الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

الطعن 969 لسنة 33 ق جلسة 6 / 1 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 1 ص 1

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: توفيق أحمد الخشن, وحسين صفوت السركي, وأحمد موافي, ومحمد عبد الوهاب خليل.
------
- 1  إجراءات " إجراءات المحاكمة". استئناف .
حق المتهم في الاستئناف تابع لمقدار العقوبة المحكوم بها. حق النيابة: معلق على ما تبديه من طلبات المحكمة. سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاهة بالجلسة في مواجهة المتهم - قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك - أو في غيبته بجلسة أعلن لها.
إن عبارات المادة 402 /1, 2 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1962 صريحة في التفرقة بين مناط حق المتهم في الاستئناف والذي جعله المشرع تابعاً لمقدار العقوبة المحكوم بها وبين حق النيابة الذي علقه على ما تبديه من طلبات. والتعبير بعبارة "إذا طلبت النيابة الحكم" إنما ينصرف إلى ما تطلبه في الواقع من المحكمة سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاها بالجلسة ما دام الطلب قد وجه الخطاب فيه إلى المحكمة وسواء في ذلك أكانت أبدته في مواجهة المتهم أو في غيبته بجلسة أعلن لها، ويستوي كذلك إن تم في الجلسة أن يكون قد أبدى قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك ما دام المتهم قد أعلن بتلك الجلسة.
- 2  إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل".
الشهادة طبيعتها قيامها علي إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس قضاء بعد يمين يؤديها علي الوجه الصحيح وزن الشهادة من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع . ما دام تقديرها سليما .
الشهادة قانوناً تقوم على إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح. ووزنها من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام تقديرها سليماً.
- 3  إجراءات " إجراءات المحاكمة".
سماع المحكمة مرافعة الدفاع ثم إقفالها باب المرافعة وحجز القضية للحكم عدم التزامها بإجابة طلب فتح باب المرافعة لتحقيق دفاع لم يطلب منها بالجلسة .
من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم لتحقيق دفاع لم يطلب تحقيقه بالجلسة.
- 4  اشتراك .
المساهمة الجنائية : تحققها من الشريك بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 عقوبات .
المساهمة الجنائية تتحقق من الشريك بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 من قانون العقوبات وهي التحريض والاتفاق والمساعدة.
------
الوقائع
أقامت المدعية بالحق المدني دعواها بالطريق المباشر بصحيفة أعلنت إلى الطاعنين وآخرين طلبت في نهايتها الحكم بمعاقبتهم بالمواد 297 و298 و300 و42 من قانون العقوبات لأن الأول اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع المعلن إليهم الثاني والثالث والرابع في ارتكاب جريمة الشهادة الزور في القضية رقم 447 لسنة 1956 أحوال شخصية كلي القاهرة، ولأن الثاني والثالث والرابع شهدوا زوراً في القضية المذكورة بعد أن حلفوا اليمين على النحو الثابت في تلك الدعوى في زمان نظرها بدائرة قسم الخليفة كما طلبت إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنح الخليفة الجزئية قضت حضورياً للأول وغيابياً للباقين بتاريخ أول مارس سنة 1959 ببراءة المتهمين مما أسند إليهم بلا مصاريف جنائية وبرفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحق المدني بمصروفاتها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 15 فبراير سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل بلا مصاريف جنائية. فعارض الطاعن الأول في الحكم المذكور وقضي في معارضته بتاريخ 18 يونيه سنة 1960 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم كما عارض كذلك الطاعن الثاني والمحكوم عليه الرابع في الحكم سالف البيان وقضي في تلك المعارضة بتاريخ 27 يناير سنة 1962 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم فطعن الطاعن الأول في الحكم الصادر بتاريخ 18 يونيه سنة 1960 كما طعن الطاعن الثاني في حكم المعارضة الصادر بتاريخ 27 يناير سنة 1962 بطريق النقض... إلخ.
----------
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون الطعن منه غير مقبول شكلاً
ومن حيث إن الطعن من الطاعن الأول قد حاز الشكل المقرر في القانون
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالاشتراك في جريمة شهادة الزور قد انطوى على بطلان ومخالفة للقانون وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد ذلك أن الطاعن الأول دفع أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم جواز استئناف النيابة لأنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة 26/3/1957 أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة قبل مثول المتهمين أمام المحكمة وقبل النداء عليهم مما يدل على أنه لم يكن في مواجهتهم كذلك فإنه لم يحضر بالجلسة سوى الطاعن الأول والمتهم الثالث ولم تقم النيابة بإعلان من لم يحضر من المتهمين لطلب توقيع أقصى العقوبة ومع ذلك فقد حكمت المحكمة بجواز الاستئناف على خلاف حكم القانون وما قالته المحكمة من أن مؤدى ما ورد بمحضر الجلسة يدل على أن طلب توقيع أقصى العقوبة بالنسبة للطاعن الأول كان في مواجهته لا يستقيم مع ما نصت عليه المادة 271 /1 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "يبدأ التحقيق في الجلسة بالمناداة على الخصوم والشهود ويسأل المتهم عن اسمه وتتلى التهمة الموجهة إليه ثم تقدم النيابة والمدعي بالحق المدني إن وجد طلباتهما" ذلك أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة قبل النداء على المتهمين مما مؤداه أن هذا الطلب لم يقدم في مواجهتهم - كما أن عبارة طلب توقيع أقصى العقوبة كانت ثابتة قبل ذلك بمعرفة الكاتب بطريقة تقليدية وعلى كل فإن هذا الطلب قد تم على أي حال في غيبة المتهمين الثاني والرابع ومن ثم فإن حكم البراءة بالنسبة لهما يكون قد حاز حجية يتأثر بها الطاعن الأول ويستفيد منها لأنه متهم بالاشتراك مع هذين المتهمين في التهمة المسندة إليهما, كما أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن تأسيساً على أن باقي المتهمين شهدوا أمام المحكمة الاستئنافية الشرعية بعد أن حلفوا اليمين القانونية بما يناقض أقوالهم الأولى وهذا أمر لا يتفق مع الواقع ويؤكد ذلك أن المتهمين لم يؤدوا شهادة بالمعنى المتعارف عليه قانوناً لأنهم سئلوا فقط عن الإقرارات الصادرة منهم والمقدمة من وكيل الطاعن فأقروا بصحة صدورها منهم وأن ما جاء بها صحيح وذلك لا يعتبر شهادة لأن الشهادة في المسائل المدنية ومن بينها مسائل الأحوال الشخصية لا تسمع إلا بعد صدور حكم تمهيدي وهذا الحكم لم يصدر إلا بعد سؤالهم وفضلاً عن ذلك فالشهادة إخبار شفوي بواقعة تؤثر في صميم الدعوى والفصل فيها ومن ثم تكون جريمة شهادة الزور التي دين الطاعن بها قد فقدت أحد أركانها وهو الشهادة ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون. كذلك طلب الطاعن في مذكرته إلى محكمتي الدرجة الأولى والدرجة الثانية سماع الشهود الذين سمعوا أمام محكمة الأحوال الشخصية كي تستبين مدى الحق في أقوالهم وقال شرحاً لذلك إنه إذا فرض جدلاً وكانت الإقرارات المكتوبة شهادة فإن هؤلاء الشهود (المتهمين) إنما جاءوا أمام محكمة ثاني درجة الشرعية لتقرير الحقيقة التي تؤيدها الوقائع وهي أن الطاعن ليس هو الشخص الذي انصبت شهادتهم عليه أمام محكمة أول درجة وهذا من حقهم لحين قفل باب المرافعة غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب ولم ترد عليه في حكمها, كما أن الحكم دان الطاعن بتهمة الاشتراك مع باقي المتهمين بطريق التحريض والاتفاق على الإدلاء بالشهادة الزور وما أورده الحكم للتدليل على ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فقد اعتمد على أن هذا الطاعن هو الذي قدم الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها وتقديم الإقرارات, وطلب سماع محرريها لا يؤدي حتماً إلى القول بأنه أسهم في خلقها بل الأمر لا يعدو أنه قد حصل على مستند رأى فيه مصلحة له فقدمه إلى المحكمة ومن المحتمل أن يكون شخص آخر ممن يمت للطاعن بصلة قد حصل عليها وقدمها له ليستفيد منها. وفضلاً عن ذلك فإن ما قاله الحكم من أن الطاعن هو الذي قدم الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها يخالف الثابت في الأوراق إذ الثابت في محاضر الجلسات أن الطاعن لم يحضر جلسة 28/3/1955 التي قدمت فيها الإقرارات وأن محاميه هو الذي قدمها والمسئولية الجنائية شخصية ولا يمكن مسائلة الطاعن عما صدر من وكيله من أفعال أو أقوال
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز الاستئناف ورد عليه بقوله: "إن الثابت بمحضر الجلسة أن النيابة طلبت توقيع أقصى العقوبة في الجلسة التي حضر بها المتهم (الطاعن) مما مؤداه أنه طلب في حضوره ومن ثم فهو في مواجهته ولا يقدح في ذلك أن إثباته في المحضر كان سابقاً على إثبات حضور المتهم ما دام المقطوع به أن ذلك كله قد حصل بجلسة واحدة ولم تنقطع الصلة الزمنية التي يقال معها إن الطلب لم يكن في مواجهة المتهم" - لما كان ذلك, وكانت العبارات التي استعملها الشارع في المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1962 والتي جرت المحاكمة في ظلها سواء في فقرتها الأولى أو الثانية صريحة في التفرقة بين مناط حق المتهم في الاستئناف والذي جعله المشرع تابعاً لمقدار العقوبة المحكوم بها وبين حق النيابة الذي علقه على ما تبديه من طلبات وكان التعبير بعبارة "إذا طلبت النيابة الحكم" إنما ينصرف إلى ما تطلبه في الواقع من المحكمة سواء أكان هذا الطلب قد ضمنته ورقة التكليف بالحضور أو أبدته شفاهاً بالجلسة ما دام الطلب قد وجه الخطاب فيه إلى المحكمة وسواء في ذلك أكانت أبدته في مواجهة المتهم أو في غيبته بجلسة أعلن لها, ويستوي كذلك إن تم في الجلسة أن يكون قد أبدي قبل أن تبدأ المحكمة في التحقيق وقبل النداء على الخصوم أو بعد ذلك ما دام المتهم قد أعلن بتلك الجلسة. ولما كان يبين من محضر جلسة 26/3/1957 أنه بعد أن طلبت النيابة أخذ المتهمين بالمواد 297, 298, 300 من قانون العقوبات وتوقيع أقصى العقوبة عليهم نودي على المتهمين فحضر منهم الطاعن الأول والمتهم الثالث وكان الطاعن لا يجحد إعلان المتهمين جميعاً لتلك الجلسة. لما كان ذلك, فإن طلب توقيع أقصى العقوبة يكون قد وجه صحيحاً بالنسبة إلى جميع المتهمين ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بجواز استئناف النيابة لا مخالفة فيه للقانون ويكون ما ينعاه الطاعن عليه من بطلان وما يتذرع به من التأثر ببراءة بعض المتهمين إذا صح عدم جواز الاستئناف بالنسبة لهم غير قائم على أساس سليم. ولما كان يبين من الحكم الغيابي الاستئنافي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أشار إلى الإقرارات التي قدمها الحاضر عن الطاعن إلى المحكمة الاستئنافية الشرعية وقال بشأنها "بأنها إقرارات منسوبة لبعض الشهود الذين شهدوا أمام محكمة أول درجة الشرعية وهم المتهمون الثلاثة الأخيرون أحدها إقرار مؤرخ 31/1/1955 منسوب للمتهم الثالث ..... يقر فيه أن الدكتور .........(الطاعن الأول) قد حضر أمامه وأثبت شخصيته أمامه بموجب بطاقة شخصية وأنه متأكد من أنه ليس الشخص الذي كان موجوداً في حفل عقد قران السيدة ................... بصفته الزوج الذي عقد قرانه عليها والثاني مؤرخ في 3/2/1955 موقع عليه من المتهم الثاني ............... كمضمون الإقرار الأول والثالث مؤرخ 17/3/1959 موقع عليه من المتهم الرابع ........ يتضمن إقراره بأنه لم ير الدكتور ....... قبل ذلك وأنه ليس هو الشخص الذي انصبت عليه شهادته" ولما كان الحكم المذكور وقد أشار إلى أن أصحاب الإقرارات قد أدلوا الشهادة بما تضمنته وذلك في قوله "بأن المحكمة قد استدعتهم وقرر المتهم ........... وبعد أن حلف اليمين أنه سبق أن أدى الشهادة أمام محكمة أول درجة الشرعية وأن الإقرار المقدم والمنسوب إليه صحيح وهو يتمسك بما جاء به وقرر المتهم الأخير ....... أنه سبق أن أدى الشهادة أمام محكمة أول درجة وأن ما ورد بالإقرار المنسوب إليه صحيح". ولما كانت الشهادة قانوناً تقوم على إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المتهمين قد حلفوا اليمين وأقروا بصحة ما ورد في الإقرارات المكتوبة وتمسكوا بمضمونها ومؤدى ذلك أنهم أدوا الشهادة على الوجه المبين في القانون. لما كان ذلك, فإن ما ينعاه الطاعن حول التمسك بالإقرارات وعدم اعتباره شهادة لا يكون له محل. ولما كان من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد سمعت مرافعة الدفاع وأمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم لتحقيق دفاع لم يطلب تحقيقه بالجلسة وكان الدفاع عن الطاعن على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة قد ترافع في الدعوى دون أن يطلب سماع الشهود الذين سمعوا أمام محكمة الأحوال الشخصية - فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإعادة القضية إلى المرافعة لإعلان أولئك الشهود, هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن ينطوي على التعرض لمضمون شهادات المتهمين ومعرفة ما فيها من صحة أو زيف. ولما كان الحكم الغيابي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عرض لشهادات الشهود ودلل على زيفها بقوله "ومن حيث إن الثابت بالدعوى أن المتهمين الثاني والثالث والرابع شهدوا بجلستي 25/5/1954 و26/10/1954 بالدعوى رقم 601 لسنة 1954 شبرا الشرعية بقيام الزوجية بين المدعية بالحق المدني والمتهم الأول وبنوتها للولد منه ولكنهم عادوا وشهدوا لدى نظر الاستئناف 447 سنة 1956 أحوال شخصية كلي القاهرة بجلسة 28/3/1955 بعد أن حلفوا اليمين القانونية بما يناقض أقوالهم الأولى حسبما سلف البيان وبعد إذ تحصل المتهم الأول من كل منهم على إقرار بمضمون هذه الأقوال الجديدة. ومن حيث إن شهادة الشهود الثلاثة بجلسة 28/3/1955 فضلاً عن مناقضتها لشهادتهم السابقة بجلستي 25/5, 26/10/1954 فإنها تناقض أيضاً شهادة ................. و............... و................ و................ والحاج ........ الذين أشهدتهم المدعية بالحق المدني لدى نظر استئنافها وأيدها في دعواها حيث ركنت محكمة الاستئناف إلى أقوالهم. ومن حيث إن المتهم الثاني قدم بلاغاً مؤرخاً 5 فبراير سنة 1955 ومرفقاً بأوراق الدعوى إلى نيابة شبرا - يتمسك فيه بشهادته التي أبداها أمام المحكمة الجزئية لمطابقتها واقع الحال مؤيداً زيف الأقوال المخالفة - كما ردد الحكم الاستئنافي الرقيم 447 سنة 1956 قول ذلك المتهم بالشكوى 837 سنة 1955 إداري الوايلي أنه وقع الإقرار دون أن يقرأه. ومن حيث إنه لما تقدم جميعه فإن المحكمة ترتاح إلى صحة أقوال المتهمين الثلاثة الأخيرين لشهادتهم بالدعوى 601 /1954 شبرا الشرعية, ومتى كان ذلك, فإن شهادتهم زوراً يوم 28/3/1955 تكون ماثلة بالدعوى ويكون اتهامهم فيها ثابتاً في حقهم جميعاً. لما كان ذلك, وكان وزن الشهادة هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام تقديرها سليماً وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على سلامة ما انتهى إليه من كذب شهادات الشهود تدليلاً سائغاً ومستنداً إلى عناصر صحيحة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعن وطلب التحقيق المتصل به بما يدل على إطراحه ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحق الطاعن في الدفاع بعدم سماع الشهود أو أنه شابه القصور حين أغفل الرد على طلب سماعهم لا محل له. ولما كان الحكم قد دلل على إسهام الطاعن في الجريمة بقوله: "ومن حيث إن المتهم الأول هو الذي تحصل على إقرارات المتهمين الثلاثة الأخيرين التي إنبنت عليها شهادة الزور كما أنه هو الذي قدم هذه الإقرارات وطلب إلى المحكمة سماع محرريها وإذ تبينت تلك المحكمة تواجدهم بها يومئذ حلفتهم اليمين ثم أدلوا بشهادة الزور ومن ثم يثبت في حق ذلك المتهم قيامه بتحريضهم والاتفاق معهم على الإدلاء بهذه الشهادة وبالتالي ارتكاب هذه الجريمة المنصوص عليها في المادتين 40-1/2, 41 ويتعين لذلك إدانته فيها أيضاً.." لما كان ذلك, وكانت المساهمة الجنائية تتحقق من الشريك بإحدى الصور التي نص عليها القانون في المادة 40 من قانون العقوبات وهي التحريض والاتفاق والمساعدة وكان تدليل الحكم على قيام التحريض والاتفاق سائغاً. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن لا عن واقعة تقديم الإقرارات ذاتها وإنما عن اشتراكه في الشهادة الزور بطريقي التحريض والاتفاق متخذاً من تقديم الإقرارات وتأدية الشهود للشهادة بمضمون ما ورد بها تحقيقاً لدفاعه في الدعوى دليلاً على مساهمته في الجريمة, لما كان ذلك, فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن لنفي الاشتراك في الجريمة عن الطاعن تأسيساً على أن ما قام به لا يتحقق به التحريض أو الاتفاق واستناداً إلى شخصية المسؤولية الجنائية - لأن محاميه هو الذي قدم الإقرارات يكون غير سديد
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته في موضوعه يكون على غير أساس سليم متعين الرفض.

الطعن 927 لسنة 33 ق جلسة 20 / 1 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 12 ص 57

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر, وحسين السركي, وأحمد موافي, ومحمد عبد الوهاب خليل.
-----------
- 1  إثبات " شهود". إجراءات " إجراءات المحاكمة".
الأصل أن تبني الأحكام علي التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماعه أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك .عدم تلاوة المحكمة أقوال الشهود الغائبين لا يعيب الإجراءات . علة ذلك : هذه التلاوة من الإجازات متي تكون واجبة ؟ إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
إنه وإن كان الأصل في الأحكام أن تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وإنما يصح للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماعه لأي سبب كان أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وليس يعيب الإجراءات أن المحكمة لم تتل أقوال الشهود الغائبين، لأن تلاوة أقوالهم هي من الإجازات فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
- 2  إثبات " شهود". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
للمحكمة الأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ، دون أن تبين علة ذلك ، ودون أن تلتزم بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى . ما دام له أصل فيها . وما دام الطاعن . لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال اليهم .
للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها وما دام الطاعن لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم.
- 3  تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه". دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
مجرد القول بأن الطاعن كان محبوسا لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته . علة ذلك حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب . عليه البطلان .
إن مجرد القول بأن الطاعن كان محبوساً لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته ذلك أن حصول التفتيش غير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً، كما أن حضور المتهم التفتيش الذي يجرى في مسكنه لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً.
- 4  إثبات " اعتراف". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة . الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات . مثال .
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه كان له أن يأخذ به وهو في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/10/1960 بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا: أولاً - أحرز سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش" بدون ترخيص. ثانيا ً- أحرز ذخيرة (طلقتين) مما يستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وطلبت من محكمة جنايات المنيا معاقبته بالمواد 1/1 و6 و26 /1-4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً بتاريخ 4/2/1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 /2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه عشرة جنيهات وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إحراز السلاح وإحرازه الذخيرة بغير ترخيص قد شابه البطلان والقصور كما أخل بحق الدفاع وانطوى على فساد في التدليل ذلك بأن المحكمة أخلت بشفوية المرافعة فلم تسمع شهودا ولم تتل أقوال الشهود الغائبين برغم ما ثبت بمحضر الجلسة من أنها أمرت بتلاوة أقوالهم إذ خلا المحضر من هذه التلاوة كما لم يرد ذكرها بالحكم, وما أورده في بيان محصل الواقعة من أنه استخلصها من التحقيقات وما دار بالجلسة يجافيه هذا الواقع, كما لم يبين الحكم مأخذ الدليل المستمد من أقوال الشاهدين اللذين عول على أقوالهما في الإدانة وأهدر دفاع الطاعن ببطلان التفتيش - المستند إلى حصوله في غيبته حيث كان محبوساً - وبشيوع المنزل الذي عثر فيه على المضبوطات بينه وبين إخوته, وببطلان اعترافه المنسوب له في محضر جمع الاستدلالات إذ صدر كرهاً عنه نتيجة ما لحق به من إهانة بإحضار زوجة أخيه إلى مركز البوليس
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن النيابة أذنت بتفتيش الطاعن ومسكنه فانتقل النقيب ............. وبصحبته البوليس السري ........... إلى مسكن الطاعن وبتفتيش غرفته في حضور زوجة شقيقه عثر بها على فرد خرطوش وثلاث طلقات ثبتت صلاحيتها جميعاً للاستعمال وبمواجهة الطاعن بها اعترف بملكيتها, وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال رجلي الشرطة والتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة مردودة لأصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى "بتلاوة أقوال شاهدي الإثبات الغائبين في التحقيقات" وأمرت المحكمة بتلاوتها وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل في الأحكام أن تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وإنما يصح للمحكمة أن تقرر تلاوة شهادة الشهود في التحقيق الابتدائي إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب كان أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك, وليس يعيب الإجراءات أن المحكمة - على فرض صحة ما يقول به الطاعن - لم تتل أقوال الشهود الغائبين لأن تلاوة أقوالهم هي من الإجازات فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها وما دام الطاعن لم ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم - لما كان ذلك, وكان مجرد القول بأن الطاعن كان محبوساً لا يلزم عنه الدفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبته, فضلاً عن كونه - في صورة الدعوى - دفع قانوني ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، ذلك أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان قانوناً, كما أن حضور المتهم التفتيش الذي يجرى في مسكنه لم يجعله القانون شرطاً جوهرياً - لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشيوع المنزل الذي عثر فيه على المضبوطات وببطلان اعترافه في محضر جمع الاستدلالات, وأهدره في قوله "وحيث إن المتهم ............. قد أنكر ما نسب إليه وقرر أنه اعترف للضابط خشية اتهام زوجة شقيقه بعد أن أحضرها الضابط للمركز, إلا أن المحكمة لم تعول على إنكار المتهم إزاء ما سلف من الأدلة فضلاً عن أن ......... زوجة شقيق المتهم قررت في التحقيقات أنها كانت موجودة وقت إجراء التفتيش وأن الضابط عثر على المضبوطات داخل وسادة في غرفة المتهم الخاصة, هذا إلى أن المتهم اعترف للضابط بملكيته للمضبوطات وترى المحكمة أن هذا الاعتراف جاء سليماً وعن إرادة حرة وبعيداً عن أي مؤثر ومتفقاً مع حقيقة الواقع خاصة وأن المتهم لم يقل في التحقيقات إنه اعترف تحت تأثير الضرب كما ذهب الدفاع إلى ذلك بالجلسة وهذا الذي أورده الحكم سائغ ومقبول ذلك بأن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلقاضي الموضوع البحث في صحة ما يدعيه المتهم من إن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه, ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه كان له أن يأخذ به وهو في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت سلامة الاعتراف المنسوب إلى الطاعن واطمأن إليه وبنى عليه قضائه إلى جانب الأدلة الأخرى التي أخذ بها مجتمعة في غير لبس أو قصور فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله - لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 925 لسنة 33 ق جلسة 4 / 2 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 24 ص 118

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن, وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
- 1 تبديد . جريمة " أركانها ". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره".
مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة على المتهم - من إيداع الثمن خزانة المحكمة لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا الأمر قد أملاها عليه سوء القصد ونجم عنها ضرر بالمجنى عليه مثال .
مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة على الطاعن - من إيداع الثمن خزانة المحكمة - لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد, بل لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا الأمر قد أملاه عليه سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني عليه. فإذا كان الطاعن قد تمسك بأنه صرف جزءاً من ثمن القصب المحجوز عليه في وجوه لا مفر منها وسدد لشريكي المجني عليه نصيبهما وفقاً لحكم الأحقية وأودع الباقي من الثمن لخزانة المحكمة على ذمة المجني عليه بعد عرضه عليه عرضاً قانونياً, وهو دفاع جوهري قد يترتب عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى, مما كان يقتضي من المحكمة أن تحققه لتقف على مبلغ صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهي لم تفعل وقصرت ردها على القول بأن المستندات المقدمة ليست لها طابع الجدية واصطنعت لخدمة الدعوى في حين أن تقدير مدى جدية هذه المستندات إنما يكون بعد تحقيق مضمونها, فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 1/4/1959 بنجع حمادي: بدد الزراعة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائياً لمصلحة ......... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتسليمها يوم البيع فأختلسها إضراراً بمالكها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد أدعى ............... بحق مدني قدره 51ج على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة نجع حمادي الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 21/10/1961 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 5ج لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة جنيهات والمصروفات بلا مصاريف جنائية. أستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 21/11/1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب, ذلك أن الطاعن عين حارساً قضائياً على زراعة قصب لبيعها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة حتى يفصل في النزاع حول الملكية فقام بكسر القصب وبيعه لشركة السكر ولما حكم في دعوى الملكية لصالح المجني عليه وشريكه قام بتسليم الشريكين نصيبهما كاملاً أما نصيب المجني عليه فقد وقع عليه حجز تنفيذي وما تبقى منه عرضه عليه عرضاً قانونياً فرفض استلامه فأودعه خزانة المحكمة وأنه تقدم بالمستندات الدالة على صحة دفاعه إلا أن الحكم أطرح دفاعه بمجرد القول بأن المستندات لا تحمل طابع الجدية وأنها اصطنعت لخدمة الدعوى مع إنها أوراق رسمية وبينها حكم قضائي مشمول بالصيغة التنفيذية ومحضر حجز رسمي ما للمدين لدى الغير ومحضر عرض رسمي مما يعيب الحكم ويوجب نقضه
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن عين حارساً قضائياً على زراعة قصب بموجب حكم قضائي حدد مهمته ببيع محصول القصب وإيداع صافي الثمن خزانة المحكمة على ذمة النزاع القائم حول ملكية الزراعة واستلم الطاعن الزراعة وباع محصولها إلا أنه لم يودع الثمن خزانة المحكمة وامتنع عن تسليمه للمطعون ضده الذي صدر الحكم لصالحه نهائياً وتصرف فيه بأن سلمه لآخرين إضراراً به. لما كان ذلك, وكان الثابت من الاطلاع على جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن دفع الدعوى بأنه سدد ثمن بيع القصب كاملاً لمستحقيه وأن الخلاف بينه وبين المجني عليه لا يعدو النزاع حول تصفية الحساب. وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن تقدم بمذكرة لمحكمة أول درجة ضمنها بياناً عن حساب الحراسة وذكر أن القصب بيع بمبلغ 102ج مصاريف كسره وضمه ونقله وشحنه تكلفت 19ج والباقي قدره 83ج يخص المدعي بالحق المدني النصف وفقاً لحكم الأحقية والنصف الباقي لشريكيه وأنه سلم الشريكين نصيبهما وقدره41ج و500م بمقتضى إيصالين أما نصيب المجني عليه فقد أوقع عليه دائنان حجزاً تنفيذياً تحت يده وفاء لمبلغ 32ج و840م واستلم الحاجزان دينهما بعد أن أقر الطاعن بما في ذمته بقلم كتاب المحكمة وما تبقى من نصيبه وقدره 8ج و660م عرض عليه ودياً ثم رسمياً فرفض استلامه فأودعه على ذمته خزانة المحكمة وتقدم بالصورة التنفيذية للحكم رقم 1201 سنة 1954بإلزام المجني عليه بمبلغ 30ج ومحضر حجز ما للمدين لدى الغير الموقع تحت يد الطاعن ومخالصة من الحاجزين باستلام الدين ومصاريفه وقدره 32ج و840م ومخالصتين من شريكي المجني عليه في الزراعة باستلام ما خص كل منهما من ثمن القصب ومحضر عرض رسمي بمبلغ 8ج و660م وقسيمة توريد هذا المبلغ بعد خصم رسم الإيداع. لما كان ذلك, وكان الحكم قد أطرح هذا الدفاع بقوله "حيث إنه يبين من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها أن المتهم - الطاعن - لم يقدم كشفاً بحساب ثمن الزراعة ومصروفاتها ولم يقم فور البيع بإيداع الصافي خزانة المحكمة علماً بأن تسليمه تم في 18/4/1956 ولم يثبت أنه قد ورد تلك الوديعة لأصحابها أو نفذ قرار المحكمة الأمر الذي يبين منه أنه اختلسها لنفسه إضراراً بمالكها ويحق عليه العقاب طبقاً لمادة الاتهام ولا يقدح في ذلك ما قدمه من مستندات للتدليل على صرفه لجزء من الثمن بعد ذلك لأن تقدير ثمن القصب حسبما ورد في محضر التسليم هو 126ج و660م في حين أن المتهم قدره في أقواله في الشكوى بمبلغ 101ج وفي محضر العرض بمبلغ 102ج وعلى فرض صحة تقدير المتهم لثمن القصب فليس له أن يتصرف فيه للغير لأمر أو لآخر دون إذن من المحكمة هذا علاوة على أن تلك المستندات التي قدمها ليس لها طابع الجدية إذ الظاهر أنها اصطنعت لخدمة الدعوى. لما كان ذلك, وكان مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة على الطاعن من إيداع الثمن خزانة المحكمة لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد بل لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا الأمر قد أملاه عليه سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني عليه, ولما كان الطاعن قد تمسك بأنه صرف جزءاً من ثمن القصب في وجوه لا مفر منها وسدد لشريكي المجني عليه نصيبهما وفقاً لحكم الأحقية وأودع الباقي من الثمن خزانة المحكمة على ذمة المجني عليه بعد أن عرضه عليه عرضاً قانونياً, وهو دفاع جوهري قد يترتب عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن تحققه لتقف على مبلغ صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه, وأما وهي لم تفعل وقصرت ردها على القول بأن المستندات المقدمة ليست لها طابع الجدية - واصطنعت لخدمة الدعوى في حين أن تقدير مدى جدية هذه المستندات إنما يكون بعد تحقيق مضمونها, فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وإلزام المطعون ضده المصروفات المدنية.

الطعن 905 لسنة 33 ق جلسة 2 / 3 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 33 ص 159

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
- 1  نيابة عامة " سلطتها في استعمال الدعوى الجنائية". دعوي جنائية " تحريكها".
الدعوي الجنائية ليست ملكا للنيابة العامة هي من حق الهيئة الاجتماعية ليست النيابة إلا وكيلة عنها في استعمالها حقها في التصرف فيها بالحفظ بمجرد تقديمها الدعوي إلى القضاء يجعله وحده صاحب الحق في الحكم فيه بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية ولا المكتوبة ولا بكيفية وصفها التهمة الاحتجاج علي النيابة بقبولها . الصريح أو الضمني لأي من الأمور الخاصة باستعمال الدعوي غير مقبول لها الطعن في الأحكام ولو كانت صادرة طبقا لطلبات عدم تقيدها بذلك أيضا لدي مباشرتها سلطتها القانونية أمام محكمة النقض باعتبارها . ...... طرفا منضما .
من المقرر أن الدعوى الجنائية ليست ملكاً للنيابة العامة بل هي من حق الهيئة الاجتماعية وليست النيابة إلا وكيلة عنها في استعمالها، وهي إذا كانت تملك التصرف فيها بالحفظ إلا أنها إذا قدمتها إلى القضاء فإنه يصبح وحده صاحب الحق في الحكم فيها بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية ولا المكتوبة ولا بكيفية وصفها التهمة وليس لها من حق لديه سوى إبداء طلباتها فيها إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ولا يقبل الاحتجاج عليها بقبولها الصريح أو الضمني لأي أمر من الأمور الخاصة باستعمال الدعوى الجنائية، فلها أن تطعن في الأحكام ولو كانت صادرة طبقاً لطلباتها، وهي غير مقيدة بذلك أيضاً حين تباشر سلطتها القانونية أمام محكمة النقض باعتبارها طرفاً منضماً تقتصر مهمتها على مجرد إبداء الرأي في الطعون التي ترفع لهذه المحكمة.
- 2  إفلاس " حكم إشهار الإفلاس . اثره على أهلية المفلس". أهلية التقاضي .  حكم " حكم إشهار الإفلاس ".
الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته له أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه باسمه شخصيا . لا حجية للأحكام التي تصدر قبل التفليسة .
من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل له أهلية التقاضي كاملة، فله أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصياً، وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في مواجهة وكيلهم.
- 3  إجراءات " إجراءات المحاكمة" . استئناف " نظره".
ثبوت تلاوة رئيس الجلسة تقرير التخليص من محضر الجلسة والحكم المطعون فيه لا يقدح في صحة هذا الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي أصدرت الحكم عدم دلالة ذلك علي أن القاضي الذي تلا التقرير لم يستعد ولم يدرس القضية بنفسه ولم يرد أن هذا التقرير يفي في التعبير عما استخلصه هو من دراسة .
لما كان الثابت بمحضر الجلسة وبالحكم المطعون فيه أن رئيس الجلسة تلا تقرير التلخيص فلا يقدح في صحة هذا الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي أصدرت الحكم، بل إن ما يدعيه من ذلك على فرض صحته لا يدل على القاضي الذي تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه، ولا يمنع أن القاضي بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المشار إليه يكفي في التعبير عما استخلصه هو من دراسة.
- 4  إجراءات " إجراءات المحاكمة". استئناف " نظره".
عدم توقيع المقرر علي تقرير التلخيص لا بطلان المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية .
المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية وإن استلزمت توقيع المقرر على التقرير إلا أنها لم ترتب البطلان على خلو التقرير من التوقيع، وما دام غرض الشارع قد تحقق بوضع التقرير وتلاوته بمعرفة أحد أعضاء الهيئة - كما تبين من الحكم - فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
- 5  إجراءات " إجراءات المحاكمة". استئناف " نظره".
ادعاء الطاعن بعدم تلاوة تقرير التلخيص . غير مقبول . ما دام لم يسلك . سبيل الطعن بالتزوير فى محضر الجلسة المثبت به حصول التلاوة .
لا يقبل من الطاعن الادعاء بعدم تلاوة تقرير التلخيص ما دام لم يسلك سبيل الطعن بالتزوير في محضر الجلسة المثبت به حصول التلاوة.
- 6  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
إثبات المحكمة أركان الجريمة ، ووقوعها من المتهم والأدلة التي قامت لديها فجعلتها تعتقد ذلك وتقول به . كفايته لسلامة الحكم . عدم التزامها بالرد علي كل جزئية من جزئيات الدفاع ردا خاصا ، يكفي أن . يستفاد الرد عليه من الأدلة التي عولت عليها في إدانة المتهم .
من المقر أنه يكفي لسلامة الحكم أن تثبت المحكمة أركان الجريمة وأنها وقعت من المتهم، وتبين الأدلة التي قامت لديها فجعلتها تعتقد ذلك وتقول به، وهي ليست ملزمة بأن ترد على كل جزئية من جزئيات الدفاع رداً خاصاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها في إدانة المتهم.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن (الأول) بأنه في يوم 3 يونيه سنة 1949 بقسم شبرا محافظة القاهرة. أولاً: ارتكب تزويراً في محرر عرفي بطريق الاصطناع ووضع إمضاء مزورة وذلك بأن أنشأ إقراراً نسب صدوره زوراً إلى ".........." ضمنه إقرار الأخير بأن التعهد الموقع عليه "من المتهم" لمصلحته وآخرين والمؤرخ في 7 مايو سنة 1947 والخاص بتوزيع الصفقة المشتراة من الجيش البريطاني أصبح لاغياً بالنسبة له لعدم قيامه بدفع نصيبه في تلك الصفقة ثم وضع على ذلك الإقرار إمضاءً مزورة "لـ ........." ثانياً: استعمل هذا الإقرار المزور بأن قدمه كمستند في القضية المدنية رقم 3246 سنة 1948 تظلمات كلي مصر وذلك مع علمه بتزويره. وطلبت عقابه بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات. وادعى ..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً ثم عدل طلباته إلى واحد وخمسين جنيهاً. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح شبرا الجزئية دفع المتهم بوقف نظرها إلى أن يفصل في دعوى البطلان المرفوعة منه بطلب الحكم ببطلان عقد 7 مايو سنة 1947 وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 8 مايو سنة 1950 عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: برفض الدفع المقدم من المتهم بطلب وقف هذه الدعوى إلى أن يقضى في دعوى البطلان المرفوعة منه بطلب الحكم ببطلان عقد 7 مايو سنة 1947 وبالسير في نظرها. ثانياً - بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل عن التهمتين المسندتين إليه وقدرت خمسين جنيهاً كفالة لوقف التنفيذ وأعفت المتهم من المصروفات الجنائية. ثالثاً: بإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وألزمته بالمصاريف المدنية ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة مصر الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 29 يناير سنة 1952 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمتين المنسوبتين إليه ورفض الدعوى المدنية قبله مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية بمصاريفها عن الدرجتين وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعن كل من المدعي بالحقوق المدنية والنيابة في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه بتاريخ 21 ابريل سنة 1953 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة مصر الابتدائية لتحكم فيها من جديد دائرة استئنافية أخرى وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ومحكمة القاهرة الابتدائية- بهيئة استئنافية- جديدة قضت حضورياً في 20 فبراير سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة الجنائية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعنان الأول والثاني في الحكم الأخير بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن محامي الطاعن الثاني (......) قرر بالطعن عنه دون أن يكون مفوضا في ذلك بتوكيل خاص كما يقضي القانون بذلك فلا يكون هذا التقرير صادرا ممن يملكه قانونا ويكون الطعن غير مقبول شكلا
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن على الرغم من أن نيابة النقض عند نظر الطعن لأول مرة أمام محكمة النقض قدمت مذكرة طلبت فيها رفض الطعن المرفوع من النيابة العامة والمدعي بالحق المدني في الحكم الصادر من محكمة جنح القاهرة المستأنفة والذي قضى ببراءته ورفض الدعوى المدنية قبله وقد سايرتها النيابة عند إعادة المحاكمة فلم تبد أي طلب في الدعوى مما مفاده أن النيابة سلمت ببراءته وأنه لا محل لإدانته ورغم تمسكه بهذا الرأي فقد دانته المحكمة دون أن تعرض لدفاعه أو ترد عليه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما محصله أن المتهم والمدعي بالحق المدني اشتركا في صفقتين موضوعهما شراء مخلفات من الجيش البريطاني للإتجار فيها وتوزيع صافي الربح بينهما وبين آخرين بنسب معينة وقد شجر خلاف بين الطرفين فأوقع المدعي بالحق المدني حجزا استحقاقيا على نصيبه في موجودات الشركة بطرابلس. فرفع المتهم (الطاعن) تظلما عنه وقدم في التظلم إقرارا ادعى صدوره من المدعي بالحق المدني يتضمن تفاسخ الأخير عن الصفقة الثانية وأنكر المدعي صدوره منه وطعن فيه بالتزوير وقد استند الحكم المطعون فيه في إدانة المحكوم عليه والقضاء للمدعي بالحق المدني بالتعويض المحكوم به إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وتقرير الخبير ...... وأقوالهما وأقوال الدكتور ....... وكيل وزارة العدل لشئون الطب الشرعي والشهود الذين ذكرهم الحكم والمستندات المقدمة في الدعوى وإلى المضاهاة التي أجرتها المحكمة بنفسها والقرائن التي ساقتها. ولما كان من المقرر أن الدعوى الجنائية ليست ملكا للنيابة العامة بل هي من حق الهيئة الاجتماعية وليست النيابة إلا وكيلة عنها في استعمالها وهي إذا كانت تملك التصرف فيها بالحفظ إلا أنها إذا قدمتها إلى القضاء فإنه يصبح وحده صاحب الحق في الحكم فيها بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية ولا المكتوبة ولا بكيفية وصفها التهمة وليس لها من حق لديها سوى إبداء طلباتها فيها إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ولا يقبل الاحتجاج عليها بقبولها الصريح أو الضمني لأي أمر من الأمور الخاصة باستعمال الدعوى الجنائية فلها أن تطعن في الأحكام لو كانت صادرة طبقا لطلباتها وهي مقيدة بذلك أيضا حين تباشر سلطتها القانونية أمام محكمة النقض باعتبارها طرفا منضما تقتصر مهمتها على مجرد إبداء الرأي في الطعون التي ترفع لهذه المحكمة
لما كان ذلك, وكان دفاع الطاعن المؤسس على إطراح محكمة الموضوع لرأي نيابة النقض حين نظر الطعن الأول ظاهر البطلان فلا يستأهل ردا وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير واستعمال الإقرار المزور المنسوبة إليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره في الدعوى المدنية ضد شخص الطاعن على الرغم من إشهار إفلاسه مما كان يتعين معه أن يكون صادرا في مواجهة وكيل التفليسة الذي كان ممثلا في الدعوى
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر من أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل له أهلية التقاضي كاملة فله أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصيا وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في مواجهة وكيلهم. لما كان ذلك, فإن هذا النعي يكون في غير محله
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو بطلان الإجراءات لأن الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لم تضع تقرير تلخيص ولم تقم بتلاوة تقرير التلخيص الذي وضعته هيئة سابقة ولم توقع عليه. ولما كان الثابت بمحضر جلسة 14 من نوفمبر سنة 1961 وبالحكم المطعون فيه أن رئيس الجلسة تلا تقرير التلخيص فلا يقدح في صحة هذا الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي أصدرت الحكم بل إن ما يدعيه من ذلك على فرض صحته لا يدل على أن القاضي الذي تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه ولا يمنع أن القاضي بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المشار إليه يكفي في التعبير عما استخلصه هو من دراسة ولا جدوى من النعي بأن هذا التقرير خلو من التوقيع ذلك أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية وإن استلزمت توقيع المقرر على التقرير إلا أنها لم ترتب البطلان على خلو التقرير من التوقيع وما دام غرض الشارع قد تحقق بوضع التقرير وتلاوته بمعرفة أحد أعضاء الهيئة كما يبين من الحكم, فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض ولا يقبل من الطاعن الادعاء بعدم التلاوة ما دام لم يسلك سبيل الطعن بالتزوير في المحضر. لما كان ذلك, فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه
وحيث إن مبنى الأوجه الرابع والخامس والسادس هو القصور في التسبيب, ذلك أن الحكم المطعون فيه اجتزأ من وقائع الدعوى بما يؤدي إلى إدانته دون أن يعرض لأوجه دفاعه التي بسطها في مذكراته ودعمها بالمستندات التي قدمها وكلها تؤكد صحة الإقرار المطعون فيه بالتزوير مما يدل على أن المحكمة لم تحط بالدعوى أو تلم بظروفها ولم تبحث أدلة البراءة كبحثها أدلة الإدانة سواء بسواء
ولما كان من المقرر أنه يكفي لسلامة الحكم أن تثبت المحكمة أركان الجريمة وأنها وقعت من المتهم وتبين الأدلة التي قامت لديها فجعلتها تعتقد ذلك وتقول به وهي ليست ملزمة بأن ترد على كل جزئية من جزئيات الدفاع ردا خاصا بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفادا من الأدلة التي عولت عليها في إدانة المتهم - لما كان ذلك, وكان هذا النعي إنما يتجه إلى مناقشة أدلة الثبوت في الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة وكان الحكم قد أورد الأدلة المثبتة للتهمة على الطاعن فكل جدل يثيره في هذا الصدد أمام محكمة النقض لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 837 لسنة 33 ق جلسة 16 / 3 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 39 ص 189

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس عوض الله.
---------
- 1  أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي".
حالة الدفاع الشرعي قيامها حصول اعتداء بالفعل علي النفس أو المال غير لازم . يكفي أن يصدر من المجني عليه فعل يخشي منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي لا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقيا في ذاته يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره متي كان ذلك مبنيا علي أسباب مقبولة : تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري مناطه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة تتطلب منه معالجة موقفه علي الفور والخروج من مأزقه لا يصح محاسبته علي مقتضي التفكير الهاديء المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات .
لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي. ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنياً على أسباب مقبولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 4/3/1961 بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية. أولاً- قتلوا ........ عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما سنحت الفرصة وظفروا به أطلق عليه الأول ثلاثة أعيرة نارية من بندقية خرطوش وعياراً من طبنجة أوتوماتيكية بقصد قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته، وقد اقترنت بهذه الجناية في الزمان والمكان سالفي الذكر الجنايات الآتية (1) قتلوا .......... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق الأول عليها عيارا نارياً من بندقية خرطوش بقصد قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها (2) قتلوا ........ عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا به أطلق الثاني عليه عياراً نارياً من بندقية متعددة الطلقات فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (3) شرعوا في قتل ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا به أطلق عليه الأول عياراً نارياً من طبنجة أوتوماتيكية بقصد قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج (4) شرعوا في قتل ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش بقصد قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (5) شرعوا في قتل ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (6) شرعوا في قتل ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا به أطلق عليه الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج (7) شرعوا في قتل ....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا به أطلق عليه الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج (8) شرعوا في قتل ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (9) شرعوا في قتل ........ عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (10) شرعوا في قتل ............. مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة حتى إذا ما ظفروا بها أطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (11) شرعوا في قتل ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وأطلق عليها الأول عياراً نارياً من بندقية خرطوش فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركتها بالعلاج (12) شرعوا في قتل ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وأطلقوا عليه عياراً نارياً من بندقية خرطوش فحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج (13) شرعوا في قتل ......... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وأطلقوا عليها عياراً نارياً من بندقية خرطوش فحدثت بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه. هو مداركتها بالعلاج وثانياً: الأول أيضاً: سلم سلاحه "طبنجة أوتوماتيكية" المرخص له في حيازته وإحرازه إلى الغير وهو المتهم الثالث قبل حصوله على ترخيص بذلك طبقا للقانون- الثاني أيضاً: (1) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية أستن" متعددة الطلقات (2) أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح أو إحرازه. الثالث أيضاً (1) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً طبنجة أوتوماتيكية (2) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش" (3) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح وإحرازه وإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45/1 و46 و230 و231 و234 من قانون العقوبات و1/1 و3 و6 و26/1-2-4 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالمرسوم بقانون رقم 546 لسنة 1954 والقانون 75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 والقسم الأول بند (ب) من الجدول رقم 3 المرفق. وقد ادعى ....... و....... توفيا أثناء نظر الطعن و........ و....... و......... أولاد ......... وورثة ......... بحق مدني قبل المتهمين الأول والثاني متضامنين بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض كما ادعت ......... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر وهم .... و...... و........ قصر المرحوم ......... و....... بحق مدني قبل المتهمين أيضاً متضامنين بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض. وادعت ........ و........ و..... ووالدتهم ........... ورثة المرحوم ..... بحق مدني قبل المتهمين الأول والثاني متضامنين بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً بتاريخ 28 من يناير سنة 1962 عملاً بالمواد 45 و46 و234/1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17 و30/2 من القانون المذكور أولاً: بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يؤدي إلى ..... و....... و........ و........ و......... ورثة المرحومة ....... مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً تعويضاً والمصروفات المدنية المناسبة: وبأن يؤدي إلى ....... و....... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها ....... و....... و...... قصر المرحوم ......... مبلغ 2000 جنيه تعويضاً والمصاريف المدنية المناسبة وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة ضده من ..... و..... و..... و........... و........... وألزمت رافعيها مصروفاتها. ثانيا - ببراءة الطاعن من تهمة تسليم سلاحه المرخص للغير. ثالثاً- ببراءة المتهم الثاني مما هو مسند إليه وبرفض الدعاوى المدنية قبله. رابعاً- ببراءة المتهم الثالث مما هو مسند إليه. خامساً: بمصادرة جميع الأسلحة والذخائر المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور والتناقض في التسبيب, ذلك أن الحكم اعتبر الطاعن في حالة دفاع شرعي عندما أطلق النار من مسدسه فأصاب ..........و.......... ثم انتهى إلى إنكار هذا الحق عليه ودانه عن الأفعال التي ارتكبها جميعها وبقوله إنه أتاها تشفيا وانتقاما لا دفاعا مباحا. كذلك فقد أورد الحكم في موضع منه أنه لم يقم دليل على أن أهالي العزبة هاجموا دار الطاعن عنوة مما يجعله مضطرا إلى إطلاق النار. ثم ذكر في موضع آخر أن باب الدار قد خلع مما مفاده أن هذه الدار قد هوجمت بالفعل الأمر الذي تتوفر به حالة الدفاع الشرعي. ولا يؤثر في ذلك قول الحكم إن المهاجمين كانوا أطفالا ونساء على خلاف الثابت من أقوال الشهود من أن أهالي العزبة قد تجمعوا أمام منزل الطاعن. وهذا القصور والتخاذل مما يعيب الحكم ويوجب نقضه

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعة الدعوى مبتدئا ببلاغها متتبعا جميع خطوات التحقيقات التي تمت فيها تفصيلا في قول مرسل أورد أقوال الطاعن في: "أنه لاحظ ........... يتمشى جيئة وذهابا أمام الباب حاملا فأسا على كتفه وتصدر عنه ألفاظ لعنة وسباب فسأله عن الداعي لهذا السبب فلم يرد عليه إلا أنه أمسك في خناقه وجاء .......... وضربه على رقبته. ثم حضر ................... وضربه بعصا على رأسه فأصابه ثم طعنه ................. بسكين في كوعه وتجمعوا هاجمين عليه فأطلق عليهم عيارا من طبنجته المرخصة وتمكن من دخول داره وأغلق الباب فهجموا عليه وقذفوه بالطوب, وأراد ........... أن يكسر الباب بحديدة كبيرة فأحضر بندقيته وأطلق منها أعيرة للإرهاب ثم قال في وصف تفصيلات الحادث "أنه بعد أن أغلق الباب تجمع أفراد العزبة رجالا ونساء وأطفالا وأخذوا يرجمون الدار بالطوب وبدأوا في كسر الباب الخارجي وشاهد جماعة من الأطفال والبنات يحاولون اعتلاء السور بينما ............. يمسك كمرة حديد يدفع بها الباب لكسره" ثم عرض الحكم إلى هذا الدفاع فحصله ورد عليه في قوله "وحيث إن المتهم (الطاعن) ادعى أنه ارتكب الحادث دفاعا عن نفسه وعن عائلته وذلك بمقولة إنه عند حضوره من الماكينة شاهد ............... يسير ذهابا وجيئة أمام الدار حاملا فأسا يسب ويلعن. فلما استوضحه الأمر أمسك بخناقه ثم قدم ........و.................. وضربه ....................... بعصا كما ضربه .................و......... فسقط على الأرض ولما خشى أن يكون مآله ما حاق بأخيه ...... استل مسدسه فأطلق منه عدة أعيرة ولا يعرف إذا كانت أصابت أحدا من عدمه فجروا وقام ودخل إلى الدار وأغلق بابها ثم ادعى أن أهالي العزبة تجمعت حاملة الفؤوس والعصى محاولة اقتحام الباب فأطلق نار بندقيته المرخص له بحملها لمنعهم. وحيث إن هذا الذي ساقه المتهم لا يجعله في حالة دفاع شرعي لأن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم وفقا لما نصت عليه المادة 249 من قانون العقوبات إلا إذا كان مقصودا بالدفاع دفع فعل يتخوف أن يحصل منه الموت أو جراح بالغة أو غير ذلك مما نص عليه في المادة المذكورة وهو ليس محل البحث الآن. فالأفعال التي أتاها ..........................و......................... قد وقعت فعلا حسب قول المتهم وقد أطلق هو النار وهرب الفاعلون, فليس المتهم إذن وقد لاذ إلى داخل منزله وأغلق بابه عليه في حاجة إلى معاودة إطلاق النار فإذ ما أطلقها كان عمله تشفيا وانتقاما لا دفاعا مباحا. أما ما زعمه من أن أهالي العزبة هاجموا الدار وأرادوا اقتحام الباب عنوة مما اضطره إلى أن يركن إلى بندقيته ويطلقها فإن هذا الذي قاله لم يقم عليه الدليل من المعاينة لأن الخلع الذي وجد في الباب لم يهشم الباب. ومع ذلك فقد كان في إمكانه الاحتماء برجال السلطة فلا يكون لحق الدفاع الشرعي وجود قانونا طبقا لنص المادة 247 من قانون العقوبات ومع ذلك فإن المهاجمين على زعمه كانوا أطفالا ونساء .... أطفالا لا يتجاوزون الثانية عشرة ونسوة لا حول لهن ولا قوة وإصابات ..... كلها من الخلف الأمر الذي يدل على أنهم كانوا يهربون من محل الحادث ولم يكونوا مهاجمين ... أما القول بأن .............. كان يدفع الباب بكمرة حديد. فلم يوجد لذلك أثر في الباب. وكان في إمكان المتهم لو صح زعمه أن يطلق النار للإرهاب لا أن يصوبها في مقاتل من المجني عليهم ومن ثم فيكون لجوء المتهم إلى زعم توفر حق الدفاع الشرعي عنده لا يستند إلى أساس لا من واقع الأوراق ولا من ماديات القضية ولا من ظروف الأحوال". لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه أورد في موضع منه أن المجني عليهما قد اعتديا عليه وأن أهالي العزبة قد هاجموا داره ثم نفى في موضع آخر حصول تلك المهاجهة وقال إن الأفعال التي وقعت من المجني عليهما ليست محل بحث. فإنه يكون قد شابه غموض وقصور في بيان الواقعة التي بحث حالة الدفاع الشرعي على أساسها وانطوى على تخاذل وتناقض في الأسباب بحيث لا تستطيع هذه المحكمة أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة واقعة الدعوى لاضطراب العناصر التي أوردها الحكم عنها وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى. لما كان ذلك, وكان ما استخلصه الحكم من أقوال الطاعن من أن المهاجمين لداره كانوا أطفالا ونساء فقط يخالف المستفاد منها من أنه كان من بينهم رجال مزودين بالطوب وقطع من الحديد وأن أحدهم حاول كسر باب داره. وكان الحكم قد أورد في مدوناته أن خلعا شوهد بباب الدار لما كان ما تقدم, وكان الأصل أنه لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقيا في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنيا على أسباب مقبولة وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري, المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. وإذن فمتى كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه أنه قد اعتدى على الطاعن وهوجمت داره وخلع بابها وحاول أحد المجني عليهم كسرها بقطعة من الحديد ثم نقل عن التقرير الطبي أنه وجدت به جروح بمقدم فروة الرأس وبالساعد الأيمن وكسر حديث بأعلى النتوء المرفقي بعظم الزند الأيمن وأن هذه الإصابات يتفق تاريخها وتاريخ الحادث. وكان الحكم لم يتعرض لاستظهار الصلة بين هذه الإصابات وهذا الاعتداء الذي وقع على الطاعن ومحاولة اقتحام الدار عليه والاعتداء الذي وقع منه وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي وكان لا يصلح سببا لانتفاء هذه الحالة القول بإمكان احتماء الطاعن برجال السلطة لأن ذلك يقتضي أن يكون لديه من الوقت ما يكفي لاتخاذ هذا الإجراء دون أن يترتب على ذلك تعطيل للحق ذاته المقرر في القانون. وما دامت المحكمة لم تستظهر كنه هذا الإمكان وقت حصول الاعتداء وكيفية ما ذكرته عن ظروف الحادث فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.