جلسة 30 من ديسمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة
المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد
وإبراهيم زغو.
-----------------
(231)
الطعون 1834 ، 1849 ، 1949 ، 1999 لسنة 51 ق
(1) قرار إداري.
القرار الإداري. ماهيته.
(2) اختصاص " الاختصاص الولائي ". قرار
إداري.
اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في طلبات إلغاء القرار الإداري
النهائي أو التعويض عنه . للقضاء العادي سلطة إعطاء الوصف القانوني لهذه القرارات
توصلا لتحديد اختصاصه في النزاع.
(3) أمر على عريضة . اختصاص " الاختصاص الولائي
".
الأوامر على عرائض . ماهيتها . تنفيذها عن طريق جهة الإدارة لا يغير من
وصفها ولا يتمخض عن قرارات إدارية . عدم التنفيذ لا يعدو أن يكون عملا ماديا تختص
المحاكم العادية بنظر التعويض المترتب عليه.
(4) حكم " أسباب الحكم . ما يعد
قصوراً".
انتهاء الحكم إلى مسئولية الطاعنين عن عدم تنفيذ أمر وقتي . دون استظهار
ما يفيد عملهما بهذا الأمر وما اذا كان يدخل في نطاق عملهما الوظيفي من عدمه . قصور
(5 ، 6) مسئولية " مسئولية تقصيرية ".
(5) المساءلة عن استعمال حق التقاضي أو الدفاع في الدعوى. مناطها.
(6) وصف الفعل بأنه خطأ من عدمه . خضوعه لرقابة
محكمة النقض
(7) نقض " أثر نقض الحكم".
انتهاء الحكم إلى مسئولية المتبوع عن التعويض على أساس ثبوت خطأ أحد
تابعيه دون غيره من سائر التابعين . نقض الحكم بشأن مساءلة هذا التابع . أثره . نقض
الحكم بالنسبة للمتبوع . علة ذلك
-------------------
1 - القرار الإداري على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة هو إفصاح جهة
الإدارة في الشكل الذى يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى
القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً ابتغاء مصلحة
عامة .
2 - خولت المادة العاشرة من قانون مجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972 محكمة القضاء الإداري دون سواها الفصل في طلبات إلغاء
القرار الإداري النهائي أو التعويض عنه ، إلا أنه لما كان القانون - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي
يهتدى بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية
العادية لها بتعطيل أو تأويل أو تعويض ، فإن وظيفة المحاكم العادية أن تعطى هذه
القرارات وصفها القانوني على هدى حكمه التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية
الأفراد وحقوقهم توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المعروض عليها .
3 - الأوامر على العرائض وعلى ما يبين من
نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول لقانون المرافعات هي الأوامر التي يصدرها قضاة
الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية ، وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من
ذوى الشأن على العرائض وتصدر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات
التي تقتضى السرعة أو المباغتة ، وهى واجبة النفاذ بقوة القانون بمجرد صدورها
عملاً بنص المادة 288 من قانون المرافعات ، ومن ثم فإن قيام جهة الإدارة بتنفيذ
أمر صادر على عريضة من قاضى الأمور الوقتية لا ينظر إليه بمعزل عن ذات الأمر ، وليس
من شأنه أن يغير من وصف هذا الأمر باعتباره صادراً من جهة القضاء ، وقد أوجب
القانون تنفيذه ، فلا يتمخض بالتالي هذا التنفيذ عن قرار إداري يتمتع بالحصانة
أمام المحاكم العادية كما أن عدم تنفيذ ذلك الأمر لا يعدو أن يكون عملاً مادياً
كاشفاً وليس منشئاً لمركز قانوني ولا يتمخض هو الآخر إلى مرتبة القرار الإداري مما
يكون معه نظر التعويض عن الخطأ في تنفيذ أو عدم تنفيذ أمر قاضى الأمور الوقتية
الصادر على عريضة منعقداً لاختصاص القضاء العادي .
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه وقد انتهى في قضائه
إلى ثبوت خطأ الطاعنين في عدم تنفيذ الأمر الصادر من قاضى الأمور الوقتية بالسماح
للمطعون ضده الأول بالسفر دون أن يستظهر ما يفيد وصول ذلك الأمر إليهما بعد إعلانه
لمدير مصلحة الجوازات وثبوت تقاعسهما وإهمالهما في اتخاذ الإجراءات اللازمة
لتنفيذه إن كانت هذه الإجراءات تدخل في نطاق العمل الوظيفي المسند إليهما ، كما
أنه ساق القول بأن هذين الطاعنين أخلا بواجبات وظيفتهما بغية مساندة الطاعنة في الطعن
رقم ... في الكيد لمطلقها ومنعه من السفر في عبارة مجملة مبهمة دون أن يورد الدليل
الذي استقى منه قيام التواطؤ ، لما كان ذلك . فإن الحكم المطعون فيه يكون عيباً
بالقصور في التسبيب .
5 - المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول،
وتنص المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني على أن من استعمل حقه استعمالاً
مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون
غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل
مصلحة من استعمال الحق، كما أن حق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من
يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق
المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
6 - وصف الأفعال بأنها خاطئة هو من مسائل
القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض .
7 - إذ كان الثابت من الأوراق أن وزارة
الداخلية "الطاعنة" قد اختصمت من المطعون ضده الأول باعتبارها مسئولة عن
أعمال تابعيها الطاعنين في الطعنين رقمي... ، ... وكان الحكم المطعون فيه قد أقام
قضاءه بتحقق مسئوليتهما عن التعويض تطبيقاً لنص المادة 174 من القانون المدني على
أساس ثبوت خطأ هذين التابعين دون غيرهما من سائر موظفي وزارة الداخلية، ومن ثم فإن
الوزارة الطاعنة تعتبر بالنسبة لهما في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون،
وإذ كانت المحكمة قد نقضت الحكم المطعون فيه بشأن مساءلة التابعين المذكورين، فإن
لا زم ذلك زوال الأساس الذى تقوم عليه مسئولية الوزارة الطاعنة ويستتبع بالتالي
نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لها أيضا دون حاجة لبحث أسباب طعنها.
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعن رقم 1834 لسنة 51ق والطعون
المنضمة أقام على الطاعنة في الطعن الأول ..... والطاعنين في الطعنين رقمي 1849،
1949 لسنة 51ق "....." "و...." الدعوى رقم 3446 سنة 76 مدني
كلي جنوب القاهرة انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له متضامنين
تعويضا مقداره خمسة وخمسون ألف جنيه، وقال شرحا لها أن الطاعنة في الطعن الأول
كانت زوجة له واستصدرت أحكاما ضده بنفقة وأجر حضانة كما استصدرت ضده الأمر الوقتي
رقم 99 سنة 1975 من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الجيزة الابتدائية بمنعه من السفر
حتى تستوفى حقوقها أو يقدم كفيلا عنه فتقدم للقاضي الآمر بكفيل طالبا قبوله
والسماح له بالسفر فصدر الأمر الوقتي رقم 101 سنة 1975 بإجابته إلى طلبه إلا أن
مطلقته تواطأت مع الطاعنين في الطعنين الثاني والثالث للإضرار به بعرقلة تنفيذ
الأمر القاضي بالسماح له بالسفر وفوجئ بإنزاله من الطائرة ومنع من السفر يوم
25/4/1979 فقدم تظلما لمصلحة الجوازات التي وافقته يوم 29/4/1976 على رفع اسمه من
قوائم المنع من السفر وأنه إذ حاق به ضرر مادي وأدبي نتيجة منعه من السفر بغير حق
فقد أقام دعواه ليحكم له بالتعويض جبرا لهذا الضرر وتدخلت وزارة الداخلية الطاعنة
في الطعن رقم 1999 لسنة 51ق في الدعوى طالبة رفضها فاختصمها المطعون ضده الأول
طالبا الحكم بإلزامها بالتعويض المطلوب متضامنة مع تابعيها ...... و....... دفعت
وزارة الداخلية بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وبتاريخ 18/3/1979 قضت
المحكمة برفض الدفع، استأنف الطاعنان في الطعنين 1849، 1949 سنة 51ق هذا الحكم
بالاستئنافين رقمي 2440 سنة 96ق و264 لسنة 97ق وبتاريخ 22/7/1980 حكمت محكمة أول
درجة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 5238 لسنة
97ق القاهرة وبتاريخ 28/5/1982 قضت محكمة الاستئناف أولا بعدم جواز الاستئنافين
رقمي 2440 سنة 96ق، 2645 لسنة 97ق – ثانيا: وفي موضوع الاستئناف رقم 5238ق بإلغاء
الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم "الطاعنين" في الطعون الأربعة
متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 2000 جنيها، طعن كل من الطاعنين في هذا الحكم بطريق
النقض وبالجلسة المحددة لنظر طلب وقف التنفيذ أمرت المحكمة بضم الطعون الثلاثة
الأخيرة للطعن الأول وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي بنقض
الحكم في الطعون الثلاثة الأول وبرفض الطعن الأخير، وإذ عرضت الطعون على المحكمة
في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الطاعنين في الطعون أرقام 1849، 1949، 1999 لسنة 51ق ينعون
بالسبب الثالث في الطعن الأول وبالسبب الخامس في الطعن الثاني وبالسبب الأول في
الطعن الأخير على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان
أن الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى رفضه الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي
ولائيا بنظر الدعوى على سند من القول بأن عدم تنفيذ الأمر الوقتي الصادر بالسماح
للمطعون ضده الأول بالسفر تنفيذا قانونيا برفع اسمه من قوائم المنع من السفر يعتبر
من قبيل الأعمال المادية التي تتعلق بتنفيذ الأوامر القضائية ولا شأن له بالقرارات
الإدارية التي تتوقف على إرادة جهة الإدارة، في حين أن المنع من السفر أو التصريح
به لا يتم إلا بموجب قرار إداري بصرف النظر عن السبب القانوني المبرر لصدور ذلك
القرار وأن دعوى المطعون ضده الأول بطلب التعويض تتضمن التعرض للقرار الإداري
الصادر بشأن منع سفره للخارج وهو أمر يخرج عن ولاية المحاكم العادية ويختص بالفصل
فيه القضاء الإداري عملا بنص المادتين 15/ 1، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46
سنة 1972 والمادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 وهو ما يعيب الحكم
بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القرار الإداري على ما هو مقرر في
قضاء هذه المحكمة هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها
الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين
يكون ممكنا وجائزا ابتغاء مصلحة عامة، ولئن كان يمتنع على المحاكم العادية بنص المادة
18 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972 أن تؤول الأمر الإداري أو توقف
تنفيذه وكانت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 خولت محكمة
القضاء الإداري دون سواها الفصل في طلبات إلغاء القرار الإداري النهائي أو التعويض
عنه، إلا أنه لما كان القانون – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لم يعرف
القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر
الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية العادية لها بتعطيل أو
تأويل أو تعويض فإن وظيفة المحاكم العادية أن تعطي هذه القرارات وصفها القانوني
على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم توصلا إلى
تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المعروض عليها، لما كان ذلك وكانت الأوامر على
العرائض وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول لقانون المرافعات هي
الأوامر التي يصدرها قضاء الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء على
الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على العرائض وتصدر في غيبة الخصوم ودون تسبيب
بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي السرعة أو المباغتة وهي واجبة النفاذ
بقوة القانون بمجرد صدورها عملا بنص المادة 288 من قانون المرافعات ومن ثم فإن
قيام جهة الإدارة بتنفيذ أمر صادر على عريضة من قاضي الأمور الوقتية لا ينظر إليه
بمعزل عن ذات الأمر وليس من شأنه أن يغير من وصف هذا الأمر باعتباره صادرا من جهة
القضاء وقد أوجب القانون تنفيذه فلا يتمخض بالتالي هذا التنفيذ عن قرار إداري
يتمتع بالحصانة أمام المحاكم العادية كما أن عدم تنفيذ ذلك الأمر لا يعدو أن يكون
عملا ماديا كاشفا وليس منشئا لمركز قانوني ولا يتمخض هو الآخر إلى مرتبة القرار
الإداري مما يكون معه نظر التعويض عن الخطأ في تنفيذ أو عدم تنفيذ أمر قاضي الأمور
الوقتية الصادر على عريضة منعقدا لاختصاص القضاء العادي وإذا التزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر وخلص إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر الدعوى يكون قد
وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
عن الطعنين رقمي 1849، 1949م 51 ق:
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان في هذين الطعنين على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه خلص إلى إسناد الخطأ
إليهما على سند من أنهما لم يتخذا إجراءات تنفيذ الأمر رقم 101 سنة 1975 الصادر من
قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الجيزة الابتدائية بالسماح للمطعون ضده الأول بالسفر
بأن لم يبلغ الطاعن الأول هذا الأمر لقسم قوائم المنع من السفر بمصلحة الجوازات
لرفع اسم هذا الأخير من هذه القوائم وأن الطاعن (الطاعن الثاني) لم يحرر مذكرة
بشأن وجوب تنفيذ هذا الأمر دون أن يستظهر الحكم كيفية اتصال علم الطاعنين بذلك
الأمر رغم عدم إعلانهما به كما لم يبين الدليل الذي كونت منه المحكمة عقيدتها في
القول بثبوت تواطؤ الطاعنين مع مطلقة المطعون ضده الأول على الإضرار بمطلقها بمنعه
من السفر مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه
أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعنين عن عدم تنفيذ الأمر الصادر من قاضي الأمور
الوقتية بمحكمة الجيزة الابتدائية بالسماح للمطعون ضده الأول بالسفر على القول
بإهمال قسم البحوث الفنية والقانونية الذي يشرف عليه الطاعن الثاني في تحرير مذكرة
لتنفيذ هذا الأمر على الوجه الذي يتطلبه القانون وأن الطاعن الأول لم يبلغ قسم
قوائم المنع من السفر بذلك الأمر حتى يوضع موضع التنفيذ ويرفع اسم المطعون ضده
الأول من هذه القوائم كما نسب الحكم المطعون فيه إلى الطاعنين القول بأن إخلالهما
بواجبات وظيفتهما كان مستهدفا به مساندة مطلقة المطعون ضده الأول في الكيد بمطلقها
والإضرار به لمنعه من السفر وإذ كان الثابت من ملف مصلحة الهجرة والجوازات
والجنسية الخاص بالمطعون ضده الأول والمقدم من وزارة الداخلية أمام محكمة الموضوع
– أن الأمر الرقيم 101 سنة 1975 الصادر من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الجيزة
الابتدائية قد أعلنه المطعون ضده الأول إلى مطلقته – الطاعنة في الطعن رقم 1834
سنة 51ق – وإلى مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية ولم يعلن لأي من
الموظفين الطاعنين في الطعنين رقمي 1849، 1949 سنة 51 القضائية وكان الحكم المطعون
فيه وقد انتهى في قضائه إلى ثبوت خطئهما في عدم تنفيذ ذلك الأمر الوقتي دون أن
يستظهر ما يفيد وصول ذلك الأمر إليهما بعد إعلانه لمدير مصلحة الجوازات وثبوت
تقاعسهما وإهمالهما في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه إن كانت هذه الإجراءات
تدخل في نطاق العمل الوظيفي المسند إليهما، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ساق
القول بأن هذين الطاعنين أخلا بواجبات وظيفتهما بغية مساندة الطاعنة في الطعن رقم
1834 سنة 51 قضائية في الكيد لمطلقها ومنعه من السفر في عبارة مجملة مبهمة دون أن
يورد الدليل الذي استفي منه قيام التواطؤ، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون
معيبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب هذين الطعنين.
عن الطعن رقم 1834 لسنة 51ق:
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه
بمساءلتها عن التعويض دون أن يورد بأسبابه أفعالا يسوغ وصفها بأنها خطأ فإنه يكون
معيبا بالخطأ في تطبيق القانون فضلا عن أنه لم يبين دليل تواطئها مع أي من موظفي
مصلحة الجوازات والجنسية على منع المطعون ضده الأول من السفر مما يعيبه بالقصور في
التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه
أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة بالتعويض على سند من القول "لما كان الثابت من
أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها من الطرفين أن المستأنف عليها الرابعة
الطاعنة – استصدرت لصالحها الأمر الوقتي رقم 99 سنة 1975 من رئيس محكمة الجيزة
الابتدائية بصفته قاضيا للأمور الوقتية بمنع المستأنف "المطعون ضده
الأول" من السفر حتى تستوفي المستأنف عليها ما قد يستحق لها من حقوق ولدتها
أحكام النفقة الصادرة لمصلحتها أو حتى يقدم كفيلا عنه للوفاء بهذه الحقوق وكان
الثابت أنها اشتبكت مع المستأنف في عدة دعاوى خاصة بالنفقة وإسقاطها في محاولة
إطالة أمد النزاع حتى يظل أمر منعه من السفر مستمرا قاصدة الكيد والإضرار به دون
حق مشروع" ولما كانت المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وكانت المادتان
الرابعة والخامسة من التقنين المدني قد نصت على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا
لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع
إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من
استعمال الحق وكان حق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب
القضاء تمسكا أو ذودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى
اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم وكان وصف الأفعال
بأنها خاطئة هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه وقد اقتصرت أسبابه في بيان الخطأ المسند إلى الطاعنة على مجرد
تقريره بأنها استصدرت الأمر الوقتي بمنع المطعون ضده الأول من السفر وأنها التجأت
إلى خصومات قضائية خاصة بالنفقة وإسقاطها لإطالة أمد النزاع حتى يظل أمر منعه من
السفر مستمرا وكان ذلك لا يؤدي إلى القول بانحراف الطاعنة عن حقها المكفول في
التقاضي والدفاع إلى الكيد والعنت واللدد في الخصومة فإنه يكون معيبا بالخطأ في
تطبيق القانون، هذا كما أن الحكم لم يورد بمدوناته دليل تواطؤ الطاعنة مع أي من
موظفي مصلحة الجوازات على الكيد للمطعون ضده الأول ومنعه من السفر مما يعيبه
بالقصور في التسبيب أيضا الأمر الذي يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
عن الطعن رقم 1999 سنة 51 قضائية:
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن وزارة الداخلية الطاعنة قد
اختصمت من المطعون ضده الأول باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعيها الطاعنين في
الطعنين رقمي 1849، 1949 لسنة 51 القضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
بتحقق مسئوليتها عن التعويض تطبيقا لنص المادة 174 من القانون المدني على أساس
ثبوت خطأ هذين التابعين دون غيرهما من سائر موظفي وزارة الداخلية، ومن ثم فإن
الوزارة الطاعنة تعتبر بالنسبة لهما في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون،
وإذ كانت المحكمة قد نقضت الحكم المطعون فيه بشأن مساءلة التابعين المذكورين فإن
لازم ذلك زوال الأساس الذي تقوم عليه مسئولية الوزارة الطاعنة ويستتبع بالتالي نقض
الحكم المطعون فيه بالنسبة لها أيضا دون حاجة لبحث أسباب طعنها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.