جلسة 1 من نوفمبر سنة 2004
برئاسة
السيد المستشار/ محمد شتا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن أبو المعالي ومصطفى صادق نائبي رئيس المحكمة وخالد مقلد
وممدوح عبد الحي .
-------------------
(110)
الطعن 19497 لسنة 65 ق
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام ". نيابة
عامة . استئناف " ما يجوز استئنافه من
الأحكام " .
انغلاق طريق
الطعن بالنقض أمام النيابة العامة إذا فوتت على نفسها حق استئناف حكم أول درجة .
شرطه ؟
(2) نيابة عامة . استئناف "
نظره والحكم فيه " . نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون "
" ما يجوز الطعن فيه من أحكام ".
حق النيابة العامة في الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي ولو كان الاستئناف
مرفوعاً من المتهم وحده . مادام الحكم الاستئنافي قد ألغى حكم محكمة أول درجة أو
عدله . علة وشرط ذلك ؟
جريمة الامتناع عن رد الأموال المستحقة
إلى أصحابها المنصوص عليها في المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 . جناية . اعتبار
الحكم الابتدائي الواقعة جنحة تبديد والقضاء فيه على هذا الأساس . خطأ في تطبيق
القانون . مسايرة الحكم المطعون فيه له في ذلك والقضاء بانقضاء الدعوى بمضي ثلاث
سنوات . أثره : جواز طعن النيابة بالنقض في الحكم . علة ذلك ؟
(3) شركات توظيف الأموال . قانون
" تفسيره " .
المواد 16 ، 17 ، 21 من القانون رقم
146 لسنة 1988 . مفادها؟
(4) شركات توظيف الأموال . قانون
" تفسيره " " سريانه ".
جناية الامتناع عن رد المبالغ
المستحقة لأصحابها . قيامها قانوناً ابتداء من يوم الحادي عشر من يونيه سنة 1990 .
أساس ذلك ؟
(5) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل
وصف التهمة ".
محكمة
الموضوع . غير مقيدة بالوصف الذي ترفع به الدعوى . عليها أن تبين حقيقة الواقعة
المطروحة وأن تسبغ عليها الوصف الصحيح . حد ذلك ؟
تغيير وصف
التهمة . لا يوجب رفع دعوى مستقلة بالوصف الجديد . شرط ذلك ؟
(6) شركات
توظيف الأموال . قانون " تطبيقه " " تفسيره ". حكم "
تسبيبه . تسبيب معيب ". نقض" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون
" استئناف " نظره والحكم فيه " . تقادم . عقوبة " انقضاؤها
بمضي المدة " .
اعتبار الحكم الابتدائي جريمة
الامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها. جنحة تبديد والقضاء فيها على هذا
الأساس دون الحكم بعدم الاختصاص والإحالة . خطأ في تطبيق القانون . أثر ذلك ؟
المادة 305 إجراءات .
الاستئناف
المرفوع من غير النيابة العامة . وجوب القضاء فيه بتأييد الحكم المستأنَف أو
تعديله لمصلحة المستأنِف . المادة 417 / 3 إجراءات .
اقتصار الحكم
على بحث التقادم . دون التعرض للواقعة إثباتاً أو نفياً . وجوب أن يكون مع النقض
الإعادة . علة ذلك ؟
---------------------
1 - من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول
درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض إلا أن
ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم
محكمة أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا
قضاءً واحداً.
2 - من المقرر أنه إذا
ألغي الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون
قضاءً جديداً منفصلاً تماماً عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً
للطعن بالنقض من جانب النيابة العامة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها - مادامت لم
تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسويئ لمركز المتهم المكتسب من الحكم المطعون فيه
بالاستئناف فيه وحده . لما كان ذلك وكانت النيابة العامة - الطاعنة - وإن ارتضت
الحكم الصادر من محكمة أول درجة بحبس المطعون ضده ستة أشهر مع الشغل عن الواقعة
المسندة إليه بعدم استئنافه مع ما شابه من خطأ في تطبيق القانون باعتباره الواقعة
جنحة بالمخالفة لحكم المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة
في مجال تلقي الأموال لاستثمارها التي اعتبرت الواقعة جناية، إلا أنه لما كانت
المحكمة الاستئنافية - في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من المطعون ضده ....- قد
سايرت محكمة أول درجة واعتبرت الواقعة جنحة ثم قضت فيها بانقضاء الدعوى الجنائية
بمضي ثلاث سنين، فقد غدا هذا الحكم الذي يكون بقضائه ذاك قد أفاد معنى براءة
المطعون ضده لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه، حكماً قائماً بذاته
مستقلاً عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة العامة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق
النقض جائزاً . لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فهو
مقبول شكلاً .
3 - لما كان القانون رقم 146 لسنة
1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها المعمول به من اليوم
التالى لتاريخ نشره في 9 من يونيه سنة 1988 قد نص في مادته السادسة عشرة - الواردة
في الباب الثاني تحت عنوان " أحكام انتقالية " - على أن : " على كل
شخص طبيعي أو معنوي تلقى قبل العمل بأحكام هذا القانون بالذات أو بالواسطة أموالاً
من الجمهور لاستثمارها أو المشاركة بها أو لأي غرض آخر من أغراض توظيف الأموال
بأية وسيلة وتحت أي مسمى أن يتوقف عن تلقي الأموال من تاريخ العمل بهذا القانون
وأن يرسل أخطاراً إلى الهيئة ( الهيئة العامة لسوق المال ) خلال ثلاثة أشهر من
تاريخ العمل باللائحة التنفيذية يتضمن ما يلى :- (أ) ما إذا كان يرغب في العمل في
مجال تلقي الأموال لاستثمارها طبقاً لأحكام هذا القانون أو لا يرغب في ذلك . (ب)
المبالغ التي تلقاها قبل العمل بهذا القانون بالعملات المختلفة ومجالات استثمارها
. (ج) قائمة بالمركز المالي في تاريخ العمل بالقانون وتقريراً عنه معتمدين من
اثنين من المحاسبين القانونين من مكاتب المحاسبة والمراجعة الوطنية ممن تتوافر
فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة ..... "
وفي المادة 17 منه على أنه : " يجب على كل من أخطر الهيئة برغبته في توفيق
أوضاعه القيام بذلك خلال سنة على الأكثر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ويجوز
للوزير (وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ) بناء على عرض مجلس إدارة الهيئة أن يأذن
له بتلقي الأموال من الجمهور لاستثمارها خلال تلك المدة " ، وفي المادة 18
منه على أنه : " على كل من أخطر الهيئة بعدم رغبته في توفيق أوضاعه أو انقضت
المدة المحددة
لتوفيق الأوضاع دون إتمامه أن يرد جميع ما تلقاه من أموال إلى أصحابها خلال سنتين
من تاريخ العمل بهذا القانون، ويكون الملتزمون برد الأموال المشار إليها في حالة
تعددهم وكذا الشركاء في الشخص الاعتباري مسئولين بالتضامن في جميع أموالهم عن
الوفاء بهذا الالتزام " ، وفي المادة 21 منه على أن " كل من تلقى أموالاً
على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو
بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه
من أموال أو ما هو مستحق منها ، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى
أصحابها، وتنقضي الدعوى الجنائية إذا بادر المتهم برد المبالغ المستحقة لأصاحبها
أثناء التحقيق وللمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الرد قبل صدور حكم نهائي
في الدعوى ..... " وكان مفاد ذلك أنه إذا كان الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي
تلقى قبل العمل بأحكام هذا القانون أموالاً من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو
المشاركة بها لا يرغب في توفيق أوضاعه أو انتهت فترة توفيق الأوضاع دون إتمامه
عليه أن يرد جميع ما تلقاه من أموال إلى أصحابها خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا
القانون، وأنه إذا ظل هذا الشخص ممتنعاً حتى اليوم العاشر من شهر يونيه سنة 1990
تاريخ انتهاء مدة السنتين، عن تنفيذ ما ألزمته به المادة 18 سالفة الذكر فإنه
ابتداءً من اليوم التالي وهو اليوم الحادي عشر من شهر يونيه سنة 1990 يعد مرتكباً
لجريمة الامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها المعاقب عليها بالمادة 21
المذكورة بالسجن ، والغرامة بما لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما
تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها بالإضافة إلى الحكم برد الأموال المستحقة
لأصحابها .
4 - لما كانت الواقعة المرفوعة بها
الدعوى والتي كانت مطروحة بالجلسة أمام محكمة أول درجة بتاريخ 12 من يونيه سنة
1990 وكذلك أمام المحكمة الاستئنافية هي كما رواها المدعي بالحقوق المدنية في
صحيفة دعواه أن المطعون ضده امتنع عن رد مبلغ أربعة آلاف جنيه كان قد تلقاه منه
لاستثماره، وكانت هذه الواقعة تكون طبقاً للمادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988
جريمة جناية الامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها لا جريمة جنحة التبديد
المرفوعة بها الدعوى، وفي تاريخ الحادي عشر من يونيه سنة 1990 وهو التاريخ الذي أثَّم
فيه القانون 146 لسنة 1988 في المادة 21 منه فعل الامتناع عن رد المبالغ المستحقة
لأصحابها يعد فيه المطعون ضده ممتنعاً ومرتكباً لهذه الجريمة إذا كان قد أحجم عن
رد مبلغ أربعة آلاف جنيه للمدعى بالحقوق المدنية خلال المهلة التي حددها القانون
146 لسنة 1988 في المادة 18 منه .
5 – من المقرر أن الأصل أن محكمة
الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي أسبغ على الواقعة ورفعت به الدعوى على المتهم ولا
بالقانون الذي طلب عقاب المتهم طبقاً لأحكامه وأن من واجبها أن تمحص الواقعة
المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً
صحيحاً ولو كان الوصف الصحيح هو الأشد مادامت الواقعة المطروحة بها الدعوى لم
تتغير ، وليس عليها في ذلك الأمر إلا مراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308
من قانون الإجراءات الجنائية وهي تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا ما
طلب ذلك ، وبشرط ألا يترتب على ذلك إساءة بمركز المتهم إذا كان هو المستأنف وحده،
ولا يوجب تغيير الوصف القانوني للواقعة المسندة إلى المتهم رفع دعوى مستقلة بالوصف
الجديد تأخذ سيرها القانوني بإجراءات جديدة مادام أن الوصف الجديد لا يتضمن واقعة
جديدة غير الواقعة الواردة بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور .
6 - لما كانت الواقعة التي رفعت بها
الدعوى على المطعون ضده والتي كانت مطروحة بالجلسة أمام محكمة أول درجة تعد من بعد
إعمال القانون 146 لسنة 1988 جناية بالمادة 21 منه لا جنحة تبديد ، فإن محكمة أول
درجة إذ اعتبرت الواقعة جنحة تبديد بالمخالفة لأحكام هذا القانون الذي يحكمها
وفصلت فيها ، وكان عليها مع اعتبار الواقعة جناية أن تحكم بعدم اختصاصها وتحيلها
إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها عملاً بالمادة 305 من قانون الإجراءات
الجنائية التي جرى نصها على أنه " إذا تبين للمحكمة الجزئية أن الواقعة جناية
أو أنها جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد،
تحكم بعدم اختصاصها وتحيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها " ،
فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، وكانت المحكمة الاستئنافية قد سايرتها
وأخطأت بدورها واعتبرت الواقعة جنحة وقضت بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنين
وكان عليها بعد أن حاز قضاء الحكم الابتدائي الضمني بالاختصاص قوة الأمر المقضي
وصار الاختصاص معقوداً لمحكمة الجنح وحدها وكان الاستئناف مرفوعاً من المتهم وحده
دون النيابة العامة ومع اعتبار الواقعة جناية
إما أن تؤيد الحكم المستأنف أو تعدله لمصلحة المطعون ضده ،وذلك عملاً
بالفقرة الثالثة من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التي جرى نصها على أنه
: " أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة
إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف، .... " لما كان ما تقدم
وكان الحكم المطعون فيه بما تضمنه قضاؤه سالف الذكر قد خالف القانون فإنه يتعين
نقضه . ولما كان ذلك الحكم قد قصر بحثه على التقادم ولم يتعرض للواقعة المسندة إلى
المطعون ضده إثباتاً ونفياً حتى تتمكن محكمة النقض من إنزال صحيح القانون عليه
فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة .
----------------------
الوقائع
أقام المدعى
بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم ..... ضد (1)
...... (2) ...... (مطعون ضده) . (3) ...... بوصف أنهم : بددوا المبلغ المبين
وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوك للمجنى عليه ..... والمسلم إليهم على سبيل الأمانة
فاختلسوه لأنفسهم أضراراً بالمجنى عليه سالف الذكر على النحو المبين بالأوراق .
وطلب عقابهم بالمادة 341 من قانون العقوبات . وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ واحد
وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً
بمادة الاتهام بحبس كل متهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لكل متهم .
وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل
التعويض المؤقت .
عارض المحكوم عليهم وقضى في معارضتهم
بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه .
استأنف كل من ..... (المطعون ضده)
و..... ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بسقوط حق
المتهمين في الاستئناف .
استأنف . ..... (المطعون ضده) وعارض
...... المطعون ضده وقضي غيابياً للأول وحضورياً للثاني بقبول المعارضة شكلاً وفى
الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء
الحكم المستأنف والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وعدم قبول الاستئناف
شكلاً بالنسبة للمتهم الأول .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم
بطريق النقض ....... إلخ .
----------------
المحكمة
ومن حيث إنه ولئن كان من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة
على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي
وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء
على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين
الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً، أما إذا ألغي الحكم
الابتدائي في الاستئناف أو عدل ، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاءً جديداً
منفصلاً تماماً عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض
من جانب النيابة العامة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها - مادامت لم تستأنف حكم
محكمة أول درجة - تسويئ لمركز المتهم المكتسب من الحكم المطعون فيه بالاستئناف فيه
وحده . لما كان ذلك وكانت النيابة العامة - الطاعنة - وإن ارتضت الحكم الصادر من
محكمة أول درجة بحبس المطعون ضده ستة أشهر مع الشغل عن الواقعة المسندة إليه بعدم
استئنافه مع ما شابه من خطأ في تطبيق القانون باعتباره الواقعة جنحة بالمخالفة
لحكم المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقى
الأموال لاستثمارها التي اعتبرت الواقعة جناية، إلا أنه لما كانت المحكمة
الاستئنافية - في المعارضة الاستئنافية المرفوعة من المطعون ضده ....- قد سايرت
محكمة أول درجة واعتبرت الواقعة جنحة ثم قضت فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي
ثلاث سنين، فقد غدا هذا الحكم الذي يكون بقضائه ذاك قد أفاد معنى براءة المطعون
ضده لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عليه، حكماً قائماً بذاته مستقلاً عن
ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة العامة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق النقض جائزاً
. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فهو مقبول شكلاً .
ومن
حيث إن النيابة العامة - الطاعنة - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء
الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنين في الجريمة المسندة إلى المطعون ضده ..... قد أخطأ
في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر الجريمة جنحة في حين أنها جناية بالمادة 21 من
القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها،
لا تنقضي الدعوى الجنائية فيها إلا بمضي عشر سنين، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق
أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر على سند من القول أنه
بمقتضي عقد وكالة لتوظيف واستثمار الأموال مؤرخ ...... ومبرم بينه وبين شركة .....
للاستثمار وتوظيف الأموال باسم المطعون ضده وآخرين قام بإيداع مبلغ أربعة آلاف
جنيه لدى هذه الشركة بإيصال توريد ، وأخطر الشركة برده ولكن دون جدوى ، وطلب معاقبة
المطعون ضده والآخرين بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامهم بدفع مبلغ واحد
وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً في 12 من
يونيه سنة 1990 بحبس كل متهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامهم بالتعويض المؤقت، فعارض
المطعون ضده ، وبجلسة ... قضت في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد
الحكم المعارض فيه، فاستأنف فقضت محكمة ثاني درجة غيابياً بسقوط الاستئناف، فعارض
وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول
الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي
ثلاث سنين . لما كان ذلك وكان القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في
مجال تلقي الأموال لاستثمارها المعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره في 9 من
يونيه سنة 1988 قد نص في مادته السادسة عشرة - الواردة في الباب الثاني تحت عنوان
" أحكام انتقالية " - على أن : " على كل شخص طبيعي أو معنوي تلقى
قبل العمل بأحكام هذا القانون بالذات أو بالواسطة أموالاً من الجمهور لاستثمارها
أو المشاركة بها أو لأي غرض آخر من أغراض توظيف الأموال بأية وسيلة وتحت أي مسمى
أن يتوقف عن تلقي الأموال من تاريخ العمل بهذا القانون وأن يرسل إخطاراً إلى
الهيئة (الهيئة العامة لسوق المال) خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل باللائحة
التنفيذية يتضمن ما يلي :- (أ) ما إذا كان يرغب في العمل في مجال تلقي الأموال
لاستثمارها طبقاً لأحكام هذا القانون أو لا يرغب في ذلك . (ب) المبالغ التي تلقاها
قبل العمل بهذا القانون بالعملات المختلفة ومجالات استثمارها . (ج) قائمة بالمركز
المالي في تاريخ العمل بالقانون وتقريراً عنه معتمدين من اثنين من المحاسبين
القانونين من مكاتب المحاسبة والمراجعة الوطنية ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها
في قانون مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة ...... " ، وفي المادة 17 منه على
أنه : " يجب على كل من أخطر الهيئة برغبته في توفيق أوضاعه القيام بذلك خلال
سنة على الأكثر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ويجوز للوزير ( وزير الاقتصاد
والتجارة الخارجية ) بناء على عرض مجلس إدارة
الهيئة أن يأذن له بتلقي الأموال من الجمهور لاستثمارها خلال تلك المدة " ، وفي المادة 18 منه على أنه : " على كل من أخطر الهيئة
بعدم رغبته في توفيق أوضاعه أو انقضت المدة المحددة لتوفيق الأوضاع دون إتمامه أن
يرد جميع ما تلقاه من أموال إلى أصحابها خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون،
ويكون الملتزمون برد الأموال المشار إليها في حالة تعددهم وكذا الشركاء في الشخص
الاعتبارى مسئولين بالتضامن في جميع أموالهم عن الوفاء بهذا الالتزام " ، وفي
المادة 21 منه على أن " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو
امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل
عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ،
ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها، وتنقضي الدعوى الجنائية إذا
بادر المتهم برد المبالغ المستحقة لأصاحبها أثناء التحقيق وللمحكمة إعفاء الجاني
من العقوبة إذا حصل الرد قبل صدور حكم نهائي في الدعوى ..... " وكان مفاد
ذلك أنه إذا كان الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تلقى قبل العمل بأحكام هذا القانون
أموالاً من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها لا يرغب في توفيق
أوضاعه أو انتهت فترة توفيق الأوضاع دون إتمامه عليه أن يرد جميع ما تلقاه من
أموال إلى أصحابها خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون، وأنه إذا ظل هذا الشخص
ممتنعاً حتى اليوم العاشر من شهر يونيه سنة 1990 تاريخ انتهاء مدة السنتين، عن
تنفيذ ما ألزمته به المادة 18 سالفة الذكر فإنه ابتداءً من اليوم التالي وهو اليوم
الحادي عشر من شهر يونيه سنة 1990 يعد مرتكباً لجريمة الامتناع عن رد المبالغ
المستحقة لأصحابها المعاقب عليها بالمادة 21 المذكورة بالسجن ، والغرامة بما لا
تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها
بالإضافة إلى الحكم برد الأموال المستحقة لأصحابها . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة
المرفوعة بها الدعوى والتي كانت مطروحة بالجلسة أمام محكمة أول درجة بتاريخ 12 من
يونيه سنة 1990 وكذلك أمام المحكمة الاستئنافية هي كما رواها المدعي بالحقوق
المدنية في صحيفة دعواه أن المطعون ضده امتنع عن رد مبلغ أربعة آلاف جنيه كان قد
تلقاه منه لاستثماره، وكانت هذه الواقعة تكون طبقاً للمادة 21 من القانون رقم 146
لسنة 1988 جريمة جناية الامتناع عن رد المبالغ
المستحقة لأصحابها لا جريمة جنحة التبديد المرفوعة بها الدعوى ، وفي تاريخ الحادي عشر من يونيه سنة 1990 وهو التاريخ
الذى أثَّم فيه القانون 146 لسنة 1988 في المادة 21 منه فعل الامتناع عن رد المبالغ المستحقة
لأصحابها يعد فيه المطعون ضده ممتنعاً ومرتكباً لهذه الجريمة إذا كان قد أحجم عن
رد مبلغ أربعة آلاف جنيه للمدعى بالحقوق المدنية خلال المهلة التي حددها القانون
146 لسنة 1988 في المادة 18 منه . لما كان ذلك وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا
تتقيد بالوصف الذي اسبغ على الواقعة ورفعت به الدعوى على المتهم ولا بالقانون الذي
طلب عقاب المتهم طبقاً لأحكامه وأن من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها
بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ولو كان الوصف الصحيح هو الأشد مادامت
الواقعة المطروحة بها الدعوى لم تتغير ، وليس عليها في ذلك الأمر إلا
مراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وهي تنبيه
المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا ما طلب ذلك ، وبشرط ألا يترتب على ذلك إساءة
بمركز المتهم إذا كان هو المستأنف وحده، ولا يوجب تغيير الوصف القانوني للواقعة
المسندة إلى المتهم رفع دعوى مستقلة بالوصف الجديد تأخذ سيرها القانوني بإجراءات
جديدة مادام أن الوصف الجديد لا يتضمن واقعة جديدة غير الواقعة الواردة بأمر
الإحالة أو طلب التكليف بالحضور . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة التي رفعت بها
الدعوى على المطعون ضده والتي كانت مطروحة بالجلسة أمام محكمة أول درجة تعد من بعد
إعمال القانون 146 لسنة 1988 جناية بالمادة 21 منه لا جنحة تبديد ، فإن محكمة أول
درجة إذ اعتبرت الواقعة جنحة تبديد بالمخالفة لأحكام هذا القانون الذي يحكمها
وفصلت فيها ، وكان عليها مع اعتبار الواقعة جناية أن تحكم بعدم اختصاصها وتحيلها
إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها عملاً بالمادة 305 من قانون الإجراءات
الجنائية التي جرى نصها على أنه " إذا تبين للمحكمة الجزئية أن الواقعة جناية
أو أنها جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير
الأفراد، تحكم بعدم اختصاصها وتحيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها
" ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، وكانت المحكمة الاستئنافية قد
سايرتها وأخطأت بدورها واعتبرت الواقعة جنحة وقضت بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي
ثلاث سنين وكان عليها بعد أن حاز قضاء الحكم الابتدائي الضمني بالاختصاص قوة الأمر
المقضي وصار الاختصاص معقوداً لمحكمة الجنح وحدها وكان الاستئناف مرفوعاً من
المتهم وحده دون النيابة العامة ومع اعتبار الواقعة جناية إما أن تؤيد الحكم
المستأنف أو تعدله لمصلحة المطعون ضده ، وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 417
من قانون الإجراءات الجنائية
التي جرى نصها على أنه : " أما
إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم
أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف، .... " لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون
فيه بما تضمنه قضاؤه سالف الذكر قد خالف القانون فإنه يتعين نقضه . ولما كان ذلك
الحكم قد قصر بحثه على التقادم ولم يتعرض للواقعة المسندة إلى المطعون ضده إثباتاً
ونفياً حتى تتمكن محكمة النقض من إنزال صحيح القانون عليه فإنه يتعين أن يكون مع
النقض الإعادة .