جلسة 21 من مارس سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
------------------
(150)
القضية رقم 10 سنة 20 القضائية
حكم. تسبيبه.
تناقض. حكم غيابي بإدانة متهم. استئناف النيابة هذا الحكم. معارضة شخص غير المحكوم عليه فيه. عدم قبول المعارضة لرفعها من غير ذي صفة. معارضة هذا الشخص نفسه في الحكم ذاته مرة أخرى. القضاء برفض هذه المعارضة وتأييد الحكم. استئناف المعارض. قضاء المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف وإيقاف الفصل في استئناف النيابة حتى يعلن المتهم الحقيقي. حكم متناقض. الطعن فيه من النيابة. لمحكمة النقض أن تقضي بقبول الاستئناف شكلا وبإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول المعارضة لرفعها من غير صفة.
الوقائع
اتهمت النيابة المطعون ضده المذكور بأنه بدد تسعمائة وعشرة قروش لعبد الحميد عبد الله وكانت قد سلمت إليه بصفته وكيلا لشراء بضاعة بها فبددها إضرارا بالمالك.
وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
سمعت محكمة المنشية الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها غيابيا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وقدرت كفالة 200 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف.
فعارض (أحمد عثمان) في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته بعدم قبول المعارضة شكلا لرفعها من غير ذي صفة وقد ذكرت المحكمة في حكمها أن الشخص الذي قرر بالمعارضة ليس هو المتهم الحقيقي المحكوم عليه غيابيا.
ثم عارض (أحمد عثمان محمد شعيب) في هذا الحكم الغيابي أيضا وقضى في معارضته بقبولها شكلا وبرفضها موضوعا وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فاستأنفت النيابة الحكم الغيابي الأول واستأنف المتهم الحكم الأخير.
ومحكمة الإسكندرية الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت فيها حضوريا بقبول استئناف المتهم الحاضر شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف الصادر في 19/5/1949 وإيقاف الفصل في استئناف النيابة فيها حتى يعلن المتهم الحقيقي بالحكم الغيابي المستأنف فيها وأعفت المستأنف الحاضر من المصاريف الجنائية.
فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 19/ 5/ 1949 على أسباب تتناقض مع منطوقه.
وحيث إن الثابت من مطالعة أوراق القضية أنه بتاريخ 18/7/1945 اتهم أحمد عثمان بأنه بدد مبلغا لآخر فحكم غيابيا بجلسة 8/11/1945 بإدانته فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم وبتاريخ 27/11/1945 عارض فيه شخص اسمه أحمد عثمان محمد شعيب. وبجلسة 2/5/1946 قضى في هذه المعارضة بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة إذ تبين للمحكمة أن المعارض ليس هو المتهم المحكوم عليه. وبتاريخ 16/3/1949 عارض هذا الشخص نفسه مرة أخرى في الحكم الغيابي ذاته فقضى في المعارضة الثانية بتاريخ 19/5/1949 بقبولها شكلا وفي موضوعها بالرفض وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف هذا المعارض السالف الذكر هذا الحكم. وبجلسة أول ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفي موضوعه برفضه وتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 19/5/1949 وإيقاف الفصل في استئناف النيابة حتى يعلن المتهم الحقيقي بالحكم الغيابي المستأنف فيها، وهذا الحكم الأخير هو الذي طعنت النيابة فيه بطريق النقض. وبالرجوع إلى الأسباب التي بنى عليها الحكم يتضح أن المحكمة أسست قضاءها على أن المستأنف ليس هو المحكوم عليه الحقيقي في هذه القضية التي لا يزال الحكم فيها غيابيا بالنسبة له. ومع ذلك فقد جاء منطوق الحكم قاضيا بتأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتأييد حكم الإدانة الصادر غيابيا في حق المتهم الحقيقي وقضت في ذات الوقت بإيقاف الفصل في استئناف النيابة حتى يعلن الحكم الغيابي لذلك المتهم.
وحيث إنه لما كانت الأسباب الواردة بالحكم المطعون فيه ظاهرة الدلالة على أن المحكمة اعتبرت المستأنف الماثل أمامها ليس هو المتهم الحقيقي فقد كان لزاما عليها أن تقضي تبعا لذلك بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول المعارضة منه لرفعها من غير ذي صفة على غرار ما قضت به المحكمة في المعارضة الأولى بالحكم الصادر بتاريخ 2/5/1946 حتى يكون قضاؤها متسقا ومتمشيا مع ما قضت به من وقف الفصل في استئناف النيابة حتى يعلن الحكم الغيابي للمتهم الحقيقي. أما وقد قضت المحكمة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بالإدانة فقد جاء قضاؤها مخالفا للواقع وللأسباب التي بنت عليها الحكم، كما جاء متناقضا مع الشطر الثاني من المنطوق الخاص بإيقاف الفصل في استئناف النيابة. ولذا فإنه يتعين نقض الحكم فيما قضى به من تأييد الحكم المعارض فيه الصادر بتاريخ 19/5/1949.
وحيث إنه لما كانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه قد قطعت بأن المطعون ضده ليس هو المتهم الحقيقي وكان من وظيفة محكمة النقض أن تطبق القانون تطبيقا صحيحا على تلك الواقعة، كان من المتعين القضاء بقبول الاستئناف شكلا وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول المعارضة من المطعون ضده لرفعها من غير ذي صفة.