جلسة 20 من مارس سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
---------------------
(143)
القضية رقم 58 سنة 20 القضائية
إثبات.
شاهد تمسك المتهم بوجوب سماعه. تأجيل القضية لإعلانه. اعتذاره من عدم لحضوره بمرضه. طلب المحامي تأجيل الدعوى حتى يحضر. عدم إجابته إلى هذا الطلب. استناد لمحكمة في الإدانة إلى أقواله. لا يصح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه بصفته من الصيارف المنوطين بحساب النقود المنتدبين للتحصيل اختلس سبعة وثلاثين جنيها من الأموال الأميرية كان قد حصلها من عبد المسيح أفندي فلتس وعرفة علي الجندي اللذين سلماها له بسبب وظيفته كصراف للمناطقية وميت القائد.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمادة 112 من قانون العقوبات.
فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمادة سالفة الذكر.
ومحكمة جنايات الجيزة بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبغرامة قدرها 30 جنيها وبإلزامه برد مبلغ 30 جنيها لخزينة الدولة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 31/10/1949 الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ حين دانه باختلاس أموال أميرية إذ أخل بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام المحكمة بوجوب حضور أحد الشهود لسؤاله ومناقشته في أقواله لما لها من أهمية في الدعوى ولما شابها من اضطراب في التحقيقات فأجابته المحكمة إلى الطلب وأجلت القضية لإعلانه ولما لم يحضر واعتذر بمرض تقرر لعلاجه سبعة أيام طلب إلى المحكمة تأجيل الدعوى حتى يحضر ولكن المحكمة لم تستجب إليه وسارت في الدعوى وحكمت فيها مستندة إلى أقوال هذا الشاهد في إدانته.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى على الطاعن بأنه بصفته من الصيارفة اختلس بعض الأموال الأميرية التي حصلها وتسلمها بسبب الوظيفة، وقد تأجلت الدعوى مرات لإعلان من لم يحضر من الشهود وبالجلسة الأخيرة حضر البعض واعتذر أحد الغائبين بمرض الم به وقدم شهادة طبية تفيد أنه في حاجة إلى راحة لمدة سبعة أيام فطلب المدافع عن الطاعن التأجيل لسماع أقواله وذلك لما لها من أهمية في الدعوى، فاستمهلته المحكمة لحين المرافعة وأمرت بتلاوة أقوال الشاهد بموافقة النيابة وتليت ثم سارت في نظر الدعوى. وبعد أن انتهت من سماع من حضر من الشهود وترافعت النيابة كرر المحامي الطلب وكشف عن وجه الضرورة فيه فاستمهلته المحكمة مرة أخرى فترافع في الدعوى وأصر ثانية على طلب حضور الشاهد فلم تأمر المحكمة باستدعائه وقضت بالإدانة ثم تعرضت في حكمها لطلب حضور الشاهد فقالت "إن الدفاع أصر على استدعائه لسؤاله عما إذا كان المبلغ دفع برمته للصراف يوم 5 نوفمبر أم لا وعن مكان تحرير سند الثلاثين جنيها ولم تر المحكمة محلا لإجابة الطلب لمرض الشاهد ولأن أقواله في التحقيقات الإدارية والقضائية صريحة في أن المبلغ دفع جميعه للصراف مرة واحدة يوم 5 نوفمبر في مجلس نائب المأمور ومن معه. . . وقد صرح الشاهد في تحقيق النيابة أن سند الثلاثين جنيهاً كتب بعد شهر مارس في منزل حسن بك خليل أبو شنب وبحضوره وكان متفقاً على أن يضمن الصراف إلا أنه رفض فأخذ الشاهد السند إلى مكتب رئيس المباحث حيث كان في انتظاره مخدومه فسلم إليه.. وقد ذكر أن السند سلم إليه في غيبة الصراف في مكتب رئيس المباحث الذي وافقه فلا أهمية بعدئذ لمكان تحرير السند وهي الواقعة التي انفرد الشاهد بالشهادة عليها، أما باقي الوقائع التي وردت على لسانه فقد رددها شهود آخرون كثيرون لا ترتاب المحكمة في صدقهم، فغياب الشاهد لا يؤثر في إثباتها" ولما كان الرد على الطلب غير سديد وكان على المحكمة انتظار حضور الشاهد وسماعه في جلسة أخرى مادام أن ذلك لا يضر بسير العدالة فإنها إذ لم تفعل وقضت بالإدانة مستندة إلى أقوال هذا الشاهد فإن حكمها يكون معيبا مستوجب النقض. إذ أنه يجب في الأصل لصحة الحكم أن تسمع المحكمة بالجلسة وفي مواجهة الخصم شهادة الشهود الذين تعتمد على أقوالهم في القضاء بالعقوبة بعد أن تناقشهم هي والدفاع فيها، ولا يغني عن ذلك أن آخرين قد شهدوا بذات الوقائع مادام حضور الشاهد مستطاعا وما دامت هي لم تطرح أقواله بل استندت إليها في ثبوت الواقعة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.