الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 يوليو 2014

الطعن 5223 لسنة 70 ق جلسة 4 / 2 / 2001 مكتب فني 52 ق 35 ص 205

جلسة 4 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، فرغلي زناتي وعادل الحناوي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(35)
الطعن رقم 5223 لسنة 70 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد الحكم مضمون تقرير الصفة التشريحية الذي عول عليه في قضائه. عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه. لا يعيبه.
(2)
قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهما ووفاتهما نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
 (3)
دفوع "الدفع ببطلان القبض". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
 (4)
دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
النعي على الحكم اطمئنانه إلى سلامة وصحة اعتراف الطاعن. غير مقبول.
(5)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب حضور محام مع المتهم أمام محكمة الجنايات.
النعي على الحكم بأن أحد المحامين لم يقدم معونته للمتهم. لا محل له. ما دام الطاعن هو الذي استغنى عن معونته اكتفاء بالمحامي الذي تولى الدفاع عنه.
 (6)
دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان الاعتراف وبانتفاء المسئولية لوجود آفة عقلية ولإصابة الطاعن بمرض جنون السرقة.
 (7)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي. عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر. ما دام ما انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق.
(8)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه. علة ذلك؟
(9)
إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر في الدعوى. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
(10)
إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
أخذ الحكم بدليل احتمالي. غير قادح في سلامته. ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
(11)
إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشاهد أو اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة.
 (12)
إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
 (13)
قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل العمد في حق الطاعن.
 (14)
سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار.
 (15)
حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيبه الحكم ويبطله. ماهيته؟
 (16)
سرقة. جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
جناية السرقة المنصوص عليها في المادة 315 ثالثاً عقوبات. مناط تحققها؟
 (17)
إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(18)
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

--------------
1 - لما كان ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير، فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه.
2 - لما كان الحكم قد استظهر قيام رابطة السببية بين إصابات كل من المجني عليهما وبين وفاتهما، فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة كل منهما حدثت من الإصابات النارية وما أحدثته من تهتك بالأنسجة وما صاحبها من نزيف دموي حاد. وفي هذا ما يفصح عن أن الحكم كان على بينة من إصابات المجني عليهما وموضعها من جسم كل منهما والآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة كل منهما. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده عن تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد بعد أن بين الحكم الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية ومؤداه بياناً كافياً في تأييد الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة.
3 - لما كان من المقرر أنه لا يجوز إثارة الدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض - ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته - لكونه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً ينأى عن وظيفة هذه المحكمة وإذ كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع دفعاً ببطلان القبض عليه، ومن ثم لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها فضلاً عما أورده الحكم في شهادة شاهد الإثبات الأول - العقيد...... - من أن الطاعن هو الذي حضر إليه في مكتبه واعترف له بتفصيلات ارتكابه للحادث.
4 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان اعترافه على الأساس الذي يتحدث عنه - بوجه طعنه - لكونه وليد إكراه مادي، فليس له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تنحسر عن تحقيقها وظيفة محكمة النقض. فضلاً عما أورده الحكم في مدوناته من أن اعتراف الطاعن جاء صريحاً وواضحاً وعن حرية واختيار ودون ضغط أو وعد أو وعيد وأن المحكمة اطمأنت إلى سلامته وصحته، ومن ثم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة جنايات يتولى الدفاع عنه، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة في 20 من نوفمبر سنة 1999 حضور الأستاذ....... المحامي - موكلاً - مع المتهم وترافع على النحو المبين بمحضر الجلسة وشرح ظروف الدعوى وملابساتها وأبدى ما يعن له من أوجه دفاع ودفوع وانتهى إلى التصميم أصلياً على البراءة واحتياطياً على استعمال الرأفة مع طلب رفض الدعوى المدنية. والثابت في محضر ذات الجلسة حضور الأستاذ....... المحامي عن الدكتور....... المحامي، إلا أن المتهم قرر "أنه يكتفي بتوكيل الأستاذ...... المحامي واستغنى عن الأستاذ....... للدفاع عنه"، ومن ثم فإن النعي بأن المحامي الأخير لم يقدم معونته للمتهم لا يكون له محل لكون الطاعن هو الذي استغنى عن معونته له، اكتفاء بمحاميه الذي تولى الدفاع عنه.
6 - لما كان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن بدعوى بطلان اعترافه لكونه تم تحت ضغط نفسي جراء ما يعانيه من خلل في البنيان العقلي، وأنه لا يطابق الأدلة المادية للحادث، وأنه يعاني من مرض جنون السرقة - الباودينا - وهو ما يجعله غير مسئول عما يقع منه، وأطرحه في قوله: "إن التقرير الطبي العقلي الخاص بالمتهم والذي تطمئن إليه المحكمة أثبت أن المتهم لا يعاني من ثمة آفة عقلية وأنه المسئول عن الاتهام المنسوب إليه وأنه وقت ارتكاب الجريمة كان سليم التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة وغير مضطرب. ومن ثم، فلا سبيل إلا بتقرير مسئوليته الكاملة عن الجرم الذي ارتكبه، وأن المتهم قرر في صراحة ووضوح وعن حرية واختيار وبدون ضغط أو وعد أو وعيد أنه تسلم السلاح المضبوط من المدعوة..... وأنه ارتكب به جريمته بأن أطلق منه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليهما فأرداهما قتيلين واستولى على ما معهما من نقود وهو دليل يرتاح إليه وجدان المحكمة وتطمئن إلى سلامته وصحته، خاصة أنه تأيد بماديات الدعوى وتقرير الصفة التشريحية على النحو، السالف البيان وتأييد كذلك بما قررته المدعوة..... من أنها سلمت السلاح المضبوط للمتهم قبل الحادث وأنها تسلمته منه عقب ارتكابه للحادث كما أن المتهم بحكم عمله كضابط شرطة بارع في إزالة آثار بصماته من على السيارة التي استخدمها في الحادث". وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، دون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق.
8 - لما كان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من خبراء الطب الشرعي، ولجنة من خبراء الأمراض العقلية والنفسية لبيان حالته وتحديد مسئوليته، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها.
9 - لما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى، ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، وطالما كان استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون.
10 - من المقرر أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه، ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
11 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة.
12 - لما كان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين، ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال، طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يسوقه الطاعن من مطاعن في هذا الخصوص لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها أو مجادلتها فيها لدى محكمة النقض.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فالمحكمة تطمئن إلى توافرها لدى المتهم وذلك من وجوده بمكان الحادث بالصورة التي تكونت في عقيدتها ومن تعدد الإصابات بكل من المجني عليهما وتعمده استعمال سلاح قاتل بطبيعته وأن المتهم لم يترك المجني عليهما إلا بعد أن تأكد من أنهما فارقا الحياة وصارا جثتين هامدتين وغاصا في المياه حتى لا ينكشف أمره ويكون عرضة للعقاب إذا ما أبلغا عنه لسبق معرفتهما إياه..... وكان منطقياً أن تقفز إلى ذهن المتهم فكرة القتل وينفذها بالفعل حتى يتمكن من الاستيلاء على ما بحوزة المجني عليهما من نقود وحتى لا ينكشف أمره فيكون عرضة للعقاب أو على الأقل انتقام أسرتي المجني عليهما منه". فإن ما ساقه الحكم سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون.
14 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في قوله: "وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو ظاهر من مدونات الدعوى ذلك أن الثابت من اعتراف المتهم بالتحقيقات أنه كان يمر بضائقة مالية وأنه عندما استقل السيارة برفقة المجني عليهما علم أنهما حصّلا مبلغاً من المال لحساب الشركة وردت بذهنه فكرة التخلص منهما حتى يتمكن من الاستيلاء على ما بحوزتهما من نقود فطلب منهما أن يقود السيارة بنفسه فسمحا له بذلك لما تربطه بهما من صداقة قديمة وأثناء قيادته للسيارة فترة طويلة من الزمن ظلت فكرة القتل تلازمه ولا تنفك عنه وبقى له تنفيذ ما اعتزمه حين تواتيه الفرصة المناسبة وقد واتته حينما أوقف السيارة بمكان خال من المارة على حافة إحدى الترع وكان المجني عليهما بغير سلاح يغسلان وجهيهما من ماء الترعة فاقترف المتهم جريمته بعد أن فكر وقدر وحقق النتيجة التي انتوى تحقيقها وهي قتل المجني عليهما والاستيلاء على ما بحوزتهما من نقود". فإن الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه.
15 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم قد دلل - على نحو ما تقدم - على توافر نية القتل تدليلاً سائغاً وبما لا يتعارض مع ما ساقه من تدليل على توافر ظرف سبق الإصرار، فإن قالة التناقض تنحسر عنه.
16 - لما كانت جريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن قد وقعت في الطريق العام ليلاً حالة كونه يحمل سلاحاً ومن ثم تقوم بها الجناية المنصوص عليها في المادة 315 ثالثاً من قانون العقوبات، واقترنت بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، ومن ثم فقد برئ الحكم من قالة الخطأ في تطبيق القانون التي رماه بها الطاعن.
17 - وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة/ 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل بها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب. ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. ومن ثم، يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
18 - لما كان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال كل من العقيد..... والعقيد..... والرائد .... والمجند.... والمدعوة..... وما أثبته تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليهما، وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كما استظهر الحكم توافر نية القتل وسبق الإصرار والاقتران، وأطرح الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه في منطق سائغ، وحصل الحكم الدليل المتمثل في اعتراف المحكوم عليه بارتكابه الواقعة مستخدماً مسدساً في الاعتداء على المجني عليهما حتى أرداهما قتيلين وكذا أقوال شهود الإثبات بما يتفق وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ويتلاءم معه، واستظهر كذلك ظرف الاقتران بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة كما هو معرّف في القانون، وقد صدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها الفصل في الدعوى، ولم يصدر - من بعده - قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة للمحكوم عليه، فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ( أ ) قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وعقد العزم المصمم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" وما أن تمكن منه حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر (1) قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم المصمم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" وما أن تمكن منه حتى أطلَق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) سرق بالطريق العام - أسيوط دار السلام - المبالغ النقدية المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ....... وكان ذلك ليلاً وحالة كونه يحمل سلاحاً "مسدس". (ب) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخن "مسدس" (ج) أحرز ذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى - والد المجني عليه الأول - مدنياً قبله بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء - عملاً بالمواد 230، 234/ 2، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 27 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول الثالث الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات........ للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قررت إحالة الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 13، 230، 234/ 2، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول الثالث الملحق والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات - وبإجماع الآراء بمعاقبته بالإعدام شنقاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايتي قتل عمد مع سبق الإصرار وسرقة في طريق عام ليلاً مع حمل سلاح وإحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون. ذلك بأنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية الذي عول عليه في الإدانة واكتفى بإيراد نتيجته دون الأسباب التي انتهى منها إلى تلك النتيجة، ولم يستظهر سبب وفاة المجني عليهما، وأغفل الرد على الدفع ببطلان القبض على الطاعن لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة تلبس، كما أغفل دفعه ببطلان الاعتراف المعزو إليه لكونه وليد إكراه وتعذيب هذا إلى أن محامياً حضر عن الأستاذ...... المحامي ولم يبد دفاعاً في الدعوى وأطرح الحكم - دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته عن الحادث لإصابته بمرض جنون السرقة - الباودينا - مما يفقده السيطرة على إرادته ويجعله في حالة عدم اتزان بما لا يسوغ إطراحه مستنداً - في ذلك - إلى تقرير مستشفى الصحة النفسية والأمراض العقلية رغم قصوره، وملتفتاً عن التقرير الاستشاري المقدم إثباتاً لهذا الدفاع، هذا إلى عدم اتفاق الاعتراف المعزو إلى الطاعن مع الدليل الفني في شأن تحديد وقت ارتكاب الحادث، وعدم تطابق تصويره لكيفية حدوث إصابات المجني عليهما مع ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية، فضلاً عن خلو السيارة من أية بصمات للطاعن. وأطرح الحكم دفع الطاعن بعدم مسئوليته على سند مما شهد به نائب كبير الأطباء الشرعيين بالجلسة، رغم ابتناء أقواله على الترجيح وليس القطع واليقين وكان يتعين ندب لجنة من خبراء الطب الشرعي لتحقيق هذا الدفاع، وهو ما لم تفعله المحكمة كما لم تجب الطاعن إلى طلبه ندب لجنة من أطباء الأمراض العقلية والنفسية لبيان حالته. ولم تحقق دفاعه بأن الأعيرة النارية التي أصابت المجني عليهما ولم تطلق من سلاح واحد، وأن المقذوف المستخرج من جثة المجني عليه الأول لم يطلق من السلاح الناري المضبوط. وأغفلت طلبه إرسال فارغ الطلقتين اللتين عثر عليهما بمسرح الجريمة إلى مصلحة الأدلة الجنائية لبيان ما إذا كانا قد أطلقا من سلاح واحد من عدمه، وإرسال ذلك المقذوف إلى معمل التحليل الكيماوي لبيان ما إذا كان قد أطلق من السلاح المضبوط من عدمه. واستظهر الحكم نيّة القتل وظرف سبق الإصرار في حق الطاعن بما لا يسوغ توافرهما، هذا إلى أنه في حين أورد في مدوناته أن فكرة القتل قفزت في ذهن الطاعن ونفذها بالفعل، وأورد ما يفيد أن تلك الفكرة جالت بخاطره أثناء قيادته السيارة ولم تنفك عنه وصمم على ارتكاب جريمته. وأخيراً فإن جريمة السرقة لا تشكل الجناية المنصوص عليها في المادة 315/ ثالثاً عقوبات. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أن الطاعن يسلك سلوكاً معيباً منذ أن عين ضابطاً بالشرطة عام.... فهو يخالط من هم دون المستوى، وسبق له الاستيلاء على مبالغ نقدية كانت في حوزة اثنين كانا محتجزين - على سبيل التحري - في مقر عمله، ويخل بواجباته الوظيفية، وأجريت معه تحقيقات ووقع عليه الكثير من الجزاءات الإدارية، وتم إيقافه عن العمل وسحب السلاح الأميري عهدته. وكانت تربطه علاقة عاطفية بالمدعوة...... التي سلمته المسدس الخاص بزوجها - بعد أن علمت بوقفه عن العمل وبما ساءه من سحب السلاح منه - وفي تاريخ الحادث كان موجوداً أمام نقطة مرور.... فأبصر السيارة الخاصة بشركة.... وبداخلها المجني عليهما اللذين تربطه بهما صداقة - منذ أن كان رئيساً لنقطة شرطة..... التابعة لمركز شرطة..... والتي تقع على الطريق الذي اعتاد المجني عليهما سلوكه حال قيامهما بتوزيع منتجات الشركة من الشاي على عملائها - فرافقهما في السيارة. وعلم - حال الحديث معهما - أن المجني عليه الأول قام بتحصيل مبلغ ثلاثة وأربعين ألف جنيه من عملاء الشركة فوجدها فرصة للاستيلاء على ذلك المبلغ لكونه يمر بضائقة مالية بعد وقفه عن العمل فعقد العزم وصمم على قتل المجني عليهما حتى يتمكن من الاستيلاء على ما بحوزتهما من نقود فطلب منهما السماح له بقيادة السيارة، وكان له ما طلب، وأخذ يجوب مختلف الطرق بحثاً عن المكان المناسب لتنفيذ ما انتواه حتى توقف على حافة إحدى الترع بالقرب من قرية...... التابعة لمركز..... وأوهمهما بأن التعب قد حل به من جراء تجواله وهو يقود السيارة، وطلب منهما غسل وجهيهما في ماء الترعة للإفاقة من عناء السفر فامتثلا لنصيحته، وحال وقوفهما على حافة الترعة عاجلهما بإطلاق النار عليهما - من المسدس الذي كان يحرزه - قاصداً قتلهما فسقطا في المياه وظل يطلق النار عليهما بعد سقوطهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. ثم قاد السيارة حتى المكان الذي عثر عليها فيه، وأخذ منها الحقيبة الجلدية - عهدة المجني عليه.... واستولى على المبالغ النقدية التي كانت بها - والتي تجاوزت الأربعة آلاف جنيه - ووضع بالحقيبة بعض الأحجار وألقاها في مياه الترعة بجوار جسر الدير، ثم توجه إلى مدينة....... حيث سلم المسدس الذي استخدمه في ارتكاب الحادث إلى من كان قد تسلمه منها، كما سلمها المبلغ المتحصل عليه من الجريمة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بهذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة كل من العقيد...... والعقيد..... والرائد..... والمجند..... ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وأقوال..... وما أثبته تقرير الصفة التشريحية. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن - منفرداً - أطلق على المجني عليهما أعيرة نارية أحدثت إصاباتهما، وعول - ضمن ما عول عليه - على ما جاء بتقرير الصفة التشريحية الذي تضمن أن إصابات المجني عليه.... نشأت من إصاباته النارية وما نشأ عنها من انفجار بمقلة العين اليمنى وكسور بعظام الجمجمة وتهتك ونزيف بالمخ وتهتك بالكبد وبالحجاب الحاجز وبالأمعاء الدقيقة والغليظة وبالرئة والعضلات والأوعية الدموية بالطرف العلوي الأيمن وما صاحب ذلك من نزيف دموي حاد وأن إصابات المجني عليه...... حدثت من إصاباته النارية بالرأس والعنق والصدر والطرف السفلي الأيسر وما نشأ عنها من كسور بعظام الجمجمة وتهتك ونزيف بالمخ وتهتك بالأوعية الدموية بيمين العنق وتهتك بالقصبة الهوائية وتهتك بالرئة اليسرى وما صاحب ذلك من نزيف دموي حاد، وأن السلاح المضبوط طبنجة عيار 9 مم طويل مششخن الماسورة وصالحة للاستعمال وأطلقت في تاريخ قد يتفق وتاريخ الحادث تطابق أوصافه وأوصاف السلاح الذي قرر الطاعن باستخدامه في الحادث وأن إصابات المجني عليهما التي أودت بحياتهما جائزة الحدوث من مثل السلاح المضبوط ومن مثل مقذوفات الطلقتين الفارغتين المضبوطتين. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير، فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه، كما أن الحكم قد استظهر قيام رابطة السببية بين إصابات كل من المجني عليهما وبين وفاتهما، فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة كل منهما حدثت من الإصابات النارية وما أحدثته من تهتك بالأنسجة وما صاحبها من نزيف دموي حاد. وفي هذا ما يفصح عن أن الحكم كان على بينة من إصابات المجني عليهما وموضعها من جسم كل منهما والآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة كل منهما. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده عن تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد، بعد أن بين الحكم الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية ومؤداه بياناً كافياً في تأييد الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز إثارة الدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض - ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته - لكونه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً ينأى عن وظيفة هذه المحكمة. وإذ كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع دفعاً ببطلان القبض عليه. ومن ثم، لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. فضلاً عما أورده الحكم في شهادة شاهد الإثبات الأول - العقيد....... - من أن الطاعن هو الذي حضر إليه في مكتبه واعترف له بتفصيلات ارتكابه للحادث. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان اعترافه على الأساس الذي يتحدث عنه - بوجه طعنه - لكونه وليد إكراه مادي، فليس له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تنحسر عن تحقيقها وظيفة محكمة النقض. فضلاً عما أورده الحكم في مدوناته من أن اعتراف الطاعن جاء صريحاً وواضحاً وعن حرية واختيار ودون ضغط أو وعد أو وعيد وأن المحكمة اطمأنت إلى سلامته وصحته ومن ثم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة جنايات يتولى الدفاع عنه، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة في 20 من نوفمبر سنة 1999 حضور الأستاذ...... المحامي، - موكلاً - مع المتهم وترافع على النحو المبين بمحضر الجلسة وشرح ظروف الدعوى وملابساتها وأبدى ما يعن له من أوجه دفاع ودفوع وانتهى إلى التصميم أصلياً على البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة مع طلب رفض الدعوى المدنية. والثابت في محضر ذات الجلسة حضور الأستاذ...... المحامي عن الدكتور..... المحامي، إلا أن المتهم قرر "أنه يكتفي بتوكيل الأستاذ..... المحامي واستغنى عن الأستاذ..... للدفاع عنه. ومن ثم، فإن النعي بأن المحامي الأخير لم يقدم معونته للمتهم لا يكون له محل، لكون الطاعن هو الذي استغنى عن معونته له، اكتفاء بمحاميه الذي تولى الدفاع عنه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن بدعوى بطلان اعترافه لكونه تم تحت ضغط نفسي جراء ما يعانيه من خلل في البنيان العقلي، وأنه لا يطابق الأدلة المادية للحادث، وأنه يعاني من مرض جنون السرقة - الباودينا - وهو ما يجعله غير مسئول عما يقع منه، وأطرحه في قوله: "إن التقرير الطبي العقلي الخاص بالمتهم والذي تطمئن إليه المحكمة أثبت أن المتهم لا يعاني من ثمة آفة عقلية وأنه المسئول عن الاتهام المنسوب إليه وأنه وقت ارتكاب الجريمة كان سليم التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة وغير مضطرب. ومن ثم، فلا سبيل إلا بتقرير مسئوليته الكاملة عن الجرم الذي ارتكبه. وأن المتهم قرر في صراحة ووضوح وعن حرية واختيار وبدون ضغط أو وعد أو وعيد أنه تسلم السلاح المضبوط من المدعوة....... وأنه ارتكب به جريمته بأن أطلق منه عدة أعيرة نارية صوب المجني عليهما فأرداهما قتيلين واستولى على ما معهما من نقود وهو دليل يرتاح إليه وجدان المحكمة وتطمئن إلى سلامته وصحته خاصة أنه تأيد بماديات الدعوى وتقرير الصفة التشريحية على النحو السالف البيان وتأيد كذلك بما قررته المدعوة..... من أنها سلمت السلاح المضبوط للمتهم قبل الحادث وأنها تسلمته منه عقب ارتكابه للحادث، كما أن المتهم بحكم عمله كضابط شرطة بارع في إزالة آثار بصماته من على السيارة التي استخدمها في الحادث". وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة، كما أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، دون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان الاعتراف وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وإلى ما تضمنه التقرير الطبي العقلي الخاص بالطاعن وأطرحت المحكمة - في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض. وهي غير ملزمة - من بعد - أن ترد استقلالاً على تقرير الخبير الاستشاري الذي لم تأخذ به. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من خبراء الطب الشرعي، ولجنة من خبراء الأمراض العقلية والنفسية لبيان حالته وتحديد مسئوليته. ومن ثم، فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد في مدوناته من تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليهما التي أودت بحياتهما جائزة الحدوث من مثل السلاح المضبوط وأن الطلقتين الفارغتين المضبوطتين من نفس نوع وعيار الطلقات التي تستخدم على مثل هذا السلاح المضبوط وأن إصابات المجني عليهما جائزة الحدوث من مثل مقذوفات هاتين الطلقتين ولا يوجد فنياً ما يتعارض وجواز إطلاق هاتين الطلقتين من مثل السلاح المضبوط. وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، وطالما كان استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه، ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، وكان البين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الأدلة على يقين ثابت لا على افتراض لم يصح، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة، ولما كانت أقوال الطاعن - كما أوردها الحكم - لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني. وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال، طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يسوقه الطاعن من مطاعن في هذا الخصوص لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها أو مجادلتها فيها لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فالمحكمة تطمئن إلى توافرها لدى المتهم وذلك من وجوده بمكان الحادث بالصورة التي تكونت في عقيدتها ومن تعدد الإصابات بكل من المجني عليهما وتعمده استعمال سلاح قاتل بطبيعته وأن المتهم لم يترك المجني عليهما إلا بعد أن تأكد من أنهما فارقا الحياة وصار جثتين هامدتين وغاصا في المياه حتى لا ينكشف أمره ويكون عرضة للعقاب إذا ما أبلغا عنه لسبق معرفتهما إياه...... وكان منطقياً أن تقفز إلى ذهن المتهم فكرة القتل وينفذها بالفعل حتى يتمكن من الاستيلاء على ما بحوزة المجني عليهما من نقود وحتى لا ينكشف أمره فيكون عرضة للعقاب أو على الأقل انتقام أسرتي المجني عليهما منه". فإن ما ساقه الحكم سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به القانون، ويكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في قوله. "وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو ظاهر من مدونات الدعوى ذلك أن الثابت من اعتراف المتهم بالتحقيقات أنه كان يمر بضائقة مالية وأنه عندما استقل السيارة برفقة المجني عليهما علم أنهما حصّلا مبلغاً من المال لحساب الشركة وردت بذهنه فكرة التخلص منهما حتى يتمكن من الاستيلاء على ما بحوزتهما من نقود فطلب منهما أن يقود السيارة بنفسه فسمحا له بذلك لما تربطه بهما من صداقة قديمة وأثناء قيادته للسيارة فترة طويلة من الزمن ظلت فكرة القتل تلازمه ولا تنفك عنه وبقى له تنفيذ ما اعتزمه حين تواتيه الفرصة المناسبة وقد واتته حينما أوقف السيارة بمكان خال من المارة على حافة إحدى الترع وكان المجني عليهما بغير سلاح يغسلان وجهيهما من ماء الترعة فاقترف المتهم جريمته بعد أن فكر وقدر وحقق النتيجة التي انتوى تحقيقها وهي قتل المجني عليهما والاستيلاء على ما بحوزتهما من نقود". فإن الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه. ومن ثم، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم قد دلل - على نحو ما تقدم - على توافر نية القتل تدليلاً سائغاً وبما لا يتعارض مع ما ساقه من تدليل على توافر ظرف سبق الإصرار، فإن قالة التناقض تنحسر عنه، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكانت جريمة السرقة التي ارتكبها الطاعن قد وقعت في الطريق العام ليلاً حالة كونه يحمل سلاحاً ومن ثم تقوم بها الجناية المنصوص عليها في المادة 315 ثالثاً من قانون العقوبات واقترنت بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، ومن ثم فقد برئ الحكم من قالة الخطأ في تطبيق القانون التي رماه بها الطاعن. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها، دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. ومن ثم، يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال كل من العقيد...... والعقيد...... والرائد...... والمجند...... والمدعوة...... وما أثبته تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليهما، وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كما استظهر الحكم توافر نية القتل وسبق الإصرار والاقتران، وأطرح الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليه ودحضه في منطق سائغ، وحصل الحكم الدليل المتمثل في اعتراف المحكوم عليه بارتكابه الواقعة مستخدماً مسدساً في الاعتداء على المجني عليهما حتى أرداهما قتيلين وكذا أقوال شهود الإثبات بما يتفق وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ويتلاءم معه، واستظهر كذلك ظرف الاقتران بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة كما هو معرّف في القانون، وقد صدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها الفصل في الدعوى، ولم يصدر - من بعده - قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة للمحكوم عليه، فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 16359 لسنة 68 ق جلسة 4 / 2 / 2001 مكتب فني 52 ق 34 ص 198

جلسة 4 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، فرغلي زناتي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

------------------

(34)
الطعن رقم 16359 لسنة 68 القضائية

 (1)حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لم يشترط القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2)
حكم "بيانات الديباجة". محكمة الجنايات "تشكيلها". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الحكم ومحضر الجلسة من إثبات اسم ممثل النيابة. لا يعيبه. ما دام ثابت في مدوناته أن النيابة العامة ممثلة في الدعوى وأبدت طلباتها.
 (3)
تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
 (4)
دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المكاني". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لرد سائغ على الدفع بتجاوز ضابط الواقعة لاختصاصه المكاني.
 (5)
إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(6)
إثبات "بوجه عام" "شهود". مخدرات. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إسناد الحكم للشاهد بأن تحرياته دلت أن الطاعن يحرز مواد مخدرة في حين أن الشاهد قرر أنه يقوم بالإتجار في مخدر الهيروين. لا يعيبه. علة ذلك؟
(7)
إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(8)
مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطاتها في تقدير الدليل".
إحراز المخدر بقصد الإتجار. واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
(9)
حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(10)
مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع الاطمئنان للتحريات كمسوغ لإصدار إذن التفتيش وإطراحها في خصوص توافر قصد الإتجار. لا تناقض.

--------------
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ في الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الوقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن بدعوى بطلان الحكم لخلوه ومحضر الجلسة من إثبات اسم ممثل النيابة فإن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد سهو مادي لا يترتب عليه أي بطلان طالما أن الثابت في مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة كانت ممثلة في الدعوى وأبدت طلباتها. ومن ثم، يكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتجاوز ضابط الواقعة لاختصاصه المكاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع عن قالة تجاوز ضابط الواقعة الحدود المكانية لمصدر الإذن على سند من القول بأنه قد تم ضبط المتهم بطريق مصر الإسماعيلية بجوار...... بعد إطلاق النار على السيارة فإن ذلك مردود باطمئنان إلى أن ضبط المتهم وتفتيشه إنما قد تما بدائرة قسم...... اطمئناناً من المحكمة إلى أن ما جرى من تحريات جدية وصدر بناءً عليها إذن النيابة العامة إنما قد انصبا على ضبط المتهم حال تردده على دائرة قسم....... خاصة وقد أجريت تلك التحريات في الساعة 11.45 صباح يوم...... وصدر الإذن بذات التاريخ في الساعة الثانية ظهراً قبل الضبط بالإضافة إلى أن وجود الثقب بالرفرف الأيمن الخلفي للسيارة وبقايا الزجاج حسبما ثبت من معاينة هيئة المحكمة لها لا يقطع بالقول بأن إطلاق نار قد تم على السيارة في ذلك المكان المقال به وفي ذلك التوقيت خاصة وقد خلت الأوراق من ثمة دليل يساند ذلك القول الأمر الذي تطمئن معه المحكمة على أن ضبط المتهم وتفتيشه إنما قد تما بدائرة قسم...... مما يضحى ما أثاره الدفاع في هذا الشأن خليق برفضه" وكان رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الشأن كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه.
5 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
6 - لما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه أسند للشاهد الرائد........ قوله بأن "التحريات السرية قد دلت على أن الطاعن يحرز مواد مخدرة" مخدر الهيروين في حين أن حقيقة ما قرره الشاهد سالف الذكر أن المتهم الطاعن يقوم بالإتجار في مخدر الهيروين فإن كلا التعبيرين يلتقيان في المضمون ذلك أن الإتجار في المخدرات لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الإتجار ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
8 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
9 - لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
10 - لما كان من حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليها مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 9 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" مجرداً من القصود قد شابه القصور والتناقض في التسبيب واعتراه البطلان والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة ولم يلم بوقائع الدعوى وأدلتها وخلا محضر الجلسة وديباجة الحكم المطعون فيه من اسم ممثل النيابة وأطرح الحكم الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ إطراحه. كما أطرح الدفع بتجاوز ضابط الواقعة حدود اختصاصه المكاني بما لا يسوغ إطراحه هذا إلى أن ما أورده الحكم من أقوال الرائد...... من أن تحرياته السرية دلت على أن الطاعن يحرز مواد مخدرة "مخدر الهيروين" يخالف ما شهد به بالتحقيقات من أن الطاعن يقوم بالإتجار بمخدر الهيروين كما أحال الحكم في بيان مضمون أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده مضموناً لأقوال الشاهد الأول وأخيراً فقد حصل مضمون تحريات وأقوال الشاهد الأول بما يفيد توافر قصد الإتجار لدى الطاعن ثم عاد ونفى هذا القصد كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بدعوى بطلان الحكم لخلوه ومحضر الجلسة من إثبات اسم ممثل النيابة، فإن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد سهو مادي لا يترتب عليه أي بطلان طالما أن الثابت في مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة كانت ممثلة في الدعوى وأبدت طلباتها. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتجاوز ضابط الواقعة لاختصاصه المكاني وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع عن قالة تجاوز ضابط الواقعة الحدود المكانية لمصدر الإذن على سند من القول بأنه قد تم ضبط المتهم بطريق مصر الإسماعيلية بجوار...... بعد إطلاق النار على السيارة فإن ذلك مردود باطمئنان إلى أن ضبط المتهم وتفتيشه إنما قد تما بدائرة قسم...... اطمئناناً من المحكمة إلى أن ما جرى من تحريات جدية وصدر بناءاً عليها إذن النيابة العامة إنما قد انصبا على ضبط المتهم حال تردده على دائرة....... خاصة، وقد أجريت تلك التحريات في الساعة 11.45 صباح يوم...... وصدر الإذن بذات التاريخ في الساعة الثانية ظهراً قبل الضبط بالإضافة إلى أن وجود الثقب بالرفرف الأيمن الخلفي للسيارة وبقايا الزجاج حسبما ثبت من معاينة هيئة المحكمة لها لا يقطع بالقول بأن إطلاق نار قد تم على السيارة في ذلك المكان المقال به وفي ذلك التوقيت خاصة وقد خلت الأوراق من ثمة دليل يساند ذلك القول الأمر الذي تطمئن معه المحكمة على أن ضبط المتهم وتفتيشه إنما قد تما بدائرة قسم...... مما يضحى ما أثاره الدفاع في هذا الشأن خليق برفضه" وكان رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الشأن كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه. فإن منعى الطاعن عليه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه أسند للشاهد الرائد........ قوله بأن "التحريات السرية قد دلت على أن الطاعن يحرز مواد مخدرة "مخدر الهيروين" في حين أن حقيقة ما قرره الشاهد سالف الذكر أن المتهم الطاعن يقوم بالإتجار في مخدر الهيروين، فإن كلا التعبيرين يلتقيان في المضمون، ذلك أن الإتجار في المخدرات لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الإتجار ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال النقيب....... متفقة مع أقوال الرائد....... التي أحال عليها الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وأن من حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ومن سلطتها التقديرية – أيضاً - أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط مجريها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار وأقام تقريره في ذلك على ما يسوغه، فإن ما يثيره من دعوى التناقض يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
.

الطعن 16360 لسنة 68 ق جلسة 5 / 2 / 2001 مكتب فني 52 ق 37 ص 228

جلسة 5 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

---------------

(37)
الطعن رقم 16360 لسنة 68 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(2)
مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". استدلالات.
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم. غير لازم. له الاستعانة فيما يجريه من تحريات بمعاونيه من رجال السلطة العامة والشرطة السريين ومن يتولون إبلاغه بالجرائم.
 (3)
دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". إذن التفتيش "إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4)
دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نيابة عامة.
اختصاص النيابة العامة وحدها دون القاضي الجزئي بإصدار الإذن بالقبض وتفتيش المتهم بارتكاب جناية أو جنحة.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
مثال.
(5)
دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. اكتفاءً بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (6)
تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير القصد الجنائي".
عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل فيها. لا يعيبه. ما دامت الوقائع تفيد توافره.
تقدير توافر العلم بالتقليد. موضوعي.
 (7)
تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بعدم قيام الجريمة".
التشابه بين العملة المقلدة والصحيحة بما يجعلها مقبولة في التعامل على نحو يخدع الناس. كفايته للعقاب على جريمة حيازتها أو ترويجها.
إثبات الحكم أن الأوراق التي عوقب الطاعنان بمقتضاها يمكن أن ينخدع بها بعض الناس ويقبلونها في التعامل. كفايته رداً على الدفع بعدم قيام الجريمة لعدم إتقان التقليد.
(8)
إثبات "خبرة". تقليد. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعنين بأن الفحص لم يشمل جميع أحراز العملة المضبوطة. موضوعي. لا ينفي عنهما حيازة العملة المقلدة. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة - على ما سلف بيانه - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - لما كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم فله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات في أن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم حصول الإذن بذلك من القاضي الجزئي عملاً بنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية وأطرحه بقوله "إنه مردود بأن الثابت من مطالعة إذن النيابة العامة بضبط المتهم الثاني وتفتيشه أنه جاء قاصراً فحسب على تفتيش شخص المتهم دون تفتيش ثمة مسكن، ومن ثم فإنه يخرج بذلك عن نطاق المادة 206 أ. ج وفضلاً عن ذلك فإن البين من مطالعة ذلك الإذن أنه جاء مسبباً على خلاف ما يدعيه الدفاع ومن ثم فإن كافة ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة تختص دون القاضي الجزئي - بإصدار الإذن بتفتيش متهم دلت التحريات على ارتكابه جناية أو جنحة، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التحريات السرية قد دلت على أن المتهم الثاني - الطاعن الثاني - يحوز ويحرز أوراقاً مالية مزيفة بقصد ترويجها، فإن النيابة العامة وحدها - دون القاضي الجزئي - تكون مختصة بإصدار الإذن بالقبض والتفتيش، ومن ثم فلا مجال لإعمال ما أوجبته المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية في هذا الصدد، ويكون دفاع الطاعن في هذا الخصوص دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. وذلك دون الخوض فيما جاء برد المحكمة على الدفع وأيما كان وجه الرأي فيه.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - لما كان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه وكان فيما أورده الحكم ما يوفر علم الطاعنين بتقليد هذه الأوراق وهذا العلم من حق محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة أوراق العملة المقلدة أو ترويجها أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شأنه أن يخدع الناس.
8 - لما كان ما أثاره الطاعنان من أن الفحص لم يشمل جميع الأحراز للعملة المضبوطة هو منازعة موضوعية وليس من شأنه أن ينفي عنهما حيازتهما لعملة مقلدة فمسئوليتهما الجنائية قائمة قل ما ضبط من العملة أو كثر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما. المتهم الأول: أ - حاز بقصد الترويج أوراقاً مالية مقلدة متداولة قانوناً داخل البلاد عددها ثلاثمائة وأربعة وخمسون ورقة مالية فئة العشرين جنيهاً المصرية المصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي. ب - روج أوراقاً مالية مقلدة عددها مائة وسبعة وسبعون ورقة مالية مقلدة من فئة العشرين جنيهاً المصرية من ضمن الأوراق المالية المضبوطة موضوع التهمة السابقة بأن دفع بها للتداول وقدمها للمتهم الثاني مقابل جعل مادي على النحو المبين بالتحقيقات مع علمه بأمر تقليدها. المتهم الثاني: حاز بقصد الترويج أوراقاً مالية مقلدة عددها مائة وسبعة وسبعون ورقة مالية مقلدة من فئة العشرين جنيهاً المصرية موضوع التهمة السابقة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 202/ 1، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة الأوراق المقلدة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن منعى الطاعنين - في مذكراتهما الثلاث - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة أوراق مالية مقلدة بقصد الترويج قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما ران عليه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أطرح - بما لا يسوغ - ما دفعا به من بطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة أن مجريها لم يقم بالمراقبة الشخصية بالنسبة للطاعن الثاني والذي لم يكن يعرفه من قبل بل عرفه عند الضبط، كما دفع الطاعن الثاني ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة، ولعدم حصول الإذن بذلك من القاضي الجزئي عملاً بنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية، وأن المحكمة لم ترد على الدفع بشيوع الاتهام، كما أن الحكم المطعون فيه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر ركن العلم وتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن الثاني، كما دفع الحاضر معه بعدم قيام الجريمة في حقه إذ أن التقليد مفضوح ولا ينخدع به أحد ومن ثم فإن الأوراق المضبوطة لا تصلح للتعامل، وأخيراً قام دفاعه على أن الفحص لم يشمل جميع الأحراز، إلا أن المحكمة لم ترد على ما أثاره برد كاف وسائغ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الشهود ومما ثبت من تقرير فحص الأوراق المالية بمعرفة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، عرض لدفاع الطاعنين ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات وفنده وأطرحه في قوله "إنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان البين مما ورد بمحضري التحريات اللذين بني عليهما إذنا التفتيش - محل هذه الواقعة - أن كلاً منهما تضمن بيانات كافية ودقيقة عن كل من المتهمين اشتملت على اسم كل منهما والاسم الذي يشتهر به والناحية التي يقيم فيها، وماهية الجرم الذي تردى فيه، فإن في ذلك ما يكفي لإقناع المحكمة بجدية التحريات ومن ثم فإنها تقر سلطة التحقيق على تصرفها في هذا الشأن لا سيما وأن التحريات قد توصلت إلى الاسم الصحيح للمتهم الأول على خلاف ما أثاره الدفاع في هذا الشأن كما أن البين مما ورد بصدر أقوال ابن المتهم الأول بالتحقيقات أن العنوان الذي يقيم فيه هو ووالده هو ذات العنوان الذي أشارت إليه التحريات، وأن والده كان موجوداً به قبل لحظات من واقعة التفتيش مما يقطع بسلامة وجدية تلك التحريات في شأن تحديدها لمسكن المتهم الأول وفضلاً عن ذلك فإنه لما كانت التحريات هي المعلومات الشخصية التي ترد لمأمور الضبط القضائي من مصادره المختلفة بشأن جريمة وقعت بالفعل ونسبتها إلى متهم معين بذاته وتشير إلى حيازته لأدلة تفيد في كشف الحقيقة، وكان القانون لا يشترط للقول بجدية التحريات أن يقوم مأمور الضبط بإجراء تلك التحريات أو مراقبة المتهم بنفسه وإنما يجوز له أن يستعين فيما يجريه من تحريات وما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال الشرطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولى إبلاغه عن الجرائم ما دام قد قامت قناعته الشخصية بصحة تلك المعلومات، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من عدم جدية التحريات لعدم سبقها بمراقبة شخصية ممن أجراها يكون غير سديد. لا سيما وأن الضابط نفسه لم يشر في محضره أو في أقواله إلى أنه هو الذي راقب المتهم شخصياً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة - على ما سلف بيانه - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم فله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وفنده وأطرحه بقوله "إنه لما كان البين من مطالعة ذلك الإذن أنه صدر في الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر يوم...... وكان الثابت من أقوال شاهد الواقعة النقيب.... والتي اطمأنت المحكمة إلى شهادته وأنست إلى صدقها حسبما سلف بيانه أنه تمكن من ضبط المتهم في الساعة الثالثة والنصف من مساء اليوم ذاته أي بعد مضي ما يقرب من مضي نحو ثلاث ساعات من صدور إذن النيابة العامة. متى كان ذلك، فإن القبض على المتهم الثاني وتفتيشه يكون براء من العوار الذي رماه به الدفاع في هذا الخصوص". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات في أن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم حصول الإذن بذلك من القاضي الجزئي عملاً بنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية وأطرحه بقوله "إنه مردود بأن الثابت من مطالعة إذن النيابة العامة بضبط المتهم الثاني وتفتيشه أنه جاء قاصراً فحسب على تفتيش شخص المتهم دون تفتيش ثمة مسكن، ومن ثم فإنه يخرج بذلك عن نطاق المادة 206 أ. ج وفضلاً عن ذلك فإن البين من مطالعة ذلك الإذن أنه جاء مسبباً على خلاف ما يدعيه الدفاع ومن ثم فإن كافة ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة تختص دون القاضي الجزئي - بإصدار الإذن بتفتيش متهم دلت التحريات على ارتكابه جناية أو جنحة، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التحريات السرية قد دلت على أن المتهم الثاني - الطاعن الثاني - يحوز ويحرز أوراقاً مالية مزيفة بقصد ترويجها، فإن النيابة العامة وحدها - دون القاضي الجزئي - تكون مختصة بإصدار الإذن بالقبض والتفتيش، ومن ثم فلا مجال لإعمال ما أوجبته المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية في هذا الصدد، ويكون دفاع الطاعن في هذا الخصوص دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه، وذلك دون الخوض فيما جاء برد المحكمة على الدفاع وأيما كان وجه الرأي فيه، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن من قالة القصور يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان المقرر أن عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه وكان فيما أورده الحكم ما يوفر علم الطاعنين بتقليد هذه الأوراق وهذا العلم من حق محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للعقاب على حيازة أوراق العملة المقلدة أو ترويجها أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح، ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به حتى المدقق، بل يكفي أن يكون بين الورقة المزورة والورقة الصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التداول وأن يكون على نحو من شأنه أن يخدع الناس، وإذ كان الحكم قد أثبت نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الأوراق المالية التي عوقب الطاعنان من أجل حيازتها وترويجها - مقلدة لنظائرها الصحيحة وفق أسلوب التزييف الكلي باستخدام طابعة تعمل بتقنية نفس الحبر وهي تتشابه مع العملات الورقية الصحيحة من حيث الشكل الظاهري والمتمثل في زخارف ونقوش وبيانات ورسوم كل من الوجه والظهر ومن حيث مساحة السطح طولاً وعرضاً والسمك النسبي، وأنه من السهل أن ينخدع بها بعض الفئات من الناس ويقبلونها في التعامل على أنها عملات ورقية صحيحة، وقد ورد الحكم على ما دفع به الطاعن الأول من عدم قيام الجريمة على سند أن التزوير مفضوح ولا ينخدع به أحد، بما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - على النحو المار بيانه - وقد اتخذه عماداً لقضائه بالإدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشق من النعي يكون غير سديد ويكون ما ذهب إليه الحكم في رده صائباً. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعنان من أن الفحص لم يشمل جميع الأحراز للعملة المضبوطة هو منازعة موضوعية وليس من شأنه أن ينفي عنهما حيازتهما لعملة مقلدة فمسئوليتهما الجنائية قائمة قل ما ضبط من العملة أو كثر ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21929 لسنة 64 ق جلسة 5 / 2 / 2001 مكتب فني 52 ق 36 ص 224

جلسة 5 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

----------------

(36)
الطعن رقم 21929 لسنة 64 القضائية

 (1)جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره". إهانة موظف عام.
جريمة إهانة موظف عام أثناء وبسبب تأدية وظيفته. تحققها بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم. المادة 134 عقوبات.
عدم ثبوت تعمد المتهم توجيه العبارات المهينة إلى المجني عليه مباشرة. أثره؟
 (2)
اختصاص "الاختصاص النوعي". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها".
انحسار التأثيم عن الفعل موضوع الدعوى الجنائية. أثره: عدم اختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية.

----------------
1 - لما كانت جريمة الإهانة التي توجه إلى موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها كما تتحقق بحكم المادة 133 من قانون العقوبات بالإشارة أو القول أو التهديد في مواجهة المعتدى عليه تتحقق كذلك بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم بموجب المادة 134 من ذات القانون ويشترط للعقاب في الحالات الأخيرة أن يتعمد الجاني توجيه العبارات المهينة إلى المجني عليه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى - كما أثبتها الحكم - تشير إلى أن الشكوى المتضمنة العبارات المهينة لم توجه إلى المجني عليه مباشرة وإنما وجهت إلى رئيس جامعة... التي يعمل المجني عليه مستشاراً قانونياً بها، ومن ثم فإن الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها أركان جريمة الإهانة التي دين الطاعن بها، وكانت الأوصاف الأخرى لفعل الطاعن والتي طلب المدعي بالحقوق المدنية إضافتها قد قضى فيها نهائياً برفضها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء ببراءته من تلك التهمة عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لما كان الفعل المسند إلى الطاعن قد انحسر عنه التأثيم فإنه لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أهان موظفاً عمومياً هو رئيس قسم بجامعة... والمستشار القانوني لجامعة... بأن كتب بشأنه العبارات المبينة بالأوراق وكان ذلك أثناء تأدية المجني عليه لأعمال وظيفته وبسببها وطلبت عقابه بالمادة 113/ 1 من قانون العقوبات وادعى المجني عليه مدنياً بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام والمادة 134 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بتغريمه مائة وخمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إهانة موظف عمومي بالكتابة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يعن بالرد على دفاعه بأن العبارات التي صدرت منه لم توجه مباشرة إلى المجني عليه، وإنما تضمنتها شكوى رفعت إلى رئاسته وهو ما لا تتوافر به أركان تلك الجريمة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن بوصف أنه في يوم.... بدائرة قسم... أهان موظفاً عمومياً.. المستشار القانوني بأن كتب بشأنه العبارات المبينة بالأوراق وكان ذلك أثناء تأدية المجني عليه لأعمال وظيفته وبسببها وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة 113/ 1 من قانون العقوبات، وادعى المجني عليه مدنياً قبل الطاعن بطلب إلزامه بأن يؤدي له مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة أول درجة أضافت إلى مادة الاتهام المادة 134 من قانون العقوبات وقضت حضورياً اعتبارياً بتغريم المتهم مائة وخمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية التعويض المدني المؤقت المطلوب وذلك عن جريمة الإهانة بالكتابة ورفضت في أسبابها طلب المدعي بالحقوق المدنية تعديل قيد ووصف الاتهام بإضافة جريمتي السب والقذف أيضاً في حق موظف عام أثناء وبسبب تأدية وظيفته لعدم توافر ركن العلانية في هاتين الجريمتين، فاستأنف المحكوم عليه وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت جريمة الإهانة التي توجه إلى موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها كما تتحقق بحكم المادة 133 من قانون العقوبات بالإشارة أو القول أو التهديد في مواجهة المعتدى عليه تتحقق كذلك بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة أو الرسم بموجب المادة 134 من ذات القانون ويشترط للعقاب في الحالات الأخيرة أن يتعمد الجاني توجيه العبارات المهينة إلى المجني عليه. لما كان ذلك، وكانت واقعة الدعوى - كما أثبتها الحكم - تشير إلى الشكوى المتضمنة العبارات المهينة لم توجه إلى المجني عليه مباشرة وإنما وجهت إلى رئيس جامعة... التي يعمل المجني عليه مستشاراً قانونياً بها، ومن ثم فإن الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها أركان جريمة الإهانة التي دين الطاعن بها، وكانت الأوصاف الأخرى لفعل الطاعن والتي طلب المدعي بالحقوق المدنية إضافتها قد قضي فيها نهائياً برفضها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء ببراءته من تلك التهمة عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعن قد انحسر عنه التأثيم فإنه لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية وهو ما تقضي به هذه المحكمة.