الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 فبراير 2016

الطعن 4536 لسنة 80 ق جلسة 27/3/2012

باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة التجارية والاقتصادية
ـــ
 برئاسة السيـد القاضـى / عبد المنعـم دسوقى        نائب رئيس المحكمة     
وعضوية السـادة القضاة/ وائـــل رفاعــى          نائب رئيس المحكمة     
                          عبد الرحيم الشاهد , الريدى عدلى وطارق سويدان .
وبحضور السيد رئيس النيابة / محمد إسماعيل .
والسيد أمين السر/ عبد الحكيم عامر عبد الخالق .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة .
فى يوم الثلاثاء4من جمادى الأولى سنة 1433هـ الموافق 27من مارس سنة 2012م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 4536 لسنة 80 قضائية .
المرفوع مـن :
السيد / ...... عن نفسه وبصفته الممثل القانونى لشركة ........ .الكائن مقرها ......... بالقاهرة .
حضر عنه الأستاذ / ........... المحامى .
ضـــد
ـ ورثة المرحوم / ...... وهم :ـ........... المقيمون بالعقار .... بالقاهرة .
لم يحضر عنهم أحد .
الـوقــائـع
بتاريخ 11/3/2010 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الاقتصادية الصادر بتاريخ 12/1/2010 فى الاستئناف رقم 1224 لسنة 1ق ، وذلك بصحيفـة طلـب فيها الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقـض الحكم المطعون فيه ، وبذات التاريخ أودع مذكرة شارحة للطعن .
وفى 24/4/2010 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى 8/5/2010 أودع المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن .
أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 26/7/2011 رفضت المحكمة طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً .
وفى 22/ 11/ 2011 عُرض الطعن على المحكمة أمام دائرة فحص الطعون فرأت أنه جدير بالنظـر وحددت جلسة 10/1/ 2012 لنظره وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة . حيث صمم محامى الطاعن والنيابة العامة كل علــى ما جاء بمذكـرتـه ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريـر الـذى تــلاه السيـد القاضي المقـرر/ ..... "نائب رئيس المحكمة" , والمرافعة , وبعد المداولة .
        حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ علـى ما يبيـن من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم 2110 لسنة 2002 مدنى شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً : بإلزامه بأن يؤدى لهم مبلغ خمسة ملايين جنيه كتعويض عن الضرر الذى أصابهم من الاعتداء على العلامة التجارية المملوكة للشركة المصرية الإيطالية ,  ثانياً : بإزالة العلامة من على كافة المنتجات التى يستوردها ويقوم بتوزيعها داخل جمهورية مصر العربية والتحفظ على مثل تلك البضائع ومصادرتها ونشر الحكم على نفقته فى إحدى الصحف اليومية . وقالوا بياناً لذلك أنه بموجب عقد عرفى مؤرخ الأول من مايو سنة 1992 ومسجل ملخصه بسجل الشركات بمحكمة ... الابتدائية بتاريخ 27 من مايو سنة 1992 تحت رقم 323 لسنة 1992 , تأسست شركة تضامن باسم ....... بغرض صناعة ...... وتجارتها والاستيراد والتصدير ومركزها مدينة .... برأسمال مقداره نصف مليون جنيه مناصفة بين الشريكين ومدتها عشر سنوات وورد بالعقد انتقال حقوق الشريك فى حالة وفاته إلى ورثته الشرعيين وأنه محظور على كل شريك أن ينافس الشركة فى عملها لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء علاقته بالشركة , وبموجب عقد عرفى مؤرخ 25 من أغسطس سنة .... ومسجل ملخصه أيضاً تم تعديل عقد الشركة بانضمام المطعون ضده الأول إلى الشركة كشريك متضامن مع زيادة رأسمالها إلى ستمائة ألف جنيه بالتساوى بين الشركاء مع تعديل الاسم التجاري ليصبح .... , وبموجب عقد عرفى مؤرخ 6 من إبريل سنة .... ومسجل ملخصه بسجل الشركات بمحكمة ... الابتدائية تحت رقم 214 لسنة 1997 بتاريخ 13 من إبريل سنة 1997 تم تعديل عقد الشركة بتخارج المطعون ضده الأول وتعديل رأسمال الشركة ليصبح خمسمائة ألف جنيه مناصفة بين مورث المطعون ضدهم والطاعن وتعديل اسم الشركة إلى .... وتعديل حق الإدارة والتوقيع للشريكين مجتمعين وتم النص في البند الخامس من العقد على أن اسم وعلامة "....." هى ملك للشركة ولا يجـوز لأحـد الشركـاء حجبهـا أو امتلاكهـا أو إعطائهـا للغيـر أو العمـل باسمـه ولا يجوز التعامل بها إلا باسم الشركة وللشركاء اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد من يخل بهذا الشرط أو يستخدم هذه العلامة باسمه أو لإجراء أى عمليات لحسابه الخاص فضلاً عن المطالبة بالتعويضات , هذا وقد استغلت الشركة العلامة التجارية المشار إليها لتميز منتجاتها فى جمهورية مصر العربية منذ سنة 1997 , إلا أن المطعون ضدهم فوجئوا أن الطاعن يستعمل ذات العلامة التى سبق وأن تنازل عنها للشركة لتمييز منتجات مثيلة مما أوقع عملاء الشركة فى لبس بين منتجاتها ومنتجات الطاعن مما يعتبر منافسة غير مشروعة وذلك بالاعتداء على حق الشركة فى استعمال العلامة التجارية الخاصة بها مما أدى إلى انصراف عملاء الشركة عن منتجاتها وترتب عليه غلق الشركة والإضرار بالمطعون ضدهم وتوافر علاقة السببية بين تلك الأضرار وخطأ الطاعن , ومن ثم فقد أقاموا الدعوى , وجه الطاعن طلب عارض إلى المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بتقديم عقد تعديل الشركة المؤرخ 25 من أغسطس سنة .... حتى يتمكن من اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير عليه وفى حالة عدم تقديمه يصبح العقد مزوراً عليه ولا يرتب أى آثار قانونية ويصبح كل ما ترتب عليه باطلاً ولا يعتد به فى مواجهته , وقال بياناً لذلك أن ذلك العقد والخاص بتعديل عقد الشركة بانضمام شريك وزيادة رأسمالها وتحديد الغرض منها تحت يد المطعون ضدهم منتج ومؤثر فى الدعوى وتم تزويره من قبل مورث الطاعن والمطعون ضدهم استناداَ إلى مغادرتـه البلاد من سنة .... حتى سنة ... . ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره قررت إحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الدائرة الاستئنافية , وأعيد قيدها برقم .... لسنة 1 ق وبتاريخ 12 من يناير سنة 2010 قضت بقبول الطلب العارض شكلاً ورفضه موضوعاً , وبإلزام الطاعن عن نفسه وبصفته بأن يؤدى للمطعون ضدهم مبلغ 200,000 جنيه وأمرت بإزالة العلامة التجارية "....." من على كافة المنتجات التى يستوردها من الخارج والتحفظ على تلك البضائع ومصادرتها ونشر الحكم على نفقته فى إحدى الصحف اليومية . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض , وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن , وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسـة لنظـره أمام هذه المحكمة , وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول أن محكمة شمال القاهرة الابتدائية قررت إحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية وتحددت جلسة 13 من ديسمبر لنظرها أمام الدائرة الثانية الاستئنافية وبتلك الجلسة قررت المحكمة إحالتها إلى الدائرة الأولى الاستئنافية لنظرها بجلسة 8 من مارس سنة 2010 وبالجلسة المحددة تبين أن المحكمة لم تقم بإحالة الدعوى وإنما قررت حجزها للحكم لجلسة 12 من يناير سنة 2010 مما حرم الطاعن من إبداء دفاعه أو استكماله فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى الإجراءات أنها روعيت , وعلى من يدعى أنها خولفت أقامة الدليل على ذلك , وأن محاضر الجلسات أعدت لإثبات ما يجرى فيها . لما كان ذلك , وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على صحة ما يدعيه خلاف الثابت فى الحكم المطعون فيه ولم يطعن عليه بالتزوير ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يضحى غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون وفى بيانه يقول , أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الاختصاص القيمي للمحاكم الاقتصادية إذ أن الدعوى أقيمت بإلزامه بتعويض مقداره خمسة ملايين جنيه وإزالة العلامة التجارية محل التداعي وأن طلب الإزالة هو طلب مندمج فى الطلب الأصلي المتمثل في التعويض ومن ثم فإن قيمة الدعوى لم تتجاوز قيمة النصاب الانتهائي للمحكمة الاقتصادية الابتدائية التي ينعقد لها الاختصاص بنظر الدعوى , وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى المنازعة محل التداعي رغم ذلك , فإنه يكون معيباً , بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النص فى المادة 38 من قانون المرافعات يدل على أنه إذا تعددت الطلبات فى الدعوى وكانت بعض هذه الطلبات منبثقة عن أحداها أو أثراً من أثاره فإنها تعتبر مندمجة فى ذلك الطلب وتقدر قيمة الدعوى بقيمة هذا الطلب وحده , أما إذا تعددت الطلبات فى الدعوى ولم تندمج فى بعضها ولكن جمعها سبب قانوني واحد كانت العبرة فى تقدير الدعوى بمجموع قيمة هذه الطلبات , طالما كانت طلبات أصلية وموضوعية وموجهة من نفس المدعى ضد نفس المدعى عليه , أما إذا انفرد كل طلب فى نشأته بسبب قانوني يختلف عن الآخر قدرت الدعوى باعتبار قيمة كل منها على حدة , ويقصد بالسبب القانوني فى مفهوم تلك المادة الواقعة التى يستمد منها المدعى حقه فى الطلب ولا تتغير الحجج القانونية والأدلة الواقعية التى يستند إليها فى طلبه . لما كان ذلك , وكان سبب الواقعة التى استند المطعون ضدهم فى دعواهم هي إزالة العلامة التجارية المملوكة لهم والتى استغلها الطاعن فى منافسة غير مشروعة قبلهم مما أضر بهم ومن ثم فإن الطلب الأصلي هو حماية العلامة التجارية لهم وتعويضهم عن الأضرار التي نتجت عن الاستغلال غير المشروع من الطاعن لتلك العلامة ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بطلبين إندمج فيها طلب التعويض إلى الطلب الأصلي المتمثل فى إزالة العلامة التجارية ويكون تقدير قيمة الدعوى بالطلب الأصلي وحده إعمالاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل , وإذ كان الطلب الأصلي لا يمكن تقدير قيمته طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعوى التي أوردها المشرع في المواد من 36 إلى 40 من قانون المرافعات فتكون الدعوى غير قابلة للتقدير مما تختص به الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية باعتبارها محكمة أول درجة عملاً بحكم المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أنه وجه طلباً عارضاً لإلزام المطعون ضدهم بتقديم العقد المؤرخ 25 من أغسطس سنة 1994 المزور عليه لوجوده خارج البلاد منذ عام 1992 حتى 15 أغسطس سنة 1995 لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير وتمسك بذلك الطلب بمحضر جلسة 27 من يناير سنة 2009 ومحاضر أعمال الخبير إلا أن الحكم المطعون فيه رفض ذلك الطلب بمقولة أنه غير منتج فى الدعوى وذلك بالمخالفة للمادتين 20 , 21 من قانون الإثبات بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محلـه , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المادة 20 من قانون الإثبات تجيز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أى محرر منتج فى الدعوى يكون تحت يده إذا توافرت إحدى الأحوال الواردة فيها , وأوجبت المادة 21 منه أن يبين فى الطلب الدلائل والظروف التى تؤيد أنه تحت يد الخصم , إلا أن الفصل فى هذا الطلب باعتباره متعلقاً بأوجه الإثبات متروك لقاضى الموضوع , فله أن يرفضه إذا تبين له عدم جديته , وله أن يكون عقيدته من الأدلة التى يطمئن إليها , كما أن تقدير الدلائل والمبررات التى تجيز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة فى الدعوى تكون تحت يده هو أمر موضوعى يتعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضى الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد رفض طلب إلزام المطعون ضدهم بتقديم العقد المؤرخ 25 من أغسطس سنة 1994 على سند أن ذلك العقد غير منتج فى النزاع إذ أن هناك عقد لاحق له مؤرخ 6 من إبريل سنة 1994 يفيد العدول عنه ولم يتم الطعن على العقد الأخير ورتب على ذلك قضاءه برفض الطلب , وكان ما خلص إليه الحكم فى هذا الخصوص له أصله الثابت فى الأوراق مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها مما يكفى لحمل قضاءه فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى بيان القانون وفى بيان ذلك يقول , أن العلاقة بينه وبين الورثة المطعون ضدهم بصفتهم ورثة الشريك المتضامن بالشركة .... هى علاقة عقدية يكون جزاء مخالفة شرائطها ما تقرره قواعد القانون المدنى بشأن المسئولية العقدية ويؤكد ذلك انتفاء شروط المسئولية التقصيرية التى تقوم عليها المسئولية عن المنافسة غير المشروعة محل التداعى إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وانتهى إلى توقيع جزاء المسئولية عليه وهو التعويض بما يعيبه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك بأن النص فى المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ـ يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية ـ أن المشرع بعد أن عرف المنافسة غير المشروعة بأنها كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية , أعقب ذلك بتعداد لبعض أمثلة لأكثر هذه الأفعال انتشاراً فى العمل ..... , ثم أضاف أن هذا التعداد لما يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة , لم يرد على سبيل الحصر , وأن من حق المحاكم أن تقحم فى هذا التعداد أعمالاً أخرى ترى وجوب اعتبارها من قبيل المنافسة غير المشروعة ولها أن تلجأ لبلوغ هذا الهدف إلى منطق القياس أو الاجتهاد الحرفى إطار التعريف العام الوارد فى مطلع الفقرة الثانية من نص المادة 66 , وتعد المنافسة غير المشروعة من ضمن حالات الخطأ التقصيرى التى توجب المسئولية عن تعويض الضرر المترتب عليه إعمالاً للأصل العام الوارد بنص المادة 163 من التقنين المدنى والخطأ كركن فى هذه المسئولية يغنى عن سائر النعوت وتنصرف دلالته إلى مجرد الإهمال والفعل العمد على حد سواء وهو وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية لقانون التجارة متروك تحديده لتقدير القاضى مسترشداً فى ذلك بما يستخلص من طبيعة نهى القانون عن الإضرار بالغير ومخالفة هذا النهى هى التى ينطوى فيها الخطأ ويقتضى هذا الالتزام تبصراً فى التصرف يوجب إعماله بذل عناية الشخص العادى , وهذا المعيار ليس أداة لإنشاء التزام لم ينشئه القانون , وإنما هو أداة فقط لتعيين مدى التزام أنشأه القانون فعلاً , وهذه السلطة التقديرية للقاضى يدخل فيها كل ما يمكن اعتباره منافسة غير مشروعة على النحو سالف البيان بغية توفير الحماية القانونية للحق المتنافس عليه سواء كان اسماً تجارياً أو شعاراً أو إعلاناً تجارياً أو علامات تجارية من كل ما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وخداعهم وهذا يستشف من مظاهر الأداء التنافسى من واقع الأوراق واستخلاص كل خطأ يرتب المسئولية لذا جرى قضاء هذه المحكمة على أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية من سلطة محكمة الموضوع متى كان سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى وأن الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية هو الانحراف عن السلوك العادي المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير , وأن المقرر أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة تعاقدية سابقة , إلا أن ذلك رهن بعدم ثبوت أن الضرر الذى لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من المتعاقد الآخر يكون جريمة أو يُعد غشاً أو خطأً جسيماً مما تتحقق به أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانونى , إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى هذه الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد , وأن استخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به من عدمه فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة محكمة النقض عليها . لما كان ذلك , وكانت محكمة الاستئناف الاقتصادية بما لها من سلطة تقديرية فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص توافر عناصر المسئولية عن المنافسة غير المشروعة عملاً بنص المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قد انتهـت بمـا لـه أصـل ثابت فى الأوراق إلى أن الطاعن قد اعتدى على العلامة التجارية المملوكة للشركة .... رغم التعاقد المبرم بينهما بعدم منافستها وعدم استعمال العلامة التجارية الخاصة بها "وهو أصلاً التزاماً قانونياً يفرضه القانون ويرتب مخالفته الخطأ التقصيري " مما تسبب فى الخلط بين منتجاتها والمنتجات التى يستوردها الأمر الذى تتوافر معه أركان دعوى المنافسة غير المشروعة فى حقه بما يتعين معه حماية الشركة من ذلك الاعتداء , ورتب على ذلك توقيع جزاء المسئولية (وهو التعويض) على الطاعن , وكان ذلك بأسباب سائغة بما يكفى لحمل قضاءه , فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة قانوناً , ويكون النعى عليه ـ أياً كان وجه الرأى فيه ـ غير منتج ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أنه وقع على عقد تعديل الشركة المورخ فى 6 من إبريل سنة .... بصفته شريك متضامن بالشركة .... وليس بصفته صاحب شركة .... مالكة العلامة التجارية وأن هناك فرق بين صفته فى التوقيع على عقد الشركة الأولى كشريك متضامن وصفته كمالك للشركة الأخيرة مالكة العلامة التجارية محل التداعي وأن توقيعه بإحدى الصفتين غير ملزم للصفة الأخرى إذ أنه يتمتع بشخصيتين اعتباريتين , إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتبين صفة الطاعن وأصدر حكمه عليه بصفته الممثل القانوني لشركة سات انتر ناشيونال وهذا مخالفاً للواقع , فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الصفة فى الدعوى هو من قبيل الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضى الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص توافر صفة الطاعن بوصفه الممثل القانونى لشركة ..... فى توقيعه على العقد وكان هذا الذى انتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق وفى حدود سلطته الموضوعية فى استخلاص توافر الصفة ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه , بالخطأ فى تطبيق القانون للمغالاة فى تقدير قيمة التعويض بما يعيبه .
وحيث إن النعى غير مقبول ذلك بأن النص فى المادة 66/2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 يدل على أن كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها باعتبار ـ التعويض جزاء المسئولية التقصيرية ـ ويجوز لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تقضى ـ فضلاً عن التعويض ـ بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم فى إحدى الصحف اليومية على نفقة المحكوم عليه , وكل هذا تطبيقاً للقواعد المنصوص عليها فى المادة 171/1 من التقنين المدني , ومصدر الحق فى التعويض ليس هو الحكم الصادر فى دعوى المسئولية , فالحكم ليس إلا مقرراً لهذا الحق من وقت وقوع الضرر لا منشأً له , وتقدير التعويض الجابر للضرر هو من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع بحسب ما يراه مستهدياً فى ذلك بكل لظروف والملابسات فى الدعوى . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه ـ بما له من سلطة تقديرية ـ قد انتهى إلى ثبوت مسئولية الطاعن عن المنافسة غير المشروعة فى حق الورثة المطعون ضدهم , ورتب على ذلك قضاءه بتوقيع جزاء هذه المسئولية وهو التعويض , وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها مما يكفى لحمله , فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية , مما ينحسر عنه رقابة هذه المحكمة , ومن ثم غير مقبول .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .           
لـذلك

       رفضت المحكمة الطعن , وألزمت الطاعن المصروفات , ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة .

الطعن 1385 لسنة 65 ق جلسة 27 / 3 / 2012

باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة التجارية والاقتصادية
ـــ
 برئاسة السيـد القاضـى / عبد المنعـم دسوقى        نائب رئيس المحكمة     
وعضوية السـادة القضاة/ أحمــد الحسينــى   ,    د . خالد عبد الحميد
                           عمـران عبد المجيـد        ووائــل رفاعــى  
      نواب رئيس المحكمة .
وبحضور السيد رئيس النيابة / محمد إسماعيل .
والسيد أمين السر/ عبد الحكيم عامر عبد الخالق .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة .
فى يوم الثلاثاء4 من جمادى الأولى سنة 1433هـ الموافق 27 من مارس سنة 2012م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 1385 لسنة 65 قضائية .
المرفوع مـن :
ـ بنك الإسكندرية ـ ويمثله قانوناً السيد رئيس مجلس إدارته .
محله المختار الإدارة العامة للبنك برقم 6 شارع صلاح سالم ـ قسم العطارين بالإسكندرية.
حضر عنه الأستاذ / ..... المحامى عن الأستاذ / ....... المحامى .
ضـــد
ـ شركة ....... وشركاه" . يعلن بشارع ............
لم يحضر عنها أحد .
الـوقــائـع
بتاريخ 4/2/1995 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف طنطا الصادر بتاريخ 7/12/1994 في الاستئناف رقم 1038 لسنة 41ق ، وذلك بصحيفـة طلـب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقـض الحكم المطعون فيه ، وبذات التاريخ أودع مذكرة شارحة للطعن .
وفى 15/2/1995 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى 27/ 12/ 2011 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظـر وحددت جلسة 28/2/ 2012 لنظره وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة . حيث صمم محامى الطاعن والنيابة العامة كل علــى ما جاء بمذكـرتـه ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريـر الـذى تــلاه السيـد القاضي المقـرر/ ..... "نائب رئيس المحكمة" , والمرافعة وبعد المداولة .
    حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ علـى ما يبيـن من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن البنك الطاعن تقدم بطلب للسيد قاضى الأمور الوقتية بمحكمة طنطا الابتدائية للإذن له ببيع البضائع المرتهنة لصالحه رهناً حيازياً من الشركة المطعون ضدها والمبينة بالكشوف المرفقة والتصريح للبنك باقتضاء دينه البالغ 971429,77 جنيه حتى 17 من إبريل سنة 1990 وما يستجد من فوائد بواقع 17% سنوياً حتى تمام السداد وذلك من حصيلة البيع وإيداع الباقى إن وجد خزينة المحكمة , على سند من أنه بموجب عقد فتح اعتماد بحساب جارى مدين بضمان بضائع مؤرخ 28 من أغسطس سنة 1986 منح المطعون ضدها تسهيلاً مصرفياً فى حدود مبلغ 400000جنيه , وحصل منها مقابل ذلك على رهن حيازى للبضائع الموضحة بالكشوف المرفقة بطلبه , وقد أسفرت تلك التسهيلات عن مديونية المطعون ضدها بالمبلغ سالف البيان , فتقدم بطلبه . رفض قاضى الأمور الوقتية إصدار الأمر , فتظلم منه الطاعن بالدعوى رقم 5738 لسنة 1990 مدنى طنطا الابتدائية وبتاريخ 8 من مايو سنة 1991 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الرفض والإذن للبنك الطاعن ببيع البضائع المرهونة حيازياً الموضحة بالكشف المرفق وذلك بطريق المزايدة العمومية وإيداع الثمن المتحصل من البيع خزينة المحكمة على ذمة دعوى الحق . استأنفت المطعون ضدها الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 977 لسنة 41 ق , كما استأنفه الطاعن لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 1038 لسنة 41 ق وبعد أن ضمته إلى الاستئناف الأول قضت بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1994 بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض , وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه , وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفـة المشورة , حددت جلسة لنظـره, وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه , إذ أيد الحكم الابتدائى فى قضائه بإيداع ثمن البيع خزينة المحكمة على ذمة دعوى الحق استناداً إلى حكم المادة 1119 من القانون المدنى التى نصت على أن القاضى هو الذى يفصل فى أمر إيداع الثمن عند الترخيص بالبيع , فى حين أن حكم هذه المادة لا ينطبق على واقعة النزاع لتعلقه بالتنفيذ على المنقول المرهون قبل حلول أجل الدين المضمون بالرهن , بينما يتعلق النزاع الماثل بالتنفيذ على المال المرهون بعد حلول أجل الدين واستحقاقه فعلاً فينطبق عليه حكم المادة 78 من قانون التجارة القديم والذى وضع المشرع بموجبه إجراءات مبسطة وسريعة للتنفيذ على المال المرهون ليحصل الدائن المرتهن على مستحقاته مباشرة من ناتج حصيلة البيع دون انتظار لأية إجراءات أخرى , فيكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله , ذلك بأن النص فى المادة 78 من قانون التجارة القديم الصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1883 ـ والمنطبق على الواقع فى الدعوى ـ على أنه "إذا حل ميعاد دفع الدين ولم يوفيه المدين جاز للدائن بعد ثلاثة أيام من تاريخ التنبيه على مدينه بالوفاء خلاف مواعيد المسافة أن يقدم عريضة للقاضى المعين للأمور الوقتية فى المحكمة الكائن محله فى دائرتها ليتحصل منه على الإذن ببيع جميع الأشياء المرهونة أو بعضها بالمزايدة العمومية على يد سمسار يعين لذلك فى الإذن المذكور . ويكون البيع فى المحل والساعة اللذين يعينهما القاضى المذكور وله أن يأمر بلصق إعلانات ودرجها فى الجرائد إذا اقتضى الحال ذلك" يدل على أن المشرع حرص على تبسيط إجراءات التنفيذ على الشئ المرهون فى الرهن التجارى حتى يتمكن الدائن المرتهن من الحصول على حقه بالسرعة التى تقتضيها المعاملات التجارية , فإذا كان الأصل وفقاً للقواعد العامة أن الدائن المرتهن يتعين عليه الحصول على حكم نهائى بالدين للتنفيذ على الشئ المرهون , فإن المشـرع أجاز ـ بموجب المادة 78 سالفة البيان ـ للدائن المرتهن فى الرهن التجارى إذا حل ميعاد الوفاء بالدين المضمون بالرهن ولم يوف به المدين أن ينبه عليه بالوفاء , فإذا انقضت ثلاثة أيام على ذلك التنبيه جاز له أن يتقدم بعريضة إلى قاضى الأمور الوقتية فى المحكمة الكائن موطنه فى دائرتها ليتحصل منه على الإذن ببيع جميع الأشياء المرهونة أو بعضها بالمزايدة العمومية . فإذا تأكد القاضى من صحة الدين والرهن أمر بالبيع دون اشتراط حصول الدائن على سند واجب النفاذ , ويجب أن يقع البيع بالمزاد العلنى وعلى يد سمسار يعينه القاضى كما يعين المكان والساعة اللذين يقع فيهما البيع . وإذا كان قصد المشرع من تقرير هذه الإجراءات المبسطة للتنفيذ على الشئ المرهون فى الرهن التجارى هو ضمان سرعة حصول الدائن المرتهن على حقه , فإن مقتضى ذلك أن الدائن يحق له أن يستوفى دينه من الثمن الناتج من البيع مباشرة دون استلزام اتخاذ إجراءات أخرى على أن يرد ما يزيد على ذلك إلى المدين الراهن . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى فى قضائه بالإذن للبنك الطاعن ببيع البضائع المرهونة حيازياً بطريق المزايدة العمومية مع إيداع الثمن المتحصل من البيع خزينة المحكمة على ذمة دعوى الحق , ورفض إجابة طلب الطاعن استيفاء دينه من ثمن البيع , استناداً إلى المادة 1119 من القانون المدنى التى نصت على أن "يفصل القاضى فى أمر إيداع الثمن عند الترخيص فى البيع وينتقل حق الدائن فى هذه الحالة من الشئ إلى ثمنه" . فى حين أن حكم هذه المادة يتعلق بالترخيص للدائن المرتهن أو للراهن ببيع الشئ المرهون إذا كان مهدداً بالهلاك أو التلف أو نقص القيمة وذلك قبل حلول أجل الدين , وقد تقدم البنك بطلب البيع بعد حلول أجل الدين وعدم وفاء المطعون ضدها به , فيطبق فى شأنه حكم المادة 78 من قانون التجارة القديم سالف البيان والذى يقتضى التصريح للدائن باستيفاء دينه من الثمن الناتج من البيع . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يوجب نقضه جزئياً فى خصوص ما قضى به فى هذا الشأن فى الاستئناف رقم 1038 لسنة 41 ق طنطا , لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 1038 لسنة 41 ق طنطا ـ فى حدود ما تم نقضه ـ صالح للفصل فيه , ولما تقدم , فإنه يتعين إلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إيداع حصيلة البيع خزينة المحكمة على ذمة دعوى الحق , والترخيص للبنك المستأنف باستيفاء دينه البالغ 986206,70 جنيه حتى 28 من فبراير سنة 1990 من ثمن البيع .
لـذلك

       نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً على النحو الموضح بالأسباب  وألزمت المطعون ضدها المصروفات , وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 1038 لسنة 41 ق طنطا ـ فى حدود ما تم نقضه ـ بإلغاء ما تضمنه الحكم المستأنف من إيداع حصيلة البيع خزينة المحكمة , والترخيص للبنك المستأنف باستيفاء دينه البالغ 986206,70 جنيه حتى 28 من فبراير سنة 1990 من حصيلة البيع , وتأييده فيما عدا ذلك , وألزمت المستأنف عليها المصروفات . 

الطعن 1637 لسنة 72 ق جلسة 13 / 3 / 2012

باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة التجارية و الاقتصادية
ـــ
 برئاسة السيـد القاضـى / عبد المنعـم دسوقى        نائب رئيس المحكمة     
وعضوية السـادة القضاة/ أحمــد الحسينـى     ,    د . خالد عبد الحميد
                            وائــل رفاعــى          نواب رئيس المحكمة     
                                            والريـدى عدلـى .
وبحضور السيد رئيس النيابة / خالد طنطاوى .
والسيد أمين السر/ عبد الحكيم عامر عبد الخالق .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة .
فى يوم الثلاثاء20 من ربيع الآخر سنة 1433هـ الموافق 13من مارس سنة 2012م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 1637 لسنة 72 قضائية .
المرفوع مـن :
ـ السيد / ............ . المقيم.......... .
لم يحضر عنه أحد .
ضـــد
ـ السيد / رئيس مجلس بنك التنمية الصناعية المصري بصفته .
يعلن بمقر البنك برقم 110 شارع الجلاء بالقاهرة .
حضر عنه الأستاذ / ......... المحامى عن الأستاذ / .......... المحامى .
الـوقــائـع
بتاريخ 6/3/2002 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 9/1/2002 فى الاستئنافين رقمى 7093 , 182 لسنة 55 , 56 ق ، وذلك بصحيفـة طلـب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقـض الحكم المطعون فيه ، وبذات التاريخ أودع مذكرة شارحة للطعن .
وفى 24/3/2002 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن , وفى 4/4/2002 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن .
أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وفى 24/ 1/ 2012 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظـر وحددت جلسة 13/3/ 2012 لنظره وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة . حيث صمم محامى الطاعن والمطعون ضده والنيابة كل علــى ما جاء بمذكـرتـه ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريـر الـذى تــلاه السيـد القاضى المقـرر/ ............, والمرافعة وبعد المداولة .
           حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ علـى ما يبيـن مـن الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 942 لسنة 1996 مدنى الإسكندرية الابتدائية على البنك المطعون ضده بطلب الحكم بندب خبير حسابى لتصفية الحساب بينهما عن مبلغ القروض الثلاثة التى حصل عليها الطاعن من بنك التنمية الصناعية فرع الإسكندرية الذى يمثله المطعون ضده خلال عامى 1979 , 1980 ومقدارها 53000 جنيهاً , على سند أنه بموجب عقد بالضمان الشخصى مؤرخ 10 من نوفمبر 1979 اقترض من فرع البنك المطعون ضده خمسة ألاف جنيه , كما اقترض من ذات البنك بموجب عقد مؤرخ 30 من يونيه سنة 1980 مبلغ ثمانية آلاف جنيه يتم سدادها بالفوائد على خمس سنوات مع ترتيب حق رهن تجارى لصالح البنك , كما أنه بموجب عقد اعتماد حساب جارى مؤرخ 2 من فبراير سنة 1980 لصالحه بمبلغ عشرة آلاف جنيه زيدت فيما بعد إلى أربعين ألف جنيه تعديلاً للعقد الأخير فى الأول من يونيه سنة 1982 لمدة سنة واحدة , بإجمالى دين مقداره ثلاثة وخمسين ألف جنيه , سددها الطاعن بالفوائد القانونية المتفق عليها , وإذ أنذره البنك المطعون ضده بسداد مبالغ أكثر من المستحق عليه عن تلك القروض رغم سبق سداده لها . فقد أقام الدعوى , كما أقام الطاعن الدعوى رقم 943 لسنة 1996 على ذات البنك المطعون ضده أمام ذات المحكمة بطلب الحكم ببراءة ذمته من أية مبالغ يطالبه بها المطعون ضده  ناشئة عن القروض الثلاثة محل الدعوى سالفة البيان , على سند من مطالبة البنك له فى 30 من يونيه سنة 1995 بكشف حساب بمبلغ 612891,8 جنيهاً بما يزيد على المبلغ محل القروض الثلاثة التى قام بسدادها , ضمت المحكمة الدعوى الأخيرة إلى الأولى وندبت خبيراً فيهما أودع تقريره , أقام المطعون ضده بصفته دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدى له مبلغ 1138708,30 جنيهاً حتى 30 من يونيه سنة 1998 والفوائد القانونية حتى تمام السداد . بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1999 حكمت محكمة أول درجة برفض دعويىِّ الطاعن وألزمته فى الدعوى الفرعية بأن يؤدى للبنك المطعون ضده مبلغ مليون ومائة وثمانية وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية جنيهات وثلاثون قرشاً قيمة ما عليه حتى 12 من نوفمبر سنة 1998 والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً اعتباراً من 21 من سبتمبر سنة 1999 وحتى تمام السداد . وأمام محكمة استئناف الإسكندرية استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7093 لسنة 55 ق كما استأنفه المطعون ضده برقم 182 لسنة 56 ق وبعد أن ضمت الاستئناف الثانى إلى الأول . ندبت خبيراً فيهما وأودع تقريره قضت بتاريخ 9 من يناير سنة 2002 برفض الاستئناف الأول , وفى موضوع الاستئناف الثانى بتعديل الحكم المستأنف بجعل سعر الفائدة القانونية خمسة عشر فى المائة والتأييد فيما عدا ذلك . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض , وقدمـت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن , وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظـره ,  وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الثالث من السبب الثانى من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون , ذلك أنه لما كان الرهن هوضمان للوفاء بالدين المسحوب من البنك المطعون ضده , وكان للأخير كدائن مرتهن سلطة تعقب المال المرهون للتنفيذ عليه عملاً بأحكام القانون , فإنه إذ لم يكمل إجراءات الحجز الإدارى رغم كفاية المال المرهون للوفاء بالدين , وسلك طريق التقاضى للمطالبة بهذا الدين , فإن الحكم المطعون فيه إذ ألقى عبء السداد على الطاعن دون مناقشة هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد النص فى المادة 78 من قانون التجارة القديـم ـ المقابلة لنـص المادة 126 من قانون التجارة الجديد ـ بأن للدائن إذا حل ميعاد دفع الدين ولم يوفه المدين أن يطلب الإذن ببيع الأشياء المرهونة وفق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا المادة , وأن وجود الرهن الحيازي لا يمنع الدائن من الرجوع على المدين وفق إجراءات التقاضي العادية . لما كان ذلك , وكان الحق فى استيفاء الدين من قيمة الشيئ المرهون من الرخص المخولة للبنك المطعون ضده كدائن مرتهن , فلا عليه إن لم يكمل إجراءات التنفيذ على الشيئ المرهون واختار طريق المطالبة القضائية فى استيفاء دينه , ولا يعيب الحكم التفاته عن هذا الدفاع , ومن ثم يكون النعى على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب , إذ لم يفرق عند تعرضه لطلب الطاعن بتقادم الدين بين قيمة الدين منفرداً أو قيمته بفوائده , أو المطالبة التى تمت من البنك المطعون ضده لقطع التقادم فى حين أن كل عنصر منها يخضع للتقادم . بل اعتبر الحكم أن الفوائد وإن كانت ثابتة الزيادة فى النسبة إلا أن زيادتها فى القيمة مع إضافتها إلى أصل الدين لا يضفى عليها صفة الدورية بما تكون معه المحكمة قد فسرت الفائدة بغير حقيقتها , كما أن الإقرار الذى اعتد به الحكم فى قطع التقادم فى حقيقته طلب لوقف الحساب وتصفيته , كما لم يتعرض الحكم لإنذار البنك المطعون ضده للطاعن بسداد الدين أو إجراء الحجز الإدارى , وأثرهما فى قطع الحساب ووقف الفوائد بما يعيبه بالقصور فى التسبيب ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجب على الطاعن أن يحدد سبب الطعن ويعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منه كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه وجه العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه وإلا كان النعى به غير مقبول . وإذ كان الطاعن لم يبين نوع التقادم الذى تمسك به أمام محكمة الموضوع , والفترة محل هذا الدفع وماهية الإقرار الذى اعتد به الحكم فى قطع التقادم وأثر ذلك فى قضاء الحكم , بل جاء النعى فى ألفاظ عامة دون تحديد وجه العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم , فإنه يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثالث والوجهين الأول والثانى من السبب الثانى من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى الستبيب , وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بقفل الحساب فى العقود المبرمة بينه وبين البنك المطعون ضده وفقاً لبنودها بانتهاء أولها وقيمته خمسة آلاف جنيه فى 19 من أكتوبر سنة 1980 بفائدة تأخيرية 7% , وانتهاء الثانى وقيمته أربعين ألف جنيه فى الأول من فبراير سنة 1983 بفائدة تأخيرية 12% , وانتهاء الثالث وهو عقد قرض قيمته ثمانية آلاف جنيه فى 30 من مارس سنة 1985 بفائدة تأخيرية 15% , وذلك لعدم تجديدها من الطرفين . ولمطالبة البنك المطعون ضده له بإجمالى الدين عن تلك القروض حتى 30 من يونيه سنة 1983 بمقدار 71235,853 جنيهاً بموجب إنذار على يد محضر فى 10 من يونيه سنة 1984 بما يدل على قفل الحساب فى شأنها , فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بمبلغ 118708,30 جنيهاً كإجمالى الدين عن الحسابات الثلاثة طبقاً لكشوف حسابات البنك المقدمة للخبير حتى 12 من نوفمبر 1998 , وفائدة تأخيرية 15% رغم قفل الحساب بانتهاء مدة العقود فى تاريخ سابق ومخالفة سعر الفائدة التأخيرية المتفق عليها فى العقود , فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى أساسه  سديد , ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة ، ولما كان الحساب الجارى طريقاً استثنائياً لتسوية الحقوق والديون التى تنشأ بين طرفيه خلال فترة زمنية معينة , وكانت إرادة طرفيه هى وحدها التى تبرر إجراء هذه التسوية فإذا اتفق الطرفان على تحديد فترة لعقد الحساب الجارى وجب احترامها , ومع ذلك يجوز قفله باتفاق طرفيه قبل انتهاء مدته , أما إذا لم يكن متفقاً على موعد قفله فإنه يحق لكل طرف طلب وقفه بعد إخطار الآخر وذلك وفقاً للقواعد العامة باعتبار أن هذا الحساب لا يجوز أن يكون مؤبداً , على أن يستثنى من ذلك حالة ما إذا كان تمويل الحساب الجارى بطريق القرض فإنه يجوز لأحد طرفيه تخويل البنك رخصة إقفاله بإرادته المنفردة قبل انتهاء المدة ويعتبر ذلك نزولاً عن أجل الحساب , كما أنه ينتهى بانتهاء العمليات المتبادلة بين العميل والبنك وعدم الاستمرار فيها وفقاً لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها وبانتهائها يقفل الحساب وتتم تصفيته ويترتب على قفل الحساب وقوع المقاصة العامة فوراً وتلقائياً بين مفرداته الموجودة فى جانبيه ويستخلص من هذه المقاصة العامة رصيد وحيد هو الذى يحل محل جميع حقوق كل من الطرفين فى مواجهة الآخر ويعتبر الرصيد مستحقاً بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته , ويصبح هذا الرصيد ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز معه وفقاً للمادة 232 من القانون المدنى تقاضى فوائد مركبة عنه إلا إذا ثبت وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضى بذلك , تسرى عليه الفائدة القانونية لا الفوائد الاتفاقية ما دام العقد قد خلا من الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب . كما أنه لا يجوز تقاضى عمولات لا تقابلها خدمة فعلية من البنك لكون قفل الحسـاب الجارى يضع حداً لتقديم الخدمات المصرفية . لما كان ذلك , وكان البين من العقد الأول المؤرخ 10 من نوفمبر سنة 1979 خلوه من عدد أقساط القرض وطريقة السداد , فى حين تضمن جواز تجديده لمدة سنتين بناء على طلب الطاعن , بما مفاده أن حقيقته عقد حساب جارى تـم تمويله بطريق القرض , وإذ لم يطلب الطاعن تجديده , فإن تاريخ قفل الحساب الجارى هو نهاية العقد 9 من نوفمبر سنة 1980 حيث كان الرصيد المدين للطاعن وفق كشف حساب المطعون ضده مبلغ 5793,305 جنيهاً فإن الحكم إذ ألزم الطاعن بالمبلغ الوارد بتقرير الخبير رغم اشتماله على فوائد مركبة وعمولات تقابلها خدمات فضلاً عن إلزامه بالفوائد بنسبة 15% بالمخالفة للنسبة المتفق عليها فى العقد وهى 7% , يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون . كما أن الحساب الجارى فى العقد الثانى بمبلغ 40 ألف جنيه قد قفل فى 31 من يناير سنة 1984 , لتجديده لمدة سنة ضمنياً بتبادل المدفوعات فى 2 من مايو سنة 1983 , وبرصيد مدين 54934,839 جنيهاً وفائدة تأخيرية بعد القفل 12% , فإن الحكم إذ خالف ذلك وجاوز نسبة الفائدة المتفق عليها فضلاً عن تضمن المبلغ المقضى به فوائد مركبة وعمولات بعد قفل الحساب دون أن يقدم المطعون ضده الدليل على وجود عادة تسمح بتقاضى فوائد مركبة بعد قفل الحساب , يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون . وإذ كان المقرر فى قضاء هذه العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصول لمبدأ سلطان الإدارة , والذى يقضى بأن العبرة فى تحديد حقوق طرفى العقد هو بما حواه من نصوص , بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه , ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للنظام العام . وأن المشرع قد حرم تقاضى الفوائد الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضى به القواعد والعادات التجارية وأقر بما جرى عليه العرف على تقاضى عائد على متجمد الفوائد فى الحساب الجارى والقرض التجارى , أما بعد إقفالهما فإن الرصيد يصبح ديناً عادياً يخضع للقواعد العامة ولا يسرى عليه هذا العرف , ولا يجوز الاتفاق على تقاضى فوائد مركبة عن هذا الدين , باعتبار أن تحديد الحد الأقصى للفوائد من القواعد الآمرة التى لا يصح الاتفاق على مخالفتها . لما كان ذلك , وإذ ترتب على استعمال المطعون ضده للرخصة الواردة بالمادة الثانية عشرة من عقد القرض التجارى الموثق برقم 6847/ح بنوك تعجيل جميع الأقساط لتقاعس الطاعن عن سداد القسط الأول , واعتباراً من 20 من يونيه سنة 1984 صار الطاعن مديناً بقيمة القرض بفوائده المتفق عليها , وتوقف حساب القرض بتحوله إلى دين عادى تطبق عليه الفوائد المتفق عليها 15% دون الفوائد المركبة , وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن فى هذا القرض الأخير بالمبلغ الوارد بكشوف حساب البنك المطعون ضده التى لم يناقشها الخبير , رغم اشتمالها على الفوائد المركبة فى تاريخ لاحق على 20 من يونيه 1984 فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما حجبه عن بحث تحديد مقدار إجمالى دين الطاعن للمطعون ضده عن العقود الثلاثة مما يعيبه بالقصور فى التسبيب ويوجب نقضه .     
لـذلك

       نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه , وألزمت المطعون ضده المصروفات , وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى .

الطعن 12855 لسنة 81 ق جلسة 20 / 1 / 2013

بـاسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة المدنية
دائرة الأحد (ب) المدنية
===
 برئاسة السيد القاضـى / فؤاد محمود أمين شلبى                 نائب رئيس المحكمــة
وعضوية السادة القضـاة / أحمد شكرى عبد الحليم             نائب رئيس المحكمــة
                      د/ طه أحمد عبد العليم       ،       مصطفى معتمد حمدان
                                             ومحمد سراج الدين السكرى
بحضور السيد رئيس النيابة / صلاح الدين جلال  . 
وحضور السيد أمين السر/ فتحى حمادة  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة
فى يوم الأحد الموافق 8 من ربيع أول سنة 1434 هـ الموافق 20 من يناير سنة 2013 م .
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 12855 لسنة 81 ق .
المرفوع مـن :
ـ رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية لاستصلاح الأراضى بالعدلية بصفته .
موطنه القانونى 74 عمارات عثمان ـ شارع على أمين ـ مدينة نصر  ـ محافظة القاهرة .
حضر الأستاذ / ....... عن الأستاذ / ...... المحامى عن الطاعن بصفته .
    ضــــد
1 ـ ........... .
2 ـ ............. .
المقيمين / .......... ـ محافظة القاهرة .
6 ـ رئيس نيابة شئون الأسرة ........ بصفته .
لم يحضر أحد عن المطعون ضدهم .
                                           الوقائــع
في يوم  18/7/2011 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق "  الصادر بتاريخ 31/5/2011  فى الاستئناف رقم 4462 لسنة 52 ق . وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات .
 وفى يوم 3/8/2011  أعلن المطعون ضده الأخير بصحيفة الطعن .
وفى يوم 9/8/2011  أعلن المطعون ضدهما الأول والثانية بصحيفة الطعن .
وفى يوم 17/8/2011  أعلن المطعون ضدهم الثالث والرابعة ، أ ، ب في خامساً بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 4/11/ 2012 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 16 /12/ 2012 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والنيابة كل على ما جاء بمذكرته ـ والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه القاضي المقرر / ........  والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن بصفته ومورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 29 لسنة 2009 مدنى محكمة الزقازيق الابتدائية " مأمورية بلبيس " بطلب الحكم وفقاً لطلباتهم الختامية أولاً : بعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 4872 لسنة 1990 م ك الزقازيق والصادر لصالح الطاعن بصفته ضد مورثهم فى مواجهتهم ـ ثانياً : ـ عدم الاعتداد بمحضر تسليم الأرض المؤرخ 4/1/2009 استناداً إلى أنهم واضعو اليد على الأرض موضوع النزاع منذ عام 1985 وصدر هذا الحكم بالتواطؤ بين الطاعن ومورثهم ومن ثم أقاموا الدعوى ـ بتاريخ 24/9/2009 أجابت المحكمة المطعون ضدهم إلى طلبهم الأول ، وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطلب الثانى المتعلق بمحضر تسليم الأرض المؤرخ 4/1/2009 وأحالته إلى قاضى التنفيذ المختص . استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 4462 لسنة 52 ق لدى محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق ـ وبتاريخ 31/5/2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذا انتهى فى قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به فى الطلب الأول من طلبى الدعوى والخاص بعدم الاعتداد بالحكم رقم 4872 لسنة 1990 مدنى كلى الزقازيق " مأمورية بلبيس" . واطرح دفعها بشأن عدم اختصاص المحكمة بنظره نوعياً وباختصاص قاضى التنفيذ بمحكمة بلبيس الجزئية بنظره على سند من أن المطعون ضدهم لم يكونوا طرفاً فى هذا الحكم فلا حجية له قبلهم مع أن هذا الطلب والطلب الثانى فى دعواهم والمتعلق بعدم الاعتداد بمحضر تسليم أرض النزاع والمؤرخ 4/1/1990 فى حقيقتهما معاً منازعه منصبه على إجراء من إجراءات تنفيذ هذا الحكم أولت المادة 275 من قانون المرافعات لقاضى التنفيذ دون غيره نظرها بما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تقضى أيضاً بعدم اختصاصها نوعياً بنظره أسوة بالطلب الثانى فى دعواهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله . ذلك أنه لما كانت المادة 275 من قانون المرافعات تنص على أنه " يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها " ومفاد هذا النص وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وجرى به قضاء هذه المحكمة ـ هو أن المشرع أستحدث نظام قاضى التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ فى يد قاضى واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بالفصل فى جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء كانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء كانت من الخصوم أو من الغير كما خوله سلطة قاضى الأمور الوقتية المستعجلة عند فصله فى المنازعات الوقتية مما مقتضاه أن قاضى التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص ، ولكى تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ فى معنى المادة 275 المشار إليها يشترط أن تكون منصبه على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة فى سير التنفيذ وإجراءاته ، ولما كان الثابت بالأوراق أن طلبات المطعون ضدهم أمام محكمة الموضوع هى أولاً : عدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 4872 لسنة 1990 مدنى كلى الزقازيق والصادر لصالح الطاعن ضد مورثهم عن أرض النزاع ثانياً : عدم الاعتداد بمحضر تسليم هذه الأرض للطاعنة والمؤرخ 4/1/2009 وكان القضاء فى الطلبين إيجاباً أو سلباً يؤثر حتماً فى سير تنفيذ الحكم رقم 4872 لسنة 1990 مدنى كلى الزقازيق سالف البيان فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ يختص بنظرها قاضى التنفيذ دون غيره وتخرج عن اختصاص المحكمة الأبتدائية النوعى بما كان يتعين معه أن تقضى هذه المحكمة بعدم إختصاصها بنظر الطلبين حتى لو لم يدفع احد أطراف الخصومة أمامها بذلك وأن تحيلهما معاً لقاضى التنفيذ وإذ دفعت الطاعنة بعدم إختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى تأسيساً على أنها منازعة تنفيذ موضوعيه يختص بها قاضى التنفيذ فأجابتها المحكمة بالنسبة للطلب الثانى ومضت فى نظر الطلب الأول على ما ذهبت إليه من أن المطعون ضدهم لم يكونوا طرفاً فى هذا الحكم فلا يكون حجة عليهم وإذ أعادت الطاعنة التمسك بهذا الدفع بصحيفة استئنافها فاطرحه الحكم مؤيداً فى ذلك الحكم الابتدائى فيما خلُص إليه فإنه يكون بدوره قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
وحيث إن المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه " إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل فى مسألة الاختصاص ، وعند القضاء تعين المحكمة المختصة التى يجب التداعى إليه بإجراءات جديدة وإذ كان الاستئناف صالحاً للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف " فيما قضى بالنسبة للطلب الأول فى الدعوى وهو عدم الاعتداد بالحكم رقم 4872 لسنة 1999 مدنى كلى الزقازيق " والحكم بعدم اختصاص محكمة بلبيس الكلية " بنظره وإحالته بحالته إلى قاضى التنفيذ بمحكمة بلبيس الجزئية .
لــذلـك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 4462 لسنة 52 ق المنصورة " مأمورية الزقازيق " . بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 4872 لسنة 1990 مدنى كلى الزقازيق والقضاء بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظره وباختصاص قاضى التنفيذ بمحكمة بلبيس الجزئية بنظره وألزمت المستأنف ضدهم مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيه مقابل أتعاب المحاماة . 

الخميس، 18 فبراير 2016

الطعن 17463 لسنة 64 ق جلسة 29 / 9 / 1996 مكتب فني 47 ق 129 ص 909

جلسة 29 من سبتمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

----------------

(129)
الطعن رقم 17463 لسنة 64 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب بناء الحكم الجنائي على المرافعة التي تحصل أمام القاضي نفسه الذي يصدر الحكم والتحقيق الذي يجريه بنفسه. علة ذلك؟
التعويل على أقوال الشهود الذين سمعتهم هيئة أخرى دون الاستجابة لطلب سماعهم أمام الهيئة التي أصدرت الحكم وبغير بيان سبب رفض سماعهم. إخلال بحق الدفاع.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
نزول المتهم عن طلب سماع الشهود لا يسلبه حقه في العدول عن هذا النزول والتمسك بتحقيق ما يطلبه ما دامت المرافعة دائرة. أساس ذلك؟
(3) إثبات "شهود". دفوع "الدفع بإكراه الشاهد". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
التعويل على أقوال الشاهد. شرطه؟
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير إكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال ذلك. قصور.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه الذي صدر الحكم بالنسبة له غيابياً.

-----------------
1 - لما كان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التي تحصل أمام نفس القاضي الذي أصدر الحكم وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه، إذ أساس المحاكمة الجنائية هو حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الذي يجريه بنفسه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو لا توحي، ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، مما ينبني عليه أن على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشهادة من فم الشاهد ما دام سماعه ممكناً ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمناً لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغاته أو اضطرابه وغير ذلك مما يعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها، وكان لا يجوز للمحكمة الافتئات على هذا الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، بحيث إذا لم تفعل على الرغم من تمسك المدافع عن الطاعن بسماع شاهد الإثبات ورفضت هذا الطلب واعتمدت في حكمها على التحقيقات التي جرت - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع.
2 - من المقرر أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لا زال مفتوحاً، فنزول الطاعن عن طلب سماع الشاهد لا يسلبه حقه في العدول عن ذلك النزول والتمسك بتحقيق ما يطلبه ما دامت المرافعة دائرة.
3 - لما كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد المذكور بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيها يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
5 - من المقرر أن من صدر الحكم بالنسبة له غيابياً لا يمتد إليه أثر النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما قتلاً..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم المصمم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحين (مسدس ومطواة) وتوجها إلى المكان الذي أيقنا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عدة أعيرة نارية وطعنه الثاني بالمدية عدة طعنات قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الأول: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". (ب) أحرز بغير ترخيص ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري السالف ذكره حال كونه غير مرخص له في حيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى....... و....... بصفتهما وعن نفسهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ ستمائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، 1/ 1، 6، 25 مكرراً، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحقان بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ستمائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنه اختتم مرافعته طالباً سماع أقوال شاهد الإثبات......، غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وأطرحته بما لا يسوغ إطراحه، كما أن المدافع عن الطاعن قد أشار في دفاعه إلى أن أقوال الشاهد....... كانت وليدة إكراه وقع عليه، وقد عدل الشاهد عن هذه الأقوال بالجلسة وذكر أن أقواله الأولى كانت وليدة إكراه وقع عليه من شقيق المجني عليه إلا أن الحكم استند إلى أقوال ذلك الشاهد دون أن يعنى بالرد على هذا الدفاع، بما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الدفاع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً أصلياً البراءة واحتياطياً سماع الشاهد......، بيد أن المحكمة قضت في الدعوى وأوردت في حكمها رداً على الطلب المار ذكره قولها: "وحيث إنه وعن طلب المحامي الآخر عن المتهم الأول سماع أقوال شاهد الإثبات فإنه فضلاً عن أنه والمحامي الأول عن ذات المتهم سبق وأن اكتفيا بأقواله وتم تلاوتها بالجلسة وأن المحامي الأول (الدفاع الرئيسي عن المتهم) لم يبد نفس الطلب فإن المحامي الآخر لم يطلب ذلك على سبيل الجزم والتصميم وإنما كان طلبه على سبيل الاحتياط في حالة عدم القضاء بالبراءة الأمر الذي تستشف منه المحكمة أن طلبه ذاك لم يكن جدياً، ومن ثم فالمحكمة تلتفت عنه". لما كان ذلك، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التي تحصل أمام نفس القاضي الذي أصدر الحكم, وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه، إذ أساس المحاكمة الجنائية هو حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الذي يجريه بنفسه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو لا توحي، ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، مما ينبني عليه أن على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشاهدة من فم الشاهد ما دام سماعه ممكناً ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمناً لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغاته أو اضطرابه وغير ذلك مما يعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها، وكان لا يجوز للمحكمة الافتئات على هذا الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، بحيث إذا لم تفعل على الرغم من تمسك المدافع عن الطاعن بسماع شاهد الإثبات ورفضت هذا الطلب واعتمدت في حكمها على التحقيقات التي جرت - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على طلب الطاعن، ذلك أن من المقرر أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لا زال مفتوحاً، فنزول الطاعن عن طلب سماع الشاهد لا يسلبه حقه في العدول عن ذلك النزول والتمسك بتحقيق ما يطلبه ما دامت المرافعة دائرة. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لم تلتزم هذا النظر فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن أنه يبين من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم أن الشاهد........ عدل عن أقواله الأولى بالتحقيقات مقرراً أنها صدرت عنه تحت تأثير إكراه وقع عليه من شقيق المجني عليه........ وتهديده إياه بالرسوب في الامتحان لكونه مدرسه إن لم يشهد بما أملاه عليه وأضاف أنه لم يشاهد الحادث، كما طعن المدافع عن الطاعن على أقوال هذا الشاهد بالتحقيقات وذكر أن هذا الأخير كان تحت تأثير إكراه وقع عليه من شقيق المجني عليه سالف الذكر، كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال هذا الشاهد بتحقيقات النيابة العامة، دون أن يعرض إلى دفاع الطاعن أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في إدانة الطاعن على أقوال الشاهد المذكور بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلى بها الشاهد نتيجة إكراه وقع عليه ويقول كلمته فيها يكون معيباً بالقصور في التسبيب، ولا يغنى عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذ سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى وذلك بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر والذي صدر الحكم بالنسبة له غيابياً فلا يمتد إليه أثر النقض.

الطعن 49867 لسنة 59 ق جلسة 14 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 171 ص 1189

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي والسعيد برغوث.

------------------

(171)
الطعن رقم 49867 لسنة 59 القضائية

(1) جريمة "أركانها". دعارة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1961. تميز كل منها عن الأخرى من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها.
إطلاق الشارع حكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور بحيث تتناول شتى صور التحريض على البغاء وتسهيله للذكر والأنثى على السواء. قصره تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على الأنثى التي تمهد لها صورة معينة من صور المساعدة والتسهيل وهي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي بشتى سبله كلياً أو جزئياً وما يستلزمه من الاستدامة زمناً طال أم قصر.
جريمة التحريض على البغاء. عدم قيامها إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرضة. أساس ذلك؟
مثال.
(2) دعارة. جريمة "أركانها". اشتراك. قصد جنائي.
الاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة مع الناس بغير تمييز. تتحقق به أركان الجريمة سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو لبغاء الأنثى. أساس ذلك؟
تنسب الدعارة إلى المرأة حين تبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز. وينسب الفجور إلى الرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز. أساس ذلك؟
الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة. ماهيته؟
ارتكاب الطاعن الفحشاء مع امرأة في مسكن يدار للدعارة لقاء أجر. لا يوفر في حقه جريمتي الاعتياد على ممارسة الفجور أو الاشتراك في الاعتياد على ممارسة الدعارة. علة ذلك؟
(3) دعارة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
"الحكم في الطعن".
إدانة الطاعن بجريمة ارتكاب الفحشاء مع امرأة بغي. خطأ في تطبيق القانون يوجب نقضه والقضاء بالبراءة. علة ذلك؟
(4) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر النقض للمحكوم عليهم الذين لم يكونوا طرفاً في الخصومة الاستئنافية.

-------------------
1 - من المقرر أن القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص في مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها عن الأخرى - من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها - وإن كانت في عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة وما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال، وإذ كان القانون المذكور قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه" بينما نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي". فقد دل بالصيغة العامة التي تضمنتها المادة الأولى على إطلاق حكمها بحيث تتناول صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء بينما قصر نطاق تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة بعد هذا التعميم على دعارة الأنثى والتي تمهد لها صورة معينة من صورة المساعدة والتسهيل هي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي فحسب بشتى سبله كلياً أو جزئياً. لما كان ذلك، وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أو الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المُحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحَرض، وإذ كان البين من تحصيل الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لواقعة الدعوى أن الطاعن ضبط مع امرأة ساقطة - المتهمة الثانية - في مسكن يدار للدعارة وأقر الطاعن بارتكاب الفحشاء مع المتهمة لقاء أجر، وأقرت المتهمة المذكورة بممارستها للدعارة، وكان ما صدر من الطاعن من نشاط حسبما خلص إليه الحكم المطعون فيه يخرج عن نطاق تطبيق المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 ما دام أن الطاعن إنما قصد به ارتكاب الفحشاء مع المرأة ولم يقصد به تحريضها أو مساعدتها على ممارسة الدعارة مع الغير بدون تمييز أو تسهيل ذلك لها والذي استلزم الشارع انصراف قصد الجاني إلى تحقيقه، كما لا يتحقق به معنى المعاونة حسبما عرفها نص الفقرة الأولى من المادة السادسة المشار إليها لاقتصار الشارع في تأثيم المعاونة على صورة الإنفاق على البغي وتأمين طريقها إلى الدعارة وما يستلزمه الإنفاق من الاستدامة زمناً طال أو قصر، فلا يتحقق بمجرد أداء أجر للبغي مقابل ممارسة الفحشاء معها ولو كانت قد اعتادت ممارسة الدعارة، ومن ثم فإن الفعل الذي وقع من الطاعن يخرج بدوره عن نطاق تطبيق تلك الفقرة.
2 - لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون 10 لسنة 1961 قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة" وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة المنصوص عليها فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها ويقابلها "الفجور" ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه. وكان الفعل الذي اقترفه الطاعن حسبما بينه الحكم وهو ارتكابه الفحشاء مع امرأة ساقطة في منزل يدار للدعارة لقاء أجر لا تتحقق به جريمة الاعتياد على ممارسة الفجور حسبما هي معرفة به في القانون لا يوفر في حقه من جهة أخرى الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنسوبة إلى المتهمة الثانية التي قدمت له المتعة بأي صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصده إلى الإسهام معها في نشاطها الإجرامي وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتها على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لها مباشرته أو في القليل يزيلا أو يذللا ما قد يعترض سبيلهما إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك.
3 - لما كان الفعل المسند إلى الطاعن لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ارتكاب الفحشاء مع امرأة بغي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعن.
4 - من المقرر أن أثر نقض الحكم لا يمتد لباقي المحكوم عليهم لأنهم لم يكونوا طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ومن ثم لم يكن لهم أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليهم أثره فضلاً عن عدم اتصال وجه الطعن الذي بني عليه نقض الحكم بهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه اشترك مع أخرى بطريق الاتفاق والمساعدة على ممارسة الفحشاء على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمواد 1/ أ، 9/ ب - ج، 10، 12، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادة 40/ 1 - 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز البدرشين قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اعتياد ممارسة الفحشاء مع النساء قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن ما اقترفه الطاعن أمر غير مؤثم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص في مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها عن الأخرى - من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها - وإن كانت في عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة وما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال، وإذ كان القانون المذكور قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه". بينما نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي". فقد دل بالصيغة العامة التي تضمنتها المادة الأولى على إطلاق حكمها بحيث تتناول صور التحريض على البغاء وتسهيله بالنسبة للذكر والأنثى على السواء بينما قصر نطاق تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة بعد هذا التعميم على دعارة الأنثى والتي تمهد لها صورة معينة من صور المساعدة والتسهيل هي المعاونة التي تكون وسيلتها الإنفاق المالي فحسب بشتى سبله كلياً أو جزئياً. لما كان ذلك، وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أن الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المُحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحَرض، وإذ كان البين من تحصيل الحكم الابتدائية المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لواقعة الدعوى أن الطاعن ضبط مع امرأة ساقطة - المتهمة الثانية - في مسكن يدار للدعارة وأقر الطاعن بارتكاب الفحشاء مع المتهمة لقاء أجر، وأقرت المتهمة المذكورة بممارستها للدعارة، وكان ما صدر من الطاعن من نشاط حسبما خلص إليه الحكم المطعون فيه يخرج عن نطاق تطبيق المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 ما دام أن الطاعن إنما قصد به ارتكاب الفحشاء مع المرأة ولم يقصد به تحريضها أو مساعدتها على ممارسة الدعارة مع الغير بدون تمييز أو تسهيل ذلك لها والذي استلزم الشارع انصراف قصد الجاني إلى تحقيقه، كما لا يتحقق به معنى المعاونة حسبما عرفها نص الفقرة الأولى من المادة السادسة المشار إليها لاقتصار الشارع في تأثيم المعاونة على صورة الإنفاق على البغي وتأمين طريقها إلى الدعارة وما يستلزمه الإنفاق من الاستدامة زمناً طال أو قصر، فلا يتحقق بمجرد أداء أجر للبغي مقابل ممارسة الفحشاء معها ولو كانت قد اعتادت ممارسة الدعارة. ومن ثم فإن الفعل الذي وقع من الطاعن يخرج بدوره عن نطاق تطبيق تلك الفقرة. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون سالف الذكر قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة" وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة المنصوص عليها فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها ويقابلها "الفجور" ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه. وكان الفعل الذي اقترفه الطاعن حسبما بينه الحكم على السياق المتقدم لا تتحقق به جريمة الاعتياد على ممارسة الفجور حسبما هي معرفة به في القانون، لا يوفر في حقه من جهة أخرى الاشتراك في جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنسوبة إلى المتهمة الثانية التي قدمت له المتعة بأي صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات لعدم انصراف قصده إلى الإسهام معها في نشاطها الإجرامي وهو الاعتياد على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو إلى مساعدتها على مباشرة هذا النشاط بتقديم الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر لها مباشرته أو في القليل يزيلا أو يذللا ما قد يعترض سبيلهما إليه من حوائل أو عقبات وهو ما ينتفي به الركن المعنوي اللازم لتجريم فعل الشريك. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعن كما حصله الحكم لا يندرج تحت أي نص عقابي آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ارتكاب الفحشاء مع امرأة بغي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعن وذلك دون حاجة لبحث الوجه الآخر للطعن ودون أن يمتد أثر نقض الحكم لباقي المحكوم عليهم لأنهم لم يكونوا طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ومن ثم يكن لهم أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليهم أثره فضلاً عن عدم اتصال وجه الطعن الذي بني عليه نقض الحكم بهم.