جلسة 6 من مارس سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
---------------------
(131)
القضية رقم 26 سنة 20 القضائية
قتل.
نية القتل. القصور في بيانها موجب لنقض الحكم. صورة للقصور في استظهار هذه النية.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية 1- علي عبد الفتاح طلبة (الطاعن) و2- متولي جمعة علي بأنهما قتلا محمد منجد قنديل عمداً ومع سبق الإصرار بأن انتويا قتله وتوجها إلى حقله الذي كان به وكان المتهم الأول يحمل بندقيته والثاني يحمل بلطة وأطلق عليه الأول عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحكامتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات فقرر بذلك.
وادعت بحق مدني سكينة محمد إبراهيم زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر محمود وشعبان وعيد أولاد المجني عليه، وطلبت الحكم لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب.
سمعت محكمة جنايات الفيوم الدعوى وقضت حضوريا: (أولا) بمعاقبة علي عبد الفتاح طلبة بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني سكينة محمد عن نفسها وبصفتها وصية على القصر محمود وشعبان وعيد أولاد المرحوم محمد منجد قنديل مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك عملا بالمادة 230/ 1 من قانون العقوبات لأنه في الزمان والمكان سالفي الذكر مع آخر مجهول قتلا عمداً محمد منجد قنديل بإطلاق عيار ناري من بندقية عليه. (وثانياً) ببراءة متولي جمعة مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله عملا بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قصر في استظهار نية القتل العمد وتوافرها لديه إذا اقتصر في التحدث عنها على أن الطاعن استعمل سلاحاً نارياً، وهذا وحده لا يكفي لثبوت نية القتل.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه حين تعرض لنية القتل قال: "إنه ثبت لدى المحكمة أن المتهم الأول (الطاعن) هو الذي أطلق العيار الناري (على المجني عليه عامداً فقتله)" وفي موضع آخر وهو يتحدث عن نفي سبق الإصرار قال "إن المتهم (الطاعن) لم يكن مبيتاً النية على قتل المجني عليه، بل كان يقصد إتلاف زراعة شخص آخر فلما طلب من المجني عليه الإرشاد عن الحقل وتباطأ المجني عليه في ذلك، ولدت نية القتل في هذه اللحظة تغيظاً منه ومن تباطئه فقتله".
وحيث إنه لما كانت جريمة القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو انتواء الجاني، وهو يرتكب الفعل الجنائي، قتل المجني عليه وإزهاق روحه. ولما كان لهذا العنصر طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم - لما كان ذلك، وجب أن يعنى عناية خاصة في الحكم القاضي بالإدانة من أجل هذه الجناية باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في الاستدلال على قيام نية القتل على العبارات السابق إيرادها، وكانت هذه العبارات قاصرة في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن فإن الحكم يكون قاصر البيان مما يعيبه ويستوجب نقضه.