جلسة 16 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ د. مدحت محمد سعد الدين "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ حامد عبد الوهاب علام، عبد الصمد محمد هريدي صلاح عبد العاطي أبو رابح وعبد الناصر عبد اللاه فراج "نواب رئيس المحكمة"
---------
(31)
الطعن 2271 لسنة 70 القضائية
(1) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة: المنازعة في الأجرة" "التكليف بالوفاء".
الحكم بالإخلاء لعدم وفاء المستأجر بالأجرة. شرطه. ثبوت تخلفه عن الوفاء بها طبقا لقوانين إيجار الأماكن. منازعة المستأجر في مقدار الأجرة القانونية المستحقة. أثره. وجوب الفصل في هذه المنازعة باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في طلب الإخلاء، التكليف بالوفاء بها. وقوعه باطلاً. تعلق ذلك بالنظام العام.
(2) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: الأجرة في ظل تشريعات إيجار الأماكن: تحديد الأجرة: من قواعد تحديد الأجرة".
عقود الإيجار المبرمة منذ أول مايو 1941. تقدير أجرتها عند عدم قيام أجرة فعلية لها. مناطه. أجرة المثل. توفر التماثل أو انعدامه. واقع تستقل بتقديره محكمة الموضوع. شرطه. إيراد الحكم للعناصر المؤدية لقيام التماثل أو نفيه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. علة ذلك. م 4 ق 121 لسنة 1947.
(3) إيجار "إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة: التكليف بالوفاء".
تمسك الطاعن ببطلان التكليف بالوفاء لتجاوز الأجرة المطالب بها فيه ما نصت عليه م 4 ق 121 لسنة 1947. تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الابتدائي اتخاذه - ما انتهى إليه خبير الدعوى - من الأجرة الاتفاقية أجرة قانونية لعين التداعي مقررا صحة التكليف بالوفاء لانتفاء التماثل بين عين التداعي وحالتي المثل المقدمتين من الطاعن دون بيان أوجه التشابه أو التباين بينهما. مخالفة للقانون وخطأ وقصور.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يشترط للحكم بالإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة ثبوت تخلف المستأجر عن الوفاء بتلك الأجرة طبقا لما تنص عليه قوانين إيجار الأماكن وأنه متى ثار خلاف بين المؤجر والمستأجر على حقيقة ومقدار الأجرة القانونية المستحقة، فإنه يتعين على المحكمة قبل أن تفصل في طلب الإخلاء أن تعرض لهذا الخلاف وتقول كلمتها فيه باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في هذا الطلب وعليها أن تتثبت قبل القضاء فيه من حقيقة الأجرة القانونية المستحقة تمهيدا لتحديد حقيقة مقدار الأجرة القانونية وصحة التكليف بالوفاء بها حتى يستقيم قضاؤها بالإخلاء جزاء على هذا التأخير فإن كانت الأجرة متنازعا عليها من جانب المستأجر منازعة جدية سواء في مقدارها أو في استحقاقها قانونا من عدمه فإنها لا تقضي به ويقع التكليف بالوفاء بها باطلا وهو من الأمور المتعلقة بالنظام العام.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 يدل على أن المناط في تقدير الأجرة عند عدم قيام أجرة فعلية للعين المؤجرة في التاريخ المشار إليه هو أجرة عين مماثلة لها، أي أجرة بناء قائم فعلا يماثل عين النزاع من كافة الوجوه بقدر الإمكان من حيث صقعه وموقعه واتساعه وعدد غرفه وتكاليف إنشائه ودرجة العناية بتشييده، دون أن يستلزم الأمر قيام تطابق كامل بينهما، هذا ولئن كان من المقرر أن توافر التماثل أو انعدامه يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع إلا أن ذلك لا يتأتى إلا إذا اشتمل الحكم على بيان العناصر المؤدية إلى قيام التماثل أو نفيه، وذلك بإثبات أوجه التشابه بين المكانين وأوجه التباين بينهما توطئة لإجراء الموازنة بين هذه وتلك فإن رجحت كفة التشابه قام التماثل وإلا انتفى، وتخضع محكمة الموضوع في ذلك لرقابة محكمة النقض لتعلقه بصحة تطبيق القانون على الواقع، وهذا دون إخلال بما ينبغي على محكمة الموضوع من تقديم عناصر الاختلاف الجزئية لتحديد أثرها في تحديد الأجرة.
3 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى مجتزئا منه تأييدا لقضائه أن الطاعن لم يقدم دليلا على الأجرة الفعلية لعين النزاع وقدم حالتي مثل ينتفي التماثل بينهما وبين العين المؤجرة لتحديد القيمة الإيجارية لهذه العين خلال المدة المشار إليها دون أن يبين أوجه التشابه بينهما ويدلل على غلبة أوجه التباين عليها وصولا لمعرفة الأجرة القانونية لعين النزاع في المدة المشار إليها ومدى مطابقتها للأجرة المبينة بالتكليف بالوفاء، واكتفى بأعمال الأجرة المتفق عليها بين الطرفين بموجب العقد المؤرخ 1/ 2/ 1990 للقول بأنها الأجرة القانونية فإنه يكون قد استخلص النتيجة التي أقام عليها قضاءه من مقدمات لا تكفي لحمل هذا القضاء، وافترض أن الأجرة الواردة بالتكليف بالوفاء قانونية فخالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقد حجبه ذلك عن بحث دفاع الطاعن الجوهري ببطلان التكليف بالوفاء بما يعيبه بالقصور المبطل ويوجب نقضه.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 1998 طهطا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1990 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة، وقال شرحا لذلك إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر الطاعن منه العيادة محل النزاع بأجرة شهرية مقدارها أحد عشر جنيها وخمسة وعشرون قرشا وإذ كانت تلك العين منشأة قبل أول يناير عام 1944 فتكون أجرتها الشهرية وفقا لزيادتها بالقانون رقم 6 لسنة 1997 في أول أبريل عام 97 تسعين جنيها شهريا بزيادة دورية 10% مما يستحق عليه مبلغ تسعمائة وتسعة وتسعين جنيها عن المدة من 1/ 6/ 97 حتى 30/ 4/ 98 سددها عدا مبلغ اثني عشر جنيها وستين قرشا رغم تكليفه بالوفاء بها ومن ثم فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 27/ 3/ 2000 بالطلبات. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 75 ق واستأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ... لسنة 75 ق أسيوط - مأمورية سوهاج - ضمت المحكمة الاستئنافين وقضت بتاريخ 24/ 7/ 2000 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في - غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه نازع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في حقيقة القيمة الإيجارية للعين المؤجرة التي أنشئت عام 1930 وأن الأجرة القانونية المطالب بها طبقا للقانون 6 لسنة 1997 بعد احتساب الزيادة المبينة به لا تتفق مع الأجرة المطالب بها في التكليف بالوفاء التي احتسبت على أساس الأجرة الواردة بالعقد المؤرخ 1/ 2/ 1990 وكان يجب احتسابها استنادا للمادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي لا يجوز بمقتضاها أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار على أجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر مما يبطل التكليف بالوفاء المشار إليه وإذ خالف الحكم هذا النظر والتفت عن دفاعه في هذا الخصوص ومنازعته في تلك الأجرة وبطلان التكليف بالوفاء قولا منه إن الحكم الابتدائي رد على هذا الدفع مع أن أسباب الحكم الأخير لا تواجه هذا الدفاع فإن ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة ثبوت تخلف المستأجر عن الوفاء بتلك الأجرة طبقا لما تنص عليه قوانين إيجار الأماكن وأنه متى ثار خلاف بين المؤجر والمستأجر على حقيقة ومقدار الأجرة القانونية المستحقة، فإنه يتعين على المحكمة قبل أن تفصل في طلب الإخلاء أن تعرض لهذا الخلاف وتقول كلمتها فيه باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في هذا الطلب وعليها أن تتثبت قبل القضاء فيه من حقيقة الأجرة القانونية المستحقة تمهيدا لتحديد حقيقة مقدار الأجرة القانونية وصحة التكليف بالوفاء بها حتى يستقيم قضاؤها بالإخلاء جزاء على هذا التأخير فإن كانت الأجرة متنازع عليها من جانب المستأجر - منازعة جدية - سواء في مقدارها أو في استحقاقها قانونا من عدمه فإنها لا تقضي به ويقع التكليف بالوفاء بها باطلا وهو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، كما أن مفاد نص المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المناط في تقدير الأجرة عند عدم قيام أجرة فعلية للعين المؤجرة في التاريخ المشار إليه هو أجرة عين مماثلة لها، أي أجرة بناء قائم فعلا يماثل عين النزاع من كافة الوجوه بقدر الإمكان من حيث صقعه وموقعه واتساعه وعدد غرفه وتكاليف إنشائه ودرجة العناية بتشييده، دون أن يستلزم الأمر قيام تطابق كامل بينهما، هذا ولئن كان من المقرر أن توافر التماثل أو انعدامه يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع إلا أن ذلك لا يتأتى إلا إذا اشتمل الحكم على بيان العناصر المؤدية إلى قيام التماثل أو نفيه، وذلك بإثبات أوجه التشابه بين المكانين وأوجه التباين بينهما توطئة لإجراء الموازنة بين هذه وتلك فإن رجحت كفة التشابه قام التماثل وإلا انتفى، وتخضع محكمة الموضوع في ذلك لرقابة محكمة النقض لتعلقه بصحة تطبيق القانون على الواقع، وهذا دون إخلال بما ينبغي على محكمة الموضوع من تقديم عناصر الاختلاف الجزئية لتحديد أثرها في تحديد الأجرة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى مجتزئا منه تأييدا لقضائه أن الطاعن لم يقدم دليلا على الأجرة الفعلية لعين النزاع وقدم حالتي مثل ينتفي التماثل بينهما وبين العين المؤجرة لتحديد القيمة الإيجارية لهذه العين خلال المدة المشار إليها دون أن يبين أوجه التشابه بينهما ويدلل على غلبة أوجه التباين عليها وصولا لمعرفة الأجرة القانونية لعين النزاع في المدة المشار إليها ومدى مطابقتها للأجرة المبينة بالتكليف بالوفاء، واكتفى بأعمال الأجرة المتفق عليها بين الطرفين بموجب العقد المؤرخ 1/ 2/ 1990 للقول بأنها الأجرة القانونية فإنه يكون قد استخلص النتيجة التي أقام عليها قضاءه من مقدمات لا تكفي لحمل هذا القضاء، وافترض أن الأجرة الواردة بالتكليف بالوفاء قانونية فخالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقد حجبه ذلك عن بحث دفاع الطاعن الجوهري ببطلان التكليف بالوفاء بما يعيبه بالقصور المبطل ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.