ولم يكتف المشرع الدستوري
بما تقدم من نصوص في هذا الشأن وإنما أفرد للسلطة القضائية الفصل الرابع من الباب
الخامس الخاص بنظام الحكم ونص في المادة (165) منه على أن السلطة القضائية مستقلة
وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصد أحكام وفق القانون ونص في
المادة (166) على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا
يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة وفي المادة (168) على أن
القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً وفيما يختص بمجلس الدولة
فقد نصت المادة (172) من الدستور على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص
بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته
الأخرى.
ومن حيث إنه يبين من كل
ما سبق أن سيادة الدستور وعلو حكمه على هامات الأفراد وكل السلطات العامة وحتمية
احترامه وتقديسه أساس وركن من أسس نظام الحكم في الدولة، وأن سيادة القانون لا
تقوم إلا باحترام وتقديس استقلال القضاء، وحصانته، وكلاهما الضمان الجوهري لحماية
الحقوق والحريات وأنه إذا كان المشرع الدستوري قد كفل لكل إنسان حق التقاضي وحق
الدفاع فإنه كفل للقضاء استقلاله وحصانته بقصد تحقيق المشروعية وسيادة القانون ومن
ثم فلا يسوغ للمشرع. ومن باب أولى لا يسوغ لأي إنسان حاكماً أو محكوماً - أن يسئ
استخدام حق التقاضي، أو حق الدفاع بما لا يتفق مع استقلال الهيئات القضائية أو
استقلال القضاة أو المساس بحصانتهم وهيبتهم أو ما يؤدي إلى تعويق قيامهم بواجبهم
في أداء رسالتهم وجوهرها تحقيق سيادة القانون - ولسرعة حسم المنازعات، والفصل في
الدعاوى والأقضية التي تدخل في ولايتهم وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه - وانطلاقاً
من كل ما تقدم - فقد عنى المشرع في قانون المرافعات المدنية والتجارية - وأحكامه
تسري فيما لم يرد به نص في قانون مجلس الدولة حسب صريح نص المادة (3) منه بوضع
الضوابط والشروط اللازم توافرها لتقديم طلبات رد القضاة، ذلك لأن المقصود بطلب
الرد هو مجرد إبعاد القاضي الذي يقوم بصدده سبب من أسباب الرد التي حددها القانون
عن نظر الدعوى إذا عن للخصم ذلك تحقيقاً لجوهر استقلال القضاء وتنزيهاً للسلطة
القضائية ولذلك فإن المشرع قد تدخل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 مؤخراً لتعديل بعض
أحكام الرد في قانون المرافعات بما يضمن جدية طلبات الرد واستعمالها فيما شرعت من
أجله، وبما يكفل القضاء على إسراف بعض الخصوم في استعمال الحق في طلب رد القضاة
خصوصاً في بعض الدعاوى ذات الطبيعة الخاصة - لأسباب غير جدية وبما يضمن عدم إساءة
استعمال الخصوم لهذا الحق لتحقيق أغراض غير تلك التي شرع من أجلها وأبرزها تعطيل
السير في الدعوى المنظورة أمام المحكمة وتعويق الفصل فيها أو بهدف إقصاء قاضي من
أعضائها أو هيئتها كاملة - عن الفصل فيها بغير مسوغ مشروع.
ومن حيث إن المادة (151)
من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على
أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه.
كما تنص المادة (152) على
أنه لا يقبل طلب الرد بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وتنص المادة (153) على أن
يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي المطلوب رده يوقعه
الطالب بنفسه، أو وكيله المفوض عنه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير.
ومن حيث إن القانون اشترط
في طلب الرد شروطاً تتعلق بكيفية تقديمه والأسباب التي يقوم علها (المواد من 151
حتى 155 من قانون المرافعات) ورتب على تخلف تلك الشروط والضوابط آثاراً أهمها سقوط
الحق في طلب الرد، كما رتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلا أن هذه الآثار
والأحكام تترتب جميعها - وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على الرد الذي
استوفى شرائط تقديمه الشكلية، والذي قصد منه تحقيق الغايات المشروعة التي شرع من
أجلها، بعيداً عن الكيد أو الهوى والدافع الشخصي، وليس من شك في أن المحكمة
المنظورة أمامها الدعوى - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هي المهيمنة على
الدعوى وعلى سير الإجراءات فيها وهي التي تبسط رقابتها على كل ما يقدم لها من
أوراق أو مستندات، فعليها أن تتولى مهمة النظر فيما إذا كان ما قدم لها يمكن أن
يتوفر فيه، وصف طلب الرد على النحو الذي عناه القانون من عدمه، لأن القانون وقد
أناط بها ولاية الفصل على استقلال عن كل سلطة وعن أية إرادة في الدعوى، فيكون لها
وفقاً لما يحتمه استقلال ضميرها حينئذ سلطة تكييف الطعن أو الدعوى بكل ما فيها من
طلبات أو ودفوع أو دفاع برمتها وإعطائها وصفها الحق والصحيح في ضوء المستندات
والأوراق المودعة وإذا كان لها أن تأخذ بالتكييف الذي يطرحه الخصوم وفقاً
لتوجهاتهم وما يراعونه من مصالحهم الخاصة فإن لها أن تطرح هذه التكييف جانباً
وتعمل هي ما تراه صحيحاً إعمالاً للشرعية وسيادة القانون فإذا كان تحديد الخصوم
لطلباتهم وأسانيد هذه الطلبات يرجع إلى إرادتهم وتقديرهم لمصالحهم الشخصية وفقاً
لتصوراتهم وفهمهم لأحكام الدستور والقانون فإن تكييف هذه الطلبات وتحديد مضمونها
القانوني الحقيقي وفقاً للأصول القانونية السليمة أمر مرجعه إلى سلطة المحكمة
وفقاً لأحكام الدستور والقانون والأصول الحاكمة للنظام العام القضائي والتزامه
بالأصل العام المسلم به بأن العبرة بالمقاصد والمعاني، وليس بالألفاظ والمباني،
فإذا كانت الحال هذه بالنسبة للطعن أو الدعوى فإنه يكون من باب أولى بالنسبة لأي
طلب آخر يتعلق بها أو متفرع عنها خاصة ما يكون منها متعلق بالنظام العام القضائي كما
هو الشأن بالنسبة لولاية محاكم مجلس الدولة أو مواعيد قبول الدعوى طبقاً لتكييف
الطلبات قانوناً فيها ويشمل ذلك بطبيعة الحال ما يقدم من طلبات رد أحد قضاة
المحكمة أو جميع أعضائها والذي يتعلق بمدى استمرار نظرهم للطعن أو الدعوى أو
تنحيهم عنها ولا مشاحة في ذلك لأن المحكمة بعد أن تعمل سلطتها لكي تتبين مدى
استيفاء الطلب بحسب الثابت من ظاهر الأوراق لشروطه المقررة قانوناً، فإن كان طلب
الرد مستوفياً أوقفت المحكمة نظر الدعوى وأحالت طلب الرد إلى دائرة أخرى هي محكمة
الرد لتقضي فيه أما أن رأت المحكمة على سند مما هو مطروح أمامها واقعاً وقانوناً
أن طلب الرد لا نصيب له من مسماه عندما تنتفي فيه الغاية التي تغياها القانون من
تقديم طلبات الرد، وهي كفالة حق المواطن في التقاضي أمام قضاة عدول لا مصلحة لهم
في النزاع، ومستقلين عن كل سلطة سوى سلة المشروعية وسيادة القانون، بأن يتبين لها
أن الطلب يتضمن بحسب ظاهره والظروف المصاحبة لتقديمه، قصد تعطيل القضاة عن مباشرة
ولايته في أداء رسالته وإصدار حكم في النزاع المعروض أمامه، أو قصد به المساس
باستقلال السلطة القضائية وهيبتها والنيل من كرامتها بفرض إجراءات يراها الخصوم
محققة لمصالحهم على هيئة المحكمة وحجبها عن ممارسة ولايتها وتحمل مسئوليتها التي
أناطها بها الدستور والقانون دون مبرر معقول أو سند مقبول، فإنه يتعين على المحكمة
حينئذ أن تقضي بعدم الاعتداد بالطلب المقدم لها بعد أن تبينت أنه لا وجود قانوناً
لما يسمى بطلب رد لعدم توافر شروط وحالات تقديمه، وتمضي في نظر الدعوى إعلاء
لأحكام الدستور والقانون التي تحتم عليها أن تقضي بها من منطلق مسئوليتها وحتمية
أداء واجبها القضائي بالفصل في المنازعات المعروضة عليها ولا يسوغ للمحكمة في هذه
الحالة أن توقف الدعوى لأن هذا الأثر القانوني إنما يترتب - وفق ما نصت عليه
المادة (162) من قانون المرافعات لا يترتب قانوناً إلا على تقديم طلب رد مستوف
للأركان اللازمة شكلاً للرد، إذ لا يتصور تعطيل الفصل في النزاع ووقف الدعوى لمجرد
استعمال لفظ الرد في طلب يقدم إلى المحكمة أو رئيسها حتى لو كان مقدماً في قلم
الكتاب أو مسدداً عنه الرسم المستحق قانوناً لأن العبرة هي بالمقاصد والمعاني وليس
بالألفاظ والمباني.
ومن حيث إن المادة (151)
من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على
أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه...... ويجوز
طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة، وإذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم
بها إلا بعد مضي تلك المواعيد.
ومن حيث إن الثابت من
الأوراق أن الطعون الماثلة ظلت تتداول بهذه المحكمة برئاسة المستشار رئيس مجلس
الدولة ورئيس الدائرة منذ 18 من أكتوبر سنة 1992 وحتى جلسة 7 من مارس سنة 1993 أي
ما يقرب من ستة أشهر وذلك بعد تداول هذه الطعون لفترة تزيد عن خمسة أشهر أمام
دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وذلك على النحو سالف البيان وهي طعون في أحكام
صادرة بوقف تنفيذ قرار إداري، حيث تم سماع ما أبداه الخصوم جميعاً من دفوع ودفاع
شملت فضلاً عن الدفع بعدم دستورية كل ما يتعلق بأركان القرار محل النزاع سواء على
النحو الثابت بمحاضر الجلسات أو على نحو ما هو وارد بالمذكرات كما تم التصريح من
المحكمة للمطعون ضدهم باستخراج ما رأوا لزوماً لاستخراجه من مستندات وشهادات رسمية
من الجهات الإدارية المختصة كما أن الثابت أيضاً أن الجهة الإدارية قد قدمت كل ما
لديها من مستندات طلبها الحاضرون عن المطعون ضدهم، وأقر الحاضرون عن هيئة قضايا
الدولة بمحضر الجلسة المعقود بتاريخ 7/ 3/ 1993 إقراراً قضائياً بأن بعض المستندات
التي طلبها أحد الحاضرين عن المطعون ضدهم لا وجود لها، وأن البعض الأخر من
المستندات المطلوب تقديمها، موجودة طرف جهات إدارية لم تختصم في الدعاوى المطعون
في الحكم الصادر فيها كما أوضح الحاضرون عن هيئة المجتمعات العمرانية بمحضر جلسة
28/ 2/ 1993 أن بعضاً من المستندات المطلوبة لا وجود لها وأنهم استنفدوا كل ما
لديهم من أوجه دفاع ومن مستندات وأنه على المطعون ضدهم أن يستفيدوا من ذلك وتفصل
المحكمة في النزاع على ضوء ما يتقدم لها من مستندات في الطعون بحالتها على أساس
المبادئ المستقرة في قضاء هذه المحكمة عن نكول الجهات الإدارية عن تقديم مستندات تحت
يدها لأنه لا تكليف بغير مستطاع فضلاً عن أن الثابت بمحضر الجلسات أن الحاضرين عن
المطعون ضدهم أبدوا دفاعهم ودفوعهم سواء بطريق مباشر أو من خلال المستندات التي
طلبوا من الجهات الإدارية تقديمها للتدليل على صحة الحكم المطعون فيه، أو على عدم
سلامة الطعون المقدمة ضده، ورغم الطبيعة المتميزة للطعون الماثلة من حيث كونها
طعوناً في حكمين صدرا بوقف تنفيذ قرار إداري وما يستتبعه ذلك من ضرورة وسرعة الفصل
في تلك الطعون، باعتبار أن الفصل فيها بما لها من طبيعة عاجلة شأنها شأن سائر
الطعون الصادرة في أحكام بوقف تنفيذ القرار الإداري فقد أتاحت المحكمة للمطعون
ضدهم إبداء وتقديم كل ما عن لهم من دفوع ودفاع يؤدي إلى استقرار المراكز القانونية
بالسرعة اللازمة لكفالة حسن سير انتظام المرافق العامة وبمراعاة طبيعة المنازعة
الإدارية المتعلقة بوقف لتنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية والتي نظم قانون مجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972 الإجراءات الواجب إتباعها أمام محاكم مجلس الدولة بشأنها
وبصفة خاصة إجراءات أمام المحكمة الإدارية العليا في المواد من (44 - 48) كما نظم
سلطات مفوض الدولة في سبيل تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وحظر تكرار التأجيل
بسبب واحد، وحيث أجاز القانون لمفوض الدولة إذا اقتضى الأمر - أن يحكم على طالب
التأجيل بغرامة مالية، كما نصت المادة (31) من القانون المشار إليه على أن
"لا تقبل المحكمة أي دفع أو طلبات أو أوراق مما كان يلزم تقديمه قبل إحالة
القضية إلى الجلسة إلا إذا ثبت لها أن أسباب ذلك الدفع، أو الطلب، أو تقديم لورقة
طرأت بعد الإحالة أو كان الطالب يجهله عند الإحالة ومع ذلك إذا رأت المحكمة
تحقيقاً للعدالة قبول دفع أو طلب أو ورقة جديدة جاز لها ذلك مع جواز الحكم على
الطرف الذي وقع منه الإهمال بغرامة مالية.
وحيث إنه بالإضافة إلى
ذلك فإن المادة (97) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تقضي: -
بأن الأصل طبقاً لتلك
المادة وما يليها من مواد أنه يتعين أن تجرى المرافعة في أول جلسة، وأنه إذا قدم
المدعى عليه مستنداً بعد إيداع عريضة دعواه على خلاف ما تحتمه المادة (65) من
القانون قبلته المحكمة بشرط عدم تأجيل الدعوى وإذا ترتب على قبول المستند التأجيل
وجب توقيع الغرامة، كما نصت المادة (98) من قانون المرافعات على أنه لا يجوز تأجيل
الدعوى أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى أحد الخصوم على أن لا تجاوز فترة التأجيل
ثلاثة أسابيع.
ومن حيث إنه استناداً إلى
ما تقدم كله وبناء على ما هو ثابت بمحاضر جلسات هذه المحكمة بدءاً من جلسة 18/ 10/
1992، 15/ 11/ 1992، 29/ 11/ 1992 جلسة 27/ 12/ 1992، جلسة 31/ 1/ 1993، جلسة 14/
2/ 1993 والتي قررت المحكمة فيها التأجيل لجلسة 28/ 2/ 1993 لكي تجرى المرافعة في
ذات الجلسة وتكون الجلسة الأولى الثامنة مساء وتستمر في هذا الموعد حتى انتهاء
المرافعة يوم الجلسة 7/ 3/ 1993. فإن لجوء بعض من المطعون ضدهم إلى تقديم طلب بقصد
رد عضوين بهذه المحكمة صباح يوم 7/ 3/ 1993 - وهو اليوم الذي عقدت فيه الجلسة
المسائية التي تم التأجيل لها يوم 28/ 2/ 1993 - أو لجوء بعض من هيئة الدفاع ومعهم
بعض من المطعون ضدهم إلى تقديم طلب - بعد رفع الجلسة المسائية للمداولة لإصدار
القرار - يخلصون فيه إلى أنه على المحكمة أن توقف نظر الطعون الماثلة حتى يفصل في
الطلب الذي استهدفوا به الرد وأنه في حالة عدم رضوخها واستجابتها لطلب الوقف فإنهم
سيردون المحكمة رئيساً وأعضاء.
ومن حيث إن الثابت من
محاضر الجلسات في الطعون الماثلة إنه قد التمس بعض المطعون ضدهم ومحاموهم كل السبل
لتأجيل الفصل في هذه الطعون سواء بطلب مستندات لاحقة في صدور القرار المطعون فيه،
والإصرار على ضم هذه المستندات رغم إقرار محاموا الجهات الإدارية المختصة قضائياً
بمحاضر الجلسات بعدم وجود تلك المستندات، وطلب الفصل في الطعون بحالتها وإفادة
المطعون ضدهم بذلك، وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في حالة عدم تقديم الجهة
الإدارية مستندات تحت يدها، أو تقديم دفوع متعددة بعدم الدستورية لبعض نصوص
الوانين واللوائح رغم أنه ليس محموداً من أحد طرفي المنازعة أنها تتعلق بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه وهو نزاع مستعجل بطبيعته ويتعين الفصل فيه بسرعة وفقاً لما
تحتمه أحكام الدستور من سرعة للفصل في المنازعات بصفة عامة وهو الأولى بالإتباع في
منازعات وقف التنفيذ رغم تلك الدفوع يقتضي كما سوف يلي البيان - حسب قانون المحكمة
الدستورية العليا - وقف نظر الطعون لو قبلتها المحكمة بحريتها، حتى تفصل المحكمة
الدستورية في الدفع، أو بالمطالبة شفاهة أو بمذكرات كتابية التأجيل لنظر الطعون
الماثلة أو وقف نظرها للفصل في دعوى جديدة رفعها بعض المطعون ضدهم أمام محكمة أول
درجة لكي يطلبوا منها الفصل فيما أغفله الحكم الطعين - حسب زعمهم - من طلبات أو
لإغفاله أسماء بعض المدعين... إلخ بينما لا يخفي على أحد أن هذه المحكمة الإدارية
العليا هي المهيمنة على سلامة وصحة ومشروعية أحكام محاكم مجالس الدولة العاملة
للطعن فيها أمامها قانوناً، وهي صاحبة الولاية بنظر الطعن فيها طبقاً لقانون تنظيم
مجلس الدولة في الحكم بإلغائها أو بتأييدها أن أصابت صحيح أحكام القانون وأنه تمتد
رقابة هذه المحكمة - حسبما جرى على ذلك قضاؤها - على سلامة الأحكام المطعون فيها
من حيث الإجراءات وأحوال الصحة والبطلان، وصحة وسلامة تحصيلها لوقائع النزاع أو
صحة وسلامة تفسيرها وتأويلها وتطبيقها لأحكام ونصوص القوانين والتشريعات المنطبقة
على محل النزاع أو من حيث كفاية أسباب الأحكام المطعون فيها وتناسقها وعدم تأثيرها
وحملة النتيجة التي ينتهي إلها في منطوقها ولا يتصور أن توقف المحكمة الإدارية
العليا وهي محكمة الطعن في أحكام محكمة قضاء الإداري طعناً أو أكثر تنظره حتى تفصل
محكمة أول درجة في حكم يخضع بدوره لرقابتها وولايتها عند الطعن فيه أمامها حيث لا
سند لذلك من أحكام قانوني المرافعات ومجلس الدولة وليست له سابقة من قبل ذلك ليس
في حقيقته إلا ضغط غير مشروع من بعض المطعون ضدهم وبعض من هيئة الدفاع عنهم لتأجيل
نظر الطعون بغية تعطيل وتعويق المحكمة عن مباشرة السلطة القضائية التي خولها
الدستور والقانون لكي تقضي فيما هو معروض أمامها من منازعة محددة في الطعون
الماثلة بواسطة ما أطلقوا عليه طلب رد وهو في حقيقته لا يعدو إلا أن يكون تدخلاً
في مباشرة السلطة القضائية من المطعون ضدهم بقصد فرض إرادتهم على إجراءات نظر
الطعون الماثلة لتحقيق تكرار تأجيلها وتعويق الفصل فيها على نحو يمس استقلال
السلطة القضائية ويمس هيبة القضاء، ولا يعدو إلا أن يكون محاولة تخالف الدستور
والقانون وتهدف إلى عزل المحكمة عن أداء واجبها ورسالتها في حسم النزاع في هذه
الطعون وإعلاء مبدأ المشروعية وسيادة القانون وفقاً لما تجرى به صراحة أحكام
النظام العام القضائي في نصوص الدستور وقانوني تنظيم مجلس الدولة والمرافعات
المدنية والتجارية على النحو الذي سبق ذكره وبيانه.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما
سلف ذكره أن المادة (148) من قانون المرافعات حددت في صراحة ووضوح أسباب رد القاضي
فقد نصت على أنه: -
يجوز رد القاضي لأحد
الأسباب الآتية:
1 - إذا كان له أو لزوجته
دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها، أو إذا جدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم، أو
لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الدعوى قد أقيمت بقصد
رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه.
2 - إذا كان لمطلقته التي له
منها ولد أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد
الخصوم في الدعوى...
3 - إذا كان أحد الخصوم
خادماً له، أو كان هو قد اعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو مساكنته أو تلقى منه هدية
قبيل رفع الدعوى أو بعده.
4 - إذا كان بينه وبين أحد
الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل.
ومن حيث إنه باستعراض
الأسباب التي قام عليها ما أطلق عليه المطعون ضدهم طلب الرد الذي قدم بتاريخ 7/ 3/
1993 لرد عضوي الدائرة السيدين الأستاذين المستشارين..... والسيد الأستاذ
المستشار....... يبين أن هذه الأسباب هي:
(1) تحديد جلسة سريعة بالرغم
من أن ميعاد الجلسة لا يحدد إلا بناء على طلب يقدم بالمحكمة. (2) قامت هيئة
المفوضين بإيداع تقرير بالرأي القانوني بسرعة ودون أن تستوضح وجهة نظر المطعون
ضدهم. (3) التأجيلات القصيرة في الدعوى. (4) عدم تنفيذ ما قررته المحكمة بالنسبة
لضم الأوراق. (5) عدم اتخاذ إجراء رادع بالنسبة لوسائل الإعلام التي كانت تحاول
بكل وسائل الضغط على المحكمة عند نظر الطعون مما يشكل جريمة في التدخل في أعمال
القضاء ولم تستجب المحكمة إلى طلب د. شوقي السيد المحامي في هذا الشأن وكانت خاتمة
المطاف المقال الذي نشره المستشار السابق بالمجلس في جريدة الأخبار الذي يحرض فيه
الحكومة على عدم تنفيذ الحكم حيث إنه جعل مقاله "لا تخافي يا حكومة".
(6) ضم الدفوع للموضوع وهو عدم الفصل فيها استقلالاً في حين أنها تمس صميم وكيان
الدعوى. (7) بمطالعة محضر الجلسة الأخيرة تبين أنها لا تعبر عما دار بالجلسة
بتاريخ 28/ 2/ 1993. (8) للأسباب الأخرى التي ستثار في جلسات المرافعة.
ومن حيث إن المحكمة وإن
كانت على يقين بناء على ما سلف لها من إيراد أسباب أنها ليست بحاجة للمناقشة أو
التعليق على الأسباب السالف ذكرها - ليس فقط لأنها أوردتها من قبيل الاستطراد
للتدليل على تأكيد صحة ما انتهت إليه من عدم الاعتداد قانوناً بما قيل عنه أنه طلب
رد - ولكن لأن تلك الأسباب تحمل في ظاهرها وفي طياتها ما يجعلها هي والعدم سواء،
وما يدل دلالة واضحة على أن القصد الحقيقي والوحيد من تقديم الطلب الذي حواها فرض
إرادة المطعون ضدهم على استقلال سلطة المحكمة والمساس بهيئتها وتعويقها عن حسم
المنازعة في الطعون الماثلة فالرد موجه إلى عضوي اليمين واليسار بالمحكمة وهي لا
شأن لها قانوناً بقيام هيئة المفوضين بإعداد تقريرها بالرأي القانوني ولا شأن لهما
وحدهما بتحديد جلسة لنظر الطعون الماثلة، أو بتأجيلات قصيرة عند نظرها لأن تحديد
ميعاد الجلسة الأولى من اختصاص رئيس الدائرة، والتأجيلات تتم بالمداولة بين الرئيس
والأعضاء بحسب الأحوال، وما تم تحديده من تاريخ الجلسة الأولى أو من تأجيلات بعد
ذلك أمر يتفق وصحيح حكم القانون، وما تضمنته قواعد الإجراءات أمام مجلس الدولة وتلك
المنصوص عليها في قانون المرافعات على النحو السالف الإشارة إليه أما ما ورد
بالبند رابعاً من أسباب ما سمي بطلب الرد وهو "عدم تنفيذ ما قررته المحكمة
بالنسبة لضم الأوراق، فالثابت من محاضر جلسات المرافعة أن المحكمة لم تألوا جهداً
في سبيل ضم ما طلبه المطعون ضدهم من أوراق ومستندات إلى الحد الذي جعل الحاضرين عن
هيئة قضايا الدولة يقدمون إقراراً قضائياً بالجلسة بأن بعضاً مما لم يقدم من
مستندات لا وجود له، وأن الحاضرين عن هيئة المجتمعات العمرانية قرروا بأنهم قدموا
كل ما لديهم من مستندات وأنه على المطعون ضدهم أن يستفيدوا كيفما شاءوا من خلال
قواعد الإثبات أمام محاكم مجلس الدولة وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بما
لم يقدم من مستندات أما فيما يتعلق بما جاء بالبند (خامساً) من عدم اتخاذ أي إجراء
رادع بالنسبة لوسائل الإعلام......... والمقال الذي نشره المستشار السابق بمجلس
الدولة بجريدة الأخبار الذي يحرض فيه الحكومة على عدم تنفيذ الحكم (يقصدون الحكم
المطعون فيه) فإن الدستور قد نص صراحة في المواد من (206 إلى 208) على أن
"الصحافة سلطة شعبية مستقلة وتمارس رسالتها بحرية وفي استقلال وأن الرقابة
عليها محظورة"، ومن ناحية أخرى أورد قانون العقوبات جرائم النشر وأركانها
وولاية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية وما إلى ذلك ومن ثم فلا شأن
للمحكمة بما جاء في إحدى المقالات المنشورة بجريدة الأخبار وأن المطعون ضدهم
وشأنهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات قانوناً تجاه ما ينشر في الصحافة ويكون ماساً
في بحقوقهم وفيما يتعلق بضم الدفوع للموضوع وعدم الفصل فيها استقلالاً وهو السبب
السادس لأسباب ما يسمى بالرد فإنه رغم أن ذلك من سلطة هذه المحكمة بما لا معقب
عليها في شأنه باعتباره من صميم سلطتها القضائية فإن قضاء محاكم مجلس الدولة على
جميع مستوياتها جرى وباضطراد على ضم الدفوع للموضوع وحجز الدعوى للحكم فيها ولا
بدعة في ذلك أو خروج على قضاء مستقر، وفيما أثير من أن ما جاء بمحضر جلسة 28/ 2/
1993 لا يعبر عن واقع ما دار بالجلسة فإن المطعون ضدهم وشأنهم في إثبات ما يدعونه
بالطرق المتاحة لهم قانوناً ولا شأن لعضوي المحكمة بمحضر الجلسة المذكورة الذي
يعبر قانوناً عن الحقيقة ما لم يطعن فيه بالتزوير ويثبت ذلك جنائياً.
ومن حيث إنه يبين من كل
ما تقدم أن الأسباب التي ساقها المطعون ضدهم لرد عضوي المحكمة اليمين واليسار هي
أسباب خارجة عن النظام القانوني للرد وساقطة أصلاً من وعاء الشرعية فلم يرد من
بينها أي سبب كتلك الواردة بنص المادة 148 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
لا من قريب أو من بعيد حتى يمكن أن يفترض معه ولو شكلاً وافتراضاً بوجود "طلب
رد" مما يعتد به قانوناً، ومن ثم فإن الحقيقة التي لا مراء فيها أن بعضاً من
المطعون ضدهم ومعهم موكليهم أرادوا أن يتخذوا من طلب الرد المزعوم مسلكاً للحيلولة
دون ممارسة القضاء ولايته القانونية على الطعون المطروحة أمامه وحسم النزاع وإصدار
حكم في شأنها، فأساءوا استخدام حق كفله الشارع ضماناً لسيادة القانون وتصوناً
للقضاء والمتقاضين في غير هدفه الذي شرع لأجله وأرادوا التدخل في عمل السلطة
القضائية وفي شئون القضاء وتوجيه إجراءات سير الخصومة بالمحكمة الإدارية العليا
وهي حجة محاكم مجلس الدولة، وهذا المسلك يؤدي ولا شك إلى إهدار نصوص الدستور
والقانون التي كفل بها المشرع نظام تنصيب القضاة وتحديد اختصاصهم وولايتهم، إذ ليس
من المتصور قانوناً ولا كان هذا هدف المشرع من تنظيم تقديم طلبات الرد، أن يقذف أي
خصم قاضيه، الذي نصبه القانون والنظام العام القضائي، وحمله أمانة الفصل في
القضايا وحسم المنازعات، بورقة عليها عنوان "طلب رد" فيكون من شأنها وقف
وتعطيل الفصل في الدعوى لمجرد رغبة من المتقاضي أو هوى منه في حجب وعزل القاضي عن
ممارسته ولايته التي تولاها وفقاً لصحيح حكم القانون، فما كانت هذه بغية المشرع
حينما شرع نظام الرد ولا كانت هذه أهدافه والحكمة التي أرادها من هذا النظام وهو
ما دعاه إلى التدخل التشريعي ليضبط بها أحكام الرد ويجعلها محققة أكثر للغايات
التي شرعت من أجلها وهي ضمان سيادة الدستور والقانون وصون القضاء والمتقاضين
وحماية استقلال القضاء والقضاة تنزيهاً لهم عن كل مصلحة في النزاع، وبعداً بهم عن
مواطن الريب والشكوك، دون خضوع لأي ترغيب أو خضوع لأي ترهيب وذلك حتى يحق الحق
وتعلو الحقيقة ويرتفع على كل أحكامه سيادة القانون، وذلك كله لا يتحقق إذا ما أتيح
لكل خصم أو متقاض أن يختار قاضيه على حسب مصلحته وهواه فيكون تعيين القضاة
وممارستهم اختصاصاتهم معقوداً بإرادة الخصوم فتنهار العدالة وسيادة القانون التي يمثلها
القاضي لتعلو سيادة طرفي الخصومة على استقلال وسلطة القضاء وهو مسلك لا يتفق مع
أحكام الدستور أو القانون ويهدم النظام العام القضائي.
ومن حيث إنه استناداً على
ما تقدم كله فإن المحكمة تطرح جانباً الطلب الذي قدمه بعض المطعون ضدهم بتاريخ 7/
3/ 1993 ويكون من المتعين عدم الاعتداد به.
ومن حيث إنه فيما يتعلق
بالطلب الذي تقدم به بعض المطعون ضدهم وبعض من محاميهم بتاريخ 8/ 3/ 1993 بشأن رد
السادة الأساتذة المستشارين رئيس وأعضاء هذه المحكمة فإنه فضلاً عن أنه قد قدم بعد
حجز الطعون للحكم مما، كان يتعين معه الالتفات عنه وفقاً لصحيح حكم القانون فهو -
من ناحية أخرى - لا يعدو إلا أن يكون ترديد للأسباب التي وردت بما أسموه طلب الرد
الذي سبق تقديمه بشأن رد عضوي الدائرة وتعميماً لهذا الطلب على رئيس وباقي أعضاء
المحكمة. ومن ثم فإنه يسري بشأنه كل ما سبق أو ورد بأسباب هذا الحكم بشأن الطلب
المقدم بجلسة 7/ 3/ 1993 مما يقتضي عدم الاعتداد به بدوره.
ومن حيث إنه بجلسة 27/
12/ 1992 حضر د. ثروت بدوي المحامي وطلب التصريح له بتقديم مذكرة بأسباب تدخل
موكليه........ رئيس اللجنة النقابية المهنية للعاملين و....... رئيس رابطة تجارة
التجزئة و...... و....... تاجري تجزئة وبجلسة 31/ 1/ 1993 قدم مذكرة بأسانيد
التدخل الانضمامي للمطعون ضدهم في الطعن رقم 1233 لسنة 38 ق جاء فيها أن طالبي
التدخل يمثلون عشرات الآلاف من العاملين بتجارة التجزئة من الباعة الجائلين الذين
يمارسون نشاطهم في مناطق قريبة جداً من سوق روض الفرج وتبعد عشرات الكيلو مترات عن
السوق العبور وأوضح وكيل المتدخلين أن قرار محافظة القاهرة بإلغاء سوق روض الفرج
صدر على غير سند وبدون مقتضى من المصلحة العامة.
كما حضر بجلسة 27/ 12/
1992 الأستاذ رشاد حمزة المحامي عن الجمعية الزراعية لتسويق الخضر بسوق روض الفرج
وطلب تدخل الجمعية خصماً منضماً مع المطعون ضدهم وبجلسة 31/ 1/ 1993 حضر د. شوقي
السيد المحامي عن بعض المطعون ضدهم وطلب إثبات حضوره عن الجمعية التعاونية لأصحاب
سفن الصيد بدمياط والجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد ببور سعيد لأن لهاتين
الجمعيتين مكاتب نقل وتوريد أسماك بسوق غمرة.
ومن حيث إن المادة (126)
من قانون المرافعات تنص على "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً
لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات
المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضورهم
ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة".
ومن حيث إن قضاء هذه
المحكمة يجرى على أن حق المتدخل في التدخل الانضمامي يقتصر على مجرد تأييد أحد
طرفي الخصومة الأصلين بما يترتب على ذلك من أنه لا يجوز له أن يتقدم بطلبات تغاير
طلبات الخصم الذي تدخل لتأييده ويجوز له أن يبدي وجوه دفاع تأييداً لطلباته، كما
يجوز له أن يتمسك بأي دفع موضوعي أو شكلي أو بعدم القبول ولو لم يتمسك به الطاعن
وأنه وإن كان الأصل عدم قبول تدخل الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا
لأول مرة إلا في الأحوال التي تقتضي ذلك تحتمها طبيعة المنازعة الإدارية وبصفة
خاصة في الطعون الخاصة بوقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية حيث تتحقق بالإضافة
إلى المصلحة الشخصية للطاعنين إعلان الشرعية وسيادة القانون حيث إن الطعن بالإلغاء
ووقف التنفيذ فرع منه أمر يتعلق بالمشروعية وسيادة القانون أساساً ومحله القرار
المطلوب وقف تنفيذ وإلغاؤه وهي منازعة لها طبيعة عينية تنصب على القرار محل الطعن
والحكم الذي يصدر بشأن إلغاء القرار يصدر "حجة على الكافة" بصريح نص
المادة (52) من قانون تنظيم مجلس الدولة، وللحكم بوقف التنفيذ وهو فرع من الإلغاء
ذات الحجية المطلقة المذكورة حيث لا يتصور قانوناً أن يكون القرار الإداري نافذاً
بالنسبة للبعض وموقوفاً تنفيذه بالنسبة للبعض الآخر أو ملغي بالنسبة للبعض وقائماً
ومنتجاً لآثاره بالنسبة للبعض الآخر، ومن حيث إنه بناء على هذه الطبيعة العينية
لمنازعة الإلغاء ووقف التنفيذ ولاتصالها بالمشروعية وسيادة القانون ولكون الحكم
الذي يصدر فيها حجة على الكافة سواء قدم الطعن من طاعن واحد أو من مئات أو الآلاف
من الطاعنين.
ومن حيث إنه بناء على ما
سبق فإن المحكمة لا تجد مانعاً قانوناً من تدخل طالبي التدخل انضمامياً إلى
المطعون ضدهم ذلك أن المتدخلين الآتي أسمائهما...... و..... يتدخلان عن نفسيهما
وبصفتهما الأول رئيساً للجنة النقابية المهنية للعاملين بالتجارة عن محافظة
القاهرة وثانيهما ممثلاً لهيئة تجارة التجزئة والباعة الجائلين وليس من شك في أن
العاملين بالتجارة بمحافظة القاهرة وتجار التجزئة والباعة الجائلين يمثلون قطاعاً
عريضاً من سكان أحياء القاهرة القريبة من سوقي روض الفرج وغمرة باعتبار أنهم
يعتمدون في أرزاقهم ومعيشتهم على تجارة الخضر والفاكهة بالتجزئة من خلال ما يقدمه
لهم سوق تجارة الجملة بروض الفرج وأن لهم مصالح ولا شك مرتبطة ببقاء هذا السوق،
ومن ثم فإن الحكم الذي سيصدر في الطعون الماثلة سيتعدى أثره إليهم ويعتبر حجة
عليهم وهو ما ينطبق أيضاً على الجمعية الزراعية لتسويق الخضر بسوق روض الفرج، كما
ينطبق على الجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد بدمياط والجمعية التعاونية لأصحاب
سفن الصيد ببور سعيد، ومن ثم فإن طلبات التدخل المقدمة من المتدخلين انضمامياً إلى
المطعون ضدهم تكون مقبولة ويتعين الحكم بذلك.
ومن حيث إن بمراعاة ما
سلف بيانه فإن كلاً من الطعنين قد استوفى شروط قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عند الدفع
بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي، فإن
محامي المطعون ضدهم يقيمه على سند من القول بأن القرار بالقانون المذكور قد صدر
استناداً إلى نص المادة (147) من الدستور على حين أن هذه المادة قد وضعت المعايير
والشروط التي تبرر الاستناد إليها في إصدار القرارات الجمهورية بقوانين في غيبة
مجلس الشعب، وذلك فإن حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا
تحتمل التأخير، وواقع الحال يدل على أن رئيس الجمهورية قد أصدر القرار بقانون رقم
43 لسنة 1979 في 21/ 6/ 1979 ليعمل به في 22/ 6/ 1979، وأن مجلس الشعب صاحب السلطة
الأصلية في التشريع عاد بالانعقاد يوم 23/ 6/ 1979 ومن ثم فقد استطرد وكيل المطعون
ضدهم متسائلاً عن مدى وجود التدبير الذي لم يكن يحتمل التأجيل من 21/ 6/ 1979 إلى
23/ 6/ 1979 حتى يلجأ رئيس الجمهورية إلى الرخصة الاستثنائية التي أعطاها الدستور
له في المادة (147) منه مما يؤكد انعدام حالة الضرورة أو حتى حالة الاستعجال
المبررة لإصدار هذا القرار بقانون وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم
دستورية القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية
وهو تال مباشرة القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع دستوريته وكلاهما نشر في
ذات العدد من الجريدة الرسمية، وكلاهما صدر ونشر وعمل به قبل ساعات من اجتماع صاحب
السلطة التشريعية الأصيل - مجلس الشعب - وذهب الحاضر عن المطعون ضدهم إلى أنه وقد
جاء القرار المطعون فيه رقم 64 لسنة 1992 الصادر من محافظ القاهرة مستنداً أساساً
إلى قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتقصد به القرار بقانون بإصدار
قانون نظام الحكم المحلي وهو القرار بقانون الصادر مشوباً في رأيه بعيب عدم
الدستورية، فإنه يطلب من المحكمة إذا لجدية الدفع الذي أبداه على النحو السالف
البيان أن توقف الطعون الماثلة وأن تحدد أجلاً لرفع الدعوى بعدم دستورية القرار
بقانون رقم 43 لسنة 1979 إلى المحكمة الدستورية العليا.
وقد عقب الحاضر عن هيئة
المجتمعات العمرانية على الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979،
بمذكرة أوضح فيها أن تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت إنما يتغير بحسب
الظروف، وأن الحكم الصادر في دعوى الأحوال الشخصية لا يشكل مبدأ عاماً يسري على كل
قرار بقانون يصدر في غيبة البرلمان لأن لكل تشريع موضوعه وله ملابساته وظروف
إصداره، وأن هذا هو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها حيث
أوضحت أن تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت، وإنما يتغير بتغير الظروف، وأن
ذلك مرده إلى السلطة التنفيذية تقدره تحت رقابة السلطة التشريعية بحسب الظروف
والملابسات القائمة في كل حالة فإذا ما عرض القرار بقانون على السلطة التشريعية
وأقرته فلا معقب عليها فيما تراه بشأن قيام حالة الضرورة وأشار دفاع الهيئة
الطاعنة في مذكرته إلى حديث صدر من المحكمة الدستورية العليا بشأن نص الفقرة
الأولى من المادة (27) من قانون نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون رقم 50 لسنة
1981 المتعلقة بمباشرة المحافظين - بوصفهم رؤساء الأجهزة والمرافق التابعة لهم -
السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء في هذا الصدد، على أن لا يتعدى ذلك إلى
الاختصاص بإصدار اللوائح التنفيذية ولا إلى إصدار قرارات لائحية وذكر دفاع
الطاعنين أنه بذلك قد أقرت المحكمة الدستورية النص المشار إليه في الحالة الأولى،
الأمر الذي يدل على أن المحكمة قد أقرت دستورية المادة 27 المشار إليها - والتي
صدر في نطاقها قرار المحافظ المطعون عليه - فضلاً عن صدوره استناداً إلى قرار وزير
التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 بتفويض المحافظين في مباشرة
الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية في القانون رقم 68 لسنة 1949
تطبيقاً لأحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض بالاختصاصات.
ومن حيث إن المادة
الثالثة من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون
لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون".
ومن حيث إن المطعون ضدهم
يطلبون وقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 والذي صدر مستنداً
في ديباجته - ضمن ما استند - على قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979
والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية وأنهم إذ يدفعون بعدم دستورية القرار
بقانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه والذي توسده القرار رقم 64 لسنة 1992 المطعون
فيه، توصلاً منهم - فيما لو قبل دفعهم وقضي بعدم الدستورية - إلى إهدار القرار
المطعون فيه لانهيار الأساس الذي يرتكن عليه.
ومن حيث إنه فضلاً عما
سلف الإشارة إليه من أن النزاع الماثل بالطعون التي يتصل فيها هذا الحكم يتعلق
بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه وهو نزاع مستعجل بطبيعته ويتعين الفصل على
سبيل الاستعجال وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لأحكام الدستور التي
توجب الفصل في المنازعات عموماً ولأحكام قانون مجلس الدولة والمرافعات المدنية
التي تجري حسبما سلف البيان على سير الإجراءات القضائية بما يحقق سرعة حسمها وصدور
الأحكام الفاصلة فيها بينما الدفع بعدم دستورية قانون الحكم المحلي الصادر بالقرار
رقم 43 لسنة 1979 يقتضي حتماً ووفقاً لقانون المحكمة الدستورية العليا وقف النظر
في هذه الطعون التي أثير بمناسبتها هذا الدفع وتحديد مهلة لتقدم الدفع لإقامة
الدعوى إذا رأت المحكمة جديته وتبقى هذه الطعون معلقة في الدفع بعدم الدستورية وهو
أمر تأباه طبيعة المنازعة المستعجلة المتعلقة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية من
جهة. كما أن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه ولئن كان قد أشار في
ديباجته إلى القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 كأساس لإصداره، إلا أنه من ناحية أخرى
فقد ارتكن القرار إلى "القانون رقم 68 لسنة 1949 بشان تنظيم تجارة الجملة
والقرارات المنفذة له" وقد أناط القانون المشار إليه - بعد تعديله بالقرار
بقانون رقم 63 لسنة 1959 بوزير التموين والتجارة الداخلية بتحديد أماكن أسواق
الجملة، وإصدار القرارات التي تحدد أحكام وشروط شغل المساحات في الأماكن المشار
إليها، ووضع التدابير الخاصة بنظام التعامل، وتلك اللازمة للمحافظة على النظام
والصحة العامة واستناداً إلى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 42 لسنة 1967 في
شأن التفويض في الاختصاصات الذي يجيز للوزراء تفويض المحافظين في بعض اختصاصاتهم
الواردة في القوانين أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 63 لسنة 1972
بشأن تفويض المحافظين في بعض الاختصاصات، ونص في المادة (2) منه على أن "يفوض
السادة المحافظون في مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية
بموجب أحكام القوانين المشار إليها والموضحة فيما يلي: أولاً... ثانياً:....
ثالثاً:.....
القانون رقم 68 لسنة 1949
بشأن أسواق الجملة:
1 - تعيين الأماكن الذي يسمح
فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات وغير ذلك للتعامل بالجملة في
الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون على أن يتبع أسواق وسواحل تجارة
الحبوب بالجملة وفقاً للخطة التي تضعها الوزارة.
2 - تحديد الأصناف التي يسري
عليها أحكام القانون داخل المحافظة.
3 - وضع القواعد المنظمة.
{ أ } الأحكام والشروط
الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في البند (1).
{ب} التدابير الخاصة بنظام
العمل.
{ج} التدابير اللازمة
للمحافظة على النظام والصحة العامة.
{د} رسوم شغل المساحات
والترخيص في التعامل.
4 - غلق المحال وإزالة أسباب
المخالفة أو إلغاء التراخيص في التعامل.
5 - جواز إسناد إنشاء وإدارة
الأسواق إلى الغرف التجارية والصناعية والجمعيات التعاونية.
ومن حيث إنه يبين من كل
ما تقدم أنه أياً كان الرأي في مدى جدية الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43
لسنة 1979 الذي أثاره الحاضر عن المطعون ضدهم، فإن هذا الدفع كما سلف البيان
يتعارض مع المصلحة المشروعة للمطعون ضدهم في الفصل في الطعون المتعلقة بوقف تنفيذ
القرار المطعون فيه وتحقيق استقرار أوضاعهم القانونية من محكمة الطعن في الحكم
الصادر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإعلاء المشروعية وسيادة القانون بالنسبة
إليه في أقرب وقت، كما أن القرار المطعون فيه قد صدر مستنداً على سند قانوني آخر
يتمثل في القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة الذي أناط بوزير
التموين والتجارة الداخلية اختصاصاً أصيلاً بتعيين الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء
أسواق التعامل بالجملة ووضع كافة القواعد المنظمة للتعامل وشغل المساحات ومنح
التراخيص في الأماكن المشار إليها، وأن وزير التموين والتجارة الداخلية استناداً
إلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 فوض المحافظين في مباشرة اختصاصاته الواردة
بالقانون المشار إليه، ولما كان ذلك، وكان المقرر أنه يشترط لقبول الدفع بعدم
الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية مشروعة في إبداء دفعه، ومناط هذه المصلحة
كما جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا ارتباطاً بمصلحته في دعوى الموضوع التي
أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها ولما
كان المطعون ضدهم يستهدفون من دعواهم الصادر فيها الحكم المطعون فيه وقف تنفيذ
وإلغاء قرار المحافظ رقم 64 لسنة 1992 بإنهاء نشاط تجارة الجملة للخضر والفاكهة
والدواجن والأسماك بسوقي روض الفرج وغمرة وبإلغاء كافة تراخيص مزاولة النشاط بها
وتستبدل بها تراخيص جديدة لمزاولة هذه النشطة بسوق العبور، لما كان ذلك، وكان
القرار المشار إليه لا يستند فقط على القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع بعدم
دستوريته، وإنما يتوسد سنداً قانونياً أخر مبرءاً من كل عيب دستوري - وذلك على
النحو المشار إليه كما يجعله محمولاً على أساس صحيح، ومن ثم فإنه لا توجد مصلحة
شخصية ومباشرة للمطعون ضدهم في الطعن بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979
فضلاً عن تعارض ذلك مع الطبيعة المستعجلة للنزاع سالف البيان إذ ليس ثمة أثر
لأحكامه على طلباتهم في الدعاوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين
القضاء بعدم قبول الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعون
الثلاثة أن القرار رقم 64 لسنة 1992 المطعون فيه قد صدر سليماً وله أصل ثابت
بالأوراق، وقد استوى قائماً على سوقه متوافراً على أركانه وأسانيده التي تكفل له
مقومات وجوده، وأن ما نعاه عليه الحكمين الطعينين لا يقوم على أساس من الواقع
والقانون، ويطلب الطاعنون لذلك إلغاء هذين الحكمين لمخالفتهما للقانون والخطأ في
تطبيقه وتأويله، والحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن القرار
المذكور في صريح عبارته وحقيقة موضعه ومصدره لا يعدو كونه قراراً بإلغاء سوقي روض
الفرج وغمرة لتجارة الجملة للخضر والفاكهة والدواجن والأسماك وإلغاء السوقين التي
تمارس فيهما تجارة الجملة للخضر والفاكهة والنشاط الخاصة بهذه التجارة قد ألغى في
الأماكن المحددة بالقرار أي قد تم إلغاء تخصيص هذه الأماكن لمباشرة نشاط وتجارة
الجملة هو ما يختص به المحافظ مصر القرار حسب قرار التفويض رقم (63 لسنة 1972 وفي
ذات الوقت فقد نص القرار الطعين على حق كل مرخص له في هذه الأسواق الملغاة بالتقدم
للحصول على ترخيص في سوق العبور لا محل في منحه لأي تقدير للجهة الإدارية المختصة
ما دام يلتزم المتقدم بالشروط الخاصة به والتي يتم التنسيق بشأنها بين المحافظة
وهيئة المجتمعات العمرانية مع تحديد مهلة زمنية للتقدم بهذه الطلبات للجهات
الإدارية المختصة.
ومن حيث إنه قد تضمنت
أحكام الدستور وقانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المبادئ والأصول العامة
الحاكمة لحدود رقابة المشروعية للقضاء الإداري والمحاكم الإدارية وولاية المحكمة
الإدارية العليا في رقابة أحكام محاكم مجلس الدولة الأدنى منها في مباشرتها
لاختصاصها على النحو السالف البيان فقد نصت المادة 64 من الدستور على أن
"سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" ونصت المادة 65 على أن "تخضع
الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق
والحريات" وحظرت المادة (68) النص في القوانين على تحقيق أي تصرف أو قرار
إداري من رقابة القضاء، وجعلت المادة 72 امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذ
الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها من جانبهم جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم
له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وفي ذلك
الوقت فقد أناط القانون برئيس الجمهورية في المادة 130 رئاسة السلطة التنفيذية
وممارستها على الوجه المبين في الدستور والقانون، ونظم في المواد 138 - 152 وفي
المواد 153 - 160 مباشرة الحكومة والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم في
خدمة المصالح العامة للشعب، ونصت المادة 165 على أن "السلطة القضائية مستقلة
وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" ونصت المادة 166 على
"استقلال القضاة" ونصت المادة 172 على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية
مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية".
ومن حيث إنه بناء على ما
سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات
الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود
الدستور والقانون ولكنها لا تحل محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها
لمسئولياتها التنفيذية التي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية
التي تتحمل الإدارة مسئولية إدارتها لها مدنياً وجنائياً وإدارياً وسياسياً ومن ثم
فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة تجد حدها الطبيعي في رقابة
المشروعية وفقاً للأسس وفي الحدود السالف بيانها.
ومن حيث إنه بناء على تلك
الأسس الدستورية والقواعد الأساسية لتنظيم ولاية محاكم مجلس الدولة فإنه قد جرى
قضاء هذه المحكمة منذ إنشائها على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة
القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها
على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة
فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة أو لو
ثبت انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات
الإدارة وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة
الإدارة أولاً، من العاملين بها، وأن رقابة الإلغاء يتفرع عليها رقابة وقف تنفيذ
القرار الإداري ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذ القرارات
الإدارية - بحسب الظاهر من الأوراق - وبالحدود التي يقتضيها وقف التنفيذ وبحسب الظاهر
من الأوراق على ما يبدو من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها
على استمرار التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال وهذه
الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى
المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها
أمامها ولتزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة
مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو
سالف البيان، وذلك طبقاً وفي حدود أحكام الدستور والقانون ولا يحل القضاء الإداري
على أي نحو في مباشرته لرقابة الإلغاء ووقف التنفيذ محل الجهة الإدارية في أداء
واجباتها ومباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها أو في مباشرة السلطات
التنفيذية والإدارية المخولة لها طبقاً للدستور والقانون حيث تقوم الإدارة
التنفيذية العاملة بذلك على مسئوليتها من النواحي السياسية والمدنية والجنائية
والتأديبية، كما لا تلتزم محاكم مجلس الدولة في مباشرة رقابتها للمشروعية على
قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العامة وأدائها لواجباتها بغير أحكام
الدستور والقانون أي بسيادة القانون وعلو المصلحة العامة الغاية الوحيدة المشروعة
لكل ممارسة للسلطة العامة وسند مشروعية هذه السلطة ومبررها.
ومن حيث إنه بناء على ما
سبق وطبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا يقضي بوقف
تنفيذ قرار إداري إلا بتحقيق ركنين أولهما يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء
الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجع معها الحكم بإلغاء
القرار عند نظر الموضوع. وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على الاستمرار في تنفيذ
القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن
الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة تنص
على أنه "لا يجوز إنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك
للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون في غير الأماكن
التي يعينها وزير التجارة والصناعة لهذا الغرض بقرار يصدره بعد أخذ رأي وزارتي
الداخلية والصحة العمومية. ويجوز لوزير التجارة والصناعة بقرار منه إضافة جداول
أخرى أو تعديل مشتملات الجداول" وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أن
"يعين وزير التجارة والصناعة بقرار منه: 1 - الأحكام والشروط الخاصة بشغل
المساحات في الأماكن المشار إليها في المادة السابقة. 2 - التدابير الخاصة بنظام
التعامل. 3 - التدابير اللازمة للمحافظة على النظام والصحة العامة.
4 - { أ } رسوم شغل المساحات
بما لا يزيد عن خمسة جنيهات شهرياً.
{ب} رسوم الترخيص في التعامل
بما لا يزيد عن خمسة جنيهات سنوياً.
{ج} رسوم الوزن بما لا
يزيد عن 15 مليماً للوحدة التي يعينها وزير التجارة والصناعة.
{د} رسوم الترخيص في
مزاولة مهنة الدلالة بما لا يزيد على خمسة جنيهات ورسوم التجديد بما لا يجاوز
جنيهين سنوياً".
وتنص المادة الخامسة من ذات
القانون على أن "تسري أحكام هذا القانون على محافظتي القاهرة والإسكندرية
ويجوز أن تسري بقرار من وزير التجارة والصناعة على أية مدينة أخرى....".
كما تنص المادة الثانية
من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون
رقم 50 لسنة 1981 والقانون رقم 145 لسنة 1988 على أن "تتولى وحدات الإدارة
المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق
العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع
الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما
عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية
وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى
للإدارة المحلية، كما تبين اللائحة ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من
الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة وتباشر المحافظات جميع الاختصاصات
المتعلقة بالمرافق العامة التي لا تختص بها الوحدات المحلية الأخرى" وتنص
المادة (27) من ذات القانون السابق على أن "يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع
المرافق العامة التي تدخل في اختصاصات وحدات الإدارة المحلية وفقاً لأحكام هذا
القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين
واللوائح ويكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية
وتكون للمحافظة السلطة المقررة للوزير بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس إدارات
الهيئات العامة التي تتولى مرافق عامة للخدمات في نطاق المحافظة، ويتولى الإشراف
على المرافق القومية بدائرة المحافظة وكذلك جميع فروع الوزارات التي تنقل
اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية فيما عدا الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها
وذلك بإبداء الملاحظات واقتراح الحلول اللازمة في شأن الإنتاج وحسن الأداء كما
يتولى بالنسبة لجميع المرافق اتخاذ التدابير الملائمة لحماية أمنها.
وتنص المادة الثالثة من
قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض في
الاختصاصات على أنه "للوزراء ومن في حكمهم أن يعهدوا ببعض الاختصاصات المخولة
لهم بموجب التشريعات إلى المحافظين أو وكلاء الوزارات أو رؤساء ومديري المصالح
والإدارات العامة أو رؤساء الهيئات أو المؤسسات العامة التابعة لهم أو لغيرهم بعد
الاتفاق مع الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم
63 لسنة 1972 بشأن تفويض المحافظين في بعض الاختصاصات، وبعد أن أشار القرار في
ديباجته إلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 سالف البيان وإلى قانون الحكم المحلي
رقم 57 لسنة 1971 نص في مادته الثانية على أن "يفوض السادة المحافظون في
مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب أحكام القوانين
المشار إليها والموضحة فيما يلي: أولاً... ثانياً:.... ثالثاً: القانون رقم 68
لسنة 1949 بشأن أسواق الجملة:
1) تعيين الأماكن التي يسمح
فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل بالجملة في
الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون على أن يتم إنشاء أسواق وسواحل
تجارة الحبوب بالجملة وفقاً للخطة التي تضعها الوزارة.
2) تحديد الأصناف التي تسري
عليها أحكام القانون داخل المحافظة.
3) وضع القواعد المنظمة.
أ} الأحكام والشروط
الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في البند "1".
ب} التدابير الخاصة بنظام
العمل.
ج} التدابير اللازمة
للمحافظة على النظام والصحة العامة.
د} رسوم شغل المساحات
والترخيص في التعامل والوزن والعد ومزاولة مهنة الدلالة وفقاً لأحكام البند (3) من
المادة الثانية من القانون المشار إليه.
4) غلق المحال وإزالة أسباب
المخالفة أو إلغاء الترخيص في التعامل.
5) جواز إسناد إنشاء وإدارة
الأسواق إلى الغرف التجارية والصناعية والجمعيات التعاونية.
وبتاريخ 19/ 3/ 1974 صدر
قرار محافظ القاهرة رقم 122 لسنة 1974 ونص في مادته (1) على أن "يخصص للتعامل
بالجملة في الخضر والفاكهة بمحافظة القاهرة سوقاً روض الفرج وأثر النبي - المبينة
حدودهما على الخرائط المرافقة لهذا القرار، ويخصص للتعامل بالجملة في الحبوب
المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 68 لسنة 1949 في محافظة القاهرة
ساحلاً روض الفرج وأثر النبي المبينة حدودهما على الخرائط المرافقة لهذا
القرار" وتنص المادة (3) من القرار على أن "ينشأ بكل سوق من الأسواق
والسواحل المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار لجنة تسمى (لجنة السوق)
تشكل على النحو التالي......" وتنص المادة (4) من القرار على أن "تختص
لجنة السوق بما يلي:
أ}........ ب}........
ج}........ د}........ هـ}........
و} فحص طلبات تجديد
تراخيص التعامل أو شغل الأماكن في الأسواق المشار إليها في المادة الأولى من هذا
القرار وإبداء الرأي فيها. ز}......... ح}.........
وتنص المادة (11) من
القرار على أنه "لا يجوز التعامل في أسواق الجملة المشار إليها في المادة
الأولى من هذا القرار أو شغل مكان أو محل أو مساحة داخلها إلا بعد الحصول على
ترخيص في ذلك من الإدارة العامة للأسواق والسواحل وفقاً للإجراءات المبينة في هذا
القرار وأداء الرسم" وتنص المادة (27) من القرار على أن "الترخيص في
التعامل وأسواق الجملة أو في شغل الأماكن أو المحال أو المساحات فيها يكون شخصياً
ولمدة سنة قابلة للتجديد ولا يجوز لمن صدر الترخيص باسمه التنازل عنه كلياً أو
جزئياً" وتنص المادة (32) على أنه "على المرخص له بشغل مكان أو محل أو
مساحة في أسواق الجملة أن يقدم طلباً بالتجديد لمدة سنة أخرى قبل نهاية مدة
الترخيص المنصرف له بشهرين على الأقل إذا كان يرغب في التجديد".
ومن حيث إن نعي المطعون
ضدهم (المدعون) على هذا القرار بأنه أغفل استطلاع رأي لجنة السوق على النحو الذي
أوجبته المادة الرابعة فقرة (و) من قرار محافظ القاهرة رقم 122 لسنة 1974
باعتبارها ضمانة شكلية أساسية للتجارة في سوقي روض الفرج وغمرة. ولما كان اختصاص
اللجنة المشار إليها - بل القرار ذاته رقم 122 لسنة 1974 الذي تستمد اللجنة وجودها
من نصوصه - إنما يقوم حيث تقوم الأسواق المشار إلها، وحيث صدر هذا القرار ليطبق
عليهما على وجه التحديد، ومن ثم فإنه بإلغاء هذين السوقين من السلطة المختصة فإنه
ينتهي العمل بنصوص القرار المشار إليه ويزول باختصاص اللجنة سالفة الذكر فضلاً عن
أنه - وفي مقام الجدل الفرضي - فإنه ليس من بين اختصاصات تلك اللجنة إبداء الرأي
في نقل السوق من عدمه بل أن ذلك لا يدخل أصلاً في اختصاصات اللجنة ومن ثم ينهار ما
سبق في هذا الصدد طعناً على القرار لانعدام أي سند قانوني له.
ومن حيث إنه استناداً على
المرسوم بقانون رقم 115 لسنة 1931 فقد صدر قرار وزير المالية وخصص للتعامل بالجملة
في الخضر والفاكهة السوق الواقعة بحي المدبولي بالقاهرة، كما صدر قرار وزير
الصناعة رقم (1) لسنة 1935 في 24/ 10/ 1935 بتخصيص السوق الواقعة بساحل أثر النبي
للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة، وبتاريخ 23/ 11/ 1946 صدر قرار وزير التجارة
والصناعة بشأن السوق الجديد للخضر والفاكهة بروض الفرج حيث تضمن في ديباجته
"بمناسبة افتتاح السوق الجديد للخضر والفاكهة بروض الفرج والشروع في توزيع
محالها... يرخص للتجار الحاليين بسوق المدبولي بمساحات تتناسب مع اتساع تجارة كل
منهم، وبتاريخ 23/ 7/ 1947 صدر قرار وزير التجارة والصناعة ناصاً في مادته الأولى
على أنه" خصص للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة بمحافظة القاهرة سوقا روض
الفرج وأثر النبي. ثم بتاريخ 3/ 5/ 1949 صدر القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم
تجارة الجملة سالف البيان ومن ثم يكون سوق روض الفرج قد أنشأ بديلاً لسوق المدبولي
ونقل إليه نشاط تجارة الخضر والفاكهة بالجملة، ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن
الإدارة انتهت بما سلف وبمراعاة من تطور ظروف الحياة واتساعها وزيادة السكان وكثرة
حركتهم ومطالبتهم على كثرتها وتنوعها وبعد استيعاب تلك الظروف، وفي إطار مشروع
إعادة التخطيط الإقليمي الحضري للقاهرة الكبرى - وبالنظر إلى ما أصبح يشكله وجود
أسواق تجارة الجملة - ومنها سوقي روض الفرج وغمرة - داخل عاصمة البلاد من أضرار
تتعلق بالنواحي الصحية والأمنية والمرورية نتيجة ما طرأ من ظروف ومتغيرات اجتماعية
واقتصادية وتزايد عدد سكان العاصمة بشكل كبير، وبما لم تعد معه مواقعها وحالتها
وإمكانياتها ملازمة لظروف العصر بحيث أصبحت الحاجة ملحه لنقلها خارج العاصمة، فقد
قامت جهة الإدارة في هذا السبيل بإجراء دراساتها منذ عام 1980 حيث أسندت الدراسة
التخطيطية (المرحلة قبل النهائية) لسوق القاهرة الكبرى بتاريخ 30/ 10/ 1980
لمجموعة الشركات الفرنسية (تيساروجا) من أهداف الدراسة كما جاء بكتاب وزير التعمير
والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 130 في 10/ 10/ 1984 إلى محافظ القاهرة،
تحليل الوضع الحالي لأسواق الجملة بالقاهرة الكبرى وتقديم الاقتراحات لإنشاء أسواق
جملة شاملة (للخضر والفاكهة والأسماك) خارج المدينة بقيام الأساليب الحديثة
للتخزين والتبريد ليحقق وفراً في الفاقد (الذي يصل حالياً إلى 30% من الخضر
والفاكهة) ويهيئ الظروف المناسبة لتسويق المنتجات بما يعود بالنفع على المنتجين
وتجار الجملة والتجزئة والمستهلكين ويحد من عمليات الوساطة في وصول هذه السلع بين
المنتج والمستهلك وسهولة توزيع المواد الغذائية تحقيقاً لسيادة الأمن الغذائي ورفع
المعاناة عن الجماهير.
وقد تتابعت بعد ذلك
الدراسات المتخصصة في هذا المجال والتي أسفرت عن احتياج إقليم القاهرة الكبرى إلى
ثلاثة أسواق لتجارة الجملة (تقرير اللجنة الدائمة لمشروع أسواق الجملة بإقليم
القاهرة الكبرى في 18/ 8/ 1985 (كتاب وزير التعمير في يوليو 1990 إلى محافظ
القاهرة من حافظة مستندات الحكومة) وهي 1) سوق جملة لخدمة سكان منطقة شمال شرق
القاهرة الكبرى ليتعامل في (2) مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة، وقد اختير
موقعه بمنطقة مدينة العبور عند الكيلو (25) طريق القاهرة/ الإسماعيلية الصحراوي
وعلى مساحة 250 فدان ليحل محل سوق روض الفرج وسوق السمك بغمرة.
2) سوق جملة لخدمة سكان
منطقة جنوب غرب القاهرة الكبرى ليتعامل مع مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة، وقد
اختير موقعه بمدينة 6 أكتوبر على مساحة 150 فدان ليحل محل سوق ساقية مكي.
3) سوق جملة لخدمة سكان
منطقة جنوب القاهرة الكبرى ليتعامل في مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة وقد
اختير موقعه بمدينة 15 مايو ليحل محل سوق أثر النبي، وبعد إذ تم الانتهاء من إنشاء
السوق الأول (سوق العبور) وفقاً للخطة الموضوعة سلفاً في شأن إحلال الأسواق
الجديدة محل الأسواق القديمة كل حسب تعامله فيها استناداً إلى ما أسفرت عنه
الدراسات المتخصصة فقد أصدر القرار المطعون فيه رقم 64 لسنة 1992 بإلغاء سوقي روض
الفرج وغمرة والشلايش على النحو الوارد بالقرار وذلك مراعاة من الإدارة للناحية
الصحية لسائر المواطنين ومن بينهم القاطنين بعاصمتها وكذا حفظاً على أمن ومظهر
العاصمة وقواعد المرور فيها وتوفيراً للهدوء، وذلك بقصد تلافي العيوب التي ثبت لدى
الجهة الإدارية المختصة بناء على ما أجرى من دراسات وبحوث فنية وعلمية في هذا
الموضوع قام بها المتخصصون في هذا الشأن واستغرقت منهم عدة سنوات، لجأوا خلالها
إلى كافة الوزارات المتصلة بالموضوع مستلهمين منها الرأي والمشورة كما عقدوا في
هذا الخصوص اجتماعات عديدة حضرها عدد من التجار الذين يزاولون نشاطهم في سوقي روض
الفرج وغمرة ومنهم بعض المطعون ضدهم أنفسهم حتى يدرس مطالبهم ليتوفر لهم أنسب
الظروف لمزاولتهم لنشاطهم بالسوق الجديدة بل أن جهة الإدارة المختصة حينما أتمت
العمل بهذا السوق أعطتهم طبقاً لصريح نص القرار المطعون فيه أحقيه في شغل الأماكن
بالسوق الجديد بمجرد طلبهم لذلك دون أية سلطة تقديرية من الجهة الإدارية في المنح
أو المنع بشرط استيفائهم الشروط الخاصة بالسوق الجديد وكل ذلك قد تقرر بعد أن تبين
للجهة الإدارية أن سوقي روض الفرج وغمرة أصبحا لا يصلحان من النواحي الصحية
والمرورية والأمنية وتأكدت لديها الحاجة إلى نقلهما إلى مكان أرحب وأوسع وبعد أن
كانت قد بدأت من وقت طويل وبصورة علنية ومطروحة في إنشاء سوق العبور وفق خطة
متكاملة لإنشاء ثلاث أسواق حسبما سبق البيان، ومن ثم يكون قد قامت الحالة الواقعية
لدى جهة الإدارة التي وضعت نفسها في أفضل الظروف اللازمة علمياً وفنياً وإدارياً
لإجراء التقدير الموضوعي على أساس عناصر لها أصول ثابتة بالأوراق وما حوته من
تقارير وأبحاث علمية وفنية وإدارية أعدت من قبل المتخصصين في هذا الشأن ومن ثم فقد
صدر القرار المطعون فيه بإلغاء السوق القديم لبدأ العمل بالسوق الجديد وهذا القرار
الذي لم يصدر بحسب الثابت من ظاهر الأوراق تحايلاً أو تحاملاً بل بني على دراسات
موضوعية وأسس علمية وفنية بعيدة عن أي قصد أو إهمال يؤدي على الأضرار بمصالح شاغلي
سوقي روض الفرج وغمرة، الأمر الذي يبين منه أن القرار الطعين قد قام بحسب الظاهر
من الأوراق - على صحيح سببه من القانون مما استظهرته الإدارة من عدم صلاحية سوقي
روض الفرج وغمرة واستمساكاً منها بتحقيق غايات مردها إلى الصالح العام في مفهومه
الأعم والأشمل متمثلاً في تحقيق الأمن والهدوء والسكينة والنظام المروري الأمثل
والصحة العامة لهذا الجزء من مناطق العاصمة فضلاً عن توفير أعباء النقل وتكاليف
الفاقد والضائع في السلع التي يتم التعامل فيها في السوق وغير ذلك من المزايا
الاقتصادية التي تضمنتها التقارير المودعة بملف الطعون.
ومن حيث إنه قد تضمن
القرار الطعين رقم 64 لسنة 1992 النص على إلغاء تراخيص مزاولة النشاط للتجارة في سوقي
روض الفرج وغمرة وتراخيص مزاولة النشاط بالشلايش المحددة في المادة الثانية من هذا
القرار، ولما كان المستقر قضاء هذه المحكمة أن الترخيص تصرف إداري يتم بالقرار
الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بحكم كونه لا يرتب حقاً ثابتاً كحق الملكية، بل يخول
المرخص له مركز قانوني مؤقت يرتبط حقه في التمتع به وجوداً وعدماً بأوضاع وظروف
وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها جواز تعديل
أوصاف هذا الترخيص أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به
أو زوال سبب منحه أو انقضاء الأجل المحدد له، أو تطلب المصلحة العامة إنهائه وهو
بهذا يفترق الترخيص عن القرار الإداري، الذي يكتسب حصانة عامة، ولو كان خاطئاً،
حصانة معصومة من السحب أو الإلغاء متى صار نهائياً بمضي وقت معلوم واستقر به مركز
قانوني أصبح غير جائز الرجوع فيه أو المساس به.
وكذلك فقد استقر قضاء هذه
المحكمة على أنه إذا كان المال العام قد أعد بطبيعته لينتفع به الأفراد انتفاعاً
خاصاً بصفة مستقرة وبشروط معينة - فإن الترخيص به يتم من الجهة الإدارية المنوط
بها الإشراف على المال العام ويحكم الترخيص في هذه الحالة الشروط الواردة فيه
والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع وهي ترتب حقوقاً للمنتفع على
المال العام تختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقررة عليه
في نطاق الغاية المحددة من الترخيص بأن يقوم المنتفع بالوفاء بالالتزامات الملقاة
على عاتقه وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع وذلك ما لم تقم
اعتبارات من المصلحة العامة تقتضي إنهاء تخصيص المال لهذا النوع من الانتفاع ودون
إخلال بها للجهة الإدارية من حقوق في اتخاذ الإجراءات التي تجدها كفيلة لصيانة
الأمن والنظام في أي وقت ولو تعارض ذلك مع المصلحة الشخصية للمنتفعين، وحيث إن
الثابت من ظاهر الأوراق أن إلغاء التراخيص المذكورة بالقرار رقم 64 لسنة 1992 سواء
في مادته الأولى أو مادته الثانية إنما كان مرده إلى إلغاء سوقي روض الفرج وغمرة
وهو مكان ممارسة النشاط الوارد بالترخيص وهو ما تملكه جهة الإدارة استناداً إلى سلطة
محافظ القاهرة المستمدة من التفويض الوارد بقرار وزير التموين والتجارة الداخلية
رقم 63 لسنة 1972 في تحديد الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو
أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل في الجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة
بهذا القرار وعلى ذلك فإن تمسك المطعون ضدهم بالتراخيص الصادرة لهم، وبإلغاء
القرارات السلبية بعدم تحديد تلك التراخيص يغدو استمساكاً غير مجد نتيجة لإلغاء
السوقين المذكورين وحظر ممارسة النشاط التجاري بالجملة في مكان هذين السوقين بعد
إلغائهما ومن ثم فإنه يلغى حتماً وبالتالي الترخيص لأي فرد يمثل هذا النشاط لورود
الترخيص على غير محل بعد إلغاء الأسواق قانوناً.
ومن حيث إنه لما تقدم
يكون القرار رقم 64 لسنة 1992 قد تكاملت كافة مقومات وجوده وأركانه من حيث الشكل
واختصاص مصدره والسبب والمحل والغاية وكان لهذه الأركان أصلها الثابت من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه لا ينال من
ذلك القول من المطعون ضدهم بأن سوق غمرة للسمك ليس سوقاً بالمعنى القانوني وأنه
محكوم بقواعد القانون الخاص ومن بينها أنه لا يجوز للمؤجر أن يأتي بما من شأنه
الإخلال بانتفاع المستأجر، ذلك أن القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة
قد أناطت نصوصه بوزير التموين والتجارة الداخلية تفويض محافظ القاهرة في تحديد
أماكن إنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك. فالسوق كمرفق عام
طبقاً لقانون تجارة الجملة سالف الذكر ليس سوى مكان محدد مرخص فيه بالأداة
القانونية الصحيحة بمباشرة نشاط تجارة الجملة وذلك بصرف النظر عن ملكية هذا المكان
لجهة عامة أو لأفراد إذ أن العلاقة التي تقوم بين من يرخص لهم بأماكن داخل السوق
ومالك المكان لا تغير من طبيعة السوق ولا من طبيعة الترخيص الصادر في هذا الشأن
كما لا يجدي المطعون ضدهم التمسك بأن المقابل المقرر لشغل الأماكن في سوق العبور
يعد مقابلاً باهظاً بالمقارنة بالمقابل الذي كان يدفع في سوقي روض الفرج وغمرة أو
ما ذكر من أن سوق العبور مكان استثماري قد دفع إليه المطعون ضدهم دفعاً جبراً عنهم
لتحقيق مكاسب مالية - فكل ذلك يخرج عن محل الطعون الماثلة والذي يتحدد في بحث
مشروعية القرار المطعون عليه فضلاً عن أن القرار المطعون عليه صدر تاركاً حرية
ممارسة النشاط لمن يرغب من تجار سوقي روض الفرج وغمرة متى تقدموا لشغل أماكن فيه
وفقاً للتنظيم المطبق به، كما ورد بالقرار ترك مهلة زمنية لمن يرغب منهم في التقدم
للترخيص بالسوق الحديد البديل عن سوقي غمرة وروض الفرج اللذين صدر القرار الطعين
بإلغائهما.
ومن حيث إن قضاء هذه
المحكمة قد جرى - حسبما سلف البيان على أنه ليس لمحاكم مجلس الدولة بسط رقابتها
التي أناطها بها الدستور في المادة (172) منه ونظمها قانون تنظيم مجلس الدولة رقم
(47) لسنة 1972 على ما يخرج عن رقابة المشروعية التي تقوم أساساً على مراقبة أي
قرار أو تصرف إداري وفقاً لما يقضي به أحكام الدستور والقوانين واللوائح التنظيمية
التي يخضع لها وبالتالي فلا يدخل أساساً في رقابة المشروعية المنوطة بمحاكم مجلس
الدولة والتي تباشرها في ولاية وقف التنفيذ والإلغاء للقرارات الإدارية رقابة فحص
تقدير واختيار السياسات الإدارية والتنفيذية ملاءمات الاختيار بينها، والموازنة
بين المنافع والأضرار التي تترتب على قرار إداري معين من حيث الواقع وحسب تقدير
المحكمة ومن حيث إن ما ذهب إليه المطعون ضدهم (المدعون) من أنه قد جرى قضاء هذه
المحكمة على مراقبة ما يخرج على نطاق المشروعية، ويدخل في مجال رقابة الملاءمة
المتعلقة باختيار البدائل في السياسات الإدارية، ورقابة التقدير الذي تباشره
الإدارة من خلال الموازنة بين المنافع والأضرار التي تترتب على قرار معين إلخ، لا
يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون إذ فضلاً عما سلف ذكره وبيانه في هذا
الشأن، فإنه ليس صحيحاً استنادهم إلى قضاء هذه المحكمة من رقابة محاكم مجلس الدولة
للقرارات التأديبية من حيث الغلو في توقيع الجزاء التأديبي عند تحققها من عدم
تناسبه مع الجريمة التأديبية أو ما قضت به هذه المحكمة في الطعنين رقمي 1875، 1914
لسنة 31 ق الصادر بجلسة 9/ 3/ 1991 للزعم بأن قضاء مجلس الدولة قد استقر على تطبيق
نظرية الموازنة بين المنافع والأضرار - وذلك لأن مبدأ الغلو في توقيع الجزاء
التأديبي يجد سنده القانوني الطبيعي في النصوص التأديبية بأنظمة العاملين المدنيين
بالدولة وبالقطاع العام وبالأنظمة الخاصة، حيث تتدرج هذه النصوص في تحديد العقوبة
التأديبية بالنص التشريعي ذاته بما يحتم على جهة الإدارة بمقتضى هذه النصوص ووفقاً
لمبادئ حسن الإدارة بما تفرضه طبيعة المرافق العامة وسيرها بانتظام واضطراد إذ
تراعي التناسب بين الجريمة التأديبية والجزاء التأديبي حتى لا تخرج عن الغاية
المشروعة من القرار التأديبي وهو تحقيق الردع والزجر الذي يسهم في حسن تسيير
المرافق العامة وانتظامها وهذا بذاته يدخل في صميم رقابة المشروعية التي تزن
القرار التأديبي بميزان القانون وتحقق التزامه غايته الوحيدة المشروعة وهو حسن سير
وانتظام المرافق العامة، وسلامة أداء العاملين لواجباتهم دون تسبب أو إحجام وخوف
يرتبه الغلو في شدة الجزاء غير المتناسب مع عدم جسامة الفعل التأديبي أو بساطة
وتفاهة الجزاء الذي لا يتناسب مع خطورة الجريمة التأديبية كما أن ما قضت به
المحكمة في الطعنين آنفي الذكر بجلسة 9 من مارس سنة 1993 لا يقوم على موازنة
الأضرار بالمنافع بالنسبة للقرار الإداري محل النزاع مما يدخل في الملائمات
الإدارية التي تتحمل مسئوليتها الإدارة التنفيذية العاملة جنائياً وتأديبياً ومدنياً
وسياسياً كما سلف البيان، وإنما يقوم على حتمية التزام جهة الإدارة التنفيذية
بمشروعية التدرج الذي حددته نصوص الدستور والقوانين المختلفة للمصالح العامة حيث
معلوماً للنص الصريح في مواد الدستور حماية الأمن القومي، والأمن العام والسلام
الاجتماعي على غير ذلك من المصالح العامة الأخرى المشروعة، الأقل أهمية وحيث يكون
التعارض واضحاً وظاهراً بين مصلحة أعلى نص عليها الدستور والقانون ومصلحة أدنى
منها مرتبة تعين على أساس رقابة المشروعية إعلاء للمصلحة الأعلى على الأدنى منها
ما دام محققاً وثابتاً هذا التعارض والتناقض وهذه الرقابة تربط الحكم المذكور
أساساً بنصوص الدستور والقانون باعتبارها رقابة مشروعية يفرضها التدرج الذي حدده
الدستور أساساً في المصالح العامة ومن ثم فإنه لا يجدي المطعون ضدهم التحدي
بالأحكام الخاصة بالغلو أو بتدرج المصالح العامة وغلو الصالح القومي الأسمى على ما
هو أدنى منها عند تعارضها للزعم بتطبيق محاكم مجلس الدولة المصري لمبدأ موازنة
المنافع والأضرار في رقابة القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه قد أقام
الحكمان المطعون فيهما قضاءهما على اعتبارهما ترجيح بقاء سوقي روض الفرج وغمرة مع
سوق العبور رغم صدور القرار المطعون فيه بإلغاء سوقي روض الفرج وغمرة، ورغم أن
الدراسات التي تمت بشأن إنشاء أسواق بالقاهرة قد حددت سوق العبور بديلاً لهذين
السوقين - وقد ذهب الحكمان المطعون فيهما إلى القضاء بإبقاء السوقين اللذين تقرر
بقاؤهما باعتبار أن ذلك أفضل الحلول التي رأتها المحكمة بشأن موضوع النزاع مع
تسليم الحكمين في ذات الوقت لسلامة الأسباب التي استندت إليها الإدارة في إصدار
القرار الطعين بإلغاء السوقين وهي عدم صلاحيتهما صحياً وأمنياً ومرورياً وتسببهما
بحالتهما في فاقد وضائع في السلع التي يتم التعامل عليها وأنه قد تم إنشاء سوق العبور
بديلاً لهما على نحو يمثل تقدماً ونقلة حضارية كبيرة ودون أن يرتب الحكمان على هذه
المقدمات النتيجة المنطقية والقانونية الحتمية لها وهي قيام القرار الطعين على
صحيح سببه على النحو السالف بيانه.
ولما كان ما ذهب إليه
الحكمان المطعون فيهما في هذا الشأن يدخل في صحيح السلطة التقديرية لجهة الإدارة
التنفيذية العاملة تباشرها على مسئوليتها السياسية والجنائية والمدنية والتأديبية
دون ما رقابة من محاكم مجلس الدولة ما دام قد خلا تصرفها من إساءة استخدام السلطة.
ومن حيث إن الحكمين محل
هذه الطعون قد ذهبا غير هذا المذهب وصدرا بالمخالفة لصحيح أحكام القانون الأمر
الذي يتعين معه القضاء بإلغائهما، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ
القاهرة رقم 64 لسنة 1992 المطعون عليه.
ومن حيث إنه من يخسر
الدعوى يلزم بمصروفاتها تطبيقاً لأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.