جلسة 18 من ديسمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفي، على جبريل "نواب رئيس المحكمة" ومحمد راضي.
----------------
(147)
الطعن رقم 6294 لسنة 80 القضائية.
(1 - 5) التزام "مصادر الالتزام: الإثراء بلا سبب".
(1) الإثراء بلا سبب. مصدر مستقل من مصادر الالتزام. اعتباره في صدارة القواعد القانونية المتصلة مباشرة بمبادئ العدالة والقانون الطبيعي. 179 مدني.
(2) دعوى الإثراء بلا سبب. شروطها. تجرد الإثراء هو انعدام السند القانوني الذي يولد للمشتري حقا في الاحتفاظ بما أثرى. علة ذلك. م 179 مدني.
(3) دعوى الإثراء بلا سبب. عدم قيامها حيث تقوم بين طرفي الخصومة رابطة عقدية تحدد حقوقهما والتزاماتهما. علة ذلك.
(4) عقد الزواج في الشريعة الإسلامية. لا يحكم المعاملات المالية بين الزوجين. مؤداه. سريان القواعد العامة في القانون حسب التكييف القانوني لكل معاملة. أثره. جواز رجوع الزوجة على زوجها بدعوى الإثراء بلا سبب متى توفرت أركانها.
(5) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة بإلزام المطعون ضده الأول برد المبلغ المالي محل التداعي استنادا لكون رابطة الزوجية بينهما تعد سببا قانونيا يخول الأخير الحق في أموال زوجته الطاعنة ويحول بينها والرجوع عليه بدعوى الإثراء بلا سبب ودون بحثه لتوفر أركان تلك الدعوى. قصور ومخالفة للقانون.
----------------
1 - النص في المادة 179 من التقنين المدني على أنه "كل شخص، ولو غير مميز يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بعد" يدل على أن المشرع وضع بهذا النص القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب كمصدر مستقل من مصادر الالتزام، باعتبارها تأتي في صدارة القواعد القانونية التي تتصل مباشرة بمبادئ العدالة ويقضي بها القانون الطبيعي، وحدد المشرع بذلك النص أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ورسم أحكامها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى الإثراء لا تقوم إلا بتوفر شروط ثلاثة: أولها: إثراء المدين بدخول ما يثرى به في ذمته، والثاني: افتقار الدائن المترتب على هذا الإثراء، والثالث: ألا يكون الإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما، والمقصود بالسبب في مفهوم النص سالف البيان انعدام السند القانوني الذي يولد للمثري حقا في الاحتفاظ بما أثرى به وهذا الحق لا يعدو مصدره أن يكون عقدا أو حكما من أحكام القانون بوصفهما المصدرين اللذين تتولد منهما كل الحقوق.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه إذا وجد بين المدين والدائن رابطة عقدية فلا قيام الدعوى الإثراء بلا سبب ويكون العقد هو الشريعة التي تحكم العلاقة بين الطرفين وتحدد حقوق والتزامات كل منهما، مما مؤداه أنه إذا كان الإثراء الحادث والافتقار المترتب عليه لا صلة له بالعقد المبرم بينهما وليس سببا لهذا الإثراء، فإن هذه الرابطة العقدية لا تكون مانعا يحول دون رجوع المفتقر على المثرى بدعوى الإثراء بلا سبب.
4 - أن عقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا يرتب أي حق للزوجين في أموال الآخر - عدا ما رتبه للزوجة من مهر ونفقة - إذ لكل منهما ذمته المستقلة المنفصلة، فلا يحكم عقد الزواج المعاملات المالية بين الزوجين وإنما يسرى عليها القواعد العامة في القانون بحسب التكييف القانوني لكل معاملة، ومن ثم فإن عقد الزواج لا يحول دون رجوع الزوجة على زوجها بدعوى الإثراء بلا سبب متى توفرت أركانها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن الرابطة الزوجية التي كانت قائمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول بعقد الزواج العرفي المؤرخ 24/ 9/ 1998 تعد سيبا قانونيا يخول المطعون ضده الأول الحق في أموال زوجته الطاعنة ويحول بينها والرجوع عليه بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون قد خالف القانون وحجبه ذلك عن بحث مدى توافر أركان دعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون معيبا أيضا بالقصور في التسبيب.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم ... لسنة 2005 مدني كلي الأقصر بطلب الحكم - وفقا لطلباتها الختامية - بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ 16664 مارك ألماني و13545 يورو أو ما يعادله بالجنيه المصري بسعر السوق حال التنفيذ، وقالت بيانا لذلك إن المطعون ضده الأول حال زواجه منها بعقد عرفي أوهمها برغبته في شراء مسكن خاص لهما فأرسلت له المبلغ المطالب به بحوالات رسمية عن طريق البنوك، إلا أنه تزوج من أخرى وطردها ورفض رد المبلغ لها فأقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا "مأمورية الأقصر" بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 27 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 3/ 2/ 2010 بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن مطالبتها بالمبالغ موضوع الدعوى تستند إلى أحكام الإثراء بلا سبب فاطرح الحكم هذا الدفاع قولا منه بأن وجود رابطة عقدية بينها وبين المطعون ضده الأول وهي عقد الزواج العرفي يمنع من الرجوع عليه استنادا إلى قاعدة الإثراء بلا سبب، في حين أن عقد الزواج لا يحكم المعاملات المالية بين الزوجين ولا يحول دون الرجوع على المطعون ضدهما بدعوى الإثراء مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 179 من التقنين المدني على أنه "كل شخص، ولو غير مميز يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بعد" يدل على أن المشرع وضع بهذا النص القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب كمصدر مستقل من مصادر الالتزام، باعتبارها تأتي في صدارة القواعد القانونية التي تتصل مباشرة بمبادئ العدالة ويقضي بها القانون الطبيعي، وحدد المشرع بذلك النص أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ورسم أحكامها فلا تقوم دعوى الإثراء لا تقوم إلا بتوفر شروط ثلاثة: أولها: إثراء المدين بدخول ما يثرى به في ذمته، والثاني: افتقار الدائن المترتب على هذا الإثراء، والثالث: ألا يكون الإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما، والمقصود بالسبب في مفهوم النص سالف البيان انعدام السند القانوني الذي يولد للمثري حقا في الاحتفاظ بما أثرى به وهذا الحق لا يعدو مصدره أن يكون عقدا أو حكما من أحكام القانون بوصفهما المصدرين اللذين تتولد منهما كل الحقوق، فإن وجد بين المدين والدائن رابطة عقدية فلا قيام الدعوى الإثراء بلا سبب ويكون العقد هو الشريعة التي تحكم العلاقة بين الطرفين وتحدد حقوق والتزامات كل منهما، مما مؤداه أنه إذا كان الإثراء الحادث والافتقار المترتب عليه لا صلة له بالعقد المبرم بينهما وليس سببا لهذا الإثراء، فإن هذه الرابطة العقدية لا تكون مانعا يحول دون رجوع المفتقر على المثري بدعوى الإثراء بلا سبب، وكان عقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا يرتب أي حق للزوجين في أموال الآخر - عدا ما رتبه للزوجة من مهر ونفقة - إذ لكل منهما ذمته المستقلة المنفصلة، فلا يحكم عقد الزواج المعاملات المالية بين الزوجين وإنما يسرى عليها القواعد العامة في القانون بحسب التكييف القانوني لكل معاملة، ومن ثم فإن عقد الزواج لا يحول دون رجوع الزوجة على زوجها بدعوى الإثراء بلا سبب متى توفرت أركانها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن الرابطة الزوجية التي كانت قائمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول بعقد الزواج العرفي المؤرخ 24/ 9/ 1998 تعد سيبا قانونيا يخول المطعون ضده الأول الحق في أموال زوجته الطاعنة ويحول بينها والرجوع عليه بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون قد خالف القانون وحجبه ذلك عن بحث مدى توافر أركان دعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون معيبا أيضا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة