الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 مايو 2013

الطعن 12 لسنة 20 ق جلسة 14/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 136 ص 406

جلسة 14 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

-----------------

(136)
القضية رقم 12 سنة 20 القضائية

أ - وديعة.

تسليمها. لا يلزم أن يكون حقيقياً. التسليم الاعتباري يكفي إذا كان المودع لديه حائزا للشيء من قبل. بيع منقولات. بقاؤها في حيازة البائع لإتمام بعض أعمال فيها. تصرفه فيها بطريق الغش. استحقاقه العقاب.
ب - قصد جنائي.

النص عليه في الحكم بعبارة صريحة، لا يلزم. يكفي أن يكون مستفاداً من ظروف الواقعة المبينة به.

-------------------
1 - لا يشترط في الوديعة أن يكون التسليم حقيقياً بل يكفي التسليم الاعتباري إذا كان المودع لديه حائزا للشيء من قبل. فإذا كان الظاهر مما أثبته الحكم أن بيع المنقولات محل الدعوى قد تم وتعين المبيع وانتقلت ملكيته إلى المشتري ولكنه بقى في حيازة البائع على سبيل الوديعة لإتمام بعض الأعمال فيه، فإنه إذا ما تصرف البائع فيه بطريق الغش كان مستحقا للعقاب.
2 - لا يشترط لبيان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة أن ينص عليه في الحكم بعبارة صريحة مستقلة، بل يكفي أن يكون مستفاداً من ظروف الواقعة المبينة به أن الجاني ارتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد وبنية حرمان المجني عليه من الشيء المسلم إضراراً به.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه بدد دولابا مبين الوصف والقيمة بالمحضر مملوكا لمحمد محمود زين الدين ولم يكن قد سلم إليه إلا على وجه الوديعة، بأن أبقاه المجني عليه عنده بعد شرائه ليجهزه للاستلام وذلك إضرارا بالمجني عليه، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
وقد ادعى محمد محمود زين الدين بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ 21 جنيها بصفة تعويض.
ولدى نظر الدعوى أمام محكمة المنزلة الجزئية دفع المتهم بأن النزاع بينه وبين المجني عليه نزاع مدني بحت حول عقد مدني أيضاً هو عقد البيع الحاصل بينهما وأن الخلاف بينهما حصل حول تنفيذ هذا العقد ومن ثم يتعين أن يلجأ المجني عليه إذا أراد إلى القضاء المدني ليطالب بتنفيذ هذا الاتفاق.
سمعت محكمة جنح المنزلة الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة 300 قرش لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 15 جنيها على سبيل التعويض مع المصاريف المدنية المناسبة لذلك وأعفت المتهم من المصاريف الجنائية. وقد رفضت المحكمة الدفع المشار إليه قائلة إنه لا يطابق الواقع ولا ينطبق على مقتضيات القانون.
فاستأنف كما استأنفه المدعي.
سمعت محكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بالتبديد جاء باطلا لخطئه في تطبيق القانون وقصوره. إذ أن الواقعة تتلخص في أن المجني عليه اشترى المنقولات منه واتفقا على إرجاء التسليم حتى يتم بعض العمل بها فتكون الحيازة قد بقيت له كبائع ولا يمكن اعتباره مودعا لديه فإذا ما امتنع بعد ذلك عن التسليم فلا جريمة بل مرد الأمر إلى القانوني المدني على اعتبار أنه بائع لم يقم بتنفيذ ما تعهد به من تسليم المبيع. ويضيف الطاعن أن المحكمة لم تستظهر توفر القصد الجنائي خصوصا وقد ثبت أن المجني عليه كان قد قبل استبدال الدولاب في مرة سابقة وأن الطاعن عرض عليه دولابا ثالثا في المرة الأخيرة مما كان يتعين معه التحدث عن هذا القصد وإقامة الدليل على توفره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنها تتلخص فيما أبلغ به محمد محمود زين الدين من أنه توجه إلى محل المتهم لشراء بعض الأثاثات المنزلية وبعد أن عاين هذه الأثاثات بمحله اتفق معه على شراء دولاب للملابس و(تواليت) ودولاب لحفظ الأدوات الفضية (وبوفيه) بمبلغ 47 جنيهاً دفع له منها 11 جنيهاً كعربون ثم عاد إليه بعد فترة وجيزة لاستلام هذه الأثاثات فلم يجد الدولاب المتفق على شرائه بل وجد بدلا منه دولابا آخر فاتفق مع المتهم على شرائه بدلا من الدولاب الأول ودفع له كامل القيمة ووقع بإمضائه على أخشاب الدولاب من الداخل حتى لا يعمل المتهم على تغييره واتفق مع هذا الأخير على استلام جميع الأثاثات عند الانتهاء من تلميعها. ثم حضر إليه في اليوم المحدد للاستلام أيضاً فوجد جميع الأثاثات موجودة عدا الدولاب إذ كان المتهم قد استبدله بآخر أصغر منه حجما وأقل منه اتقانا في الصناعة وسأل المتهم عن الدولاب الذي اشتراه فأخبره بأنه قد باعه لآخر وأحضر له هذا الدولاب الأخير بدلا عنه. وبسؤال الشاهدين الآخرين محمد عبد السلام زين الدين وعبد السلام مصطفى الشريف قررا هذه الوقائع جميعها وأضافا إليها أن المجني عليه تسلم من المتهم جميع الأثاثات التي اشتراها منه عدا الدولاب إذ رفض استلامه منه وقد أنكر المتهم ما نسب إليه ثم تعرض لدفاع الطاعن المشار إليه فقال: "إنه دفع بأن النزاع بين المجني عليه والمتهم هو نزاع مدني بحث حول عقد مدني أيضا هو عقد البيع الحاصل بينهما وأن الخلاف بينهما حاصل حول تنفيذ هذا العقد ومن ثم يتعين أن يلجأ المجني عليه إذا أراد إلى القضاء المدني ليطالب المتهم بتنفيذ ما اتفق عليه به إلا أن هذا الكلام من جانب وكيل المتهم غير مطابق للواقع ولا ينطبق على مقتضيات القانون إذ أن عقد البيع قد تم فعلا بين المتهم والمجني عليه بعد أن استكمل جميع أركانه من رضاء متبادل ودفع للثمن وأصبحت الأشياء المشتراة في عهدة المتهم للمحافظة عليها حتى يحين وقت استلامها وأن ما وقع من المتهم لم يكن خلافا حول تنفيذ ما التزم به بل كان تصرفا بالبيع في الأشياء التي سبق أن باعها للمجني عليه والتي لا يملك فيها تصرفا ما فلا يكون هذا العمل مدنياً كما يصوره وكيل المتهم بل هو عمل جنائي يدخل في حدود المادة 341 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين معاقبة المتهم تطبيقا لها". ويتبين من هذا الذي أثبته الحكم أن البيع قد تم وتعين المبيع وانتقلت ملكيته إلى المشترى وإن بقى في حيازة البائع على سبيل الوديعة لإتمام بعض الأعمال فيه ولذا فإنه إذا ما تصرف فيه بطريق الغش يكون مستحقاً للعقاب إذ لا يشترط في الوديعة أن يكون التسليم حقيقياً بل يكفي التسليم الاعتباري إذا كان المودع لديه حائزا للشيء من قبل. لما كان الأمر كذلك فلا تكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتتها بالحكم، ويكون وجه الطعن في هذا الخصوص على غير أساس. أما ما يشير إليه الطاعن عن القصد الجنائي فمردود بأنه لا يشترط أن ينص عليه في الحكم بعبارة صريحة مستقلة بل يكفي أن يستنتج من ظروف الواقعة المبينة به وهي كما أوردتها المحكمة في الحكم المطعون فيه تفيد أن الطاعن ارتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد وبنية حرمان المجني عليه من الدولاب وذلك إضرارا به. وفي هذا ما يكفي لتوفر القصد الجنائي الذي تقوم عليه هذه الجريمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.