جلسة 24 من
نوفمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي / محمد محجوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الرسول طنطاوي ، محمد رضا حسين ، فتحي شعبان ومدحت الشناوي نواب رئيس المحكمة .
-----------
(103)
الطعن
رقم 23018 لسنة 86 القضائية
(1) حكم " بيانات
التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده
أدلة سائغة على ثبوتها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً
خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) إثبات
" خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه
. لا يعيبه .
مثـال .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إيراد النص الكامل لأقوال
الشاهد . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله
. غير مقبول . علة وحد ذلك ؟
مثال .
(4) حكم " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل " .
خلو الحكم من مواقيت
وأماكن تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن وواقعة الضبط والتفتيش . لا يعيبه . حد
ذلك ؟
(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود "
. حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي
. ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال شاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب
الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام
محكمة النقض .
(6) استدلالات . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم استناد الحكم في الإدانة لدليل مستمد من
محضر التحريات . مؤداه : انحسار التزامه بالرد استقلالاً على الدفع بقصوره في بيان
عناصر التحريات أو ببطلانها .
(7) قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن انعدام سند القبض
عليه . ما دام إجراؤه بناءً على الإذن الصادر من النيابة العامة .
(8) إثبات " شهود" . بطلان . حكم " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه
. حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضابط
الواقعة . لا يعيبه . ما دام انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش .
(9) جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مواد مخدرة .
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر
المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . التحدث عنه استقلالاً . غير
لازم.
(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواد
مخدرة .
تدليل الحكم على ثبوت
إحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي وإدانته بالمادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل . كفايته لحمل
قضائه بالإدانة . علة ذلك ؟
(11) دفوع " الدفع بنفي التهمة
" "
الدفع بكيدية الاتهام " " الدفع بتلفيق التهمة " .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع
. ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وكيدية الاتهام
وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب ردًا صريحاً من المحكمة . استفادة الرد عليه من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم .
(12) نقض "
أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن التفات المحكمة عن أوجه دفاعه دون الكشف عنها . غير مقبول . علة
ذلك ؟
(13) مواد مخدرة . قانون " تطبيقه " .
صدور قرار وزير الصحة والسكان 125 لسنة 2012
بإضافة مادة الترامادول ونظائرها ومشتقاتها للقسم الثاني من الجدول الأول الملحق
بقانون المخدرات . مفاده : اعتبارها جوهراً مخدراً ومعاقباً عليها بعقوبة الجناية
. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
لما كان الحكم المطعون فيه بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر "
الترامادول " المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي
دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الملازم أول ....
معاون مباحث قسم شرطة .... وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل دليل في بيان واف ، وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت
بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة
، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في
الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم
قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن .
2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى
تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به أن جميع المضبوطات لعقار " الترامادول هيدوكلوريد "
المخدر المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات وهو بيان كاف للدلالة على أن
المادة المضبوطة مع الطاعن هي لذلك المخدر ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة
الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما يثيره
الطاعن من قصور في هذا الصدد .
3- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل
لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي
على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى
أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما
ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد
ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو
يحرفها عن مواضعها ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال ضابط الواقعة
يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان
لمؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الخصوص يكون في غير محله .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن
اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، ومن ثم فلا
يعيبه من بعد خلوه من مواقيت أو أماكن تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو واقعة
الضبط والتفتيش ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور تسبيب الحكم في هذا الخصوص
يكون غير مقبول .
5- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال
الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو
تضاربه في أقواله – على فرض حصوله لايعيب
الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وإذ كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذي حصلته في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
المقام إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة
الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
6- لما كان ما يثيره الطاعن من منعى على الحكم
لقصوره في بيان عناصر التحريات أو الرد على دفاعه ببطلانها مردوداً بأن الحكم قد
بنى على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعوّل على أي دليل
مستمد من محضر التحريات ، ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا
الدفع .
7- لما كان لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن
انعدام السند الذي يجيز القبض عليه ما دام من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا
القبض بناءً على الإذن الصادر لهم من النيابة العامة – وهو ما أثبته الحكم أيضاً –
بما لا ينازع فيه الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم
.
8- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا
تقبل منه الشهادة عليه ، إلَّا أن ذلك لا يكون إلَّا عند قيام البطلان وثبوته ،
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه
لا تثريب عليه إن عوّل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في
هذا الصدد غير سديد .
9- لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو
حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد
المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن متى كان ما
أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدراً ،
وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع
بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في
الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الطاعن
على الحكم من قصور في هذا المقام يكون غير مقبول .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت
إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركينه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه وأدانه
بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960
المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل
المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، فإن في ذلك ما
يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه
، ويضحى ما يثيره الطاعن بوجه طعنه غير قويم .
11- من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن
بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل
رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى
أدلة الثبوت التي أوردها .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون
واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي
أبداها أمام المحكمة وأمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها أو الرد عليها وذلك
لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان دفاعاً جوهرياً مما
يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا
يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه يستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها
المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
13- من
المقرر قانوناً بنص المادة الأولى من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة
المخدرات أنه ( تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبينة
بالجدول رقم " 1 " الملحق به ويستثنى منها المستحضرات المُبيّنة بالجدول
رقم " 2 " ) ، وكانت مادة الترامادول وأملاحها ونظائرها واستراتها
وايثيراتها وأملاح نظائرها واستراتها ومستحضراتها ، قد أضيفت إلى الجدول الأول
بالقسم الثاني منه بالبند رقم 153 وذلك بموجب قرار وزير الصحة والسكان رقم 125
لسنة 2012 ، بما مفاده أن حيازة أو إحراز عقار الترامادول قد أصبح جوهراً مخدراً
يعاقب عليه بعقوبة الجناية وذلك بموجب المادة 38 من ذات القانون وليست جنحة معاقب
عليها بالحبس كما يزعم الطاعن بأسباب طعنه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم
هذا النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص
غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أحرز بقصد الاتجار
عقاراً مخدراً " الترمادول هيدروكلوريد " في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً وكان ذلك بالجوار لإحدى دور العبادة .
وأحالته إلى محكمة
جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ،
38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960
المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 152 من
الجدول 1 المرفق بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه
ومصادرة الأقراص المخدرة ، باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة في القانون
.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجريمة إحراز جوهر مخدر " أقراص الترامادول هيدروكلوريد " بغير قصد الاتجار
أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال
، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه حرر في صورة عامة
معماة لم يبين فيها واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق أركان الجريمة
التي دانه بها ، ولم يورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي ، وأورد أقوال ضابط الواقعة
بطريقة مبتسرة لم يبين فيها عناصر التحريات وتاريخ صدور الإذن وتوقيت تنفيذه
وكيفية ضبط الطاعن ، واعتنق الحكم تصوير الضابط للواقعة على الرغم من تناقض أقواله
بمحضر الضبط عنها بتحقيقات النيابة بالإضافة إلى عدم معقولية تصويره للواقعة ، ولم
يعن الحكم بالرد على دفاعه الثابت بمحضر الجلسة من بطلان التحريات ، وكذا دفاعه
بانعدام السند القانوني للقبض على الطاعن ، وبطلان الدليل المستمد من أقوال الضابط
، كما لم يعن الحكم ببيان مدى علم الطاعن بكنه المخدر المضبوط وقصده من إحرازه ،
والتفت الحكم عن دفاعه بكيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة ، كما
التفت عن الرد على دفاعه الجوهري ، وأخيراً فقد أخطأ الحكم حين عاقبة بالسجن
المشدد عن إحرازه لمخدر الترامادول في حين أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي
الحبس فقط ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه
بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر "
الترامادول " المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها
في حقه أدلة مستقاة من أقوال الملازم أول ....
معاون مباحث قسم شرطة .... وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلة سائغة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل دليل في بيان واف ، وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت
بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة
، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما
استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً
لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها
الطاعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما
جاء به أن جميع المضبوطات لعقار " الترامادول هيدوكلوريد " المخدر
المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات وهو بيان كاف للدلالة على أن المادة
المضبوطة مع الطاعن هي لذلك المخدر ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم
عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم ما يثيره الطاعن
من قصور في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل
لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي
على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن
فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما
للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى
الأخذ به ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر
لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وكان ما أورده
الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال ضابط الواقعة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان لمؤدى الأدلة التي يستند إليها
الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش
كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، ومن ثم فلا يعيبه من بعد خلوه من مواقيت أو
أماكن تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو واقعة الضبط والتفتيش ، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن بشأن قصور تسبيب الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها
اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى
أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله
المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة
بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو
تضاربه في أقواله – على فرض حصوله – لا
يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً
لا تناقض فيه ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو
الذي حصلته في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام إنما ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه
أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن
من منعى على الحكم لقصوره في بيان عناصر التحريات أو الرد على دفاعه ببطلانها
مردوداً بأن الحكم قد بنى على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم
يعوّل على أي دليل مستمد من محضر التحريات ،
ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع . لما كان
ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في الجدل بشأن انعدام السند الذي يجيز القبض عليه ما
دام من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا
القبض بناءً على الإذن الصادر لهم من النيابة العامة – وهو ما أثبته الحكم أيضاً –
بما لا ينازع فيه الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من
يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلَّا أن ذلك لا يكون إلَّا عند قيام
البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات
القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن عوّل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ،
ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في
جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو
يحوزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا
الركن متى كان ما أوردته في حكمها كافياً في
الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدراً ، وإذ كان يبين من
محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو
المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في
مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك
، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على
ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط
بركينه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه
وأدانه بموجب المادة 38 من القانون رقم
182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر
أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي
العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل
قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، ويضحى ما يثيره الطاعن بوجه طعنه غير
قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وكيدية
الاتهام وتلفيقه من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة
استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً
، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أبداها
أمام المحكمة وأمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها أو الرد عليها وذلك لمراقبة ما
إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على
المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في
الأصل رداً بل الرد عليه يستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة
في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر قانوناً بنص المادة الأولى من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة
المخدرات أنه ( تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبينة بالجدول رقم " 1 " الملحق به
ويستثنى منها المستحضرات المبينة بالجدول رقم " 2 " ) ، وكانت
مادة الترامادول وأملاحها ونظائرها واستراتها وايثيراتها وأملاح نظائرها واستراتها
ومستحضراتها ، قد أضيفت إلى الجدول الأول بالقسم الثاني منه بالبند رقم 153 وذلك
بموجب قرار وزير الصحة والسكان رقم 125 لسنة 2012 ، بما مفاده أن حيازة أو إحراز
عقار الترامادول قد أصبح جوهراً مخدراً يعاقب عليه بعقوبة الجناية وذلك بموجب
المادة 38 من ذات القانون وليست جنحة معاقب عليها بالحبس كما يزعم الطاعن بأسباب
طعنه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح
القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ