الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 أغسطس 2019

دستورية سلطة الجمعية العامة للشركة المساهمة في توزيع الأرباح السنوية على العاملين فيها


الدعوى رقم 134 لسنة 37 ق "دستورية" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 134 لسنة 37 قضائية "دستورية".
المقامة من
أبو السعود على سعودى محمد
ضــد
1 – رئيس الجمهوريــة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - وزيـر القوى العاملــة
4- رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت أسيوط "سيمكس"

الإجـراءات
  بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصـى المادتيـن (41، 44) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقـــــم 159 لسنة 1981.


      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
      وقدمت الشركة المدعى عليها الرابعة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

      بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 103 لسنة 2010 مدنى كلى "عمال"، أمام محكمة أسيوط الابتدائية، طالبًا الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها الرابعة بأن تؤدى له حصته في نسبة الـ 10% من الأرباح السنوية التى حققتها الشركة في السنوات المالية 2006، 2007، 2008، من واقع ميزانياتها السنوية، وإلزامها بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد. وذلك على سند من أنه كان من العاملين بتلك الشركة، وأثناء خدمته بها تقـرر عـدم صرف الأرباح للعاملين في كل من السنوات المشار إليها، ولم تجد المحاولات الودية نفعًا لصرفها. وبعد أن ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، باشر المأمورية وأودع تقريره عنها، قضت بجلسة 31/1/2015، برفض الدعوى، على سند من أن أحكام المادتين (41، 44) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 لا تنشئ حقًا للعاملين في الأرباح السنوية التى تحققها الشركة إلا من تاريخ صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها، بناء على اقتراح مجلس الإدارة، وأن الجمعية العامة للشركة المدعى عليها لم تقرر توزيـع أربـاح في تلك السنوات، واتخذت قرارًا بترحيلها لسنـوات مالية تالية، حفاظًا على المركز المالي للشركة، وتوسيع مشروعاتهـا المستقبلية. وإذ لم يرتض المدعى ذلك الحكم، فطعن عليه بالاستئناف رقـم 136 لسنة 90 قضائية "عمال مستأنف"، أمام محكمة استئناف أسيوط ، طالبًا الحكم بإلغاء قضاء محكمة أول درجة، والحكم مجددًا له بطلباته. وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نصى المادتين (41، 44) من القانون المشار إليه، فقدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستوريتهما، فأقام الدعوى المعروضة.


وحيث إنه بشأن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى المعروضة، لكون الشركة المدعى عليها الرابعة، شركة مساهمة مصرية، تتولى إدارة شئونها، وتنظم علاقتها بالعاملين فيها وبالغير أحكام القانون الخاص، ومن ثم فإن أحكام المادتين المطعون فيهما لا تُعد تشريعًا موضوعيًّا مما تختص هذه المحكمة بالرقابة على دستوريتها. فمردود بأن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح التى عهد الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بممارستها، دون غيرها، تنحصر في القوانيــــن واللوائح أيًّا كان موضوعها أو نطـاق تطبيقها، متى تولدت عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصـوص بالتشريعـات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التى ناطها الدستور بها. متى كان ذلك، وكانت المادتان (41، 44) المطعون فيهما قد وردتا ضمن مواد قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وتضمنتا تنظيمًا لمسائل موضوعية بشأن ضوابط استحقاق العاملين والمساهمين في شركات المساهمة لنصيب في الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، ومن ثم فإن الأحكام التى وردت بهاتين المادتين تخضع للرقابة على الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة، الأمر الذى يضحى معه الدفع المشار إليه في غير محله، حقيقًا بالرفض.


      وحيث إن المادة (41) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 تنص على أنه "يكون للعاملين بالشركة نصيب في الأرباح التي يتقرر توزيعها تحدده الجمعية العامة بناءً على اقتراح مجلس الإدارة بما لا يقل عن (10%) من هذه الأرباح ولا يزيد على مجموع الأجور السنوية للعاملين بالشركة. وتبين اللائحة التنفيذية كيفية توزيع ما يزيد على نسبة الــ (10%) المشار إليها من الأرباح على العاملين والخدمات التي تعود عليهم بالنفع.
      ولا تخل أحكام الفقرة السابقة بنظام توزيع الأرباح المطبق على الشركات القائمة وقت نفاد هذا القانون إذا كان أفضل من الأحكام المشار إليها".

      وتنص المادة (44) من القانون ذاته على أنه "يستحق كل من المساهم والعامل حصته في الأرباح بمجرد صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها.
      وعلى مجلس الإدارة أن يقوم بتنفيذ قرار الجمعية العامة بتوزيع الأرباح على المساهمين والعاملين خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدور القرار.
      ولا يلزم المساهم أو العامل برد الأرباح التى قبضها - على وجه يتفق مع أحكام هذا القانون - ولو منيت الشركة بخسائر في السنوات التالية".

      وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعى يبتغى من دعواه المعروضة الحكم بعدم دستورية المادتين (41، 44) المطعون فيهما، فيما تضمنتاه من وجوب موافقة الجمعية العامة لشركة المساهمة على تقرير ما يتم توزيعه من الأرباح على العاملين فيها، وهو الشرط الذى حال بينه والحصول على حصته في الأرباح عن أعوام 2006، 2007، 2008، والتى يدور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية، لامتناع الشركة المدعى عليها الرابعة عن صرف الأرباح في كل من السنوات المشار إليها، وبالتالى فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (41)، والفقرتان الأولى والثانية من المادة (44) من القانون المار ذكره من تخويل الجمعية العامــــة للشركة سلطة إصدار قرار بتوزيع نسبة من الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين بها عند توافر شروط استحقاقها، وذلك بحسبان الفصل في دستوريتها سيكون له أثر وانعكاس أكيد على الفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وفيها يتحدد نطاق الدعوى المعروضة، دون سائر الأحكام الأخرى التى اشتملت عليها المادتان (41، 44) من القانون المشار إليه.


      وحيث إن المدعى ينعى على أحكام النصوص المطعون فيها - في النطاق سالف التحديد - أنها خولت الجمعية العامة لشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في اتخاذ قرار توزيع نسبة من الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين فيها، دون المساهمين، غير مقيدة في ذلك بإبداء أسباب، مما أدى إلى حرمان العاملين من الحصول على نصيبهم في هذه الأرباح، وتمييز المساهمين عنهم في هذا الشأن، رغم أن العنصر الحاسم فيما تحققه الشركة من أرباح يرجع لعمل وجهد العاملين فيها، الأمر الذى يخل بالحماية المقررة لحق العاملين في هذه الأرباح، وينال من الحماية المقررة للملكية الخاصة، فضلاً عن إخلاله بمبدأ المساواة بالمخالفة لأحكام الدستور.

      وحيث إنه عن النعى بمخالفة أحكام النصوص المطعون فيها لنص المادة (26) من دستور سنة 1971 - التى ترددت أحكامها في المادة (42) من الدستور القائم - بقالة إخلالها بحق العاملين في شركات المساهمة لنسبة من صافى الأرباح السنوية التى تحققها، ونعى المدعى على هذين النصين بأن ما تضمناه من تخويل الجمعية العامة لشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في إقرار توزيع صافى الأرباح السنوية التى تحققها الشركة، يخل بالحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة، باعتبار أنه إذا توافر مناط استحقاق الأرباح، للعاملين حق في نصيب منها، وهو حق ذو قيمة مالية، ومن ثم يكون لهم على هذا النصيب من مكنات الملكية الخاصة ما يمكنهم من التصرف فيه على النحو الذى يتصرف فيه المالك في ملكه.


      وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجـال تنظيم الحقوق - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخــــومًا لها لا يجوز اقتحامهـا أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها، يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها - بعيـدًا عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التى انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملاً، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التى رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خيارتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها، مرتبطة عقلاً بها.

      وحيث إن من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة، أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن أى تنظيم تشريعى ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم، يتعين دومًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي المطعــــون فيه يلتزم إطــــارًا منطقيًّا للدائرة التى يعمــــل فيهـا، كافلاً من خـلالهـا تناغــــم الأغراض التى يستهدفهـا، أو متهادمًا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًا بالتالى لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور.
      وحيث إن الحقوق التى ضَمِنَها الدستور أو القانون للعمال، لا يجوز فصلها عن مسئولية اقتضائها، ولا مقابلتها بغير واجباتها، ومدخلها بالضرورة أن تكون المزايا التى ربطها الدستور بالعمل، محددًا نطاقًا على ضوء قيمته، فلا تتساقط على من يطلبونهــــا بغير جهــد منهم يقارنها ويعادلهـا، ولا يكـون الطريـق إليها إلا العمل وحده، الذى أعلى الدستور في المادتين (12، 13) من قيمته، واعتبر كفالته التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، باعتباره حقًا وواجبًا وشرفًا، وقرنه بالمقابل العادل كأحد عناصره والمتمم له، ومن أجل ذلك حدد الدستور بنص المادة (27) منه الأغراض التى يتوخاها النظام الاقتصادي، ومن بينها زيادة فرص العمل، وتقرير حدين للأجور لا تقل فيه عن أدناهما ولا تربو على أعلاهما، ضمانًا للتوزيع العادل لعوائد التنمية، وتحقيـقًا للتوازن بين الدخول والتقريب فيما بينها، إلا أن ذلك لا يتأتى كفالته إلا بإقامة رباط بين الأجر والإنتاج، فلا يكون الأجر وما يتصل به من المزايا، إلا من ناتج العمل وبقدره.


      وحيث إن الاستثمار بمختلف صوره - العام منها والخاص - ليس إلا أموالاً تنفق، وسواء عبأتها الدولة أو كونها القطاع الخاص، فإنها تتكامل فيما بينها، ويعتبر تجميعها لازمًا لضمان قاعدة إنتاجية أعرض وأعمق، لا يكون التفريط فيها إلا ترفًا ونكولاً عن قيم يدعو إليها التطور ويتطلبها. وما تنص عليه المادة (33) من الدستور القائم من تعداد لأشكال الملكية، تتقدمها الملكية العامة، وتقوم إلى جانبها كل من الملكية التعاونية والملكية الخاصة، ليس ذلك إلا توزيعًا للأدوار فيما بينها، لا يحول دون تساندها، والتزام الدولة بحمايتها جميعًا. ذلك أن تواصل التنمية المستدامة، وإثراء نواتجها - وعلى ما تنص عليه المادة (27) من الدستور، يمثل أصلاً يبلوره الاستثمار العام والخاص، فلكل منهما دوره في التنمية، فهما شريكان متكاملان، فلا يتزاحمان أو يتعارضان أو يتفرقان، بل يتولى كل منهما مهامًا يكون مؤهلاً لها وأقدر عليها. ومن بين المعايير التى يلتزم بها النظام الاقتصادي دعم محاور التنافسية، وتشجيع الاستثمار، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمى المستهلك. وهو ما أكدت عليه المادة (28) من الدستور، بالنص على التزام الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، والعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد، باعتبار أن تلك الأنشطة مقومات أساسية للاقتصاد القومى.


      وحيث إن شركات المساهمة - وفقًا لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانـــــون رقم 159 لسنة 1981 المشار إليه - من الشركات الخاصة، التى يتكون رأسمالها من جملة الأسهم التى يمتلكها المؤسسون والمساهمون فيها، وهى الأجدر على جذب المدخرات لإنشاء الكيانات الاقتصادية الكبرى، وتُعد عاملاً فاعلاً في تنمية الاقتصاد القومى. ويهدف المساهمون من خلال استثمار أموالهم فيها إلى تحقيق الأرباح، ويجتمعون دوريًّا كل سنة في شكل جمعية عامة لمناقشة أحوال الشركة، واتخاذ القرارات التى تكفل حسن إدارتها، وتذليل ما يعترض عملها من عوائق، تحول دون تحقيق الشركة لأرباح صافية، بما يعود عليهم بالنفع. وبمقتضى نصوص المواد (41، 63، 71/2) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المشار إليه، فإن الجمعية العامة للشركة تُعد هى السلطة العليا فيها، ومن أجل ذلك منحها المشرع وحدها سلطة اعتماد ميزانية الشركة وقوائمها المالية التى يعدها مجلس الإدارة، وحساب الأرباح والخسائر، وتعيين الأرباح الصافية القابلة للتوزيع، إلا أن قرارها في شأن توزيع الأرباح السنوية التى تحققها الشركة من عدمه، ينصرف حكمه إلى كل من العاملين والمساهمين فيها، وليس لفريق منهم دون الآخر. هذا وحرصًا من المشرع على كفالة هذا الحق للعاملين ضَمَّن النصوص المطعون فيها الضوابط والقواعــــد الحاكمة لسلطة الجمعية العامة للشركة، فحدد الحد الأدنى لنصيب العاملين في هذه الأرباح، بما لا يقل عن 10% منها، وحده الأقصى بما لا يجاوز مجموع الأجـور السنوية للعامليـن، والـذى يقيـد الجمعية عند توزيعهـا لتلك الأرباح، بما يحول دون المساس بحقـوق العاملين، أو الانتقاص منها على نحو يُصادر حقهم في تلك ألأرباح، دون مقتض أو مبرر، هذا وقد أكدت المادة (44) من ذلك القانون على حق العاملين والمساهمين في الحصول على نصيب من هذه الأرباح، وحددت توقيت صرفها بمجرد صدور قرار الجمعية العامة للشركة بالتوزيع، والذى تتحدد مشروعيته من الوجهة الدستورية والقانونية، بألا يمس أصل هذا الحق الذى قرره للعاملين، وهو القيد العام المقرر بمقتضى نص المادة (92) من الدستور، والحاكم لسلطة المشرع في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، والضابط لصلاحيات الجمعية العامة للشركة في هذا الشأن، والذى يخضع في ذلك كله لرقابة القاضى الطبيعى، الذى كفلت المادة (97) من الدستور للكافة حق اللجوء إليه، ويُعد بمقتضى نص المادة (94) من الدستور أحد الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات، سواء تلك التى قررها القانون أو الدستور. ومن ثم، يكون التنظيم الذي قرره المشرع على هذا النحو قد التزم إطارًا منطقيًّا لما هدف إليه، كافلاً من خلاله تناسب الوسيلة التى فرضها مع الغرض الذى استهدفه وسعى إلى تحقيقه.


      وحيث إن الدستور قد كفل بالمادتين (33، 35) حماية الملكية الخاصة لكل فرد - وطنيًّا كان أو أجنبيًّا - ولم يُجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، إلا أن هذه الحماية لا تُظِل بآثارها إلا من اكتسبها بطريق مشروع، وكان بيده سند صحيح ناقل لها على الوجه المقرر قانونًا، ليغدو حقيقًا بأن يعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورهـا ويقيها تعرض الأغيار لها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافهـــــا، أما إذا كان سنده في اكتسـاب الملكية غير صحيح، أو كان مبنيًّا على ادعاء مرسل لا يسانده واقع أو لم تثبت صحته، فإن طلبه الحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة يكون فاقدًا لسنده. متى كان ذلك، وكان استحقاق العاملين - والمساهمين أيضًا - لنصيب في الأرباح السنوية التى تحققها الشركة، لا ينشأ إلا من تاريخ اعتماد الجمعية العامة للشركة لهذه الأرباح والمصادقة على الميزانية، والقوائم المالية، وهو الاختصاص المنوط بالجمعية طبقًا لنص المادة (63/ج) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المشار إليه، فلا يكون لذوى الحقوق قبل ذلك التاريخ سوى مجرد حق احتمالى لا يبلغ مرتبة الحق الكامل، ولا تنتقل به ملكية هذه الأرباح من ذمة الشركة إلى ذمة العاملين أو المساهمين فيها، حتى إذا ما توافرت شروط وضوابط استحقاقهــــا كانت حقًا للعاملين، لا يحول التنظيم الذى قرره المشرع وضمَّنه النصوص المطعون فيها دون صرفها لهم - على النحو السالف بيانه - ومن ثم يغدو القول بإخلال النصوص المشار إليها بنصوص المواد (33، 35، 42) من الدستور، فاقدًا لسنده.


      وحيث إنه عن النعى بإخلال النصوص المطعون فيها بمبدأ المساواة، بالمخالفة للمادتين (4، 53) من الدستور القائم - بتخويل الجمعية العامة للشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في شأن منح العاملين بالشركة نصيب من صافى الأرباح السنوية التى تحققها، دون أن تكون لها تلك السلطة في خصوص المساهمين بها، فمردود أولاً: بأن الأصل في النصوص القانونية التى ينتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تُكوّن فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها لتكوّن نسيجًا متآلفًا. متى كان ذلك، وكان نص المادة (41) من القانون سالف الإشارة، وإن كان الخطاب فيه مقصورًا على سلطة الجمعية العامة للشركة المساهمة في توزيع نسبة من صافى الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين فيها، في الحدود الواردة بذلك النص، فإن المادة (44) من القانون ذاته، قد حددت صراحة في فقرتيها الأولى والثانية، توقيت صرف حصة كل من المساهمين والعاملين في الأرباح، بمجرد صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها، والتزام مجلس الإدارة بتنفيذ ذلك القرار خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدوره. ومن ثم، فلا يجوز فصل أحكام المادة (41) من ذلك القانون، عن أحكام المادة (44) منه، باعتبار أن كلا النصين يُكوّنان فيما بينهما وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، لتكـــــوّن نسيجًا متآلفًا في شـأن سلطة الجمعية العامة لشركة المساهمة في هذا الشأن.

      ومردود ثانيًّا: بأن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية، ذلك أن المراكز القانونية التى يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون، هى التى تتحد في العناصر التى تُكون كل منها - لا باعتبارها عناصر واقعية لم يُدخلها المشرع في اعتباره - بوصفها عناصر اعتد بها، مرتبًا عليها أثرًا قانونيًّا محددًا، فلا يقوم هذا المركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطًا بها، فلا تنشأ أصلاً إلا بثبوتها. متى كان ذلك، وكان المشــــــرع بموجــــــب المادتيــــــن (41، 44) قد أقر بحق العاملين بشركة المساهمة في الحصول على نصيب من صافى الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، تقديرًا منه بأن هذه الأرباح ما كانت تتحقق بوجود رأس المال الذى قدمه المساهمون فيها فقط، وإنما يرجع أيضًا إلى ما قدمه العاملون بهذه الشركات من عمل وما بذلوه من جهد، فخصهم بنسبة منها، وقــــد كفــــل المشرع بذلك حــــق كل من العاملين والمساهمين في الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، فلا يجوز توزيع تلك الأرباح على فريق منهم دون الآخر. بما لازمه قيام التنظيم الذى ضمنه المشرع النصوص المطعون فيها على أساس موضوعي يبرره، ولا يتضمن في مجال تطبيقه تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بأحكامه المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليه، ومن ثم تكون قالة الإخلال بمبدأ المساواة المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور في غير محله حقيقًا بالرفض.
      وحيث كان ما تقدم، وكانت النصوص المطعون فيها لا تخالف أى نص آخر من نصوص الدستور، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهــذه الأسبــاب
      حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

قانون 140 لسنة 2019 بتعديل قانون دخول وإقامة الأجانب ,الجنسية المصرية


الجريدة الرسمية - العدد 30 مكرر (ب) - السنة الثانية والستون27  ذي القعدة سنة 1440هـ، الموافق 30 يوليه سنة 2019م

قانون رقم 140 لسنة 2019 
بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 2018 
في شأن دخول وإقامة الأجانب
بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها
والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية

باسم الشعب
رئيس الجهورية
قرر مجلس النواب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه:

(المادة الأولى)
يستبدل بنص المادة (17) من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها، النص الآتي:
مادة (17):
يقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى الفئات الآتية:
1 - أجانب ذوى إقامة خاصة.
2 - أجانب ذوى إقامة عادية.
3 - أجانب ذوى إقامة مؤقتة.

(المادة الثانية)
يستبدل بنص المادة (4 مكررًا) من القانون رمق 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، النص الآتي:
مادة (4 مكررًا):
مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في البنود الفرعية (1)، (2)، (3) من البند (رابعًا) من المادة (4) من هذا القانون، يجوز لرئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوحدة المشار إليها في المادة (4 مكررًا 1)، منح الجنسية المصرية لكل أجنبي قام بشراء عقار مملوك للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أو بإنشاء مشروع استثماري وفقًا لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، أو بإيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تئول إلى الخزانة العامة للدولة أو كوديعة في حساب خاص بالبنك المركزي، وذلك كله على النحو الذى يصدر بتنظيمه قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء.
ويسرى على منح الجنسية وفقًا لحكم هذه المادة ذات الأحكام الواردة في المادة (9) من هذا القانون.

(المادة الثالثة)
يضاف إلى القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية مادتان جديدتان برقمى (4 مكررًا 1)، (4 مكررًا 2)، نصهما الآتى:
مادة (4 مكررًا 1):
تنشأ بمجلس الوزراء وحدة تختص بفحص طلبات التجنس المقدمة وفقًا للمادة (4 مكررًا) من هذا القانون وإبداء الرأى في شأنها.
ويصدر بتشكيل الوحدة، وتحديد اختصاصاتها الأخرى، ونظام عملها، وقواعد وإجراءات تقديم طلبات التجنس المشار إليها والبت فيها والبيانات والمستندات اللازم توافرها، قرار من رئيس مجلس الوزراء، على أن تضم في عضويتها ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والاستثمار والتعاون الدولي والجهات الأمنية المعنية.
ويكون للوحدة أمانة فنية، يصدر بتشكيلها وتحديد مهامها وقواعد العمل بها قرار من رئيس الوحدة.
مادة (4 مكررًا 2):
يقدم طلب التجنس وفقًا للمادة (4 مكررا) من هذا القانون في مقر الوحدة أو على موقعها الإلكتروني مستوفيًا البيانات والمستندات المطلوبة، وذلك بعد أداء رسم قيمته عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري، يسدد بموجب تحويل بنكي من الخارج.
ولمقدم الطلب إبداء رغبته في الحفاظ على سرية طلبه وما يتصل به من قرارات.
وتقوم الوحدة بفحص الطلب والبت فيه بصفة مبدئية في موعد أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه، مع مراعاة اعتبارات الأمن القومي.
وفى حالة الموافقة المبدئية على الطلب من رئيس مجلس الوزراء يمنح طالب التجنس حق الإقامة المؤقتة في مصر لمدة ستة أشهر، وذلك لاستكمال الإجراءات والبيانات والمستندات اللازمة لاستصدار القرار النهائي في شأن الطلب.
ويتعين على الوحدة الانتهاء من فحص الطلب وعرض توصيتها النهائية في شأنه في ضوء اعتبارات الأمن القومي على رئيس مجلس الوزراء لإصدار قراره النهائي، وذلك كله في موعد أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ استيفاء البيانات والمستندات المشار إليها.

(المادة الرابعة)
تلغى المادة (20 مكررًا) من القانون رقم 89 لسنة 1960 المشار إليه.
(المادة الخامسة)
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.
صدر برئاسة الجمهورية في 27 ذي القعدة سنة 1440هـ
        (الموافق 30 يوليو سنة 2019م).

عبد الفتاح السيسى

أخذ رأي هيئة قضايا الدولة في التسويات الودية (مع الدولة) إجراء جوهري وشرط لصحة انعقاد عقد الصلح

الدعوى رقم 3 لسنة 40 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عمـــاد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع  أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 40 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
1- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
2- رئيس مأمورية ضرائب مركز كبار الممولين
3- رئيس مأمورية ضرائب الشركات المساهمة
ضد
رئيس مجلس إدارة بنك مصــر


الإجراءات
  بتاريخ السادس من فبراير سنة 2018، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 25/5/2017، فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية، المؤيد للحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 24/6/2015، فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، والاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 25/7/2015، فى الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية".
            وقدم البنك المدعى عليه مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
            وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
            ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 1/6/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بإيداع مذكرات فى أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودع البنك المدعى عليه مذكرة صمم فيها على طلباته.


المحكمـــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن البنك المدعى عليه كان قد قدم إقرارته الضريبية عن السنوات من 1993 حتى 1996 إلى مأمورية ضرائب شركات الأموال، التى أجرت تعديلاً على الإقرارات المذكورة، وأخطرت به البنك المار ذكره، الذى اعترض على التعديل، ونُظر اعتراضه بلجنة الطعن الداخلية التى أصدرت قرارها رقم 129 لسنة 2001 بتاريخ 6/4/2002، متضمنًا فى بنديه الأول والثالث تأييد خضوع أرباح المدعى عليه لوعائى ضريبة شركات الأموال، وشركات مستقل. طعن المدعى عليه على القرار المذكور بطريق التحكيم، وقُيد طلبه برقم 51 لسنة 2002، وقُضى فيه بجلسة 26/7/2003، بإلغاء قرار الطعن الضريبى سالف الإشارة إليه عن سنوات النزاع المبينة به، وإعادة الأوراق إلى مأمورية الضرائب المختصة. ونفاذًا لحكم التحكيم الفائت بيانه، أعادت مأمورية ضرائب الشركات المساهمة بالقاهرة إخطار المدعى عليه بنموذج (19) ضرائب شركات أموال عن سنوات النزاع بأسس اللجنة الداخلية السابق رفضها منه، فطعـــــن عليـــــه أمـــــام اللجنة الداخلية الأولـــــى بالطعــــــن المقيـــــد برقم (10) لسنة 2005، وأصدرت تلك اللجنة قرارها بجلسة 4/3/2007، ناصًا فى بنده السادس على إلغاء وعاء شركات مستقل (م 111 مكرر) على عوائد قروض لهيئات مضمونة من الحكومة عن سنوات النزاع، ونفاذًا لحكم التحكيم المار ذكره، قامت مأمورية المركز الضريبى لكبار الممولين المشكلة بقرار وزير المالية رقم (928) لسنة 2005، التى تقع المحاسبة الضريبية للمدعى عليه ضمن نطاق اختصاصها، بتعديل الإقرارات الضريبية المقدمة منه، وأخضعت أرباحه لوعائى ضريبة شركات الأموال، وشركات مستقل، طعن المدعى عليه فى قرار المأمورية السالف ذكره أمام لجنة الطعن الضريبى، وقيد طعنه برقم 110 لسنة 2008 التى أصدرت قرارها فى 10/3/2010، برفض الطعن وتأييد مأمورية المركز الضريبى لكبار الممولين فى الأوعية الضريبية التى ألزمت بها المدعى عليه، الذى تمسك بإنفاذ قرار لجنة الطعن الضريبى المقيد برقم 10 لسنة 2005، وأقام الدعوى رقم 654 لسنة 2013 مدنى كلى جنوب القاهرة، والتى قُضى بإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، طلبًا للحكم باسترداد مبلغ 652,012,608 جنيهات، بالإضافة إلى مقابل التأخير من تاريخ صدور قرار لجنة الطعن الضريبى فى 4/3/2007، على أساس سعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزى فى الأول من يناير السابق على تاريخ استحقاق الضريبة، مخصومًا منه 2%، بالإضافة إلى الفوائد القانونية حتى تمام السداد. وبجلسة 16/7/2014، قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بهيئة تجارية، باعتبار أن الخصومة تتعلق بنزاع ضريبى. استأنف البنك المدعى عليه الحكم المذكور بالاستئناف رقم 6837 لسنة 18 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، التى قضت فيه بجلسة 23/12/2014، بإلغاء الحكم المستأنف، وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظرها أمام الدائرة المدنية المختصة باعتبار أن الخصومة تتعلق باسترداد دين مدنى، وإذ نظرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بهيئة مدنية، الدعوى السالف ذكرها، فقد قضت فيها بجلسة 24/7/2015، بإلزام المدعين متضامنين بأن يؤدوا للبنك المدعى عليه المبالغ المبينة بطلباته المار ذكرها، وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعين فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 4746 لسنة 19 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، التى قضت بجلسة 10/2/2016، بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية ولائيًّا بنظر الدعـــــوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضـــــاء الإدارى بمجلس الدولة. طعـــــن البنك المدعـــــى عليه فى الحكـــــم المذكـــــور بطريـــــق النقض، وقيد طعنه برقم 5239 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 25/5/2017، قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت فى موضوع الاستئناف برفضه، وبتأييد الحكم المستأنف الصادر بجلسة 24/6/2015، فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى شمال القاهرة الابتدائية. ومن ناحية أخرى، أقام البنك المدعى عليه الدعوى رقم 576 لسنة 2010 ضرائب كلى جنوب القاهرة مخاصمًا المدعى الأول بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة الطعن رقم 110 لسنة 2008، والقضاء مجددًا بتأييد القرار النهائى الصادر من اللجنة الداخلية فى الطعن المقيد برقم 10 لسنة 2005، الصادر فى 4/3/2007، وإلزام المدعى بصفته برد مبلغ مقداره 652,012,608 جنيهات، بالإضافة إلى مقابل تأخير من تاريخ صدور قرار اللجنة الداخلية فى 4/3/2007، على أساس سعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزى فى الأول من يناير السابق على تاريخ استحقاق الضريبة، مخصومًا منه 2% وحتى تمام السداد. وإذ تدوولت الدعوى بالجلسات، حُكم بجلسة 26/4/2011، بوقفها تعليقًا لحين الفصل فى الدعوى رقم 654 لسنة 2010 مدنى كلى جنوب القاهرة - التى أُعيد قيدها بعد إحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية برقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة - فاستأنف المدعى الأول حكم الوقف التعليقى أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1376 لسنة 128 قضائية القاهرة، التى قضت بجلسة 26/9/2012 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن المدعى الأول على الحكم الاستئنافى السالف أمام محكمة النقض بالطعن المقيد برقم 17276 لسنة 82 قضائية، التى قضت فيه بجلسة 11/6/2017، بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت فى الاستئناف رقم 1376 لسنة 128 قضائية استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًّا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى. وإذ تراءى للمدعين بصفاتهم أن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 4/6/2015، فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، وحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 25/5/2017، فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية، المؤيد له، المـــار ذكرهمـــا، يُعــــــدان عقبة فى تنفيـــذ حكـــم المحكمـــة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/7/2015، فى الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية"، أقاموا الدعوى المعروضة.



            وإبان نظر هذه الدعوى، قدم البنك المدعى عليه صورة من بروتوكول تعاون مشترك بين كل من وزارة المالية وبنك مصر بشأن تسوية وتنفيذ الأحكام النهائية الصادرة لصالح البنك المذكور، كما قدم صورة من كتاب المركز الضريبى لكبار الممولين موجه إلى هيئة قضايا الدولة تضمن تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، طبقًا للبروتوكول السالف ذكره، وتمسك البنك فى مذكرته الختامية بإثبات التصالح وإلحاقه بمحضر الجلسة، وإثبات ترك المدعين للخصومة فى الدعوى المعروضة، وفى المقابل قدم المدعون كتاب وزير المالية مُبينًا به أن البروتوكول المشار إليه لا يتضمن تنازلاً عن الدعوى المعروضة.

 وحيث إن المادة (141) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن "يكون تـــــرك الخصومة بإعـــــلان من التارك لخصمه على يـــــد محضـــــر أو ببيـــــان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفويًّا فى الجلسة وإثباته فى المحضر".


 وحيث إنه من المقرر قانونًا أن عقد الصلح المبرم بين الطرفين يُعد بيانًا كتابيًّا موقعًا من الطرفين فيتحقق به إحدى طرق إبداء الترك بشرط أن يكون صريحًا لا غموض فيه ولا يُستنتج ضمنيًّا.


   لما كان ما تقدم، وكان عقد الصلح المبرم بين طرفى الخصومة المعروضة، الذى وقع فى تاريخ لاحق على إقامتها، وإن تضمن اتفاق طرفيه على تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية، إلا أن الاحتجاج بهذا الصلح، وإعمال آثاره فى شأن اعتبار المدعين تاركين لدعواهم المعروضة، مشروط بوجوب عرضه على هيئة قضايا الدولة لأخذ رأيها فى إجراء الصلح، والذى يُعد من الاختصاصات المحجوزة لتلك الهيئة على ما جرى به نص المادة (196) من الدستور، ونص المادة (8) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فى شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة الذى يقضى بأنه "لا يجوز إجراء صلح فى دعوى تباشرها هيئة قضايا الدولة إلا بعد أخذ رأيها فى إجراء الصلح، كما يجوز لهذه الهيئة أن تقترح على الجهة المختصة الصلح فى دعوى تباشرها ......"،

بما مؤداه اعتبار أخذ رأى الهيئة المشار إليه إجراءً جوهريًّا، وشرطًا لصحة انعقاد عقد الصلح، والحال أنه لم يؤخذ رأى الهيئة المذكورة فى شأن الصلح، وإنما تمسكت بطلباتها المُبداة فى هذه الدعوى، التى تتناقض كليًّا مع ما تضمنه عقد الصلح السالف ذكره، ومقتضاه عدم انعقاد أثر هذا الصلح فى الدعوى المعروضة، لعدم استيفائه لشروطه القانونية، مما لازمه طعنها على الصلح بالبطلان، وذلك عملاً بالمفهوم الموافق للحكم المنصوص عليه بعجز الفقرة الثانية من المادة (21) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، التى تنص على أنه "ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذى تسبب فيه، وذلك كله فيما عدا الحالات التى يتعلق فيها البطلان بالنظام العام"، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن طلب المدعى عليه بإثبات التصالح وإلحاقه بمحضر الجلسة، وإثبات ترك المدعين للخصومة فى هذه الدعوى، لتخلف شروط قبول الطلب على النحو المار الذكر.



            وحيث إن البنك المدعى عليه، دفع بعدم قبول الدعوى من وجوه أربعة: أولها: عـــــدم تناقض حكم محكمة النقض المار ذكره مع حكم المحكمة الدستورية العليا السالف بيانه، ثانيها: انتفاء الارتبـــاط المدعى به بين حكم المحكمة الدستورية العليا وحكم محكمة النقض المشار إليهما، ثالثها: اختلاف محل وخصوم الدعويين المقضى فيهما بحكمى المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض السالف بيانهما. ورابعها: أن المحكمة الدستورية العليا لا تُعد جهة طعن فى أحكام جهات القضاء الأخرى، ولا تمتد ولايتها إلى بحث مدى توافقها وأحكام القانون.


            وحيث إن هذا الدفع، فى جميع أوجهه مردود؛ بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن قوام منازعة التنفيذ التى ناط نص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بهذه المحكمة الفصل فيها، أن يكــــون تنفيذ الحكــــم القضــــائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضــــــــوء الأصــــل فيــــه، بــــل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثــــار المصاحبة لتلك العوائــــق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورتــــه الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمـــــــان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها، فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا ومكتملاً أو مقيدة لنطاقها. وعلى ذلك لا تُعد منازعة التنفيذ طريقًا للطعن فى الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، ولا تطرحه الدعوى المعروضة، التى تهدف فى حقيقتها إلى إزالة العوائق التى تحول دون ترتيب الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه لأثاره وتنفيذ مقتضاه بالنسبة للمدعين، على ضوء ما تأسس عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، فى حكمها المار بيانه، من أسباب ترتبط ارتباطًا وثيقًا بما انتهى إليه قضاؤها. ومن ثم فإن الدفع المبدى من البنك المدعى عليه لا يُعد قائمًا على سند صحيح من القانون، متعينًا الالتفات عنه.



      وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 25/7/2015، فى الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية" أولاً :       بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 .
ثانيًا :       سقوط عبارة " أمام المحكمة الابتدائية " الواردة بعجز الفقـــرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته. ونُشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (31) مكرر ج بتاريخ 2/8/2015، وتأسس على أن الأصل فى الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها تُعد إيرادًا عامًا يــــؤول إلــــى الخزانــــة العامة ليندمج مــــع غيره من الموارد التى يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرًا واحدًا لإيراداتها الكلية، وأن نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيط بها، مبينًا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التى تفرضها من ناحية أخرى، سواء فى مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، أو الأموال التى تسرى عليها، وشروط سريانها وسعر الضريبة، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها، والجزاء على مخالفة أحكامها، وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل فى مجال القانون العام .... وأن المرجع فى تحديد بنيان الضريبة على الدخل وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها والإعفاء منها وأحكامها المختلفة إلى قانون هذه الضريبة، وكان قانون الضريبة على هذا النحو ينظم جباية الضريبة على الدخل تنظيمًا شاملاً يدخل فى مجال القانون العام، وبوجه خاص فى مجال توكيده حق الإدارة المالية فى المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه، وكانت الجهة الإدارية المختصة بتحصيل هذه الضريبة إنما تباشر ذلك بموجب قرارات إدارية تصدر منها تنفيذًا لأحكام هذا القانون، ومن ثم تُعد المنازعة فى هذا القرار منازعة إدارية بحسب طبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لأحكام الدستور، وأن اسناد نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وعبارة "أمام المحكمة الابتدائية" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته، الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادى، يصادم أحكام الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء هو صاحب الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى، والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب.



      وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها المتقدم قد حددت - بطرق الدلالة المختلفة معنى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة على الدخل، وخلصت من ذلك إلى اتجاه المشرع إلى اعتبار كافة الأنزعة القضائية التى تنشأ عن تطبيقه، أيًّا كان اسمها، ومهما كانت طلبات الخصوم بشأنها، هى منازعات ضريبية تدخل فى مجال القانون العام، وتختص محاكم مجلس الدولة بالحكم فيها، بوصفها جهة القضاء صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية. ليكون المعنى السالف ذكره هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها حكم المحكمة الدستورية العليا السالف ذكره، ولازمًا لما انتهى إليه من نتيجة، ومرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمنطوقها، ومكملاً له، ليُكوّن معه وحدة لا تقبل التجزئة، تمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمادة (195) من الدستور القائم، على ما يصدر منها من أحكام وقرارات، وذلك فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم تلك السلطات - بما فيها الجهات القضائية على اختلافها - باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، فلا يجوز لأية جهة أن تعطى هذه النصوص معنى مغايرًا لما قضت به.



      وحيث إن الثابت من الأوراق أن الدعويين رقمى 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة و576 لسنة 2010 ضرائب كلى جنوب القاهرة، قد اتحدتا خصومًا وموضوعًا وسببًا؛ بحسبان أن رد مبلغ 652,012,608 جنيهات، وعوائده القانونية للبنك المدعى عليه، بوصفه أثرًا مترتبًا على إنفاذ قرار لجنة الطعن الداخلية، أو إلغاء قرار لجنة الطعن الضريبى فى النزاع الموضوعى، إنما هو حاصل الطلبات فى كلتا الدعويين المذكورتين التى تُكوّن بهذه المثابة موضوعهما، كما أن المنازعة فى خضوع أرباح المدعى عليه خــــــلال الأعوام من 1993 حتى 1996 لوعاء ضريبة شركات مستقـــــل، هو سبب هاتيـــــن الدعويين، اللتين تناقض فى شأن تكييفهما القانونى، ومن ثم الاختصاص الولائى بالفصل فى موضوعهما، حكما محكمة النقض، الصادر أولهما: بجلسة 25/5/2017 فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية - محل الدعوى المعروضة - الذى قضى فى موضوع النزاع بوصفه نزاعًا مدنيًّا، تختص بنظره محاكم جهة القضاء العادى، والصادر ثانيهما: بجلسة 11/6/2017، فى الطعن رقم 17276 لسنة 82 قضائية، والذى قضى بإحالة النزاع الموضوعى إلى محكمة القضاء الإدارى، بوصفه نزاعًا ضريبيًّا تختص بنظره محاكم مجلس الدولة.



      وحيث إن حكم محكمة النقض الذى يطلب المدعون عدم الاعتداد به قد تساند فى قضائه بتأييد حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى، ورفض الاستئناف المقام عنه والمقيد برقم 4746 لسنة 19 قضائية القاهرة، إلى حجية الحكم النهائى الصادر فى الاستئناف رقم 6737 لسنة 81 قضائية القاهرة، وذلك فيما خلص إليه من اعتبار الدعوى الموضوعية المرددة بين طرفى الخصومة المعروضة - وقد تحددت الطلبات الختامية فيها باسترداد البنك المدعـــــى عليه قيمة الضـــــرائب المفروضة على وعــــاء شركات مستقــــل - منازعة مدنية وليست ضريبية، وما ترتب على ذلك من عقده الاختصاص بالفصل فيها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، وتأييده حكمها فى الموضوع، معطيًا بذلك تلك المنازعة معنى مغايرًا يجاوز تخوم الدائرة التى يعمل فيها، محددًا إطارها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية" السالف بيانه والذى تم نشره فى تاريخ سابق على ذلك القضاء، ومن ثم فإن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى وحكم محكمة النقض الصادر فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية المؤيد له، يُعدان عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الآنف ذكره، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإزالتهما.



      وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكمى محكمة شمال القاهرة الابتدائية ومحكمة النقض سالفى البيان، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، الذى انتهت المحكمة فيما تقدم إلى الفصل فى موضوعه، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة - طبقًا للمادة (50) من قانونها - بمباشرة اختصاص البت فى موضــــــوع منازعة التنفيذ، يكون قد بات غير ذى موضوع.

فلهــذه الأسبــاب
            حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/7/2015 فى الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية" وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 24/6/2015 فى الدعوى رقم 2610 لسنة 2013 مدنى كلى شمال القاهرة، وحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 25/5/2017، فى الطعن رقم 5239 لسنة 86 قضائية المؤيد له، وألزمت البنك المدعى عليه المصروفات مبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

انتفاء مصلحة المتهم في الطعن على القانون 11 لسنة 2017 (حضور وكيل خاص عن المتهم أمام محكمة الجنايات )

الدعوى رقم 112 لسنة 39 ق "دستورية" جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذي القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
   فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 112 لسنة 39 قضائية "دستورية".
المقامة من
محمد رجب عبد العزيز
ضــد
1 – رئيس الجمهوريـــة
2 - رئيس مجلس الــوزراء
3 - وزيـر العـــــدل
4- رئيس مجلس النــواب
الإجـراءات
      بتاريخ الحادى والثلاثين من يوليو سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قوانين: الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015، وذلك فيما تضمنته من استبدال نصى المادتين (384) و(395) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيًّا: برفضها.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
      بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمدعى ، فى الدعوى رقم 34260 لسنة 2014 جنايات قسم الفيوم - المقيدة برقم 2622 لسنة 2014 كلى الفيوم - أنه فى يوم 15/7/2014، بدائرة قسم الفيوم: 1- أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش (القنب) فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، 2- أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًّا غير مششخن (فرد خرطوش)، 3- أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل على السلاح النارى سالف الذكر، حال كونه غير مرخص بحيازته وإحرازه، 4- استعمل القوة والعنف مع موظف عام، النقيب / محمد فكرى والقوة المرافقة له، وذلك بأن قام بإطلاق عدة أعيرة نارية من السلاح النارى سالف الذكر، ليمنعه بغير حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته، فتمكن بتلك الوسيلة من بلوغ قصده على النحو المبين بالتحقيقات. وقامت النيابة العامة بتقديم المتهم - المدعى - للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنايات الفيوم، بطلب عقابه بالمواد (1، 2، 7/1، 34/1 بند (أ)، 42) من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 و122 لسنة 1989، والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول، والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 و269 لسنة 2002. والمواد (1/1، 6، 26/1 ،4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 و6 لسنة 2012، والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول، والمادة (137 مكررًا /1) من قانون العقوبات. وتحدد لنظر الدعوى أمام محكمة الجنايات جلسة 1/8/2016، وفيها مثل المدعى بشخصه ومعه محامى، والأمر ذاته بجلسة 6/5/2016، ومثل عنه محام بالجلسات التالية، ودفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قوانين: الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 تنص على أنه "إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور، يكون للمحكمة أن تحكم فى غيبته، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور.
ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة (380) من هذا القانون، يكون الحكم حضوريًا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة".
وتنص المادة (395) من القانون المشار إليه المستبدلة بفقرتيها الأولى والثانية بموجب القانون رقم 11 لسنة 2017 على أنه "إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويُعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة فى هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابى.
فإذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا، فإذا حضر المحكوم عليه فى غيبته مرة أخرى قبل سقوط العقوبة بمضى المدة تأمر النيابة بالقبض عليه، ويحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويُعرض محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى".
      وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. وكان من المقرر أيضًا فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى. بما مؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ألحق بهم النص التشريعى المطعون فيه ضررًا مباشرًا، سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً. ويتعين دومًا أن يكون الضرر المدعى به منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، عائدًا فى مصدره إلى النص المطعون فيه، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية المناسبة. وقوام المصلحة الشخصية المباشرة أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة - بأكملها أو فى شق منها - فى الدعوى الموضوعية، ويتحدد مفهومها على ضوء عنصرين أوليين يحددان مضمونها، أولهما: أن يقيم المدعى - فى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على المدعى، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.
      وحيث إن المشرع أفرد الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، لمحاكم الجنايات، وأورد فى الفصل الأول منه تشكيل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها، فى المواد من (366) إلى (372)، بعد إلغاء المادة (373) منه، وخصص الفصل الثانى للإجراءات أمام محاكم الجنايات، فى المواد من (374) إلى (383)، وانتظم فى الفصل الثالث الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين، فى المواد من (384) إلى (397). وعلى ذلك، يشتمل هذا الفصل على المادتين(384) و(395) المطعون عليهما. وقد تناول كل منهما تنظيم لحالة بذاتها تختلف عن الأخرى، فى شأن ما إذا كانت محاكمة المتهم تنظر لأول مرة، أم كان الأمر يتعلق بإعادة محاكمته، بعد صدور حكم غيابى بإدانته، فقد واجهت أحكام المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، حالة تخلف المتهم بارتكاب إحدى جرائم الجنايات عن حضور الجلسة المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة الجنايات، سواء بشخصه أو بوكيل خاص عنه، بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور، فأجازت للمحكمة أن تحكم فى غيبته أو أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور. ويكون الحكم حضوريَّا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة، بينما تناولت أحكام المادة (395) من القانون المشار إليه، حالة إعادة محاكمة من صدر ضده حكم غيابى بإدانته عن إحدى جرائم الجنايات، وذلك إذا حضر بشخصه، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص، وطلب إعادة المحاكمة - قبل سقوط العقوبة بمضى المدة - ففى هذه الحالة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة أن تشدد العقوبة عما قضى به الحكم الغيابى. فإذا تخلف المحكوم عليه غيابيًّا أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر الدعوى، اعتبر الحكم الغيابى قائمًا، فإذا حضر بشخصه مرة أخرى، يُعرض محبوسًا على المحكمة، التى تتولى إعادة محاكمته.
      وحيث إن ما استحدثه المشرع من أحكام فى المادتين (384، 395) من قانون الإجراءات الجنائية - بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 المشار إليه - بإجازة أن ينوب وكيل خاص عن المتهم أو المحكوم عليه غيابيًّا لارتكابه جناية، ليدافع عنه أمام محكمة الجنايات، استتبع - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع ذلك القانون - حذف نص المادة (388) من قانون الإجراءات الجنائية، التى كانت لا تجيز ذلك. وكان حضور وكيل خاص فى أى من هاتين الحالتين يخضع لمطلق تقدير واختيار المتهم أو المحكوم عليه غيابيًّا، خاصة وأن إنابة وكيل خاص ليدافع عنه، يجنبه - إذا كان مطلق السراح - صدور أمر من محكمة الجنايات بالقبض عليه وحبسه احتياطيًّا، أو إخلاء سبيله بكفالة أو بغير كفالة، على نحو ما ورد بنص المادة (380) من قانون الإجراءات الجنائية. الأمر الذى تكون معه أحكام المادتين المطعون عليهما - فى خصوص ما ورد بهما من جواز إنابة وكيل خاص للحضور عن المتهم بارتكاب جناية أو المحكوم عليه غيابيًّا من محكمة الجنايات - تتمحض عن نفع خاص وميزة لمصلحة كل منهما، تخضع لمطلق تقديره واختياره.
      وحيث كان ما تقدم، وكانت مناعى المدعى على نص المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية - يعد استبدالها بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017، المعمول بأحكامها اعتبارًا من اليوم التالى لنشر هذا القانون بالجريدة الرسمية، الحاصل بتاريخ 27/4/2017 - تنصب على ما أجازه نص تلك المادة من حضور وكيل خاص عن المتهم أمام محكمة الجنايات - وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى الموضوعية - الدعوى رقم 34260 لسنة 2014 جنايات قسم الفيوم - أن المدعى استفاد من أحكام تلك المادة، إذ بعد أن مثل بشخصه ومعه محام بجلسة 1/8/2016، التى تحددت لمحاكمته فيها، والأمر ذاته بالجلسة التالية المنعقدة بتاريخ 6/5/2017، مثل عنه محام بموجب توكيل خاص رقم 526 (و) لسنة 2017 توثيق الفيوم، فى الجلسات التالية، وهو ما أجازه نص المادة (384) من قانون الإجراءات الجنائية - المطعون فيها، ومن ثم، فإن الفصل فى دستورية نص هذه المادة لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على ذلك النص التشريعى، الأمر الذى يضحى معه عدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها متعينًا.
      وحيث إنه بشأن الطعن على دستورية نصى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (395) من قانون الإجراءات الجنائية، بعد استبدالهما بموجب المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017، فإن مفترضات إعمال وتطبيق حكمهما لا يتحقق إلا فى حالة سابقة صدور حكم غيابى بإدانة المتهم بارتكاب إحدى جرائم الجنايات، وهو أمر يُخالف الواقع القائم فى الدعوى الموضوعية، إذ إن الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة، مثول المتهم (المدعى) بالجلسات - سواء بشخصه أو بوكيل خاص عنه - ولم يصدر ضده حكم غيابى بإدانته، ومن ثم فإن المدعى لا يكون من بين المخاطبين بأحكام نص هذه المادة، وتبعًا لذلك فإن الفصل فى دستوريتها لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على هاتين الفقرتين، الأمر الذى يضحى معه، كذلك، عدم قبول الدعوى المعروضة فى هذا الشق منها متعينًا
فلهــذه الأسبــاب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.