برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة
وعضوية السدة المستشارين/ عبد العال السمان، شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز
نواب رئيس المحكمة وعلي جمجوم.
----------
- 1 عقد " زوال العقد . فسخ العقد". قسمة " طبيعة عقد القسمة ".
حق كل متعاقد في العقود الملزمة للجانبين في طلب فسخ
العقد أو انفساخه إذا لم يوف المتعاقد الآخر بالتزامه أو إذا أصبح تنفيذ هذا الالتزام
مستحيلاً . المادتان 157 ، 160 مدنى . اعتبار العقد متضمناً له ولو خلا من اشتراطه
. عدم جواز حرمان المتعاقدين من هذا الحق أو احد منه إلا باتفاق صريح . سريان ذلك
على عقد القسمة باعتباره من العقود التبادلية .
إذا كان الأصل في العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد المتعاقدين بفسخ العقد دون
رضاء المتعاقد الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما صراحة أو ضمناً
على رفع العقد والتقايل منه وليس هناك ما يحول بين أحدهما وبين طلب فسخه أو
انفساخه إذا لم يوف المتعاقد الآخر بالتزامه أو إذا أصبح تنفيذ هذا الالتزام
مستحيلا طبقاً لنصوص المواد من 157 إلى 160 من القانون المدني مما مؤداه أن الحق
في طلب حل الرابطة العقدية وفقا لهذه النصوص باعتبارها مكملة لإرادة المتعاقدين ثابت
لكل متعاقد بنص القانون ويعتبر العقد متضمناً له ولو خلا من اشتراطه ولا يجوز
حرمانه منه أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح، وعقد القسمة شأنه في ذلك شأن سائر
العقود التبادلية.
- 2 إثبات "اجراءات الاثبات: في ندب الخبراء . تقدير عمل الخبير".
محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات - تقدير عمل الخبير".
عمل الخبير عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى . خضوعه
لتقدير محكمة الموضوع . أخذها بتقريره محمولاً على أسبابه يفيد أنها لم تجد في
المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه .
المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عمل
الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى يخضع لتقدير محكمة
الموضوع التي لها سلطة الأخذ به كله أو ببعض ما جاء به إذا وجدت فيه ما يقنعها
ويتفق مع ما رأت أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائما على أسباب لها سندها في
الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولا على أسبابه ما يفيد
أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه
وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في كلا الطعنين أقام الدعوى رقم
3071 لسنة 1983 مدني كلي جنوب القاهرة والتي قيدت فيما بعد برقم 241 لسنة 1985
مدني كلي شمال سيناء على الطاعنين في الطعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة
ونفاذ عقد القسمة المؤرخ 23/9/1957 المتضمن قسمة عقارات مورث الطرفين المرحوم/
........ وتسليمه العقار المبين بالصحيفة، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد القسمة
سالف الذكر تقاسم وأخواته مورث الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث في الطعنين
أعيان تركة مورثهم المرحوم ....... واختص كل متقاسم بنصيبه وحازه حيازة قانونية
إلا أنه في أوائل عام 1979 استولى الطاعنون على العقار الذي اختص به بمقتضاه دون
وجه حق فأقام دعواه، كما أقام الطاعنون في الطعنين الدعوى رقم 196 لسنة 1984 مدني
شمال سيناء على المطعون ضدهم في الطعنين بطلب الحكم أصلياً باعتبار عقد القسمة
المؤرخ 27/9/1957 منفسخاً بقوة القانون واحتياطياً بفسخه وقالوا بياناً لها إن
المطعون ضدهم الثلاثة الأول أخلوا بالتزامهم الوارد بعقد القسمة بأن قام المطعون
ضده الأول ببيع المنزل الكائن بالقنطرة غرب الذي اختص به مورثهم إلى ابنه المطعون
ضده الرابع الذي قام بدوره بالتصرف فيه بالبيع إلى المطعون ضده الثاني كما قام
المطعون ضده ببيع العقار الكائن بالعريش الذي اختص به مورثهم أيضاً إلى المطعون
ضده الخامس وسلمه إياه وهو ما يعد نقضاً للقسمة لذلك أقاموا دعواهم. ندبت محكمة
أول درجة خبيراً في الدعوى الأخيرة وبعد أن أودع تقريره وضمت الدعوى الثانية
للأولى قضت بتاريخ 26/11/1986 في الدعوى الأولى بصحة ونفاذ عقد القسمة وفي الدعوى
الثانية بعدم قبول شقها الأول وبرفض الشق الثاني. استأنف الطاعنون هذا الحكم
بالاستئناف رقم 9 لسنة 12 ق الإسماعيلية وندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن
أودع تقريره حكمت بتاريخ 12/4/1990 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ عرض
الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت الطعن الثاني
للأول والتزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد
المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعنين أقيما على تسعة أسباب ينعى بها الطاعنون
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب
والإخلال بحق الدفاع والتناقض والغموض والإبهام وفي بيانهم يقولون إنهم تمسكوا في
دفاعهم المؤيد بالمستندات أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن المطعون ضده الأول أقر
لمورثهم بتاريخ 14/5/1965 بإلغاء عقد القسمة سند الدعوى وبملكية مورثهم للدار
الكبيرة وبملكيته هو للعقار الكائن بالقنطرة غرب والمحلات الملحقة به على خلاف ما
هو وارد بهذا العقد كما قام بالتصرف في العقارين اللذين اختص بهما مورثهم بمقتضاه
ببيع أحدهما إلى ابنه المطعون ضده الرابع الذي باعه بدوره إلى المطعون ضده الثاني
وبيع ثانيهما إلى المطعون ضده الخامس مما يدل على أن عقد القسمة لم ينفذ بين
أطرافه وهو ما أكده الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بما لا يحول بينهم وبين
طلب فسخه أو انفساخه حتى ولو نشأ صحيحاً بين أطرافه إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد
بالحكم المطعون فيه رغم اطمئنانه إلى أن عقد القسمة قد نفذ بين أطرافه أخذاً
بتقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة قضى بتسليم الدار الكبيرة للمطعون ضده
الأول كما أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد القسمة على ما أورده في مدوناته بأن هذا
العقد قد خلا من عيوب الإرادة أو موانع الأهلية أو غلط في قيمة الأموال الشائعة أو
أي مطعن في محله وسببه بما لا يجوز معه الحكم بفسخه أو انفساخه لغير الأسباب التي
قررها القانون دون أن يوضح ماهية هذه الأسباب أو يرد على اعتراضاتهم على تقرير
الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أو يبين ما انتهى إليه الخبير المنتدب أمام
المحكمة الاستئنافية عند فحصه لهذه الاعتراضات أو يتناول دفاعهم الجوهري المؤيد
بالمستندات أو يستجب إلى طلبهم إدخال وزارة التموين خصماً في الدعوى لتقدم أصل عقد
الإيجار المؤرخ 3/6/1959 المنسوب صدوره إلى مورثهم للطعن عليه بالتزوير مما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه إذا كان الأصل في العقود
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان انفراد أحد
المتعاقدين بفسخ العقد دون رضاء المتعاقد الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من
الاتفاق بينهما صراحة أو ضمناً على رفع العقد والتقايل منه وليس هناك ما يحول بين
أحدهما وبين طلب فسخه أو انفساخه إذا لم يوف المتعاقد الآخر بالتزامه أو إذا أصبح
تنفيذ هذا الالتزام مستحيلاً طبقاً لنصوص المواد من 157 إلى 160 من القانون المدني
مما مؤداه أن الحق في طلب حل الرابطة العقدية وفقاً لهذه النصوص باعتبارها مكملة
لإرادة المتعاقدين ثابت لكل متعاقد بنص القانون ويعتبر العقد متضمناً له ولو خلا
من اشتراطه ولا يجوز حرمانه منه أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح، وعقد القسمة
شأنه في ذلك شأن سائر العقود التبادلية، وإذ كان الطاعنون قد تمسكوا في دعواهم وفي
دفاعهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بهذه الأسباب مجتمعة تأسيساً على أن قيام
المطعون ضده الأول بالتصرف فيما اختص به مورثهم بمقتضى عقد القسمة وإقراره له بأنه
أصبح لاغيا من شأنه حل هذه الرابطة بما مؤداه تمسكهم بعدم تنفيذ هذا العقد بين
أطرافه وهو ما لمحكمة الموضوع حق استظهاره في ضوء ما تقابل من التزاماتهم وما
اتجهت إليه إرادتهم لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، لما كان ذلك وكان المقرر - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر
الإثبات في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ به كله أو ببعض
ما جاء به إذا وجدت فيه ما يقنعها ويتفق مع ما رأت أنه وجه الحق في الدعوى مادام
قائماً على أسباب لها سندها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه وأن في أخذها بالتقرير
محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد
عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد
أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد القسمة سند الدعوى وتسليم المطعون ضده الأول الدار التي
اختص بها بمقتضاه وبرفض طلب الطاعنين الحكم بفسخه أو انفساخه على ما استخلصه من
تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة الذي أحال إلى أسبابه من أن القسمة التي
تمت بمقتضاه قد نفذت بالفعل بين أطرافه ووضع كل منهم يده على ما اختص به وباشر
سلطاته عليه فقام كل من المطعون ضدهما الأول والثاني بتأجير الدار التي اختص بها
إلى آخرين كما قام مورث الطاعنين بتأجير شقة في أحد العقارين اللذين اختص بهما
مناصفة مع المطعون ضده الثاني إلى مكتب تموين القنطرة غرب بموجب عقد الإيجار
المؤرخ 3/6/1959 والذي تقرر لهما من بعد تعويضاً عن هدمه بسبب حرب 1967، كما حصل
أيضا على مبلغ 250 جنيه من المطعون ضده الأول قيمة نصيبه في العقار الثاني المعروف
بمنزل ....... بعد أن باعه الأخير نيابة عنه للمطعون ضده الخامس، وبالنسبة للمحلات
الملحقة بهذين العقارين فمنصوص في عقد القسمة ذاته أنها مؤجرة لبنك التسليف قبل
إبرامه بما يخوله والمطعون ضده الثاني الحق في تحصيل قيمتها الإيجارية من البنك
المستأجر ومن الخطابات المتبادلة بين مورث الطاعنين ووزارة التموين والخطابات
المتبادلة بين الطاعنين ولجنة تحديد الملكية بالقنطرة غرب ومشارطة التحكيم المؤرخة
26/5/1963 وحكم المحكمين الصادر بتاريخ 14/11/1963 ومحضر الصلح المؤرخ 14/5/1965 وغير ذلك من الأوراق التي أشار إليها
الخبير في تقريره، وهو من الحكم استخلاص سائغ وكاف لحمل قضائه وفيه الرد الضمني
المسقط لدفاع الطاعنين ولا عليه إن لم يبين ما أورده الخبير المنتدب أمام محكمة
الاستئناف ما دام لم ير فيه ما ينال من صحة تقرير الخبير الأول الذي اطمأن إليه
ولا عليه أيضا إن لم يتناول إقرار المطعون ضده الأول لمورثهم بإلغاء عقد القسمة
لأنه فضلاً عن أنه إقرار غير قضائي يخضع في تقديره لمحكمة الموضوع التي لها ألا
تأخذ به أصلا فهو مخالف للثابت بالمستندات التي أشار إليها التقرير الذي عول عليه
وتدل على تنفيذ العقد بين أطرافه، ولا عليه أخيراً إن لم يستجب إلى طلبهم إدخال
وزارة التموين خصماً في الدعوى لتقديم أصل عقد الإيجار الصادر لها من مورثهم للطعن
عليه بالتزوير لثبوت صحته من الخطابات المتبادلة بين مورثهم وبين وزارة التموين
والتي لم يطعن عليها بأي مطعن ويكون النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.