أن مرض المتوفى جعله عنيناً بينما نص الفقه على أن زوجة العنين لو أتت بولد ثبت نسبه (ورابعها) أنه استند في قضائه إلى أقوال الشاهدين يوسف رزق الله وعدلي جرجس في حين أنهما مسيحيان ولا تصح شهادتهما شرعاً على المسلم لا باعتبارها شهادة ولا على أنها قرينة.
وحيث إن هذا السبب مردود في الوجه (الأول) منه بأن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش وإنما نص فقهاء الحنفية على أنه يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنده ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد. وهذا عند الصاحبين أما عند أبي حنيفة فلا يجوز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا اشتهر شهرة حقيقية وهي ما تكون بالتواتر؛ إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعتبر مجرد مساكنة للمتوفى دليلاً على ثبوت النكاح بينهما فإنه لا يكون قد خالف القواعد الشرعية. ومردود في الوجه (الثاني) بأن الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه واستثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع - منها النسب والنكاح - أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً إلا أنهم اختلفوا في شروط تحمل الشهادة بها فعن أبي حنيفة لا يشهد حتى يسمع ذلك من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار وعلى هذا إذا "أخبره" رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول لا تحل له الشهادة ما لم يدخل في حد التواتر ويقع في قلبه صدق الخبر. وعند الصاحبين إذا أخبره بذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول يكفي وتحل له الشهادة والفتوى على قولهما، واشترطوا في الإخبار - هنا وعن العدلين - أن يكون بلفظ "أشهد" وبمعنى أن يشهدا عنده بلفظ الشهادة، إذ كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "شهادة شهود المستأنفة لا تؤدي بحال إلى إثبات الزوجية والنسب لأنهم جميعاً عدا الأول والثاني سمعوا بالزوجية من المستأنفة أو نقلاً عنها إذ يقرر الشاهد الثالث عبد الفتاح إبراهيم أحمد حسين أن المستأنفة صديقة زوجته وأن بنت خاله المستأنفة هي الأخرى صديقة زوجته وأنه عرف من المستأنفة بوفاة منصور الجبلاوي سنة 1952 على دين الإسلام وعرف من زوجته وهي صديقة المستأنفة أن المستأنفة كانت حاملاً وعرف من بنت خاله المستأنفة أن منصور الجبلاوي متزوج من المستأنفة فأقواله بالنسبة للزوجية والحمل منقولة إما عن الزوجة مباشرة أو عن زوجة الشاهد نقلاً عن المستأنفة أو عن بنت خاله المستأنفة نقلاً عن المستأنفة أيضاً وكذلك الشاهد الرابع ماهر كامل إبراهيم إذ يقرر أن المستأنفة صديقة شقيقته كوثر كامل إبراهيم وأنه عرف بالزوجية والحمل نقلاً عن أخته بحكم صداقتها بالمستأنفة ومعنى ذلك أن المستأنفة هي مصدر العلم بالزوجية والحمل والشاهدتان الخامسة والسادسة تقرران أن مظهر حياة المستأنفة مع المتوفى كان مظهر حياة زوجية وقالت أولاهما أنها تعرف المستأنفة عن طريق بنت خالتها وقالت ثانيتهما أنها كانت تغسل ملابس المستأنفة بأجر وأنها حضرت الولادة فمصدر علم الاثنين هو إما المستأنفة ذاتها أو بنت خالة المستأنفة نقلاً عن المستأنفة أما الشاهدة السابقة من شهود المستأنفة فهي زوجة البواب الذي كان في خدمة المتوفى وطرده قبل وفاته بشهر واحد باعتراف نفس الشاهدة المذكورة فهي موتورة واعترفت بأن مصدر علمها بالحمل هو المستأنفة ذاتها أما الشاهد الأول من شهود المستأنفة فقد قال بأنه سمع بالزوجية من المترددين ولم يحدد هؤلاء المترددين ولم يذكر اسم واحد منهم ولم يبين مناسبة وظروف هذا العلم من المترددين وعبارته عامة لا تدل على شيء فضلاً عن ثبوت الخصومة بينه وبين المستأنف عليهما الأول والثاني بسبب دعوى تخفيض أجر سكنه وطلبه استرداد ما دفعه من زيادة من الأجر والشاهد الثاني من شهود المستأنفة وهو الوحيد من بين الشهود الذي انفرد بالقول بأنه سمع الزوجية من المتوفى فروايته في هذا الخصوص إن صحت لا تثبت زوجية ولا تثبت نسباً لأنه يقرر أنه ذهب لزيارة المتوفى لما علم بوجود زوجته الغضبى لديه وقد ضايقه أن تلجأ زوجته للمتوفى إذ أنها أقحمت على حياتهما الزوجية أجنبياً عنهما وضايقه وأحنقه أن المتوفى رجل موسر وأنه هو رقيق الحال ويقرر أن المتوفى نصحه وأعطاه درساً في الحياة الزوجية ثم نادى على المستأنفة ولما حضرت قدمها إليه على أنها زوجته وقدمت المستأنفة إليه الليموناده كتحية وقال إن هذه هي المرة الوحيدة التي زار فيها المتوفى ومن الغريب أن لا تكون المستأنفة إذا كانت حقاً زوجة المتوفى موجودة مع زوجة الشاهد عند دخول الشاهد، وترى المحكمة أن المتوفى إذا كان قد قدم المستأنفة للشاهد على أنها زوجته فهو قد فعل ذلك ليطمئن الشاهد الغاضب الحانق من لجوء زوجته لأجنبي عن الأسرة ووجودها معه وحدهما عند دخول الشاهد وإلا فكيف يعلل عدم تقديم المتوفى المستأنفة لطبيبه المعالج لمدة سنتين على أنها زوجته مع أن تقديمها للطبيب بصفتها زوجته أمر لازم للعلاج واتباع نظامه ولما لم يقل لوكيل أعماله والذي كان يتردد عليه في فترة مرضه ولصديقه الذي كان يزوره في منزله أثناء مرضه والذي نقله إلى المستشفى في اليوم السابق على وفاته وكلاهما كان يرى المستأنفة في خدمة المتوفى، لماذا لم يقل لها أو لأيهما أنها زوجته وإذا كان من المقرر فقهاً أن النكاح يثبت بالتسامع وكذلك يثبت النسب بالتسامع فإن شهادة شهود المستأنفة ليست شهادة بالتسامع لأن التطبيق الصحيح لقاعدة جواز الشهادة بالتسامع أن يشهد الشاهد بما هو متواتر ومشهور أي أن يكون الشاهد قد سمع بما يشهد به من الناس أو العامة بحيث يقع في نفسه صدق ما سمع به أما الشهادة نقلاً عن التي تدعي النكاح والنسب فهي ليست شهادة تسامع يجوز بها إثبات النكاح والنسب" وإن المستأنفة "قد عجزت عن إثبات زوجيتها بالمتوفى بل قدمت الأدلة على عدم قيام أو وجود تلك الزوجية ومتى انتفت الزوجية انتفى النسب" فإنه لا يكون خالف الراجح من مذهب أبي حنيفة أو أخطأ في تطبيقه. ومردود في الوجهين (الثالث والرابع) بأن الحكم قد أثبت في حدود سلطته الموضوعية عجز الطاعنة عن إقامة الدليل على صحة دعواها وفي ذلك وحده ما يكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن استناده إلى أقوال شهود النفي أو الشهادة الطبية يعتبر تزيداً والنعي عليه فيه غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق استبعد التقارير الطبية الخاصة بالمتوفى استناداً إلى أن مبناها التقدير العلمي فلا ترقى إلى مرتبة اليقين في نفي النسب ثم عاد الحكم المطعون فيه فعول عليها وفي ذلك تناقض بين الحكمين. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه رجح شهادة النفي على شهادة الإثبات وهذا منه خطأ وفساد في الاستدلال إذ أن مبنى شهادة النفي أن الطاعنة ليست زوجة ولم يعاشرها المتوفى معاشرة الأزواج وإنها كانت خادمة، في حين أن العشرة الزوجية من الأمور الخفية التي لا يمكن معرفتها إلا بالمظهر الخارجي وهو سكناهما معاً في مسكن واحد يضمهما ويغلق عليهما وهذه السكنى ثابتة في الدعوى ومسلمة بين الخصوم ومن ثم فإن القول بعدم الزوجية وأن الطاعنة خادمة للمتوفى هو استدلال فاسد ويتنافى مع القاعدة الشرعية التي تنص على أن من رأى اثنين يتعاشران وسعه أن يشهد بالزوجية بينهما.
وحيث إن النعي في هذين السببين مردود بما سبق الرد به على السبب الأول من أن الحكم مقام في أساسه على عجز الطاعنة عن إثبات دعواها وأن استدلاله بالتقارير الطبية وشهادة النفي هو من قبيل التزيد الذي لا يعيبه الخطأ فيه على فرض حدوث هذا الخطأ.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أنه ساند المطعون عليهم في دفاعهم ضابط الشرطة البير زكي زوج والدة المطعون عليها الأولى والثاني والضابط كمال الجبلاوي ابن أخ المتوفى وآخرون من الأقارب وأن الضابطين سالفي الذكر هما اللذان دبرا جميع الشكاوى الإدارية التي ركن إليها المطعون عليهم ونتيجة لذلك حررت المحاضر وفق مصلحة الخصوم دون عضد أو معين للطاعنة كما أثر تدخل الضابطين على شهود النفي مما يجعل شهادتهم غير مقبولة.
وحيث إن هذا السبب مرددو بأنه جدل يتعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الدعوى ولا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.

الطعن 35 لسنة 32 ق جلسة 10 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 أحوال شخصية ق 125 ص 787

جلسة 10 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: أحمد شمس الدين علي، وعبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي.

----------------

(125)
الطعن رقم 35 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين". "ثبوت النسب".
الفراش الصحيح. زواج صحيح أو فاسد أو وطء بشبهة. ثبوت النسب. الزنا لا يثبت به نسب.
(ب) إثبات. تقدير الدليل. البينة.
الاطمئنان إلى شهادة الشهود أو عدم الاطمئنان إليها. أمر موضوعي.

------------
1 - إذا كان ما استظهره الحكم لا ينبئ عن قيام زواج صحيح أو فاسد أو وطء بشبهة بين الطاعنة والمطعون عليه مما يعتبر فراشاً صحيحاً يثبت معه نسب الصغير إليه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون فيما قرره من أن الولد المطلوب إثبات نسبه ابن المطعون عليه من الزنا يكون على غير أساس (1).
2 - الاطمئنان إلى شهادة الشهود أو عدم الاطمئنان إليها مرده وجدان القاضي وشعوره وهو أمر يستقل به قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة رفعت على المطعون عليه الدعوى رقم 849 سنة 1958 كلي القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية طلبت فيها الحكم بثبوت نسب الولد "وحيد" إليه وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجت المطعون عليه بدون وثيقة زواج رسمية ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ورزقت منه على فراش الزوجية بالولد المذكور في 12/ 3/ 1958 وأنكر المطعون عليه الدعوى وطلب رفضها. وبتاريخ 9/ 11/ 1959 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أنها رزقت على فراش الزوجية الصحيحة من المدعى عليه بالولد "وحيد" الذي ولد يوم 12/ 3/ 1958 ولينفي المدعى عليه ذلك بنفس الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 13/ 6/ 1960 فحكمت حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية المصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 154 سنة 77 ق طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها ومن باب الاحتياط إحالة الدعوى على التحقيق لتقدم ما لديها من إثبات وأجابتها المحكمة إلى هذا الطلب وأحالت الدعوى على التحقيق لتثبت المستأنفة بكافة طرق الإثبات أن المستأنف ضده تزوجها بعقد زواج عرفي وأنه كان يعاشرها معاشرة الأزواج وأنها رزقت منه بالولد وحيد في 12/ 3/ 1958 على فراش هذه الزوجية ولينفي المستأنف ضده ذلك بالطرق نفسها. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود المستأنفة عادت وبتاريخ 23/ 6/ 1962 فحكمت "حضورياً برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضاه من رفض دعوى المستأنفة وألزمتها المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة" فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة وعند نظره صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم - وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما أقر الحكم الابتدائي عليه من أن "الولد المطلوب إثبات نسبه ابن للمطعون عليه من الزنا الذي لا يثبت به نسب" وفيما أضافه من أن "علاقة الطاعنة بالمطعون عليه استهتار ومجانة لا يثبت معها النسب" - في حين أن النسب يحتال لإثباته لا لنفيه والزنا لا يثبت إلا إذا أقر به الطرفان وقررا أن معاشرتهما حرام وهي لا تكون كذلك إلا إذا كانت المرأة مشغولة بزواج أو محرمة على الرجل بسبب من أسباب التحريم المقررة في الشريعة الإسلامية وقد نص الفقهاء على أن كل معاشرة بين رجل وامرأة ليس بأحدهما مانع من الزوجية يثبت معها النسب باعتبارها زوجية فاسدة بغير شهود كما نصوا على أن كل كلام يدل على الرضا يكون زواجاً شرعياً وصفة كاملة للإيجاب والقبول، والزنا هنا في واقعة الدعوى منعدم إذ الثابت فيها أن المطعون عليه طلب زواجه من الطاعنة وطلبت هي تأخير هذا الزواج الكتابي أو الرسمي إلى ظروف أخرى وأنه عاشرها وتكونت بينهما علاقة حب وصداقة عن تراض كامل يثبت معها النسب وقد شهد شهود الطاعنة بأن العلاقة بينها وبين المطعون عليه هي علاقة زوجية صحيحة مؤدية لثبوت النسب وليست مجانة واستهتاراً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه يبين أنه بعد أن استعرض أوراق الدعوى وأقوال الطاعنة وشهودها خلص من سياقها إلى أن "للمدعية بشأن علاقتها بالمدعى عليه أقوال متعددة يناقض بعضها البعض حيث قد بدأت بالمحضر رقم 22 أحوال يوم 9/ 8/ 1957 قسم عابدين بتقرير أن المدعى عليه عاشرها برضائها بعد أن مناها بزواجها فلما حملت تنكر لها ثم عادت في ختام أقوالها لتقرر أن ذلك الزوج الذي كان يمنيها به المدعى عليه قد تم فعلاً وتحررت به ورقة عرفية أخذها المدعى عليه مع صورتها بدعوى إثبات تاريخها ثم احتفظ بها وما كان أجدر بالمدعية لو صدقت دعواها أن زواجاً تم بينها وبين المدعى عليه أن تبدأ بتقرير ذلك وتأكيد أن حملها منه قد تم في حل شرعي لا أن تبدأ بتقرير أن معاشرتها للمدعي عليه وحملها منه كان سفاحاً ثم تعود بعد أن انتهت من تفصيل أقوالها وكأنها تذكرت شيئاً فتدعي أنها زوجة وأن حملها كان نتيجة معاشرة مشروعة ثم إنها بشكواها للسيد مدير عام المستشفيات وإلى السيد وكيل نيابة جنوب القاهرة والسيد وكيل نيابة عابدين تؤكد أنها ما سمحت بنفسها للمدعى عليه إلا بعد أن تم الزواج بينهما وبعد أن تحرر عن ذلك الزواج عقد عرفي ثم كان أن تردد عليها المدعى عليه بعد ذلك بمحل إقامتها بفندق ناسيونال وعاشرها معاشرة الأزواج ثم عادت فنقضت ذلك وقررت بالتحقيقات التي أجريت عن شروعها في الانتحار وفي شكواها للنيابة أنها عاشرت المدعى عليه بفندق ناسيونال في غير حل شرعي وبدون أن يكون قد تم بينها وبينه عقد زواج على أنها أمام المحكمة ذهبت لأكثر من ذلك إذ قررت أن المدعى عليه شاب طائش يريد أن يقضي وطراً منها ويذهب لشأنه فخلعت عن نفسها ملابسها وسمحت له أن يأتيها على ذلك الأساس ثم أمعنت في تأكيد أن معاشرة المدعى عليه لها كانت زناً صريحاً غير مستور بتقريرها أن المدعى عليه ألح في طلب الزواج منها وأن يعقد عليها عقداً شرعياً يكون إثباته بوثيقة رسمية وأنها هي التي أبت ذلك ورفضته وفضلت عليه أن تكون معاشرتهما سفاحاً ولما اعترضت إدارة الفندق على تردده عليها غاظها ذلك وتركت الفندق إلى بنسيون شاهدتها الأولى ليسهل تردد المدعى عليه عليها ومعاشرته لها دون حاجة لأن يتم عقد زواج بينهما وكذلك فإنها في شكواها لقسم عابدين تقرر أن المدعى عليه عقد عليها من شهر سابق وأنها قد جاوزت الشهر ونصف الشهر من حملها ثم عادت لتقرر بعد ذلك بيومين في تحقيقات شروعها في الانتحار ما يفهم منه أن المدعى عليه قد عقد عليها إثر انتقالها للإقامة بفندق شاهدتها الأولى إذ أنها قررت أنها لما انتقلت إلى ذلك الفندق الأخير واستأجرت غرفة استأجر المدعى عليه غرفة أخرى به ثم لما أراد دخول حجرتها اعترضت صاحبة الفندق فأطلعها على أوراق كان قد أعدها أثبت فيها زواجهما وبذلك انتهى اعتراض صاحبة الفندق وسمحت للمدعي عليه بدخول حجرتها وتيسر له بذلك معاشرتها وهذا ما أكدته في أقوالها أمام هذه المحكمة إذ قطعت بأن المدعى عليه عقد عليها في اليوم الثاني مباشرة لانتقالها للإقامة بفندق شاهدتها الأولى وهي تناقض ذلك وتهدمه بقولها في تحقيق شكواها إلى السيد رئيس نيابة جنوب القاهرة أنها عاشرت المدعى عليه شهراً بفندق ناسيونال ثم شهرين ببنسيون تيواد لفى هاوس ثم بعد ذلك وقبل بدء النزاع بينهما بخمسة عشر يوماً فقط عقد عليها وحرر عن ذلك العقد ورقة غير رسمية وإذا كانت المدعية في شكواها الأولى بقسم عابدين قد قررت أن المدعى عليه إذ عقد عليها وحرر عن ذلك ورقة عرفية فقد احتفظ بها بحجة تسجيلها فإنها عادت بعد ذلك لتقرر أن المدعى عليه قد أودعها أوراق ذلك العقد وأنها إذ اكتشفت حملها بحثت عن تلك الأوراق وأيضاً عن الصور التي تجمعها بالمدعى عليه وخطاباته إليها فلم تجدها حيث كانت تحتفظ بها في غرفتها ثم عادت مرة ثالثة تقول إن المدعى عليه قد استرد منها أوراق ذلك العقد العرفي ذات يوم تحريره بدعوى إثبات تاريخه رسمياً بينما في شكواها للسيد مدير عام المستشفى الجامعي تقول إنها لم تسلمه ورقة الزواج العرفي إلا بعد أن ظهرت عليها أعراض الحمل" وأن "أقوال المدعية صريحة في أن ولدها ثمرة سفاح لم يكن لديها شبهة في صفته تلك بل على الضد قد قطعت هي بعلمها بتلك الصفة وإصرارها على أن يكون ذلك هو حقيقة علاقتها بالمدعى عليه بل وتفضيلها تلك العلاقة على الزواج الصحيح الثابت بورقة رسمية" - وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن أحال الدعوى على التحقيق لتقدم الطاعنة ما لديها من إثبات انتهى في قضائه إلى أن "المحكمة لا تطمئن إلى شهادة الشهود الذين أحضرتهم المستأنفة وسمعت المحكمة شهادتهم ذلك لأن الثابت من مراجعة دفتر نزل تيوادلفى هاوس الذي اطلعت عليه المحكمة والذي دون ما به الحكم المستأنف تدويناً صحيحاً أن المستأنف ضده لم ينزل بهذا المنزل إلا ليلتين اثنتين حيث نزل به يوم 17 يونيه سنة 1957 ثم ترك الإقامة به يوم 18 منه ثم نزل به يوم 26/ 6/ 1957 ثم ترك الإقامة به في يوم 27 منه وأن المستأنفة لم تكن مقيمة بهذا المنزل في الليلة الأخيرة ومفاد هذا أنهما لم يلتقيا بهذا المنزل إلا ليلة واحدة بينما شهد أمام هذه المحكمة شهودها الأول والثالث والشاهدتان الأخيرتان وهما من موظفي المنزل كما تقولان إنه كان مقيما بالمنزل وظل شهرين وكسور كما تقول الشاهدتان الأخيرتان وأن الشاهد الأول كان يسهر معه ومع المستأنفة طوال الأسبوع الذي قضاه بالمنزل ولما عزل منه كان يحضر للمنزل خمسة أيام من كل أسبوع من التاسعة مساء إلى الثانية عشرة وقرر الشاهد الثالث أنه رآه بالمنزل مرتين أو ثلاثة وهذا التناقض بين ما هو مدون بسجل المنزل وبين ما قرره الشهود وعلى هذا النحو يجعل المحكمة غير مطمئنة لشهادتهم، ومن ناحية ثانية فإن الثابت من إقرارات المستأنفة أنها عاشرت المستأنف ضده وخلعت ملابسها وخالطها جنسياً أكثر من مرة بدون زواج بفندق ناسيونال الذي كانت تنزل به أولاً كما أن الثابت من أقوال شهود المستأنفة أن جميع من كانوا بهذا المنزل شباناً ولم تكن هناك سيدة غير المستأنفة (أقوال الشاهد الأول) والمعاشرة بين ذكر وأنثى في مثل هذه الأماكن هذا حالها لا تعتبر معاشرة زوجية يشهد من رآها بالزوجية وإنما هي استهتار ومجانة لا يثبت بها نسب ولا يوثق معها بشهادة من شهد أنها معاشرة زوجية لما عساها تحوي من أغراض ودوافع أما شهادة الشاهد الثاني وهو حلاق السيدات فإن التصنع فيها واضح فبينما يقرر أن أخت المستأنف ضده زبونته إذا به لا يعرف اسمها ثم إنه استقى شهادته من المستأنفة وفضلاً عن ذلك فإنه مجازف إذ كيف يعرف معلومات عن شخص لم يره إلا مرتين كما يقول إحداهما من وراء زجاج والثانية عندما جاء يسأل عن المستأنفة وكان ذلك من خمس سنين وأما الشاهدتان أخت المستأنفة وخادمتها فغير منتجة في الدعوى لأن الخادمة لم تشهد بشيء مفيد فتكون شهادة الأخرى غير معتبرة شرعاً يضاف إلى ذلك أن الثانية ذكرت أن حضور الطرفين عندها كان في أغسطس سنة 1957 بينما الثابت من سجل المنزل المذكور أن أختها كانت بمصر في هذه المدة وقد كان النزاع محتدماً بين الطرفين في هذا الشهر واتخذ مظاهره بالشكوى للنيابة والبوليس وبما أنه يتعين لكل ذلك إهدار شهادة الشهود الذين شهدوا أمام هذه المحكمة" وهذا الذي استظهره الحكمان لا ينبئ عن قيام زواج صحيح أو فاسد أو وطء بشبهة بين الطاعنة والمطعون عليه مما يعتبر فراشاً صحيحاً يثبت معه نسب الصغير إليه.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قرره من أن المحكمة لا تطمئن إلى شهادة الشهود الذين أحضرتهم الطاعنة لأنه ثابت من إقراراتها أنها عاشرت المطعون عليه وخلعت ملابسها وخالطها جنسياً أكثر من مرة بدون زواج بفندق ناسيونال فتكون شهادتهم غير مقبولة - في حين أن هذه المخالطة الجنسية التي سلم بها الحكم هي الزواج بصفة كاملة غير منقوصة وهي الدخول في النكاح الفاسد الذي نص عليه الفقهاء وفي حين أن شهادة الشهود لها نظام في الأحكام الشرعية وتحكمها المادة 280 من القانون رقم 78 لسنة 1931 ولا يجوز إهدارها إلا إذا أقام الدليل القاطع على فسادها أو نقصها أو كذبها أو غير ذلك مما نص عليه شرعاً ويكفي في تأييد شهادتهم أن المطعون عليه أقر بعلاقته بالطاعنة وأنه اتصل بها وجانسها مجانسة الجنس للجنس وهذه العلاقة تعتبر فراشاً صحيحاً يثبت به النسب ولا ينتفي.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بما سبق الرد به على السببين الأول والثاني ومردود في الشق الثاني بأن الاطمئنان إلى شهادة الشهود أو عدم الاطمئنان إليها مرده وجدان القاضي وشعوره وهو أمر يستقل به قاضي الموضوع، وفي أسباب الحكم المطعون فيه ما يؤدى - وعلى ما سبق بيانه - إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) راجع نقض 17/ 1/ 1962 الطعن 10 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 72.

الطعن 45 لسنة 30 ق جلسة 16 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 أحوال شخصية ق 11 ص 104

جلسة 16 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب فراج.

---------------

(11)
الطعن رقم 45 لسنة 30 "أحوال شخصية"

(أ) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع. وقف. "شرط الواقف".
لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو رفضه متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها. حسبما أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهت إليه. مثال في دعوى وقف.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق" "ما لا يعد كذلك". وقف. "إشهاد الوقف". "الشروط العشرة".
مثال في دعوى وقف.
(ج) نقض. "حالات طعن بالنقض". "مخالفة القانون". وقف. "إشهاد الوقف". الشروط العشرة.
استخلاص الحكم من عبارات إشهادي الوقف والتغيير أن لزوجة الواقف حتى تكرار استعمال الشروط العشرة. لا مخالفة في ذلك لحكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة. ولا لحكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور.

---------------
1 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو رفضه متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها وكانت الأسباب التي أوردتها سائغة وتؤدى إلى ما انتهت إليه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الواقف نص صراحة في إشهاد التغيير على أن يكون لزوجته ما هو مشروط له في الوقف وكان من المشروط له استعمال الشروط العشرة مع التكرار ولم يقدم الطاعن ما ينفي هذا الذي أورده الحكم فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق يكون عارياً عن الدليل.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن لزوجة الواقف حق تكرار استعمال الشروط العشرة بحسب ما استخلصه من عبارات إشهادي الوقف والتغيير، فإنه لا يكون قد خالف حكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة، ولا حكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور الذي لم يجيز الشروط العشرة لغير الواقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين عن الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى الابتدائية أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية ضد المطعون عليها بصفتها ناظرة على وقف المرحوم محمد راتب سردار الجهادية سابقاً بطلب بطلان إشهاد التغيير الصادر في 17/ 11/ 1931 ومنع تعرضها له في ذلك... وبعد توحيد جهات القضاء أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وقيدت بجدولها رقم 6 سنة 1956 كلي وقال الطاعن في بيان دعواه إن المرحوم محمد راتب سردار الجهادية سابقاً وقف بمقتضى إشهاد صادر منه أمام محكمة مصر الشرعية بتاريخ 20/ 6/ 900 الأعيان المبينة بهذا الإشهاد على نفسه مدة حياته ومن بعده يكون منها 105 ف و13 ط و16 س من الأطيان الزراعية وقفاً على جهات خيرية عينها بكتاب وقفه أما باقي الأعيان الموقوفة فتكون من بعده وقفاً على زوجته السيدة كليرى هانم الجركسية وعلى من سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً حسب الفريضة الشرعية ثم على أولاد أولاده حسبما هو مبين بكتاب الوقف وإذا انقرضت الذرية يكون وقفاً على زوجته المذكورة مدة حياتها ثم من بعدها على أخوى الواقف لوالده وهما محمود طلعت وعلى رضا بالسوية بينهما مدة حياتهما ثم من بعد كل منهما يكون نصيبه وقفاً على أولاده وذريته ونسله طبقة بعد طبقة على النص والترتيب المشروحين في أولاد الواقف وذريته - وقد شرط الواقف لنفسه الشروط العشرة لمن يشاء متى شاء وأن يفعل الشروط المذكورة كلها أو بعضها ويكررها الكرة بعد الكرة والمرة بعد المرة كلما بدا له فعله مدة حياته - وبما للواقف من الشروط المذكورة أشهد على نفسه أمام ذات المحكمة في 13/ 3/ 1910 بأن أدخل مرشدة عبد الله بحق الثلث مع أخويه المذكورين ومن بعدها على أولادها وشرط في وقفه لزوجته السيدة كليرى من بعده ما هو مشروط له فيه لمن شاءت متى شاءت وذلك على الوجه المبين بالحجة وبإشهاد محرر في 4/ 6/ 1916 أمام محكمة الإسكندرية الشرعية أخرج الواقف مرشدة عبد الله المذكورة وأحل بدلها قريبته السيدة خاتون حلمي في الثلث الموقوف عليها ثم من بعدها على أولادها وذريتها وشرط لزوجته السيدة كليرى ما هو مشروط له فيه من الشروط العشرة لمن شاءت ومتى شاءت مدة حياتها وليس لأحد من بعدها فعل شيء من ذلك. وقد توفي الواقف من غير عقب والوقف على حاله. وفي 11/ 3/ 1924 أشهدت السيدة كليرى المذكورة لدى محكمة الجمالية الشرعية بأنها بمالها من الشروط العشرة أدخلت في الوقف عبد اللطيف أغا بمرتب شهري قدره 12 جنيها يصرف له مما هو موقوف على أخوى الواقف والسيدة خاتون مدة حياته ثم من بعده يرجع لأصل الوقف - وقد توفي المذكور في حياتها. وبعد وفاته أشهدت في 17/ 11/ 1931 لدى محكمة مصر الشرعية بأنها أخرجت الموقوف عليهم أخوى الواقف والسيدة خاتون وذريتهم كما أخرجت الجهات الخيرية التي عينها الواقف وجعلته من بعدها وقفاً يصرف ريعه على المعهد العلمي المعروف باسم الجمعية الجغرافية - واستطرد الطاعن إلى القول بأن إشهاد التغيير الأخير قد صدر باطلاً لأن السيدة كليرى قد استعملت حقها في التغيير بمباشرته في الإشهاد الأول فليس لها حق التغيير مرة أخرى إذ لم يشترط لها الواقف حق التكرار كما أنه وقع باطلاً وفقاً لحكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946. ثم عقب الطاعن على كل ذلك بأنه ابن المرحوم محمد علي راتب ابن علي رضا أخ الواقف لوالده وأنه بهذه الصفة من مستحقي هذا الوقف حتى 14/ 9/ 1952 وقد منع عنه الناظر السابق استحقاقه وأقيمت وزارة الأوقاف في النظر على هذا الوقف بحجة أنه وقف خيري مع أن بعضه أهلي وأنه لذلك يطلب الحكم ببطلان إشهاد التغيير الصادر في 17/ 11/ 1931. وبتاريخ 13/ 11/ 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 212 كلي سنة 74 ق أمام محكمة استئناف القاهرة (دائرة الأحوال الشخصية) طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 27/ 10/ 1960 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعات وتأييد الحكم المستأنف...... وطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29/ 5/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 5/ 12/ 1962 وفيها قرر الدفاع عن الطاعن بتنازله عن السبب الأول من أسباب الطعن وصمم على ما جاء بباقي الأسباب وطلب نقض الحكم المطعون فيه وأصرت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني بأن الحكم جاء مشوباً بفساد في الاستدلال وخطأ في الإجراءات ومخالفة قواعد المرافعات - ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات الإكراه على ما قرره من أن الأوراق التي قدمها الطاعن للاستدلال على أن الجمعية الجغرافية لم يصلها شيء من الريع هي أوراق عرفية وغير منتجة في إثبات الإكراه وأن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد مضي عشرين سنة على صدور الإشهاد وبعد صدور قانون حل الوقف في حين أن هذا الأوراق لم تقدم لإثبات الإكراه وإنما قدمت كقرينة على اغتصاب الوقف وريعه من السلطة التي قيل بصدور الإكراه منها وأن الجمعية الجغرافية لم تكن إلا ستاراً لهذا العمل - وقد كان المقصود إثبات الإكراه بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق بالبينة لا بالقرائن أو تكملة الدليل الناقص من هذه الأوراق بسماع شهادة الخبير المحاسب الذي صدرت عنه هذه الأوراق - ولأن الإكراه كان موجوداً طوال مدة العشرين سنة بسبب إكراه السلطان الذي أنتج تغيير إشهاد الوقف. وأمر السلطان يعتبر إكراهاً يوجب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وهو ما تمسك به الطاعن في دفاعه بجلسة 19/ 10/ 1960 ولكن الحكم لم يعن بمناقشة هذا الدفاع.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الإكراه المدعى بوقوعها على المشهدة على ما استخلصه من وقائع الدعوى ومستنداتها من أن الطاعن لم يذكره بصحيفة افتتاح دعواه وأنه لم يلجأ إليه إلا بعد أن رأى أن ادعاءه بمخالفة المشهدة شرط الواقف أو نص قانون للوقف لا يسعفه في الحكم له بطلباته وأن التغيير في مصارف الوقف لم يكن للمالك أو أحد أولاده وإنما كان على جهة علمية هي الجمعية الجغرافية وأن الدعوى لم ترفع إلا بعد أن حل الوقف بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 وكان قد انقضى على إشهاد التغيير ما يزيد على العشرين سنة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو عدم إجابتهم إلى هذا الطلب متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها. وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة سائغة وتؤدى إلى ما انتهت إليه في هذا الصدد فإن هذا النعي يكون على غير أساس يتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وخلف الثابت في الأوراق - فشابه البطلان - ذلك أنه نسب إلى إشهاد الوقف المؤرخ 4 يونيه سنة 1916 أن الواقف شرط فيه لزوجته تكرار الشروط العشرة كما شرطها لنفسه وبني على ذلك قضاءه بأن المشهدة استعملت حقها الذي أعطاه لها الواقف حين غيرت في الوقف أخيراً على الجمعية الجغرافية مع أن إشهاد الوقف سالف الذكر جاء خلواً مما نسبه إليه الحكم.
ومن حيث إن النعي - مردود - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أنه "يبين من الاطلاع على إشهاد التغيير الصادر من الواقف في 4/ 6/ 1916.. أنه ذكر به صراحة أنه جعل لزوجته ما هو مشروط له في الوقف الأصلي وقد كان المشروط له فعل الشروط العشرة مع التكرار حيث ذكر أن له ولمن يشرط له الشروط العشرة أن يفعل ذلك كله أو بعضه ويكررها الكرة بعد الكرة والمرة بعد المرة كلما بدا له فعله شرعاً مدة حياته.." وإذا كان الطاعن لم يقدم ما ينفي هذا الذي أورده الحكم فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه برفض الدعوى إلى ما قرره من أن للناظرة المشهدة تكرار الشروط العشرة وأنه يتعين تطبيق أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 بعد صدوره دون نصوص الفقه التي تخالفه قد خالف أحكام المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعمول بها أمام المحاكم بعد توحيد جهات القضاء والتي تقضى بالأخذ في المسائل الشرعية بالراجح من مذهب أبى حنيفة - والمفتى به في هذا المذهب أن التكرار غير جائز إلا إذا اشترط صراحة في حجة الوقف. كما أن المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 قد أبطلت الشروط العشرة لغير الواقف تأكيداً لرأى الفقه الحنفي وأن ما ذهب إليه الطاعن قد تأيد بالفتويين المقدمتين منه في الدعوى الصادرتين من لجنة الفتوى بالجامع الأزهر ومن دار الإفتاء. هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن لزوجة الواقف المشهدة حق تكرار استعمال الشروط العشرة بحسب ما استخلصه من عبارات إشهاد الوقف الأصلي الصادر سنة 1900 وإشهاد التغيير الصادر من الواقف في 4/ 6/ 1916 فإنه لا يكون قد خالف حكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة - ولم يخالف كذلك حكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف سنة 1931 قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور ولا محل بعد ذلك للتحدث عن الفتوتين المشار إليهما بتقرير الطعن ما دام أن الطاعن لم يقدمهما وما دام أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها في قضائه ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 29 لسنة 30 ق جلسة 19 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 أحوال شخصية ق 181 ص 1146

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وقطب عبد الحميد فراج، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(181)
الطعن رقم 29 سنة 30 أحوال شخصية

(أ) حكم. "بياناته". "اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه في القضية". أحوال شخصية. نظام عام. نيابة عامة. "تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية".
وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية وإبداء رأيها فيها. بيان اسم عضو النيابة الذى أبدى رأيه في القضية. بيان جوهري. إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم. إغفال هذا البيان في الحكم الابتدائي مع تأييده من المحكمة الاستئنافية بأسباب مستقلة بعد أن أثبتت رأى النيابة واسم العضو الذى أبداه. لا محل للنعي بالبطلان في هذه الحالة.
)ب) نسب. "ثبوته". أحوال شخصية. إثبات. "الإثبات بالبينة". حكم. "تسبيبه". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". "ما تزيد فيه". محكمة الموضوع.
النسب كما يثبت بالفراش والإقرار يثبت بالبينة.
إقامة الحكم قضاءه على دعامات عدة من بينها شهادة شهود شهدوا بإسلام الطاعن وكان الدليل المستمد منها يكفي لحمله - إيراده تزيدا أن النسب يثبت مع اختلاف الدين. افتراض جدلي لم يقم عليه قضاءه. لا يعيب الحكم.

------------
1 - لئن كانت المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955(1) تنص على وجوب تدخل النيابة في كل قضية متعلقة بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلا، كما توجب المادة 349 من هذا القانون أن يكون من بيانات الحكم رأى النيابة في أحوال تدخلها، إلا أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف بأسباب مستقلة بعد أن أثبت رأى النيابة واسم العضو الذى أبداه، فإن النعي عليه بالبطلان ليس من شأنه أن يحقق سوى مصلحة نظرية صرفة لا يعتد بها بعد أن حقق غرض الشارع ومن ثم وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض يكون هذا النعي متعينا الرفض.
2 - يثبت النسب بالفراش والإقرار كما يثبت بالبينة فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت النسب على دعامات عدة من بينها شهادة الشهود الذين شهدوا بإسلام الطاعن، واستخلص منها ما يتفق والثابت في محضر التحقيق، وكان الدليل المستمد من شهادة الشهود يكفى لحمله، وكان استخلاص الواقع منها أمرا يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بتقدير الدليل، فإن النعي عليه يكون غير منتج، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم بشأن ثبوت النسب مع اختلاف الدين فهو افتراض جدلي لم يقم عليه قضاءه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها رفعت الدعوى رقم 265 سنة 1958 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب ثبوت نسب ابنها طارق إلى الطاعن وقالت شرحا لدعواها إن الطاعن تعرف عليها منذ أن كان يعطى شقيقها دروسا خاصة ثم انتدب للعراق وظلت العلاقة بينهما إذ كان يراسلها وأبدى رغبته في الزواج منها حيث اعتنق الدين الإسلامي وتسمى باسم..... ولما عاد من العراق في خلال شهر يونيو سنة 1956 عقد عليها عرفيا ريثما تصل أوراق إشهاد إسلامه من العراق وعاشرها إلى أن حملت منه في غضون شهر أكتوبر سنة 1956 ووضعت طفلها الذى سمى طارقا بتاريخ 17/ 7/ 1957 وقد تمكن الطاعن في غفلة منها من سرقة المكاتبات المتبادلة بينهما وعقد زواجه العرفي منها، وقضى في هذه الدعوى بتاريخ 14/ 6/ 1959 بثبوت نسب الصغير طارق إلى الطاعن وباعتباره والده شرعا فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 124 سنة 76 ق س القاهرة للأحوال الشخصية حيث قضى بتأييد الحكم المستأنف وأسس الحكم قضاءه على البينة الشرعية والقرائن القاطعة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10/ 2/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر الطعن بجلسة 31/ 10/ 1962 وفيها صمم الطاعن على طلباته ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعا وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتيها طالبة رفض الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل أولها في بطلان الحكم المطعون فيه إذ بنى على الحكم الابتدائي الذى أيده مستندا إلى أسبابه في حين أن هذا الحكم الأخير باطل لخلوه من تدخل النيابة ومن إبداء رأيها إذ طلبت استيفاء بعض الأوجه ولم تبد رأيا قبل الحكم في الدعوى.
وحيث إنه وإن كانت المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 تنص على وجوب تدخل النيابة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلا، كما توجب المادة 349 من قانون المرافعات أن يكون من بيانات الحكم رأى النيابة في أحوال تدخلها، إلا أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف بأسباب مستقلة بعد أن أثبت رأى النيابة واسم العضو الذى أبداه، فان النعي عليه بالبطلان ليس من شأنه أن يحقق سوى مصلحة نظرية صرفة لا يعتد بها بعد أن حقق غرض الشارع ومن ثم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يكون النعي عليه بالبطلان متعين الرفض.
وحيث إن باقى أسباب الطعن تتحصل في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون من وجوه ثلاث: أولها - أنه اتخذ من صورة محرر عرفى زعمت المطعون عليها أن الطاعن بعث به إلى جدها معلنا فيه إسلامه وزواجه منها مع أن هذه الصورة لا حجية لها قانونا في إثبات نسب الصغير إليه بعد أن جحدها الطاعن ولا توقيع له عليها - وثانيها - أنه قرر أن زواج المسيحي بالمسلمة يترتب عليه ثبوت النسب، كما أن إقرار الوكيل ولو كان في مجلس القضاء لا يكون حجة على الموكل إلا إذا كان حاضرا بالجلسة التي حصل فيها الإقرار، وهذا الذي قرره الحكم يخالف الراجح من مذهب أبى حنيفة وهو ما يتعين الأخذ به تطبيقا للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. ثالثها - أنه أقام قضاءه على البينة مع أنه لا يتوافر فيها شروط حجيتها.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، وذلك أن النسب كما يثبت بالفراش وبالإقرار يثبت بالبينة وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على دعامات عدة من بينها شهادة الشهود الذين شهدوا بإسلام الطاعن وقد استخلص الحكم منها ما يتفق والثابت في محضر التحقيق، إذ كان ذلك، وكان الدليل المستمد من شهادة الشهود يكفى لحمله، وكان استخلاص الواقع منها أمرا يستقل به قاضى الموضوع لتعلقه بتقدير الدليل، فان النعي عليه يكون غير منتج وأما ما أورده الحكم بشأن ثبوت النسب مع اختلاف الدين فكان افتراضا جدليا لم يقم عليه الحكم قضاءه ومن ثم يتعين رفض الطعن.


 (1)تنص المادة الأولى من القانون 628 لسنة 1955 على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلا".

الطعن 20 لسنة 27 ق جلسة 18 / 2 / 1960 مكتب فني 11 ج 1 أحوال شخصية ق 28 ص 181

جلسة 18 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع المستشارين.

---------------

(28)
الطعن رقم 20 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

إثبات "طرق الإثبات" "طرق الإثبات ذات القوة المحدودة" "الإثبات بالبينة" "نصاب الشهادة". أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين" "التطليق". نقض "حالات الطعن" "الخطأ في تطبيق القانون".
عدم إقرار الأحناف التطليق للغيبة ولعدم الإنفاق. إجازة الشارع له في الق 25/ 20 نقلاً عن رأي الأئمة الآخرين. النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون لقبوله دعوى تطليق لعدم الإنفاق بشهادة شاهد واحد مع أنه تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية والرأي الراجح في مذهب أبي حنيفة والقول الوحيد فيه في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن نصابها رجلان أو رجل وامرأتان - في غير محله - علة ذلك؟.

-----------------
النعي بمخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه لأنه قبل الدعوى بشهادة شاهد واحد مع أنها دعوى تطليق لعدم الإنفاق تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية والرأي الأرجح في مذهب أبي حنيفة تطبيقاً للمادة 6 من القانون رقم 462 سنة 1955 ومن قبلها المادة 280 من اللائحة الشرعية، وأن القول الوحيد فيه في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن نصاب الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان وأنه لا يوجد في مذهب الأحناف من يقول بكفاية شاهد واحد، مردود ذلك أنه لما كان التطليق للغيبة ولعدم الإنفاق لا يقوم أصلاً على رأي في مذهب أبي حنيفة إذ لا يقر الأحناف التطليق لأي من هذين السببين وإنما يقوم هذا التطليق على رأي الأئمة الآخرين وهم الذين نقل عنهم المشرع عندما أجاز في القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق لعدم الإنفاق أو للغيبة، فإنه يكون من غير المقبول التحدي برأي الإمام أبي حنيفة في إثبات أمر لا يجيزه، ومن ثم يكون هذا النعي في غير محله متعين الرفض.


المحكمة

وحيث إن وقائع الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المطعون عليها الأولى كانت زوجة للمطعون عليه الثاني، ونظراً لامتناعه عن الإنفاق عليها وغيابه إلى جهة لا تعرفها وعدم وجود مال ظاهر له رفعت ضده الدعوى رقم 221 سنة 1956 أحوال شخصية أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب تطليقها منه - فحكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها المذكورة ما تدعيه بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة، وأباحت للمطعون عليه الثاني النفي بذات الطرق، فأشهدت المطعون عليها الأولى شاهداً واحداً أيدها فيما تدعيه. ولم يحضر المطعون عليه الثاني أو يشهد أحداً - ولدى نظر الدعوى بعد ذلك طلبت النيابة العامة رفضها لأن المطعون عليها لم تشهد سوى شاهداً واحداً ونصاب الشهادة في الطلاق رجلان أو رجل وامرأتان طبقاً للرأي الراجح من مذهب أبي حنيفة الذي تقضي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بوجوب أن تصدر الأحكام على مقتضاه. وبتاريخ 29 من مايو سنة 1956 حكم المحكمة بتطليق المطعون عليها الأولى من زوجها المطعون عليه الثاني طلقة واحدة رجعية استناداً إلى أقوال شاهد المطعون عليها الأولى - فاستأنفت النيابة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا برقم 35 سنة 6 ق أحوال شخصية للمصريين - وبتاريخ 19 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 4 من إبريل سنة 1957 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم. وبتاريخ 13 من مايو سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية. وأعلن تقرير الطعن بعد ذلك إلى الخصوم تنفيذاً لأمر السيد رئيس المحكمة. وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية صممت فيها على رأيها السابق. ثم حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 24 من ديسمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الحكم المطعون فيه قبل الدعوى بشهادة شاهد واحد مع أنها دعوى تطليق لعدم الإنفاق وتحكمها قواعد الشريعة الإسلامية وما هو الرأي الراجح في مذهب أبي حنيفة تطبيقاً للمادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 ومن قبلها المادة 280 من اللائحة الشرعية. والقول في مذهب أبي حنيفة - بل القول الوحيد فيه - في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن نصاب الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان، ولا يوجد في مذهب الأحناف من يقول بكفاية شاهد واحد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الدعوى التي رفعتها المطعون عليها الأولى ضد المطعون عليه الثاني هي دعوى تطليق لعدم الاتفاق وللغيبة. ولما كان التطليق للغيبة ولعدم الاتفاق لا يقوم أصلاً على رأي في مذهب أبي حنيفة إذ لا يقر الأحناف التطليق لأي من هذين السببين، وإنما يقوم هذا التطليق على رأي الأئمة الآخرين وهم الذين نقل عنهم المشرع عندما أجاز في القانون رقم 25 لسنة 1950 التطليق لعدم الإنفاق أو للغيبة. لما كان ذلك، فإنه يكون من غير المقبول التحدي برأي الإمام أبي حنيفة في إثبات أمر لا يجيزه، ومن ثم يكون النعي في غير محله ويتعين رفضه.

الطعن 15 لسنة 27 ق جلسة 19 / 6 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 أحوال شخصية ق 78 ص 617

جلسة 19 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

-----------------

(78)
طعن رقم 15 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. طعن من يتعدى إليه الحكم. دفاع "طلب الإحالة إلى التحقيق" إثبات بالبينة. حكم. "تسبيب معيب". قوة الأمر المقضي. وقف.

رفض طلب الإحالة إلى التحقيق دون بيان سبب مقبول. قصور.

مثال في الطعن ممن يتعدى إليه الحكم الصادر باستحقاق في وقف.

-------------
إذا طعن على الحكم الصادر من المحكمة الشرعية باستحقاق أحد الأشخاص لنصيب معين في وقف تأسيساً على أن هذا الحكم تعدى إلى الطاعن بالضرر بمقولة إنه من ذرية الواقف ويستحق نصيباً في الوقف وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دعواه فلم تجب محكمة الاستئناف التي أحيل إليها الطعن بعد إلغاء المحاكم الشرعية هذا الطلب بمقولة إن محله دعوى ترفع ابتداء من الطاعن إن شاء وقضت برفض الاعتراض موضوعاً قضاء من شأنه بما تضمنته أسبابه أن يجعل الدعوى التي ترفع من الطاعن في هذا الخصوص غير مقبولة بمجرد تمسك خصمه بقوة الأمر المقضي فإن ما قالت به المحكمة لا يصلح رداً على طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ويكون الحكم إذ رفض هذا الطلب دون بيان سبب مقبول معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتلخص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المرحوم محمد رفعت مورث المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين أقام الدعوى رقم 52 سنة 1921/ 1922 محكمة القاهرة الشرعية على المطعون عليها الأولى - وزارة الأوقاف - طلب فيها الحكم باستحقاقه لنصيب معين في وقف الحاج صالح بن حسن الجباس وذلك تأسيساً على أن الواقف المذكور توفي وانحصر استحقاق الوقف في ابنه سعودي ثم توفي سعودي هذا وانحصر الاستحقاق في ابنه عبد الهادي ثم توفي عبد الهادي وانحصر الاستحقاق في ذريته ومن بينهم "المدعى". وفي 29 من نوفمبر سنة 1924 حكمت المحكمة باستحقاقه بالنصيب المبين في الدعوى فاستأنفت وزارة الأوقاف. وفي 5 من مارس سنة 1925 حكمت المحكمة العليا الشرعية بتأييد الحكم المستأنف. وفي 18 من فبراير سنة 1953 طعن الطاعن لدى المحكمة الشرعية العليا على حكمها تأسيساً على أنه تعدى إليه بالضرر بمقولة "إن سعودي ابن الواقف أعقب ولدين هما عبد الهادي وعلي وأنه - أي الطاعن - من ذرية علي ويستحق نصيباً في الوقف وطلب قبول طعنه على هذا الأساس وتقرير ما يقتضيه المنهج الشرعي. أحيل الطعن بعد إلغاء المحاكم الشرعية إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد في جدولها برقم 67 سنة 73 ق أحوال شخصية. وفي 24 من فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره صمم الطاعن على طلباته كما صممت النيابة على ما ورد بمذكرتها التي رأت فيها نقض الحكم.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم قصور تسبيبه ويقول في بيان ذلك أنه - أي الطاعن - طلب من محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دعواه بالبينة ولكنها رفضت هذا الطلب بمقولة إن محله دعوى أخرى ترفع ابتداء من الطاعن - في حين أنه كان يتعين على المحكمة وفقاً لنصوص لائحة الإجراءات أمام المحاكم الشرعية أن تنظر هي فيما يقدم لها من أدلة جديدة أو تقرر إلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للسير فيها بالطريق الشرعي.
ومن حيث إنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف بعد أن انتهت إلى أن ما قدمه الطاعن من دفاع ومستندات لا يكفي للقول بأن سعودي ابن الواقف أنجب ولداً آخر خلاف عبد الهادي قالت "وحيث إنه عن طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق فإن محله دعوى ترفع ابتداء من الطاعن إن شاء" وهذا القول من الحكم لا يصلح رداً على الطلب. ذلك لأن قضاء الحكم برفض اعتراض الطاعن موضوعاً وما يحوزه هذا القضاء من قوة الأمر المقضي فيما تضمنته أسبابه من أن سعودي ابن الواقف لم ينجب سوى ولد واحد - هذا القضاء بما تضمنه من شأنه أن يجعل الدعوى التي ترفع من الطاعن في هذا الخصوص غير مقبولة بمجرد تمسك خصومه بقوة الأمر المقضي. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق دون بيان سبب مقبول معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.