الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 مايو 2017

الطعن 9481 لسنة 78 ق جلسة 18 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 33 ص 263

جلسة 18 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نير عثمان ، أحمد عبد القوي أحمد ونجاح موسى نواب رئيس المحكمة وأشرف المغلي .
--------------
(33)
الطعن 9481 لسنة 78 ق
 (1) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه". دفوع " الدفع ببطلان القبض ". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". اختصاص " الاختصاص المكاني" . قبض . نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق". 
  بدء وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها.
   مثال لتسبيب سائغ لاطراح دفع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني .
(2) رد . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" "حجية الحكم" " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
   إيراد الحكم جزء من المبالغ المالية المسلمة من المجني عليهم للطاعن بشكل إجمالي . لا ينال من سلامته . مادام قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم وذكر تلك المبالغ .
قضاء الحكم في منطوقه بمبلغ الرد جملة . لا ينال من سلامته . مادام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص . علة ذلك ؟
(3) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقديته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(4) إثبات " بوجه عام" " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
صراحة الدليل في المواد الجنائية ودلالته مباشرة على الواقعة المراد إثباتها . غير لازم. كفاية أن يستخلص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
خطأ الحكم في الإسناد . لا يعيبه . مادام لم يؤثر في عقيدة المحكمة .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها . غير جائز.
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام" " اعتراف". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف".
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي . أخذ محكمة الموضوع به . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم وإن عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت إلى صحته وهي ليست ملزمة بنص الاعتراف وظاهره . لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه كما كشفت عنها.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصـــيلها . غير لازم . كفاية وروده على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة.
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(7) تزوير " الادعاء بالتزوير". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".    
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى . من وسائل الدفاع الموضوعي . خضوعه لتقدير المحكمة . مؤدى ذلك ؟
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال.
(8) تزوير "الادعاء بالتزوير". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع بالطعن بالتزوير لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً.
(10) إثبات " شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
(11) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
 تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . مادام استخلاص الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه .
   الجدل الموضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إثبات " بوجه عام" " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
     لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شاهد النفي . مادامت لا تثق بما شهد به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي بينتها. دلالته : اطراحها.
(13) حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
      التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته ؟
      مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(14) توظيف أموال . إثبات " بوجه عام". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
     نعي الطاعن بعدم تلقيه الأموال بقصد توظيفها . منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة . دفاع موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. علة ذلك ؟
(15) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة . غير جائز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني واطرحه بقوله " ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهم الأول لحصوله بمعرفة مأمور ضبط قضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني فمردود بأنه ولئن كان الأصل أن اختصاص مأمور الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه لما كان الأمر بالضبط والإحضار الصادر بتاريخ ... صدر من وكيل النيابة المختص بمكان ارتكاب جريمة تلقى الأموال بالمخالفة للقانون قد روعيت فيه هـذه الاعتبارات ومن ثم فإن ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من ضبط المتهم الأول خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في دائرة اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ويجعل له الحق في مباشرة كل ما يخوله القانون من إجراءات سـواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة استناداً إلى نظرية الضـرورة الإجرائية إذ قد لا يستطاع مباشرة الإجراء بعد ذلك على الإطلاق أو لا يستطاع مباشرته على الوجه المحقق لغرضه . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تقر ما أجراه مأمور الضبط القضائي من تنفيذ أمر الضبط والإحضار خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى نظرية امتداد الاختصاص الذي تمليه نظرية الضرورة الإجرائية ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله " . لما كان ذلك ، وكان من المـقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ولما كان الطاعن لا يماري في صحة صدور الأمر بضبطه وإحضاره من المختص به مكانياً للضابط الذي نفذه فإن للأخير أن ينفذ هذا الأمر على من صدر عليه أينما وجده طالما أن ظروف التحقيق ومقتضياته قد استوجبت ذلك، وكان الحكم قد استنتج في منطق سليم وتدليل سائغ قيام حالة الضرورة التي أملت على مأمور الضبط القضائي الصادر له الأمر بضبط وإحضار الطاعن أن يقبض عليه خارج نطاق اختصاصه المكاني وأن هذا الإجراء منه قد جاء صحيحاً موافقاً للقانون – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2- لما كان الحكـم قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم تحديداً كما ذكر المبالغ المالية التي سلموها للطاعن فإنه لا ينال من سلامته إيراد جزء من المبلغ بشكل إجمالي طالما أنه ذكر أسماء من دفعوا هذا المبلغ بشكل محدد كما لا ينال من سلامته قضاؤه في منـــطوقه بمبلغ الرد جملة ما دام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص إذ إن حجية الشيء المحكوم فيه كما ترد على منطوق الحكم ترد كذلك على ما يكمله ويوضحه ويدعمه من الأسباب. لما كانت الأسباب متصلة بالمنطوق اتصالاً وثيقاً لا ينقطع – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون عـلى غير أساس.
3- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بنـاء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحـــيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .
4- من المقرر أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان البين من أقوال كافة المودعين – المجني عليهم – ومنهم من ذكرهم الطاعن بأسباب طعنه – حسبما أبان الحكم – أنهم حصلوا منه على إيصالات أمانة مقابل المبالغ التي سلموها إليه فإنه وعلى فرض صحة ما ذكره الطاعن بأسباب طعنه – من أن بعض من استشهد الحكم بأقوالهم في الإدانة قد ذكروا بمحضر الاستدلال أن الطاعن تسلم منهم أموالهم على سبيل الأمانة فإن ذلك لا ينفى تسلمه إياها بقصد توظيفها لهم ويكون ما أورده الحكم على ألسنتهم من أنه تسلمها منهم لتوظيفها هو استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى وقرائنها ومن ترتيب النتائج على المقدمات للغرض الحقيقي من تلقى الطاعن لتلك الأموال من المجني عليهم حتى وإن كانت بموجب إيصالات أمانة كضمان لأموالهم وهو ما لا يُعد خطأ في الإسناد إذ ليس له أثر في عقيدة المحكمة وما انتهت إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلـــة  الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن قـد أثـار ما يدعيه في أسباب طعنه بشأن المجني عليهما .... و.... فلا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها.
6- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه واطرحه بقوله " ... وكان ما أثاره دفاع المتهم الأول بشأن بطلان اعترافه في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه عليه مردوداً بأن المتهم الأول ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق بتاريخ... أخبره وكيل النيابة المحقق أن النيابة العامة هي التي تقوم بالتحقيق وأحاطه علماً بالتهمة المسندة إليه وعقوبتها المقررة في القانون وأثر ما عساه يدلى به من أقوال دفعاً لها ، وثبوت قيام وكيل النيابة بفحص جسمه عله يجد به ثمة آثار تفيد التحقيق الذي ثبت خلوه من ثمة إصابات أو علامات ، وأدلى أمامه باعترافات تفصيلية عن وقائع تلقيه الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها في نشاطه في شراء وبيع كروت الشحن وبعدم قدرته على رد الأموال التي تلقاها وأقر أمامه بتوقيعه على إيصالات الأمانة والشيكات التي حررها ووقع عليها ضماناً للأموال التي تلقاها كما أقر حتى بتلقيه أموال دون أن يحرر بها إيصالات لتوظيفها واستثمارها في نشاطه ولم يذكر في اعترافاته التي تمت في حضور محاميه أن هذا الاعتراف أملى عليه أو أكره على الإدلاء به ومن ثم فإن القول ببطلان هذا الاعتراف للإكراه المادي والمعنوي يضحى قولاً عارياً من الدليل لاسيما وأن الدفاع لم يوضح كيفية إملاء هذه الأقوال عليه وماهية المصلحة المراد تحقيقها من ذلك ، وقد جاء اعترافه في مجمله متفقاً مع ما شهد به شهود الإثبات بالتحقيقات بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع ويدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم، فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن ما أثاره الدفاع بشأن بطلان هذا الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف – كالحال في الدعوى المطروحة – فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، وللمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ به وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقـته للحقيقـة والـواقع، كما أنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، ولما كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من اعترافه له أصله في الأوراق  وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإن كافة ما يثيره الطاعن حول صحة اعترافه ومضمون ما انصب عليه لا يكون له محل .
7- من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه إذا ما قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية ، ومع ذلك فقد أبان الحكم المطعون فيه أن المحكمة أجرت تحقيقاً في شأن ما أثاره الطاعن من أن التوقيع المنسوب إليه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون ليس توقيعه وذلك في قوله "ومن حيث إن المحكمة تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن إنكاره لتوقيعه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون الذين تلقى منهم الأموال لتوظيفها واستثمـارها – رغم إقراره بتحقيقات النيابة العامة بتوقيعه عليها – عرضت المحكمة عليه بعضها عشوائياً فجحد توقيعه عليها فندبت المحكمة مدير عام أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة صلب بيانات إيصالات الأمانة والتوقيعات الثابتة بها على استكتابه لبعض بيانات صلب الإيصالات وتوقيعاته أمام المحكمة فباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المتهم الأول " الطاعن " ، وهو الكاتب لإيصالات الأمانة الثمانية موضوع البحث صلباً وتوقيعاً فيما عدا الأسماء التي تسلم منها المبالغ الثابتة بها والأسماء الثابتة بخانة ( وذلك لتوصيلهم إلى السيد .....) وهذا الذي أورده الحكم كاف وسائغ للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولدحض ادعائه بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جـدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن بجلسة .... وإن دفع بالطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب إليه والثابت بإيصالات الأمانة المقدمة من المجني عليه .... إلا أنه لم يدفع بالطعن بالتزوير على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – أي لكونه إكراه على التوقيع على الإيصالات – فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها.
9- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هي الحال في الدعوى المطروحة.
10- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغـير معقب ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
11- من المقرر أن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
12- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقواله أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقواله فاطرحتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
13- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضهـا ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في مدوناته اسم .... ضمن الأشخاص الذين قرروا بمحاضر جمع الاستدلالات أن الطاعن تلقى منهم أموالاً إلا أنه انتهى – من بعد – إلى أن المال الذي تلقاه منه لم يكن بقصد توظيفها أو استثمارها وإنما كان مقابل بضاعة داخل إطار معاملات تجارية بينهما وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد هذا المبلغ – تبعاً لذلك – من نطاق الأفعال المؤثمة التي دانت الطاعن بها واستتبع ذلك بالضرورة عـدم الاعتداد به فيما تضمنه الحكم من قضاء بالنسبة للأشخاص المجني عليهم الذين ألزمت المحكمة الطاعن برد أموالهم المنصوص عليها في منطوق الحكم ، ومن ثم تنتفى عـن الحكم قالة التناقض بشقيها التي رماه بها الطاعن .
14- لما كان ما يثيره الطـاعن من أنه لم يتلق الأموال بقصد توظيفها لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها.
15- لما كان النعي بأن الواقعة – بفرض صحتها – لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة أو إعطاء شيك بدون رصيد لا يعدو أن يكون من قبيل المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
     اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: أولاً : تلقيا أموالاً من الجمهور بلغ قدرها اثنين مليون وخمسمائة وثمانية وثمانين ألف جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في مجال شراء وبيع كروت شحن التليفون المحمول والمنزلية مقابل أرباح (9%) من أصل المبلغ المودع بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بإصدار قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها على خلاف الأوضاع المقررة وحال كونهما غير مرخص لهما بمزاولة هذا النشاط على النحو المبين بأقوال محامي الهيئة العامة لسوق المال وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً: امتنعا عن رد الأموال المبينة سلفاً بالتهمة الأولى والمستحقة للمجني عليهم والتي تلقياهـا منهم بعد العمل بأحـكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العامة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات "...." لمعاقبتهما طبقـاً للقـيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. 
والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً للأول والثاني عملاً بالمواد 1/1 ، 21 /4،1، 26 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركـات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها مع إعمال المادة 32/2 مـن قانـون العقوبـات أولاً : بمعاقبة ..... الطاعن بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه خمسمائة ألف جنيه وبإلزامه برد مبلغ مليون وواحد ألف جنيه مصري للمودعين الواردة أسماؤهم بأسباب هذا الحكم وبنشر منطوق هذا الحكم بجريدة يومية واسعة الانتشار على نفقته وبإلزامه بأن يؤدي لكل من المودعين بالحقوق المدنية عدا.... مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيـل التعويض المؤقت . ثانياً: ببراءة المتهم ... مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة من ....
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقى أموال لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها إلى أصحابها قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفع الطاعن ببطلان القبض عليه لوقوعه خارج دائرة الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي ، وجاءت أسبابه مجهلة بالنسبة للرد المقضي به إذ أغفل تحديد المبالغ المطلوب ردها لكل ، وقد حصل الحكم أقوال الشهود - المجني عليهم - في الجملة بأن الطاعن تسلم أموالهم على سبيل توظيفها لحسابهم على الرغم من مخالفة ذلك للثابت من أقوال - بعضهم - بمحضر جمع الاستدلالات من أنهم سلموه أموالهم على سبيل الأمانة ، وهو ما قرر به بعضهم بجلسة المحاكمة ، وأغفل الدفع باستبعاد كل من ...و... المجني عليهما وكشاهدي إثبات لإقرارهما بمحضر الشرطة أن ما أخذه الطـــاعن منهما من نقود كان على سبيل القرض ، واطرح بما لا يصلح دفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لأنه جاء نتيجة إكراه بعد إهـدار النيابة لكافة تظلماته ، وعول الحكم على ذلك الاعتراف رغم أنه لم ينصب على تلقيه أموالاً لتوظيفها وإنما تضمن أن تلقيه الأموال كان من خلال شركة بينه وبين زملائه الذين يعملون معه لدى إحدى الشركات التي تمارس تجارة كروت الشحن ورد بما لا يصلح على دفع الطاعن بأن توقيعاته على الإيصالات والشيكات جاءت وليدة إكراه بدلالة أقوال شاهد النفي ولم تعن المحكمة بتحقيق هذا الدفع واعتمد الحكم في اطراحه للدفع المذكور على نتيجـة الطعن بالتزوير على جزء من الإيصالات بشأن ما إذا كان التوقيع مطابقاً من عدمه رغم ما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير من أنه لم يكتب بخطه خانة الأسماء التي تسـلم منها المبالغ الثابتة بها وهو وما يؤيد أن توقيعاته على تلك الإيصالات جاءت كرهاً عنه، وجاءت أقوال الشهود متناقضة بشأن قيمة المبالغ التي دفعوها للطاعن بين ما قرره بمحاضر الشرطة قبل القبض عليه وبالتحقيقات بعد القبض عليه إذ ذكروا في الحالة الأخيرة مبالغ أكبر مما ذكروه في الحالة الأولى ، وتناقض الحكم في أسبابه حين استبعد في مستهلها اسم المودع ..... من الأسماء التي ألزم الطاعن برد أموالهم ثم عاد في موضوع آخر منها وأظهر له الحق في استرداد مبلغ لم يحدد قيمته ضمن مبلغ إجمالي قدره 435 ألف جنيه وتناقضت أسباب الحكم مع منطوقه حينما قضى للمودع سالف الذكر بالحصول على مبلغ مالي من الطاعن عندما ألزم الأخير برد مبلغ مليون وألف جنيه للمودعين المذكورين بالأسباب، وأخيراً فإن الواقعة لا تعدو أن تكون جنح خيانة أمانة وإعطاء شيكات بدون رصيد، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافـر به كافة العناصـر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني واطرحه بقوله "ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهم الأول لحصوله بمعرفة مأمور ضبط قضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني فمردود بأنه ولئن كان الأصل أن اختصاص مأمور الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه لما كان الأمر بالضبط والإحضار الصادر بتاريخ .... صدر من وكيل النيابة المختص بمكان ارتكاب جريمة تلقى الأموال بالمخالفة للقانون قد روعيت فيه هـذه الاعتبارات ومن ثم فإن ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من ضبط المتهم الأول خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في دائرة اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ويجعل له الحق في مباشرة كل ما يخوله القانون من إجراءات سـواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة استناداً إلى نظرية الضـرورة الإجرائية إذ قد لا يستطاع مباشرة الإجراء بعد ذلك على الإطلاق أو لا يستطاع مباشرته على الوجه المحقق لغرضه . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تقر ما أجراه مأمور الضبط القضائي من تنفيذ أمر الضبط والإحضار خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى نظرية امتداد الاختصاص الذي تمليه نظرية الضرورة الإجرائية ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ولما كان الطاعن لا يماري في صحة صدور الأمر بضبطه وإحضاره من المختص به مكانياً للضابط الذي نفذه فإن للأخير أن ينفذ هذا الأمر على من صدر عليه أينما وجده طالما أن ظروف التحقيق ومقتضياته قد استوجبت ذلك ، وكان الحكم قد استنتج في منطق سليم وتدليل سائغ قيام حالة الضرورة التي أملت على مأمور الضبط القضائي الصادر له الأمر بضبط وإحضار الطاعن أن يقبض عليه خارج نطاق اختصاصه المكاني وأن هذا الإجراء منه قد جاء صحيحاً موافقاً للقانون – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكـم قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم تحديداً كما ذكر المبالغ المالية التي سلموها للطاعن فإنه لا ينال من سلامته إيراد جزء من المبلغ بشكل إجمالي طالما أنه ذكر أسماء من دفعوا هذا المبلغ بشكل محدد كما لا ينال من سلامته قضاؤه في منطوقه بمبلغ الرد جملة ما دام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص إذ إن حجية الشيء المحكوم فيه كما ترد على منطوق الحكم ترد كذلك على ما يكمله ويوضحه ويدعمه من الأسباب. لما كانت الأسباب متصلة بالمنطوق اتصالاً وثيقاً لا ينقطع – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون عـلى غير أساس. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بنـاء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان البين من أقوال كافة المودعين – المجني عليهم – ومنهم من ذكرهم الطاعن بأسباب طعنه – حسبما أبان الحكم – أنهم حصلوا منه على إيصالات أمانة مقابل المبالغ التي سلموها إليه فإنه وعلى فرض صحة ما ذكره الطاعن بأسباب طعنه – من أن بعض من استشهد الحكم بأقوالهم في الإدانة قد ذكروا بمحضر الاستدلال أن الطاعن تسلم منهم أموالهم على سبيل الأمانة فإن ذلك لا ينفي تسلمه إياها بقصد توظيفها لهم ويكون ما أورده الحكم على ألسنتهم من أنه تسلمها منهم لتوظيفها هو استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى وقرائنها ومن ترتيب النتائج على المقدمات للغرض الحقيقي من تلقى الطاعن لتلك الأموال من المجني عليهم حتى وإن كانت بموجب إيصالات أمانة كضمان لأموالهم وهو ما لا يُعد خطأ في الإسناد إذ ليس له أثر في عقيدة المحكمة وما انتهت إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار ما يدعيه في أسباب طعنه بشأن المجني عليهما .... و.... فلا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه واطرحه بقوله " ... وكان ما أثاره دفاع المتهم الأول بشأن بطلان اعترافه في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه عليه مردوداً بأن المتهم الأول ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق بتاريخ ... أخبره وكيل النيابة المحقق أن النيابة العامة هي التي تقوم بالتحقيق وأحاطه علماً بالتهمة المسندة إليه وعقوبتها المقررة في القانون وأثر ما عساه يدلى به من أقوال دفعاً لها ، وثبوت قيام وكيل النيابة بفحص جسمه عله يجد به ثمة آثار تفيد التحقيق الذي ثبت خلوه من ثمة إصابات أو علامات ، وأدلى أمامه باعترافات تفصيلية عن وقائع تلقيه الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها في نشاطه في شراء وبيع كروت الشحن وبعدم قدرته على رد الأموال التي تلقاها وأقر أمامه بتوقيعه على إيصالات الأمانة والشيكات التي حررها ووقع عليها ضماناً للأموال التي تلقاها كما أقر حتى بتلقيه أموال دون أن يحرر بها إيصالات لتوظيفها واستثمارها في نشاطه ولم يذكر في اعترافاته التي تمت في حضور محاميه أن هذا الاعتراف أملى عليه أو أكره على الإدلاء به ومن ثم فإن القول ببطلان هذا الاعتراف للإكراه المادي والمعنوي يضحى قولاً عارياً من الدليل لاسيما وأن الدفاع لم يوضح كيفية إملاء هذه الأقوال عليه وماهية المصلحة المراد تحقيقها من ذلك، وقد جاء اعترافه في مجمله متفقاً مع ما شهد به شهود الإثبات بالتحقيقات بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع ويدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم، فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن ما أثاره الدفاع بشأن بطلان هذا الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف – كالحال في الدعوى المطروحة – فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، وللمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ به وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقـته للحقيقة والواقع، كما أنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، ولما كان الطاعن لا يمارى في أن ما حصله الحكم من اعترافه له أصله في الأوراق ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإن كافة ما يثيره الطاعن حول صحة اعترافه ومضمون ما انصب عليه لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تـحيله للنيابة العامة لتحقيقه إذا ما قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية ، ومع ذلك فقد أبان الحكم المطعون فيه أن المحكمة أجرت تحقيقاً في شأن ما أثاره الطاعن من أن التوقيع المنسوب إليه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون ليس توقيعه وذلك في قوله " ومن حيث إن المحكمة تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن إنكاره لتوقيعه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون الذين تلقى منهم الأموال لتوظيفها واستثمارها – رغم إقراره بتحقيقات النيابة العامة بتوقيعه عليها – عرضت المحكمة عليه بعضها عشوائياً فجحد توقيعه عليها فندبت المحكمة مدير عام أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة صلب بيانات إيصالات الأمانة والتوقيعات الثابتة بها على استكتابه لبعض بيانات صلب الإيصالات وتوقيعاته أمام المحكمة فباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المتهم الأول "الطاعن" ، وهو الكاتب لإيصالات الأمانة الثمانية موضوع البحث صلباً وتوقيعاً فيما عدا الأسماء التي تسلم منها المبالغ الثابتة بها والأسماء الثابتة بخانة ( وذلك لتوصيلهم إلى السيد... ) وهذا الذي أورده الحكم كاف وسائغ للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولدحض ادعائه بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جـدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن بجلسة .... وإن دفع بالطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب إليه والثابت بإيصالات الأمانة المقدمة من المجني عليه .... إلا أنه لم يدفع بالطعن بالتزوير على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – أي لكونه أكره على التوقيع على الإيصالات – فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقــل والمنطق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هي الحال في الدعوى المطروحة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغـير معقب ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيـــد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقواله أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقواله فاطرحتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضهـا ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في مدوناته اسم .... ضمن الأشخاص الذين قرروا بمحاضر جمع الاستدلالات أن الطاعن تلقى منهم أموالاً إلا أنه انتهى – من بعد – إلى أن المال الذي تلقاه منه لم يكن بقصد توظيفها أو استثمارها وإنما كان مقابل بضاعة داخل إطار معاملات تجارية بينهما وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد هذا المبلغ – تبعاً لذلك – من نطاق الأفعال المؤثمة التي دانت الطاعن بها واستتبع ذلك بالضرورة عدم الاعتداد به فيما تضمنه الحكم من قضاء بالنسبة للأشخاص المجني عليهم الذين ألزمت المحكمة الطاعن برد أموالهم المنصوص عليها في منطوق الحكم  ومن ثم تنتفى عـن الحكـم قالة التناقض بشقيها التي رماه بها الطاعن . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطـاعن من أنه لم يتلق الأموال بقصد توظيفها لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن الواقعة – بفرض صحتها – لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة أو إعطاء شيك بدون رصيد لا يعدو أن يكون أيضاً من قبيل المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 24542 لسنة 73 ق جلسة 15 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 32 ص 260

جلسة 15 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد القاضي/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة ، وعطية أحمد عطية ، وحسين النخلاوي ونصر ياسين .
-----------
(32)
الطعن 24542 لسنة 73 ق
(1) نقض "أسباب الطعن . إيداعها " .
التقرير بالطعن بالنقض دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) مواد مخدرة . عقوبة " العقوبة التكميلية " . قانون " تفسيره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". مصادرة .
   نص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 . دلالته ؟
 تقدير استخدام الأدوات ووسائل النقل في ارتكاب الجريمة . موضوعي.
   عدم قضاء المحكمة بمصادرة السيارة المضبوطة وخلو مدونات حكمها مما يرشح استخدامها في ارتكاب الجريمة . مفاده : أن المحكمة لم تر لها دوراً في ارتكاب الجريمة . صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض ، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون غير مقبول شكلاً .
   2- من المقرر أن ما تضمنه نص المادة  42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها من أن يُحكم في جميع الأحوال بمُصادرة الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، يَدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناتـه لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها ، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، بهذا المعنى ، أم لا ، إنما يُعَد من إطلاقات قاضي الموضوع ، فإن المحكمة، في الدعوى الماثلة ، إذ لم تقض بمُصادرة السيارة المضبوطة ، وخلت مدونات حكمها مما يرشح أنها قد استُخدِمَت كي يستزيد الجاني من إمكاناته لتنفيذ الجريمة ، فإن مفاد ذلك ولازمه أنها لم تر أن للسيارة دوراً أو شأناً في ارتكاب الجريمة، ولا تكون قد جانبت التطبيق القانوني السليم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
    اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : أحرز نبات الحشيش المخدر وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
  وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمـواد 29، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعَدَّل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) المُرفق بمُعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسين ألف جُنيه ومُصادرة النبات المخدر المضبوط ، باعتبار أن الإحراز مُجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض ، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون غير مقبول شكلاً .
وحيث إن طعن النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إنها تنعى على الحكم المطعون فيه مُخالفة القانون ، ذلك بأنه غفل عن القضاء بمُصادرة السيارة المضبوطة بالمُخالفة لنص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها .
وحيث إن ما تضمنه نص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها من أن يُحكم في جميع الأحوال بمُصادرة الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة، يَدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها ، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، بهذا المعنى، أم لا ، إنما يُعَد من إطلاقات قاضي الموضوع ، فإن المحكمة ، في الدعوى الماثلة، إذ لم تقض بمُصادرة السيارة المضبوطة  وخلت مدونات حكمها مما يرشح أنها قد استُخدِمَت كي يستزيد الجاني من إمكاناته لتنفيذ الجريمة ، فإن مفاد ذلك ولازمه أنها لم تر أن للسيارة دوراً أو شأناً في ارتكاب الجريمة ، ولا تكون قد جانبت التطبيق القانوني السليم . وحيث إنه لما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 23182 لسنة 73 ق جلسة 11 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 31 ص 256

جلسة 11 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / على فرجاني ، صبري شمس الدين ، محمد عبد الوهـاب وهشـام عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
-----------
(31)
الطعن 23182 لسنة 73 ق
تلبس . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " " التفتيش بقصد التوقي " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم" . سكك حديدية . حكم "  تسبيبه. تسبيب معيب " . نقض" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
جواز قبض مأمور الضبط القضائي على المتهم في أحوال التلبس بالجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر. متى وجدت دلائل كافية على اتهامه بالجريمة . المادة 34 إجراءات .
العبرة في تقرير العقوبة بما نص عليه القانون لا بما ينطق به القاضي في الحكم.
جواز تفتيش مأمور الضبط القضائي للمتهم في الأحوال الجائز فيها القبض عليه أياً كان سببه والغرض منه . علة وأساس ذلك ؟
جريمة إلقاء قاذورات داخل أفنية السكك الحديدية المؤثمة بالمادتين 10 ح ، 20 من القرار بقانون رقم 277 لسنة 1959 . تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر بتبرئة المطعون ضده من هذه الجريمة استناداً لصحة دفعه ببطلان القبض والتفتيش . خطأ . أثره : وجوب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه عرض لما دفع به المدافع عن المطعـون ضـده من بطلان القبض عليه وتفتيشه وانتهى إلى القضاء بقبول الدفع وتبرئته مما هو منسوب إليه بقوله : " ...... وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش فالنص في المادة 34 مـن قانون الإجراءات الجنائية جرى على أن لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وفي المادة 46 من القانون ذاته على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ، ممـا مفاده أنه يترخص قانوناً لمأمور الضبط القضائي التفتيش والقبض في حالات التلبس عندما تقوم دلائل كافية على اتهامه في جناية أو جنحة محددة وأن تكون حالة التلبس ظاهـرة بنفسها سابقة على القبض والتفتيش لا نتيجة له فلا يجوز القبض ريبة وظناً دون مشاهـدة آثار الجريمة واستظهار قيامها . لما كان ذلك، وكان شاهد الواقعة قرر بأنه لدى مشاهدته يلقي منديلاً ورقياً على الأرض بالمخالفة لتعليمات النظافة فقام بتفتيشه ـ رغم أن عقوبة الواقعة المنسوبة للمتهم لا تصل إلى العقوبة التي عناها المشرع بالمـادة 34 إجراءات جنائية ومن ثم يكون القبض على المتهم وتفتيشه جاء في غير حالات التلبس بالجريمـة التي أوردتها المادة سالفة الذكر ويضحى التفتيش باطلاً ويبطل تبعاً لذلك الدليل الذي يسفـر عنه هذا الإجراء الباطل" . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أجاز في المادة 34 منه لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر متى وجدت دلائـل كافيـة على اتهامه بالجريمة والعبرة في تقرير العقوبة بما يرد به النص عليها في القانون لا بما ينطـق به القاضي في الحكم . ولما كانت جريمة إلقاء القاذورات داخل أفنية السكك الحديدية التي قارفها المطعون ضده تندرج تحت نص المادتين 10/ ح ، 20 من القرار بقانون رقم 277 لسنة 1959 الذي ربط لها عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على عشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين ، فإنه كان يسوغ لرجل الضبط القضائي أن يقبض على المتهم وإذ كان قانون الإجراءات قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يرى من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض والغرض منه ، وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، ومن جهة أخرى فإن مدونات الحكم تشهد بأن التفتيش في هذه الحالة كان لازماً ضرورة، إذ إنه من وسائل التوقي والتحوط الواجب توفيرها أماناً من شر المقبوض عليه إذا حدثته نفسه استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون لديه من سلاح على من قبض عليه ، وإذن فإذا كان الحكم مع ما أثبته من أن المتهم وقع منه جريمة إلقاء قاذورات داخل أفنية محطة مترو الأنفاق مما يجيز القبض عليه في القانون وقد التفت في قضائه عن الدليل المستمد من التفتيش الذي وقع على أثر القبض ، فإنه يكون خاطئاً متعيناً نقضه ، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : أحرز بقصد التعاطي نباتاً ممنوعاً زراعته   " نبات الحشيش " في غير الأحوال المصرح بهـا قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته مما أسند إليه وبمصادرة النبات المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في .....  إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر استناداً إلى بطلان القبض والتفتيش الواقع عليـه قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أن المتهم ارتكب جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ومن ثم فإنه يصح القبض عليه وأن الضابط كان من حقه تفتيـش المتهـم تفتيشاً وقائياً ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما دفع به المدافع عن المطعـون ضـده من بطلان القبض عليه وتفتيشه وانتهى إلى القضاء بقبول الدفع وتبرئته مما هو منسوب إليه بقوله: " ..... وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش فالنص في المادة 34 مـن قانون الإجراءات الجنائية جرى على أن لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وفي المادة 46 من القانون ذاته على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ، مما مفاده أنه يترخص قانوناً لمأمور الضبط القضائي التفتيش والقبض في حالات التلبس عندما تقوم دلائل كافية على اتهامه في جناية أو جنحة محددة وأن تكون حالة التلبس ظاهرة بنفسها سابقة على القبض والتفتيش لا نتيجة له فلا يجوز القبض ريبة وظناً دون مشاهـدة آثار الجريمة واستظهار قيامها . لما كـان ذلك، وكان شاهد الواقعة قرر بأنه لدى مشاهدته يلقي منديلاً ورقياً على الأرض بالمخالفة لتعليمات النظافة فقام بتفتيشه ـ رغم أن عقوبة الواقعة المنسوبة للمتهم لا تصل إلى العقوبة التي عناها المشرع بالمـادة 34 إجراءات جنائية ومن ثم يكون القبض على المتهم وتفتيشه جاء في غير حالات التلبس بالجريمـة التي أوردتها المادة سالفة الذكر ويضحى التفتيش باطلاً ويبطل تبعاً لذلك الدليل الذي يسفـر عنه هذا الإجراء الباطل" . لما كان ذلك،  وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أجاز في المادة 34 منه لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر متى وجدت دلائـل كافية على اتهامه بالجريمة والعبرة في تقرير العقوبة بما يرد به النص عليها في القانون لا بما ينطـق به القاضي في الحكم. ولما كانت جريمة إلقاء القاذورات داخل أفنية السكك الحديدية التي قارفها المطعون ضده تندرج تحت نص المادتين 10/ ح ، 20 من القرار بقانون رقم 277 لسنة 1959 الذي ربط لها عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على عشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين ، فإنه كان يسوغ لرجل الضبط القضائي أن يقبض على المتهم وإذ كان قانون الإجراءات قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يرى من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض والغرض منه ، وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، ومن جهة أخرى فإن مدونات الحكم تشهد بأن التفتيش في هذه الحالة كان لازماً ضرورة إذ إنه من وسائل التوقي والتحوط الواجب توفيرها أماناً من شر المقبوض عليه إذا حدثته نفسه استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون لديه من سلاح على من قبض عليه ، وإذن فإذا كان الحكم مع ما أثبته من أن المتهم وقع منه جريمة إلقاء قاذورات داخل أفنية محطة مترو الأنفاق مما يجيز القبض عليه في القانون وقد التفت في قضائه عن الدليل المستمد من التفتيش الذي وقع على أثر القبض ، فإنه يكون خاطئاً متعيناً نقضه ، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 9 مايو 2017

الطعن 1136 لسنة 79 ق جلسة 10 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 30 ص 251

جلسة 10 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسان ، محمد سليـمان ، عبد الرحيم الفيل وحاتم عزمي نواب رئيس المحكمة .
------------
(30)
الطعن 1136 لسنة 79 ق
تزوير " أوراق رسمية " " الاشتراك في التزوير " . استعمال محرر مزور . نصب . شيك بدون رصيد . إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . دفوع " الدفع بانتفاء القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " "بطلانه " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية شيكات بنكية واستعمالها والاستيلاء على قيمتها مع علمهم بتزويرها واطراحه دفعهم بانتفاء القصد الجنائي استناداً لتحريات المباحث وحدها من أن مجرد تقديمهم تلك الشيكات للبنك لصرفها يفيد علمهم بتزويرها دون تدليله على اشتراكهم في تزويرها مع العلم بذلك . قصور وفساد يبطله. علة وأثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى بما مفاده قيام المتهم / ..... سبق الحكم عليه بالاشتراك مع آخر مجهول في تزوير محررات رسمية هي الشيكات البنكية المنسوب صدورها .... والمسحوبة على .... وذلك بطريق التقليد ، بأن اصطنعاها على غرار المحررات الصحيحة ، ثم قام بتسليمها للطاعنين وآخرين قاموا بصرفها من ..... مع علمهم بتزويرها واقتسام حصيلتها ، وتم اكتــشاف الواقعة أثناء قيام المتهم / .... سبق الحكم عليه بإجراءات صرف شيك من تلك الشيكات من ...... تبين أنه مزور بعد فحصه ، ثم تبين بالمراجعة تزوير باقي الشيكات المنصرفة من ..... ، فتقدمت إدارة البنك ببلاغ إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة والتي بإجرائها التحريات تبين قيام المتهم / ....... بالاشتراك مع آخر مجهول بتزوير الشيكات المضبوطة واستعمال الطاعنين لبعضها بصرفها من ..... والاستيلاء على قيمتها مع علمهم بتزويرها ، واستند الحكم على صحة الواقعة في حق الطاعنين إلى أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي إدارة أبحاث التزييف والتزوير ، وبعد أن أورد الحكم مضمون هذه الأدلة عرض للدفع بانتفاء علم المتهمين بكون الشيكات المضبوطة مزورة واطرحه في قوله بأن ذلك مردود بما ثبت للمحكمة بعد أن محصت أوراق الدعوى وأحاطت بظروفها وملابساتها فإنها تطمئن إلى شهادة ..... الضابط بإدارة مباحث الأموال العامة ، وبما دلت عليه تحرياته من أن المتهمين كونوا تشكيلاً فيما بينهم على تزوير الشيكات المضبوطة وصرفها للحصول على قيمتها ، والمحكمة تطمئن لهذه التحريات وجديتها ، وتصدق من أجراها لكونها جاءت صريحة وواضحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا ينال من اقتناع المحكمة واطمئنانها بحصول الواقعة على النحو الذي قرره شهودها بتحقيقات النيابة العامة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت أو يدلل على اشتراك الطاعنين مع المتهم الذي سبق الحكم عليه في تزوير الشيكات محل الــدعوى والتي تم صـــرفها ، ولم يعن بإيراد ما يدل على علمهم بتزوير المتهم سالف الذكر للشيكات محل الدعوى ، فإن مجرد تقديمهم تلك الشيكات للبنك وصــرفها لا يــفيد العلم لديهم بتزويرها ما دام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على اشتراكهم في تزويرها ، ولا ينال من ذلك ما أوردته تحريات المباحث من أن الطاعنين وآخرين كونوا تشكيلاً عصابياً لتزوير الشيكات المضبوطة وصرفها للحصول على قيمتها مما يفيد علمهم بتزويرها ، لما هو مقرر أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت التهمة ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً على ثبوت علم الطاعنين بأن الشيكات المنصرفة والمضبوطة مزورة دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر تلك التحريات على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ، بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة للطاعنين وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
    اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم ......... :
أولاً : استعملوا محررات مزورة ( شيكات بنكية ) بأن قدموها لــ....... مع علمهم بتزويرها .
ثانياً : توصلوا إلى الاستيلاء على المبالغ النقدية والمملوكة لـ...... وذلك باستعمال طرق احتيالية بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي الشيكات المزورة سالفة البيان ، وتمكنوا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على المبالغ النقدية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ....... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمـواد 40/ 2 ، 3 ، 41 ، 214 ، 336/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
  حيث إن مما ينعاه الطاعنون في مذكرات أسباب طعنهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي استعمال محرر مزور والاستيلاء على مبالغ نقدية باستعمال طرق احتيالية، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه اطرح برد غير سائغ دفعهم بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على انتفاء علمهم بأن الشيكات المضبوطة والتي تم صرفها مزورة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى بما مفاده قيام المتهم / ....... سبق الحكم عليه بالاشتراك مع آخر مجهول في تزوير محررات رسمية ، هي الشيكات البنكية المنسوب صدورها لـــ..... والمسحوبة على ..... وذلك بطريق التقليد، بأن اصطنعاها على غرار المحررات الصحيحة ، ثم قام بتسليمها للطاعنين وآخرين قاموا بصرفها من ...... مع علمهم بتزويرها واقتسام حصيلتها ، وتم اكتشاف الواقعة أثناء قيام المتهم / ....... سبق الحكم عليه بإجراءات صرف شيك من تلك الشيكات من ....... تبين أنه مزور بعد فحصه ، ثم تبين بالمراجعة تزوير باقي الشيكات المنصرفة من ....... ، فتقدمت إدارة البنك ببلاغ إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة والتي بإجرائها التحريات تبين قيام المتهم /....... بالاشتراك مع آخر مجهول بتزوير الشيكات المضبوطة واستعمال الطاعنين لبعضها بصرفها من ....... والاستيلاء على قيمتها مع علمهم بتزويرها ، واستند الحكم على صحة الواقعة في حق الطاعنين إلى أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي إدارة أبحاث التزييف والتزوير ، وبعد أن أورد الحكم مضمون هذه الأدلة عرض للدفع بانتفاء علم المتهمين بكون الشيكات المضبوطة مزورة ، واطرحه في قوله بأن ذلك مردود بما ثبت للمحكمة بعد أن محصت أوراق الدعوى وأحاطت بظروفها وملابساتها ، فإنها تطمئن إلى شهادة / ..... الضابط بإدارة مباحث الأموال العامة وبما دلت عليه تحرياته من أن المتهمين كونوا تشكيلاً فيما بينهم على تزوير الشيكات المضبوطة وصرفها للحصول على قيمتها والمحكمة تطمئن لهذه التحريات وجديتها وتصدق من أجراها لكونها جاءت صريحة وواضحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا ينال من اقتناع المحكمة واطمئنانها بحصول الواقعة على النحو الذي قرره شهودها بتحقيقات النيابة العامة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت أو يدلل على اشتراك الطاعنين مع المتهم الذي سبق الحكم عليه في تزوير الشيكات محل الدعوى والتي تم صرفها ولم يعن بإيراد ما يدل على علمهم بتزوير المتهم سالف الذكر للشيكات محل الدعوى ، فإن مجرد تقديمهم تلك الشيكات للبنك وصرفها لا يفيد العلم لديهم بتزويرها مادام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على اشتراكهم في تزويرها ، ولا ينال من ذلك ما أوردته تحريات المباحث من أن الطاعنين وآخرين كونوا تشكيلاً عصابياً لتزوير الشيكات المضبوطة وصرفها للحصول على قيمتها مما يفيد علمهم بتزويرها ، لما هو مقرر أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت التهمة ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً على ثبوت علم الطاعنين بأن الشيكات المنصرفة والمضبوطة مزورة دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر تلك التحريات على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ، بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة للطاعنين وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 18 لسنة 79 ق جلسة 10 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 29 ص 242

جلسة 10 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمود ، محمد عـبد الحليم ، محمد سليمان وعبد الرحيم الفيل نواب رئيس المحكمة .
---------
(29)
الطعن 18 لسنة 79 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) هتك عرض . جريمة "أركانها" . إكراه . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض . شرطه ؟
تحدث الحكم عن ركن القوة في جريمة هتك العرض استقلالاً . غير لازم . متى أورد من الوقائع والظروف ما يكفي لقيامه .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة هتك عرض بالقوة .
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل" . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . دفاع "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" .
   استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وكل شبهة يثيرها والرد عليها. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
مثال .
(5) إثبات " بوجه عام " . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تــقدير حــالة الــتلبس " . حــكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
    القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . مادام سائغاً.
    مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به .
(6) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة . دفاع بنفي التهمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب " .
تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها . مادامت قد اطمأنت إليها .
اطمئنان المحكمة لأقوال والدة المجني عليه . مفاده ؟
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .      
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن الرد على دفاعه بعدم جدية التحريات والذي لم يثره أمامها . غير مقبول .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بالتفات محكمة الموضوع عن دفاعه الذي لم يكشف في طعنه عن ماهيته . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى في قوله : " ... إنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه / ..... البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً ، ولما استفسر منه والداه أنهى إليهما أنه تعرض لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص ، فقامت والدته باصطحابه وأرشدها عن مكان ارتكاب الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم / ....، وقامت بدورها بإبلاغ الشرطة التي تولت القبض عليه ، وتم عرض المجني عليه على الطب الشرعي الذي أفاد بوجود العلامات الدالة على إتيانه من الخلف لواطاً بإيلاج في تاريخ يتفق والتاريخ المعطى للواقعة ، وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان المجني عليه " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الــواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
2- من المقرر أنه يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه ، وكانت المحكمة قد استخلصت من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال المجني عليه ووالديه أن الطاعن استغل صغر سن المجني عليه واستدرجه إلى مسكنه ، واعتدى عليه جنسياً بإيلاج عضوه الذكري في دبره ، وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض " سكين " إذا أفشى هذه الواقعة لوالديه ، فإن الذي أورده الحكم كافياً لإثبات جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عن هذا الركن على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فــيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حـاصلها أنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً وأبلغ والدته بتعرضه لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فاصطحبته والدته إلى مكان الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم فقامت والدته بعد ذلك بإبلاغ الشرطة، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض على النحو المبين بمدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة على النحو المار ذكره ، فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- لما كان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض على الطاعن لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وهو دفع غير سديد ذلك أن والدة المجني عليه فور أن أبلغها بالواقـــعة التي تعــرض لـــها اصطحبته حتى أرشدها عن موقع تلك الواقعة وهي شقة المتهم الذي كان متواجداً بها ، فأبلغت علـى التـو الشرطـة التي حضرت من فورها وألقت القبض عليه " . وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها عن توافر حالة التلبس التي تبيح القبض على الطاعن ، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- لما كان نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون قويماً .
7- من المقرر أن تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة - بفرض حصوله - لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال والدة المجني عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.                            
8- لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار شيئاً حول عدم جدية التحريات أمام محكمة الموضوع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية الدفاع الذي أعرضت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : هتك عرض / ...... البالغ من العمر ست سنوات بأن استغل صغر سنه واستدرجه لمسكنه وقام بإيلاج عضوه الذكري بدبره وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض ( سكين ) حتى لا يذكره لوالديه ، ونتج عن ذلك الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي .
وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكـورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض بالقوة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة مجملة ، ولم يستظهر أركان الجريمة ، ولم يدلل على توافر ركن القوة ، ولم يبين مؤدى أدلة الإدانة ووجه استدلاله بها ، وجاءت أسبابه متناقضة مع بعضها البعض واعتنق تصويراً للواقعة لا يتفق مع العقل والمنطق ، واطرح الحكم دفعه ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس ، إذ الواقعة كانت يوم ..... بينما تم ضبطه مساء يوم .... بما لا يسوغ به اطراحه ، وأعرضت المحكمة عن دفاعه القائم على عدم ارتكاب الجريمة ، وعولت على أقوال والدة المجني عليه رغم تراخيها في الإبلاغ، وردت على دفعه بعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً ، وصدفت عن سائر أوجه دفاعه الجوهرية التي أبداها بجلسة المحاكمة، وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى في قوله : " ... إنه بتاريخ ... عاد المجني عليه / ... البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً ، ولما استفسر منه والداه أنهى إليهما أنه تعرض لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فقامت والدته باصطحابه وأرشدها عن مكان ارتكاب الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم / ...، وقامت بدورها بإبلاغ الشرطة التي تولت القبض عليه ، وتم عرض المجني عليه على الطب الشرعي الذي أفاد بوجود العلامات الدالة على إتيانه من الخلف لواطاً بإيلاج في تاريخ يتفق والتاريخ المعطى للواقعة ، وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان المجني عليه " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف . لـــما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانـــون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ـ- كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه ، وكانت المحكمة قد استخلصت من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال المجني عليه ووالديه أن الطاعن استغل صغر سن المجني عليه واستدرجه إلى مـسكنه ، واعتدى عليه جنسياً بإيلاج عضوه الذكري في دبره ، وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض "سكين" إذا أفشى هذه الواقعة لوالديه ، فإن الذي أورده الحكم كافياً لإثبات جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عن هذا الركن على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة  والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها : أنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً وأبلغ والدته بتعرضه لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فاصطحبته والدته إلى مكان الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم فقامت والدته بعد ذلك بإبلاغ الشرطة ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض على النحو المبين بمدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد . لمـا كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العـقل والــمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة على النحو المار ذكره ، فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض على الطاعن لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الـدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وهو دفع غير سديد ، ذلك أن والدة المجني عليه فور أن أبلغها بالواقعة التي تعرض لها اصطحبته حتى أرشدها عن موقع تلك الواقعة وهي شقة المتهم الذي كان متواجداً بها ، فأبلغت على التو الشرطة التي حضرت من فورها وألقت القبض عليه ". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها عن توافر حالة التلبس التي تبيح القبض على الطاعن ، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة - بفرض حصوله - لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك،  وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال والدة المجني عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار شيئاً حول عدم جدية التحريات أمام محكمة الموضوع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية الدفاع الذي أعرضت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 155 لسنة 79 ق جلسة 6 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 28 ص 237

جلسة 6 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / وجيه أديب ، والنجار توفيق ومحمود خضر وبدر خليفة نواب رئيس المحكمة .
----------
(28)
الطعن 155 لسنة 79 ق
آثار . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن . ما يقبل منها".
    وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها والا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات . المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة . لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام .
ما يعتبر أثراً في مفهوم المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 ؟
جريمة إجراء حفر أثري بدون ترخيص . عمدية . القصد الجنائي فيها . مناط تحققه ؟
وجوب تحدث الحكم في جريمة إجراء الحفر الأثري بدون ترخيص عن القصد الجنائي استقلالاً أو إيراده من الوقائع والظروف ما يكفي للدلالة عليه .
   مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمة إجراء حفر أثري بدون ترخيص .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
        لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " إنه بتاريخ ..... قام المتهم الماثل ...... باستئجار كل من ...و.... و..... بالعمل لديه في الحفر داخل الحجرة المستأجرة له من المدعو ...... بحثاً وتنقيباً عن مقبرة أثرية ظـهرت في معالمها له من قبل فقام باستئجار المذكورين للحفر مقابل أجر يومي يتقاضاه كل منهم دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بذلك مع علم المتهم أنه يبحث داخل المقبرة عن الآثار دون أن يعلم القائمين بالحفر بما انتواه " . لما كان ذلك ، وكان الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية يوجب أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليه وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن لمحكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وكانت المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 قد اشترطت لوصف الأثر أن يكون من إنتاج الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى قبل مائة عام متى كان له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها أو أن يكون رئيس الوزراء قد اعتبرها أثراً وفق المادة الثانية من القانون 117 لسنة 1983 ، كما أنه من المقرر أن جريمة إجراء الحفر الأثري بغير ترخيص جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى قصد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الحفر وعلمه بأنه يحدثه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في رده على دفاع الطاعن لم يستظهر تحقيق وصف الأثر والقيمة التاريخية التي ينتمي إليها في الأرض التي أجريت أعمال الحفر فيها وفق ضوابط تعريف الأثر في المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 وإنما اكتفى الحكم المطعون فيه في ذلك لمجرد رأى الموظفين العاملين بالآثار من أن المعاينة أسفرت عن ظهور مقبرة أثرية بغير استظهار قيمة هذا الأثر التاريخية أو التحقق من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء باعتبارها من الآثار هذا إلى أن الحكم لم يكشف عن أن الطاعن تعمد إجراء الحفر الأثري بقصد البحث والتنقيب عن آثار وعلمه بأن ما يحدثه بغير حق حتى يتوافر القصد الجنائي في حقه وتتوافر به جريمة الحفر الأثري بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون سيما وأن الحكم لم يستظهر أن الأرض التي أجري الحفر بها أثرية مما يستلزم لإجراء الحفر فيها ترخيص من الجهة المختصة ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضى ببراءتهم بأنه : أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص وذلك بأن قام بالحفر داخل مسكن ..... والمستأجر للمتهم مما ترتب عليه ظهور مقبرة أثرية على النحو الوارد  بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/أ من قانون العقوبات والمواد 1، 6 ، 31 ، 32 ، 40 ، 42/ج من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار مع إعمال المادة 17 من القانون الأول بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وأمرت بمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
         حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إجراء أعمال الحفر الأثري دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يبين الواقعة في بيان كاف ولم يدلل على أن الطاعن اتجهت إرادته إلى إحداث الحفر الأثري وعلمه بأنه يحدثه بغير حق كما وأن الأرض الذي أجرى فيها الحفر ليست أرض أثرية . كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .      
   وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " إنه بتاريخ ..... قام المتهم الماثل .... باستئجار كل من ..... و.... و... و..... بالعمل لديه في الحفر داخل الحجرة المستأجرة له من المدعو .... بحثاً وتنقيباً عن مقبرة أثرية ظهرت في معالمها له من قبل فقام باستئجار المذكورين للحفر مقابل أجر يومي يتقاضاه كل منهم دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بذلك مع علم المتهم أنه يبحث داخل المقبرة عن الآثار دون أن يعلم القائمين بالحفر بما انتواه " . لما كان ذلك ، وكان الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية يوجب أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليه وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن لمحكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وكانت المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 قد اشترطت لوصف الأثر أن يكون من إنتاج الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى قبل مائة عام متى كان له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها أو أن يكون رئيس الوزراء قد اعتبرها أثراً وفق المادة الثانية من القانون 117 لسنة 1983 ، كما أنه من المقرر أن جريمة إجراء الحفر الأثري بغير ترخيص جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى قصد الجاني ارتكاب الفعل المنهى عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الحفر وعلمه بأنه يحدثه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو في رده على دفاع الطاعن لم يستظهر تحقيق وصف الأثر والقيمة التاريخيـة التي ينتمى إليها في الأرض التي أجريت أعمال الحفر فيها وفق ضوابط تعريف الأثر في المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1983 وإنما اكتفى الحكم المطعون فيه في ذلك لمجرد رأى الموظفين العاملين بالآثار من أن المعاينة أسفرت عن ظهور مقبرة أثرية بغير استظهار قيمة هذا الأثر التاريخية أو التحقق من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء باعتبارها من الآثار هذا إلى أن الحكم لم يكشف عن أن الطاعن تعمد إجراء الحفر الأثري بقصد البحث والتنقيب عن آثار وعلمه بأن ما يحدثه بغير حق حتى يتوافر القصد الجنائي في حقه وتتوافر به جريمة الحفر الأثري بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون سيما وأن الحكم لم يستظهر أن الأرض التي أجرى الحفر بها أثرية مما يستلزم لإجراء الحفر فيها ترخيص من الجهة المختصة ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ